المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 417507
يتصفح الموقع حاليا : 222

البحث

البحث

عرض المادة

الثـــــورة اليهوديــــة

The Jewish Revolution
«الثورة اليهودية» مصطلح أطلقه البعض على الثورة البلشفية عند نشوبها، وهو يفترض أن الثورة البلشفية نظمها اليهود وخططوا لها وعملوا على نجاحها واستفادوا منها. بل يذهب البعض إلى أن الثورة البلشفية، كثورة يهودية، هي إحدى تطبيقات بروتوكولات حكماء صهيون أو المؤامرة اليهودية العالمية الكبرى ضد الجنس البشري. والمدافعون عن هذا التصور يشيرون إلى أن كلاً من كارل ماركس ولينين يهود (وهو أمر مناف للواقع، فأبو ماركس قد تنصَّر، أما لينين فمن المعروف أن خلفيته ليست يهودية)، كما يشيرون إلى وجود عدد كبير من اليهود في صفوف البلاشفة على مستوى الكوادر السياسية العادية والقيادات مثل تروتسكي وكامينيف وزينوفييف.


ولكن الدارس لسير هؤلاء البلاشفة اليهود، ولغيرهم، سيجد أنهم كلهم رفضوا اليهودية بل ساهموا في صياغة السياسة البلشفية تجاه الجماعات اليهودية وفي تطبيقها، وهي السياسة التي أدَّت في نهاية الأمر إلى تصفية التجمعات السكانية اليهودية في روسيا وأوكرانيا (وكانت من أكبر التجمعات في العالم) وإلى تصاعد معدلات الاندماج والعلمنة بينهم. ومن المعروف أن صعود وهبوط القيادات البلشفية اليهودية في ميزان القوى، داخل الحزب وخارجه، لم يكن نتيجة يهوديتهم، وإنما كان بسبب الظروف العامة للصراع داخل الحزب الشيوعي والمجتمع السوفيتي. وقد تحالف كامينيف وزينوفييف مع ستالين ضد تروتسكي، ومن ثم نجح ستالين في إقصائه ونفيه رغم أنه كان ثاني أهم شخص في الحزب. ثم تحالفا معاً ضد ستالين الذي نجح في نهاية الأمر، في القبض عليهما وإعدامهما، وهي أمور تحدث في كل الثورات.

ولا شك في أن عدد أعضاء الجماعة اليهودية المشتركين في الثورة البلشفية والمناصرين لها كان أكبر من نسبتهم إلى عدد السكان. كما أن الجماعة اليهودية استفادت ولا شك من الثورة، ولكن هذا أمر مُتوقَّع من أقلية عانى أعضاؤها من الحكم القيصري في الوقت الذي كانوا يتمتعون فيه بمستوى تعليمي عال.

ولا شك في أن الميراث اليهودي للبلاشفة اليهود قد ترك أثراً في فكرهم وسلوكهم. ولعل تطرُّف تروتسكي كان نتيجةً لهذا الميراث. ولكن تفسير موقفهم بأكمله على أساس من انتمائهم اليهودي أمر غير ممكن، إذ ظل اشتراكهم في الثورة أو انخراطهم في صفوفها خاضعاً لآليات وحركيات المجتمع الروسي إبان الثورة. ومن ثم، فإن مصطلح «الثورة اليهودية» ليست له قيمة تفسيرية عالية، فهو قد يفسر بعض التفاصيل ولكنه يعجز عن تفسيرها جميعاً بكل تركيبيتها.

كما أن مصطلحاً مثل مصطلح «الثورة اليهودية» له مضمون عنصري، إذ يفترض أن اليهودي يظل يهودياً مهما غيَّر آراءه ومهما اتخذ من مواقف، فثمة حتمية ما تفرض نفسها عليه، أي أنه مصطلح ينكر عليه حرية الاختيار. ومن ثم، فهو أيضاً مصطلح صهيوني، فالصهاينة يفترضون أيضاً وجود هوية يهودية ثابتة، لا تتحوَّل ولا تتغيَّر بتغيُّر الزمان والمكان.

وقد عاد مصطلح «الثورة اليهودية» إلى الظهور، إذ بدأ أعداء الشيوعية في الاتحاد السوفيتي يلقون باللوم على اليهود وعلى الثورة اليهودية (أي البلشفية) التي ألحقت الكوارث بمجتمعهم، وأوصلته إلى ما وصل إليه من تفكُّك ودمار.

  • الاحد PM 03:25
    2021-04-04
  • 944
Powered by: GateGold