المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 417552
يتصفح الموقع حاليا : 228

البحث

البحث

عرض المادة

سـافاناه اليهـود في سـورينام

Joden Savanne in Surinam
«سورينام» جمهورية مستقلة، كانت تدعى في الماضي «جيانا الهولندية» حيث كانت تابعة لهولندا. وهي تقع، في أمريكا الجنوبية، بين جيانا البريطانية والبرازيل وجيانا الفرنسية، ويحدها من الشمال المحيط الأطلنطي.

وقد وصل إليها الأوربيون في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، كما وصل إليها بعض أعضاء الجماعات اليهودية من البرازيل وهولندا عام 1639. ثم وصلت جماعة أخرى من اليهود من إنجلترا عام 1652 تحت رعاية أحد اللوردات الإنجليز، ووصلت مجموعة ثالثة تحت قيادة جوزيف نونيز دي فونسيكا. ويشكل الاستيطان اليهودي في سورينام أول هجرة يهودية إلى العالم الجديد. وكان معظم هؤلاء من اليهود المارانو (السفارد). وقد أسسوا مزارع السكر التي تعتمد أساساً على العبيد السود المخطوفين من أفريقيا في سياق ما كان يُسمَّى «المثلث اللعين» إذ كانت السفن الأوربية تحمل البضائع، كالأسلحة والبارود والمشروبات الروحية الرخيصة والحلي، من أوربا إلى الساحل الأفريقي فتفرغها، ثم تحمل العبيد الذين كانوا يُنقلون إلى مزارع السكر في الولايات المتحدة وجزر الكاريبي ويباعون هناك، وكانت السفن الفارغة تحمل المنتوجات الاستوائية كالسكر والنيلة والصمغ والقهوة إلى أوربا، وهكذا. وكان يوجد مثلث آخر لم يكتسب الأهمية إلا في منتصف القرن الثامن عشر. فكان تجار نيو إنجلند يرسلون شراب الروم الكحولي إلى أفريقيا ويبادلونه بالعبيد ويبحرون إلى جزر الهند الغربية حيث كانوا يبيعون العبيد ويشترون عسل قصب السكر اللازم لصناعة الروم ثم يتجهون لبلادهم. وقد كانت مزارع السكر ذات أهمية كبرى بالنسبة لاقتصاد المستعمرة واقتصاد إنجلترا. ولذا، تم تشجيع اليهود على الاستيطان وكُفلت لهم حرية العبادة عام 1665، ثم مُنح كل المستوطنين اليهود في سورينام الجنسية الإنجليزية. ولكن الهولنديين قاموا بضم سورينام، عام 1667، بمقتضى معاهدة بريدا، مقابل تنازلهـم عن حقـوقهم في نيو أمـستردام (نيويورك) لإنجلترا. ومع هذا، استمر المستوطنون اليهود في حياتهم، وفي امتلاك المزارع والعبيد. وحينما حاول بعضهم مغادرة سورينام، عام 1674، أرغمهم الهولنديون على البقاء بسبب نفعهم وأهميتهم الاقتصادية.

وكان من أهم مراكز اليهود في سورينام مستوطنة يودين سافانا، ومعناها «سافاناه اليهود»، التي تأسَّست عام 1670 والتي كانت تقع على بعد عشرة أميال من باراماريبو أكبر مدن سورينام في بريزدنتس أيلاند (جزيرة بريزيدنت أو الرئيس) في وسط الغابات.

وكانت الجماعة الاسـتيطانية اليهـودية في هذه الجزيرة شـبه مستقلة. وقد استخدموا العبيد السود في شق الطرق وإزالة الغابات والأعشاب وفي العمل في المزارع، كما أسسوا مدينة محاطة بالطرق الجديدة. وقد بلغ عدد سكانها أقل من عشرة آلاف نسمة عام 1719، تسعة آلاف من العبيد المجلوبين من أفريقيا، و520 يهودياً (نصفهم من أصل ألماني إشكنازي والنصف الآخر من أصل برتغالي المبذول لإحباط ثورات العبيد ابتداءً من 1692، وانتشار مرض الملاريا، أديا في نهاية الأمر إلى انتصار السود عليهم عام 1774. ثم شب حريق فيما تبقَّى، فلم يبق من آثار اليهود سوى شواهد قبور عليها كتابات بالعبرية.
ومستوطنة يودين سافاناه مرحلة انتقالية بين الجماعة الوظيفية الاستيطانية (التي تتمتع بحق الإدارة الذاتية) والدولة الوظيفية الاستيطانية (التي تتمتع بالاستقلال السياسي). ومع هذا ثمة نقاط تشابه عديدة بين تجربة سافاناه اليهود والمستوطنين الصهاينة، من بينها أن كلاًّ من المستوطنين الصهاينة وسافاناه اليهود استوطنوا خارج أوربا تحت رعاية أكثر من دولة أوربية واحدة: إنجلترا ثم هولندا في حالة سورينام، وإنجلترا ثم الولايات المتحدة في حالة فلسطين. كما أن كلتا الجماعتين الاستيطانيتين كانت منقسمة وبحدة إلى سفارد وإشكناز يتصارعون فيما بينهم، وكذلك كانت كلتا الجماعتين مرفوضة من قبَل أعضاء المجتمع المُستهدَف استغلاله: العبيد السود المُستجلَبين والسكان المحليين في سورينام، والفلسطينيين العرب في فلسطين. وقد انتصر السود على سافاناه اليهود، أما في فلسطين فإن المعركة مازالت دائرة بين الفلسطينيين وجنود الاحتلال الإسرائيلي.

  • الخميس PM 05:47
    2021-04-08
  • 990
Powered by: GateGold