المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 416237
يتصفح الموقع حاليا : 319

البحث

البحث

عرض المادة

المرجعية النقدية للمسخة العلمانية

إن ما قرأناه من نصوص للخطاب العلماني حول الإسلام ليست أكثر من محاولة لتمرير المشاريع النهضوية والتنويرية الغربية إلى الفضاء الإسلامي متجاهلين الفروق الحضارية والتاريخية والثقافية بين الأمتين الأوربية والإسلامية .

ولعل أبرز ما يمكننا رصده من هذه الاتجاهات التي حاول العلمانيون سحبها إلى فضائنا الإسلامي تتمثل بما يلي :

1 – فلسفة الرشديين الذين سيطروا على العقل الأوريي لمدة طويلة ، وكانت فكرة الحقيقة المزدوجة أو الحقيقة ذات الوجهين من أبرز الأفكار التي ذاعت وتداولها هؤلاء  المفكرون ويعنون بها أن الشيء يمكن أن يكون صادقاً فلسفياً خاطئاً لاهوتياً أو العكس ، وبذلك يصبح الفيلسوف حراً في المجاهرة بآرائه ونتائجه في مجال الفلسفة بحجة أنه فيلسوف يعتبر موضوعات الإيمان تتجاوز الفهم البشري وإن كانت نتائجه الفلسفية تتعارض مع هذه الموضوعات . ( [1])

فهي فكرة  –إذن - يراد منها استرضاء الكنيسة دون خسائر علمية أو فلسفية ، وعقد نوع من المهادنة بين الكنيسة والفلاسفة . ولقد عبر بترارك عن سخطه من هؤلاء الذين يفصلون بين الدين والفلسفة ولم يقبل هذه المهادنة ، لأنه يعلم أنها بداية النهاية بالنسبة لسلطان الكنيسة ، فالرشديون - كما يتحدث - إذا جاهروا بمجادلاتهم احتجوا بأنهم يتكلمون مع قطع النظر عن الدين ، إنهم يبحثون عن الحقيقة بنبذهم الحقيقة ، وإنهم يبحثون عن النور بإدارة ظهورهم نحو الشمس ، ولكنهم في السر لا يتركون مغالطة أو تجديفاً . ([2])

أليس هذا هو ما يردده أولئك الذين يتحدثون - في عصرنا – عن أنهم رجال علم لا علاقة لهم بالدين ، ولذلك فهم يبيحون لأنفسهم باسم العلم أن يقرروا ما يشاءون من القضايا التي يرفضها الدين، فالدين بنظرهم له مجاله والعقل له مجاله ولا يتدخل أحدهما في شؤون الآخر([3]) لأن العناصر الغيبية في الوحي ليست معقولة . ([4])

ويبدو أنه بقدر ما أصبح للرشديين من سلطان على العقول أخذت هذه الفكرة تتمدد في الأوساط الثقافية فظهر من هؤلاء يونبوناتزي 1462 – 1525م وهو من أشهر أساتذة بادوفا في ذلك العصر ، وكانت جامعتها رشدية خالصة وقد تبنى هذا فكرة الحقيقة المزدوجة فأصدر كتاباً أنكر فيه خلود النفس ، ثم أعلن خضوعه لتعاليم الدين في الخلود ، وكاد أن يُعدم حرقاً ولكنه نجا بحماية أحد الكرادلة له([5]) .

ويؤكد يونبوناتزي أن الجمهور الذي يفعل الخير طلباً للثواب الأخروي والنعيم ، ويتجنب الشر هرباً من الجحيم لا يزال في طور الطفولة ، وبذلك فهو بحاجة إلى الوعد والوعيد ، وأما الفيلسوف فيصدر عن المبادئ والبراهين فقط ، إن المشرعين بنظره هم الذين ابتكروا الخلود لا عناية منهم بالحقيقة ، بل حرصاً على الخير العام ، ومن هنا لا يمكن بنظره التوفيق بين العناية الإلهية والحرية الإنسانية ، فالأولى ثابتة بالإيمان ، والثانية ثابتة بالتجربة [6]) .

ظهر بعد ذلك فرنسيس بيكون 1561 – 1626 كمحام عن نظرية الحقيقة المزدوجة وهي تعني عنده أن ما يثبت بالعقل لا علاقة للإيمان به ، الإيمان طريق الوحي ، والعلم طريق العقل . ([7]) وعلى ذلك فالكتاب المقدس شيء ، وكتاب الطبيعة شيء آخر ([8]) ، والدراسة الفلسفية عنده لا تساند أي استدلال على وجود الله [عز وجل] أو العناية الإلهية ، وكل ما يمكن أن نصل إليه من دراسة كتاب الطبيعة هو إثبات وجود إله قادر وحكيم ([9]) .

ولذلك أوصى بيكون في تقرير رفعه إلى الملك جيمس الأول لإصلاح التعليم أن تتم المحافظة على هوة عميقة بين العلوم الطبيعية من ناحية ، وبين الدين واللاهوت المقدس من ناحية أخرى ، ذلك أن الانسجام الاجتماعي والتكامل العلمي يتطلبان بنظره فصلاً صارماً بين هذين الجانبين ، فالفيلسوف الذي ينغمس في اللاهوت يخلق مذهباً خرافياً جامحاً ، في حين أن اللاهوتي الذي يهتم اهتماماً بالغاً بالفروق الفلسفية والكشوف العلمية ينتهي إلى الزندقة ، والمسلك الوحيد المنقذ - بنظره - هو إقامة ثنائية حادة بين العلوم الطبيعية والوحي الإلهي( [10]) .

ولم يكن غاليلو 1564 – 1642م المعاصر لبيكون بعيداً عن هذه النظرية فقد كان يستشهد بالكاردينال بارونيوس عندما قال : "" غاية الروح القدس أن يعلمنا كيف نذهب إلى السماء ، لا كيف تسير السماوات "" .([11])  وكتب لصديق له : "" أعتقد أنه يجب أن لا نبتدئ في مناقشة المسائل الطبية بالاستشهاد بأقوال من الكتب المقدسة ، ولكن بالتجارب الحسية والبراهين الضرورية ""([12]).

 أما سبينوزا 1632 – 1677 م فقد استمات في الدفاع عن الحقيقة المزدوجة ليجد لنفسه منفذاً يقول من خلاله ما يشاء دون أن يخشى بطش اليهود فهو يرفض أن يكون العقل خادماً للكتاب ، كما يرفض أن يكون بينهما أي تناقض لأن لكل ميدانه الخاص ويمكنهما أن يعيشا في وئام ([13])  "" فاللاهوت ليس خادماً للعقل ، والعقل ليس خادماً للاهوت ، بل لكلٍ مملكته الخاصة ، للعقل مملكة الحقيقة والحكمة ، وللاهوت مملكة التقوى والخضوع "" ([14]) فإذا وجد تناقض في الكتاب مع العقل فلا خوف لأنه ليس في مملكة العقل ، ويستطيع عندئذ كل فرد أن يفكر كما يشاء دون أي خوف ([15]) ويمكننا أن نبرر قبولنا للعقائد الموحى بها عن طريق اليقين الأخلاقي فقط ولا نملك أكثر من ذلك ([16]) .

2 – فلسفة التنوير :

ويعد القرن الثامن عشر لدى غالبية المؤرخين هو القرن الذي شاعت فيه هذه الفلسفة ومن أبرز هؤلاء التنويريين فولتير 1694 – 1778 م وجان جاك روسو 1712 – 1778م وكانط 1724 -1804 م ودينس ديدرو 1713 – 1784 م وهولباخ أو دولباك 1723 – 1789م  ودي لامتري 1709 – 1751م ومونتسكيو 1689 – 1755 م وغيرهم وقد كان الاتجاه العام لفلسفة التنوير يقوم على اعتبار الأديان ظواهر تاريخية وضعية خضعت للتطوير والتحوير بحسب تنامي الوعي الإنساني وتطور العقل البشري ، ولم تكن فلسفة التنوير ناجمة عن فراغ أو طفرة بل كانت امتداداً للتيارات الرشدية والنهضوية التي بدأت تتفاقم في أوربا منذ  القرن الخامس عشر  فقد رأى توماس هوبز 1588 – 1679 م  أن جوهر الدين لا يقوم على الحقائق ، وإنما على خوف الفرد من القوة المجهولة أو الخوف من الموت ، وما الصفات التي نخلعها على الإله إلا أسماء تعبر عن عجزنا عن معرفته ، وعن رغبتنا في وصفه بعبارات تمجيدية من شأنها إرضاء قوة مجهولة ([17]) . هذا الرأي الذي يزعمه هوبز لا يختلف عما نادى به قبله بأكثر من ألفي سنة الفيلسوف اليوناني ديمقريطس 470 – 361 ق . م كما أنه يتبنى رأيه في فناء كل شيء إلا الذوات والفراغ  ([18])  .

ومن هؤلاء أيضاً جون لوك 1632 – 1704 م الذي لم يستطع أن يجاهر بعدائه للمسيحية ، ولم يخف على المقربين منه ازدراءه لها فقد كتب لصديقه " ليبنتز " أنت وأنا لدينا الكفاية من هذا العبث " يقصد الميتافيزيقا ( [19])  وقال أيضاً : " لم تبق حاجة أو نفع للوحي ، طالما أن الله أعطـانا وسائـل طبعيـة أكثر يقينـاً لنتـوصل بهـا إلى المعرفة "( [20]) . والخير والشر عنده كما هما عند هوبز وأبيقور مرتبطان باللذة والألم ، فالخير ما يجلب اللذة ، والشر ما يجلب الألم  ( [21]) . ودعا إلى الفصل بين الدولة والكنيسة ، وأصدر كتابين أحدهما " لا ضرورة لمفسر معصوم للكتب المقدسة " والثاني " معقولية المسيحية " غلّب فيهما الجانب العقلي في المسيحية ، ودعا إلى عقلنتها لكي تقبل ( [22]) .

كذلك كان ديفيد هيوم 1711 – 1776 م  يتبنى النزعة الطبيعية التي نادى بها بيكون وهوبز ولكن مع تطعيم هذه النزعة بمقولات الشُّكاك الأوائل مثل بيرون وشيشرون وكان ينعت نفسه بـ  " الشاك " وغرضه أن يعزل الدين أو ما يسميه " الخرافة المستقرة " عن أي سيطرة فعالة في الحياة الأخلاقية للفرد والإنسان الاجتماعي  ([23]) .

و لا محل في فلسفة هيوم للحديث عن وجود الله [عز وجل] أو النفس  ( [24])   ، فهو يرفض أية براهين عن ذلك    ([25]) ويقول : "" لو وجد لأمكن البرهنة على وجوده "" ([26]) وعلل الاعتقاد بوجود الله عز وجل بالحاجة النفسية ، فعواطفنا هي التي ترغمنا على ذلك ، وإن كان التحليل الفلسفي يفتقر إلى البرهان ( [27]) ولم يكن هذا رأيه في الميتافيزيقا فقط ، بل إنه يرفض جميع الجواهر ( [28]) وينكر الروح والمادة ، ولا يُبقي إلا على المدرَكات الذاتية نفسها ([29]) ، ولا يعترف بأية حقـائق ضرورية ، والعلـوم الطبيعية نسبية ترجع إلى تصديقات ذاتية يولدها تكرار التجربة  ([30]) .

3 – الدين الطبيعي :

لقد تبنى عدد من فلاسفة التنوير ما سمي بدين العقل أو الدين الطبيعي ([31])وهي مسميات لفكرة قديمة ، تقوم على الإيمان بالله عز وجل ، ورفض النبوة والوحي والكنيسة  ([32]) .

وكانت ديانة العقل هذه متضَمّنةً في المذهب الديكارتي ، وتقوم على الإقرار بوجود الله عز وجـل ، ذلك أن ديكارت وإن كان يصرح باعترافه بالمسيحية إلا أنه لم يهتم كثيراً بأسرارها  ([33]) ، بل هناك من يعتبر أن إيمانه كان مداهنة لرجال الدين ومهادنة للكنيسة ، ولأغراض السياسية  ([34]) .

وقال جون لوك 1632 – 1704م  معبراً عن هذا المذهب:" لم تبق حاجة أو نفع للوحي، طالمـا أن الله [ عز وجل ] أعطـانا وسائل طبيعية أكثـر يقيناً لنتوصل بها إلى المعرفة " ( [35]) .

وكانت جمعية لندن للمراسلات تحتضن المذهب التأليهي ، وتنشر كل ما يزري بالمسيحية وينصر التأليهيين ، فبالإضافة إلى نشرها لكتاب " عصر العقل " لتوماس بين نشرت كتابين آخرين لا يقلان زراية بالدين المسيحي هما " نظام الطبيعة " لـ  ميربودو  ، و " حطام الامبراطوريات " لـ فولني ، كما نشرت أبحاث فولتير التي تسخر بالدين المسيحي ، ونشرت كذلك من الكتب المعادية للمسيحية " جمال المذهب التأليهي " و " المعجم الأخلاقي " و " جوليان ضد المسيحية " و " الأفكار الطبيعية في مواجهة الأفكار الخارقة للطبيعة ".  ومن الواضح هنا من خلال العناوين السابقة كيف كان الدين الطبيعي يكسب أنصاره بكثرة ( [36]) .

وفي ألمانيا كان لسنج 1729 – 1781م يقول : بأن الكتاب المقدس ليس ضرورياً للإيمان بالمسيحية ، لأن هذه – أي المسيحية - أسبق في وجودها من قبول الكنيسة للعهد الجديد بصورته الراهنة ، كما أن الدليل على صحة جوهر المسيحية يكمن في ملاءمتها لحاجات الطبيعة البشرية ومتطلباتها وليس في معجزاتها ، وأن روح الدين لا تتأثر بأية أفكار مهما بلغت من جرأة وجسارة ، وأعلن أنه لا يؤمن بسائر الأديان ، وأن كل دين يمثل كلمة الحق الأخيرة ، وأن أي هجوم عليه لا يضيره ، وأن كل الأديان لها فضل على الإنسانية باشتراكها في تطوير حياتها الروحية ، ولا يوجد دين يمتلك احتكار الحقيقة ( [37]) .

وفي أمريكا كان من أشهر التأليهيين بنيامين فرانكلين 1706 – 1790 أنكر ألوهية المسيح ، وتقبل الأخلاق الدينية بطريقة نفعية براجماتية ، وكان يسمي نفسه " التأليهي " واستحدث صلاة خاصة بمذهبـه تخالف صلاة المسيحيين كان يتـوجه بها إلى الله [عز وجل ] كل يوم  ([38]) .

أما في فرنسا فقد كان دنيس ديدرو 1713 – 1784 م قد تأثر بالتأليهيين الإنجليز مثل شافتسبري وجون لوك وفرنسيس بيكون ، ورفض الأخلاق النابعة من الدين المنزل ، وآمن بالأخلاق النابعة من فيض القلب بعيداً عن المواضعات الاجتماعية ( [39]) ، وكان مثله مثل فولتير يريد أن يرى آخر ملك مشنوقاً بأمعاء آخر قسيس([40]) ، وأدلته على وجود الله عز وجل نفس أدلة المؤلهة الطبيعيين( [41]) ،  وكان يقول "" أكاد أجن من كوني مقتنعاً بفلسفة شيطانية لا يملك عقلي إلا تصديقها ، ولا يملك قلبي إلا رفضها "" ([42]) .

وفي كتابه " إميل " يدافع روسو عن مبادئ الدين الطبيعي ، ويرفض الأخلاق القائمة على الوحي ، وقد أغضب بذلك الكاثوليك والبروتستانت معاً عندما قال :  "" لست أخمن بوجود قواعد للسلوك ، ولكنني أجد هذه القواعد منحوتة في أعماق قلبي ، وقد سطرتها الطبيعة بحروف لا تمحى "" ([43])، وهذا يعني أن اعتقاده في الله عز وجل قائم على أساس شخصي ذاتي لا يمد أي شخص آخر بأسس لهذا الاعتقاد ( [44]) .

وأما فولتير فقد اعتُبر الممثل الرئيس لدين العقل في باريس وفي أوربا ، وهو وإن لم يعاصر الثورة الفرنسية إلا أن كتاباته الأدبية المؤثرة دفعت سكان باريس في عهد الثورة إلى تمجيد العقل إلى درجة دفعتهم إلى عبادة " إلهة العقل " المجسمة في شكل امرأة حسناء من نساء باريس ([45]) .

ويرى أن المؤمن الوحيد الذي يجب أن نعترف به هو المؤمن بالله [عز وجل ] ، والمنكر للوحي ، والإنجيل الوحيد الذي يجب أن نقرأه هو كتاب الطبيعة الكبير الذي كتبته يد الله [ عز وجل ] ، وختمته بخاتمها ، والديانة الوحيدة التي يجب التبشير بها هي عبادة الله والسعي للخير [46]) ، ويريد أن يرى آخر ملك مشنوقاً بأمعاء آخر قسيس وهو ما ردده بعده ديدرو كما أشرنا آنفاً ([47]) . ولم يتردد في إنكاره للأديان والوحي والتنزيل والمعجزات وعبر عن ذلك في كتابه " مبحث في الميتافيزيقا " ومقاله الذي نشره عام 1742م بعنوان " المذهب التأليهي "  ([48]) .

  • – طوفان العلمانية / العلمانية الشاملة / :

     كان من منجزات النهضة والتنوير هو " العلمانية الشاملة " أو " الترشيد " بحسب مصطلح ماكس فيبر وعلى أساس ذلك سادت النظرة المادية التي تدور في إطار المرجعية الكامنة والواحدية المادية التي ترى أن مركز العالم كامن فيه غير مفارق أو متجاوز له ، وأن العالم بأسره مكون من مادة واحدة خالية من القداسة ومجردة من الأسرار ، ويعني ذلك أن العالم المنظور يحوي بداخله ما يكفي لتفسيره والتعامل معه ، وعقل الإنسان قادر على استخلاص المنظومة المعرفية والأخلاقية اللازمة لإدارة حياته وكونه([49]) .

وتحاول هذه المنظومة بكل صرامة أن تحدد علاقة الدين والمطلقات والماورائيات بكل مجالات الحياة فإما أن تنكرها في أسوأ الأحوال أو تهمشها في أحسنه ، وكل ألأمور تؤول في النهاية إلى التاريخية الزمنية النسبية [50] .

  • – النقد العالي :

    دفعت الصدمة العلمانية الشاملة العقل الأوربي إلى اقتحام كل المقدسات، وإعادة النظر في كل المعطيات الدينية السائدة وانعكس ذلك بشكل خاص على جانبين في الديانة المسيحية :

  • الكتاب المقدس .
  • الوظيفة الإنسانية للدين .

      أما فيما يتعلق بالكتاب المقدس فقد كانت الدراسات النقدية تزيد يوماً بعد يوم في انهيار قداسة الكتاب، فالرشديون كانوا قد طعنوا في ذلك، ولكن ظلت طعناتهم على مستويات فردية لم تشكل تياراً جارفاً، ثم أظهر لوثر وزفنجلي وكالفن بأن تشكيل الكتابات المقدسة "العهد القديم" من عمل ابراهام بن عزرا، ونيقوليوس مليرا، وإليا هولوتيا [51]). ثم أعرب المثقفون اليسوعيون عن رأيهم بأن العهد القديم، قد أُقحمت فيه بعض الإضافات المتأخرة ووجدوا دعماً لهم في أقوال أندرياس مزيوس أحد المثقفين الهولنديين الذي تمكن من تحديد الزمن الذي رتبت فيه التوراة ( [52]).

وقبل ذلك تشكك الحبر الغرناطي إبراهيم بن عزرا ، وابن جرشون في صحة نسبة الأسفار الخمسة إلى موسى عليه السلام ، وفي صحة نسبة سفر يشوع إليه ( [53]) ، ثم جاء باروخ سبينوزا 1632 – 1677م فبنى على تشكيكات وألغاز بن عزرا بناءً نقدياً هائلاً ، وكشف أن ابن عزرا تيقن أن موسى لم يكتب الأسفار الخمسة ، ولكنه لم يجرؤ على الجهر بهذه الحقيقة خوفاً من بطش الفريسيين ، ولكنه عبر عنها بألغاز استطاع سبينوزا أن يحللها ، ويخلص إلى نتيجة أعلنها على الملأ وهي أن موسى لم يكتب الأسفار الخمسة [54]) لأن الأسفار تتحدث عن وقائع وحوادث وقعت بعد موسى بزمن طويل ، كما تروي نبأ وفاة موسى ودفنه ، وأن أحداً لا يعرف مكان قبره إلى اليوم ، وأنه أفضل من كـل الأنبياء الذين جاءوا بعده إذا ما قورن بهم ([55]). لقـد ضاعت مخطـوطات موسى الأصلية، والأسـفار التي بيـن أيدينـا لقيت نفس المصير( [56]) .

وفي العهد الجديد فإن كتابات الحواريين حتى وإن افترضنا أنهم أنبياء فإنهم لم يكتبوا لنا باعتبارهم كذلك ، ولا كتبوا لنا كتاباتهم على أنها وحي أو بتفويض إلهي ، وإنما كتبوا لنا كتاباتهم على أنها مجرد أحكام شخصية وذاتية لمؤلفيها وروايات تحكي قصة السيد المسيح عليه السلام ([57]) .

ويعتبرتشارلز بلاونت 1654 – 1693م أول تأليهي إنكليزي ينتقد الكتاب المقدس، ويتشكك في كونه كتاباً منزلاً، نشر بلاونت أول عمل له سنة 1679م أشار فيه إلى أن الأنبياء والكهنة جماعة من المحتالين والجشعين اختـرعـوا الجنة والنار ليحكمـوا سيطرتهم على العباد ([58]) . ونشر سنة 1693م كتابه " عرافات العقل " رفض فيه معجزات الكتاب المقدس ، وأحاديثه عن الخليقة ، ونهاية العالم أو بداية الخلق ، وسخر فيه من قصة حواء ، وقصة متوشالح الذي يقول الكتاب المقدس عنه إنه عمّر أكثر من تسعمائة سنة وقصة إيقاف يوشع لحركة الشمس ، وفكرة الخطيئة الأولى ، كما اعتبر أنه من السخف أن نصدق أن كوكبنا الصغير في هذا الكون الفسيح العريض هو المركز  ( [59]) .

وفي سنة 1753م ظهر في بروكسل كتاب بالفرنسية مجهول المؤلف يحمل العنوان التالي : " خواطر حول المذكرات الأصلية التي يبدو أن موسى استخدمها في تأليف سفر التكوين " ([60]) ، كان مؤلف هذا الكتاب هو الطبيب الفرنسي جان أستروك أراد أن يثبت أنه إذا كان موسى هو الكاتب للتوراة – وهو ما يخالفه فيه أكثر النقاد في عصره – فإنه لم يكن شاهد عيان لكل قصصه ورواياته طالما أن موسى عاش زمن الوجود العبري في مصر ولم يكن معاصراً لعصور الآباء وما قبلها ، وإذا كان الأمر كذلك ، فكيف كتب موسى أقواله بشأن خلق العالم والطوفان وتاريخ الآباء حتى عصره ، أي كل ما ورد في سفر التكوين ، لذلك لا بد أنه كانت أمام موسى عليه السلام مصادر قديمة استمد منها آراءه وأقحمها داخل سفره ([61]) .

 وبتحليله للنصوص استطاع أستروك أن يعزل في الكتاب المقدس بين روايتين إحداهمـا تـتحدث عن الـله [عز وجل ] باسم " ألـوهيم " و أخـرى تـتحـدث عنـه باسم " يهوه " ([62]) ، وهاتان الروايتان مختلفتان ، وكل واحـدة منهما تمثل رواية كاملة بذاتها ، فهي نتاج زمان ومكان مختلفين ([63]) ، ومن هنا قال ديورانت : "" إن العلماء مجمعون على أن أقدم ما كتب من أسفار التوراة هما القصتان المتشابهتان المنفصلة كلتاهما عن الأخرى في سفر التكوين فتتحدث إحداهما عن الخالق باسم " يهوا " على حين تتحدث الأخرى عنه باسم " إلوهيم " ولذلك يعتقد العلماء أن القصص الخاصة ب " يهوا " كتبت في يهوذا ، وأن القصص الخاصة بـ " إلوهيم " كتبت في أفرائيم " السامرة " وأن هذه وتلك قد امتزجتا في قصة واحدة بعد سقوط السامرة ، وفي هذه الشرائع عنصر ثالث يعرف بالتثنية أكبر الظن أن كاتبه أو كُتَّابه غير كتاب الأسفار السالفة الذكر ، وثمة عنصر رابع يتألف من فصول أضافها الكهنة فيما بعد ، والرأي الغالب أن هذه الأجزاء الأربعة قد اتخذت صورتها الحاضرة حوالي سنة 300 ق.م ""  . ويضيف ديورانت : "" كيف كتبت هذه الأسفار ؟ ومتى كتبت ؟ ذلك سؤال بريء لا ضير منه ؟ ولكنه سؤال كُتب فيه خمسون ألف مجلد ، ويجب أن نفرغ منه هنا في فقرة واحدة ، نتركه بعدها من غير جواب "" ([64]) .

 وترجع أهمية دراسة أستروك إلى أنه أول من اكتشف المنهج السليم لمعرفة مصادر السجلات القديمة عن طريق تحليل سماتها الأسلوبية ، ولهذا السبب وحده يطلق عليه الناقد الأول للكتاب المقدس ( [65]) .

بيد أن أبرز الاتجاهات النقدية للكتاب المقدس قد جاء عبر المدرسة التاريخية الألمانية متمثلاً بجهود كل من فلهاوزن وجراف وأتباعهم ([66]) فيما سمي بـ " النقد العالي " وقد اتجه هذا النقد إلى الحفر في داخل الكتاب المقدس، والمقارنة بين النصوص، والبحث عن المصادر التي تشكل منها ، والأزمنة والأمكنة التي كتبت فيها الأسفار، والتداخلات النصية التي يمكن الكشف عنها ([67])

وقد توصلت هذه الدراسات بعد بحوث مضنية ، وجهود شاقة ، وموازنات دقيقة إلى نتائج أجهضت قداسة الكتاب ، وأسقطت عنه الهالة الميتافيزيقة التي كانت حافة به إذ أصبحت الفكرة السائدة هي أن الكتاب المقدس رواية اختلطت فيها الحقائق بالأساطير المعبرة عن حياة الشعب الإسرائيلي وثقافته وتطوره ومعاناته ([68]).

  • – لاهوت التحرير :

     وأما فيما يتعلق بالوظيفة الإنسانية للدين فقد بدأ من أمريكا اللاتينية تحت عنوان " لاهوت التحرير " وكان من العوامل الأساسية التي دفعت إلى انتشار هذا اللاهوت اهتمام العالم بقضايا الفقر والجوع فجاء هذا اللاهوت ليتحدث عن مسؤولية الدين تجاه هذه القضايا ، وموقفه من المحرومين والمقهورين من البشر .

    لقد دفعت الحروب العالمية والمجاعات والكوارث الكونية، وتفاقم الفقر والمرض اللاهوتيين الكنسيين إلى التساؤل عن المهمة التي ينبغي أن يمارسها الدين بإزاء هذه القضايا وعُقد مؤتمران دفعا إلى ظهور علم اللاهوت التحرري :

   الأول : مؤتمر أساقفة أمريكا اللاتينية الكاثوليك الذي اجتمع في ميدلين في كولومبيا عام 1974 م .

   الثاني : مجلس أساقفة الكنيسة لأمريكا اللاتينية عام 1979 م    

  وقد ارتبط هذا اللاهوت منذ عام 1975 م بشكل أساسي بقضية تحرير السود ثم بقضية تحرير المرأة . وهو يعكس علم اللاهوت ففي حين يبدأ اللاهوت عادة من الوحي ويتجه إلى الواقع فإن لاهوت التحرير يبدأ من الواقع ويتجه إلى الوحي ، ولذلك فإننا نلاحظ أن الواقع الإفريقي المرير هو الذي أنتج لاهوت التحرير . وحيث أن لاهوت التحرير واقعي فهو يرتبط بالإنسان وبالإنسانية إنه " لاهوت الإنسانية " إنه لاهوت عمل في مواجهة الواقع الأليم للبشرية .

       ويستند اللاهوت التحرري في ذلك على أقوال المسيح عليه السلام في محاربة الثراء الفاحش كقوله : "إن دخول جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله " لوقا 18 : 25 . كذلك كانت حياة المسيح عليه السلام مشاركة أصيلة للإنسانية المتألمة فقد شفى المرضى وطهر البرص ، وفتح أعين العميان وأقام الموتى، وعاش للإنسانية ودافع عنها ولذلك فإن لاهوت التحرير ينقل مفهوم الكنيسة من كونها تعمل لأجل الناس إلى كونها كنيسة الناس فتصبح الكنيسة من تحت وليست من فوق .

    وبذلك يكون لاهوت التحرير هو إحياء الجانب الثوري في المسيحية الذي دُفن أكثر من ألف وتسعمائة سنة لحساب الرهبانية ، إنه إعادة تثوير للكنيسة للوقوف في وجه الطغيان كما قال المسيح عليه السلام  : " لا تظنوا أني جئت لألقي سلاماً على الأرض ما جئت لألقي سلاماً بل سيفاً " متى 10 : 34  .

    تعقيب :

هذه الحركات التي قدمنا موجزاً عنها بالإضافة إلى الفلسفات البنيوية والتفكيكية هي أبرز المرجعيات التي يتغذى عليها الخطاب العلماني في قراءته للإسلام عموماً والقرآن الكريم خصوصاً، وعلى ضوء ما قرأناه آنفاً من نصوص غربية يمكننا أن نفهم النصوص العلمانية العربية التي مرت معنا كقولهم : " ولذلك لا مانع من انتهاك القيم السائدة والخروج عليها من أجل تقدم المعرفة ([69])، وذلك بهدم الأسوار والحصون التي شيدها الفكر المستقيل والمنغلق على ذاته بسياج دوغمائي مجمَّد( [70])ولن يتم ذلك إلا بتطبيق منهجية النقد التاريخي على التراث العربي والإسلامي، لا بد أن تسـير في نفس الطريق الذي سـارت فيه أوربا، ولا بد أن تَهـزَّ المسلمين، ولا بد أن يدفعـوا الثمن ([71]). فلا بـد لنا من إزالة كثير من العقبات الكأداء التي تصرفنا عن سبيل الرشاد سبيل الحداثة ([72])، ولن ينفعنا تحفظَّنا أو توهُّم مقاومة هذا التيار الحداثي انطلاقاً من مقولات مهترئة، وثوابت لا يصدقها العقل، وإن مالت إليها عاطفتنا الدينية ([73]).

   وأحسب أنه قد آن لنا أن نقول : لقد قرأ الأوربيون كتابهم المقدس وواقعهم المُجهَض قراءة صحيحة واستطاعوا عبر مئات السنين أن يخلصوا إلى نتائج تتلاءم مع العالم المشهود المُعطَى للإنسان ، ودفعوا بعقولهم إلى أقصى ما يمكن لاكتناه حقيقة واستثمار منفعة هذا العالم . وأظن أن ما قاله كل من ديدرو وفولتير يلخص الحقيقة تلخيصاً كافياً ([74]).

والعلمانيون العرب يتطلعون إلى هذا المثال، ويحلمون بهذه الآمال، فهل سينعمون بالوصال ؟ ! 

في الحقيقة لم يوفق العلمانيون لإصابة الهدف لـ :

  • اختلاف الزمان والمكان .
  • اختلاف التاريخ والحضارة .
  • اختلاف العنصر الديني والمرجعية القدسية .

      فليست حضارتنا هي حضارة القرون الوسطى، وليس في ديننا كهنوت كالكهنوت الكنسي ، وليس قرآننا كالعهدين القديم والجديد في التأثر بالصدمات النقدية ، وليس في تاريخنا محاكم كمحاكم التفتيش، ولا إبادات عنصرية لشعوب وأمم بأكملها ، ولا نهب وامتصاص لخيرات القارات الضعيفة ورميها بين أنياب الجوع والفقر والمرض . ومهما حاول الخطاب العلماني أن يبحث عن روابط قروسطية في تاريخنا لتبرير مشروعاته فإن الحقائق تظل مشرقة لا يمكن حجبها أبداً .

     إن أمتنا ليست بحاجة للنموذج الغربي للتنوير لأن القرآن الكريم همه الأول هو إخراج الناس من الظلمات إلى النور ] الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [ سورة إبراهيم : آية 1 .

] يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً . فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَاعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً [سورة النساء : آية 174 – 175 .

وأمتنا ليست بحاجة للنموذج الكنسي التحرري لأن ذلك جاء كردة فعل على نظام الرهبنة والمثالية المتطرفة والانفصام بين الإنسان والعالم الذي دعا إليه الكهنوت المسيحي ، وردة فعل على النظم القمعية والفاشية والرأسمالية التي عاثت في الكون فساداً وقمعاً وإبادة , وانتهكت إنسانية البشر .

ولذلك فإن ما يطرحه الخطاب العلماني ليس لاهوتاً للتحرير بل هو أقرب إلى كونه " ناسوتاً للتدمير " إنه محاولة يائسة لقلب الأخلاق ونسف القيم ، والتمرد على الفضيلة ، وتجفيف منابع الروح الملتاعة في كيان الإنسان ، لأنه إذا كان لاهوت التحرير الكنسي الذي يبدأ من الواقع ثم يعود إلى الوحي – إن كان هناك وحي بالمنظور الكنسي – يعد مخطئاً لأن الوحي لم يهمل الواقع أبداً ، فالوحي هدفه الأول إصلاح الإنسان ومن ثم الواقع، لأن الواقع لا يصلح إذا لم يصلح الإنسان ، فإن صيحة الخطاب العلماني التحريرية صيحة فاشلة لأنها إن صح أنها تبدأ من الواقع فهي لا تعود إلى الوحي أبداً .  ولذلك فما يزعمه الخطاب العلماني من أن منهجه منهج صعودي بعكس الخطاب الديني الهبوطي([75]) غير صحيح لأن منهجه أيضاً منهج هابط ، وكذلك من الوحي إلى الواقع، ولكنه ليس الوحي الإلهي وإنما الوحي النفسي والعقلي وحي الثقافة الغربية  .  ]وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُون[    سورة الأنعام : آية 121 .

إن الدين لا يمكن فصله عن أساسه العقدي وتحويله إلى أيديولوجية ثورية فهذه مخاتلة للعقل الإنساني لأن الإيمان هو القاعدة المتينة للتثوير ، والعقيدة هي الجذوة الحية للتحرير ، و " تثوير القرآن " ([76]) لا يمكن أن يجدي مع حالة الانفصام بين العمق الإيماني الغيبي والممارسة الدينية الواقعية .

ومن هنا فإن أحلام العلمانيين العرب بأن يكونوا ممثلين لدور فلاسفة التنوير الأوربي في الفضاء الإسلامي من الصعب جداً أن تتحقق لأن الإسلام يملك الحصانة الكافية ضد هذا المشروع، ويحمل المناعة الذاتية التي تجعله يستعصي بشدة على العلمنة . 

 


 

([1])  انظر : وليم كلي رايت " تاريخ الفلسفة الحديثة ص40 .

([2])  انظر : إرنست رينان ص 343 .

([3])  انظر : زكي نجيب محمود " تجديد الفكر العربي ص 135 ، 136 دار الشروق – الطبعة التاسعة 1993 م .

([4])  انظر : علي حرب " نقد النص " – المركز الثقافي العربي ص 97 الطبعة الأولى 1993 – بيروت .

([5])  انظر : يوسف كرم " تاريخ الفلسفة الحديثة ص 14 ورمسيس عوض " الإلحاد في الغرب ص 39 .

([6])  انظر : السابق ص 15 و " الإلحاد في الغرب ص 39 .

([7])  انظر : برتراند رسل " تاريخ الفلسفة الغربية ص 81 .

([8])  انظر : جيمس كوليز " الله في الفلسفة الحديثة " ص 133 ترجمة : فؤاد كامل – مكتبة الغريب – القاهرة 1973 د .ط .

([9])  انظر : جيمس كوليز "السابق " ص 136 .

([10])  انظر : جيمس كوليز " السابق "  ص 133 .

([11])  انظر : جون هرمان راندال " تكوين العقل الحديث " ص 368 .

([12])  انظر : ارندال " تكوين العقل الحديث " ص 368 .

([13])  انظر  : سبينوزا " رسالة في اللاهوت والسياسة " ص 368 . ترجمة د. حسن حنفي .

([14])  السابق ص 370 – 371 .

([15])  انظر : السابق ص 371 .

([16])  انظر : السابق ص 372 .

([17]) انظر : جيمس كوليز " الله في الفلسفة الحديثة " ص 140 وانظر : روبرت أغروس " العلم في منطوره الجديد " ص 79 ، 80 ويوسف كرم " تاريخ الفلسفةالحديثة " ص 56 .

([18])  انظر : يوسف كرم " تاريخ الفلسفة اليونانية ص 40 وانظر : ول ديورانت "  قصة الفلسفة " ص 317 وزكي نجيب وأحمد أمين " قصة الفلسفة اليونانية ص 76 .

([19])  انظر : برتراند رسل " تاريخ الفلسفة الغربية " ص 177 .

([20])  انظر : راندال " تكوين العقل الحديث "ص 440  .

([21]) انظر : برتراند رسل " تاريخ الفلسفة الغربية " ص 183  .

([22]) انظر : يوسف كرم " تاريخ الفلسفة الحديثة " ص 142 .

([23])  انظر :  جيمس كوليز " الله في الفلسفة الحديثة " 164 ويوسف كرم " تاريخ الفلسفة الحديثة " ص 179 .

([24])  انظر : يوسف كرم " تاريخ الفلسفة الحديثة " ص 177 .

([25])  انظر  :  جيمس كوليز " الله في الفلسفة الحديثة "ص 167 ويوسف كرم " تاريخ الفلسفة الحديثة ص 178 ، 179 . 

([26])  انظر : كوليز  " السابق  " ص 170 .

([27]) انظر :  كوليز  " السابق " ص 172 .

([28])  انظر : وليم كلي رايت " تاريخ الفلسفة الحديثة " ص 202

([29])  انظر : روبرت أغروس " العلم في منظوره الجديد " ص 104 .

([30])  انظر : يوسف كرم – تاريخ الفلسفة الحديثة ص 175

([31])  انظر  جيمس كوليز " الله في الفلسفة الحديثة " ص 61 ورمسيس عوض " الإلحاد في الغرب " ص 121 .

وجون حرمان راندال " تكوين العقل الحديث " ص 435 ، 436 يمكن الاطلاع على فكرة الدين الطبيعي في جاكلين لاغريه " الدين الطبيعي " ترجمة منصور القاضي – المؤسسة الحامعية للدراسات والنشر والتوزيع ط 1 / 1431 هـ 1993 م .

([32]) : انظر : جيمس كوليز " الله في الفلسفة الحديث ص 61 نشير إلى أنه ظهر في التاريخ من ينكر النبوة والوحي ونسب ذلك إلى البراهمة وهم قبيلة آرية سيطرت على الهند منذ القرن الخامس عشر قبل الميلاد انظر : أبو زهرة : الديانات القديمة ص 19 وقد أشار إلى إنكار البراهمة للنبوات جل المؤرخين والمتكلمين المسلمين ومن هؤلاء  : الباقلاني " انظر " التمهيد ص 96 والإنصاف له أيضاً ص 61 " والبغدادي " انظر له أصول الدين ص 154 " وابن حزم " انظر الفصل 1 / 137 " والاسفراييني " انظر التبصير في الدين ص 89 والجويني " انظر له الإرشاد ص 257 والنظامية ص 61 والغزالي " انظر له الاقتصاد ص 95 " والشهرستاني " نظر له الملل والنحل 250 / 2 ونهاية الإقدام له ص 495 ، وابن رشد " انظر له مناهج الأدلة ص 209 " والرازي انظر له المحصل ص 308 والآمدي انظر له غاية المرام ص 318 .وأهم من كل هؤلاء البيروني الذي قضى في الهند قرابة عشرين عاماً انظر له " تحقيق ماللهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة ص 75 " وفي تاريخنا الإسلامي تعلق ابن الراوندي وأبو بكر الرازي بشبهات البراهمة انظر " في الفلسفة الإسلامية منهج وتطبيق لإبراهيم مدكور 1 / 87082 .

([33])  انظر : جون هرمان راندال " تكوين العقل الحديث " ص 438 .

([34])  انظـر : برتراند رسل  " تاريخ الفـلسفة الغـربية " ص 106 ، 107 وانـظر " مـقدمة حسن حنـفي لرسـالة سبـينوزا " رسالة في اللاهوت والسياسة ص 11 .

([35]) انظر : راندال " تكوين العقل الحديث " ص 440 .

([36]) انظر : رمسيس عوض  الإلحاد في الغرب "  ص 161 – 162 . ومن أعلام الديانة العقلية في بريطانيا نجد : ماثيو تندال : 1653 – 1733م وهو من أشهر التأليهيين الإنجليز بعد اللورد هربرت تشربري ، كتب كتاباً تحت عنوان " مسيحية قديمة قدم الخليقة "  أو " الكتاب المقدس إعادة لنشر دين الطبيعة " ، في لندن سنة 1730م وهو كتاب توالت طبعاته ، واعتبره التأليهيون كتابهم المقدس وأطلق تندال على نفسه " التأليهي المسيحي " اعتقاداً منه بعدم وجود تعارض بين المسيحية والمذهب التأليهي ، وبأن المسيحية تطابق دين الطبيعة الخالد  . انظر : رمسيس عوض " الإلحاد في الغرب " ص 143 – 144 ووليم كلي رايت ص 220 . جون تولاند : 1670 – 1733م كتب كتاباً بعنوان : " مسيحية بدون أسرار " نشره سنة 1696م وهو متأثر بكتاب جون لوك " معقـولية الدين المسيحي " اتُهم الكتـاب بالهرطقة ، مما دفـع مؤلفـه إلى الهرب من إيرلندا إلى انكلترة واتُهم بإنكار التثليث وألوهية المسيح . انظر : رمسيس عوض " الإلحاد في الغرب " ص 145 – 146 ووليم كلي رايت " تاريخ الفلسفة الحديثة ص 220 . ويعتبر – هذا -  أبرز من عبر عن الأفكار التأليهية في عصره ، فرفض العناية الإلهية والوحي ، والنفس ، والمعاد . انظر  :رمسيس عوض " الإلحاد في الغرب " ص 151 ويوسف كرم " تاريخ الفلسفة الحديثة " ص 155 . شافتسبري : 1671 – 1713م الرأي عنده أن الهدف وراء الأخلاق هو الدفاع عما يمكن تسميته اللاهوت الطبيعي أو الدين الطبيعي ، وليس عن الأخلاق المستمدة من أية قوى غيبية أو خارجية ، فالدين الطبيعي يختلف عن الدين المنزل في أنه مبادئ تستند إلى قوانين الطبيعة ونواميسها انظر : رمسيس عوض " الإلحاد في الغرب " ص 152 ووليم كلي رايت " تاريخ الفلسفة الحديثة "ص 218 . واعتبر شافتسبري أن ارتباط فعل الخير بالثواب في الآخرة فيه نظرة نفعية تتنافى مع المسيحية الحقة ، ويسخر من دعاة الفضيلة الذين يؤسسون دعوتهم على أساس من الإيمان بالتنزيل ، والحق بنظره أن الأساس هو أن نظرة الإنسان السليمة تدفعه إلى فعل الخير . انظر : رمسيس عوض " الإلحاد في الغرب " ص 154 .ويرى أن الفكر الديني التقليدي من ألد أعداء الدين الحق ، والمقصود بالدين الحق في نظره هو الدين الطبيعي لأن الدين التقليدي يدعو إلى الإيمان بالمعجزات ، وانتهاك قوانين الطبيعة ، ونظام الكون في حين أن دين الطبيعة ينبني على أساس التجانس والتناغم والتوافق الموجود في الكون  انظر : " السابق " ص 155 . ولعلنا هنا نتذكر سبينوزا . ومما يدل على نفوذ –  هذا - في عصره أنه تأثر به فولتير ، ولسنج ، ومندلسون ، وهيردر ، إلى جانب كل من ليبنتـز وديدرو . انظر : السابق ص 153 . توماس بين 1737 – 1809م : ارتبط اسمه بالمذهب التأليهي ، وتتضح زرايته بالدين المسيحي في كتابه " عصر العقل " الذي ظهر أول جزء منه عام 1793م ، والرأي عنده أن العهد القديم مليء بقصص الفحش والتهتك ، والعهد الجديد مليء بالمتناقضات ، وقد بلغت حماسة المؤمنين بأفكار " بين " مبلغاً دفعهم إلى إطلاق اسم الكتاب المقدس الجديد على كتابه " عصر العقل " ويرون أن مجرد اقتنائه دليل على التحضر . انظر : السابق  ص 158 – 161 ووليم كلي رايت " تاريخ الفلسفة الحديثة " ص 240  . يقول " بين " في كتابه عصر العقل : "" في جميع الأديان التي تم اختراعها لا يوجد دين أشد إهانة لله القدير ، ومدعاة لجهل الإنسان ، وأكثر عداوة للعقل وتناقضاً مع ذاته من ذلك الشيء المسمى بالمسيحية "" رمسيس عوض " الإلحاد في الغرب " ص 162 . ويلخص بين إيمانه بما يلي "" أؤمن بإله واحد ، وآمل في سعادة تتجاوز الحياة على الأرض ، وبالمساواة بين البشر ، كما أؤمن بأن واجبات الدين تتلخص في تثبيت العدل والمحبة والرحمة والسعي إلى إسعاد جميع زملائنا في الخليقة "" انظر : رمسيس عوض " السابق " ص 163 . ويمكن مراجعة أفكار الفلاسفة السابقين حول الدين الطبيعي في : جاكلين لاغريه " الدين الطبيعي " ص 119 فما بعد ترجمة : منصور القاضي – المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر ط1 / 1993 .

([37])  انظر : السابق ص 186 ووليم كلي رايت  " تاريخ الفلسفة الحديثة "ص 235 .

([38])  انظر : رمسيس عوض " الإلحاد في الغرب "ص 187 .

([39]) انظر :  السابق ص 178 ، 179 .

([40])  انظر : ول ديورانت " قصة الفلسفة " ص 289 .

([41])  انظر : وليم كلي رايت " تاريخ الفلسفة الحديثة " ص 233 .

([42])  انظر : جيمس كوليز " الله في الفلسفة الحديثة "ص 213 .

([43])  انظر : رمسيس عوض " الإلحاد في الغرب " ص 182  وبرتراند رسل " تاريخ الفلسفة الغربية ص 298 .

([44])  انظر : لبراتراند رسل " تاريخ الفلسفة الغربية " ص 297 وله أيضاً : حكمة الغرب 2 / 145 .تردجمة : فؤاد زكريا – سلسلة عالم المعرفة – العدد 72 مطابع الرسالة – الكويت وانظر : وليم كلي رايت " تاريخ الفلسفة الحديثة " ص 233 .

([45])  انظـر : ول ديورانت " قصة الفلسفة " ص 317 ترجمة : د . فتح الله محمد المشعشع – منشورات مكتبة المعارف – بيروت الطبعة السادسة د . ت .

([46])  انظر : جون هرمان راندال – تكوين العقل الحديث ص 446 .

([47])  انظر : السابق  ص 462 . إن هـذه العبارة الأخيرة تؤكد لنا كم عانت أوربا من الاختناق بين فكي الكماشة : الملوك ، والكنيسة  مما دفعها إلى ردة فعل قوية تجلت فيما نرى من مذاهب وتيارات فكرية تسير في طريق العلمانية على المستويين اللذين عانت منهما : السياسة والدين  .

([48])  انظر : رمسيس عوض " الإلحاد في  الغرب "  ص 176 ، 172 – 173 .

 ([49])  انظر : د. عبد الوهاب المسيري " موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية " 1 / 354 – 355 .

[50]) (   انظر : السابق 1 / 209 – 210  .

([51])  انظر : زالمان شازار " تاريخ نقد العهد القديم " ص 88 ترجمة : أحمد محمد هويدي ، تقديم ومراجعة : محمد خليفة حسن ، المجلس الأعلى للثقافة 2000 م القاهرة  د.ط  .

([52])  انظر : زالمان شازار " السابق "  ص 88 .

([53])  انظر : سبينوزا " في اللاهوت والسياسة " ص 266 و د . محمد عبد الله  الشرقاوي " في مقارنة الأديان " ص 65 . دار الجيل بيروت – مكتبة الزهراء بحرم جامعة القاهرة –ط 2 / 1410 هـ 1990 م .

([54]) انظر : سبينوزا  " رسالة في اللاهوت والسياسة  " ص266 ،  .

([55]) انظر : سبينوزا " رسالة في اللاهوت والسياسة " ص 269 – 271 .

([56])  انظر :  السابق  ص 341 .

([57]) انظر : السابق ص 330 – 344 يقول لوقا في بداية إنجيله " إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا ، كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة رأيت أنا  أيضاً إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق أن أكتب إليك على التوالي أيها العزيز ثاوفيلس، ولتعرف صحة الكلام الذي علمت به" لوقا 1 –4 .

([58])  انظر : رمسيس عوض  " الإلحاد في الغرب " ص 117 .

([59])  انظر :  رمسيس عوض  " السابق " ص 117 ، 118 .

([60])  انظر : رمسيس عوض " السابق  " ص  118  وانظر : د . محمد خليفة حسن  " اتجاهات نقد العهد القديم ص 94 .

([61])  انظر : زالمان شازار " تاريخ نقد العهد القديم " ص 105 ود . محمد خليفة حسن ود . أحمد محمود هويدي " إتجاهات نقد العهد القديم  " ص 94 .

([62])  انظر : زالمان شازار " تاريخ نقد العهد القديم "  ص 105 و د  . رمسيس عوض  " الإلحاد في الغرب " ص 118 ود . محمد خليفة حسن ود .  أحمد محمود هويدي  " اتجاهات نقد العهد القديم " ص 94 .

([63]) انظر :  زالمان شازار  " السابق " ص 105 ود . محمدخليفة حسن و د .  أحمد محمود هويدي " السابق "  ص 94 .

([64])  ول ديورانت  " قصة الحضارة  "  2 / 367 .

([65])  انظر : رمسيس عوض " الإلحاد في الغرب " 118 .

([66])  انظر :  انظر : زالمان شازار " تاريخ نقد العهد القديم " ص 131 - 141 .

 

([67]) انظر : السابق ص 131 .

([68])  انظر : السابق ص 147 .

([69]) انظر : أركون " تاريخية الفكر " ص 218 .

([70]) انظر : السعيداني " إشكالية القراءة " ص 19.

([71]) انظر : أركون " قضايا في نقد العقل الديني " ص 182 .

([72]) انظر : فتحي القاسمي " العلمانية وانتشارها شرقاً وغرباً " ص 15 .

([73]) انظر : السابق ص 27 .

([74] ) أعني رغبتهم في أن يروا آخر ملك مشنوقاً بأمعاء آخر قسيس .

 

([75]). يقول أبو زيد : "" إن مثل هذا المنهج [ يقصد المنهج السلفي ] إن اكتملت له أدوات البحث المنهجي من الدقة والاستقصاء بمثابة ديالكتيك هابط ، في حين أن منهج هذه الدراسة [ يقصد دراسته هو ] بمثابة ديالكتيك صاعد "" انظر : نصر حامد أبو زيد " مفهوم النص " ص 29   .

([76])  عنوان كتاب لـ  جمال البنا .

  • الخميس PM 06:25
    2021-08-19
  • 2153
Powered by: GateGold