المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 417565
يتصفح الموقع حاليا : 122

البحث

البحث

عرض المادة

ليو ستراوس (1889-1973) - وولــتر بنجــامين (1892-1940)

Leo Strauss
فيلسوف وعالم سياسي ألماني أمريكي يهودي. وُلد في ألمانيا، واشتغل عام 1925 في أكاديمية البحوث اليهودية في برلين. ومع صعود النازي إلى السلطة، هاجر ستراوس إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث قام بالتدريس في المدرسة الجديدة للبحوث الاجتماعية في نيويورك في الفترة بين عامي 1938 و1949 ثم في جامعة شيكاغو عام 1968.


وفي أعماله يتناول ستراوس الفكر السياسي الغربي بالنقد والتحليل، ويهتم بشكل خاص بقضية الخلاف بين فكر القدماء وفكر المحدَثين، وقضية الخلاف بين الفلسفة والدين. وقد قاده ذلك إلى دراسة وتحليل نصوص القدماء والبحث عن كيفية استيعاب المفكرين والكتاب اليهود والمسلمين خلال العصور الوسطى للفلسفة اليونانية. وتبنَّى ستراوس نهجاً في دراسته يهدف إلى تفسير النَّص وفقاً لمفهوم المؤلف نفسـه للنَّص، وهـو في ذلك يؤكد أهمـية وقيمـة النَّص في ذاته، ولكنه يرفض المنهج التاريخي الذي يسعى إلى تفسير وتأويل النصوص على ضوء اعتبارات نفسية واجتماعية خارجية، كما يرفض اسـتخدام المعايير والمفاهيم الحديثة في تفسير النصوص القديمة. ولذلك، عمل ستراوس على محاولة تفسير النصوص واستخلاص معانيها الكامنة من خلال تحليل بنيانها وفهم أسلوب المؤلف في الكتابة. وقام بالتمييز بين المعنى البسيط أو الخارجي للنص والمعنى الخفي المركب الكامن بداخله، وهو تمييز ظل متَّبعاً منذ القدم وحتى القرن التاسع عشر حيث كان كثير من الكتاب والفلاسفة يخفون آراءهم الحقيقية والمخالفة للمعتقدات الدينية والسياسية السائدة وراء ستار من اللغة والأساليب الأدبية التي لا تبدو مخالفة في ظاهرها. ولذلك، يجب أن يسعى تحليل وتفسير نصوص القدماء إلى استخلاص المفاهيم والمعاني الكامنة وراء السطور. وفي كتابه الاضطهاد وفن الكتابة (1952) يبيِّن ستراوس، من خلال دراسته لأعمال موسى بن ميمون ويهودا اللاوي وإسبينوزا، ماهية «فن الكتابة بين السطور» عن طريق معرفة كيفية « القرّاءة بين السطور». ويتناول الموضوع نفسه في كتابه كيفية دراسة كتاب دلالة الحائرين (لموسى بن ميمون) الذي يعطي الباحثين والدارسين في هذا المجال أدوات اكتشاف ما هو كامن ومستتر في كتاب الدلالة. كما كانت دراسته حول فكر إسبينوزا نقد إسبينوزا للدين الصادرة عام 1930 بداية في هذا الاتجاه.

ومن خلال تحليله ودراسته نصوص وفكر القدماء، عمل ستراوس على إبراز قيمة الفكر السياسي الكلاسيكي بالمقارنة بالفكر الحديث. وتبيِّن أعماله، مثل ما الفلسفة السياسية (1959) و الحق الطبيعي والتاريخ (1965) و الليبرالية: القديمة والحديثة (1968)، مدى انتمائه للتيار المحافظ في الولايات المتحدة، وهي تتضمن نقداً للليبرالية الحديثة التي يرى ستراوس أنها حافلة بالمشاكل الجوهرية التي لا سبيل إلى معالجتها، فهو يرى أن الديموقرّاطية القائلة بالمساواة بين البشر وبنسبية القيم لا ينتج عنها سوى ثقافة جماهيرية منحلة واتجاه نحو التكيف والامتثال ويفرز ذلك قيادات مفلسة أخلاقياً. ويدعو ستراوس إلى نظام نيابي تقوده صفوة متميِّزة ويستلزم ذلك وجود طبقة أرستقرّاطية تمتلك الثقافة الرفيعة. وقد انتقد ستراوس أيضاً الوضعية والتاريخية اللتين ترفضان مفهوم الحقيقة الأخلاقية الثابتة، وتفتتان الحياة السياسية الملموسة إلى تجريدات خاوية وثنائيات زائفة. كما رأى أن الفكر السياسي الحديث تخلى عن هدف البحث عن القيم الأخلاقية الدائمة، وهو هدف الفلسفة الكلاسيكية في سبيل أهداف سياسية سهلة المنال، تسعى إلى التحكم في الإنسان والسيطرة عليه بعيداً عن أية معايير أخلاقية.

وتعود أهمية ستراوس إلى تأكيده أهمية تحليل الخطاب وفك شفرته للوصول إلى المعنى الحقيقي الكامن، وهو بذلك يُعَدُّ أحد المفكرين الغربيين (من أصل يهودي) الذين انشغلوا بآليات تحليل الخطاب ومحاولة الوصول إلى المعنى الكامن بين السطور، مثل جاكوبسون ودريدا، ولعل هذا يعود إلى تراث التفسير اليهودي والتراث الماراني. ولكن لابد من الإشارة إلى أن الاهتمام بتحليل النصوص وبفلسفة اللغة بشكل عام هو اهتمام مركزي في الحضارة الغربية الحديثة، بخاصة في القرن العشرين، كما أصبح مبحث اللغة من المباحث الأساسية في الفلسفة، ولعل هذا يعود إلى تصاعد مشكلة المعنى وانتشار النسبية.

ويُلاحَظ أن ستراوس مفكر سياسي محافظ، وهو أمر نادر بين المفكرين من أعضاء الجماعات اليهودية، إذ يُلاحَظ أن معظم المفكرين السياسيين الغربيين من أصل يهودي ينتمون إلى التقاليد الثورية أو الليبرالية. ومع هذا، يُلاحَظ أن هناك تحولاً واضحاً منذ السبعينيات في هذا النمط، إذ بدأ مفكرون كثيرون من أصل يهودي في تبنِّي الفلسفة المحافظة واتخاذ مواقف رجعية.

وولــتر بنجــامين (1892-1940(
Walter Benjamin
فيلسوف وناقد ألماني، وُلد في برلين وتعلم في مدارسها حيث انخرط في الحركة الطلابية ولعب دوراً مهماً فيها، فكان رئيساً لاتحاد الطلاب في برلين في الفترة 1910 - 1914. لكنه ترك صفوف الحركة الطلابية الراديكالية عام 1915 بسبب تأييدها المشاركة في الحرب، وتهرَّب من التجنيد في صفوف الجيش الألماني وادعى المرض. واستمر في دراسة الفلسفة في فرايبورج وبرلين وميونخ. وفي 1917، ارتحل إلى برن بسويسرا، ثم عاد عام 1920 إلى ألمانيا حيث استقر حتى عام 1933.


تعرَّف في برلين عام 1928 إلى برتولت بريخت وأُعجب بأفكاره للغاية. ويدَّعى صديقه ومؤرخه جرشوم شولم أن بنجامين أحس بيهوديته في تلك الفترة وفكر أكثر من مرة في الذهاب إلى فلسطين. وتعرَّف بنجامين عام 1924 إلى الممثلة اللاتفية الشيوعية آسيا لاشيس وأُعجب بأفكارها الشيوعية اليسارية، إلا أنه لم ينضم أبداً للحزب الشيوعي.

ومع وصول النازي إلى السلطة، هاجر بنجامين إلى جزر البليار ومنها إلى باريس. ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية، احتُجز باعتباره مواطناً ألمانياً ثم أُطلق سراحه في نوفمبر 1939. هرب بعدئذ إلى جنوب فرنسا مع مجموعة من اللاجئين وعبر معهم الحدود الإسبانية، وعند دخولهم قرية صغيرة في إسبانيا تعرضوا للابتزاز من قبَل رئيس البوليس في هذه القرية والذي هددهم بإعادتهم للنازي. ولم يتحمل بنجامين التهديد وانتحر باستخدام جرعة زائدة من المورفين.

ويُعتبَر بنجامين من أهم النقاد الألمان في فترة ما بين الحربين العالميتين. كما تُعتبر أطروحته التي قدمها لجامعة فرانكفورت عام 1925 لنيل الأستاذية عن « أصل دراما الباروك في ألمانيا »، والتي رفضتها الجامعة، من كلاسيكيات النقد الألماني الحديث ومن أهم التأويلات الفلسفية في هذا المجال. وتحتوي الأطروحة على إحدى أهم الأفكار والمفاتيح في فكر بنجامين وهي فكرة «الرمز» بوصفه رسالة عن الحقيقة المكتوبة وعن صوت الإنسان المخدوع، وبوصفه التعبير عن أمله الدائم في الخلاص. ويعبِّر بنجامين عن توجهاته الميتافيزيقية في مفهوم الثورة الروحية الدائمة، حيث يرى أن ثمة عداء مبدئياً بين المعرفة والدولة. ويمتلئ كتابه طريق ذو اتجاه واحد الصادر بالألمانية عام 1928 بما أسماه إرنست بلوخ «الأفكار السريالية» و«مفهوم التسمية». والتسمية ـ حسب رؤيته ـ هي فاعلية تسبق اللغة والكلام وتعطي الأشياء ماهيتها وجوهرها. فالتسمية عنده نوع من المطلق الأعظم يستدعي للذهن فكرة الاسم الأعظم التي تمتلئ بها الديانات الحلولية. واهتم بنجامين في هذا الكتاب بعملية تأويل النص وإبعاده عن السياق التاريخي، حيث يرى أن المضمـون الحقيقي للنـص أو معناه المثالي النهـائي غير قـابل للتوصيل، فهـو يسـتمد فعاليته من عملية التسـمية التـي تجـاوز الكلام واللغة، ومن ثم لا يمكن أن ينكشف ذلك عند القرّاءة النقدية إلا بعد مسافة زمنية وبعد أن يخفت ارتباط النص بالملابسات التاريخية.

وقد تأثر بنجامين بكل من بودلير وبروست في فكرة وحدة الزمن في الموجودات والتي هي تعبير عن وحدة الوجود. كما أبدى إعجابه الشديد بالسينما والصور الفوتوغرافية حيث يرى أن السينما حطمت قيم الفن المستقرة وحررته وأدخلت عملية الأيقنة (باعتبار أن الدال والمدلول ملتحمان عضوياً في الأيقونة) في صلب الحياة اليومية. وقد استخدم بنجامين تكنيك التقطيع السينمائي في عمليات تفكيك النص الأدبي للوصول إلى المعنى المثالي متخذاً نموذج الرائي المنطلق المراقب كنموذج أساسي.

وتمتلئ أطروحات بنجامين، التي قام تيودورو أدرنو بالاشتراك مع شولم بنشرها عام 1966، بالأفكار المشيحانية، وتُعتبَر فكرة الخلاص فكرة محورية في كل أعماله.

وفكر بنجامين ليس يهودياً، وإنما هو تعبير واضح عن استيلاء الفكر الحلولي على المجتمع الغربي. ولكن الحلولية هنا ليست رغبة في الذوبان في المادة أو الكون، وإنما هي تعبير عن التمرد على الأطر المادية لهذا المجتمع والتي نزعت القداسة عن كل شيء، فحاولت ـ كرد فعل ـ أن تملأ كل شيء بالقداسة. ولكن إن امتلأت كل الأشياء بالقداسة، وبدرجة واحدة، تصبح كل الأمور متساوية ونسبية، ومن ثم لا قداسة لها.

  • الاربعاء AM 11:36
    2021-04-07
  • 847
Powered by: GateGold