ما نظرة الإسلام إلى الأسرة، وما عمل المرأة في بنائها؟ - مشروع الحصن ll للدفاع عن الإسلام والحوار مع الأديان والرد على الشبهات المثارة ll lightnews-vII

المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 443019
يتصفح الموقع حاليا : 206

البحث

البحث

عرض المادة

ما نظرة الإسلام إلى الأسرة، وما عمل المرأة في بنائها؟

الذين خبروا الحياة في أوربا وأمريكا يؤكدون أن الأسرة وهم لا حقيقة له، وأنها في أفضل أحوالها تقوم بجزء تافه مما يجب تقوم به لإنشاء أجيال أزكى وأقوم..

 

إن البيت خاو على عروشه أغلب اليوم، لأن الذكور والإناث توزعتهم ميادين العمل والعلم، حتى الأطفال وكلتهم أمهاتهم إلى دور الحضانة، وانشغل كل امريء – بعد – بما انشغل به..

 

وهم يسمعون عن جو الأسرة في بلادنا، وربما حلمت بعض المراهقات أن تحيا فيه، ولكن الهوان الفكري والنفسي الذي يلف المرأة فيه يصرف الكثيرات عن التعرض لمأسيه.

 

وعندي أن المثقفة التي تحيا خارج بيتها ليست خيراً من الجاهلة التي تعيش داخل هذا البيت..

 

ألا فلنعلم أنها نعمة حقيقية أن تمتد الحياة من الآباء إلى الأولاد إلى الأحفاد، وأن تكون الأسرة المؤمنة المستقرة هي المهاد الوثير لهذا الامتداد.

 

وليس الإنتاج الحيواني سر هذه النعمة، إن العظمة هنا في توارث العقائد، وانتقال التقاليد الصالحة من جيل إلى جيل.

 

إن الأسرة هنا حصن الدين وسياج مبادئه وعباداته ودور المرأة وأجرها كدور الرجل وأجره سواء بسواء.

 

وعن عظمة هذه النعمة يقول الله سبحانه: {وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَٰجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ ۚ أَفَبِٱلْبَٰطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ ٱللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} [النحل: 72]

 

إن الرجال هم حمالوا الأعباء الثقال في قافلة الحية السائرة، سواء كانوا أساتذة أو ساسة، أو أجراء أو باعة فهم يعودون إلى بيوتهن فقراء إلى المشاعر الدافئة والعون المبذول..

 

والبيت الذي تكون قاعدته امرأة تنفح هذه المعاني، بيت رفيع القدر، بل هو بيت يحتوي على أثمن الكنوز.

 

والتقاليد الغربية هزت كيان الأسرة، وهي تقاليد تجتاح العالم، أما التقاليد الإسلامية فالغارفون بها قلة ونشرها يلقى مقاومة عنيدة خصوصاً من جهلة المتدينين..

من أجل ذلك رأيت لفت النظر إلى أن وظيفة ربة البيت من أشرف الوظائف.

 

وقد تخرج المرأة من بيتها وراء أعمال مشروعة، بيد أن هذه الأعمال مهما سمت لا يجوز أن تجوز على عملها الأول الذي لا يشركها فيه أحد..

 

روى ابن عبدالبر في كتابه "الاستيعاب" أن أسماء بنت يزيد الأنصارية أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! أنا وافدة النساء إليك. إن الله عز وجل بعثك إلى رجال والنساء كافة. فآمنا بك وبإلهك! إنا معشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم وحاملات أولادكم، وأنكم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمع والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله عو وجل.. وإن أحدكم إذا خرج حاجاً أو معتمراً أو مجاهداً، حفظنا لكم أموالكم وغزلنا لكم أثوابكم وربينا لكم أولادكم أفنشارككم في هذا الأجر والخير؟ فالتفت النبي إلى أصحابه بوجهه كله ثم قال: "هل سمعتم مسألة امرأة قط أحسن مسألة في دينها من هذه؟" فقالوا: يا رسول الله، ما ظننا أن أمرأة تهتدي إلى مثل هذا.. فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "افهمي أيتها المرأة، وافهمي من خلفك من النساء، إن حسن تبعل المرأة لزوجها – يعني قيامها بحقه وإحسانها لعشرته – وطلبها مرضاته واتباعها موافقته، يعدل ذلك كله..".

 

على أن هناك ميادين للأعمال لابد أن يكثر فيها النساء، أولها الميدان الطبي، فيجب أن تكون هناك طبيبات ماهرات في كل ناحية من نواحي الطب، والأشعة، والصيدلة، والولادة والتمريض..

ثم ميدان التدريس لجميع المراحل دنياها وعلياها.

ولا يجوز أن يوصد باب من أبواب المعرفة أمام النساء إلا أن يكون لأسباب فنية أو مواصفات خاصة.

 

عندئذ ينطبق التخصيص على الرجال والنساء جميعاً، فيوجه كل أحد إلى ما يناسب قدرته وخبرته.

 

إن النساء في عالم الكفر الشيوعي يغزون الفضاء فلا يسوغ اجترار الإسلام ليمنع المرأة من علم تحسنه..

 

والنساء في عالم التثليث يشتغلن بالتبشير والاستشراق فلا يسوغ تسخير الإسلام لمنع النساء من أعمال يجدنها ويجدين فيها..

 

إن القماءة الفقهية عند بعض المشتغلين بالعلم الديني أحرجت الإسلام كثيراً، ومكنت خصومه من خناقة! وأذكر وأنا طالب في معهد الإسكندرية – من خمسين سنة – أن الدكتور طه حسين فتح فصلاً للطالبات بكلية الآداب التي كان عميداً لها..

 

وحدث هيجان هائل لفتح الجامعة أمام المرأة وبعد سنين طوال، طوال، فتخ الأزهر كلية البنات.. لقد وصل متأخراً كثيراً..

 

ما السبب؟ إنها القماءة الفقهية عند بعض المتحدثين باسم الإسلام، ولما مشوا في الطريق كانوا يمشون منهزمين، فقبلوا أموراً وصوراً لا ريب في أن الإسلام يرفضها.

 

عندما يدعم الإسلام مكانة المرأة يحصنها من الصور الحيوانية التي أبرزتها فيها  الحضارة الحديثة، وجعلتها محوراً لإثارات متصلة تزلزل العفة وتهيج الغريزة..

 

الدين ينشد الصون ويؤثر الاحتشام والحضارة الحديثة تنشد التبرج وتدفع إلى الإغراء ومع ضعف اليقين وحب الحياة العاجلة أخذ الشعار الجنسي يشتد ويفرض رغائبه، حتى فقد الاتصال الحرام دمامته، وأمسى كأنه حاجة تلبي دون حرج كبير!!..

 

والدين يرفض أي خلوة بين رجل وامرأة، وهي تقرب بينهم في الأعمال الجادة والهازلة..

 

وكثيراً ما تساءلت: لماذا تكون "للمدير" سكرتيرة خاصة؟..

لماذا تشتغل الفتيات بالخدمة في الطائرات، وحدهن؟ ويقضين في الجو وفي الفنادق ليلهن ونهارهن؟

 

إن النساء يحشرون في أعمال كثيرة لا معنى لها.. وعندما نقرر أحكام الإسلام وتوجيهاته فإن ابتذال المرأة سيمنع للفور، وسيكون عملها في أي موقع مضبوطاً بآداب الشرع وحدوده.. ذلك، ومن الصعب أن تكون المرأة ربة بيت متقنة، وصاحبة منصب منتجة..

 

إن ذلك قد يقع على ندرة، وأقترح أن تنشأ للنساء وظائف نصف وقت حتى تستطيع الزوجة القيام الحسن على شئون بيتها وأولادها..

 

إن تعاون المسلمين والمسلمات لإقامة مدنية مشرفة طاهر أمر ميسور..

ويحتاج ذلك إلى محور فكرة تحقير المرأة وجعلها متهمة حتى تثبت براءتها.. وهي فكرة تسيطر على بعض المتحدثين في الدين وتجعل فتاواهم أقرب إلى اللغو منها إلى الصدق.

 

إن القول بأن المرأة هي التي أخرجت آدم من الجنة تزوير على الإسلام، والزعم بأنها لا تزال تقوده إلى النار تزوير كذلك..

والتصور الإسلامي كما أثبته القرآن الكريم: {أَنِّى لَآ أُضِيعُ عَمَلَ عَٰمِلٍۢ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ  بَعْضُكُم مِّنۢ بَعْضٍۢ} [آل عمران: 195].

 

إنني غيور على الأعراض كأشد المتزمتين، ولكن الحفاظ على العرض لا يتم بعقلية السجان

فالبون بعيد بين تكوين العقل والضمير بالعلم والتقوى وبين حبس الأجساد في قفص من حديد.

 

والإسلام قاد المرأة إلى المسجد لتسمع الدرس، وتسجد لربها، وبذلك صقل روحها وفكرها، وفي المسجد كانت ترى الإمام وربما علقت على ملابسه وكانت ترى المدرس وربما ناقشت ما يقول..

 

أما عقلية السجان فأساسها أن المرأة لا تُرى، وإذا كان المسجد مظنة ذلك في ذهاب إلى المسجد! وهذا هو الإسلام في فلسفة السجان.

 

عندما آثر الناس السيارة والطيارة على الخيل والبغال والحمير لم يكن ذلك تحقيراً للمواصلات الإسلامية الرديئة، فما علاقة هذه المواصلات المهجورة بالإسلام؟..

 

وعندما يترك الناس التقاليد الي وضعتها عقلية السجان، فهم لم يتركوا الإسلام قط، وإنما تركوا أساليب بعض الناس في الحياة..

 

والحكم هو كتاب الله وسنة رسوله أولاً وآخراً.. والمشكلة تجيء من طريقة فهم البعض للنصوص والآثار..

 

روى البخاري ومسلم وأحمد عن ابن عباس عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اطَّلَعْتُ فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ".

ورواية أحمد في مسنده: "اطَّلَعْتُ فِي النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْأَغْنِيَاءَ وَالنِّسَاءَ".

إن جماهير من المتصوفة اعتمدوا على الشق الأول من الحديث فحاربوا المال، وحقروا الغني حتى طلعت القرون الأخيرة على المسلمين وهم صعاليك الأرض..

 

وجماهير أخرى من قصار النظر والباع عدت الأنوثة لعنة، وجعلت جمهور أهل النار من النساء، فهن حبائل الشيطان وشباك المعاصي..

وهذا المنهج في فقه الأمور لا وزن له، وأصحابه لا علم لهم لا بكتاب ولا سنة..

 

بين الإفراط والتفريط خط وسط نريد التعرف عليه والتزامه، وهو خط لا يتطابق مع وضع المرأة الإسلامية في أغلب المجتمعات، وكذلك لا يتطابق مع تقاليد الفرنجة التي تستمد من وثنية الرومان ومن فلسفة الإغريق..

 

إن أفلاطون في مدينته "الفاضلة" يجعل المرأة مشاعاً بين الآخرين، فما تكون إذن المدينة الدنسة..

على أن عقلية السجان هي الأخرى لا تقيم أمة راقية الفكر زاكية القلب..

وتعاليم الإسلام الصحيحة هي الأمل في بناء عالم متراحم مصون؟..

 

  • الخميس AM 10:52
    2022-03-24
  • 1387
Powered by: GateGold