المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 417499
يتصفح الموقع حاليا : 227

البحث

البحث

عرض المادة

التفسير بعد الطوسي والطبرسي

التفسير بعد الطوسي والطبرسي

أولاً : تفسير الصافى :

      ذكرنا من قبل أن الشيعة بعد هذا في تناولهم لكتاب الله تعالى منهم من سلك منهجا فيه شئ من الاعتدال ، أو سلك مسلك الغلو ، ومنهم من جمع بين المسلكين أو اقترب من أحدهما .

      ومن الكتب التي اطلعت عليها : تفسير الصافى ، لمحمد بن مرتضى المدعو بمحسن . انتهى مؤلفه من كتابته سنة 1075 هـ . وقد حاول أن يأتى بكل ضلالة جاءت في الكتب الثلاثة التي رزئ بها القرن الثالث الهجرى ، والتي تحدثنا عنها ، وهى تفاسير الحسن العسكرى والعياشى والقمى ، وزاد كذلك في النقل عن بعض الكتب الأخرى كروايات التحريف والتأويلات الفاسدة التي رواها الكلينى في كتابه الكافى . فهذا الكتاب إذن يمثل جانب الغلو والتطرف ، ويعد استمراراً لحركة التضليل والتشكيك ، ولذلك نقرأ فيه القول بتحريف القرآن الكريم ، ومهاجمة الصحابة الأكرمين ، والتأويلات التي تجعل من كتاب الله تعالى كتاباً من كتب فرق الغلاة ، وغير ذلك مما ذكرناه عند تناولنا للكتب الثلاثة .

      فهو يرى أن تفسير القرآن الكريم لا يصح إلاَّ عن طريق أئمة الجعفرية " فكل ما لايخرج من بيتهم فلا تعويل عليه " ([1][384]) والرسول صلى الله عليه وسلم  فسره لرجل واحد هو الإمام على ([2][385]) ، ويهاجم من يأخذ التفسير المـروى عن الصحـابة لأن " أكثـرهم كانوا يبطنون النفاق ، ويجترئون على الله ، ويفترون على رسول الله في عزة وشقاق " ([3][386]) .

      وهو يرى أن جل القرآن إنما نزل في أئمة الجعفرية ، وفى أوليائهم ، وأعدائهم ([4][387]). ويذكر روايات كثيرة في تحريف القرآن الكريم ([5][388]) ، بل يزعم أن في القرآن الكريم من التنافر والتناكر ما يدل على التحريف .

      مثال هذا ما نصه : " وأما ظهورك على تناكر قوله : ] وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء [ ([6][389]) ، وليس يشبه القسط في اليتامى نكاح النساء ، ولا كل النساء أيتاماً ، فهو مما قدمت ذكره من إسقاط المنافقين من القرآن ، وبين القول في اليتامى وبين نكاح النساء من الخطاب والقصص أكثر من ثلث القرآن " ([7][390]) .   

      وصاحب الصافى يعقب على روايات التحريف بقوله : " المستفاد من مجموع هذه الأخبار ، وغيرها من الروايات عن طريق أهل البيت ، أن القرآن الذي بين أظهرنا ليس بتمامه كما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله ، ومنه ما هو مغير محرف ، وأنه قد حذف منه أشياء كثيرة ، منها اسم علىّ  في كثير من المواضع ، ومنها لفظْة آل محمد غير مرة . ومنها أسماء المنافقين في مواضعها ، ومنها غير ذلك . وأنه ليس أيضاً على الترتيب المرضى عند الله وعند رسوله " ([8][391]) .

      و لا يكتفى بذكر هذه الروايات ، والتعقيب عليها ، ولكن يذكر آراء الطبرسي والصدوق والطوسى في عدم التحريف ، ويرد عليهم بما يبين مدى غلو هذا الضال المضل ([9][392]).

      ومن أحاديثه عن الصحابة - رضوان الله تعالى عنهم ، أنهم كانوا أهل ردة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاَّ ثلاثة هم : المقداد وأبو ذر وسلمان الفارسى ! وأن أربعة اجتمعوا على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسم ، هم : أبو بكر وعمر وابنتاهما عائشة وحفصة ([10][393]) !!

     والكتاب كله يسير في ظلمات الضلال ، ولنزد ذلك بياناً ببعض الأمثلة :

     في أول سورة البقرة :] الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ[ ينقل عن العياشى عن الإمام الصادق أنه قال : " كتاب على لا ريب فيه " ، ويعقب على هذا بقوله : " ذاك تفسيره ، وهذا تأويله ، وإضافته الكتاب إلى على بيانية ، يعنى أن ذلك إشارة إلى على . والكتاب عبارة عنه ، والمعنى أن ذاك الكتاب الذي هو على لا مرية فيه " . ثم يفسر المتقين بأنهم الشيعة ، ويقول : " وإنما خص المتقين بالاهتداء به لأنهم المنتفعون به " ([11][394]).

      وعند قوله تعالى : ] وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ[ ([12][395]) يقول : " كابن أبى وأصحابه ، وكالأول والثاني وأضرابهما من المنافقين ، الذين زادوا على الكفر الموجب للختم والغشاوة والنفاق ، ولا سيما عند نصب أمير المؤمنين للخلافة والإمامة " ([13][396]). ثم يذكر ما نقلناه من قبل عن تفسير الحسن العسكرى لهذه الآية الكريمة ، وذكره للغدير ، وخيانة خير أمة أخرجت للناس ([14][397]).

      وفى تفسيره لسورة القدر نراه يتفق مع القمي وينقل عنه ما ذكرناه من قبل ، بل يزيد عنه بأن وجود القرآن متعلق بوجود الإمام !! وكلامه بالنص بعد أن ذكر رواية عن الإمام أبى عبدالله بأنه لو رفعت ليلة القدر لرفع القرآن : " وذلك لأن في ليلة القدر ينزل كل سنة من تبيين القرآن وتفسيره ما يتعلق بأمور تلك السنة إلى صاحب الأمر ، فلو لم يكن ليلة القدر لم ينزل من أحكام القرآن ما لا بد منه في القضايا المتجددة ، وإنما لم ينزل ذلك إذا لم يكن من ينزل عليه ، وإذا لم يكن من ينزل عليه لم يكن قرآناً ، لأنهما متصاحبان لن يفترقا حتى يردا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حوضه كما ورد في الحديث المتفق عليه "([15][398]) .

       إذن يمكن القول بأن تفسير الصافى لا يقل غلواً عن التفاسير الثلاثة بل زاد عنها .

ثانياً: البرهان في تفسير القرآن

      وممن عاصر صاحب الصافى السيد هاشم البحرانى " توفى سنة 1107 أو سنة 1109 " وله كتاب " البرهان في تفسير القرآن " جمع فيه كثيراً من الروايات الجعفرية في تفسير القرآن الكريم ([16][399]).

      والكتاب لا يختلف كثيراً عن تفسير الصافى ، فهو يسير في طريق الضلال نفسه ، يحرف كتاب الله تعالى نصاً ومعنى ، ويطعن في حفظة الكتاب الكريم ، وحملة الشريعة من الصحابة الكرام الأطهار ، ويذكر من الروايات المفتراة ما يؤيد ضلاله .

      ونستطيع أن ندرك منهج هذا التفسير الضال المضل ، وأثر الإمامة فيه ، من الأبواب التي نراها في الجزء الأول قبيل البدء في تفسير السور الكريمة ، ومن الأخبار التي أثبتها البحرانى في هذا الكتاب ، فلنضرب بعض الأمثلة.

      ذكر البحرانى " باب في أن القرآن لم يجمعه كما أنزل إلاَّ الأئمة ، وعندهم تأويله " . وتحت هذا الباب نجد ستة وعشرين خبراً ([17][400]).

      وفى  " باب فيما نزل عليه القرآن من الأقسام "([18][401]) يذكر عن أمير المؤمنين أنه قال : نزل القرآن أثلاثاً : ثلث فينا وفى عدونا ، وثلث سنن وأمثال ، وثلث فرائض وأحكام . وعن أبى عبدالله : إن القرآن نزل على أربعة أرباع .

     ويذكر " باب في أن القرآن نزل بإياك أعنى واسمعى يا جارة " ([19][402]) و" باب فيما عنى به الأئمة في القرآن " ، وفيه ، لو قرئ القرآن كما أنزل لألفيتنا فيه مسمين كما سمى من قبلنا ([20][403])

      ويقول البحرانى :

      وأما ما هو على خلاف ما أنزل الله فهو قوله : ] كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [... وأما ما هو محرف منه قوله : ] لَّـكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ الله إِلَيْكَ في على[ كذا نزلت([21][404]) .

 

      وأما ما تأويله بعد تنزيله : فالأمور التي حدثت في عصر النبيصلى الله عليه وسلم ، وبعده ، في غصب آل محمد صلى الله عليه وسلم حقهم ، وما وعدهم الله تعالى من النصرة على أعدائهم ، وما أخبر الله سبحانه به نبيه من أخبار القائم وخروجه ، وأخبار الرجعة ([22][405]).

       وأما ما هو مخاطبة لقوم ومعناه لقوم آخرين فقوله : ] وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ [ أنتم يا معشر أمة محمد ([23][406]).

 وأما الرد على من أنكر الرجعة فقوله : ] وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا [ ([24][407])

     ومن هذا يتضح منهج هذا البحرانى ، ونزيد لك بياناً بشئ مما جاء في تفسيره للآيات الكريمة .

    مما جاء في تفسيره للفاتحة :" غير المغضوب عليهم النصاب ، والضالين : الشكاك الذين لا يعرفون الإمام " .

      ويروى عن أبى جعفر أنه قال : " إن الله عز وجل خلق جبلاً محيطاً بالدنيا ، زبرجدة خضراء ، وإنما خضرة السماء من خضرة ذلك الجبل ، وخلق خلفه خلقاً لم يفترض عليهم شيئاً مما افترض على خلقه من صلاة وزكاة ، وكلهم يلعن رجلين من هذه الأمة سماهما " .

       ويروى عنه أيضاً أنه قال : " من وراء شمسكم هذه أربعون عين شمس ، ما بين عين شمس إلى عين شمس أربعون عاماً ، فيها خلق كثير ، ما يعلمون أن الله تعالى خلق آدم أو لم يخلقه . وإن من وراء قمركم هذا أربعون قرصاً ، وبين القرص إلى القرص أربعون عاماً ، فيها خلق كثير لا يعلمون أن الله - عز وجل- خلق آدم أو لم يخلقه ، قد ألهموا كما ألهمت النحلة لعنة الأول والثاني في كل الأوقات ، وقد وكل بهم ملائكة متى لم يلعنوا عذبوا " ([25][408]).

      وفى أول سورة البقرة يذكر ما رأيناه من قبل في تفسير الصافى فيقول " كتاب على لا ريب فيه " ([26][409]).

      وهكذا نرى من هذه الأمثلة القليلة ([27][410]) أن هذا التفسير كسابقه يسير في طريق الضلال ، ويعتبر امتداداً للحركة التي منى بها القرن الثالث ، ويمثل جانب الغلو والتطرف .

ثالثاً: بحار الأنوار

       وممن عاصر صاحبى الصافى والبرهان المولى محمد باقر المجلسى ، المتوفى سنة 1111 ، وهو من أشهر علماء الجعفرية ، وله مكانته عندهم . وللمجلسى موسوعته الكبرى " بحار الأنوار " ، تحدث فيها عن أشياء كثيرة ، يعنينا منها هنا ما يتصل بكتاب الله تعالى ، وأثر الإمامة فيه والمجلسى لم يؤلف بحاره للتفسير ، وإنما لخدمة المذهب الجعفرى الاثنى عشرى ، فالحديث عن القرآن الكريم جاء من هذا الباب . وقد جعل كتاباً للإمام تحته مئات الأبواب ، ضمتها مجموعة من أجزاء البحار.  ومن هذه الأبواب " أبواب الآيات النازلة فيهم " : أي في الأئمة كما يزعم ، وهى تقع في أكثر من ستمائة صفحة في جزأين ([28][411]). ومنها كذلك " أبواب الآيات النازلة في شأنه  الدالة على فضله وإمامته " ، أي في شأن الإمام على ، وهى تقع فيما يقرب من أربعمائة وخمسين صفحة في جزأين كذلك ([29][412]).

       ويكفى أن نذكر عناوين بعض هذه الأبواب ليظهر  مدى غلو هذا الضال ، فمن أبوابه :

     باب أنهم - أي الأئمة - آيات الله وبيناته وكتابه ([30][413]) ، وأن الأمانة في القرآن الإمامة ([31][414]) ، وأنهم أنوار الله تعالى وتأويل آيات النور فيهم ([32][415]) ، وتأويل المؤمنين والإيمان والمسلمين والإسلام بهم وبولايتهم... والكفار والمشركين والكفر والشرك والجبت والطاغون واللات والعزى والأصنام بأعدائهم ومخالفيهم  ([33][416]) ، وأنهم خير أمة وخير أئمة أخرجت للناس ([34][417])، وأنهم جنب الله ووجه الله ويد الله       وأمثالها([35][418])، وأنه - أي الإمام علياً - المؤمن والإيمان والدين والإسلام والبينة والسلام وخير البرية في القرآن الكريم ... وأعداؤه " الكفر والفسوق والعصيان"([36][419])، وأنه أنزل فيه - صلوات الله عليه - الذكر والنور والهدى والتقى في القرآن([37][420]) ، وأنه النبأ العظيم والآية الكبرى([38][421]) .

      والمجلسى ينقل عن التفاسير الثلاثة الضالة التي ظهرت في القرن الثالث الهجرى ، وعن غيرهما من كتب غلاة الشيعة ، ولكنه لا يكتفى بالنقل ، وإنما كثيراً ما يذكر رأيه سواء في هذه الأجزاء أو في غيرها من كتابه البحار .

      وإذا كان تأليف الأبواب على هذه الصورة يدل على فساد عقيدته التي تنزل به إلى درك الغلاة ، فإن ذكر الآراء يكشف عن حقيقته بوضوح يمنع المماحكة وخلق الأعذار ، وهاك بعض ما جاء في كتابه .

      نقل عن الكافى ثلاث روايات عن الإمام أبى جعفر قال : نزل جبريل بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وسلم : ] بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ[ في على  " بَغْيا""     وقال : نزل جبرائيل  بهده الآية على محمد صلى الله عليه وسلم هكذا :] وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا[ في على  ]فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ [ وقال: نزل بهذه الآية هكذا : ] يَا أَيُّهَآ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا أنَزَّلْنَا[ في علىّ  ] نُورًا مُّبِينًا[

وبعد هذه الروايات قال المجلسى ([39][422]):

     بيان : قوله : " على عبدنا في على ع " لعله كان شكهم فيما يتلوه صلى الله عليه وسلم في شأن على " ع " ، فرد الله عليهم بأن القرآن معجزة ، ولا يمكن أن تكون من عند   غيره . وأما الأية الثالثة فصدرها في أوائل سورة النساء هكذا : ] يَا أَيهَآ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم [ وآخرها في آخر تلك السورة هكذا :

] يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا[ ، ولعله سقط من الخبر شئ ، وكان اسمه " ع " في الموضعين ، فسقط آخر الأولى وأول الثانية من البين ، أو كان في مصحفهم عليهم السلام إحدى الآيتين كذلك ، ولا يتوهم أن قوله] مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم [ في الأولى ينافى ذلك ، إذ يمكن أن يكون على هذا الوجه أيضاً الخطاب إلى أهل الكتاب ، فإنهم كانوا مبغضين لعلى " ع " لكثرة ما قتل منهم ، وكان اسمه " ع"  مثبتاً عندهم في كتبهم كاسم النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذا قوله   ] أُوتُواْ الْكِتَابَ [ ، وإن احتمل أن يكون المراد بالكتاب القرآن .

      وذكر المجلسى بعد هذا روايات أخرى عن الكافى أيضاً فيها آيات محرفة كذلك ، وقال عن التحريف في بعضها :

     " يحتمل التنزيل والتأويل " ، واحتمل في موضع آخر وجود الآيات المحرفة في مصحف خاص بأئمتهم كما ذكر من قبل ([40][423]).

     ثم أورد المجلسى ثلاث روايات من الكافى عن الإمام أبى عبدالله جعفر الصادق هي ([41][424]) :

     عنه في قول الله عز وجل : ] إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ [ قال : نزلت في فلان وفلان وفلان وفلان : آمنوا بالنبىصلى الله عليه وسلم في أول الأمر، وكفروا حيث عرضت عليهم الولاية حين قال النبي صلى الله عليه وسلم : من كنت مولاه فعلى مولاه ، ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين رضي الله عنه ، ثم كفروا حيث مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقروا بالبيعة ، ثم ازدادوا كفراً بأخذهم من بايعه بالبيعة لهم ، فهؤلاء لم يبق فيهم من الإيمان شيء .

      وعنه في قول الله تعالى " 25 : محمد "  : ] إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى [ فلان وفلان وفلان ، ارتدوا عن الإيمان في ترك ولاية أمير المؤمنين رضي الله عنه ، قلت : قوله تعالى " 26 : محمد "

] ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ[ قال :           نزلت والله فيهما وفى أتباعهما ، وهو قول الله عز وجل الذي نزل                   به جبرائيل " ع " على محمد صلى الله عليه وسلم ] ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ[                   في على  ] سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ[ قال : دعوا بنى أمية إلى ميثاقهم ألا يصيروا الأمر فينا بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يعطونا من الخمس شيئاً ، وقالوا : إن أعطيناهم إياه لم يحتاجوا إلى شئ ، ولا يبالوا ألاَّ يكون الأمر فيهم ،فقالوا : سنطيعكم في بعض الأمر الذي دعوتمونا إليه ، وهو الخمس ألا نعطيهم منه شيئاً ، وقوله " كرهوا ما نزل الله " والذى نزل الله ما افترض على خلقه من ولاية أمير المؤمنين  ، وكان معهم أبو عبيدة ، وكان كاتبهم ، فأنزل الله :   ] أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم [ " 79 : 80 الزخرف " .

       والرواية الثالثة أنه قال في قوله تعالى " 25 : الحج " : ] وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ [ ، نزلت فيهم : حيث دخلوا الكعبة ، فتعاهدوا وتعاقدوا على كفرهم ، وجحودهم بما نزل في أمير المؤمنين رضي الله عنه ، فألحدوا في البيت بظلمهم الرسول ووليه ، فبعداً للقوم الظالمين .

     وبعد هذه الرواية قال المجلسى :

    بيان : قوله : ] إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ [ أقول : الآية في سورة النساء ([42][425])هكذا : ] إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً[ ، وفى سورة آل عمران ([43][426]) هكذا ] إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الضَّآلُّونَ[ ، ولعله  - ضم جزءاً من إحدى الآيتين إلى جزء من الأخرى لبيان اتحاد مفادها ، ويحتمل أن يكون في مصحفهم " ع " هكذا ، والظاهر أن المراد بالإيمان في الموضعين الإقرار باللسان فقط ، وبالكفر الإنكار باللسان أيضاً ، كما صرح به في تفسير على بن إبراهيم .

      قوله  : بأخذهم من بايعه بالبيعة : لعل المراد بالموصول أمير المؤمنين رضي الله عنه ، والمستتر في قوله : بايعه راجع إلى أبى بكر ، والبارز إلى الموصول ، ويحتمل أن يكون المستتر راجعاً إلى الموصول ، والبارز إليه  ، أي أخذواالذين بايعوا أمير المؤمنين  يوم الغدير بالبيعة لأبى بكر ، ولعله أظهر .

      قوله : فلان وفلان وفلان : هذه الكنايات يحتمل وجهين : الأول أن يكون المراد بها بعض بنى أمية كعثمان وأبى سفيان ومعاوية ، فالمراد بالذين كرهوا ما نزل الله أبو بكر وعمر وأبو عبيدة ، إذ ظاهر السياق أن فاعل " قالوا " الضمير الراجع إلى " الذين ارتدوا " والثاني أن يكون المراد بالكنايات أبا بكر وعمر وأبا عبيدة ، وضمير " قالوا " راجعاً إلى بنى أمية بقرينة كانت عند النزول ، والمراد بالذين كرهوا الذين ارتدوا ، فيكون من قبيل وضع المظهر في موضع المضمر . نزلت والله فيهما : أي في أبى بكر وعمر ، وهو تفسير للذين كرهوا . وقوله : وهو قول الله : تفسير لما نزل الله ، وضمير " دعوا " راجع إليهما  وأتباعهما ، " وقالوا " أي هما وأتباعهما .

       قوله ، في بعض الأمر : لعلهم لم يجترئوا أن يبايعوهم في منع الولاية فبايعوهم في منع الخمس ، ثم أطاعوهم في الأمرين جميعاً ، ولا يبعد أن تكون كلمة " في " على هذا التأويل تعليلية ، أي نطيعكم بسبب الخمس لتعطونا منه شيئا . وقوله : " كرهوا ما نزل الله " إعادة للكلام السابق لبيان أن ما نزل الله في على  هو االولاية ، إذ لم يظهر ذلك مما سبق صريحاً ، ولعله زيدت الواو في قوله: " والذى " من النساخ ، وقيل : قوله مرفوع على قول الله من قبيل عطف التفسير ، فإنه لا تصريح في المعطوف عليه ، بأن النازل فيهما في أتباعهما كرهوا أم قالوا ([44][427]).

       وبعد أن انتهى المجلسى من بيانه السابق ذكر عشرات الروايات التي تحمل التحريف لكتاب الله تعالى ، والتكفير لمن رضي الله عنهم ورضوا عنه من الصحابة الكرام البررة ، ثم قال :

       اعلم أن إطلاق لفظ الشرك والكفر على من لم يعتقد إمامة أمير المؤمنين والأئمة من ولده " ع " وفضل عليهم غيرهم ، يدل على أنهم كفار مخلدون في  النار ([45][428]) . ثم أورد ما يؤيد به رأيه ، فقال : " قال الشيخ المفيد  قدس الله روحه - في كتاب المسائل : اتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد من الأئمة ، وجحد ما أوجبه الله تعالى له من فرض الطاعة ، فهو كافر ضال مستحق للخلود في  النار، وقال في موضع آخر : اتفقت الإمامية على أن أصحاب البدع كلهم        كفار ، وأن على الإمام أن يستتيبهم عند التمكن بعد الدعوة لهم ، وإقامة البينات عليهم ، فإن تابوا من بدعهم ، وصاروا إلى الصواب وإلا قتلهم لردتهم عن الإيمان، وأن من مات منهم على ذلك فهو من أهل النار " .

     ومن هذا نرى أن كتاب بحار الأنوار للمجلسى يعتبر امتداداً  لحركة التضليل والتشكيك في كتاب الله العزيز ، ويمثل جانب الغلو والتطرف عند الجعفرية الاثنى عشرية ([46][429]).

رابعاً : تأويل الآيات الباهرة

       والمجلسى ليس أول من عنى بجمع الآيات التي أجرم الضالون من طائفته بتحريفها في اللفظ أو المعنى ، فمن قبله مثلاً شرف الدين بن على النجفى الذي ألف كتاباً أسماه " تأويل الآيات الباهرة في فضل العترة الطاهرة " ، ونقل المجلسى عنه بعض رواياته([47][430]) .

       والكتاب لا يجمع الآيات تحت أبواب - كما فعل المجلسى ، وإنما يسير بترتيب السور الكريمة .

       وفى ذكره لبعض آيات سورة البقرة يجمع أكثر ما جاء به من التفسير المنسوب للإمام الحسن العسكرى . والتحريف في النص يكثر نقله عن القمي ، وتلميذه الكلينى .

      ولسنا في حاجة لذكر أمثلة ، فالكتاب كله صورة واضحة لهذا الضلال والإضلال ([48][431]).

      وسيأتى ذكر لكثير من كتبهم مثل هذا الكتاب .

خامساً : تفسير شبر :

          ويبدو أن حركة التضليل والتشكيك كانت أقوى من الحركة المضادة ، ذلك أن الكتب الضالة التي ظهرت في القرن الثالث منها كتاب ينتسب إلى إمام ، وآخر لمفسر يوثقونه كل توثيق ، أحد تلاميذه هو الكلينى ، صاحب كتاب الحديث الأول عند الجعفرية ، وقد نقل عن شيخه القمي مئات الروايات في التحريف والتكفير وغير ذلك ، والثالث للعياشى وهو في مكانة القمي عندهم ، ولهذا ما وجدت أو قرأت من كتاب من كتب التفسير الجعفرى يصل إلى كتاب التبيان للطوسى في اعتداله النسبى أو قلة غلوه([49][432]) . ولكن ظهر بعض التفاسير التي لم ترتفع إلى هذا المستوى ، ولم تنزل إلى ذلك الدرك الأسفل . ومن هذه الكتب تفسير القرآن الكريم للسيد عبدالله شبر ([50][433]).

      ولنتبين أهم آثار الإمامة في هذا التفسير ومدى غلوه نعرض ما يأتى :

أولا ً :

        بالنسبة للقول بتحريف القرآن الكريم أو عدم تحريفه لم أجد لشبر نصاً صريحاً ، ولكن يبدو أنه يميل إلى القول بالتحريف ، ويظهر هذا الترجيح مما يكثر منه على أنه من القراءات ، ومن هذه القراءات .

       في سورة آل عمران الآيات 102 ، 104 ، 110 ، فالآية الأولى         هي : ]  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ[ ولكن شبراً يذكر أنها قرئت " تقية " و " مسلّمون " وواضح أن تحريف التقوى بالتقية لتأييد مبدأ من مبادئ الجعفرية ، وأما الكلمة الأخرى فيقول عنها شبر " وقرئ بالتشديد أي منقادون للرسول ثم للإمام من بعده " ([51][434]).

     

     والآية الثانية ] وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [ يبدل كلمة " أمة " بأئمة ([52][435])أي أئمة الجعفرية .  

       وكذلك فعل في الآية الثالثة ] كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ [ فيقول : " هم آل محمد عليهم السلام، وقرئ كنتم خير أئمة " ([53][436]).

 

       وفى سورة الحجر " الآية 41 " : ] قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتـقِيمٌ[ يبدل الجار والمجرور باسم الإمام على فيقول " صراط عَلِىٍّ بالإضافة ([54][437]).

       وفى سورة الحج " الآية 52 " : ] وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ [ يقول شبر : " وعنهم أي أئمته أو محدث بفتح الدال ، هو الإمام يسمع الصوت ولا يرى الملك ([55][438]). وغير هذا كثير([56][439]) .

     ومما يرجح كذلك انضمام شبر إلى القائلين بالتحريف ، موقفه من الآية التاسعة من سورة الحجر ] إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظــُونَ[ حيث أولها   بقوله : " وإنا له لحافظون عند أهل الذكر واحداً بعد واحد إلى القائم أو في     اللوح ... وقيل الضمير للنبى " ([57][440]).

 ثانياً : نجد شبراً ممن يطعن في الصحابة الأبرار ، وأمهات المؤمنين الطاهرات : فمثلاً آيات سورة النور التي تحدثت عن الإفك لتبرئة أم المؤمنين السيدة عائشة - رضي الله عنها ، نرى شبراً يجعل فيها اتهاماً لمن برأها الله تعالى فيقول : ] وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ [ تحمل معظمه ] مِنْهُمْ[ من الآفكين  ] لَهُ عذَابٌ عَظِيمٌ[ في الآخرة . أو في الدنيا بجلدهم ، نزلت في مارية القبطية وما رمتها به عائشة من أنها حملت بإبراهيم من جريج القبطى ، وقيل في عائشة"([58][441]).

      وفى سورة التوية " الآية 40 " : ] إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا ... [ يعز على شبر أن ينزل من السماء تكريم لأبى بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه  ولا يكتفى بنفى هذا التكريم ، بل يفترى على الله تعالىمرة أخرى ، ويجعل من الآية الكريمة اتهاماً لأفضل المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولذلك يقول :]إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ [ ولا مدح فيه إذ قد يصحب المؤمن الكافر كما : ] قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ [ ([59][442]) ] لاَ تَحْزَنْ [ : فإنه خاف علــى نفسه ، وقبض واضطرب حتى كاد أن يدل عليهما ، فنهـاه عن ذلك ]    إِنَّ اللّهَ مَعَنَا[  عالم بنا  ] فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ [طمأنينة ]عَلَيْه[ِ على الرسول ، وفى إفراده صلى الله عليه وسلم بها ههنا مع اشتراك المؤمنين معه حيث ذكرت ما لايخفى([60][443]).

 ثالثاً : نجد شبراً يغالى في أئمته ، ويخضع القرآن الكريم لهذا الغلو ، فيضيف إلى التحريف في النص تحريفاً في المعنى . انظر مثلاً تأويله لسورة القدر حيث يقول : ] تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا   [ : جبرائيل أو خلق أعظم من الملائكة ]بِإِذْنِ رَبِّهِم [ يأمره كل سنة إلى النبي وبعده إلى أوصيائه ، ] مِّن كُلِّ أَمْرٍ[ : بكل أمر قدر في تلك السنة أو من أجله ، ] سَلَامٌ هِيَ [ : قدم الخبر للحصر أي ما هي إلاَّ سلامة أو سلام ؛ لكثرة سلام الملائكة فيها على ولى الأمر ([61][444]) .

      وفى سورة المعارج ، بعد أن ذكر أنها مكية ، يقول :

] سَأَلَ سَائِلٌ [ : دعا داع ، ] بِعَذَابٍ وَاقِعٍ[ : نزلت لما قال بعض المنافقين يوم الغدير : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ، فرماه الله بحجر فقتله ([62][445]).

     وفى الآية الثامنة من سورة هود يقول :

]وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ[ : أوقات قليلة ، قال الصادق  : هي أصحاب المهدى عدة أصحاب أهل بدر ([63][446]).

      هذا بعض ما جاء في تفسير شبر ، وأظنه يكفى لبيان أثر الإمامة فيه ، وهو وإن كان في منزلة بين المنزلتين ، إلاَّ أنه إلى الغلو أقرب ، وعن الاعتدال أكثر بعداً .

سادساً : كنز العرفان

       وبعد الانتهاء من النظر في تلك الكتب ، نأتى إلى لون آخر من التفاسير ، وهى تختص بآيات الأحكام فقط ، رجعت إلى كتابين أحدهما يمثل جانب الاعتدال النسبى ، والآخر سار في طريق الغلاة .

       الكتاب الأول هو " كنز العرفان في فقه القرآن " ، لمقداد بن عبدالله السيورى الحلى ([64][447]) ، والكتاب ينتصر للأحكام التي استقر عليها رأى الشيعة الجعفرية ، مخالفين بها كل المذاهب أو بعضها ، فمثلاً عند قوله تعالى :

] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ [ ([65][448]) ، نراه يقف طويلاً عند عجز الآية، محاولاً إثبات أن الواجب مسح الرجلين لا غسلهما ([66][449]) .

   وعند قوله عز وجل ] وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [ ([67][450]) ، حاول أن يثبت وجوب رد السلام في أثناء الصلاة ([68][451]).

والانتصار للفقه الشيعى الجعفرى من باحث جعفرى أمر متوقع ، بل لا ينتظر غيره ، ولكنه ينتهى أحياناً إلى آراء أثر الإمامة يبدو فيها واضحاً ، ومن أمثلة هذه الأراء ما يأتى :

     عند قوله تعالى :  ]  إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا  [ ([69][452]) ينتهى إلى أن في الآية أحكاماً هي :

     أن المشركين أنجاس نجاسة عينية لا حكمية ، وأن آثارهم وكل ما باشروه برطوبة نجس أيضاً ، وأنه لا يجوز دخولهم المسجد الحرام ، وكذا باقى المساجد لنصوص الأئمة . ثم يقول : " لا فرق بينهم وبين الكفار عندنا في جميع ما تقدم للإجماع المركب ، فإن كل من قال بنجاستهم عيناً قال بنجاسة كل كافر ، ولأن أهل الذمة مشركون " ([70][453]) . وبالبحث عن باقى الكفار عندهم نجد أن الجعفرية توسعوا في مفهوم الكفر فحكموا بكفر كثير من المسلمين ، حتى أن بعضهم اعتبر غير الجعفرى كافراً مشركاً ([71][454]) .

       وفى قوله عز وجل : ]إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[ ([72][455]) : يذكر مشروعية الصلاة على الآل تبعاً للنبى صلى الله عليه وسلم، وجواز الصلاة عليهم " لا تبعاً له بل إفراداً كقولنا اللهم صلى على آل محمد ، بل  الواحد منهم لا غير " ، وأن الصلاة عليهم واجبة في الصلاة ، ومستحبة في غيرها، ثم يقول : " والذين يجب الصلاة عليهم في الصلاة ، هم الأئمة المعصومون لإطباق الأصحاب على أنهم هم الآل ، ولأن الأمر بذاك مشعر بغاية التعظيم المطلق الذي لا يستوجبه إلاَّ المعصومون ، وأما فاطمة عليها السلام فتدخل أيضاً لأنها بضعة منه صلى الله عليه وسلم " .

      ويذكر كذلك أن أئمته هم القائمون مقام الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأن مقام إمامتهم اغتصب ([73][456]).

      وفى قوله سبحانه : ]وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ [ ([74][457]).

        ينتهى إلى أحكام منها قوله : " وجوب القصر ، وإن كان عاماً لظاهر الآية، لكنه عندنا مخصوص بما عدا المواضع الأربعة : مسجد مكة ، والمدينة ، وجامع الكوفة ، والحاير الشريف ، وعليه إجماع أكثر الأصحاب ، لأن الإتمام فيها        أفضل، لكونها مواضع شريفة تناسب التكثير من العبادة فيها " ([75][458]) .

سابعا ً:  زبدة البيان

       ذلك هو الكتاب الأول ، أما الكتاب الثاني فهو " زبدة البيان في أحكام  القرآن" ، لأحمد بن محمد الشهير بالمقدسى الأردبيلى ([76][459]) ولنتبين مدى غلوه ، وأثر الإمامة فيه نعرض ما يأتى :-

       في كتاب الطهارة ذكر أن الإيمان المطلق عند الجعفرية يدخل فيه التصديق والإقرار " بالولاية والإمامة والوصاية لأهل البيت ( ع ) بخصوص كل واحد   واحد " ([77][460]) .

      ثم قال : فلنشر إلى ما يدل على كون أمير المؤمنين " ع " إماماً ، وهو غير محصور ، ونقتصر على نبذ منه . منه قوله تعالى : ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [ ([78][461]).

       ومما قاله في الآية الكريمة : " ظاهر أنها في أمير المؤمنين وأصحابه الذين ارتدوا بعده من الخوارج ، ومحاربيه يوم الجمل وصفين وغيره " .

       واستمر لبيان أنها فيه ، واستدل بأحاديث لا تصلح للاستدلال هنا ، وبأخرى موضوعة ، إلى أن قال : وبالجملة الأوصاف كلها موجودة فيه ، ويؤيد كونها فيه قوله تعالى متصلاً بالآية المذكورة :

] إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ[ مع إجماع المفسرين على أنها في شأنه  ([79][462]) .

      وفى كتاب الصلاة عاد الأردبيلى للحديث عن الآية الخامسة والخمسين من سورة المائدة ] إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ [ ليستدل بها على إمامة أمير المؤمنين ، والأئمة الأحد عشر من ولده الذين تصدقوا في حال ركوعهم كذلك ([80][463]).

     وفى كتاب الطهارة ذكر قوله تعالى : ] وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ[ ([81][464]) ، واستدل بها على وجوب عصمة الأئمة ([82][465]) .

       وفى كتاب النكاح : ذكر أول سورة التحريم ، وتحدث عن أسباب النزول ، ثم قال : " وفى السبب شئ عظيم لحفصة ، ولعائشة أعظم ، حيث كذبت وغدرت وفتنت ، وأمرت بهذه المناكير ، وحصل الأذى للنبى صلى الله عليه وسلم بذلك([83][466]).

         واستدلالاً بالآية الخامسة ] عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا[          قال : " وبالجملة هذه تدل على عدم اتصافهما بهذه الصفات ، واتصاف غيرهما بها([84][467]) .

        وبعد ذلك تحدث عن ضرب المثل بامرأة نوح وامرأة لوط ، ثم قال :      " ولعل فيه تسلية للنبى وغيره من المؤمنين ، بأنه لا يستبعد حصول امرأة غير صالحة للنبى وغيره ، ودخولها النار ، مع كون جسدها مباشراً لجسده ، ووجود الزوجية ، وهى صريحة في ذلك ، والمقصود واضح فافهم . وكذا رجاء من يتقرب بتزويجه وزوجيته صلى الله عليه وسلم ، ولهذا كانت أم حبيبة بنت أبى سفيان أخت معاوية أيضاً عنده صلى الله عليه وسلم ، وهى أحدى زوجاته ، وأبوها كان أكبر رءوس الكفار ، وصاحب حروبه صلى الله عليه وسلم وأخرى صفية بنت حيى بن أخطب بعد أن أعتقها ، وقد قتل أبوها على الكفر ، وأخرى سودة بنت زمعة ، وكان أبوها مشركاً ومات عليه ، وقيل : قد زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنتيه قبل البعثة بكافرين يعبدان الأصنام"([85][468])  .

       بعد هذا لسنا في حاجة إلى ذكر المزيد لبيان أن هذا الكتاب يمثل جانب الغلو والتطرف والضلال .  

ثامناً: الميـــزان

     بعد الحديث عن كتب للجعفرية الاثنى عشرية ظهرت في القرون السابقة أرى أن ننظر فيما كتب علماؤهم المعاصرون ، لنرى إلى أي مدى لا يزال التأثر بعقيدة الإمامة في تناولهم لكتاب الله العزيز .

      ومن أكثر الكتب انتشاراً وشهرة ، ولها مكانتها عند شيعة اليوم كتاب         " الميزان في تفسير القرآن " : للسيد محمد حسين الطباطبائى ([86][469]) . وأهم آثار الإمامة في هذا الكتاب  تبدو فيما يأتى :-

أولا ً:عندما ينتصر لعقيدته في الإمامة ، أو لشئ متصل بها ، يقف من التحريف موقفاً غير حميد ، ففى الحديث عن آية التطهير سبق أن أوردت قوله الذي يفيد احتمال وضع الصحابة للآيات في غير موضعها حيث قال " 16 / 330 " : " الآية لم تكن بحسب النزول جزءاً من آيات نساء النبي  ، ولا متصلة بها ، وإنما وضعت بينها : إما بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم  ، أو عند التأليف بعد الرحلة " ([87][470]).

     وعند الحديث عن موقف شبر من التحريف ذكرت ما نسبه لأئمته من زيادة كلمة " أو محدث " بعد قوله تعالى : ] وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ [ ، وذكرت كذلك تفسير شبر للمحدث بأنه الإمام يسمع الصوت ولا يرى الملك . وصاحب الميزان نراه يقول : " الروايات في معنى المحدث عن أئمة أهل البيت كثيرة جداً ، رواها في البصائر والكافى والكنز والاختصاص وغيرها. وتوجد في روايات أهل السنة أيضاً " ([88][471]) .

       وإذا كان قوله ينحصر في معنى المحدث ، إلاَّ أن روايات أئمته التي أشار إليها تتناول زيادة الكلمة في الآية الكريمة ومعناها ([89][472]) .

     أما روايات أهل السنة فنجدها في الصحيحن وغيرهما : ففى البخاري  " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد كان فيما قبلكم من الأمم محدثون ، فإن يك في أمتى أحد فإنه عمر " ([90][473]) .

       وفى مسلم : عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول : " قد كان يكون في الأمم قبلكم محدثون ، فإن يك في أمتى منهم أحد فإن عمر بن الخطاب منهم . قال ابن وهب : تفسير محدثون ملهمون " ([91][474]) .

      وفى الترمذى أن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال : " قد كان يكون الأمم محدثون ، فإن يك في أمتى أحد فعمر بن الخطاب " وزاد الترمذى : " قال سفيان بن عيينة : محدثون يعنى مفهون " ([92][475]) .

      فهذه الروايات إذن ليس فيها تحريف للقرآن الكريم ، أو زعم استمرار الوحى وسماع صوته .

      وعند قوله : ] فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [ ([93][476]) .

      روى عن أئمته بأنها إنما نزلت ]  فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ إلى أجل مسمى  فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ [ ، ثم يعقب بقول عام يبين رأيه في هذه الرواية وأمثالها حيث يقول :

        " لعل المراد بأمثال هذه الروايات الدلالة على المعنى المراد من الآية دون النزول اللفظى " ([94][477]) .

       فهو إذن لا يجزم بالتحريف أو عدمه ، أي أنه في منزلة بين القمي والطوسى .

ثانياً : بينا لجوء الطوسى والطبرسى لتأويل بعض أي القرآن الكريم للاستدلال على عقيدة الإمامة ، وهنا نجد صاحب الميزان يزيد عنهما غلواً وافتراء ، فمثلاً آية الولاية التي تحدثنا عنها في الجزء الأول ، نرى الطباطبائى يتناولها في أكثر من عشرين صفحة محاولاً أن يثبت بها الولاية ، وضلال من لا يشاركه عقيدته ، ويذكر أن علياً حاج أبا بكر بها فاعترف بأن الولاية لعلى ([95][478]) .

      وعند قوله تعالى : ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ [ ([96][479]) . نراه يقول : " على الناس أن يطيعوا الرسول فيما بينه بالوحى ، وفيما يراه من الرأى ، وأما أولو الأمر منهم - كائنين من كانوا - لا نصيب لهم من الوحى ، وإنما شأنهم الرأى الذي يستصوبونه ، فلهم افتراض الطاعة نظير ما للرسول في رأيهم وقولهم، ولذلك لما ذكر وجوب الرد والتسليم عند المشاجرة لم يذكرهم بل خص الله والرسول " . ([97][480]) ثم قال : " وبالجملة لما لم يكن لأولى الأمر هؤلاء خيرة في الشرائع ، ولا عندهم إلا ما لله ورسوله من الحكم - أعنى الكتاب والسنة - لم يذكرهم الله  سبحانه وتعالى ثانيا ، عند ذكر الرد .فلله تعالى إطاعة واحدة وللرسول وأولى الأمر إطاعة واحدة " ([98][481]) . ويبدو الاعتدال هنا في اختصاص الوحى بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ولكنه جعل رأى أولى الأمر كرأى الرسول سواء      بسواء ، وطاعتهم داخلة في طاعة الرسول ، لينتهى من هذا إلى وجوب عصمتهم والنص عليهم ، وأنهم هم أئمة الجعفرية ! وذكر روايات تؤيد ما ذهب إليه ، فأحال كتاب الله تعالى إلى كتاب من كتب الإمامة عند الجعفرية .

       ونكتفى هنا بذكر إحدى رواياته ، وتعقيبه عليها ، ليتضح مدى الغلو والافتراء ، وهاك نص الرواية :  " في تفسير البرهان عن ابن بابويه ، بإسناده عن جابر بن عبدالله الأنصارى. لما أنزل الله عز وجل على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم :  " "" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ""  " قلت : يا رسول الله عرفنا الله ورسوله ، فمن أولو الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك ؟ فقال : هم خلفائى ياجابر ، وأئمة المسلمين من بعدى ، أولهم على بن أبى طالب ، ثم الحسين ، ثم على بن الحسين ، ثم محمد بن على المعروف في التوراة بالباقر ، ستدركه   ياجابر ، فإذا لقيته فأقرئه منى السلام ، ثم الصادق جعفر بن محمد ، ثم موسى بن جعفر ، ثم على بن موسى ، ثم محمد بن على ، ثم على بن محمد ، ثم الحسين بن على ، ثم سميى محمد وكنيى ، حجة الله في أرضه ، وبغيته في عباده ، ابن الحسن ابن على ، ذاك الذي يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها ، ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه  غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلا من امتحن الله قلبه بالإيمان .

      قال جابر : فقلت له : يارسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته ؟  فقال صلى الله عليه وسلم : أي والذى بعثنى بالنبوة إنهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجلاها سحاب ، يا جابر هذا من مكنون سر الله ومخزون علم الله فاكتمه إلا عن أهله ! "  ثم عقب الطباطبائى بقوله : " وعن النعمانى .. عن على ما في معنى الرواية السابقة ، ورواها على بن إبراهيم بإسناده عن سليم عنه ، وهناك روايات أخر من طرق الشيعة وأهل السنة ! ومنها ذكر إمامتهم بأسمائهم ، من أراد الوقوف عليها فعليه بالرجوع إلى كتاب ينابيع المودة ، وكتاب غاية المرام للبحرانى ، وغيرهما " ([99][482]).

ثالثاً :وهو يتحدث عن منهجه في التفسير ، واستدلاله بالروايات قال : " وضعنا في ذيل البيانات متفرقات من أبحاث روائية ، نورد فيها ما تيسر لنا إيراده من الروايات المنقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأئمة أهل البيت عليهم السلام ، من طرق العامة والخاصة . وأما الروايات الواردة عن مفسرى الصحابة والتابعين فإنها على ما فيها من الخلط والتناقض لا حجة فيها على مسلم " ([100][483]) .

       وبالاطلاع على هذه الأبحاث الروائية وجدنا أنه لا يفترق كثيراً عن القمي والعياشى وأضرابهما ، وعنهم أخذ أكثر رواياته ، ولنضرب بعض الأمثلة:

       من هذه الروايات " أن آدم لما أكرمه الله تعالى بإسجاد ملائكته له ، وبإدخاله الجنة ، قال : هل خلق الله بشراً أفضل منى ؟ فعلم الله عز وجل ما وقع في نفسه فناداه ، ارفع رأسك يا آدم ، وانظر إلى ساق العرش ، فنظر إلى ساق العرش فوجد عليه مكتوباً : لا إله إلاَّ الله ، محمد رسول الله ، على بن أبى طالب أمير      المؤمنين ، وزوجته فاطمة سيدة نساء العالمين ، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة . فقال آدم : يا رب من هؤلاء ؟ فقال عز وجل : يا آدم ، هؤلاء ذريتك ، وهم خير منك ومن جميع خلقى ، ولولاهم ما خلقتك ، ولا الجنة ولا النار ، ولا السماء ولا الأرض ، فإياك أن تنظر إليهم بعين الحسد ، فأخرجك عن جوارى ، فنظر إليهم بعين الحسد وتمنى منزلتهم ، فتسلط عليه الشيطان حتى أكل من الشجرة التي نهى عنها ، وتسلط على حواء فنظرت إلى فاطمة بعين الحسد حتى أكلت من الشجرة كما أكل آدم ، فأخرجهما الله تعالى من جنته ، وأهبطهما من جواره إلى الأرض " .

      ثم عقب صاحب الميزان بقوله : " وقد ورد هذا المعنى في عدة روايات ، بعضها أبسط من هذه الرواية وأطنب ، وبعضها أجمل وأوجز " ([101][484]).

     وروى عن الكلينى في قوله تعالى " 37 : البقرة " : ] فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ [ قال : " سأله بحق محمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين " . وعقب يقوله : " وروى هذا المعنى أيضاً الصدوق والعياشى والقمى وغيرهم " ([102][485]).

     وروى عن الكلينى أيضاً : " إن الله أعز وأمنع من أن يظلم ، أو ينسب نفسه إلى الظلم ، ولكنه خلطنا بنفسه ، فجعل ظلمنا ظلمه ، وولايتنا ولايته ، ثم أنزل الله بذلك قرآناً على نبيه فقال : ] وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ[([103][486])

   

     وعن الكافى كذلك : " إذا جحدوا ولاية أمير المؤمنين فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " ([104][487]).

      وعن العياشى أن الإمام الصادق قال : " الذين باءوا بسخط من الله هم الذين جحدوا على وحق الأئمة منا أهل البيت ، فباءوا بسخط من الله " ([105][488]) .

      وعنه كذلك في قوله تعالى : ] إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ[ ([106][489]) عن الإمام الصادق : نحن نعنى بها ، والله المستعان ، إن الواحد منا إذا صارت إليه لم يكن له أو لم يسعه إلاَّ أن يبين للناس من يكون بعده ([107][490]) .

      وعن العياشى أيضاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقـول  :  " لا دين لمن لا   تقية له " ([108][491]).

      وعن القمي والكافى في قوله تعالى : ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ [ ، رويا أنها نزلت في ولاية الإمام على([109][492]).

     ومن هذا كله يتضح أثر الإمامة في هذا التفسير ، وهو بلا شك أكثر غلواً من تفسير الطوسى ، بل من الطبرسي ، وأبحاثه الروائية نقلها من القمي والعياشى والكلينى وغيرهم ، فهو في هذا لا يكاد يفترق عن باقى الضالين .

 

   ([1][384])  تفسير الصافى ج 1 ورقة 2  .

   ([2][385])  انظر التفسير المذكور ج 4 ورقة 11 ، وانظر ج 1 ورقات 6 ، 7 ، 8  " نبذ مما جاء في أن علم القرآن كله إنما هو عند أهل البيت " .

    ([3][386]) تفسير الصافى ج 1 ورقة 2 .

   ([4][387]) انظر ج 1 الورقة الثامنة وما بعدها  .

  ([5][388]) انظر ج 1 الورقة إلى 18 ، والتفسير كله مملوء بذكر آيات كثيرة محرفة .

  ([6][389]) 3 : النساء .

  ([7][390]) ج 1 الورقتان 17 ، 18 .

    قال ابن كثير في تفسير الآية الكريمة " إذا كان تحت حجر أحدكم يتيمة وخاف ألا يعطيها مهر مثلها فليعدل إلى ما سواها من النساء ، فإنهن كثير ، ولم يضيق الله عليه " . وذكر سبب النزول كما رواه الإمام البخاري ، عن عائشة رضي الله عنها : " أن رجلاً كانت له يتيمة فنكحها، وكان لها عذق ، وكان يمسكها عليه ، ولم يكن لها من نفسه شئ ، فنزلت فيه  ] وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى [ أحسبه قال : كانت شريكته في ذلك العذق وفى ماله .

    ثم ذكر عن الإمام البخاري أن عروة بن الزبير سأل عن الآية الكريمة فقالت : " يابن أختى ، هذه اليتيمة تكون في حجر وليها ، تشركه في ماله ، ويعجبه مالها وجمالها ، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره ، فنهوا أن ينكحوهن إلاَّ أن يقسطوا إليهن ، ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق ، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن " (انظر تفسيره 1 / 449 ـ 450)  .

   ([8][391])  ج 1 الورقة 18 .

   ([9][392])  انظر ج 1 الورقتين 19 ، 20 ، ومن رده يظهر اعتقاده بأن عندهم قرآناً غير القرآن الكريم الذي بأيدى المسلمين ، وأن ما بين الدفتين هو المحرف ، وأما قرآنهم فليس بمحرف!!  والعجيب أن هذا المتظاهر بالإسلام وحب آل البيت – بدلاً من أن يستباح دمه وتحرق كتبه – نراه احتل مكاناً عالياً عند كثير من الشيعة الاثنى عشرية ! . وتفسيره مطبوع ومنتشر في الوسط الشيعى ! 

   ([10][393])   انظر هذه المفتريات العجيبة في ج 1 ورقة 148 ، ج 4 ورقة 133 .

   ([11][394])  ج 1 ورقة 30 .

    ([12][395])  ج 1 ورقة 31 – ويريد بالأول والثاني الخليفتين – رضي الله تعالى عنهما . أفضل المسلمين بعد رسول الله r ، كما ثبت في النص المتواتر عن الإمام على كرم الله وجهه .

   ([13][396])  راجع ص 168 .

   ([14][397])  انظر ج 4 ورقة 177.

   ([15][398])  ج 1 ورقة 23 – والحديث الذي أشار إليه هو الذي أثبتنا عدم صحته من أي طريق .

   ([16][399])  راجع اتجاه التأليف في تلك الفترة ص 82  -  83 من كتاب المعالم الجديدة للأصول.

   ([17][400])   انظر ص 15-17 .

   ([18][401])  انظر ص 21 .

   ([19][402])  انظر ص22 .

   ([20][403]) انظر ص 22 ، 23 .

   ([21][404]) ص 34 ، والآية الكريمة التي حرفها هذا المفترى الضال نصها هو " لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه " (166: سورة النساء ) "  .

   ([22][405]) ص 35 .

   ([23][406]) ص 36 ، والآية الكريمة المذكورة هي الرابعة من سورة الإسراء. 

   ([24][407])  ص 37 ، والآية الكريمة في سورة النمل 83 } وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُون{ .

   ([25][408])  انظر ص 47 ، ولاحظ بها أخباراً أخرى متشابهة . ويقصد هذا الضال بالأول والثاني خير الناس بعد الرسول r ، الخليفتين الراشدين أبا بكر وعمر .

   ([26][409])   انظر ص 53 .

   ([27][410])   راجع أيضاً الخبر ، الذي نقلناه من تفسير الميزان نقلاً عن هذا التفسير ص 260 .

   ([28][411])  الجزءان هما : ج 23 من ص 167 إلى أخر الجزء ص 393 ، وج 24 كله وعدد صفحاته 402 .

   ([29][412])  ج 35 من ص183 إلى آخر الجزء ص 436 ، و ج 36 من أوله إلى ص 192.

   ([30][413])  باب 11 ج 23 ص 206 - 211 .

   ([31][414])  باب 16 ج 23 ص 273 – 283 .

   ([32][415])  باب 18 ج 3 ص 204 - 205 .

   ([33][416])  باب 21 ج 23 ص 354 - 390 .

   ([34][417])  باب 46 ج 24 ص 153-158.

   ([35][418])  باب 53 ج 24 ص 191- 203 .

   ([36][419])  باب 13 ج 35 ص 336 - 352 .

   ([37][420])  باب 20 ج 35 ص 394 - 407 .

   ([38][421])  باب 25 ج 36 ص 1-4 .

    ([39][422])  انظر الروايات وبيانه في ج 23 ص 372 – 373 ، ويظهر من السند المذكور أن الكلينى – صاحب الكافى – نقل  هذه الروايات الثلاث عن شيخه على بن إبراهيم القمي .

    والتحريف الأول في الأية 90 من سورة البقرة ، والثاني في الأية 23 من السورة ذاتها .

    أما الرواية الثالثة فإنها أخذت صدر الأية 47 من سورة النساء  مع وضع كلمة " أنزلنا " بدلاً من " نزلنا " ثم وضع التحريف ، ثم كان الختام هو عجز الآية 174 من نفس السورة ! ومع هذا فالقمى والكلينى والمجلسى من علماء الشيعة الاثنى عشرية الأعلام !! المعتدلون منهم والمتطرفون على السواء ، يثنون على الثلاثة كل الثناء ! حتى دعاة التقريب ! ما وجدنا أحداً منهم يقول في الثلاثة إلاَّ ما قاله شيعتهم ! فكيف يكون التقريب ؟ أنؤمن بهذا الكفر ونتبع هؤلاء الضالين ؟!  

   ([40][423])  انظر 23 / 374  .

   ([41][424])  راجعها في 23 / 375 – 376  .

   ([42][425])   الآية 137 .

   ([43][426])   الآية التسعين .

   ([44][427])  23 / 376 - 378 .

   ([45][428])  23 / 390 ، وفى موضع آخر عقد المجلسى باباً كاملاً أسماه " باب كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم " ويعنى بالثلاثة الخلفاء الراشدين !! ( انظر كتابة 8 / 208 إلى 252 طبع حجر " .

   ([46][429])   الشيخ محمد جواد عالم شيعى معاصر ، له مؤلفاته في فقه المذاهب الخمسة ، حيث اعتبر المذهب الجعفرى مذهباً خامساً ، ونرى شيئاً من الاعتدال في كثير من مؤلفاته . أشارهذا العالم إلى بعض " المؤلفات الشيعية التي بحثت التراث الإسلامي والديني والسياسي على أساس العلم ، ونطقت بالصدق وكلمة " الحق " هكذا قال بالنص ، ومن تلك المؤلفات بحار الأنوار للمجلسى !! ترى : أيدرى ما في البحار أم لا يدرى ؟!

   " انظر فضائل الإمام على ص 247 ".

   ([47][430])   انظر مثلاً بحار الأنوار 23 / 168 .

   ([48][431])   الكتاب مخطوط بدار الكتب المصرية تحت رقم 38 مواعظ شيعة ، ومصور بمكتبة جامعة الدول العربية تحت رقم 97 تاريخ .

   ([49][432])  ربما ظهر شئ في السنوات الأخيرة لا علم لي به ، وسيأتى الحديث عن التفسير الكاشف لمغنيه ، وتفسير البيان لمرجعهم الحالى بالعراق  .

   ([50][433])  توفى سنة 1242 هـ . 

   ([51][434])  تفسير شبر ص 96 .

   ([52][435])  انظر تفسيره ص 96 .

   ([53][436])  ص 97 .

  ([54][437])  تفسيره ص 264 .

  ([55][438])  ص 328 ، ومعنى هذا التحريف أن الإمام مرسل يوحى إليه !

  ([56][439])  راجع مثلاً ص 146 ، 212 ، 353 ، 425.

   ([57][440])  قال الأستاذ محمد حسين الذهبى رحمه الله : " نجد شبراً يعتقد بأن القرآن بدل وحرف ، ولما اصطدم بقوله تعالى في الآية التاسعة من سورة الحجر ] إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ[ نجده يتفادى هذا الاصطدام بالتأويل " ثم نقل تأويله للآية الكريمة . " انظر التفسير والمفسرون        2 / 191 " .

   ([58][441]) ص 238 ، وراجع ما ذكرناه عن الإفك الذي جاء به القمي ص 190  .

  ([59][442]) 37 : الكهف  .

  ([60][443]) ص 204 ومن الواضح البين أن صحبة الكافر غير صحبة الصاحب المختار ، فالاتهام هنا اتهام لمن اختاره صاحباً . ومن الواضح البين كذلك أن أي مؤمن يقل إيمانه عن الصديق بدرجات ودرجات يدرك أن موته يعنى موت رجل ، وأن موت الرسول الكريم يعنى موت  رسالة ، وما أكثر الذين ضحوا في سبيل الرسالة والرسول ! فكيف يخاف الصديق على نفسه و لا يخاف على من أرسل رحمة للعالمين ! وخوف أبى بكر – رضي الله عنه _ على الرسول* *الأكرم كان ظاهراً عندما سبقه إلى الغار ليستبرئه ، وعندما كان يتقدمه ويتأخر عنه ... إلخ – أما ذكر إنزال السكينة عليه وليس عليهما فيكفى أن نذكر ما قاله أحد علمائهم عند قوله تعالى    ] فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ [ " 37 : البقرة

    قال الطبرسي : إنما قال " فتاب عليه " ولم يقل عليهما لأنه اختصر وحذف للإيجاز والتغليب ، كقوله سبحانه وتعالى : " 62 التوبة : ] وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضوهُ  [ ، ومعناه أن يرضوهما ، وقوله " آخر الجمعة " : ] وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَ    { وكقول الشاعر :

رمانى بأمر كنت منه ووالدى بريا ومن حول الطوى رمانى

   وقول الآخر :

نحن بما عندنا وأنت بما                                 عندك راض والرأى مختلف

    فكذلك معنى الآية : فتاب عليهما . " مجمع البيان 1 / 89 ، وراجع نقض ابن تيمية لما ذهب إليه أمثال شبر في ص 557 من المنتقى " .

   ([61][444]) ص 562 .

  ([62][445]) ص 531 .

  ([63][446]) ص 228 .

  ([64][447])   عاش إلى أوائل القرن التاسع الهجرى .

  ([65][448])  سورة المائدة : 6 .

  ([66][449])  انظر ص 9 ، 10 .

  ([67][450])  سورة النساء : 86  .

  ([68][451])  انظر ص 70 - 71 .

   ([69][452]) التوبة : 28  .

  ([70][453]) انظر ص : 21 - 22 .

  ([71][454]) انظر حكم سؤر الآدمى في الجزء الرابع من هذه الموسوعة ، وراجع كذلك آراء من سبق الحديث عنهم من غلاة مفسريهم ، وانظر ما كتبناه عن أصول الكافى وروضته في الجزء التالي.

  ([72][455]) سورة الأحزاب : الآية 56 .

  ([73][456]) انظر كتابه ص 58 – 61 . 

  ([74][457]) النساء : الآية 101.

  ([75][458]) ص 88 ، وجامع الكوفة فيه محراب أمير المؤمنين على رضي الله عنه ، وفيه ضربه بالسيف الشقى اللعين عبدالرحمن  بن ملجم . " راجع ما كتب عن المسجد ونظرة الشيعة في الجزء الرابع " . والمسجد الرابع هو الحاير الحسينى بكربلاء .

  ([76][459])  توفى سنة 993 هـ .

  ([77][460])  ص 10 .

  ([78][461])  سورة المائدة : الآية 54 .

  ([79][462])  انظر الكتاب ص 10 – 14 ، وراجع ما كتبته عن آية الولاية في الجزء الأول .

  ([80][463])  انظر ص 107 - 110 .

  ([81][464])  سورة البقرة : الآية 124.

  ([82][465])  انظر 47 - 48 .

  ([83][466])  ص 565 .

  ([84][467])   ص : 571 .

  ([85][468])  ص 575 ، وجاء في الحاشية : " قيل هما رقية وزينب كانتا بنتى هالة أخت خديجة ، ولما مات أبوهما ربيتا في حجر رسول الله r ، فنسبتا إليه كما كانت عادة العرب في نسبة المربى إلى المربى . وهما اللتان تزوجهما عثمان بعد موت زوجيهما " .  

      وفى كتاب منهاج الشريعة ، الذي ألفه محمد مهدى للرد على منهاج السنة النبوية         لابن تيمية ، جاء الحديث عن أختى الزهراء – رضي الله عنهن – في أكثر من موضع ، ومما قاله : " ما زعمه – أي ابن تيمية – من أن تزويج بنتيه لعثمان فضيلة له من عجائبه من حيث ثبوت المنازعة في أنهما بنتاه " " 2 / 289 " .

وقال : " لم يرد شئ من الفضل في حق من زعموهن شقيقاتها بحيث يميزن به ولو عن بعض النسوة " " 2 / 290 " .

     وقال : " قد عرفت عدم ثبوت أنهما بنتا خير الرسل r ، وعدم وجود فضل لهما تستحقان به الشرف والتقدم على غيرهما " ( 2 / 291 ).

     ولا أدرى كيف يستطيع من يهاجم بنات النبي r أن يزعم أنه محب لآل البيت ؟ وكيف يقبل إخواننا الشيعة وجود أمثال هؤلاء بينهم ؟

   ([86][469])  سبق ثناؤه على تفسير العياشى – الضال المضل – بدلاً من أن يكفره ، مما يبين اتجاه صاحب تفسير الميزان هذا : فلم ينكر تحريفه للقرآن الكريم ، ولا تكفيره للصحابة الكرام ، ولا غير ذلك من ضلاله الذي بيناه . 

   ([87][470])  راجع ما كتب عن آية التطهير في الجزء الأول. 

   ([88][471]) الميزان 3 / 240.

   ([89][472])  انظر الكافى 1 / 176 – 177 " باب الفرق بين الرسول والنبى والمحدث " .

   ([90][473])  انظر كتاب المناقب – باب مناقب عمر بن الخطاب  .

   ([91][474])  انظر كتاب فضائل الصحابة – باب من فضائل عمر . 

   ([92][475])  راجع أبواب المناقب – باب مناقب عمر .

   ([93][476])  سورة النساء : الآية 24 .

   ([94][477]) 4 / 308.

   ([95][478]) راجع تفسيره 6 / 2 : 24 .

   ([96][479]) سورة النساء : الآية 59 .

   ([97][480])  4 / 413 .

   ([98][481])  4 / 414 ، وانظره إلى ص 439.

   ([99][482]) 4 / 435 – 436 ، وانظر تفسيره إلى ص 439 تجد روايات أخرى موضوعة كذلك – لتأييد ما ذهب إليه من عقيدة أثبتنا بطلانها في أكثر من كتاب .

   ([100][483]) 1 / 11 -12 .

   ([101][484])  1 / 144- 145 .

   ([102][485])  1 / 149 .

   ([103][486])  1 / 193 ، والآية هي رقم 57 من سورة البقرة ، 160 : الأعراف. 

   ([104][487])  1/ 219 .

   ([105][488])  4 /73  .

   ([106][489])  البقرة : الآية 159 .

   ([107][490])  الميزان : 1 / 397 .

   ([108][491])  3 / 174  .

   ([109][492])  انظر 9 / 59 – 60 ، والآية الكريمة في سورة الأنفال : الآية 24 .

  • الاثنين PM 06:05
    2021-04-26
  • 1237
Powered by: GateGold