المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 417538
يتصفح الموقع حاليا : 277

البحث

البحث

عرض المادة

التربية والتعليم عند الجماعات اليهودية في ألمانيا وفرنسا وإنجلترا منذ الحرب العالمية الأولى حتى الوقت الحاضر

Education of the Jewish Communities in France, Germany, and England from the First World War to the Present
تزايدت وتائر التحديث والتصنيع في العصر الحديث، وتزايد معها تساقط النظم التربوية الخاصة بالجماعات اليهودية لتحل محلها المؤسسات التربوية الحديثة العامة، التي أصبحت من أهم وسائل علمنة ودمج أعضاء الجماعات اليهودية.


وصاحبت عملية التحديث التي جرت في غرب أوربا، منذ نهايات القرن الثامن عشر، تحولات عميقة في البنية الاقتصادية والطبقية والسياسية للمجتمعات الأوربية، الأمر الذي كان له أعمق الأثر في وضع الجماعات اليهودية في هذه البلاد، فتساقطت جدران العزلة التي عاش أعضاء الجماعات اليهودية داخلها خلال العصور الوسطى في الغرب وتم إعتاق أعضاء الجماعات اليهودية واستيعابهم في المجتمعات المحيطة. وباستيعاب اليهود في مجتمعاتهم، تساقطت المؤسسات التربوية اليهودية التقليدية؛ مثل المدارس الابتدائية الخاصة (حيدر)، والمدارس الابتدائية الخيرية (تلمود تورا)، والمدارس التلمودية العليا (يشيفا). ومنذ أواسط القرن التاسع عشر، بدأت أعداد متزايدة من الأطفال اليهود في الالتحاق بالمدارس الحكومية العلمانية، وبدأ التعليم الديني اليهودي يقتصر بشكل متزايد على مدارس التعليم التكميلي (وهي مدارس يحضرها التلاميذ اليهود بعد حضورهم المدارس الحكومية ويدرسون فيها بعض المواد اليهودية. وهذه المدارس يحضرها الطالب في العادة إما مرة في الأسبوع أو لمدة ساعة أو ساعتين كل يوم بعد انتهاء اليوم الدراسي، وعادةً ما تكون هذه المدارس ملحقة بالمعبد)، أو مدارس اليوم الكامل اليهودية، وهي مدارس تضم مناهجها مواد دراسية غير دينية وتُضاف إليها بعض مواد ذات طابع يهودي. وتتفاوت نسبة المواد غير الدينية إلى المواد الدينية من بلد لآخر، وإن كان النمط الغالب هو غلبة المواد غير الدينية على المواد الدينية اليهودية.

وبعد الحرب العالمية الأولى، تزايد الاتجاه نحو تحديث وعلمنة تعليم الجماعات اليهودية في أوربا الغربية حيث زاد التحاق أطفال اليهود بالمدارس الحكومية، واقتصر التعليم اليهودي على عدد قليل من الساعات في مدارس تكميلية ذات برامج محدودة. كما لم يُؤسَّس سوى عدد قليل من مدارس اليوم الكامل اليهودية التي جمعت مناهجها بين الدراسات غير الدينية والدراسات الدينية التي كانت بدورها ضئيلة للغاية.

1 ـ ألمانيا:

لا يختلف نمط تطور التربية والتعليم عند الجماعة اليهودية في ألمانيا عن النمط العام للتطور في أوربا الغربية ووسطها.ومع هذا، تشكِّل المرحلة النازية انحرافاً عن النمط. فمع ظهور النازية، مُنع الأطفال اليهود من دخول المدارس الألمانية، وذلك انطلاقاً من اعتقاد النازيين بأن اليهود يشكلون شعباً عضوياً له لغته وتراثه وأرضه ومن ثم لا يجوز له أن يندمج في الشعب الألماني. ولذا، أسس النازيون، بالتعاون مع الحركة الصهيونية، مدارس يهودية ابتدائية وثانوية تُركِّز على تعليم العبرية وتهدف إلى تقوية ما يُسمَّى «الهوية اليهودية» المستقلة. كما أسسوا معاهد مهنية لتأهيل الشباب اليهودي الذي يفكر في الاستيطان في فلسطين أو في أية دولة أخرى. وبلغ عدد الشباب الذين تم تأهيلهم في هذا المعهد نحو 60 ألف شاب وشابة. وقد اختفت هذه المؤسسات التعليمية بعد تصفية يهود ألمانيا من خلال الهجرة أو الإبادة أثناء الحرب العالمية الثانية.

2 ـ فرنسا:

بعد الحرب العالمية الثانية،قلَّ عدد أعضاء الجماعات اليهودية في أوربا الغربية حيث هاجر بعضهم إلى إسرائيل وهاجرت غالبيتهم إلى الأمريكتين.وفي عام 1969، لم يزد عدد المدارس اليهودية في أوربا الغربية عن 40 مدرسـة بعضـها في مدن لم يكن يوجـد فيها مدارس يهـودية من قبل،مثل:إستكهولم،مدريد، زيورخ،بازل. ومع هذا،تشير الإحصاءات خلال هذا العام إلى أن 50% من الأطفال اليهود تلقوا تعليماً يهودياً، و25% منهم نال تعليمه في مدارس تكميلية لا يداومون فيها سوى يوم واحد في الأسبوع ولمدة أربع سنوات فقط في أغلب الأحيان،و25% في مدارس اليوم الكامل اليهودية.

وكان لنمو الجماعة اليهودية في فرنسا خلال الخمسينيات والستينيات، نتيجة هجرة يهود شمال أفريقيا، أكبر الأثر في زيادة حجم المؤسسات التعليمية اليهودية والتوسع في المدارس وخصوصاً مدارس اليوم الكامل.

وكان الصندوق الاجتمـاعي اليهودي الموحَّد (FSJU) قد قام عام 1976، بالتعـاون مـع الوكـالة اليهـودية، بتأسـيس الصـندوق الاستثماري للتعليم (FIPE) الذي عمل على تأسيس مدارس عديدة في باريس والأقاليم، كما عمل خلال خمس سنوات على زيـادة عـدد الطلـبة المسجـلين بمدارس اليوم الكامل إلى الضعف.

وفي عام 86/1987، كان حوالي 20% من الأطفال اليهود، بين أعمار 5 و 17 سنة، مسجلين في مدارس اليوم الكامل اليهودية. ووصل عدد هذه المدارس إلى 55 مدرسة في باريس و33 في الأقاليم، شاملةً مراحل الحضانة والابتدائية والثانوية . كما كان 9700 طفل يهودي يتلقون تعليماً دينياً في 220 مدرسة دينية تكميلية في باريس وخارجها .

ويعود هذا التحول في واقع الأمر إلى حركة عامة نشأت في فرنسا واتجهت نحو تأكيد اللامركزية والخصوصية الإقليمية وعارضت مركزية الدولة، كما طالبت بالاعتراف بالخصائص اللغوية والثقافية للأقاليم الفرنسية المختلفة. ومن ثم، بدأت الجماعات اليهودية في فرنسا هي الأخرى بالمطالبة بالاعتراف بهوياتها الدينية والإثنية.

غير أن أشكال الهوية اليهودية تعددت فاتخذت شكلاً دينياً إثنياً بين اليهود القادمين من شمال أفريقيا بتراثهم وتقاليدهم التي تبلورت في العالم العربي، في حين اتخذت شكلاً إثنياً لادينياً بين اليهود الأوربيين، وخصوصاً بين اليهود ذوي الأصول الشرق أوربية والتراث اليديشي.

وإذا كان تعميق الهوية اليهودية، وإن تعدَّدت أشكالها، له أثر في تزايد الالتحاق بالمدارس اليهودية، فإن الجزء الأكبر من الأطفال اليهود ظَلَّ خارج النظام التعليمي اليهودي، خصوصاً أن النظام المجاني للتعليم الحكومي الفرنسي كان إحدى أدوات الحراك الاجتماعي بالنسبة لأبناء المهاجرين. وتوفر المدارس الحكومية الفرنسية فصولاً للعبرية، كما تسمح لطلابها بتلقي تعليم ديني بعد ساعات الدراسة المدرسية.

وتضم الجامعات الفرنسية أقساماً وبرامج للدراسات اليهودية والعبرية. وقد تأسَّست عام 1985 مدرسة للدراسات العليا اليهودية Ecole Des Hautes Etudes du Judaisme ملحقةً بمعهد باريس القومي للغات والحضارات الشرقية، وذلك لتقدم برامج تعليم العبرية الكلاسيكية والحديثة ومقررات دراسية في فكر وتاريخ وحضارة الجماعات اليهودية. كما يقدم مركز راشي، الذي تديره منظمة الصندوق الاجتماعي اليهودي الموحد، برامج لنيل الدرجة الجامعية في الدراسات اليهودية بالتعاون مع جامعة السوربون - بانشون.

ويوجد نشاط ثقافي وتربوي خارج الإطار المدرسي. فهناك حركات الشبيبة الصهيونية والدينية وغيرها، وهناك أيضاً مركز الإجازات الذي يقضي فيه نحو 20 ألف طفل يهودي بضعة أسابيع كل عام في جو يعمل على تعميق الهوية اليهودية الدينية والثقافية. كما أن هناك حلقات للدراسات اليهودية في 170 مركزاً تغطي باريس والأقاليم الأخرى تهتم بدراسة التقاليد الدينية اليهودية. ويبدو أن هذه المراكز كانت عاملاً مساعداً في عودة البعض إلى ممارسة الشعائر الدينية.

3 ـ إنجلترا:

أصبحت الصورة السائدة للتعليم في إنجلترا، في العقد الأول من القرن العشرين، هي أن يلتحق الجزء الأكبر من الأطفال الإنجليز اليهود بالمدارس الابتدائية والثانوية الحكومية ويحصلوا على قدر ضئيل من المعرفة بالديانة اليهودية واللغة العبرية من خلال الدراسات التكميلية. وفي عام 1944، أعطى القانون الإنجليزي لتلاميذ المدارس، ومن بينهم اليهود، الحق في تلقي تعليمهم الديني داخل المدارس الحكومية خلال الفترات المعتادة للدراسة.

وتأسس خلال الأربعينيات والخمسينيات كثير من مدارس اليوم الكامل وصل عددها عام 1970 إلى 50 مدرسـة تضم 10 آلاف طالب. وفي عام 1961، بلغ الطلاب في هذه المدارس نحو 13% من إجمالي عدد اليهود ممن هم في سن الدراسة والبالغ عددهم 80 ألف طالب. وزادت النسبة في نهاية السبعينيات إلى 20% أو 13 ألف طالب. أما التعليم التكميلي، فانخفض عدد المسجلين فيه من 22 ألفاً عام 1961 إلى 13 ألفاً في أواسط الثمانينيات.

وتضم إنجلترا الآن 81 مدرسة يهودية، بين حضانة وابتدائية وثانوية، و6 معاهد دينية عليا، ومعاهد حاخامية من أهمها كلية اليهود. كما أن بعض الجامعات الإنجليزية تُقدِّم برامج في الدراسات اليهودية. ويُقدِّم معهد سبيرو للتاريخ والثقافة اليهودية، الذي تأسس عام 1978، فصولاً في التاريخ اليهودي داخل المدارس الثانوية الحكومية والخاصة، كما يُقدِّم برامج دراسية للكبار فيما يُسمَّى «التاريخ اليهودي» و«الثقافة اليهودية».

  • الاربعاء PM 01:33
    2021-04-07
  • 796
Powered by: GateGold