المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 416150
يتصفح الموقع حاليا : 277

البحث

البحث

عرض المادة

شهادة التاريخ

نلاحظ أن الحق سبحانه وتعالى عندما يذكر في القرآن الكريم شيئا عن حاكم مصر في عصر

موسى عليه السلام، كان يسميه فرعون، أي أن الذين حكموا مصر أطلق عليهم القرآن اسم

الفراعنة، فيقول تعالى:

(  قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون)  الزخرف 51

وهذا يتفق مع التاريخ أن الذين حكموا مصر في العصور القديمة هم الفراعنة، إذن حكام مصر

القدامى فراعنة، والقرآن سماهم فراعنة، فإذا أتينا إلى سورة يوسف عليه السلام وجدنا أن الله

سبحانه وتعالى، وهو يروي لنا قصة يوسف في مصر، لم يلقب حاكم مصر بفرعون، بل لقبه

بالملك فقال تعالى:

( وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي) يوسف 54.

وقوله تعالى: ( وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف) يوسف 43

إذن فثابت من القرآن الكريم أن يوسف عاش في مصر، وأنه خلال وجوده في صر اختلف في

القرآن الكريم اسم حاكم مصر، فلم يكن يلقب بفرعون، بل لقب باسم الملك، ويمضي الزمن

ويكتشف حجر رشيد ثم تحل رموز اللغة المصرية القديمة، ويثبت أن يوسف عليه السلام عاش

في مصر في الفترة التي احتلها فيها الهكسوس، وأن هؤلاء لم يكونوا من الفراعنة، وأن حاكمهم

كان يطلق عليه الملك، ولم يكن يطلق عليه اسم فرعون، وأن المصريين طردوا الهكسوس، وعاد الفراعنة إلى الحكم مرة أخرى، من الذي أنبأ محمدا عليه الصلاة والسلام بهذه الحقائق التاريخية التي لم يعرفها العالم إلا في الفترة الأخيرة بعد اكتشاف حجر رشيد؟ وكيف علم أن يوسف كان في عهد الهكسوس وأن موسى كان في عهد الفراعنة.

وهكذا يأبى الله تعالى إلا أن يعطينا الدليل المادي التاريخي على إعجاز هذا القرآن، وعلى أن

الله يعلم ما في الدنيا والآخرة، وأنه بكل شيء عليم، وحتى يظهر ذلك لعباده بالدليل المادي على

إعجاز هذا القرآن، وعلى أن الله يعلم ما في الدنيا والآخرة، وأنه بكل شيء عليم، وحتى يظهر

ذلك لعباده وبالدليل المادي جاء بحقيقة تاريخية لم سكن يعلمها أحد من البشر وقت نزول القرآن، وذكرها في كتابه العزيز، حتى إذا تقدم الزمن وكشف الله لخلقه ما شاء من علمه، وفي الوقت الذي تظهر فيه هذه الحقيقة وتخرج إلى علم البشر، حتى تكون معجزة من معجزات القرآن ويظهرها الله، بعد نزول القرآن الكريم بعدة قرون.

على أن الله سبحانه وتعالى قد أعطى من أسرار ملكه ما شاء لمن يشاء، وكشف عما شاء من

علمه لمن شاء، ولكنه احتفظ لنفسه بعلم بدء الحياة أو الخلق، وبعوامل استمرار الحياة، وبنهاية

الحياة وهي الموت، فمهما تقدم العلم وازدهر، وكشف الله من أسرار كونه، فان الله هو الذي يحي ويميت، وسيظل يحيي ويميت إلى أن تأتي الآخرة ويتم الحساب، وتقبض روح ملك الموت فلا يصبح هناك موت ولكن خلود، إما في الجنة وإما في النار.

 

الحياة من الله

 

تأمل قول الله تعالى في سورة الشعراء: ( الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحيين (  الشعراء.

وإذا أردنا أن نتأمل ما جاء في هذه الآيات ونستعرض الإعجاز فيها بإيجاز نجد أن قضية الخلق

محسومة لله سبحانه وتعالى، فهو وحده الخالق، والكل عاجز، ولا أحد يستطيع أن يدعي أنه يقدر على خلق شيء ولكن قضية الموت فيها جدل فإذا قرأت قوله تعالى:

(  إذ قال إبراهيم ربي الذي يحي ويميت قال أنا أحي وأميت) البقرة 258

والآية تروي قصة الحوار بين من آتاه الله الملك وإبراهيم عليه السلام، فلما قال إبراهيم: ربي

يحي ويميت، أخذت من أتاه الله الملك العزة فقال: أنا أحيي وأميت، وجاء يرجل من رعيته، فحكم عليه بالإعدام وقال: هو ميت، ثم عفا عنه وقال: أحييته!! .

نقول : إن الناس لا تنتبه للفرق بين القتل والموت، فالقتل هو إفساد لجسد الإنسان يجعل الجسد

غير صالح لبقاء الروح فيه فتغادره، ولكن الموت هو إخراج الروح من الجسد دون هدم أو إفساد للجسد، ولذلك فر ق الله بين الاثنين في القرآن الكريم فقال:

(  وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفائن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم )آل عمران.144

 

وقال جل جلاله: ( ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون)  آل عمران 158.

إذن الموت لله وحده، وهو الذي يميت، ولكن القتل وهو غير الموت يمكن أن يتم على يد عباد

ولأن الله هو الذي يميت، فلا أحد ينجو من الموت أبدا، لأن أمر الله نافذ على خلقه، ولأن الإنسان يمكن أن يتم على يده القتل، فهناك من ينجو من القتل مرة ومرات لأن أمر الإنسان غير نافذ في الكون، ثم تقول الآية الكريمة: ( والذي هو يطعمني ويسقين) .

ويلاحظ في الآية الأولى أن الحق سبحانه وتعالى لم يستخدم أسلوب التأكيد فقال: ( الذي خلقني فهو يهدين)  ولم يقل هو الذي خلقني لأنه لا احد ينازع الله في الخلق ولكن الطعام والشراب جعلهما الله أسبابا للإنسان، فجاء التأكيد هنا ليلفتنا إلى أن هذه الأسباب ليست هي الأصل، وإنما كل شيء من الله، فالحبة في أي نبات خلقها الله سبحانه وتعالى ووضع فيها خصائصها، وخزن فيها الغذاء الذي يلزمها حتى تستطيع جذورها أن تضرب في الأرض لتأخذ منها عناصر الحياة وهو الذي أعطاها خصائصها، وخلق لها الأرض التي تزرع فيها، وأنت تضع الحبة في الأرض فتظل تتغذى على المخزون فيها من الغذاء الذي وجد فيها بقدرة الله، ثم بعد ذلك تمتص من عناصر الأرض ما يلزمها فقط تترك الباقي ثم تظل تنمو وتنمو حتى تثمر بقدرة الله وليس بجهد البشر، فكأن الطعام كله من الله سبحانه وتعالى.

 

والشراب أيضا من الله

 

 

فإذا جئنا للشراب نجد أن كل ما يشربه الإنسان هو من الله سبحانه وتعالى، فالماء ينزل من

السماء عذبا سائغا بقدرة الله، واللبن نأخذه من الحيوان وهو مخلوق بقدرة الله.

ولقد حاول العلم أن يصنع البن فجاء باللبن الطبيعي وحلله إلى عناصره، ثم جاء بهذه العناصر

وخلطها مع بعضها البعض بنفس النسب الموجودة في اللبن الطبيعي، ثم جاء بعشرين فأرا سقى

عشرة منها اللبن الطبيعي والعشرة الباقية سقاها اللبن المصنوع من نفس العناصر، فنمت الفئران التي سقيت اللبن الطبيعي وماتت الفئران التي سقيت اللبن الصناعي.

ومازال العلم حتى الآن عاجزا عن أن يصنع نقطة لبن واحدة، بل إن بعض دول العالم التي

تعاني نقصا شديدا في اللبن لا تستطيع أن تحل الأزمة، فتحرم اللبن على الكبار ليكون متوفرا

للصغار، ومنها الاتحاد السوفيتي والصين وكوريا الجنوبية وغيرها من دول العالم، ومن الإعجاز الإلهي إن هذا اللبن تعطيه لنا حيوانات يجري في عروقها الدم، فلا يختلط الدم واللبن أبدا، وفي ذلك يقول الحق سبحانه وتعالى:

(  وان لكم في الأنعام لعبرة تسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين)  النحل 66.

على أن العلم البشري كله عاجز حتى الآن عن أن يسقي الناس الماء أو اللبن، فالإنسان الذي

وصل إلى القمر عاجز عن أن يصنع ترعة صغيرة، أو كوبا من اللبن، أما باقي الأشياء التي

يشربها الإنسان فهي ما أوجدها فيها من ثمر يضاف إليها الماء أو لا يضاف.

 

 

الشفاء والمرض من الله

 

فإذا جئنا إلى قوله تعالى)   وإذا مرضت فهو يشفين) الشعراء80 .

 

 

نجد أن هناك جدلا كثيرا حول هذه الآية، فالناس تقول إن الطبيب هو الذي يشفي! ولكن الحقيقة

هي أن الشفاء بيد الله وحده، وأن الطبيب يعالج فقط، وقد يأتي على يده الشفاء، وقد يخطئ في

العلاج فيكون على يده الموت.

والله سبحانه وتعالى جعل لكل داء أجلا في الشفاء، ولذلك يحدث كثيرا أن طبيبا مبتدئا يكتب

الدواء الصحيح لمريض عرض نفسه على أكبر الأطباء فلم يعرفوا لدائه دواء وفي هذه الحالة قد يتعجب الناس ويقولون إن حديث الطبيب الحديث التخرج أعلم من أساتذته!

نقول لهم: هذا تفسير خاطئ فالأستاذ قطعا أعلم من تلميذه، وهو الذي علمه، ولكن قدر الله سبحانه وتعالى بالشفاء جاء فكشف الله عن الداء لهذا الطبيب المبتدئ فكتب الدواء وتم الشفاء.

وليس معنى أن الله هو الشافي ألا نلتمس الوسيلة للعلاج، فنحن في هذه الدنيا أمرنا الحق سبحانه

وتعالى أن نأخذ بالأسباب ثم بعد ذلك نتوكل على الله في النتائج.

والآية الكريمة تقول بعد ذلك( والذي يميتني ثم يحيين( الشعراء 81.

ونلاحظ هنا أن الحق سبحانه وتعالى لم يستخدم أسلوب التأكيد فيقول: وهو الذي يميتني ثم يحيني، لأنه لا أحد يستطيع أن ينازع الله في الموت أو البعث، فإذا جاء الموت فلا أحد يستطيع أن يتأبى عليه، أو يقول: لن أموت، وإذا جاء البعث، فالله وحده القادر على بعث الموتى، وبذلك نكون قد أثبتنا بالدليل المادي أن بداية الحياة واستمرار الحياة ونهاية الحياة، هي من قدرات الله سبحانه وتعالى وحده.

وإذا كنا قد جئنا إلى نهاية هذا الكتاب فنرجو من الله سبحانه وتعالى أن يكون هدانا إلى ما يثبت

الإيمان في القلوب، وما يرد على أولئك الملحدين الذي يدعون أنه لا توجد أدلة مادية في الكون

على وجود الله، ونرجو من الحق جل جلاله أن يتقبل منا، انه هو السميع العليم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

 

  • الاحد PM 06:41
    2015-07-12
  • 2838
Powered by: GateGold