المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 414067
يتصفح الموقع حاليا : 206

البحث

البحث

عرض المادة

تكذيب قصة الطوفان والسخرية منها.

قصة الطوفان كباقي القصص القرآني تندرج عند العلمانيين في القصص الأسطوري الخرافي.

قال عصام الدين حفني ناصف في اليهودية بين الأسطورة والحقيقة (111) عن قصة الطوفان: لا يسلم بصحتها في الوقت الحاضر إلا رجل يفكر في القرن العشرين بعد الميلاد تفكير الذين كانوا يعيشون في القرن العشرين قبل الميلاد، رجل يتمتع بعقل كعقول الأطفال وتصديق ساذج كتصديق العجائز (1).

وسخر (104 - 105) من قصة الطوفان، وتساءل كيف استطاع نوح أن يميز بين الذكر والأنثى عند الحشرات مع أنه لم يكن مزودا بمجهر، وكيف قفزت تلك الحيوانات التي لا تحسن السباحة من قارة إلى أخرى وجاءت إلى السفينة؟ وكم سنة أمضاها الحيوان الكسلان من أمريكا الجنوبية إلى العراق، وهو لا يستطيع أن يقطع أكثر من خمسة عشر مترا في اليوم (2).

وهذا تكذيب للقرآن.

التكذيب بقصة أصحاب الكهف.

اعتبر صادق النيهوم العلماني الليبي أن قصة أصحاب الكهف حادثة رمزية (3).

أي: ليست قصة حقيقية، بل هي رمز فقط لأشياء معينة.


(1) أزمة الخطاب التقدمي العربي (72).
(2) نفس المرجع (72).
(3) الرمز في القرآن (51).

وهي مليئة بالرموز، فالرقيم رمز واضح محدد للنشاط التجاري الذي تميزت به الأمم المسيحية في العصور الحديثة، والكهف رمز آخر محدد للنشاط الكهنوتي في الأديرة المتوحدة وبقاع النساك في الجبال. وترتيب وضع الكلمتين في النص (الكهف والرقيم) يبدو بمثابة تلخيص مذهل لتاريخ المسيحية بأسرها التي بدأت في كهوف الرهبان وانتهت في بورصات المدن الكبيرة والبنوك (1).

ويستمر مفسرنا العبقري قائلا: وهنا تصبح الآية: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظاً وَهُمْ رُقُودٌ}، رمزا لحال الركود المعروفة في تاريخ المسيحية بين ميلاد عيسى المسيح وبين عصر الإمبراطور قسطنطين، وهي فترة تميزت بحالة حادة من الخمود الكلي في جميع مناطق الدين الجديد.

وتصبح الآية {وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ} رمزا لحالة التيه التي عاشها أتباع المسيحية في تلك الفترة ملتمسين طريقهم لنشر تعاليم المسيح بين أوروبا وبين أثيوبيا ...

وتصبح آية {وَكَلْبُهُم بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} إشارة أكثر وضوحا إلى أن الدين الجديد كان يواصل انتشاره في مناطق مأهولة بالشعوب التي تحترف الرعي (2).

قادت مفسرنا العبقري حماقاته إلى شيء أخطر وأخطر، فزعم أن عيسى له أب واسمه يوسف النجار.

والعجيب أنه استدل بالقرآن على ذلك، لقوله تعالى: {أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} أي: يتزوجها (3).

وحماقات هذا الرجل شبيهة بحماقات قائده الملهم القذافي، الذي طار بحماقاته وطرائفه الركبان، والناس على دين ملوكها، فلا عجب.


(1) نفس المرجع (56 - 57).
(2) نفس المرجع (63 - 64).
(3) نفس المرجع (89).

منها مثلا ما زعمه أن معجزات عيسى ليست حقيقية ولكنها رمز فقط، كيف؟ شفاء الأكمة والأبرص معناها: الأعمى هو الذي لا يستطيع أن يرى آيات الله. وأما الموتى فهم العاجزون كلية عن الارتباط (1).

والحروف المقطعة في القرآن هي علامات في مذهب صوفي عند اليهود يعرف بالقبّالة، وهو عبارة عن نظام تدريبي تربوي يتبعه المريدون في مسالكهم نحو المقامات التي يسعون إلى بلوغها، وكل حرف منها يشير إلى مسلك من تلك المسالك (2).

وللتذكير فأهم مراجع النيهوم هو تفسير باللغة الإنجليزية لمحمد علي الهندي القادياني (3).

علما أن أول من أحدث فرضية الرمز في القرآن هو المستشرق الإنجليزي المتحامل على الإسلام مرجليوت المتوفى سنة 1940 (4).


(1) نفس المرجع (113).
(2) الممنوع والممتنع (59).
(3) الرمز في القرآن (50).
(4) نفس المرجع (151).

 الطعن في القرآن:

وجه العلمانيون طعونا عديدة للقرآن الكريم، تقدم بعضها وستأتي أخرى.

ونذكر هنا جملة من تلك الطعون لم تذكر في الفقرات السابقة أو اللاحقة، ولنبدأ بمحمد أركون.

فقد ذكر أن سورة الكهف تعرضت لتحويرات أو لتغييرات، وأن الآية 25 منها مكانها بعد الآية 11 (1).

وأن في السورة شذوذا لغويا (2).

وقال عن مواضيع سورة الكهف: مجرد تجاور بين عبارات لغوية ومعنوية متبعثرة (3).

وأن الخطاب القرآني خطاب سلطوي (4)، وديكتاتوري (5).

واتهم القرآن بالتناقض مرارا، منها قوله: قد أدت إلى ظهور تناقض تأسيسي شامل على مدار الخطاب القرآني كله (6).

واتهم القرآن بألوان من التهم الرخيصة، قال: فأولا ينبغي القيام بنقد تاريخي لتحديد أنواع الخلط والحذف والإضافة والمغالطات التاريخية التي أحدثتها الروايات القرآنية بالقياس إلى معطيات التاريخ الواقعي المحسوس (7).


(1) القرآن من التفسير الموروث (148).
(2) نفس المرجع (148).
(3) نفس المرجع (149).
(4) تاريخية الفكر العربي (166).
(5) القرآن من التفسير الموروث (64).
(6) الفكر الإسلامي (148).
(7) الفكر الإسلامي (203).

ووصف الخطاب القرآني بـ: متملص موارب سريع تلميحي (1).

ووصف القرآن بأن فيه تناقضا تأسيسيا شاملا على مدار الخطاب القرآني كله (2).

وقال: فالقرآن لا يعرض الأمور على هيئة خطاب هادئ يوصل الحقائق والمعارف إلى الناس بطريقة رصينة رزينة، على العكس فإنه مليء بالمماحكات الجدالية الساخنة ضد الأعداء والمناقشات الخلافية الهائجة وكل أنواع الدحض لأقوال الخصوم والمحاجات الإلحادية المعادة مرارا وتكرارا، هذه هي طريقته في إيصال حقيقته إلى الناس. وهذه الأساليب المتوترة تهيمن على عدد كبير من الآيات القرآنية ... إلى قوله: فالخصوم المستهدفون من قبل هذه الآيات القرآنية العنيفة والحادة اللهجة (3).

وقال عن التضحية بالنفس في القرآن: ولكن هذه التضحية بالذات تبدو في القرآن مشبوهة أو تنطوي على ازدواجية أو تناقض (4).

وقال هاشم صالح: في الواقع إن الفقهاء استغلوا تناقض القرآن أو غموضه وعدم وضوحه فيما يخص هذه النقطة ... (5).

واتهم القرآن في موطن آخر بالتناقض (6).


(1) نحو نقد العقل الإسلامي (258).
(2) الفكر الإسلامي (148).
(3) نحو نقد العقل الإسلامي (266).
(4) نحو نقد العقل الإسلامي (273).
(5) الإسلام والانغلاق اللاهوتي (221).
(6) الإسلام والانغلاق اللاهوتي (209).

واعتبر عبد الوهاب المؤدب أن في القرآن جوانب عتيقة بالية فيها استيلاب ووحشية ظالمة وعنف، مثل نجاسة المرأة، وتعدد الزوجات، والتطليق عن طريق الطرد التعسفي، ونظام الرق، وقانون القصاص العين بالعين والسن بالسن (1).

والقرآن والسنة حسب عزيز العظمة: أخبار فيها اختلافات كثيرة وكبيرة (2).

وشكك أركون في اتهام القرآن لأهل الكتاب بتحريف كتبهم، وسماها تهمة رهيبة (3).

وكذا شكك حسن حنفي في مقدمته لرسالة إسبينوزا (22) في كون القرآن محفوظا من التغيير والتبديل.

ونظرة الإسلام إلى كون الأديان السابقة محرفة وخاطئة ليست عنصرا مرحبا به عند أركون لسبب بسيط أن المنهج النقدي التفكيكي الموضوعي التاريخي الغربي لم يقل كلمته في هذه المسألة، فهو دين أركون الجديد (4).

القرآن عنيف ووحشي وقاس.

هكذا صرح جماعة من العلمانيين.

سيأتي أنه وحشي وعنيف في فقرة «القانون الجنائي الإسلامي قانون همجي وحشي».

ووصف أركون آية «فإذا نقر في الناقور» بالمقطع العنيف والملتهب (5).

وقال: فالعنف الذي نظَّر له القرآن في سورة التوبة (6).


(1) الإسلام والانغلاق اللاهوتي (113).
(2) التراث بين السلطان والتاريخ (54).
(3) نحو نقد العقل الاسلامي (338).
(4) نحو نقد العقل الإسلامي (2
(5) الفكر الإسلامي (148).
(6) قضايا في نقد العقل الديني (102 - 103).

وذكر أن القرآن تحدث بقسوة وسلبية عن البدو (1).

ووصف في مواطن أخرى القرآن بالعنف (2).

وقال الجابري: لأن ما احتفظت به السورتان (أي: الأحزاب وبراءة) كان عنيفا وقاسيا (3).

وعند محمد الشرفي القرآن وضع أحكاما قاسية تحط من الكرامة (4).

وللقرآن عند عبد الرحيم لمشيشي لهجة شديدة العنف (5).

وله حسب عبد الوهاب المؤدب موقف هجومي عنيف (6). وله موقف متقلب، ونصوصه لا تخضع لمنهج متماسك محكم في التأليف (7). ولهجته مع اليهود أكثر قسوة وتشددا (8).

وربط النص بالرصاص، والعنف بالمقدس هو قراءة رسمية، «بمعنى أدق إنها تدين بمرجعيتها إلى نظرة السلطة، ولذلك بقيت محكومة بهواجس إيديولوجية وشواغل ظرفية جامحة، ولم تساهم إلا في إذكاء خطاب نظري سوسيولوجي سطحي وفي زيادة الطين بلة»، كما قال الربيعو (9).

وزاد أنها تجسد نزعة أمنية وسياسية تتبنى وجهة نظر الدولة في ظاهرة الإسلام السياسي (10).


(1) الفكر الإسلامي (41).
(2) نحو نقد العقل الإسلامي (268) والفكر الإسلامي (93).
(3) مدخل إلى القرآن (209).
(4) الإسلام والحرية (92).
(5) الإسلام والانغلاق اللاهوتي (100 - 101).
(6) الإسلام والانغلاق اللاهوتي (147).
(7) الإسلام والانغلاق اللاهوتي (147).
(8) الإسلام والانغلاق اللاهوتي (148).
(9) الحركات الإسلامية (92).
(10) نفس المرجع (101).

اشتمال القرآن على الأساطير.

تقدم في فقرة «الدين الإسلامي مليء بالأساطير» أن الأساطير السومرية والبابلية والكنعانية والأشورية والمصرية والفنيقية هي الأصل الذي بنيت عليه الأديان. وفيه نقول عدة في ذلك.

وذكر أركون أنه فضلا عن الأساطير القديمة فللتوراة والأناجيل والصابئين والحكايات العربية القديمة أصداء واضحة في القرآن (1).

والقرآن ذو بنية أسطورية عند أركون (2)، وتركي علي الربيعو (3).

وزاد الربيعو أن الرواية القرآنية هي الإطار المرجعي لتاريخ قديم تحل فيه الأسطورة محل التاريخ (4).

أي: القصص القرآني ذو بنية أسطورية خرافية لا تاريخية وغير واقعية.

وقال علي حرب: لأن الأسطورة هي القوة المحركة للمشروع الديني وللدعوات التي تتم باسم الدين (5).

وقال عن النص الديني: إنه نص ذو بنية أسطورية (6).

وكذا قال نصر أبو زيد (7).

بل الأسطورة عنده هي القوة المحركة للمشروع الديني (8).


(1) الفكر الإسلامي (84).
(2) الإسلام الأخلاق والسياسة (172) وتاريخية الفكر العربي (210).
(3) العنف والمقدس والجنس (33 - 54 - 55).
(4) العنف والمقدس والجنس (54).
(5) نقد النص (211).
(6) نقد النص (211).
(7) نقد النص (211).
(8) نقد النص (211).

ونعود مرة أخرى إلى أركون ليقول لنا: إن الحكايات التوراتية والخطاب القرآني هما نموذجان رائعان من نماذج التعبير الميثي أو الأسطوري (1).

ووصف القصص القرآني بالأسطرة الساذجة (2).

وقال: إن أساطير غلغاميش والاسكندر الكبير والسبعة النائمين في الكهف تجد لها أصداء واضحة في القرآن (3).

[العجيب المدهش]

العجيب المدهش عند أركون وغيره هو مجموعة من الأساطير والخرافات والحكايات الشعبية التي تحكيها الجدات للأطفال، وتنتشر في مجال الأدب بالخصوص، والأدب الشعبي كحكايات سندباد والغول وطرزان، ويدخل ضمنها: عالم الساحرات والعفاريت والجن (4) والملائكة، بل وكل الغيب.

واستعمال العجيب والمدهش في الخطاب القرآني يتناسب مع البيئة الثقافية للحجاز في القرآن السابع، وهو ركيزة من ركائز الفكر الديني.

والعجيب المدهش الأركوني موجود في القرآن كثيرا، كما بين في بحث طويل في كتاب الفكر الإسلامي (187)، ومثلت قصص الأنبياء مجالا خصبا لاكتشاف هذا العجيب المدهش في القرآن الكريم، أو الساحر الخلاب كما يسميه أحيانا.


(1) تاريخية الفكر العربي (210).
(2) نحو نقد العقل الإسلامي (78).
(3) الفكر الإسلامي (84).
(4) الفكر الإسلامي (216).

قال (203): هذا مع العلم أنه يمكننا أن نحدد نمط وجود العجيب المدهش ووظيفته بشكل دقيق إلى حد ما في الحكايات (كذا) العديدة وأحيانا الطويلة الموجودة في القرآن، إننا نفكر هنا مثلا بسورة يوسف المشهورة وبحياة موسى ... ثم بمختلف الحكايات المتعلقة بالأنبياء السابقين على محمد أو بالشعوب القديمة.

وقال: نلاحظ أن العجيب المدهش يلعب في القرآن دورا مهما جدا جدا. ويبدو لي أننا نستطيع أن نرى فيه الفضاء الحيوي للوعي الديني. نجد أن في هذا العجيب المدهش كما بلورته وحددته (أو كما حاولت ذلك) ينتعش الوعي الديني ويزدهر (1).

وفي الوقت ذاته أكد على غياب مفهوم العقل من القرآن (2).

إذن أساطير وخرافات وغياب العقل، هكذا يصور أركون كتاب الله المبين!!

مع أن هذه الشبهة الأركونية لا تحمل من الجدة إلا المصطلح، وإلا فهي شبهة قديمة، أثارها المشركون ضد القرآن {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} الفرقان5.

فلا تعدو محاولاته كونها إعادة صياغة لشبه الزنادقة على مر التاريخ بمنهجيات علم الألسنيات وعلم النقد التاريخي وغيرها.

القرآن نص مفتوح على جميع المعاني.


(1) الفكر الإسلامي (211).
(2) الفكر الإسلامي (211).

حاول العلمانيون وسعيا للتفلت من دلالة القرآن إلى اتهامه بكونه محتملا لكل شيء، يقول أركون: إن القرآن هو عبارة عن مجموعة من الدلالات والمعاني الاحتمالية المقترحة على كل البشر، وبالتالي فهي مؤهلة لأن تثير أو تنتج خطوطا واتجاهات عقائدية متنوعة بقدر تنوع الأوضاع والأحوال التاريخية التي تحصل فيها أو تتولد فيها (1).

وقال: القرآن نص مفتوح على جميع المعاني.

وقد يبدو هذا الكلام بريئا على غير المتمرس بفكر أركون، ولكن العارف به سيعرف جيدا أنه يقصد أن القرآن يحتمل جميع المذاهب والأفكار، بل حتى الإلحاد والكفر إن شئت أن تستخرجه منه فممكن، لأن القرآن مفتوح على جميع الاحتمالات.

فليس القرآن هدى للناس، بمعنى أنه يهديهم من الضلال إلى النور، لكنه منتج لكل العقائد ومولد لجميع المذاهب.

وهكذا يرى علي حرب أن القرآن مفتوح على كل المعاني وكافة التأويلات بحيث يمكن أن تتمرأى فيه كل الذوات وأن تقرأ فيه مختلف العقائد والشرائع (2).

وهكذا يقول عبد المجيد الشرفي، قال عن النص القرآني والحديثي: إنه مفهوم فضفاض وغير دقيق، ذلك أن هذا المفهوم قد وظف توظيفات مختلفة ... يستعمل في اتجاهات مختلفة ومتعارضة وأحيانا متناقضة، فنفس النص يمكن أن يؤول لفائدة الشيء ونقيضه، ولذلك فإن الاحتجاج بالنص ليس احتجاجا بريئا (3).


(1) تاريخية الفكر العربي (1
(2) نقد النص (87).
(3) تحديث الفكر الإسلامي (9).

  • الجمعة AM 12:05
    2022-08-05
  • 1038
Powered by: GateGold