المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 413444
يتصفح الموقع حاليا : 259

البحث

البحث

عرض المادة

ما الإسلام ولماذا سمي بذلك ؟

الإسلام الخضوع لله، وتسليم النفس والأمر إليه سبحانه أي إقامة العلاقة بين الإنسان وربه على مبدأ "السمع والطاعة"!

 

قد يشعر امرؤ بأنه لا سلطان لأحد في الأرض والسماء عليه، وأنه يفعل ما يهوي دون ارتباط بتوجيه ما. وقد يقبل هذا الشعور في الشعور في تحديد العلاقة بين إنسان وإنسان مثله، أما بين الإنسان وربه الذي خلقه بقدرته، ورباه بنعمته، ورسم له طريقاً مستقيماً وأمره أن يسير عليه.. فلا مكان لهذا التمرد والشموخ.

 

إذ الواجب أن يجعل الإنسان نفسه تابعاً لمراد الله، أو الشخص الذي يتلقى التعليمات من أعلى ويرى ضرورة التزامها.. قال الله تعالى: {وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ ۗ وَإِلَى ٱللَّهِ عَٰقِبَةُ ٱلْأُمُورِ} [سورة لقمان: 22].

 

وماذا يمكن أن تكون العلاقة بين الخالق والمخلوق؟ بين موجود سيقضى على ظهر الأرض بضع عشرات من السنين تقل أو تكثر، ثم يرجع بعد ذلك إلى من أوجده؟ أتكون علاقة تجاهل أم معرفة؟ أتكون علاقة تمرد أم خضوع؟

 

إنه طبيعي جداً أن يعرف الإنسان هذا الرب الكبير، وأن يرتبط بأمره ونهيه وأن يتوجه وفق هديه، وهذا هو معنى الإسلام وهو المعنى الذي قرره المرسلون.

قال تعالى: {إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلْإِسْلَٰمُ} [آل عمران:19].

 

والمرء إذ يعلن خضوعه لله واحترامه لوصاياه، وانقياده المطلق لتوجيهه سبحانه – يتجاوب مع الكون كله الساجد لربه، الهاتف بمجده {أَفَغَيْرَ دِينِ ٱللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُۥٓ أَسْلَمَ مَن فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [آل عمران: 83].

 

ويخطيء من يظن الإسلام عنواناً خاصاً بالدين الذي جاء به "محمد" منذ خمسة عشر قرناً، إن الإسلام عنوان لجميع الرسالات التي هدت الناس من بدء الخلقية إلى يوم الناس هذا.

 

صحيح أن حقيقة الإسلام بلغت تمامها، وأخذت صورتها الأخيرة في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، بيد أن هذا العنوان أطلقه القرآن الكريم على ما بلغه أنبياء الله كلهم دون استثناء.

 

إن إسرائيل – وهو لقب التشريف ليعقوب – ليس إلا نبياً دعا إلى الإسلام وتشبث به ومات عليه وأوصى به أولاده {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ ٱلْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنۢ بَعْدِى قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ ءَابَآئِكَ إِبْرَٰهِۦمَ وَإِسْمَٰعِيلَ وَإِسْحَٰقَ إِلَٰهًا وَٰحِدًا وَنَحْنُ لَهُۥ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 133].

 

والواقع أن الدولة التي تسمى اليوم بإسرائيل هي اسم بلا مسمى، وعلم على وهم كبير، لأن إسلامها لله صفر أو قريب من الصفر.

 

وكان عيسى يعلم أتباعه الاتقياد لله وصدق عبوديته، وتأمل في هذه الآية {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى ٱلْحَوَارِيِّنَ أَنْ ءَامِنُوا بِى وَبِرَسُولِى قَالُوٓا ءَامَنَّا وَٱشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ}  [المائدة: 111].

 

ويشمل وصف الإسلام جميع الأنبياء الذين نفذوا الأحكام السماوية بدءاً من عهد التوراة إلى اليوم. قال تعالى: {إِنَّآ أَنزَلْنَا ٱلتَّوْرَٰةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا ٱلنَّبِيُّونَ ٱلَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَٱلرَّبَّٰنِيُّونَ وَٱلْأَحْبَارُ بِمَا ٱسْتُحْفِظُوا مِن كِتَٰبِ ٱللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَآءَ..} [المائدة: 44].

 

ولا يصح الإسلام إلا باكتمال حقيقتين مهمتين أولاهما حسن معرفة الله، وتصور الألوهية بأمجادها كلها، فلا يعد مسلماً من أشرك باله شيئاً، أو نسب لله ولداً، أو ظن الذات العليا متلبسة بالعالم حالة في الكون الذي نعيش فيه.. لابد من العلم الصحيح بالله.. ويجيء من بعد ذلك الانقياد له وتنفيذ أوامره.

وفي القرآن الكريم فيض غامر من تنزيه الله، والثناء عليه، وإحصاء لأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وإبراز لمعالم العظمة الإلهية لا مثيل له في كتاب قديم أو حديث سماوي أو أرضى.

فأنت تحس عند قراءة القرآن بالشهود الإلهي على كل شيء، والهيمنة المطلقة، {لَهُۥ غَيْبُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۖ أَبْصِرْ بِهِۦ وَأَسْمِعْ ۚ مَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَلِىٍّۢ وَلَا يُشْرِكُ فِى حُكْمِهِۦٓ أَحَدًا} [سورة الكهف: 26].

 

وكيف لا يسلم المرء نفسه لمن خلق كل شيء ودبر كل أمر، وملك السمع والأبصار، وقلب الليل والنهار، وأرسل الرياح لواقح، وفرج الكروب، وأخرج الحياري من الظلمات إلى النور، وفي القرآن الكريم إنكار شديد وغضب هائل على من ينسب لله إبناً، أو جعل له بعباده شبهاً {قَالُوا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَدًا ۗ سُبْحَٰنَهُۥ ۖ هُوَ ٱلْغَنِىُّ ۖ لَهُۥ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ ۚ إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَٰنٍ بِهَٰذَآ ۚ  أَتَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ قُلْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ} [سورة يونس: 68:69].

 

وبعد إثبات هذه الحقيقة في صحة المعرفة بالله تجيء الحقيقة الأخرى.. وأساسها الانقياد التام لله، والاصطباغ بطاعته.

 

ولا يجمتع إسلام لله وتمرد عليه، أو خضوع له ورفض لأمره!!

 

فهل معنى ذلك أن المسلم لا يتورط في معصية؟ الحق أن المسلم إذا عرض له عصيان كان ذلك طارئاً غير محسوب، أو عملاً انزلق إليه صاحبه وهو كاره له أو غير مستبين لشره، ومن ثم فهو يتخلص منه آسفاً ونادماً وخجلان..!!

 

وطبيعة النفس، وظروف البيئة قد توقع المرء في سيئة ما، كالذي يقود سيارته أيبا إلى بيته فتغفوا عينه إغفاء تفقده السيطرة على مقود السيارة فيصاب هو أو يصيب غيره.

 

 

إن نور العقل قد ينكسف، وطاقة العزيمة قد تنفد، وعندئذ يقترف المرء مالا يليق، ولا يخرج المرء بذلك عن الإسلام  { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَٰٓئِفٌ مِّنَ ٱلشَّيْطَٰنِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} [سورة الأعراف: 201]. ولذلك رفض النبي صلى الله عليه وسلم استنزال اللعنة على شارب خمر أوهن الإدمان إرادته ومروءته. إن هذا الشارب يمثل نوعاً من العصيان أو حالة من الاضطراب غير ما يقع في مجتمع آخر يزرع العنب ويعد المعاصر، ويفتح الحانات وينظم توزيع الإثم، ويفرض ضرائب على المتاجرة به...الفارق بعيد بين مستبيح لا يرى لله حقاً، ولا يحس في عمله جرماً ومعتل خارت قواه فسقط، الأول مجرم لا مسلم والآخر مريض تلتمس له العافية، ويحسب بين أهل الإسلام.

 

وقد استطاع نبي الإسلام تكوين أمة مسلمة لله، تنهض للصلاة له من طلوع الفجر إلى غسق الليل، وتتردد على المساجد في رتابة ودقة يمكن أن تضبط عليهما الساعات.

 

كما أن هذه الأمة التزمت في شئونها المدينة والعسكرية والثقافية والسياسية أن ترضى ربها، وأن تتوجه وفق مراده، بحرص وإخلاص.

 

قدوتها الأولى والأخيرة إنسان تجرد للحق وأصاخ من أقاصي فؤاده إلى أمر الله له {قُلْ إِنَّ صَلَاتِى وَنُسُكِى وَمَحْيَاىَ وَمَمَاتِى لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُۥ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162: 163].

 

وكذلك وعى أتباعه هذا القسم المؤكد {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِىٓ أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65].

 

إن خضوع الإنسانية لبارئها الأعلى صدق وشرف، وهذا هو الإسلام.

 

  • الاربعاء PM 05:45
    2022-03-23
  • 844
Powered by: GateGold