المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413517
يتصفح الموقع حاليا : 275

البحث

البحث

عرض المادة

تطبيق الشريعة في المذهب المالكي من الناحية الاجتماعية

ماذا يعني تطبيق الشريعة في المذهب المالكي؟

من الناحية الاجتماعية:يعني تطبيق الشريعة الحفاظ على مؤسسة الأسرة وحمايتها، وتشريع القوانين الضرورية لتحقيق فلسفة الإسلام في ذلك، القائمة على احترام الوالدين وإشاعة ثقافة الاحترام والتوقير للأكبر سنا وللأعمام والعمات والأخوال والخالات وغيرهم.

والحفاظ على تماسك المجتمع وترابطه، وترسيخ معاني الأخوة، وغرس روح التعاون والإيثار بين أفراده والتواضع والجود والكرم والرفق والسخاء والورع والرفق والقناعة والمحبة، وتشجيع كفالة اليتيم والإحسان للأرملة والفقير والمسكين، وإكرام الضيف والجار، ومساعدة الغريب وابن السبيل.

ومحاربة كل ما يهدد التماسك الاجتماعي كالظلم والغيبة والنميمة والتحاسد والتباغض والاستهزاء بالآخرين والحقد والخيانة والغش والغدر والكذب والتجسس وسوء الظن ونقض العهد والكبر وغيرها مما جاء الإسلام بمحاربته. إنه نظام اجتماعي فريد يحق لنا أن نفتخر به.وأنا أتساءل هنا: ماذا قدمت الدول الإسلامية ودولتنا من قوانين وبرامج لتحقيق هذه السياسة الاجتماعية الإسلامية؟ويعني تطبيق الشريعة الحفاظ على المجتمع المسلم وإبعاد كل أخطار الانحلال الخلقي كالمخدرات والتفسخ والعري والأفكار الهدامة والمذاهب الإلحادية كالشيوعية والماسونية والعلمانية.

فواجب على الحاكم المسلم بإجماع العلماء من لدن الصحابة إلى هذه الأعصار منع التفسخ في الشواطئ والمسابح ونحوها. ويمكنه بدل هذا الاختلاط المخزي تهييء أماكن خاصة للرجال وأخرى للنساء. كما هو شأن الحمامات مثلا.قال العلامة الونشريسي في المعيار (12/ 25): التشديد على الظلمة والمجترئين من أهل العتو والفساد مهيع مألوف في الشرع وقواعد المذهب، ومنه في المذهب المالكي غير نظير.ويجب على الحاكم المسلم منع نوادي الرقص الليلية والخمارات ودور الدعارة، لأنها حرام شرعا، ولأنها تعرض الفرد والمجتمع للتفسخ والانحلال وتشجع على الجريمة والقتل والاغتصاب.ذكر الناصري في الاستقصا (6/ 125) أنه لم يبق أيام السلطان إسماعيل العلوي لأهل الدعارة والفساد محل يأوون إليه.وذكر القادري في نشر المثاني (1/ 1364) أن في سنة 1048 هـ قطع المحتسب في فاس شراب الدخان وقطع اللهو وآلات الطرب في النساء، وألزم الناس الصلوات في الوقت والستر في الحمام، وغَيَّر مناكر شتى.

ويجب على الحاكم المسلم منع زرع المخدرات وترويجها والمتاجرة فيها.ويجب على الحاكم المسلم الحفاظ على الأسرة المسلمة ومقوماتها وإبعاد كل المؤثرات الخارجية عنها، مثل الأفلام وخاصة الإباحية أو التي فيها ترويج للعلاقات الغير الشرعية كالأفلام المكسيكية والتركية والغربية.قال عليش في فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك (4/ 435): ويجب على الحاكم مراعاة مصالح المسلمين ودفع الضرر عنهم وسد أبواب الفتن ما أمكن.

وقال ابن المناصف المراكشي المالكي (المتوفى سنة 620 هـ) في تنبيه الحكام على مآخذ الأحكام (325 - 326): وكذلك ينبغي للقضاة أو الحكام البحث والكشف عما اشتهر ذكره من المناكر، وعرف بالجملة ظهوره وانتشاره، وأنس الناس به، كاتخاذ النساء في السرور والحزن والمآتم، يجتمعن لأنواع الملاهي والمناكر في الديار والمحلات، وبعض الشوارع والحمامات، وما أشبه ذلك، وكذلك الفحص عمن شهر بالفساد من بيع الخمر، وجمع الفساق، ومتخذي الديار المعدة لذلك، وكالملهين بما لا يحل، وأهل صنائع المنكر ونحوهم، ممن يتصف بإدمان المعاصي في ذلك، وارتكاب المحظور بالإعانة، ومن هو كالآلة لوقوع المنكر على يديه.

ففي مثل هؤلاء يجب اجتهاد الولاة والفحص في ذلك وارتكابه عنهم، وتفقد مظان ذلك منهم، واستعمال الحد في ردعهم، واستيلاء القهر والإخافة عليهم، وإذا ظهروا من ذلك على ما يوجب العقوبة والتنكيل فعلوه بهم على أعين الناس، ففي ذلك إن شاء الله ردع لظهور المنكر، وتطهير لمواضع الفساد، وإظهار لشعائر الإسلام.

فواجب الآن على الحكام الابتداء بالكشف والبحث في مثل هؤلاء، لأن الشر والفساد قد كثر جدا وانتشر، وتحقق صحة كون ذلك مشتهرا في المواضع. فلا ينبغي للقاضي التهاون به وترك القيام فيه حتى يرفع إليه، إذ قد لا يرفعه أحد، لما أنس الناس اليوم من كثرته، واعتادوا من ملازمته، حتى لا يكاد أحد ينكره، فإهمال البحث عن ذلك مؤد إلى استمراره واستدامته مع قلة القيام به.

وليس ابتداء البحث في مثل هذا محظورا من جهة أنه يظن من قبيل التجسيس، بل هذا هو الواجب إن شاء الله تعالى ههنا، لأن البحث والكشف إنما يكون تجسيسا محظورا فيمن استتر ولم يشتهر عنه ذلك بكثرة الظهور عليه، أو اتخاذه ذلك المنكر كسبا ودأبا حتى عاد أمره بذلك معلوما بالإغضاء عن مشتهرات المناكر، وترك البحث عن قطع موادها مؤد إلى وعيد قوله - صلى الله عليه وسلم - لما سألته زينب: أنهلك وفينا الصالحون؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: «نعم، إذا كثر الخبث» (1). انتهى كلام ابن المناصف.

وفي المدونة الكبرى (3/ 525): قلت: أرأيت إن أجَّرت داري من رجل فظهرت منه دعارة وفسق وشرب الخمور أيكون لي أن أخرجه من داري وأنقض الإجارة؟ قال: الإجارة بحالها لا تنتقض, ولكن السلطان يمنعه من ذلك ويكف أذاه عن الجيران وعن رب الدار, فإن رأى السلطان أن يخرجه عنهم أخرجه عنهم وأكرى له الدار فأما كراء رب الدار فهو عليه لا ينتقض على حال. قلت: وهذا قول مالك؟ قال: هذا رأيي. والقصارون إذا اتخذوا في دورهم ما لا ينبغي من شربهم الخمور واتخاذهم فيها الخنازير منعهم السلطان ولم تنتقض الإجارة؟ قال: نعم.فهذا نص واضح من إمام المذهب في وجوب غلق دور الدعارة والفسق وشرب الخمر ومنع إجارة المنزل لاتخاذ ذلك. وقد تابع علماء المذهب إمامهم في ذلك فجلهم نص على ذلك، منه قول ابن بطال في شرح صحيح البخاري (8/ 288): قال المهلب: إخراج أهل الريب والمعاصي من دورهم بعد المعرفة بهم واجب على الإمام من أجل تأذي من جاورهم، ومن أجل مجاهرتهم بالعصيان، وإذا لم يعرفوا بأعيانهم فلا يلزم البحث عن أمرهم. لأنه من التجسس الذي نهى الله عنه، وليس للسلطان أن يرفع ستر اختفائهم حتى يعلنوا إعلانا يعرفون به لقوله - صلى الله عليه وسلم - عن الله تعالى (1): «كل عبادي معافون إلا المجاهرين» (2) فحينئذ يجب على السلطان تغييره والنكال به.وكذا نص إمام المذهب أن من وجد مع امرأة وهما متهمان يضربان، وكذا من وجد مع قوم يشربون الخمر وهو لا يشرب يؤدب.قال ابن رشد في البيان والتحصيل (16/ 349): وسئل عن رجل يؤخذ مع المرأة في بيت واحد وهما متهمان، قال: يضربان ضرباً جيداً وجيعاً، قيل له: بثيابهما؟ قال: لا بل على حال تضرب الحدود. قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله، وكذلك قال مالك في الذي يوجد مع قوم يشربون الخمر وهو لا يشرب إنه يؤدب وإن قال إني صائم ولا يلتفت إلى قوله.وقال أبو العباس القرطبي في المفهم (14/ 119): وجب على السلطان إذا وقع له أحد من هؤلاء أن يُغلِّظ العقوبة عليهم في أبدانهم بالضرب، والإهانة، وبإتلاف مال الربا عليهم بالصدقة به، كما يفعل بالمسلم إذا أجر نفسه في عمل الخمر، فإنه يتصدَّق بالأجرة، وبثمن الخمر إذا باعها. ويدلّ على صحة ما ذكرناه قوله تعالى: {يَمْحَقُ اللهُ الْرِّبَا}. أي: يفسخ عقده، ويرفع بركته، وتمام المحق بإتلاف عينه.وقال ابن رشد في البيان والتحصيل (9/ 361 - 362): وحمل الرجل الخمر علانية ومشيه مع المرأة الشابة يحادثها وما أشبه ذلك من المناكر الظاهرة لا يقدر على تغييرها جملة إلا السلطان، فواجب عليه أن ينكرها ويغيرها جهده، بأن يولي من يجعل إليه تفقد ذلك والقيام (به) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة. ولكن إذا عمل المنكر جهاراً استحقوا العقوبة كلهم» (1). ويستحب لمن دعاه الإمام إلى ذلك أن يجيبه إليه إذا علم أن فيه قوة عليه كما قال مالك رحمه الله، لما في ذلك من التعاون على فعل الخير قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} ومن لم يدع إلى ذلك فيجب عليه أن ينكر من ذلك ما أطلع عليه مما مر به واعترضه في طريقه على الشرائط الثلاث. وأما الانتداب إلى ذلك والقيام بتفقده وتغيره فلا يجب على أحد في خاصة نفسه سوى الإمام.وفي نوادر ابن أبي زيد (14/ 317) نقلا عن كتاب ابن حبيب قلت لمطرف: فإذا رفع إلى الإمام أن في بيت فلان خمرا أيكشف عن ذلك؟ قال: أما المأبون بذلك أو مشهور بالخمر والسفه فأرى له تعاهده، وليكشف عن بيته، ذكر له عنه أو لم يذكر، وأما غير المعروف فلا يكشفه، وإن شهدوا على البيت. وقاله أصبغ.وقال ابن رشد في البيان والتحصيل (16/ 297): وسئل مالك أيحرق بيت الرجل الذي يوجد فيه الخمر يبيعها؟ فقال: لا.إنما وقع السؤال عن هذا لما جاء من أن عمر بن الخطاب أحرق بيت رجل من ثقيف يقال له رويشد الثقفي كان يبيع الخمر ووجد في بيته خمراً فقال له: أنت فويسق ولست رويشدا (1). فقوله في الرواية: إنه لا يحرق بيته هو المعلوم من مذهبه، لأنه لا يرى العقوبة في الأموال، إنما يراها في الأبدان. وقد قال في سماع أشهب من كتاب السلطان وأرى أن يضرب من انتهب ومن أنهب. وقد حكى ابن لبابة عن يحيى بن يحيي أنه قال: أرى أن يحرق بيت الخمار، واحتج بحديث عمر بن الخطاب في حرقه بيت رويشد الثقفي لبيعه الخمر فيه، وقد حكى يحيى بن يحيى عن بعض أصحابه أن مالكاً كان يستحب حرق بيت المسلم الذي يبيع الخمر، قيل له: فالنصراني يبيع الخمر من المسلمين؟ قال: إذا تقدم إليه فلم ينته فأرى أن يحرق عليه بالنار، واحتج بفعل عمر بن الخطاب وهي رواية شهادة (1) في المذهب، لأن العقوبات في الأموال أمر كان في أول الإسلام، من ذلك ما روي عن النبي عليه السلام في مانع الزكاة إنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا. وما روي عنه في حريسة الجبل أن فيها غرم مثليها وجلدات نكال. وما روي عنه من أنه من أخذ من يصيد في حرم المدينة شيئاً فلمن أخذه سلبه، ومن مثل هذا كثير، ثم نسخ ذلك كله بالإجماع على أن ذلك لا يجب، وعادت العقوبات في الأبدان، وبالله التوفيق.وقال ابن رشد في البيان والتحصيل (9/ 416): في سماع أبي زيد من ابن القاسم: سئل مالك عن فاسد يأوي إليه أهل الفسق والخمر ما يصنع به. قال: يخرج من منزله وتحرز عنه الدار والبيوت. فقال: فقلت: لا تباع عليه؟ قال: لا، فلعله يتوب فيرجع إلى منزله. قال ابن القاسم: يتقدم إليه مرة أو مرتين، فإن لم يتب أخرج وأكري عليه.قال ابن رشد رحمه الله: قد قال مالك في الواضحة: «إنها تباع عليه» خلاف قوله في هذه الرواية، وقوله فيها أصح، لما ذكره من أنه قد يتوب فيرجع إلى منزله. ولو لم تكن الدار له وكان فيها بكراء أخرج منها وأكريت عليه، ولم يفسخ كراؤه فيها، قاله في كراء الدور من المدونة (2).ويجب على الحاكم المسلم القيام بواجب الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:فقد عرف المغرب خلال عصوره المتتابعة منذ عهد الأدارسة إقرار نظام الحسبة التي كان يقوم بها في البداية القاضي ثم تحولت بعد إلى منصب رسمي يسمى المحتسب (1).وكانت مهمته: مراقبة سير التجار والصناع والفلاحين وأحوال الناس في الأسواق والمساجد والحمامات وسائر المؤسسات وفق ضوابط الشريعة الإسلامية، للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.وفي عهد المرينيين أصبح للمحتسب مهمة رسمية تختص في المحافظة على ضوابط الشريعة (2).وفي عهدهم ظهرت وظيفة صاحب الصلاة، وكانت وظيفته حمل الناس على الصلاة والحضور في أوقاتها والتشديد على المتهاونين فيها (3).وهكذا فعل الوطاسيون بعد المرينيين، ثم السعديون، ثم العلويون إلى أن جاء الاستعمار فضعَّف بل همَّش دور المحتسب، وما زال الحال على ذلك إلى أيامنا هذه. ورغم إصدار الحسن الثاني لقانون رقم 02.82 بتاريخ 28 شعبان 1402/ 21 يونيو 1982 يتعلق باختصاصات المحتسب وأمناء الحرف، وذكر منها مراقبة جودة المنتجات أو الخدمات وأثمانها والصدق في المعاملات والمحافظة على الصحة والنظافة والأفعال المنافية للآداب والأخلاق العامة ونحو ذلك. لكنه بقي حبرا على ورق. ومن جهة أخرى فرغم وجود مصلحة في كل العمالات المغربية خاصة بالمحتسب، إلا أنها لا تقوم بدورها.قال محمد ميارة الكبير (ت1023) في أول شرحه على لامية الزقاق: قد ألَّف الناس في خطة الحسبة بالخصوص تآليف، وقفت على جملة منها. وشاهدت في صغري كتبا عديدة على مرافع دكان المحتسب الكائن بالقشاشين. فقيل لي: إنها في أحكام الحسبة وما يتعلق بها، وهي محبسة على أن تكون هناك ليطالعها وينظر فيها من يتولى خطة الحسبة (1).

وأغلب ملوك الدولة العلوية كان لهم محتسبون يتولون هذه الخطة ويقومون بواجباتهم فيها (2).

ومن أواخرهم السلطان الحسن الأول المتوفى سنة 1311 (3) والسلطان عبد الحفيظ، فإلى غاية 1331 كان المحتسب لازال يقوم بدوره (4).ذكر ابن المناصف في تنبيه الحكام (320) وتبعه العقباني في تحفة الناظر (55 - فما بعد) لتغيير المنكر خمسة مراتب، بعضها أشد من بعض، بدءا بمجرد التنبيه إلى التغيير باليد: النوع الرابع: التغيير بملاقاة اليد لإزالة ذلك المنكر، وإذهاب وجوده، وذلك فيمن كان حاملا للخمر، أو لابس ثوب حرير، أو خاتم ذهب، أو ماسكا لمال مغصوب، وعينُه قائمة بيده، وربه متظلم من بقاء ذلك بيده، طالب رفع المنكر في بقائه تحت حوزه وتصرفه.فأمثال هذا النوع لابد فيه مع الزجر والإغلاظ، من المباشرة للإزالة باليد أو ما يقوم مقام اليد، كأمر الأعوان الممتثلين أمر المغير في إزالتهم له بوازع الطاعة وإعمال المسارعة، فيريقون الخمر، وينزعون ثوب الحرير وخاتم الذهب، ويختطفون المغصوب من يد الغاصب ويردونه لمالكه، وما شاكل ذلك من أسباب السعي في زوال ذلك المنكر ومحو أثره. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده» (1).وكان سحنون إمام المالكية في عصره يغير المناكر في الأسواق، ويفرق حلق المبتدعة، ويمنع أن يكون المبتدعة أئمة أو معلمين. ترتيب المدارك (4/ 60).وفي ترتيب المدارك (6/ 100) في ترجمة محمد بن عبد الله بن يحيى، المعروف بابن أبي عيسى: قال ابن حارث: فالتزم ابن أبي عيسى في قضائه الصرامة في تنفيذ الحقوق، وإقامة الحدود، والكشف عن أحوال الشهود، والصدع بالحق في السر والجهر، ولم يداهن ذا قدر، ولا أغضى لأحد من أصحاب السلطان عن هنة. حتى تحاموا جانبه. فلم يكونوا يطمعون فيه. وله في التقصي عن إخراج الحقوق من أكابر الناس أخبار كثيرة. ولقد أتى مرة وصيف معه آلة لهو، فأمر بكسرها. فقيل له: إنه لفلان - وسُمّي له رجل عظيم - فلم يثنه ذلك عن كسرها.وفي تاريخ ابن الفرضي (291) في ترجمة العباس بن قرعوس أبي قرعوس والي سوق الأندلس: وكان يضرب ضربا شديدا ويشتد على أهل الريب. وأدرك رسولا للأمير وهو يحمل شرابا للأمير، فأمر بكسره وإهراقه وضرب الرسول ضربا وجيعا.وذكر ابن فرحون في تبصرة الحكام (2/ 129) أن المتهم بالفجور كالسرقة وقطع الطريق والقتل والزنا لابد أن يكشفوا ويُسْتَقصى عليهم بقدر تهمتهم وشهرتهم بذلك.وراجع رسالتي المطبوعة: تغيير المنكر عند المالكية.ويجب على الحاكم المسلم إطعام الفقراء والمساكين، بل القضاء على الفقر والحرمان.لأن الشريعة تقوم على العدل، ولأن من واجب الحاكم رعاية مصالح الأمة:قال تعالى: {إِنَّ اللهَ يَامُرُكُمْ أَن تُؤدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً}. [النساء58].

قال القرطبي في تفسيره (5/ 256): والأظهر في الآية أنها عامة في جميع الناس فهي تتناول الولاة فيما إليهم من الأمانات في قسمة الأموال ورد الظلامات والعدل في الحكومات. وهذا اختيار الطبري. وتتناول من دونهم من الناس في حفظ الودائع والتحرز في الشهادات وغير ذلك، كالرجل يحكم في نازلة ما ونحوه. والصلاة والزكاة وسائر العبادات أمانة الله تعالى.وقال تعالى: {وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَاتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَامُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}. [النحل76].ونصت الشريعة على وجوب إطعام الفقراء: قال تعالى: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً} [الإسراء26].وقال تعالى: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الروم38].

وقال تعالى: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَاسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَاسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة177].وقال: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة60].

وعن ابن عباس أن معاذا قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله. فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمنهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة.فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم. رواه البخاري (2/ 1425) (4/ 4090) ومسلم (1/ 19).وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته، الإمام راع ومسئول عن رعيته. متفق عليه.

ويجب على الحاكم المسلم الفصل بين الرجل والمرأة قدر الإمكان، وذلك بتخصيص طبيبات وممرضات خاصة بالنساء، وإنشاء مسابح خاصة للرجال وأخرى للنساء. وتخصيص مدرسات للإناث ومدرسين للذكور.وإنما أباح المالكية مداواة الرجل للمرأة عند الضرورة: قال ابن عبد البر في التمهيد (5/ 280): وقد رخصوا أن يداوي الرجال عند الاضطرار النساء على سبيل السترة والاحتياط.

  • الاحد PM 02:12
    2016-11-20
  • 4537
Powered by: GateGold