المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 417661
يتصفح الموقع حاليا : 222

البحث

البحث

عرض المادة

التعريف بالكتاب المقدس اجمالا ً وتفصيلا ً

أولًا: التعريف الإجمالي:

الكتاب المقدس: هو مجموع الكتب الموحاة من الله- في زعمهم-، والمتعلقة بخلق العالم وفدائه وتقديسه وتاريخ معاملة الله لشعبه، ومجموع النبوات عما سيكون المنتهى، والنصائح الدينية والأدبية التي تناسب جميع البشر في كل الأزمنة (1) والمقدس في اللغة أي المبارك المطهر (2)

وينقسم الكتاب المقدس إلى قسمين:

الأول: العهد القديم: وهو القسم الخاص بالعبادة اليهودية التي هى أساس المسيحية الحالية ويضم هذا القسم تسعة وثلاثين سِفرًا أو كتابًا تبدأ بالتوراة والتي تكوِّن الخمسة أسفار الأولي .. ثم كُتب بقية أنبياء إسرائيل (3).

الثاني: هو العهد الجديد: وهو القسم الثاني من الكتاب المقدس ويضم سبعة وعشرين سِفرًا بدءًا بالأناجيل الأربعة (4).

وإطلاق هذا اللفظ علي العهد القديم والعهد الجديد من قِبَل النصارى باعتبار أنه مقدس في زعمهم واعتقادهم واستخدام هذا الوصف من قبل المسلمين ليس اعترافًا بقداسة هذا الكتاب وإنما لأن هذا الاسم صار علمًا بالغلبة على مجموع الأسفار التى يدين بها النصارى بالقداسة والاجلال (5).


(1) قاموس الكتاب المقدس: د/بطرس عبد الملك، وآخرون. ص 762.
(2) لسان العرب: لابن منظور، 5/ 3550.
(3) التوراة (العقل- العلم- التاريخ): د/ بدران محمَّد بدران، ص 15 ط1 دار الأنصار 1399 هـ / 1979 م.
(4) المرجع السابق صـ 15.
(5) جهود علماء المسلمين في نقد الكتاب المقدس (من القرن الأول الهجري حتى القرن السابع الهجري) د/ ياسر أبو شبانه ص12 هامش (رسالة دكتوراه) 1421 هـ 2000 م.

ثانيًا: الكتاب المقدس تفصيلًا:

فإن مصطلح العهد القديم (يُطلق علي الأسفار المقدسة للديانة اليهودية .. ومن أهم أسفار هذا العهد مجموعة تسمي كتب موسي أو الأسفار الخمسة أو التوراة، ويُطلق علي الأسفار المقدسة للديانة النصرانية اسم "العهد الجديد" ومن أهم أسفار هذا العهد مجموعة تسمي الأناجيل ويُراد بكلمة العهد في هاتين التسميتين ما يرادف معني "الميثاق" أي كلتا الطائفتين من الأسفار تمثل ميثاقًا أخذه الله على الناس: فأولاهما تمثل ميثاقًا قديمًا يرجع إلى عصر سيدنا موسى - عليه السلام - والأخرى تمثل ميثاقًا جديدًا بدأ بظهور سيدنا عيسى -عليه السلام- وجرت العادة أن يُجمع أسفار العهدين معًا في كتاب يُطلق عليه اسم "الكتاب المقدس") (1).

أولًا: تعريف العهد القديم:

هو: التوراة الكتابية، بمجموع أسفارها المقدسة لدي اليهود والنصارى، فالعهد القديم هو الميثاق الذي أخذه الله علي الإسرائيليين أن يلتزموا به (2).

أما اصطلاح (العهد القديم) فما كان معروفًا قديمًا، وإنما هو اصطلاح حديث خطط له اليهود، واستجابت بعض الطوائف النصرانية لهم فى هذا الأمر، لتكون التوراة أُمًا للعقيدة النصرانية، فوضع النصارى التوراة، وسموها بالعهد القديم إلى جوار الأناجيل وبقية أسفار دينهم وسموها بالعهد الجديد وضموا الاثنين في غلاف واحد باسم "الكتاب المقدس" لتكون عقيدة اليهود في التوراة هى عقيدة النصارى كذلك بما ضمن لليهود تعاطف النصارى معهم في كل ما تتبناه التوراة من عقائد، فيتبعون اليهود، لأنهم يوصفون في التوراة بأنهم شعب الله المختار وأنهم آلهة (3) ويعينونهم بكل طاقاتهم على تحقيق أحلامهم وادعاءاتهم ومن تلك: تملك أرض الميعاد (4).

هذا وتختلف نظرة اليهود للعهد القديم من حيث عدد أسفاره وتقسيمها وترتيبها ومن حيث قدسيته عن نظرة النصارى له من هذه الجوانب أيضًا:


(1) الأسفار المقدسة في الأديان السابقة للإسلام د/ على عبد الواحد وافي صـ 3.
(2) تأثر اليهودية بالأديان الوثنية أ. د/ فتحى محمد الزغبي صـ 47، بتصرف بالحذف.
(3) يشير إلى النص الذي يقول: "أنا قلت إنكم آلهة، وبنو العلى كلكم" مزمور 83 لإساف 6.
(4) يراجع: التربية في التوراة أ. د/ عابد توفيق الهاشمى صـ 16 ومن الطوائف التى استجابت لليهود البروتستانيتة ثم الكاثوليكية.

[عدد أسفار العهد القديم عند اليهود]

اختلف اليهود حول هذا العدد فقال أغلبهم: عدد أسفار العهد القديم أربعة وعشرون سفرًا وهي كالتالي:

1 - أسفار موسى الخمسة (التكوين- الخروج- اللاويين - العدد- التثنية).

2 - أسفار الأنبياء، وينقسم إلى:

أ. أنبياء متقدمون وهم أسفار (يشوع- القضاة- صموئيل- الملوك).

ب. أنبياء متأخرون وهم:

- أنبياء كبار- في زعمهم-: ويشتمل علي ثلاثة أسفار" أشعيا وأرميا وحزقيال".

- أنبياء صغار- في زعمهم-: وهو سفر واحد يتحدث عن اثني عشر نبيًا من أنبياء بني إسرائيل وهم "ناحوم- حبقوق- هوشع- يوئيل- عاموس- عوبديا- يونان- ميخا- صفنيا- حجي- زكريا- ملاخى".

3 - الكتابات (الكتب): وتشتمل على أحد عشر سفرًا في ثلاثة أقسام:

أ. الكتابات الشعرية وهي: "المزامير- الأمثال -أيوب".

ب. المخطوطات الخمس وهي: نشيد الإنشاد- راعوث- المراثي- إستير- الجامعة

ج. الكتب التاريخية وتشتمل علي "دانيال -عزرا ونحميا- أخبار الأيام (1).

وذهب البعض إلي أن عدد أسفار العهد القديم اثنان وعشرون سفرًا وقد جعلوا سفري راعوث والقضاة سفرًا واحدًا والمراثي وأرميا سفرًا واحدًا فيكون مجموع الأسفار اثنين وعشرين سفرًا فقط (2).

وذهب بعضهم إلي أن عدد أسفار العهد القديم تسعة وثلاثون سفرًا، حيث جعلوا (صموئيل والملوك، أخبار الأيام) ستة أسفار بدلًا من ثلاثة، كما جعلوا أسفار الأنبياء الصغار اثني عشر سفرًا، وجعلوا (عزرا ونحميا) سفرين بدلًا من سفر واحد (3). والعهد القديم عند "السامريين" (4) هو أسفار موسى الخمسة فقط، ولا يعترفون ببقية أسفار العهد القديم ويعتبرونها غير قانونية (5).


(1) تأثر اليهودية بالأديان الوثنية د/ فتحى الزغبى صـ 48: 51، قاموس الكتاب المقدس صـ467، 468، صـ764.
(2) قامرس الكتاب المقدس صـ 467، 468.
(3) انظر: تأثر اليهودية بالأديان الوثنية صـ52.
(4) هم: السكان المتصلون بالمملكة الشمالية، وفي كتابات العبرانيين المتأخرة التي جاءت بعد السبي كان معناها سكان إقليم السامرة الذي يقع في وسط فلسطين (لوقا 17/ 11) (قاموس الكتاب المقدس صـ449.
(5) انظر: التوراة السامريه: ترجمة الكاهن السامري أبوالحسن إسحاق الصوري صـ د / أحمد حجازي السقا- ط دار الأنصار- بالقاهرة، نقد التوراة (أسفار موسى الخمسة) السامريه، العبرية واليونانية د / أحمد حجازي السقا، صـ 19 مكتبة الكليات الأزهرية. بمصر 1976م.

والعهد القديم عند اليهود العبرانيين (1) له اطلاقان حقيقى ومجازي.

فالإطلاق الحقيقي علي أسفار موسى الخمسة [التكوين- الخروج- اللاويين (الأخبار) - التثنية (الاشتر اع)].

والإطلاق المجازي: يشمل باقي أسفار العهد القديم وهي (يشوع- القضاة- راعوث- صموئيل- 1، 2 - الملوك 1، 2 - أخبار الأيام 1، 2 - عزرا- نحميا- أستير -أيوب- المزامير- الأمثال- الجامعة- نشيد الإنشاد- أشعياء- أرمياء-- مراثي أرميا- حزقيال- دانيال- هوشع- يوئيل- عاموس- عوبديا- يونان- ميخا- ناحوم- حبقوق- صفنيا- حجى- زكريا- ملاخى) والتوراة العبرانية هي الأكثر انتشارًا بين اليهود وهي ما اعتمد عليه أغلب النصارى أيضًا فجعلوها تحت اسم العهد القديم وجميع النصارى يسمون كتب التوراة: العهد العتيق أو القديم، ويسمون كتب الأناجيل: العهد الجديد ويسمون مجموع كتب العهدين: الكتاب المقدس ويسمونه أحيانًا بَيْبَل- بسكون الياء وهو لفظ يوناني اُطلق علي مجموع العهدين (2).

[ترتيب أسفار العهد القديم عند اليهود]

انقسم اليهود إلى فريقين في هذا الترتيب:

الفريق الأول: أقر الترتيب التاريخى للأسفار فبدأ بالأسفار الخمسة ثم أسفار الأنبياء ثم الكتب.

الفريق الثاني: رتبوا الأسفار حسب الموضوعات كالتالي:

1 - الأسفار الخمسة (تكوين- خروج- لاويين- عدد- تثنية)

2 - الأسفار التاريخية وعددها اثنا عشر سفرًا وهي (يوشع- قضاة- راعوث- صموئيل 1، 2 - ملوك 1، 2 - أخبار الأيام 1، 2 - عزرا- نحميا- أستير).

3 - الأسفار الشعرية وعددها خمسة أسفار (أيوب- المزامير- الأمثال- الجامعة- نشيد الإنشاد).

4 - أسفار الأنبياء، وعددها سبعة عشر سفرًا وهي "أشعيا- أرميا- مراثي أرميا- حزقيال- دانيال- هوشع- يوئيل- عاموس- عوبديا- يونان- ميخا- ناحوم- حبقوق- صفنيا- حجى- زكريا- ملاخى) (3).


(1) هم: المنتسبون إلي عابر أحد أجداد إبراهيم الذي أتي إلى فلسطين وقد منحهم اللقب الكنعانيون إذ سموا إبراهيم العبراني بعد أن عبر نهر الفرات إلي فلسطين (قاموس الكتاب المقدس صـ 596).
(2) نقد التوراة د/ السقا صـ 20، 21 بتصرف.
(3) انظر: تأثر اليهودية بالأديان الوثنية د/الزغبي صـ 53، 54 والأسفار المقدسة د/ وافي صـ 13: 16

[موقف اليهود من التوراة الحالية]

تحتل التوراة مكانة الصدارة عند اليهود إذ أنهم يعتبرونها المصدر الأول للتشريع عندهم رغم ما أصابها من تحريف وتناقض ولذلك فإنهم (يعتقدون بقدسيتها ودوام أحكامها واعتمدوا علي نصوص منسوبة إلى بعض أنبيائهم منها النص المنسوب إلي يعقوب "عليه السلام" أما أنا فهذا عهدي معهم قال الرب. روحى الذي عليك وكلامي الذي وضعته في فمك لا يزول من فمك ولا من نسلك، ولا من نسل نسلك، قال الرب من الآن وإلي الأبد) (1).

ويعتقدون أيضًا: أنها نظام حياة وحكم وسلوك لأتباعها عبر الزمن "لكي توصوا بها أولادكم، ليحرصوا أن يعملوا بجميع كلمات هذه التوراة؛ لأنها ليست أمرًا باطلًا عليكم، بل هي حياتكم" (2).

ومن مظاهر قداسة التوراة "العهد القديم" عندهم أيضًا: أنهم يدَّعون أن الله عز وجل "خصهم بالأرض المقدسة فلسطين من دون العالمين: "فالآن يا إسرائيل اسمع الفرائض والأحكام التي أنا أعلمكم لتعملوها, لكي تحيوا وتدخلوا وتتملكوا الأرض التي الرب إله آبائكم يعطيكم، لا تزيدوا على الكلام الذي أنا أوصيكم به، ولا تنقصوا منه، لكي تحفظوا وصايا الرب إلهكم، التي أنا أوصيكم بها" (3).

[عدد أسفار العهد القديم عند النصارى]

سبق الإشارة إلى وجود اختلاف في تقسيم العهد القديم بين اليهود والنصارى وهنا يجدر الإشارة إلى أن النصارى أنفسهم يختلفون أيضًا في هذا التقسيم والترتيب وهذا إن دل علي شىء فإنما يدل على ذلك التضارب الواضح بين الطوائف المسيحية المختلفة وبيان ذلك كالتالي:

1 - عدد أسفار العهد القديم عند طائفة البروتستانت (4) تسعة وثلاثون سفرًا ويقولون إن التوراة العبرانية هى الصواب ويرتبون أسفارها كالتالي: تكوين- خروج- لاويين- عدد- تثنية- يشوع- قضاة- راعوث- صموئيل 1، 2 - ملوك 1، 2 - أخبار الاُيام 1، 2 - عزرا- نحميا - أستير -أيوب- المزامير- الأمثال- الجامعة- نشيد الإنشاد- أشعياء- أرمياء- مراثي أرمياء - حزقيال- دانيال- هوشع- يوئيل- عاموس- عوبديا- يونان (يونس) - ميخا- ناحوم- حبقوق- صفينا- حجي- زكريا (وليس هو والد يحي عليه السلام) - ملاخي (5).


(1) أشعياء: (59/ 21) الخطية والاعتراف والفداء، وانظر: التربية في التوراة د/ الهاشمي ص 17.
(2) تثنية: (32/ 46 /47) نشيد موسى، وانظر: المرجع السابق صـ 17.
(3) تثنية: (4، 1، 2) الأمر بالطاعة، وانظر: المرجع السابق صـ 17.
(4) ترجع هذد التسمية إلى الذين اعتنقوا مبدأ الإصلاح الكنسى، وخرجوا على الكنيسة الكاثوليكية؛ لأنهم عندما أريد تنفيذ قرار الحرمان عليهم اعلنوا احتجاجًا يسمى بالإنجليزية بروتست، فسمى الذين أمضوا القرار بروتستانت أي المحتجين (انظر: محاضرات فى النصرانية- أبو زهرة صـ 171 ط دار الفكر العربي1961 م.
(5) نقد التوراة د/ السقا صـ 20، تأئر اليهودية بالأديان الوثنية د/ الزغبي صـ 56، 57.

2 - عدد أسفار العهد القديم وترتيبها عند طائفتي "الأرثوذكس (1) و"الكاثوليك" (2): عدد أسفار العهد القديم عند هاتين الطائفتين ثمانية وأربعون سفرًا، ويعتبرون أن التوراة العبرانية قد تُرجمت إلى اليونانية سنة 285 - 247 ق. م ويعتبرونها مقدسة، وهي تزيد عن التوراة العبرانية، الأسفار والإصحاحات والآيات التالية:

م 

اسم السفر 

عدد الإصحاحات

موضع السفر من أسفار العهد القديم

طوبيا 

1 - 14 

بعد سفر نحميا

يهوديت 

1 - 16 

بعد سفر طوبيا

تتمة أستير 

1 - 16 

بعد سفر أستير

الحكمة 

1 - 19 

بعد نشيد الإنشاد

يسوع بن سيراخ

1 - 51 

بعد سفر الحكمة

باروخ 

1 - 6 

بعد مراثي أرميا

تتمة دانيال 

3، 13 - 14 

مع سفر دانيال

المكابيين الأول 

1 - 16 

بعد سفر ملاخي

المكابيين الثاني 

1 - 15 

بعد المكابيين الأول (3)


(1) هم: نصارى الشرق ورئاستهم في مصر، وقديمًا يسمون اليعاقبة (انظر: أقانيم النصارى د/ أحمد حجازي السقا صـ67 ط - دار الأنصار ط 1/ 1397 هـ - 1977) والأرثوذكس تعنى أصحاب الرأي المستقيم (انظر: الأسفار المقدسة د/ وافي صـ132) والكنيسة الأرثوذكسية هي الكنائس المسيحية الشرقية البيزنطية التي انفصلت عن الكنيسة الكاثوليكية على أيام ميخائيل كيرولارس بطريرك القسطنطينية 1054 م، وانتشرت في روسيا وبلاد البلقان واليونان ومختلف بلاد الشرق الأدنى حيث تؤلف كنائس مستقلة تحت سلطة بطاركتها (انظر: المنجد في اللغة والأعلام ص 32 قسم الأعلام).
(2) هم: نصارى الغرب ورئاستهم في روما وقديمًا يسمون الملكانية (انظر: أقانيم النصارى ص 67 وأهم ما يمثل قمة الخلاف بين الأرثوذكس والكاثوليك أو بين الكنيسة الشرقية رالكنيسة الغربية ما يلي: يقول الكاثوليك: إن روح القدس نشأ عن الإله الأب والله الابن معًا، والأرثوذكس يقولون: إن رو القدس نشأ عن الإله الأب فقط. الأرثوذكس يقولون بأفضلية الإله الأب على الإله الابن والكاثوليك ينادون بالمساواة الكاملة بين الاثنين. الأرثوذكس يقولون بأن للمسيح طبيعة واحدة ومشيئة واحدة والكاثوليك يقولون بأن له طبيعتين ومشيئتين (انظر: المسيحية د/ أحمد شلبي ص 193 - 194.
(3) نقد التوراة د / السقا صـ 21، اليهودية د / أحمد شلبي صـ 245 - 247.

[موقف النصارى من التوراة (العهد القديم) الحالية]

يحتل العهد القديم من النصارى مكانة التقديس باعتبار أن المسيح عليه السلام جاء مكملًا لشريعة موسى عليه السلام، وعلي هذا الأساس فالعهد القديم مقدس عند النصارى إلا أنهم (مع تقديسهم له لم يتبعوه فأحلوّا ما حرمه ولم يلتزموا حدوده ولما لم يكن في وسعهم أن يتصرفوا في نصوصه؛ لأن أصولها ثابتة عند أعدائهم اليهود فإنهم عمدوا إلى المجامع (1) يغيرون بها ما يشاءون مما نصت عليه التوراة وراحوا أحيانًا يفسرون التوراة بما يناسب الإنجيل كما ظهر في محاولتهم ليحدوا في التوراة دليلًا علي ألوهية المسيح وألوهية الروح القدس) (2).

هذا (ولم يكن للتوراة أثر واضح في عقيدة النصارى، إلا بعد أن تنصرت أسرة يهودية ثرية متنفذة في روما اسمًا لا اعتقادًا، لتحقيق مصالح يهودية، وذلك في القرن الحادي عشر، وتغلغلت في أوساط الفاتيكان (3) حتى كان منها أربعة باباوات حكموا الفاتيكان، وأثاروا الحروب الصليبية وأججوا لهيبها، وحمل اليهود المتنصرون النصارى بالتدريج بوسائلهم الملتوية ومكرهم علي تقديس الأسفار التوراتية في كونها كلمة الله المعصومة الواجب اتباعها لدي النصارى، وأقنعوهم أن المسيحية امتداد اليهودية، وأن المجيء الثاني للسيد المسيح قد بدأ مع قيام إسرائيل عام 1948 م لذا فقد أوجبوا على كافة المؤمنين المسيحيين في العالم مؤازرة اليهود وجمع شملهم، استكمالًا للإيمان المسيحى) (4).

ولعل آخر تآمر يهودي علي النصرانية كان في القرن السادس عشر، علي يد الراهب (مارتن لوثر) (5)،


(1) المجامع هيئات شورية في الكنيسة المسيحية، رسم الرسل نظامها في حياتهم إذ عقدوا المجمع الأول في أورشليم سنة 105م برئاسة الأسقف "يعقوب الرسول" للنظر في ختان الأمم (غير اليهود) ثم نسجت الكنيسة على منوالهم، والمجامع قسمان: مجامع مسكونية (أي عالمية مسكونية نسبة إلى الأرض المسكونة) ومجامع محلية أو مكانية. وقد عقدت المجامع المسكونية عدة مرات في القرون الأولي، وشهدها ممثلو الكنائس من جميع الأقطار وكان السبب الرئيسي لعقدها ظهور مذاهب دينية غريبة ينبغي فحصها وإصدار قرارات بشأنها وشأن مبتدعيها، وقد عقد من المجامع المسكونية عشرون مجمعًا ابتداءً من مجمع نيقية سنة 325م حتى مجمع الفاتيكان سنة 1869 م ولا يعترف الأرثوذكس إلا بقرارات المجامع السبعة الأولي التي كان آخرها مجمع نيقية الثاني 787 م ومن أهم المجامع مجمع نيقية الأول ومجمع القسطنطينية الأول وفيهما تقررت العقائد المسيحية الرئيسية (انظر: المسيحية د/ أحمد شبي ص 197).
(2) المسيحية د/ أحمد شلبي ص 204
(3) هى: دولة اعترفت بها إيطاليا في معاهدة لاتران 1929 م رئيسها البابا (المنجد في اللغة والإعلام صـ 516 قسم الأعلام.
(4) انظر: الأصولية في اليهودية: عبد الوهاب زيتون صـ 118 - 131 ط/ المنارة ببيروت ط 1/ 1415 هـ 1995م.
وينظر التربية في التوراة صـ 18 - 19 بإيجاز وتصرف.
(5) هو: مارتين لوثر (1483 - 1546 م) واهب أغوسطيني لاهوتي ومفكر وكاتب، بدأ في ألمانيا الإصلاح الديني وانفصل عن الكنيسة في شأن الغفرانات وسلطة البابا والتبتل وإكرام القدسيين نقل التوراة إلى الألمانية فكانت الترجمة حدثا دينيا وأدبيا (المنجد فى اللغة والأعلام قسم الأعلام صـ 615).

= بشقها شقين (بروتستنت- وكاثوليك) والشق الأول يتعاطف كليًا مع اليهود فى تقديسه للتوراة ثم استطاع اليهود ضم الكاثوليك إلى صفوفهم بخطوات متتابعة، انتهت بفتوى البابا (1) في 20/ 11 / 1964 م بتبرئة اليهود من دم المسيح واعتبار اليهود والنصارى أمة واحدة، وأن عيسى عليه السلام عبراني (2).

ثانيًا: التعريف بالعهد الجديد:

العهد الجديد: هو القسم الثاني من الكتاب المقدس وتنقسم أسفاره إلى أربع مجموعات:

أ. الأناجيل الأربعة المنسوبة لكل من: متي- مرقس- لوقا- يوحنا.

ب. أعمال الرسل: وهو سفر واحد يُنسب إلى لوقا صاحب الإنجيل المسمى باسمه.

ج. الرسائل المقدسة: وهي إحدى وعشرون رسالة وتنقسم إلى قسمين:

الأول: رسائل بولس الأربع عشرة وهي: رسالة إلى أهل رومية - رسالته الأولي إلى أهل كونثوس، رسالته الثانية إليهم ورسالته إلى أهل غلاطيه، رسالته إلى أهل أفسس، رسالته إلى أهل فيلبي- رسالته إلى أهل كولوس- رسالته الأولى إلى أهل تسالونيكي- رسالته الثانية إليهم - رسالته الأولى إلى تيموثاوس ورسالته الثانية إليه - رسالته إلي تيطس - رسالته إلى فليمون- رسالته إلي العبرانيين.

الثانى: سبع رسائل تسمي الرسائل الكاثوليكية أي الجامعة وهي: رسالة يعقوب- رسالة بطرس الأولى- رسالته الثانية- رسالة يوحنا الأولي- رسالته الثانية- رسالته الثالثة- رسالة يهوذا.

د. رؤيا يوحنا اللاهوتي: وهو سفر واحد يُطلق عليه أيضًا: مشاهدات يوحنا (3).

وهناك من قسم العهد الجديد إلى ثلاثة أقسام:

1 - الأسفار التاريخية: وتشتمل على الأناجيل الأربعة وأعمال الرسل وسُميت هذه الأسفار بالتاريخية لأن الأناجيل تتضمن قصة حياة المسيح وتاريخه وعظاته ومعجزاته وسفر أعمال الرسل يتضمن تاريخ دعاة النصرانية الأول وخاصة بولس.

2 - الأسفار التعليمية: وهي رسائل بولس الأربع عشرة والرسائل الكاثوليكية السبع.

3 - الأسفار النبوية: وهو سفر واحد المسمى بـ: رؤيا يوحنا اللاهوتي (4) وترجع أسفار العهد الجديد إلى ثلاث مجموعات وسفرين: فالمجموعات هي: مجموعة الأناجيل وهي أربعة، ومجموعة رسائل بولس وعددها أربع عشرة رسالة،


(1) هو: الرئيس الأعلى للكنيسة الكاثوليكية وأطلق أخيرا على الكنيسة الأرثوذكسية أيضًا (المعجم الوسيط 1/ 35)
(2) التربية في التوراة د/ الهاشمي ص 19
(3) في مقارنة الأديان بحوث ودراسات أ. د /محمد عبد الله الشرقاوى ص 27 - 30 ط / دار الجيل بيروت ومكتبة الزهراء جامعه القاهرة ط / 14102 هـ 1990 م وقاموس الكتاب المقدس ص 765 والأسفار المقدسة في الأديان السابقة للإسلام أ. د/ علي عبد الواحد وافي ص 76 - 82 باختصار.
(4) انظر: المسيحية د/ أحمد شلبي ص 205 وقاموس الكتاب المقدس ص 765.

= ومجموعة الرسائل الكاثوليكية وعددها سبع رسائل أما السفران هما سفر " أعمال الرسل" للوقا وسفر رؤيا يوحنا (1).

[الاختلاف في ترتيب أسفار العهد الجديد]

رتب أسقف (2) كنيسة الإسكندرية سنة 367 م أسفار العهد الجديد على النحو التالي:

الأناجيل الأربعة- أعمال الرسل- الرسائل الكاثوليكية السبع- رؤيا يوحنا- رسائل بولس الأربع عشرة.

أما مجمع روما المنعقد سنة 382 م رتبها على النحو التالي:

الأناجيل الأربعة- رسائل بولس الأربع عشرة- رؤيا يوحنا- أعمال الرسل- الرسائل الكاثوليكية السبع.

أما مجمع ترنت (3) سنة 1546م رتبها علي النحو التالي:

الأناجيل الأربعة- أعمال الرسل- رسائل بولس الأربع عشرة- الرسائل الكاثوليكية السبع- رؤيا يوحنا (4)


(1) انظر: الأسفار المقدسة د/ وافي ص 86 وتعترف الكنائس الآن بالأناجيل الأربعة فقط وهناك أناجيل كثيرة كانت منتشرة بين النصارى وصلت إلي مائة إنجيل منها- أناجيل: برنابا، يعقوب، توماس، توما، بطرس، ماركيون، فيليب، مريم، يهوذا وغير ذلك (انظر: الأسفار المقدسة ص 107، 108 والمسيحية د/ أحمد شلبي ص 206، 207 ومشكلات العقيدة النصرانية: د/ سعد الدين السيد صالح ص 186 ط دار الأرقم طـ 3 - 1992 م والمسيح في مصادر العقائد المسيحية م / أحمد عبد الوهاب ص 15 مكتبة وهبة ط 1 - 1398 هـ -1978م.
(2) هو: لقب دينى لأحبار النصارى فوق القسيس ودون المطران (المعجم الوسيط 1/ 18)
(3) هى: مدينة شمالى إيطاليا عقد فيها المجمع المسكونى 19 المعروف بالتريدنتني 1545 - 1563 م وهو الذى اهتم بتنظيم الكنيسة الكاثوليكية وبتجديد معتقدها بعد الإصلاح الدينى (المنجد في اللغه والأعلام صـ 184).
(4) في مقارنة الأديان د/ محمد عبد الله الشرقاوى ص 31، محاضرات في مقارنة الأديان إبراهيم خليل أحمد ص 25 - 26 ط دار المنار- القاهرة ط 1 - 1409 هـ / 1989م.

  • الثلاثاء AM 10:15
    2022-05-17
  • 1814
Powered by: GateGold