المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 417537
يتصفح الموقع حاليا : 274

البحث

البحث

عرض المادة

بــن هــدد (900-842 ق.م) - الكنعانيــون

بــن هــدد (900-842 ق.م)
Ben-Hadad
«بن هدد» اسم ثلاثة من ملوك آرام دمشق:


1 ـ ملك حكم آرام دمشق في زمن آسا ملك المملكة الجنوبية (908 ـ 886 ق.م) وتحالف معه ضد بعشا ملك المملكة الشمالية.

2 ـ ابن أو حفيد بن هدد ملك آرام دمشق سابق الذكر، وقد أعلن حرباً على المملكة الشمالية عام 856 ق.م ولكنه هُزم وأُسر. ولكن آخاب أطلق سراحه وتحالف معه في الحرب ضد شلمانصر الثالث الآشوري عام 853 ق.م.

3 ـ ملك حكم بين القرنين التاسع والثامن قبل الميلاد. وقد هُزم ثلاث مرات على يد يهوآحاز ملك المملكة الشمالية، ولكنه عاد واستردّ المدن التي كان قد فقدها.

الكنعانيــون
Cannanites
كلمة «كنعانيّ» هي صيغة النسب إلى «كنعان»، وهي كلمة حورية تعني «الصبغ القرمزي» وهو الصبغ الذي كان الكنعانيون يصنعونه ويتاجرون فيه. وتبعاً لجدول أنساب سفر التكوين، فإن الكنعانيين هم نسل كنعان بن حام بن نوح. وقد صُنِّفوا في العهد القديم باعتبارهم من الحاميين مع أنهم من الساميين ولغتهم سامية، وذلك ربما لتبرير الحروب التي نشبت بينهم وبين العبرانيين.


لكن الكنعانيين، في الواقع، قبائل سامية نزحت منذ زمن بعيد من صحراء شبه الجزيرة العربية أو الصحراء السورية، وربما يكون قد تم ذلك في النصف الأول من الألف الثالث في شكل هجرات مكثفة. وهم ثاني جماعة سامية (بعد العموريين)، لعبت دوراً مهماً في تاريخ سوريا وأرض كنعان. وينتسب الفريقان إلى موجة الهجرة نفسها. ولذلك، فإن الاختلاف بينهما يكاد يكون معدوماً. وقد نشأ الاختلاف نتيجة أن العموريين أقاموا في شمالي سوريا فتعرضوا لتأثيرات سومرية بابلية، بينما كان مركز الكنعانيين الجغرافي في أرض كنعان والساحل، ولذلك كان تأثرهم بالمصريين والحيثيين والعرب.

والاختلاف اللغوي بين العموريين والكنعانيين هو اختلاف في اللهجة، كما أن اللغتين الكنعانية والعمورية من الفرع السامي الشمالي الغربي الذي يضم العبرية ويتميز عن الفرع الجنوبي الغربي الذي يضم العربية. وقد بقيت سيادة الكنعانيين في أرض كنعان كشعب وقوة حضارية منذ زمن سحيق وحتى التهجير البابلي. وقد أصبحت لفظة «كنعان» تُطلَق على جميع سكان البلاد دون أي مدلول عرْقي، بل كانت تتسع أحياناً لتصبح مرادفة لكلمة «فينيقي» وهو استخدام يوافق عليه كثير من المؤرخين.

ويرتبط تاريخ الكنعانيين إلى حدٍّ كبير بالتاريخ المصري. ففي الأسرة الثانية عـشرة (2000 ـ 1786 ق.م)، ضمت مصر أرض كنعان، فعمها الرخاء عن طريق الاتجار مع وادي النيل.

وقد غزا الحوريون أرض كنعان في أواسط القرن الثامن عشر قبل الميلاد، وجمعوا أعداداً كبيرة من المرتزقة الكنعانيين إلى جانب العبرانيين. وهذه الجماعة هي التي يُطلَق عليها اسم «الهكسوس» الذين احتلوا مصر إلى أن طردهم أحمس عام 1570 ق.م، ثم قام تحتمس الثالث (1500 ـ 1450 ق.م) بضم أرض كنعان. وبدخول الكنعانيين في فلك الحكم المصري (في الأسرة الثامنة عشرة)، نعمت كنعان مرة أخرى بالهدوء والاستقرار بسبب تدفق التجارة. ولكن مع ضعف الدولة المركزية في مصر في عصر إخناتون، وفشلها في تزويد حاكم كنعان بالمعونات التي طلبها، تمكن الخابيرو من التسلل إليها. ومع قيام الأسرة التاسعة عشرة (1320 ـ 1200 ق.م) عادت كنعان إلى الهيمنة المصرية مرة أخرى. وفي هذه الفترة بدأ التسلل العبراني في كنعان (1250 ـ 1200 ق.م)، فاختلط العبرانيون بسكانها من الكنعانيين وغيرهم، واستوعَبوا حضارتهم واستُوعبوا فيها.

وكان الكنعانيون ينتظمون في جماعات صغيرة على رأس كل منها ملك يعيش في مدينة محصنة تُعَدُّ المدينة الأم، حولها أرض مزروعة تتناثر فيها القرى التي تُعَدُّ بنات المدينة الأم. وقد كانت هذه الدويلات المدن في حالة نزاع مستمر. ولا تزال معظم المدن في فلسطين تحمل أسماء كنعانية واضحة، مثل: أريحا وبيسان ومجدو.

والكنعانيون أول من اكتشف النحاس وجمعوا بينه وبين القصدير لإنتاج البرونز. كما استخدموا الذهب والفضة في تطعيم العاج، واستعملوا الحديد في مراحل متأخرة. وازدهرت عندهم أيضاً صناعة الأصباغ ولاسيما القرمز والأرجوان اللذين اقترنا باسمهم. وهم الذين اخترعوا السفن فازدهرت التجارة، واشتغلوا بزراعة الكروم والبن والمحاصيل الأساسية، مثل: القمح والعنب والزيتون.

وقد برع الكنعانيون في فن البناء وإنشاء القلاع والتحصينات، ربما بسبب انقسامهم إلى مدن/دول متصارعة، وقاموا بأعمال هندسية ضخمة لإيصال المياه إليها. وكانت الأبنية الدينية تتكون، في الغالب، من أراض في العراء تحيط بها أسوار وكانت تضم مذبحاً وحجرة أو أكثر مبنية بالحجر. وكان للمدن الكبيرة معابد مسقوف بناؤها، وهي أبنية أقرب إلى نمط أرض الرافدين. وقد تأثر الكنعانيون في فنونهم، وخصوصاً في النحت، بالمصريين والبابليين، كما تأثروا بفنون الشعوب الأخرى التي غزت المنطقة واستوعبتها. كما كان حفر الصور البارزة فناً مزدهراً نسـبياً في كنعان مثلها مثل سـائر أنحاء الشـرق الأدنى القديم. فثمة أنصاب محفور عليها كالنصب المشهور للإله بعل في أوجاريت. ولكن الجزء الأكبر من الرسوم البارزة الكنعانية زخارف على أشياء صغيرة وُجد أهمها في أوجاريت مثل الطبق الذي رُسم عليه بالذهب البارز منظر صيد. وقد انتشر استعمال الأختام وتقدمت صناعتها. والشيء نفسه ينطبق على الحُلي وغيرها من أدوات الزينة.

يُعَدُّ الكنعانيون أول من اخترع حروف الكتابة. وقد استعار منهم الفينيقيون، كما أخذ عنهم العبرانيون فيما بعد، أبجديتهم. والأدب الكنعاني الذي وصلنا هو أساساً من الشعر، وأهم الأعمال الأدبية ملحمة الإله بعل والإلهة عنت و تبدأ بالصراع بين بعل وإله البحر، وتنتهي بانتصار بعل. وتدور الملحمة حول قصة ذبح بعل ونزوله إلى مملكة الموتى التي يحكمها الإله موت حيث يؤدي اختفاء بعل إلى تَوقُّف الحياة على الأرض، وهنا تأتي الإلهة عنت بالإله موت وتذبحه. وهكذا يعود بعل إلى الأرض ومعه الخصوبة والوفرة. وتقوم القصة في معظمها على دورة الفصول، فالإله بعل مثلاً إله المطر والخصب ويحكم الأرض من سبتمبر إلى مايو، وموت إله الجدب والموت ويحل محل بعل في الصيف.

وديانة الكنعانيين ديانة خصب تعددية سامية كان لها أعمق الأثر في التفكير الديني للعبرانيين بعد تغلغلهم في كنعان. ولذا، فسوف نورد بشيء من التفصيل ما ورد في كتاب موسكاني عن الحضارات السامية القديمة حول هذا الموضوع. وأول ما يروع المرء في الدين الكنعاني أنه ذو مستوى أدنى كثيراً من دين أرض الرافدين، ويتبدَّى هذا بأجلى صورة في قسوة بعض طقوسه واهتمامه الغليظ بالعناصر الجنسية.

ومما يسترعي الانتباه أيضاً أن آلهته ذات طابع غير محدد أو ثابت. فالآلهة الكنعانية كثيراً ما تتبادل صفاتها وصلاتها، بل وجنسها أيضاً، حتى ليصعب أحياناً أن نعرف حقيقة طبيعتها وصلاتها بعضها ببعض. وهذا يرجع من ناحية إلى انعدام الوحدة بين الكنعانيين، ومن ناحية أخرى إلى أنه لم يكن ثمة طبقة من الكهان منظمة تنظيماً كافياً وتستطيع تنظيم الدين كما في أرض الرافدين.

وكان لكل مدينة آلهتها الخاصة. أما هذه الآلهة، فقد كان لها في الغالب مكان بين الآلهة التي يعبدها الجميع. كما أن هذه الآلهة كانت تمثل وظيفة معيَّنة من الوظائف المشتركة للآلهة أو مظهراً معيناً من مظاهرها. ويتمثل هذا كأحسن ما يكون في نصوص أوجاريت، فهي تذكر آلهة وأحداثاً تتعلق بالآلهة ولا تتصل اتصالاً مباشراً بعبادات تلك المدينة إلا أحياناً.

وكان إيل رأس آلهة الكنعانيين.كان هذا الاسم اسماً سامياً عاماً معناه «إله»،ثم استعملته شعوب كثيرة علماً على الإله الأكبر. وقد ظل الإله الكنعاني شخصية بعيدة غامضة بعض الشيء،فهو يسكن بعيداً عن كنعان (عند منبع النهرين) ويقلّ ذكره في الأساطير عن ذكر الآلهة الأخرى، وزوجته هي الإلهة أشير المذكورة في التوراة.

وكان بعل أبرز الآلهة الكنعانية ومركز مجموعة أخرى من الآلهة. وكلمة «بعل» هي في الأصل اسم عام (وليس علماً) ومعناه «سيد»، ولهذا فقد أمكن إطلاقه على آلهة مختلفة. ولكن بعل الأكبر كان إله العاصفة والبرق والمطر والإعصار كالإله هدد لدى البابليين والآراميين.

وثمة أسماء آلهة كنعانية أخرى مشتقة من الاسم «ملك». فهذا الاسم يظهر بين العمونيين علماً على إلههم القومي وذلك في الصيغة «ملكوم». وإله صور يشتق اسمه من الكلمة نفسها فهو «ملقرت» اختصار عبارة «ملك قرت» أي «ملك المدينة».

والواقع أن بعل هو العنصر المذكر في مجموعة آلهة الدورة النباتية التي نجدها أيضاً في روايات دينية سامية أخرى. وترتبط به في هذه المجموعة إلهتان من آلهة الخصب هما عنت وعشتارت. وثانية هاتين الإلهتين ترد في التوراة باسم عشتارت (أو جمعاً بصيغة عشتاروت) وهي صنو عشتر في أرض الرافدين ولها نفس خصائصها تقريباً. وتجمع هاتان الإلهتان بين صفتي البكارة والأمومة رغم تعارض هاتين الصفتين في الظاهر. والصور التي تمثلها تبرز الملامح والرموز الجنسية. وعنت وعشتارت هما إلهتا الحرب في الوقت نفسه. وكثيراً ما يصورهما الأدب والفن قاسيتين، متعطشتين إلى الدماء، يسرُّهما تذبيح الرجال. ويتزوج بعل بإلهة الخصب عشتارت، فينتج عن تلك الزيجة الخضرة التي تكسو الأرض في الربيع. وهذا الزواج المقدَّس، الذي يتخذ صفة رفيعة، يصبح فيما بعد اتحاداً بين يهوه وشعبه.

وتكتمل مجموعة آلهة الخصوبة بالإله الشاب الذي يموت ثم ينهض من جديد كما يفعل النبات. وكان هذا الإله يُعبَد في جبل باسم «أدونيس»، وهو اسم مشتق من كلمة سامية معناها «سيد»، وقد كانت له نفس خصائص الإله البابلي تموز.

وكان للشمس والقمر مكان محدَّد على نحو ظاهر بين القوى الطبيعية المختلفة التي كانت تؤلهها كنعان. ويرجع هذا إلى نسبة خصائص الشمس والقمر إلى آلهة أخرى. على أن من المقطوع به أن أهمية الشمس والقمر كانت تقلُّ شيئاً فشيئاً بين الشعوب السامية.

ثم إن الكنعانيين عبـدوا آلهة عـدة أخـذوها عـن المصريين أو البابليين،وهنا يتجلى الطابع التوفيقي الذي تتسم به حضارتهم. وقد حدث ارتباط واندماج،فيما بعد، بين الآلهة الكنعانية وآلهة اليونان.

ولا يمكننا الآن التحقق من الحياة الدينية للكنعانيين إلا على نحو جزئي ناقص، فلدينا قدر معيَّن من المعلومات المباشرة نستمده من وثائق أوجاريتية قصيرة أمكن قراءة جانب منها فقط. ولكن لا يزال أكبر مصـدر لنا في هـذا الصـدد ما في العـهد القديم من معلومات غير مباشرة.

ويبدو أن الكهانة بلغت في تطورها مرتبة عالية بعض الشيء، ولكنها بالطبع لم تبلغ من التنظيم حداً يمكن مقارنته بما بلغته الكهانة في أرض الرافدين. فهناك ذكر للكهنة الكبار وسدنة المعابد والبغايا المقدَّسات، كما كان ثمة عدد غير قليل من المتنبئين. وتشير نصوص أوجاريت إلى بعض طقوس التنبؤ. ولدينا، أخيراً، طائفة خاصة هي طائفة الأنبياء. وليست لدينا المعلومات الضرورية التي تمكننا من فهم مكانهم ووظيفتهم في الدين الكنعاني فهماً تاماً، ولكنهم على أية حال يمثلون مظهراً من مظاهر الدين الكنعاني له نظير مهم بين جماعة يسرائيل.

ولم تكن أماكن العبادة كلها أو معظمها في صورة المعابد المعروفة، فقد شاعت هياكل العراء (وهو ما يُتوقَّع من دين أقرب إلى الطبيعة) التي كانت تُقام بالقرب من الأشـجار أو الينابيـع أو على التـلال بصورة خاصة، وهذه هي الأماكن المرتفعة التي تتحدث عنها التوراة (بالعبرية: باموت ومفردها «باما»). وكان هيكل العراء يتكون من أرض محاطة بسياج تضم مذبحاً وفيها قبل أي شيء آخر حجر مقدَّس يُعتقَد أنه حجران أو أنه مسكن الإله، وهذه هي الفكرة التي أثرت في جماعة يسرائيل فيما بعد.

وكانت القرابين الكنعانية تضم ضحايا من البشر إلى جانب القرابين الحيوانية المألوفة. وكانت القرابين الآدمية تُقدَّم مثلاً في الكوارث العامة الشديدة باعتبارها أعظم قربان يمكن أن يقدمه الإنسان إلى الآلهة. وقد تردد القول بأن الكنعانيين كانوا يقدمون قرابين من الأطفال عند تشييد المباني، لكن هذا أمر غير مقطوع به. وليس ثمة أدلة مقنعة على وجود مثل هذه القرابين إذ ليس في الهياكل العظمية التي اكتُشفت أثر يدل على الموت قتلاً.

وكانت هناك عادة أخرى تنم كذلك عن مستوى ديني منخفض هي زنى الطقوس. وكانت هذه العادة جزءاً من عبادة الخصوبة التي ذكرناها عند الحديث عن آلهة كنعان، وقد بطل استعمالها فيما بعد بفضل تَطوُّر الدين الكنعاني.

ويُستدَل على عبادة الموتى في المنطقة كلها بالهدايا التي كانت توضع في القبور. وهذا يشير إلى الإيمان بحياة أخرى بعد الموت، ولكن ليس لدينا من الوسائل ما نحدد به طبيعة هذه العقيدة على نحو دقيق.

وقد استوعب العبرانيون الحضارة الكنعانية المادية، كما اتبعوا كثيراً من العبادات والعادات والصفات الدينية التي تميز بها الكنعانيون. وتعلَّم العبرانيون الزراعة في كنعان، كما اتخذوا لغتها لغة لهم. والمغنون الأوائل في الهيكل كنعانيون، والموسيقى التي عزفها كلٌّ من داود وسليمان موسيقى كنعانية، والشعر العبري متأثر بالشعر الكنعاني. وكانت الأسماء العبرانية تحمل طابعاً كنعانياً، فابن شاؤول كان يُسمَّى «إيش بعل (رجل بعل)» وداود سمَّى ابنه «بعل يداع (بعل يعرف)». وقد كان البناء الديني عند العبرانيين ذا أصل كنعاني، فتصميم الهيكل موضوع وفقاً لتصميم المعبد الكنعاني. وبعض التحريمات مثل طبخ الجدي في لبن أمه هي عادات كنعانية قديمة.

ويُحرِّم العهد القديم عبادة آلهة الكنعانيين أو التزاوج معهم، مع أن اليهود القدامى (كما بيَّنا) قد تزاوجوا معهم واقتبسوا كثيراً من طقوسهم وعبدوا إلههم بعل.

ويروِّج الصهاينة لوجهة النظر القائلة بأن الكنعانيين قد أبيدوا تماماً على يد العبرانيين أو أنهم ذابوا فيهم. كما يرفضون وجهة النظر القائلة بأن العلاقة بين هذين الشعبين الساميين علاقة تبادلية يلعب فيها الكنعانيون دور الشعب الأقوى وصاحب الحضارة الأكثر تفوقاً. ولكن حركة الكنعانيين الحديثة في إسرائيل تدافع عن فكرة العلاقة التبادلية بين العبرانيين والكنعانيين، وتَخلُص من ذلك إلى برنامج سياسي يختلف في بعض الوجوه عن البرامج الصهيونية المعروفة.

  • الاحد PM 03:09
    2021-04-11
  • 2107
Powered by: GateGold