المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 416694
يتصفح الموقع حاليا : 302

البحث

البحث

عرض المادة

كلاب الحوأب

أيتكن تنبح عليها كلاب الحوأب

 
عن قيس بن أبي حازم أن عائشة لما نزلت على الحوأب سمعت نباح الكلاب فقالت ما أظنني إلا راجعة سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول « أيتكن ينبح عليها كلاب الحوأب؟ فقال لها الزبير ترجعين عسى الله أن يصلح بك بين الناس رواه أحمد وأبو يعلى والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح. وعن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لنسائه ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب تخرج فينبحها كلاب الحوأب يقتل عن يمينها وعن يسارها قتلى كثير ثم تنجو بعد ما كادت رواه البزار ورجاله ثقات» (مجمع الزوائد 7/234).
الحديث صحيح كما بين الألباني ولكنه نبه على رواية «فشهد طلحة والزبير أنه ليس هذا ماء الحوأب.. فكانت أول شهادة زور في الإسلام» (سلسلة الصحيحة1/227 عند حديث رقم475).
وأوضح خروج عائشة كان خطأ ولكن ليس فيه معصية للحديث. فإن الحديث يشير إلى أنها سوف تكون في مكان تقع فيه فتن ويموت فيه كثير من الناس فلما قفلت عائدة ذكرها طلحة والزبير بأهمية موقفها لتحقيق الصلح الذي كان يطمع الناس في حصوله ببركتها وتقدير الناس لها. وهي مع ذلك مخطئة رضي الله عنها. وإذا كنا نرى مواقف عاتب الله عليها أنبياءه فتوقع الخطأ ممن هو دون النبي أولى، فموسى قتل نفسا ونسي ما عاهد به الخضر. وذا النون ذهب مغاضبا. ثم هذا لا ينقص شيئا من فضائلها بل هو في ذاته فتنة للمحرومين من الانصاف والعقل والدين. ولذلك قال عمار بن ياسر « والله إني لأعلم أنها نبية زوجكم في الدنيا والآخرة ولكن الله ابتلاكم بها ليعلم إياه تطيعون أم هي» (رواه البخاري).
ثم روى الألباني روايات تؤكد أن عبد الله بن الزبير كان معها وهو محرم لها. روى إسماعيل بن علية عن أبي سفيان بن العلاء المازني عن ابن أبي عتيق قال قالت عائشة إذا مر ابن عمر فأرونيه فلما مر بها قيل لها هذا ابن عمر فقالت يا أبا عبد الرحمن ما منعك أن تنهاني عن مسيري قال رأيت رجلا قد غلب عليك يعني ابن الزبير» (سير أعلام النبلاء2/93 و3/211 نصب الراية للزيلعي4/69).

السياطُ القاتلة في الذب عن أم المؤمنين عائشة [ حديث الجمل ]
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
والصلاة والسلام على خير المرسلين محمد بن عبد الله وعلى أله وصحبه أجمعين .
 
بلغ من حماقة الرافضة أن سعت بكامل جهدها وتعلقها بالأخبار , أن تصحح حديث [ أيتكن صاحبة الجمل الأدبب ] فنقلوا ونقولوا وسودوا الصحفات آخذين بذلك ما أرادوا من الروايات , تاركين خلفهم أقوال الأثبات , والصحيح من الأخبار وما كان في السنن والمسانيدِ في نفي شبهة الظالمين الطاعنين بسيدة البشرية جمعاء أم المؤمنين زوجة خير البشرية وهاديها وسيدها على رأسها ومعلمها صلوات ربي وسلامه عليه .
 
متن الحديث : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أيتكن صاحبة الجمل الأدبب يقتل حولها قتلى كثيرة تنجو بعد ما كادت " أخرجهُ إبنُ أبي شيبة في مصنفهِ (7/538) , وإبن حجر في المطالب العالية (13/391) , والطحاوي في مشكل الآثار ولم يذكرهُ بسندهِ وقد جاء الحديث من طريق عصام بن قدامة وفي الحديث نظر عند أهل العقيدة والحديث .
 
قال إبن أبي حاتم في الله (2/426) : " 2787- وسألت أبي عن حديث ؛ رواه الأشج ، عن عقبة بن خالد ، عن ابن قدامة ، يعني عصام ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض نسائه : ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب ، وذكر الحديث.
قال أبي : لم يرو هذا الحديث غير عصام ، وهو حديث منكر.
وسئل أبو زرعة عن هذا الحديث ، فقال : هذا حديث منكر لا يروى من طريق غيره " .
 
كتبهُ /
 
أهل الحديث
 
ثارت ثائرة الرافضة , وبدأت تسبنا وتطعنُ بنا إنا نسألهُ تعالى أن يجعلهُ ذباً لنا ورحمةً يوم نلقاه ورضي الله على سيدة نساء العالمين , أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها , فالغريب كلام الرافضة حول قول إبن أبي حاتم بنقله عن أبي زُرعة وأبي حاتم الرازيين , ونقل كلام الإمام الألباني في رد ما قالهُ أبو حاتم في الكلام حول الحديث , ولو سلمنا بتصحيح الإمام الألباني رحمه الله تعالى , فإن الشبهة بالية .

وعندي لا يصحُ هذا لعلةِ تفرد عصام وإن كان من الثقات بهذا الخبر , فقد رد الشيخ الألباني رحمه الله تعالى هذه الشبهة وهي القول بكلاب الحوأب , كذلك أنكر على إبن العربي أبي بكر بن العربي في العواصم من القواصم تضعيف هذا الحديث , وقد علق الإمام الألباني رحمه الله تعالى على الكلام وبين العلة في متن الحديث وإستدلال الرافضة بهِ , وإن كانت رضي الله عنها همت بالرجوع وأقنعها الزبير البقاء عل يصلح بها ما كان من الناس , فإن هذا ليس بالذي يقدح في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .

واللفظ " أيتكن تنبحها كلاب الحوأب " , وقد تفرد إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم برواية هذا الخبر وهما ثقات , إلا أنهُ أعيب عليه روايته لحديث [ أيتكن صاحبة الجمل الأدب ] وفي الرواية من تفرد عصام بن قدامة نظر , وقد أعلها فهذا حديث غريب لم يرد من غير رواية عصام بن قدامة , وإن كان من الثقات الأثبات فيأخذ بعين الإعتبار كلام أبي حاتم الرازي , وأبي زرعة رحمهم الله تعالى , كذلك قيس بن أبي حازم وقد رد الإمام الألباني هذا القول في السلسلة الصحيحة بروايتهِ هذه إلا أنهُ أعيب عليه روايتهُ لحديث كلاب الحوأب , ولم يشهد قيس بن أبي حازم الجمل مع أم المؤمنين رضي الله عنها .

وكان يحيى بن سعيد ينكر عليه أحاديث، منها حديث الحوأب الذي يطعن بأم المؤمنين عائشة. فإن كان قد حدّث به قبل خرفه، فهو دليل قاطع على أنه أرسله ولم يكن مع جيش عائشة. وقد حكم أبو حاتم الرازي (#1328) على حديث قيس عن عائشة بأنه مُرسَل، أي لم يسمع منها شيئاً. وفوق ذلك فإن قيس هذا مع كثرة إرساله، لم يشهد الجمل، كما نص عليه الإمام ابن المديني صراحة في العلل (ص50). وعن قيس جاءت باقي المراسيل. فالذي أخبره قد وهم أو كذب، فمن الصعب أن يشاهد من أين جاء السهم , وإن كان من الثقات وسنوردُ كلام الشيخ الألباني إن شاء الله . 





فكما نرى إن قيس بن أبي حازم لم يشهد الجمل , فخبرُ رؤيتهِ لما وقع فيه نظر فهي مرسلة , فكما نرى في العلل إن قيس لم يشهد " الجمل " كما جاء عند أهل العلل والكلام , وقال أبو حاتم الرازي في العلل (1/442) : " وسمعت أبي ، وحدثنا : عن حرملة ، عن ابن وهب ، عن علي بن عابس ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن عبد الله ، قال : كان على عائشة محرر من ولد إسماعيل ، فقدم عليه سبي بلعنبر ، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتق منهن ، وقال : من كان عليه محرر من ولد إسماعيل فلا يعتق من حمير أحدا. قال أبي : هذا خطأ ، ليس فيه ابن مسعود ، إنما هو مرسل " فقد حكم بإرسال رواية قيس وليس من طريق بن مسعود فخبر قيس بن أبي حازم عن أم المؤمنين رضي الله عنها مرسل كما يتبينُ لنا .

وروى علي بن المديني أن يحيى بن سعيد قال له : قيس بن أبي حازم منكر الحديث ، قال : ثم ذكر له يحيى أحاديث مناكير ، منها حديث كلاب الحوأب . وقال يحيى بن أبي غَنِيَّة : حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، قال : كبر قيس حتى جاز المائة بسنين كثيرة حتى خرِف ، وذهب عقله ، قال : فاشتروا له جارية سوداء أعجمية ، قال : وجعل في عنقها قلائد من عِهْن وودع وأجراس من نحاس ، فجُعِلَتْ معه في منزله ، وأُغلق عليه باب . قا : وكنا نطَّلع إليه من وراء الباب وهو معها ، قال : فيأخذ تلك القلائد بيده فيحركها ، ويعجب منها ، ويضحك في وجهها . رواها يحيى بن سليمان الجعفي عن يحيى .

قال الإمام الألباني : " قلت : و لم يضعفه أحد ، فمثله حجة ، و سائر الرواة ثقات أيضا ، و ذلك ما صرح بهالهيثمي و الحافظ فالسند صحيح ، فلا وجه عندي لقول أبي حاتم " حديث منكر " ،إلا إن كان يعني به أنه حديث غريب فرد ، و يؤيده قوله عقبه :" لا يروى من طريق غيره " . فإن كان أراد هذا فلا إشكال ، و إن أراد التضعيففلا وجه له ، لاسيما و هو موافق لحديث عائشة الصحيح ، فأين النكارة ؟ !و جملة القول أن الحديث صحيح الإسناد ، و لا إشكال في متنه خلافا لظن الأستاذالأفغاني ، فإن غاية ما فيه أن عائشة رضي الله عنها لما علمت بالحوأب كان عليهاأن ترجع ، و الحديث يدل أنها لم ترجع ! و هذا مما لا يليق أن ينسب لأم المؤمنين " . إن رواية أم المؤمنين عائشة كانت من طريق قيس بن أبي حازم ورواية قيس بن ابي حازم عن أم المؤمنين عائشة مرسلة بل لقول أبي حاتم الرازي في هذا الحديث وجه , وإن كان صححه الإمام الألباني فإن قولهُ [ منكر ] فهو منكر من ناحية المتن , وإن كان صحيحاً متناً فإن أم المؤمنين همت بالرجوع ورجوعها رضي الله عنها لا يوقعُ عليها الكلام في شيء رضي الله تعالى عنها ومنها قولهُ .

قال الإمام الألباني : " لا نشك أن خروج أم المؤمنين كان خطأ من أصله و لذلك همت بالرجوعحين علمت بتحقق نبؤة النبي صلى الله عليه وسلم عند الحوأب ، و لكن الزبير رضي الله عنه أقنعها بترك الرجوع بقوله " عسى الله أن يصلح بك بين الناس " و لا نشك
أنه كان مخطئا في ذلك أيضا .

و العقل يقطع بأنه لا مناص من القول بتخطئة إحدى الطائفتين المتقاتلتين اللتين وقع فيهما مئات القتلى و لا شك أن عائشة رضي الله عنها المخطئة لأسباب كثيرة و أدلة واضحة ، و منها ندمها على خروجها ، و ذلك هو اللائق بفضلها و كمالها ، و ذلك مما يدل على أن خطأها من الخطأ المغفور بل المأجور .

قال الإمام الزيلعي في " نصب الراية " ( 4 / 69 - 70 ) : " و قد أظهرت عائشة الندم ، كما أخرجه ابن عبد البر في " كتاب الإستيعاب " عن ابن أبي عتيق و هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قال : قالت عائشة لابن عمر : يا أبا عبد الرحمن ما منعك أن تنهاني عن مسيري ؟ قال :رأيت رجلا غلب عليك - يعني ابن الزبير - فقالت : أما و الله لو نهيتني ما خرجت انتهى " . وإنما هذا لا يقدحُ فيها سلام الله تعالى عليها بل يزيدها رفعة , وما كان خروجها في ذلك الوقت إلا لمصلحة وخير .

ثم قال الإمام الألباني : " تعني بالحدث مسيرها يوم الجمل ، فإنها ندمت ندامة كلية ، و تابت من ذلك .على أنها ما فعلت ذلك إلا متأولة قاصدة للخير ، كما اجتهد طلحة بن عبد اللهو الزبير بن العوام و جماعة من الكبار رضي الله عن الجميع " . وما هذا إلا في خيرها رضي الله عنها , وإن أجتهادها لها لا عليها ورغم أن في نفسي شيءٌ من حديث كلاب الحوأب إلا أن الإمام الألباني رحمه الله تعالى قد بين وأصل في المتن .

وعندي لا يصح سندهُ أصلا , فإن قيس بن أبي حازم لم يروي عن أم المؤمنين وروايتهُ عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مرسلاً كما بينا , في تذكرة الحفاظ (1/61) : " وكان عثمانيا حدث عنه بيان بن بشر والأعمش وإسماعيل بن أبي خالد ومجالد وآخرون وثقه يحيى بن معين وغيره وقال بن المديني قال لي يحيى بن سعيد هو منكر الحديث ثم ذكر له حديث كلاب الحوأب " وسنثبتُ إن شاء الله أن رواية أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها , من طريق قيس بن أبي حازم فيها نظر , كما أن تفرد بن قدامة منكر .

الملل والنحل للشهرساتني (37) : " وقال قيس بن حازم: كنت مع علي رضي الله عنه في جميع ‏أحواله وحروبه حتى قال يوم صفين:" انفروا إلى بقية ‏الأحزاب، انفروا إلى من يقول: كذب الله ورسوله؛ وأنتم ‏تقولون: صدق الله ورسوله"... فعرفت أي شيء كان ‏يعتقد في الجماعة: فاعتزلت عنه " فقد كان مع علي رضي الله عنهُ في كل أحوالهِ وكانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في الحوأب فكيف سمعها قيس بن أبي حازم . ؟؟

ثم لو سلمنا بوقوع " كلاب الحوأب " فليس فيهِ تحذيرٌ او نذيرُ بشيء إنما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بوقع أمرٍ وكما هو معلوم لم يكن من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها الخروج إلا للإصلاح وقد أبدت سلام الله عليها ندمها على خروجها في ذلك الحين وهذا من رفعتها وعظيم قدرها رضي الله تعالى عنها . والله أعلم بالصواب .
 
 
قلنا لو سلمنا بتصحيح الإمام الألباني , فإنقلب الدنيا على أعقابها عند القوم فقد رأينا منهم ما يثبتُ الجهل الصريح بعلم الحديث , والصريحُ من دراستها سنداً تفرد عصام بن قدامة بروايتها , وإرسال قيس بن أبي حازم فقد ثبت أن قيس بن أبي حازم لم يحضر الجمل , كما قال الإمام بن المديني في كتاب العلل , فمتى سمع ذلك من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهذا الإشكال وجب الإجابة عليه , لستُ مناقشاً للناحية الفقهية والدراسة للحديث , بل قلنا لو سلمنا بما كان من تصحيح الإمام الجليل الألباني , والرواية عندي فيها نظر , فإن الكلام حول الرواية منتهي .
 
1- تفرد بها عصام بن قدامة .
2- أرسلها قيس بن ابي حازم فلم يشهد الجمل .
 
فالرواية ليست بالمقبولة حتى , وإن كان صححها الإمام الألباني رحمه الله تعالى رحمةً واسعة , وإن كان منا التسليم بذلك فإن الإمام الألباني أثبت أن ذلك لا يقدح فيها رضي الله عنها , ولا يمكنُ أن يكون الحديث سبباً للقدح فيها , فإن الإخبار عن وقوع الحادثة لا مذمةً ولا منقصة , فبدلاً من الرد بدأت الرافضة بالنيل منا والحمد لله تعالى فأما الرواية من ناحية السند قد صححها الإمام الألباني رحمه الله تعالى وفي متنها كلام وقد تكلم حول مدلول الرواية بعد تصحيحهِ , وعندي أنها معلولة فإن لكل باحث رؤيةً خاصة بعلل الحديث , ويرى ما يعلُ هذا الحديث وما لا يعلهُ , فإن العلة في سند الحديث واضحة فضلاً عن متنهِ , كما أنها رضي الله عنها أبدت الندم لخروجها وما كان من خروجها إلا إصلاحاً .
 
أما علماء أهلُ السنة في تصحيح هذا الحديث فلا يخفى من تساهل في تصحيحهِ , وقد نقض المتن , ولكن لا يستقيمُ فهمُ القوم لما كان من النص في هذه الأحاديث والأخبار فإن الإستدلال بالمصطلحات الحديثية دون فهمها والتعلق في القشة المتهالكة تثير الغثيان , وإن جاء من طريقٍ غير طريق عاصم وعكرمة رحمهم الله تعالى فإن الحديث من رواية قيس بن أبي حازم " فيهِ نظر " فقيس كان عثمانياً ولم يشهد الجميل , بل روايتهُ عن أم المؤمنين عائشة مرسلة , وإن وقع إحتمال روايتهِ فهي ضئيلة , فعلةُ هذا الحديث واضحة قال إبن المديني رحمه الله شيخ الإسلام إن العلة سببٌ خفي يقدح في صحة الحديث مع أن ظاهرهُ الصحة , نسأل الله العافية والحمد لله أن طعن بنا .  
 
رغم أن العلة ظاهرة في رواية قيس بن أبي حازم , إلا أن الكلام حول هذا الفن وأنت جاهلٌ فيه إنما يأتي بالعجاب وهذا حالهم حينما أرادوا الإجابة حول إرسال قيس بن أبي حازم لروايتهِ عن أم المؤمنين , إن كانت أم المؤمنين في الحوأب وكان قيس مع علي رضي الله عنهم أجمعين , فكيف حدث عنها رضي الله عنها , وإن كان إحتمال سماعهِ منها ضئيلاً , لكنهُ رحمه الله تعالى لم يلقى أم المؤمنين عائشة .

ثم رغم أننا لم ننتهي من تنقيح مقال الشيخ الفاضل محمد الأمين نفع الله بعلمهِ , إلا أن المتن فيهِ نكارة كذلك , فلو كان مروان بن الحكم أراد قتل طلحة رضي الله عنهُ لكان أتاهُ السهم من الأمام أو من أعلى وليس من الأسفل فكيف رماهُ بالسهم وقيل أن له دور في قتل طلحة رضي الله عنهُ , وقد أتاهُ السهم في قدمهِ , ثم إن كلام إبن المديني في العلل في إرسال قيس بن أبي حازم رحمه الله تعالى وهو ثقة ولو كان في زمان الصحابة لكان من خيرهم , إلا أنهُ أرسل عنها ليت المعلقون يتعلمون .
 
 
ألا خاب المبطلون , وتعس المضلون فإن علم العلل من أوسع العلوم وصدق من قال " من تكلم في غير علمهِ أتى بالعجائب " وهنا تقع المعضلة فقد رأينا أن القوم بدأت بالتطاول علينا , ولا أدري هل الإنتصارُ للباطل بالفهم الاعوج يدفعهم للسب والشتم تعس قذرُ اللسان فإنهُ خائب أينما وطئت قدمهُ وقد رأينا منهم العجاب ونسأل الله تعالى أن يجعل طعنهم وسبهم لنا خيراً لنا عند اللقاء وأسألهُ المغفرة جل في علاه .

الرواية سنداً ليست بالمقبولة , وإن قولنا ذلك من باب التبيان فإن الإمام الألباني رحمه الله تعالى صحح الرواية مع بيان العلة , وبيان الخبر فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن وقوع الحادثة , ولم يذكر في ذلك مذمة , فإن سلمنا بذلك فقد أبدت أم المؤمنين رضي الله عنها أسفها على خروجها وندمها لأنها تأولت رضي الله عنها وأرادت الإصلاح فندمت رضي الله عنها وكان ذلك من رفعة منزلتها وكمال دينها .

سبحان الله العلي العظيم ما رأيتُ مثل هذا بحياتي , صدق الشيخ التميمي حين قال لي " الرافضة = إضاعةً للوقت " فكأننا ننفخُ في قربةٍ بالية , إن أئمة الحديث كالأرنؤوط والألباني رحمهم الله من الاعلام وجهلم طغى عليكم فإن صحح الإمام الألباني الخبر فإنهُ قد رد شبهة كلاب الحوأب , وإن منهجية دراسة الحديث تختلف عند أهل الحديث فقد يرى طالب العلم علةً تقدح في الحديث ويرى غيرهُ ما لا يقدح فيه وإنه لا إشكال في الحديث كما قال الإمام الألباني رحمه الله تعالى لأن ذلك لا يقدحُ في أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها في شيء , ألا والله خاب ضعفاء العقل .

شتمتنا , فالحمد لله بل هذه علل يعتمدُ عليها في الحديث وإن كان عصام بن قدامة ثقة فإنهُ تفرد بها وقد أعلها أبي زُرعة وأبي حاتم فإن كان الإمام الألباني رحمه الله تعالى قد رد كلام أبي حاتم الرازي , فإن أبي زُرعة قد أعلها لا ينكرُ العبد ما قد تكلم فيه الشيخ الإمام الجليل الألباني , ولكن لنا رؤية في هذا الحديث وفي القلب منهُ شيء فإن الخبر من طريق " عصام بن قدامة " وقد تفرد بهِ أعلهُ أبي زُرعة ولعلنا نعرفُ بهذا الإمام الجليل رحمه الله تعالى وإعتدالهُ في الرجال والاخبار , قد قال أبي حاتم الرازي فيه " بأس بهِ " ولا ننكرُ هذا ولكن ابي زُرعة أعل الخبر بتفردهِ رحمه الله تعالى فإن الخبر وإن صُححَ من قبل الإمام الألباني فليس للرواية شاهدٌ غير رواية قيس بن أبي حازم وفي ذلك نظر وكلام , فإن أم المؤمنين أرادت الرجوع ولكن الزبير رضي الله عنهم قال لعل الله تبارك وتعالى يصلحُ في ذلك , ثم أبدت ندمها رضي الله عنها وأرضاها .

قال الذهبي في السير (13|81): «يُعجبُني كثيراً كلام أبي زُرعة في الجرح والتعديل. يَبِيْنُ عليه الورَع والمَخبِرة. بخلاف رفيقه أبي حاتم، فإنه جَرّاح». ولكن الدكتور سعدي الهاشمي قال في خاتمة كتاب "أبو زرعة الرازي وجهوده في السنة النبوية" (ص1025): «أبو زرعة شديد المنهج، لا يتهاون ولا يتسامح في التجريح والتعديل. وعلى الرغم من وصف الذهبي له بقوله: "يعجبني كثيراً كلام أبي زرعة..." فقد جرح بعض الأئمة والحفاظ بسبب أو آخر، ولم يلتفت أو يراعي منزلتهم بين الحفاظ وعامة الناس. وهذا يرجع إلى تأثره بمدرسة شعبة بن الحجاج ويحيى القطان وابن معين وغيرهم من المتشددين». قلت: أبو زرعة معتدل في الجرح والتعديل يميل إلى التشدد، لكنه ليس متعنتاً، ولا هو ممن يخشى لومة لائم فيما يراه الحق من الأحكام على الرجال.

فإن حكمهُ على الحديث بالنكارة هو من درايةٍ بحال الرجال والأخبار , فقد قال أبي حاتم الرازي منكر , وقال أبي زُرعة ليس لهُ أصل وهذا أبي زُرعة الإمام المعتدل في الجرح والتعديل وأحكام الاحاديث , وإنما نصر السنة رحمه الله تعالى في كلامهِ فلا أدري متى يتعلم القومُ علم الأدب في الكلام حتى يكونُ للكلام نفع فالناظرُ إلي حالهم من التخبط والشتم بنا يعلمُ علم اليقين أنهم ممن تمسك بالقشة البالية , إنما العلة في الحديث وقد قال تفرد بهِ عصام بن قدامة , وليس لهُ أصل فهو ثقة من الأثبات , ولا ينفى كون الثقة حدث بأخبار لا تصح ومنكرة , ولكن هذا لا يطعن في عدالتهِ .

فقد ياتي الثقة بأخبار لا تصح , او ينكرها أهل الحديث ولكن هذا لا يقدح في عدالتهِ فقد قيل أخطأ أبي داود الطيالسي في ألف حديث ولكن هذا لم يحط من منزلتهِ في الحديث والعلم , بل إنهُ من الأئمة الحفاظ , كذلك أخطأ ابي عوانة في حديث ولكن ذلك لا يقدح بعلمهِ ودرايتهِ للحديث فكم أحبذُ أن يتعلم القومُ العلمَ ثم يتكلمون فيهِ ولا يجب أن تأخذ النصوص بظاهرها , وكلام المتأخرين بظاهرهِ بل يجب النظر فيه والتمعن فيه تمعناً جيداً والنظر إلي القرائن التي يعل بها الحديث والكلام عند الأعلام .

قال الشيخ الدكتور إبراهيم اللاحم : " قول أحمد ( ذا سمعت أصحاب الحديث يقولون هذا حديث غريب ، أو فائدة ، فاعلم أنه خطأ ، أو دخل عليه حديث في حديث ، أو خطأ من المحدث ، أو حديث ليس له إسناد ، وإن كان قد روى شعبة وسفيان ، فإذا سمعتهم يقولون هذا لاشيء فاعلم أنه حديث صحيح ) " .

وقال أبو داود في وصف أحاديث السنن ( والأحاديث التي وضعتها في كتاب السنن أكثرها مشاهير وهي عند كل من كتب شيئا من الحديث إلا أن تمييزها لا يقدر عليه كل الناس والفخر بها أنها مشاهير فإنه لا يحتج بحديث غريب ولو كان من رواية مالك ويحيى بن سعيد والثقات من أهل العلم . ولو احتج رجل بحديث غريب وجدت من يطعن فيه ولا يحتج بالحديث الذي قد احتج به إذا كان الحديث غريباً شاذاً . فأما الحديث المشهور المتصل الصحيح فليس يقدر أن يرده عليك أحد )..

ونقل ابن رجب عن أبي بكر البرديجي قوله في سياق ما إذا انفرد شعبة ، أو سعيد بن أبي عروبة ، أو هشام الدستوائي بحديث عن قتادة ، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم ( المنكرهو الذي يحدث به الرجل عن الصحابة ، أو عن التابعين ، عن الصحابة ، لايعرف ذلك الحديث ـ متن الحديث ـ إلا من طريق الذي رواه ، فيكون منكرا ) ، ثم قال البرديجي ( فأما أحاديث قتادة التي يرويها الشيوخ ، مثل حماد بن سلمة ، وهمام ، وأبان والأوزاعي ننظر في الحديث فإن كان يحفظ من غير طريقهم عن النبي صلى الله عليه سلم ، ولا من طريق أخرى عن أنس الا من رواية هذا الذي ذكرت لك ، كان منكرا )

فهذه النصوص أقل ما يستفاد منها أن كبار النقاد يتوقفون في بعض ما يتفرد به الثقة ، وربما صرحوا برده ونكارته ، وعملهم بذلك يدل على ذلك أيضا ، فلا يحصى ما استنكره النقاد مما يتفرد به الثقات ، وربما احتاج الناقد منهم لإذهاب ما في نفسه من تفرد الراوي أن يحلفه على السماع ، مع أنه ثقة متثبت ، قال عبد الرحمن بن أبي حاتم (( سمعت أبي وذكر حديث عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وعن هبته ) قال شعبة استحلفت عبد الله بن دينار : هل سمعتها كذا من ابن عمر ؟ فحلف لي ، قال أبي : كان شعبة بصيرا بالحديث جدا ، فهما فيه ، كان إنما حلفه لأنه كان ينكر هذا الحديث ، حكم من الأحكام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشاركه أحد ، لم يرو عن ابن عمر أحد سواه ) وستكون حاشية خفيف على التفرد .

وهذا المعنى المتقدم ـ وهو أن الثقة ومن في حكمه قد يستنكر عليه بعض ما يتفرد به ـ وهو المراد بقولهم في تعريف الحديث الصحيح ، والحسن : ( ألا يكون شاذا ) فالشذوذ هنا هو التفرد مع مع ترجيح خطأ الراوي ) , وقد ساق الشيخ إبراهيم اللاحم حفظه الله تعالى أمثلة كثيرة حول تفرد الثقة وما أنكر من تفرد الثقة , فأقول وإن تفرد عصام بن قدامة من غير المقبولِ منه رحمه الله تعالى , فإن الخطأ وارد على الثقة .

وروى حفص بن غياث عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر قال (( كنا ناكل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نمشي ونشرب ونحن قيام )) (1) فاستنكره جماعة من النقاد ، قال الأثرم ( قلت له ـ يعني لأبي عبد الله أحمد بن حنبل ـ الحديث الذي يرويه حفص ... ، فقال ما أدري ما ذاك ـ كالمنكر له ـ ، ما سمعت هذا إلا من ابن أبي شيبة ، عن حفص ، قال لي أبو عبد الله : ما سمعته من غير ابن أبي شيبة ؟ قلت له : ما أعلم أني سمعته من غيره ، وما أدري رواه غبره أم لا ، ثم سمعته أنا بعد من غير واحد عن حفص ، قال أبو عبد الله : أما أنا فلم أسمعه إلا منه ، ثم قال : إنما هو حديث يزيد عطارد ) (2)وقال ابن معين (( لم يحدث به إلا حفص ، وما أراه إلا وهم فيه ، وما أراه إلا وهم فيه ، وأراه حديث عمران بن حدير ، فغلط بهذا ) (3).

وقال ابن المديني ( نعس حفص نعسة ـ يعني حين روى حديث عبيد الله بن عمر ـ وإنما هو حديث أبي البزري ) قال أبو داود بعد أن روى هذا : كان بأخره دخله نسيان ، وكان يحفظ ) (4)ونقل الترمذي عن البخاري قوله فيه ( هذا حديث فيه نظر ) ثم قال : لا يعرف عن عبيد الله إلا من وجه رواية حفص ، وإنما يعرف من حديث عمران بن حدير عن أبي البزري عن ابن عمر ، وأبو البرزي اسمه يزيد بن عطارد ) (5)وقال أبو زرعة حين سئل عنه معللا له ( رواه حفص وحده ) (6) وقال أبو حاتم ( إنما هو حفص عن عبيد الله العرزمي ، وهذا حديث لا أصل له بهذا الإسناد ) (7) .

(1) الترمذي (1880) ، ابن ماجة (3301) ، احمد (2/108) ، ابن أبي شيبة (8/205) ، شرح معاني الآثلر (4/273) ، ابن حبان (5325،5322) تاريخ بغداد (8/195)
(2) تاريخ بغداد (8/195)
(3) تاريخ بغداد (8/195)
(4) سؤالات الآجري لأبي داود (1/337)
(5) العلل الكبير (2/791)
(6) العلل لابن أبي حاتم (2/10) ، تاريخ بغداد ((8/196)
(7) العلل لابن أبي حاتم (2/9)

قال الشيخ حفظه الله تعالى : " والحكم في التفرد كغيره من مسائل هذا الفن ، يخضع لنظر الناقد فيما لديه من قرائن وأدلة ، وربما وصل فيه إلى ما وصل فيه غيره ، لاجتماع قرائن وتعاضدها ، وقد يخالف غيره ، وهذا ما يفسر لنا استنكار ناقد لحديث ، وغيره يراه صحيحا محفوظا ، وفي الصحيحين أشياء من هذا القبيل لا أطيل بذكرها " وهذا كلام نفيس جداً في بيان النظرة في نقد الحديث , فإن التفرد فيهِ نظرة يجب دراستها .

أما إرسال قيس بن أبي حازم , وعندي لا يصح سندهُ أصلا , فإن قيس بن أبي حازم لم يروي عن أم المؤمنين وروايتهُ عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مرسلاً كما بينا , في تذكرة الحفاظ (1/61) : " وكان عثمانيا حدث عنه بيان بن بشر والأعمش وإسماعيل بن أبي خالد ومجالد وآخرون وثقه يحيى بن معين وغيره وقال بن المديني قال لي يحيى بن سعيد هو منكر الحديث ثم ذكر له حديث كلاب الحوأب " وسنثبتُ إن شاء الله أن رواية أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها , من طريق قيس بن أبي حازم فيها نظر , كما أن تفرد بن قدامة منكر .

الملل والنحل للشهرساتني (37) : " وقال قيس بن حازم: كنت مع علي رضي الله عنه في جميع ‏أحواله وحروبه حتى قال يوم صفين:" انفروا إلى بقية ‏الأحزاب، انفروا إلى من يقول: كذب الله ورسوله؛ وأنتم ‏تقولون: صدق الله ورسوله"... فعرفت أي شيء كان ‏يعتقد في الجماعة: فاعتزلت عنه " فقد كان مع علي رضي الله عنهُ في كل أحوالهِ وكانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في الحوأب فكيف سمعها قيس بن أبي حازم , فقد أشكلنا على الرافضة هذا الكلام ولكنا لم نرى القبول منهم ولم يرد عليه .

أما الكلام حول دور مروان في مقتل طلحة , فإن " قيس " لم يشهد الجمل وقلنا إن روايتهُ عن أم المؤمنين عائشة مرسلة , وإن كان حضرها فإن المتن فيه نكارة فكيف يكونُ عني مروان بقتل طلحة وقد جاء السهمُ في قدمهِ , فإن كان مروان أراد قتل طلحة بن عبيد الله رضي الله عنهُ لأتاهُ السهمُ من الأمام وليس في قدمهِ وقوله : " رأيت مروان بن الحكم حين رمى طلحة بن عبيد الله يومئذ فوقع في ركبته فما زال يسبح إلى أن مات " في ركبتهِ فهذا ينافي العقل والفهم الصحيح فإن كان رماهُ متعمداً قتلهُ كان السهمُ أتاهُ في الجهة العلوية من الجسد , وليس في الركبة .

قد نص ابن المديني نفسه أن قيس بن أبي حازم قد سمع من طلحة .. و قد روى قيس عن طلحة فيما يخص الجمل .. كما أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه قال ( حدثنا أبو أسامة قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال أخبرنا قيس قال : رمى مروان بن الحكم يوم الجمل طلحة بسهم في ركبته ، قال : فجعل الدم يغدو يسيل ، قال : فإذا أمسكوه استمسك ، وإذا تركوه سال ، قال : فقال : دعوه ، قال : وجعلوا إذا أمسكوا فم الرجح انتفخت ركبته ، فقال : دعوه فإنما هو سهم أرسله الله ، قال : فمات ، قال : فدفناه على شاطئ الكلاء ، فرأى بعض أهله أنه قال : ألا تريحونني من الماء ؟ فإني قد غرقت - ثلاث مرار يقولها ، قال : فنبشوه فإذا هو أخضر كالسلق فنزفوا عنه الماء ثم استخرجوا فإذا ما يلي الارض من لحيته ووجهه قد أكلته الارض ، فاشتروا له دارا من دور آل أبي بكرة بعشرة آلاف فدفنوه فيها ) قال الرافضي أن هذا تصريح بسماع قيس من طلحة سبحان ربي ما هذا الجهل وضعف العلم في الكلام , كيف سمع طلحة بن عبيد الله أين التصريح بروايتهِ عن طلحة بن عبيد الله بل الخبر من طريق قيس ان مروان بن الحكم قد رمى طلحة فالمتن فيهِ نكارة فإن كان يريدُ قتلهُ لأصاب السهم الجهلة العلوية من الجسد وليس في ما نقل الرافضي من التصريح بالسماع أو أن قيس شهد الجمل .

ومن العجب قولهُ : [ وسكوت النقاد و الأئمة وأهل هذا الفن من المتقدمين والمتأخرين والمعاصرين (ومعهم ابن المديني) فيه دلالة على إتفاقهم بأن قيس لم يكن مدلسا .. وبهذا بان فساد قول ابن المديني أن قيس لم يشهد الجمل .. فتأمل ] الله المستعان بل إن علي بن المديني من الأئمة الحفاظ وما ثبت عليه رحمه الله تعالى يوضحُ مكانتهُ ومعرفتهُ بعلم علل الحديث وهو أحد مشيخة الإمام البخاري , قال أبو زرعة الرازي عن "فُضَيل بن سُليمان النُّميري": «روى عنه علي بن المديني، وكان من المتشددين». نقله عنه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (7|72). قلت فهذه شهادة إمام معتدل من أعرف الناس بابن المديني. وتشدده لم يبلغ مبلغ تعنت أبي حاتم، وإنما هو في مرتبة شيخه ابن مهدي، حيث أنه لا يترك من حدث عنه ابن مهدي. أما في الفقه فلم يكن من الفقهاء. وكان سلفياً في اعتقاده لكنه ضعُف وساير المعتزلة أيام الفتنة خوف بطشهم.

قال البخاري: «ما استصغرت نفسي عند أحدٍ إلا عِند علي بن المديني. ما سمعتُ الحديث من فيّ إنسانٍ أشهى عندي أن أسمعه من فيّ علي».

وقال عباس العنبري: «الشاذكوني أعلم بصغير الحديث. وعلي بن المديني أعلم بجليله». وقال عمرو الناقد: قَدِمَ الشاذكوني بغداد، فقال لي أحمد بن حنبل: «اذهب بنا إليه نتعلم منه نقد الرجال».قال عبد الرحمن بن مهدي: «علي بن المديني أعلم الناس بحديث رسول الله r، و خاصة بحديث ابن عيينة». وقال الآجري: قيل لأبي داود: «علي أعلم أم أحمد؟». قال: «عليٌّ أعلم باختلاف الحديث من أحمد».

وقال أبو حاتم الرازي: «كان علي بن المديني علماً في الناس في معرفة الحديث والعلل».وقال ابن حجر في التقريب: «أعلم أهل عصره بالحديث وعلله».قال الذهبي في الميزان: «إليه المنتهى في معرفة علل الحديث النبوي».وقال ابن الأثير في اللباب: «وكان من أعلم أهل زمانه بعلل حديث رسول الله r». فهل يكفي هذا في إثبات أن قول إبن المديني رحمه الله تعالى بأن قيس بن أبي حازم لم يشهد الجمل , وإن روايتهُ مرسلة , كافية بإعلال الحديث لله العجب , الحمد لله ربي إن الحيث لهُ طريقان عن عصام بن قدامة وقيس وقد ثبتت العلة لهذا الحديث , وأما قولهُ في حقنا بقية كلامنا تخبط فهذا جهلٌ وضعفٌ علمي والحمد لله رب العالمين .

كتبهُ /

أهلُ الحديث
 
 
متى سيتعلمون الأدب في الحديث , فإن اللامرادي زاد في شتمهِ وغيهِ في الكلام علينا فالحمد لله , ولا أدري ما بالهُ قد فقد أعصابهُ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فبعد أن رددنا وصفنا بأوصاف نابية ولله العجب كيف يستغربُ هذا من أمثالكم فأنتم أهلُ القذارة التي لا يمكن أن تنتهي حديثاً وقولاً لا حول ولا قوة إلا بالله .

لله العجب لم يفهم ما نريدُ بقولنا " مع بيان العلة " فظن أنا نتكلمُ عن علةٍ من علل الحديث الحديث فإن المراد من قولنا بيان علة الحديث فإن اللفظ فهمهُ الالباني من كلام أبي حاتم الرازي أنهُ [ غريب ] ولكن الحديث معلول سنداً وقولنا قد بين علتهُ متناً أي أن الحديث ليس بالمطعن في سيدة نساء العالمين رضي الله عنها أم المؤمنين .

لا حول ولا قوة إلا بالله لم أتكلم في المتن بعد بل بينتُ العلة من تصحيح الإمام الألباني والكلام حول الإسناد , فإن الإمام الألباني رحمه الله تعالى لا يرى في الحديث ما يُشكل أو يكونُ مطعناً في أم المؤمنين رضي الله تعالى فمتى تفهمون إن كان ذلك ما تزعمون في حقنا , فالله أكبر إن ما تقولون في حقكم أكبر فإتقوا الله في رميكم لغيركم .

لله درُ شيخنا التميمي حفظه الله تعالى , بل وربُ الكعبة صدق اما تلك الأوصاف التي خرجت من اللامرادي في الرد علينا تبينُ ضعفهُ وإليكم ما قال اللامرادي في الرد علينا كما وصفهُ أحدُ الإخوة لنا وقال هو اللامراد فتعسَ وخاب لجهلهِ .

قال [ ترقيعك هذا .. مشيه على الغنم حولك .. فأنت من أتيت رافعا عضلاتك وحينما خرجت عريانا من عند الرافضة .. أصبحت تقول مضيعة للوقت محد قالك سوي نفسك شيخ الإسلام و أنت أجهل من عفير ] سبحان الله إنظروا إلي هذا الفهم وهذا الكلام مما يثبتُ لنا أن المحاور لا يمتلكُ ذرةً من العلم يحاورُ بها فيصفنا بهذه الأوصاف .

بل أعلها أبي زُرعة الرازي , وقد تكلمنا في التفرد في ردنا ولكن الرافضة لا تقرأ ما نكتب فأنتم صدق في حواركم شيخنا [ مضيعةً للوقت ] فإنا قد تكلمنا في الاحاديث التي لا شاهد لها وكلامُ أهل الحديث حول التفرد , والتفردُ من الثقة برواية قد سبرت عند أهل الحديث , ولكن تفرد عصام بن قدامة بالحديث قد أعلهُ أبي زُرعة ولعل الرافضة لم ترى ما قالهُ إبن أبي حاتم في العلل , هذا جهلٌ عظيم كيف نرمي بأحاديث الثقات كما يقولُ محاوري فإن هذا لا يكونُ من عقل من يحاور ويعرفُ ضابط الحوار الله المستعان .

ثم قال إعلال أبي حاتم وأبي زُرعة لا حجة عليه , فهذا إن دل على شيء فيدلُ على الضعف العلمي لمحاورنا , فكيف لا حجة فيهِ وهما من أئمة الحديث والعلل كذلك أبي زُرعة الرازي من المعتدلين في معرفة السنة والحكم على الأحاديث , أعلهُ أبي حاتم وأبي زُرعة في العلل والأساس الذي أعلوهُ بي موجود , وقد بينا بعض الامور في تفرد الثقات , ولا يشترط بهذا رد تفرد الثقات بالكلية الله المستعان ما هذا , سوءُ أخلاقك في الحوار دليلُ ضعفك فتعلم الأدب في حوارك , فهمهُ الوحيد كلُ شيءٍ لا حجة فيهِ مساكين هم أهل البدع يتمسكون بالقشة من غير بينة ولا علمٍ ولا دراية .

الحديث تفردَ بهِ من رواية عصام بهذا الوجه , وتابعهُ قيس بن أبي حازم والروايتان معلولتان ليس في كلامي تناقض لله العجب بل التناقضُ في الفهم لما نكتبُ فلم أظنُ أن فهم كلامنا صعبٌ إلي هذه الدرجة وقد تكلمنا بلغةٍ بسيطة , تفرد عصام أنكرهُ احدُ أئمة العلل وهو أبي زُرعة وأبي حاتم ولم يتكلم في إعلالهما للحديث بحجة , بل تفرد الثقة في بعض الأحيان قد لا يكونُ مبقولاً , لأن تفرد عصام بن قدامة وإن كان ثقة فإن التفرد غير مقبول ولا يقتضي التكلمُ في تفردات الثقات بل إن أهل العلم تكلموا في تفرد الثقات المعروفين بالرواية الكثيرة والمشهورين بها , وهي مقبولة ولا يمكن ردها إلا أنا قد تكلمنا في التفردِ كلاماً كثيراً وبينا العلة في التفرد .

قال إبن أبي حاتم في الله (2/426) : " 2787- وسألت أبي عن حديث ؛ رواه الأشج ، عن عقبة بن خالد ، عن ابن قدامة ، يعني عصام ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبعض نسائه : ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب ، وذكر الحديث.قال أبي : لم يرو هذا الحديث غير عصام ، وهو حديث منكر. وسئل أبو زرعة عن هذا الحديث ، فقال : هذا حديث منكر لا يروى من طريق غيره " . هذا كلامُ أبي زُرعة فأين كذبنا إن قلنا ليس لهُ أصل فقد أردنا بذلك النكارة في الحديث .

أين المزاج في ردنا لرواية عصام رحمه الله تعالى , وقد ردها من هم خيرٌ منا في الحديث وغيرُ واحد من أهل الدراية فأبي بكر إبن العربي والشيخ الأفغاني ورغم تكلم الإمام الألباني رحمه الله تعالى في إعلالهم إلا أن إعلالهم كان بحجةٍ قوية وبينة فإن النكارة في تفردِ الثقة ورد الإمام الألباني ولم أقف للسيوطي رحمه الله تعالى رداً على كلام أبي زُرعة وأبي حاتم رحمهم الله بل تكلم الإمام الألباني في ذلك وقال أن بن قدامة ثقة وليس في اللفظ نكارة , وإن كان مراد أبي حاتم أنهُ من غريب الحديث فهو كذلك وقد بينا تفرد الثقة وغريب الحديث من رواية الثقات في كلامنا السابق , بل بينا في ردنا العلة في الاحاديث ولكنك تحاولُ المنافحة عنها بغير علم ولا حجة ولا برهان .

بل يكونُ خطأ الراوي من بداية روايتهِ للحديث , فقد حدث أبي عوانة بالحديث وقد أخطأ فيهِ , وأنكرهُ الناس على يحيى بن عبد الحميد الحماني " الضعيف " إن تخطئة الثقة بغير حجة لا تجوز " ولا يختلف في كلام الإمام الألباني رحمه الله تعالى , فإن أبي عوانة قد أخطأ في حديث " لا يؤدي عني إلا علي " قالهُ أحمد بن حنبل في كلامهِ حول الحديث , بل التفرد علةً قادحة كذلك غريبُ الحديث عند أهل الدراية , فإن التفرد فيهِ نظر إن كان الحديث فيهِ كلام متناً ومن القرائن التي تثبتُ أن أم المؤمنين كانت في الحوأب وكان بن أبي حازم مع علي فكيف روى ذلك عن أم المؤمنين ولا تذكروا لنا ما وقع بين مروان بن الحكم وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهُ فإن ذلك ليس بالمقبول .

الخطأ قد يقع من الثقة , ولكن هذا لا يعني أن تلقي الإفتراضات بأن كل ثقة أخطأ في حديث سقط حديثهُ لله العجب , وأما إستدراكات أم المؤمنين رضي الله عنها على بعض الصحابة في الحديث فإنما هو لدرايةٍ كبيرة بما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأنهُ صلى الله عليه وسلم كان يروي الأخبار وكانت أم المؤمنين تسمعُ منهُ وتعرفُ ما كان يفعل رضي الله عنها , وكلُ حركاتهِ وسكناتهِ ,بل إن إعلالك لكلامنا لا قيمة لهُ .

لم نعل الحديث بالمزاجية , بل أعللنا الحديث بعلمية فإن التفرد علة فهناك قرائن تخالفُ الحديث وروايتهُ من عصام وبن أبي حازم رحمهم الله وكلا الروايتين معلولة , القرينة التي تثبتُ ان الخبر ليس بالذي تقومُ لهُ قائمة هو ما فعلتهُ أم المؤمنين رضي الله عنها بان همت بالرجوع ولكن الزبير رضي الله عنهُ أقنعها بالذهاب .

لله العجب ألست القائل قد سمع قيس من طلحة , ألست القائل : " قد نص ابن المديني نفسه أن قيس بن أبي حازم قد سمع من طلحة .. و قد روى قيس عن طلحة فيما يخص الجمل " أترك عنك سخافة العقل والفهم فلا تنفعك في الحوار أبداً , والله إنك مضيعةً للوقت , إن قولهُ " سهمٌ أرسلهُ الله " تنفي دور مروان في قتلهِ , وقيس بن أبي حازم كما قال الشهرساتني في الملل كان من علي في كل حركاتهِ , فكيف روى عن أم المؤمنين في الجمل , وإن كلامنا حول رواية قيس في الجمل ولم يشهدها , وإنما قولك بالتدليس وسكت عنهُ أهل الحديث , فإني أتعجبُ والله .
 
 
أما علمُ بن المديني رحمه الله تعالى , فإنهُ على درايةٍ بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم , وقولك سردنا حياتهُ إن هذا إلا جهلٌ منك ولا علم بالمفاضلة بين علماء الحديث فإبن المديني رحمه الله تعالى يعرفُ الاخبار والأثار , ويعرفُ العلل في الحديث , وسئل عن إن كان شهد قيس بن أبي حازم الجمل فقال لا وكان عثمانياً .
 

الكلام على حديث ( كَيْفَ بِإِحْدَاكُنَّ تَنْبَحُ عَلَيْهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

أما بعد :

قال أحمد في مسنده 24254 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَتْ عَائِشَةُ بَلَغَتْ مِيَاهَ بَنِي عَامِرٍ لَيْلًا نَبَحَتِ الْكِلَابُ، قَالَتْ: أَيُّ مَاءٍ هَذَا ؟ قَالُوا: مَاءُ الْحَوْأَبِ قَالَتْ: مَا أَظُنُّنِي إِلَّا أَنِّي رَاجِعَةٌ فَقَالَ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَهَا: بَلْ تَقْدَمِينَ فَيَرَاكِ الْمُسْلِمُونَ، فَيُصْلِحُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَاتَ بَيْنِهِمْ، قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا ذَاتَ يَوْمٍ: " كَيْفَ بِإِحْدَاكُنَّ تَنْبَحُ عَلَيْهَا كِلَابُ الْحَوْأَبِ ؟ " 

هذا الحديث صححه جمع من أهل العلم وضعفه غيرهم ، وظاهر إسناده أنه في أعلى درجات الصحة غير أن له علةً من الخفاء بمكان 

وهي الانقطاع بين قيس بن أبي حازم وعائشة 

فإن قلت : كيف ذاك وقيس تابعي مخضرم وقد أدرك تسعة من العشرة المبشرين وسمع منهم ولم يكن مدلساً ، والقاعدة في مثل هذا الحكم بالاتصال على مذهب مسلم في السند المعنعن 

فيقال : نعم هذا الاعتراض مسلم ، غير أن ما خفي على المعترض أن الأئمة حتى في حال المعاصرة لهم قرائن يستدلون على عدم السماع وإن أمكن 

فمن ذلك أن يروي الراوي عن شيخه المذكور في حديث آخر بواسطة ، فيستدلون بذلك على أنه لم يسمع منه 

وقيس قد روى عن عائشة بواسطة في حديث آخر 

قال أحمد في مسنده 24253 - حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسٌ، عَنْ أَبِي سَهْلَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ادْعُوا لِي بَعضَ أَصْحَابِي "، قُلْتُ: أَبُو بَكْرٍ ؟ قَالَ: " لَا " . قُلْتُ: عُمَرُ ؟ قَالَ: " لَا " . قُلْتُ: ابْنُ عَمِّكَ عَلِيٌّ ؟ قَالَ: " لَا " . قَالَتْ: قُلْتُ: عُثْمَانُ ؟ قَالَ: " نَعَمْ "، فَلَمَّا جَاءَ، قَالَ: " تَنَحَّيْ " . فَجَعَلَ يُسَارُّهُ، وَلَوْنُ عُثْمَانَ يَتَغَيَّرُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الدَّارِ وَحُصِرَ فِيهَا، قُلْنَا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَلَا تُقَاتِلُ ؟ قَالَ: " لَا، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا، وَإِنِّي صَابِرٌ نَفْسِي عَلَيْهِ

وأسقط بعضهم ذكر عائشة من السند ، ولكن الذين زادوه ثقات أثبات فهنا يحيى القطان وفي مسند إسحاق بن راهوية أبو معاوية الضرير ، وفي مسند الحميدي (285) سفيان بن عيينة 

فإن قلت : ما الدليل على أن الأئمة يعتبرون مثل هذا علةً في السند 

قلت لك : قال ابن أبي حاتم في المراسيل 318 _كتب إلي علي بن أبي طاهر حدثنا أحمد بن محمد الأثرم قال قلت لأبي عبدالله أبو وائل سمع من عائشة قال ما أدري ربما أدخل بينه وبينها مسروق في غير شيء وذكر حديث إذا أنفقت المرأة

فهنا توقف أحمد في سماع أبي وائل من عائشة مع أنه أدركها بل هو مخضرم شأنه شأن قيس وأدرك فلما روى عنها بواسطة تشكك أحمد في سماعه منها 

وقال ابن أبي حاتم في المراسيل 320_ سمعت أبي يقول أبو وائل قد أدرك عليا غير أن حبيب بن أبي ثابت روى عن أبي وائل عن أبي الهياج عن علي رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه لا تدع قبرا مشرفا إلا سويته

فتأمل كيف شكك في سماعه من علي مع أنه أدركه بسبب روايته عنه بواسطة 

ولهذا قال الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار (1/161) :" ولا يقال: اكتفى بالمعاصرة، لأن محل ذلك أن لا يحصل الجزم بانتفاء التقاء المتعاصرين إذا كان النافي واسع الاطلاع مثل ابن المديني، والله أعلم"

والإمام واسع الاطلاع إنما ينفي بأدلة وقرائن لا بالتشهي ، وقد بينت لك القرينة التي يعتمدها الأئمة في نفي مثل هذا 

وإليك مثال آخر 

قال الحافظ ابن حجر في هدي الساري (2/202) :" الحديث الثامن عشر قال الدارقطني أخرج البخاري حديث داود بن أبي الفرات عن أبي بريدة عن أبي الأسود عن عمر مر بجنازة فقال وجبت الحديث وقد قال علي بن المديني أن بن بريدة إنما يروي عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود ولم يقل في هذا الحديث سمعت أبا الأسود قال الدارقطني وقلت أنا وقد رواه وكيع عن عمر بن الوليد الشني عن بن بريدة عن عمر ولم يذكر بينهما أحد انتهى
ولم أره إلى الآن من حديث عبد الله بن بريدة إلا بالعنعنة فعلته باقية إلا أن يعتذر للبخاري عن تخريجه بأن اعتماده في الباب إنما هو على حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس بهذه القصة سواء"

فتأمل كيف طعن ابن المديني في سماع عبد الله بن بريدة من أبي الأسود مع تعاصرهما ، بروايته عنه بواسطة في حديث آخر ، وإقرار الدارقطني لهذا الإعلال وكذا الحافظ ابن حجر 

فإن قلت : ألم يصحح ابن حبان هذا الحديث ؟

قلت لك : قد قدمت لك أن الدارقطني لم يقنع بتصحيح البخاري لخبر استبان له فيه الانقطاع ، وابن حبان على إمامته في الفن صحح عدداً من الأحاديث المنقطعة 

قال ابن حبان في صحيحه 745 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ عَقِيلِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «كَانَ الْكِتَابُ الْأَوَّلُ يَنْزِلُ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ، وَعَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ مِنْ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ، عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ: زَاجِرٌ، وَآمِرٌ، وَحَلَالٌ، وَحَرَامٌ، وَمُحْكَمٌ، وَمُتَشَابِهٌ، وَأَمْثَالٌ، فَأَحِلُّوا حَلَالَهُ، وَحَرِّمُوا حَرَامَهُ، وَافْعَلُوا مَا أُمِرْتُمْ بِهِ، وَانْتَهُوا عَمَّا نُهِيتُمْ عَنْهُ، وَاعْتَبِرُوا بِأَمْثَالِهِ، وَاعْمَلُوا بِمُحْكَمِهِ، وَآمِنُوا بِمُتَشَابِهِهِ، وَقُولُوا: آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا».

وهذا منقطع كما نبه عليه محقق الصحيح لذا ضعفه الشيخ الألباني كما في التعليقات الحسان 

قال الحافظ في «الفتح» 9/ 29: قال ابن عبد البر: هذا حديث لا يثبت، لأنه من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن ابن مسعود، ولم يلق ابن مسعود. ثم قال: وصححه ابن حبان والحاكم 1/ 553، وفي تصحيحه نظر، لانقطاعه بين أبي سلمة وابن مسعود.

وقال أيضاً 1186 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ:
نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَعْلَى مَكَّةَ فَأَتَيْتُهُ فَجَاءَهُ أَبُو ذَرٍّ بِجَفْنَةٍ فِيهَا مَاءٍ قَالَتْ: إِنِّي لَأَرَى فِيهَا أَثَرَ الْعَجِينِ قَالَتْ: فَسَتَرَهُ أَبُو ذَرٍّ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ سَتَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا ذَرٍّ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَمَانَ رَكَعَاتٍ وَذَلِكَ فِي الضُّحَى

وإسناده منقطع كما نبه عليه الشيخ الألباني في التعليقات الحسان 

وهذه الأمثلة كافية 

وهنا وقفة لا بد منها في بيان خصوصية أمهات المؤمنين في مسائل الاتصال والانقطاع ، وذلك أنك كثيراً من الرواة أرسلوا عن عائشة مع معاصرتهم ، والسبب في ذلك أنها كانت محتجبة ، ولو أذنت لكل من أراد الدخول والسماع منها ، لم يكن للحجاب معنى ، ولثقل ذلك عليها رضي الله عنها ، لكثرة الطالبين لذا تجد أكثر من روى عن عائشة محارمها مثل عروة والقاسم ، والموالي مثل مسروق ، والنساء وأما الرجال الأحرار الذين رووا عنها وأكثروا فهم قلة ممن عرف عندها بالعلم والفضل مثل الأسود بن يزيد وعبيد بن عمير 

ومما يدل على هذا المعنى ما جاء في جامع التحصيل في ترجمة مجاهد :" وقال البرديجي الذي صح لمجاهد من الصحابة رضي الله عنهم بن عباس وابن عمر وأبو هريرة على خلاف فيه قال بعضهم لم يسمع منه يدخل بينه وبين أبي هريرة عبد الرحمن بن أبي ذياب وقد صار مجاهد إلى باب عائشة فحجبت ولم يدخل عليها لأنه كان حرا"

هذا مع أن مجاهداً ، قد أثبت جمع من أهل العلم سماعه من عائشة ، وأنكره جمع غير أنني أوردت هذا النص للدلالة على تعذر سماع الحر من عائشة وإن كان ممكن الوقوع 

والذين طعنوا في سماع مجاهد من عائشة هم شعبة ويحيى القطان ويحيى بن معين وأبو حاتم الرازي وهم من هم في الفن ، ولا يخفى عليهم معاصرة مجاهد لعائشة ، ويصححون سماع مجاهد من أبي هريرة ، مع أنه مات في السنة عينها التي ماتت فيها عائشة ، فهذا يدل على أنهم حتى مع وجود لهم قرائن وأدلة يعتبرونها في نفي السماع 

فإن قلت : إن للحديث طريقاً أخرى 

قال الطبراني في الأوسط 6458 - حدثنا محمد بن علي ، نا يزيد بن موهب ، ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، عن مجالد ، عن الشعبي ، عن مسروق ، عن عائشة ، قالت : كان يوم من السنة تجمع فيه نساء النبي صلى الله عليه وسلم عنده يوما إلى الليل ، قالت : وفي ذلك اليوم قال : « أسرعكن لحوقا أطولكن يدا » . قالت : فجعلنا نتذارع بيننا أينا أطول يدين ، قالت : فكانت سودة أطولهن يدا ، فلما توفيت زينب علمنا أنها كانت أطولهن يدا في الخير والصدقة ، قالت : وكانت زينب تغزل الغزل ، وتعطيه سرايا النبي صلى الله عليه وسلم يخيطون به ، ويستعينون به في مغازيهم ، قالت : وفي ذلك اليوم قال : « كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب » « لم يرو هذا الحديث عن مجالد إلا ابن أبي زائدة »

فيقال : أن الطبراني في الأوسط يعمد إلى غرائب شيوخه ويخرجها ، ومجالد في هذا السند ضعيف ، والحديث في صحيح البخاري من طريق الشعبي عن مسروق عن عائشة بدون زيادة ( كلاب الحوأب ) فدل على نكارتها 

قال البخاري 1420 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ فِرَاسٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ بَعْضَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْنَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّنَا أَسْرَعُ بِكَ لُحُوقًا قَالَ أَطْوَلُكُنَّ يَدًا فَأَخَذُوا قَصَبَةً يَذْرَعُونَهَا فَكَانَتْ سَوْدَةُ أَطْوَلَهُنَّ يَدًا فَعَلِمْنَا بَعْدُ أَنَّمَا كَانَتْ طُولَ يَدِهَا الصَّدَقَةُ وَكَانَتْ أَسْرَعَنَا لُحُوقًا بِهِ وَكَانَتْ تُحِبُّ الصَّدَقَةَ

فإن قلت : مَن من العلماء ضعف الحديث ، وقد قال الحافظ ابن حجر أن يحيى القطان لما قال في الحديث :" منكر " أراد الفرد المطلق 

فيقال : أن قول الحافظ فيه نظر ، أن قيس بن أبي حازم الأصل في رواياته أنها مفاريد وطبقته لا يستنكر فيها التفرد فلماذا يخص يحيى القطان أحاديث بعينها بالاستنكار ؟
ولهذا اجتنب أصحاب الصحيح هذا الحديث 

وقد استنكر هذا الحديث ابن عدي في الكامل (5/ 516) ، وتابعه ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/ 366) ، غير أنهما لم يحسنا في جعل الحمل في الحديث على عبد الرحمن بن صالح الأزدي وقد توبع وإنما علة الحديث ما ذكرت لك والله أعلم 



وبقي الكلام على متن الحديث وأنه إخبار محض لا يستفاد منه ذم 


وهنا فائدة نفيسة لشيخ الإسلام في شأن كيفية وقوع حادثة الجمل 

قال الشيخ في منهاج السنة (6/ 339) :" وأما الحرب التي كانت بين طلحة والزبير وبين علي فكان كل منهما يقاتل عن نفسه ظانا أنه يدفع صول غيره عليه لم يكن لعلي غرض في قتالهم ولا لهم غرض في قتاله بل كانوا قبل قدوم على يطلبون قتله عثمان وكان للقتلة من قبائلهم من يدفع عنهم فلم يتمكنوا منهم فلما قدم علي وعرفوه مقصودهم عرفهم أن هذا أيضا رأيه لكن لا يتمكن حتى ينتظم الأمر فلما علم بعض القتلة ذلك حمل على أحد العسكرين فظن الآخرون أنهم بدأوا بالقتال فوقع القتال بقصد أهل الفتنة لا بقصد السابقين الأولين"

وأنا أعلم بشأن العلماء الذين صححوا الحديث فلا داعي لئن يأتي أحد إخواننا ويسرد أسماءهم 

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم . 

ملاحظة / للأمانة العلمية البحث منقول .
 

وقرن في بيوتكن
 
القول بأن أم المؤمنين عائشة خالفت قوله تعالى 
{ وقرن في بيوتكن ولا تبرّجْنَ تبرُّج الجاهليةِ الأُولى } 
 
 فجواباً على ذلك أقول: 
 
1-  أن عائشة رضي الله عنها بخروجها هذا لم تتبرج تبرّج الجاهلية الأولى! 
 
2-الأمر بالاستقرار في البيوت لا ينافي الخروج لمصلحة مأمور بها، كما لو خرجت للحج والعمرة أو خرجت مع زوجها فيسفرة، فإن هذه الآية نزلة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
 وقد سافر بهنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك، كما سافر في حجة الوداع بعائشة رضي الله عنها وغيرها، وأرسلها مع عبد الرحمن أخيها فأردفها خلفه، وأعمرها من التنعيم، وحجة الوداع كانت قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بأقل من ثلاثة أشهر  بعد نزول هذه الآية، ولهذا كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم  يحججن كما كنّ يحججن معه في خلافة عمر رضي الله عنه وغيره،  وكان عمر يوكل بقطارهن عثمان أو عبد الرحمن بن عوف،  وإذا كان سفرهن لمصلحة جائزاً فعائشة اعتقدت أن ذلك السفر مصلحة للمسلمين  ( أي في حرب الجمل ، لأن شبهتهم هذه طرحت لهذه المسألة )
 
 

 


كلاب الحوأب

ثم قال هذا الموسوي عن أم سلمة وهويعرض بعائشة: (ولا ركبت العسكر قعودا من الإبل تهبط واديا وتعلوا جبلا، حتى نبحتها كلاب الحوأب، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أنذرها بذلك فلم ترعوولم تلتوعن قيادة جيشها اللهام الذي حشدته على الإمام).
قلت: هذا كله مع هامشيه (1، 11/ 266) إشارة إلى فتنة الجمل، ولا أرى حاجة للكلام المفصل عليها هنا فقد تقدم ذلك بإذن الله واضحا جليا (ص135 - 14) مما يبين حقيقة موقف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما ومن معها من أمير المؤمنين علي رضي الله عنه منقولا من عين الكتب التي أحال إليها هذا الموسوي، وهوتاريخه الطبري، فليراجع. وما زعمه في الهامش (1/ 266) من تسمية جمل عائشة بالعسكر، مع أنه لا جديد فيه فلا يصح ولا يثبت ولا يغني فيه نقله من شرح نهج البلاغة كما تقدم.
وأما حديث الحوأب الذي ذكره في الهامش (11/ 266) فصحيح ثابت أخرجه الإمام أحمد (6/ 52، 97) والحاكم (3/ 12) وغيرهما: (إن عائشة لما أتت على الحوأب سمعت نباح الكلاب فقالت: ما أظنني إلا راجعة، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: أيتكن تنبح عليها كلاب الحوأب، فقال لها الزبير: ترجعين عسى الله عز وجل أن يصلح بك بين الناس). وقد علق عليه الشيخ الألباني في (صحيحة) (1/ 775 - 776) بكلام متين ونافع بين فيه موقف أهل السنة منه فقال: (وجملة القول إن الحديث صحيح الإسناد ولا إشكال في متنه خلافا لظن الأستاذ الأفغاني، فإن غاية ما فيه أن عائشة رضي الله عنهما لما علمت بالحوأب كن عليها أن ترجع، والحديث يدل أنها لم ترجع، وهذا مما لا يليق أن ينسب لأم المؤمنين، وجوابنا على ذلك أنه ليس كل ما يقع من الكمل يكون لائقا بهم، إذا لا عصمة إلا لله وحده، والسني لا ينبغي له أن يغالي فيمن يحترمه حتى يرفعه إلى مصاف الأئمة الشيعة المعصومين ولا نشك أن خروج أم المؤمنين كان خطأ من أصله ولذلك همت حين علمت بتحقق نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم عند الحوأب، ولكن الزبير رضي الله عنه أقنعها بترك الرجوع بقوله ((عسى الله أن يصلح بك بين الناس)) ولا نشك أنه كان مخطئا في ذلك أيضا، والعقل يقطع بأنه لا مناص من القول بتخطئة إحدى الطائفتين المتقاتلتين اللتين وقع فيهما مئات القتلى، ولا نشك أن عائشة رضي الله عنهما هي المخطئة لأسباب كثيرة وأدلة واضحة، ومنها ندمها على خروجها، وذلك هواللائق بفضلها وكمالها، وذلك مما يدل على أن خطئها من الخطأ المغفور بل المأجور) انتهى كلامه الذي يوضح العدل والقيام بالقسط الذي يتصف به أهل السنة دون من سواهم.

كلاب الحوأب
44 - قال التيجاني ص145:
(ولكن طلحة والزير جاءاها بخمسين رجلا لهم جعلا فأقسموا بالله أن هذا ليس بماء الحوأب فواصلت مسيرها حتى البصرة ويذكر المؤرخون أنها أول شهادة زور في الإسلام).
قلت: أين ادعاؤك أنك لا تذكر إلا ما ثبن عند الفريقين؟ وأين ثبت هذا الهراء الذي تذكره؟ ومن هؤلاء المؤرخون الذين تتبجح بهم؟ قاتلك الله أما وجدت كذبة أخف من هذه؟!
والغريب أن هذا التيجاني جريء جدا في تخرصاته فقد عزا هذه الرواية إلى الطبري ولم أعثر عليها عنده وعلى فرض وجودها فأين سندها وهل صحيح ثابت عند أهل السنة؟

كلابُ الحَوْأَب
مرور السيدة عائشة على ماء الحَوْأَب، وقد قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كيف بإحداكُنَّ تنبحُ عليها كلابُ الحَوْأَب)).
فمرورُها مخالفة لأمرِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ونفْي صفة الاجتهاد عنها.
الجواب:
قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله - (4/ 316): فإنَّ عائشة لم تقاتِلْ، ولم تخرجْ لقتالٍ، وإنَّما خرجتْ لقصْد الإصلاح بين المسلمين، وظنَّتْ أنَّ في خروجها مصلحةً للمسلمين، ثم تبيَّنَ لها فيما بعد أنَّ ترْكَ الخروج كان أَوْلَى، فكانتْ إذا ذَكَرَتْ خروجَها تبكي حتى تبُلَّ خمارَها، وهكذا عامَّة السابقين نَدِموا على ما دَخَلوا فيه من القتال، فنَدِم طلحة والزبير وعلي - رضي الله عنهم أجمعين - ولم يكنْ "يوم الجَمَل" لهؤلاء قصدٌ في الاقتتال، ولكن وقَعَ الاقتتال بغير اختيارهم؛ ا. هـ.
فإنَّ الأمرَ الذي يتعلَّق بأُمِّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - أنَّها شاركتْ بالفعل غير صحيح، بل غاية ما في الأمرِ أنَّها خرجتْ ولم تباشرْ قتالًا، وكانت متأوِّلة في خروجها للبصرة؛ حيث ظنَّتْ أنَّ القضاء على قتَلَة عثمان بن عفان - رضي الله عنه - هناك كفيلٌ في الإصلاح بين معاوية ومَن معه في الشام، وبين علي ومَن معه في المدينة، بل جاءَتْ على جَمَلِها وسط المعركة ظانَّةً أنَّهم سيوقِفون الحرب، لكنَّ الخوارجَ وأهْلَ الفتنة أَبَوْا ذلك واستمرُّوا في القتال، بل قد نالتْ سهامُهم جَمَلَها؛ حتى سقَطَ في أرض المعركة.
فكما ترى، فإنَّ عائشة - رضي الله عنها - قد صدَرَ منها مخالفة في خروجِها للبصرة، وليستْ هي بمعصومة حتى لا يقع منها مثلُ هذا الخطأ بذلك التأويل.
عن قيس بن أبي حازم، قال: لمَّا أقبلتْ عائشة - رضي الله عنها - بلغَتْ مياه "بني عامر" ليلًا، نبحتْ الكلابُ، قالت: أيُّ ماءٍ هذا؟ قالوا: ماء "الحَوْأَب" - ماء قريب من البصرة على طريق مكة - قالتْ: ما أظنُّني إلا أنَّني راجعةً، فقال بعضُ مَن كان معها: "بل تَقْدِمين فيراكِ المسلمون، فيصلح الله ذاتَ بينهم"، قالتْ: إنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال لها ذات يومٍ: ((كيف بإحداكُنَّ تنبحُ عليها كلابُ الحَوْأَب؟)).
قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله -: ليس كلُّ ما يقعُ مِن الكُمَّل يكون لائقًا بهم؛ إذ المعصوم من عصَمَه الله، والسنيُّ لا ينبغي له أنْ يغالي فيمن يحترمُه؛ حتى يرفعه إلى مصافِّ الأئمة الشيعة المعصومين عندهم، ولا نشكُّ أنَّ خروجَ أمِّ المؤمنين كان خطأً مِن أصْله، ولذلك همَّتْ بالرجوع حين عَلِمتْ بتحقُّقِ نبوءة النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عند "الحَوْأَب"، لكنَّ الزبير - رضي الله عنه - أقْنَعَها بترْكِ الرجوع بقوله: "عسى الله أنْ يُصْلحَ بكِ النَّاس"، ولا نشكُّ أنَّه كان مُخْطِئًا في ذلك أيضًا، والعقْلُ يقطع بأنَّه لا مَناصَ مِن القول بتخْطِئة إحدى الطائفتين المتقاتلتين اللَّتين وقَعَ فيهما مئات القَتْلَى، ولا شكَّ أنَّ عائشةَ - رضي الله عنها - هي المخْطِئة لأسبابٍ كثيرةٍ، وأدلَّةٍ واضحةٍ؛ منها: نَدَمُها على خروجها، وذلك هواللائق بفضْلِها وكمالها، وذلك مما يدلُّ على أنَّ خطأها مِن الخطأ المغفور، بل المأجور؛ "السلسلة الصحيحة"، الحديث رقم (474).
قال الذهبي - رحمه الله -: "ولا ريبَ أنَّ عائشة نَدِمتْ ندامةً كليَّةً على مَسيرها إلى البصرة، وحضورها يوم "الجَمَل"، وما ظنَّتْ أنَّ الأمرَ يبلغُ ما بلَغَ"؛ "سِيَر أعلام النبلاء"، (2/ 177).
ومن العجب ما أورده القومُ من شُبَه مُتهافتة، وزعْمهم أنَّ خروجَها يَنفي عنها صفةَ الاجتهاد؛ فإنَّ العالم الفقيه لوأخطأ في مَسألة، أوتأوَّل، واستفرَغَ الوسع فيها، فإنَّه لا يخلومِن أجْرٍ، أوأجْرَين، ولم يقلْ أحدٌ مِن الأُمَّة بسقوط مَرتبة الاجتهاديَّة، أوالحطِّ من قَدْره، والله أعلم.

  • الثلاثاء PM 05:05
    2015-12-01
  • 11770
Powered by: GateGold