المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 417528
يتصفح الموقع حاليا : 260

البحث

البحث

عرض المادة

الاتحاد السـوفيتي من الحرب العالمية الثانيـة حتى الوقـت الحاضر

الاتحاد السـوفيتي من الحرب العالمية الثانيـة حتى الوقـت الحاضر
The Soviet Union, from the Second World War to the Present
ضمت روسيا في الفترة من 1939 ـ 1940 أراضي تضم أعداداً كبيرةً من اليهود (جاليشيا الشرقية وليتوانيا وبيساربيا وبوكوفينا وغيرها). وقد رحبت الجماهير اليهودية بالضم السوفيتي إذ وجدت فيه حماية لها من الغزو النازي الوشيك. ولكن، مع عام 1941، قامت القوات النازية بطرد الاتحاد السوفيتي نفسه وضم سائر المناطق التي كان قد ضمها من قبل، فهرب ما يزيد على مليون يهودي منها. وبذلت الحكومة السوفيتية جهداً غير عادي لنقل اليهود، وأعطت الأولوية لهذه العملية. وساهم ذلك بدوره في عملية اقتلاع اليهود من مناطق تجمُّعهم التقليدية. أما بقية أعضاء الجماعة، فسقطوا في يد النازيين حيث تمت إبادتهم باعتبارهم أوست يودين (يهود شرق أوربا)، كما تمت إبادة أعضاء بعض الجماعات والأقليات الأخرى. وشهدت السنوات التي تلت الحرب مباشرة فترة الإرهاب الستاليني الذي يُقال إنه كان ذا نبرة عنصرية واضحة ومعادية لليهود.


ومع هذا، فإن عملية الدمج والترويس أصبحت حركياتها داخلية تنبع من داخل الجماعة نفسها وليست مفروضة عليها من الخارج من قبل الحكومة. وقد تزايدت بحيث أصبح الدمج اندماجاً. ولا يزال أعضاء الجماعة مركَّزين أساساً في المدن العظمى. ويُلاحَظ أن عدد اليهود المشتغلين بالزراعة قد تناقص، وحتى أولئك الذين يعملون في الريف معظمهم يقوم بأعمال كتابية. ويلعب أعضاء الجماعة دوراً متميزاً في المؤسسات التجارية السوفيتية. كما يُلاحَظ أيضاً أن عدد العاملين في التجارة الحرة من أعضاء الجماعات اليهودية، في أواخر الخمسينيات، بلغ نحو نصف مليون فرد من مجموع عدد العاملين في التجارة من عموم المواطنين السوفييت البالغ عددهم نحو خمسة ملايين. وهكذا شكَّل التجار اليهود نسبة 20% من مجموع العاملين بين أعضاء الجماعة ونسبة 19% من مجموع التجار، بينما لم تزد نسبة اليهود إلى عدد السكان على 1%. وقد قامت الحكومة السوفيتية في أوائل الستينيات بحملة ضد النشاطات الاقتصادية غير المشـروعة، وسـنت قـانوناً بمعاقبة مرتكبي الجرائم الاقتصادية بالإعدام، وتم تنفيذ العقوبة في عدد من المتهمين بلغ عددهم حوالي 112 تاجراً من تجار السوق السوداء كان نصفهم من اليهود.

وشهدت أواسط الخمسينيات، والسنوات التي تلتها، ارتفاعاً بالغاً في عدد الطلاب من أعضاء الجماعات اليهودية بالمعاهد العليا والجامعات وهو ما نتج عنه زيادة عدد المشتغلين (من اليهود) بالمهن الحرة.

وبصفه عامة، يتمتع يهود الاتحاد السوفيتي بأعلى مستوى تعليمي بالمقارنة بسائر القوميات السوفيتية. ففي جمهورية روسيا الاتحادية تلقى 344 يهودياً تعليماً عالياً من بين كل ألف (مقابل 43 فقط بين الروس). وإذا استبعدنا العجزة حيث تكون نسبة التعليم العالي بينهم منخفضة، وإذا استبعدنا المرحلة العمرية 11 ـ 22، حيث لم يكمل أعضاؤها دراستهم بعد، يصبح عدد المتعلمين تعليماً عالياً بين اليهود ستمائة لكل ألف. وتشير إحصاءات تعداد عام 1959 إلى أن نسبة اليهود الحاصلين على 7 سنوات من التعليم أو أكثر هي 613 لكل ألف وهي نسبة فاقت مثيلتها بين القوميات الأخرى. كما نجد أن نسبة اليهود الحاصلين على تعليم عال كانت نحو 179 عام 1959 لكل ألف شخص فوق 10 سنوات، زادت إلى 229 عام 1970 بالمقارنة بنحو 62 لكل ألف على مستوى إجمالي السكان السوفييت.

وقد شكل أعضاء الجماعات اليهودية عام 1956 ـ 1957 نحو 4.2% من طلبة الجامعات والمعاهد العليا، إلا أن هذه النسبة انخفضت إلى 1.2% عام 1978 حيث شهدت فترة 1965 ـ 1978 انخفاضاً كبيراً في أعداد الطلاب اليهود (بنسبة 46.7%) نتيجة الهجرة إلى الخارج وارتفاع متوسط أعمار السكان اليهود وما ترتب عليه من تقلُّص حجم من هم في السن الجامعي.

ولا يوجد عمال من أعضاء الجماعات اليهودية، سواء في الصناعة أو الأعمال الزراعية، إلا بشكل هامشي يكاد لا يُذكَر، حتى أن الإحصاءات في العقدين الأخيرين لا تورد أية إحصاءات عن عدد اليهود في المعامل والمصانع الثقيلة أو الزراعية.

وقد كانت هناك نسبة عالية من أعضاء الجماعات اليهودية في القيادة العليا للجيش السوفيتي خلال الحرب العالمية الثانية، ولكن خلال أعوام 1948 ـ 1953 أُحيل 333 من القيادات العليا من اليهود للتقاعد، ولم يتبق يهودي واحد عام 1953 بين صفوف كبار الضباط. ويبدو أن بعض المهن مثل الجيش والأجهزة الأمنية والخارجية وغيرها مغلقة تقريباً أمامهم. ويُلاحَظ أن 75% من العاملين اليهود حاصلون على تعليم عال ويتجهون إلى التمركز في المهن العلمية والحرة مثل الهندسة والطب والعلوم، ففي عام 1964 شكَّل أعضاء الجماعات اليهودية 14.7% من إجمالي الأطباء في الاتحاد السوفيتي، و8.5% من إجمالي الكُتَّاب والصحفيين، و19% من الموسيقيين، و11% من العاملين في مجالات البحث العلمي. وتدل هذه النسب على أن أعضاء الجماعات اليهودية أصبحوا يتمتعون بأوضاع اقتصادية متميزة عن بقية شعوب الاتحاد السوفيتي وبشكل أدَّى إلى منح أبناء الفئة التجارية بشكل خاص فرص دخول الجامعات والمعاهد العليا بدلاً من أن تضطرهم الحاجة الاقتصادية إلى التوجه نحو العمل في المعامل والمصانع. كما تدل من جهة ثانية على تمتعهم بالمساواة التامة في الحقوق، وعلى عدم فرض أية قـيود للحـد من ارتفاع نسـبتهم في الجـامعات والمعــاهد العـليا.

أما في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، فقد انخفضت هذه النسبة حيث شكَّل أعضاء الجماعات اليهودية 4.5% من مجموع العاملين في مجال البحث العلمي، و6% من مجموع العاملين في مجال الفن والثقافة والأدب والصحافة، و3.4% في الطب، و6% في القانون، و7.6% من إجمالي العلماء الحاصلين على درجات علمية عليا. ويُلاحَظ أن ما ينخفض هو نسبة المهنيين مـن أعضاء الجـماعات اليهودية إلى نسبة المهنيين على المسـتوى القـومي. أما عـدد المهنيين من أعضاء الجماعات اليهودية نفسه فهو آخذ في الارتفاع، فقد زاد عددهم من 260.900 إلى 389.000 في الفترة من 1957 حتى 1977، ولكن نسبتهم إلى مجموع المهنيين الروس في الفترة نفسها انخفضت من 9.3% إلى 3.7%. وانخفضت كذلك نسبة العاملين في مجال البحث العلمي من 18% عام 1947 إلى 5.3% عام 1977 وإلى 4.5% عام 1982. والواقع أن أسباب هذا الانخفاض هو ارتفاع متوسط أعمار اليهود العاملين مقارنة بمتوسط أعمار العاملين من السكان السوفييت، واقتراب الكثيرين منهم من سن التقاعد، وانخفاض أعداد طلبة الجامعة من أعضاء الجماعات اليهودية الذين يشكلون المصدر الأساسي لهذه الاختصاصات. وبالتالي، يلعب اليهود دوراً أقل في مجال العلوم والبحوث وتتركز غالبيتهم في المراكز ذات المكانة المتوسطة والدنيا في هذا القطاع. ويُلاحَظ أن دخل اليهودي السوفيتي أعلى من دخل المواطن السوفيتي، وهذا أمر مفهوم إذ أن عدداً كبيراً من يهود الاتحاد السوفيتي من المهنيين وهم الفئة المتميِّزة في المجتمع السوفيتي.

أما نسبة أعضاء الجماعات اليهودية في الحزب الشيوعي، فقد شكلت في أوائل الستينيات واحدة من أعلى النسب القومية المختلفة داخل الحزب. إذ قُدرت هذه النسبة بنحو 3.5% عام 1961، بينما كانت نسبتهم إلى عدد السكان أقل من ذلك بكثير. كما بلغت نسبتهم عام 1982 نحو 1.5% (استناداً إلى تقدير أن عدد الأعضاء اليهود في الحزب نحو 260 ألفاً) وذلك من مجموع أعضاء الحزب البالغ في ذلك الحين نحو 14 مليون عضو. ولذلك، فإنهم يُعتبَرون سادس جماعة قومية مُمثَّلة في الحزب (عام 1976).
ويُلاحَظ أن العدد الكلي ليهود الاتحاد السوفيتي كان آخذاً في التناقص. ولعل تركُّزهم في المدن وفي المهن الحرة يفسر سرّ تناقصهم وذوبانهم (كما هو الحال في الولايات المتحدة، حيث تؤدى السمات نفسها إلى النتائج نفسها). ويُعتبَر اليهود القومية الوحيدة في الاتحاد السوفيتي التي تناقص عددها. فقد قُدر عدد اليهود السوفييت بثلاثة ملايين بعد الحرب العالمية الأولى، ولكن عددهم نقص إلى 2.268.000 عام 1959. وقد أصبح يهود الاتحاد السوفيتي أقلية حضرية إذ يوجد 2.161.702 من اليهود في المدن، ولا يوجد سوى مائة ألف يهودي تقريباً في الريف (بعضهم مندوبون للحزب ويعملون بالوظائف الكتابية الحسابية). وقد تناقص عدد أعضاء الجماعة عام 1970 إلى 2.151.000، أي أنه أصبح أقل من الإحصاء السابق بنحو مائة ألف نسمة، فإذا أضفنا إلى ذلك مجمل نسبة زيادة اليهود الطبيعية وهي 250 ألفاً لاتضح أن نحو 400 ألف يهودي قد ذابوا في المجتمع خلال فترة الستينيات. وحسب إحصاء عام 1979، بلغ عدد يهود الاتحاد السـوفيتي 1.810.876، وهـو ما يعني أن عددهم تناقص إلى 340 ألفاً: 177 ألفاً (وفي إحصاءات أخرى 200 ـ 300 ألف) من خلال الهجرة، أما الباقـون (نحـو 163 ألفاً) بسـبب العوامل السكانية والاندماج. ويمكن أن تُضَم نسبة الزيادة الطبيعية المحتملة التي يمكن أن نقدرها بنحو 150 ألفاً إلى النقص السابق في العدد (أي 163 ألفاً)، وذلك يعني أن نسبة الذوبان في نحو تسعة أعوام بلغت نحو313 ألفاً.

وفي عام 1985، بلغ مجموع اليهود السوفييت 1.600.000 ثم هبط عددهم عام 1989 إلى 1.449.167، أي أنهم تناقصوا حوالي 400 ألف أو أكثر (أي 20%) خلال عشرة أعوام. وأوردت إحدى المراجع أن معدل تناقُص يهود الاتحاد السوفيتي السنوي هو 30 ألفاً (وإن كان معدل التناقص حسب هذا الإحصاء هو 40 ألفاً سنوياً) وهو تناقص طبيعي وليس من خلال الهجرة. ولذا فهناك تنبؤات بأن هذه الجماعة في طريقها إلى الاختفاء ولا شك في أن معدل الهجرة اليهودية الحالي وسقوط الاتحاد السوفيتي قد يعجل بذلك.

وبالفعل يُلاحَظ أن عدد يهود البلاد التي كانت ضمن الاتحاد السوفيتي سواء في أوربا أم آسيا هو 868.400، أي أنهم تناقصوا حوالي 580.767. ويبلغ عدد يهود روسيا في الوقت الحالي (1992) 415.000، ويبلغ عددهم في روسيا البيضاء 46.000(يذكر مصدر إحصائي آخر لعام 1995 أن عدد يهود روسيا هو 600.000 أما عدد يهود روسيا البيضاء فهو حسب هذا المصدر 34.000). ويُلاحَظ أن أكثر من نصف مليون يهودي سوفيتي يتحدثون الروسية يوجدون الآن في إسرائيل فإذا أضفنا لهذا العدد المهاجرين اليهود الروس إلى الولايات المتحدة وغيرها من الدول، فيمكن القول بأن يهود روسيا يوجدون الآن أساساً خارجها! ومن المعروف أن كثيراً من أعضاء النخبة من يهود اليديشية من أصل روسي، مثل: حاييم وايزمان وإسحق بن تسفي وزلمان شازار وجولدا مائير وموشيه شاريت وجابوتنسكي. فإذا أضفنا إلى هذه المجموعة أسماء النخبة من أصل بولندي (من يهود اليديشية أيضاً)، فيمكن القول بأن نخبة من يهود اليديشية هي التي تحكم الدولة الصهيونية.

والجماعة اليهودية في الاتحاد السوفيتي جماعة مسنة تركيبها على النحو التالي:

الفئة العمرية / عام 1959 / عام 1970

صفر - 15 / 30.4% / 11.2% ( مقابل 35% من أعضاء القوميات لأخرى )

16 - 45 / 51% / 46%

فوق 50 / 18.6% / 42.8%

والتركيب العمري يدل على أن المشكلة آخذة في التفاقم، وقد بلغ العمر الوسيط (أي الواقع في الوسط) 49 سنة عام 1986 و50 سنة عام 1988. وتذكر الموسوعة اليهودية أن حوالي 26% من يهود الاتحاد السوفيتي تجاوزوا الستين مقابل 15% من أعضاء القوميات الأخرى. وتؤيد الإحصاءات الخاصة بالمهاجرين السوفييت هذه الأرقام، ذلك أن 11% منهم تجاوزوا سن 65سنة. أما عدد اليهود السوفييت تحت سن الخمسين، فإن عددهم نحو 804 آلاف من بينهـم 700 ألف فقـط من كاسبي الرزق. وعدد الإناث هو 400 ألف، وعدد القادرات منهن على الحمل (بين 20 و40) هو 240 ألف أنثى، ونسبة المواليد تبلغ 1.6 - 1.8 طفل للأنثى الواحدة، بل استقرت عـلى 1.6 في آخر الإحصاءات. ويولد 14.500 طفل سـنوياً منهم 10 آلاف لأبوين يهوديين، ومن ثم يُطلَب منهم تسجيلهم كيهود، وإن كانوا لا يفعلون ذلك بالضرورة. ونسبة المواليد بين اليهود هي 6.7 في الألف بالمقارنة بنحو 14.7 لغير اليهود. أما في أوزبكستان، فإن نسبة المواليد بين اليهود هي 19.9 في الألف مقارنةً بنحو 32.7 لغير اليهود. والإحصاءات الأخيرة كانت الإحصاءات الخاصة بعام 1988، أي قبل الهجرة السوفيتية. ولا شك في أن الهجرة السوفيتية وسقوط الاتحاد السوفيتي سيزيد الصورة قتامة، إذ أن الهجرة لابد أنها ستُصفي العناصر الشابة القادرة على العمل والإنجاب ولا يبقى سوى المسنين (ومع هذا لوحظ مؤخراً أن كثيراً من الشباب الروس اليهود يرسلون بآبائهم المسنين إلى إسرائيل ليتمتعوا بالمزايا التي تُمنَح للمهاجرين ونظام الرفاه الاجتماعي هناك).

والجدول التالي يبيِّن توزيع اليهود في الجمهوريات السوفيتية تبعاً للإحصاءات السكانية لأعوام 1979 و1989 و1992:

الجمهورية / عام 1979 / عام 1989 / عام 1992 ( الأعداد بالآلاف )

روسيا / 700.7 / 551.0 / 430.0

أوكرانيا / 634.2 / 488.0 / 325.0

روسيا البيضاء / 135.4 / 112.0 / 58.0

أوزبكستان / 99.9 / 94.9 / 55.5

مولدافيا 80.1 / 66.0 / 28.5

أذربيجان / 35.5 / 30.8 / 16.0

لاتفيا / 28.3 / 24.8 / 15.8

جورجيا / 28.3 / 23.0 / 20.7

كازاخستان / 23.5 / 19.9 / 15.3

ليتوانيا / 14.7 / 12.0 / 7.3

طاجكستان / 14.7 / 14.8 / 8.2

قرغيزيا / 6.9 / 6.0 / 3.9

إستونيا / 5.0 / 4.6 / 3.5

تركمانيا / 2.8 / 2.5 / 2.0

أرمينيا / 1.0 / 0.7 / 2.3

أما فيما يتصل بالوضع اللغوي لأعضاء الجماعات اليهودية في الاتحاد السوفيتي، فقد جاء في الإحصاء الرسمي لعام 1959 التوزيع اللغوي التالي لليهود السوفييت:

1.733.000 يتحدثون الروسية

500.936 يتحدثون اليديشية

35.673 يتحدثون الجورجية

20.763 يتحدثون الطاجيكية

25.225 يتحدثون التترية

24.275 يتحدثون الأوكرانية

22.570 يتحدثون لغات أخرى

وقد شكلت نسبة الناطقين باليديشية 17% فقط من مجموع اليهود (انخفضت إلى 11% في الإحصاءات الأخيرة). وانخفضت هذه النسبة خلال الستينيات حيث أشار إحصاء عام 1970 إلى أن نحو 86.7% قد أفادوا بأن لغتهم هي الروسية، بينما توزَّع نحو 17.7% بين مختلف اللغات الأخرى (وأفاد 97% بأن لغتهم هي اليديشية قبل قيام الثورة) وقد انخفضت النسبة إلى11% في إحصاءات عام 1992، ولا يتحدث بها سوى المسنين. ومصطلح «اللغات الأخرى» يعني لغة التات والجورجية والطاجيكية والتركية... إلخ. وجاء في إحصاء عام 1989 أن 11.1% يتحدثون ما سُمِّي «اللغات اليهودية»، وهي لا شك إشارة لكل هذه «اللغات الأخرى» ومنها اليديشية. وإذا كان الأمر كذلك، فإن اليديشية قد آلت إلى الزوال تقريباً، ولا يتحدثها سوى المتقدمين في السن الذين يسكنون المناطق الغربية (ليتوانيا ولاتفيا ومولدافيا) التي كانت تضم كثافة سكانية يهودية في الماضي.

والجدول التالي يبيِّن توزُّع اليهود السوفييت تبعاً للجماعات العرْقية واللغوية وفقاً لإحصاء عام 1992:

الجماعات العرقية لليهود فى الاتحاد السوفيتي / أعداد أعضاء الجماعات / نسبة من يعتبرون لغة الجماعة هي لغتهم الأصلية

إشكناز / 1.376.91 / 11.1

يهود الجبال / 19.516 / 75.8

يهود جورجيا / 16.054 / 90.9

يهود بخارى / 36.152 / 65.6

الكرمشاك / 1.448 / 38.9

وتشير المصادر إلى أن ظاهرة الزواج المختلط لا تزال منتشرة بين اليهود وإلى أن معظم هذه الزيجات تمثلت في زواج الذكور اليهود من إناث غير يهوديات. ويدعم هذه النظرية عدد الزيجات المختلطة بين المهاجرين السوفييت إلى إسرائيل. وقد تم الاستدلال، من إحصاء عام 1959، على أن واحداً من بين كل سبعة يهود كان متزوجاً من غير يهودي. وقد تزايدت النسبة أخيراً، ففي إحصاءات عام 1988 ظهر أن حوالي 40 ـ 50% من الزيجات اليهودية مختلطة (58.3% للذكور و47.6% للإناث). وتصل النسبة في بعض المناطق إلى 80% (في روسيا الاتحادية تصل النسبة إلى 73.2% للذكور و62.8% للإناث). والأهم من هذا أن 90% من أولاد المتزوجين زواجاً مختلطاً يُعرِّفون أنفسهم بأنهم غير يهود.

أما فيما يتصل بالوضع الديني، فإن القانون يسمح للمواطنين السوفييت بالتعبد، وكل 20 متعبداً يمكن أن يكونوا جماعة دينية تُسمَّى «دفاتساتكا»، وهي جماعة خاضعة لإشراف لجنة السوفييت المحلية ومجلس شئون العبادات الدينية، ومخولة بتعيين وطرد أعضاء مجلس المعبد اليهودي. وكثيراً ما تغلق السلطات السوفيتية المعابد لأن عدد المتعبدين يقل عن عشرين. ولذا، تنتشر جماعات المنيان (النصاب اللازم لإقامة الصلاة اليهودية)، وهؤلاء يحق لهم التعبد بدون تسجيل، شريطة أن تتلقى السلطات إعلاماً بذلك قبل إقامة الصلاة. ويوجد حوالي 61 معبداً يهودياً وعدد صغير من الحاخامات، ولا يوجد حاخام أكبر، ولا توجد المواد اللازمة لإقامة بعض الشعائر. وعدد اليهود المتدينين 61 ألفاً حـسب إحصـاء 1983ـ 1985 أي 3% من جملـة اليهـود. وتؤيد الإحصاءات الخاصة بالمهاجرين السوفييت هذا العدد إذ أن 3% فقط منهم أرسل أبناءه إلى مدارس دينية.

وحتى تكتمل الصورة، لابد أن نشير إلى ظاهرة اليهود المتخفين، وهم المواطنون السوفييت من أصل يهودي الذين كانوا يخفون ذلك. وهؤلاء استفادوا من القانون السوفيتي الذي يعطي المواطن الحق في اختيار جنسيته، فكثيرون اختاروا تسجيل أنفسهم على أنهم غير يهود. كما أن 90% من أولاد الزيجات المختلطة كانوا، كما أسلفنا، يسجلون أنفسهم على أنهم غير يهود. ويذهب جريجوري روزنشتاين (الديموغرافي الإسرائيلي) إلى وجود 3.5 مليون مواطن سوفيتي من سلالة يهودية لم يُصنَّفوا على أنهم يهود. وهم يتمتعون بمستوى تعليمي عال. ويذهب كثير من الدارسين إلى أن هؤلاء سيعرِّفون أنفسهم كيهود «حينما لا يؤدي ذلك إلى الإضرار بمكانتهم». ومن ثم، إذا استمرت إسرائيل مركز جذب بالنسبة إليهم، فإنهم سيعيدون تسجيل أنفسهم كيهود حتى يتسنى لهم الهجرة إليها.

ويبدو أن الصورة العامة تتجه نحو مزيد من الاندماج، وكان المنشقون لا يشكلون سوى جماعة صغيرة وضئيلة ليست لها قيمة تُذكَر، وغير قادرة على أن توقف عملية الاندماج التلقائية السريعة وتآكل ثقافة يهود اليديشية وهويتهم الإثنية بعد أن ضعف انتماؤهم الديني، وهو الأمر الذي أوضحه المنشق الصهيوني شارانسكي بعد خروجه من الاتحاد السوفيتي.

وقد استفاد أعضاء الجماعات اليهودية من جو الانفتاح الاقتصادي والسياسي في الاتحاد السوفيتي إذ بدأوا يحققون بروزاً لم يكونوا يتمتعون به من قبل. ولكن، بالمقابل، ظهرت بعض الجماعات الروسية القومية ذات التوجه الديني الأرثوذكسي (من أهمها جماعة باميات) التي كانت تعادي أعضاء الجماعة اليهودية باعتبارهم ممثلين للقوى المعادية للمسيحية والروح الروسية الأصيلة. وقد سمح الاتحاد السوفيتي لليهود بالهجرة، وأغلقت الولايات المتحدة الأبواب في وجههم، وبدأت المؤسسة الصهيونية في اعتماد الملايين لتوطينهم في الضفة الغربية على أمل أن تحل مشكلتها الاستيطانية.

وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي وتفككه إلى «كومنولث الدول المستقلة»، ستظهر حركيات متنوعة يخضع لها أعضاء الجماعات اليهودية في هذه الدول، فيهود جورجيا قد يصبحون جزءاً من تشكيل حضاري مستقل سياسياً عن أوكرانيا، ولذا فإن الصورة في المستقبل ستكون مختلفة بشكل جوهري عن الصورة في الماضي. ومع هذا، يمكن القول بأن هناك بعض الثوابت مثل الميل للهجرة والاتجاه نحو السكنى في المدينة وعدم الإنجاب... إلخ.

  • الاربعاء PM 02:03
    2021-04-21
  • 1001
Powered by: GateGold