المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 417552
يتصفح الموقع حاليا : 229

البحث

البحث

عرض المادة

العبـادات الجديدة في العالم الغربي

العبـادات الجديدة في العالم الغربي
New Cults in the Western World

«العبادات الجديدة» حركات شبه دينية، لها شعائر مركبة وتنظيم مغلق، يرتدي أعضاؤها أحياناً أزياء خاصة مقصورة عليهم. وتزود هذه الحركة أعضاءها بالأمن من خلال عقيدة ثابتة بسيطة تفسر الكون والظواهر كافة، حيث يتطلب الانتماء إلى هذه العقيدة الولاء الكامل. ومن أكثر الظواهر التي تتهدد اليهودية المعاصرة، إقبال أعضاء الجماعات اليهودية على هذه العبادات الجديدة، وخصوصاً بعد أن تخلَّى أتباع هذه العبادات عن شعائرها الغريبة الشاذة وأصبح أسلوب حياتهم لا يختلف عن أسلوب حياة الإنسان العادي في المجتمعات التي يعيشون في كنفها. ومع أن عدد أعضاء الجماعة اليهودية لا يزيد بأي حال على 3% من سكان الولايات المتحدة، فإن من الملاحظ أن حوالي 20 - 50% من أعضاء مثل هذه الحركات من اليهود، كما أن كثيراً من قياداتها منهم. ولا يختلف الوضع في أوربا الغربية عنه في الولايات المتحدة. ومن أهم هذه الجماعات في الولايات المتحدة الجماعة البوذية من طراز الزن (50% من مجموع أتباعها في سان فرانسيسكو من اليهود) وجماعة هاري كريشنا الهندوكية (15% من جملة أتباع الجماعة في الولايات المتحدة من اليهود)، وهناك أيضاً كنيسة التوحيد (يونيفيكشان تشيرش Unification Church) وجماعات الإمكانية الإنسانية مثل إست EST وينبوع الحياة. ويمكن أن نعتبر الماسونية والبهائية من هذه العبادات الجديدة. وقد عادت جماعات عبادة الشيطان للظهور مرة أخرى وانتظم في صفوفها كثير من أعضاء الجماعة اليهودية. كما نشطت جماعات تبشيرية مسيحية ذات ديباجات يهودية (جماعات «المسيحيون العبرانيون») تمارس نشاطها بين أعضاء الجماعة. ومن أهم هذه الجماعات، جماعة «يهود من أجل المسيح» التي ترى أن بوسع اليهود أن يصبحوا مسيحيين ويهوداً في آن واحد، بل إن مسيحيتهم إن هي إلا مسوِّغ ليهوديتهم. وهؤلاء المبشرون يجيدون استخدام الرموز اليهودية، مثل: الخبز غير المخمر، واللغة العبرية، ونجمة داود، وشمعدان المينوراه. وهم يشيرون إلى المسيح ومريم بأسمائهم العبرية («يهوشاو»، و«مريام»)، ويسمون المسيح «الماشيَّح». كما يحاولون أن يضعوا مضموناً مسيحياً للرموز اليهودية، ففي عيد الفصح، على سبيل المثال، نجد أرغفة خبز الفطير الثلاثة (مَتْسُوت) هي الثالوث المسيحي، أما نصف الرغيف (أفيكومان) وعظمة الحمل فيرمزان للمسيح المصلوب، والنبيذ هو دمه. وقد أضافوا إلى كل ذلك تأييد دولة إسرائيل تأييداً أعمى، ولكنهم يضعون هذا التأييد في سياق مسيحي. ويبدو أن ثمة إقبالاً شديداً من جانب الشباب اليهودي على هذه الجماعات، بل يُقال إن عدد الذين تنصروا من خلال هذه الجمعية يصل إلى ثلاثين ألف يهودي.

وقد وصل نشاط هذه العبادات إلى إسرائيل ذاتها، فعبارة «تي إم TM» (اختصار لعبارة «ترانسندنتال مديتيشان Transcendental Meditation» أي التأمل المتسامي) قد جذبت آلاف الإسرائيليين، ولها مستوطنة تُسمَّى «ميجداليم». كما أن جماعة هاري كرشنا تنوي تشييد كيبوتس.

ويبدو أن إقبال اليهود والإسرائيليين على العبادات الجديدة هو تعبير عن ضعف العقيدة اليهودية وعن تزايد الإحساس بالاغتراب نتيجة لتزايد معدلات الترشيد والعلمنة وتآكُل الأسرة كمؤسسة وسيطة. والعبادات الجديدة تحل محل العقيدة والأسرة في الوقت نفسه، وتقوم بعملية الوساطة العقائدية والفعلية بين الفرد والمجتمع. كما يُقـبل كـثير من الشباب اليهودي على العبادات الجديدة، لتأكيدها الزهد، تعبيراً عن احتجاجهم على النجاح المادي الذي حققه أهاليهم باندماجهم في الحضارة البورجوازية الغربية، فهو في تصورهم نجاح خال من المعنى والمضمون الخلقي، ويؤدي إلى الاستغراق في الحياة الحسية والاستهلاك اللامتناهي.

ولعل تركيب اليهودية الجيولوجي التراكمي من أهم أسباب إقبال الشباب اليهودي على العبادات الجديدة، فاليهودية تحوي طبقات مختلفة متناقضة متجاورة متعايشة لا تفاعُل بينها في حين تتسم العبادات الجديدة بأنها قاطعة محددة والانتماء إليها يعني اكتساب هوية واضحة. كما أن اليهودي الذي ينضم إلى عبادة جديدة يمكنه أن يجد سوابق لها في تراثه اليهودي (فعبادة الشيطان ليست أمراً بعيداً عن التضحية لعزازيل). ومعظم هذه العبادات تعبِّر عن الحلولية إما من خلال وحدة الوجود المادية أو الحلولية بدون إله، أي الحلولية التي يتوحد فيها الخالق تماماً مع الوجود المادي، فيصبح المطلق كامناً في المادة أو في ذات الإنسان. واليهودية باعتبارها تركيباً جيولوجياً تحوي طبقة حلولية قوية تولِّد لدى أعضاء الجماعات اليهودية قابلية للانخراط في صفوف هذه العبادات الجديدة. ومن أهم الأمور الأخرى التي ساعدت على انضمام اليهود إلى هذه الجماعات، بخاصة جماعات المسيحيين العبرانيين، أنها لا تطلب من اليهودي أن يتخلى عن انتمائه أو هويته الدينية الإثنية، الأمر الذي يجعل الأمر سهلاً على الكثير من اليهود. ومن الحقائق الإحصائية التي قد تكون لها علاقة بموضوع العبادات الجديدة أن نسبة أعضاء الجماعات اليهودية في الجمعيات السرية في العالم هو نحو 30%.

ونحن نضع الماسونية والبهائية والموحدانية واليهودية المتمركزة حول الأنثى (بل واليهودية التجديدية وحركة الحضارة الأخلاقية) ضمن هذه العبادات الجديدة (رغم أن المراجع التي اطلّعنا عليها لا تُصنِّفها مثل هذا التصنيف).


 

  • الاربعاء AM 06:27
    2021-04-28
  • 1036
Powered by: GateGold