المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 417522
يتصفح الموقع حاليا : 230

البحث

البحث

عرض المادة

علم التفسير

التفسير في اللغة :

      التفسير في اللغة راجع إلى معنى الإظهار والكشف والبيان ، ومنه قوله   تعالى : ] وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا  [ ([1][1]) فكلمة : " تفسيرا " هنا يراد بها البيان والوضوح .

التفسير في الاصطلاح :

 قال الزركشى في البرهان التفسير في الاصطلاح : هو علم نزول الآية وسورتها وأقاصيصها ، والإشارات النازلة فيها . ثم ترتيب مكيها ومدنيها ، ومحكمها ومتشابهها ، وناسخها ومنسوخها ، وخاصها وعامها ، ومطلقها ومقيدها ، ومجملها ومفسرها . وزاد فيها قوم فقالوا : علم حلالها وحرامها ، ووعدها ووعيدها ، وأمرها ونهيها ، وعبرها وأمثالها [2][2] .

      وما ذكره الزركشى يحدد ما يقوم به المفسر لكتاب الله المجيد ، فعليه أن يبين كل ما ذكر ، ويوضحه ويكشف عنه .

التأويل :

      وقد يطلق على التفسير التأويل ؛ فتفسير الطبري سماه " جامع البيان عن تأويل أي القرآن " ، وعند تفسير الآيات الكريمة يقول : القول في تأويل كذا ، أو اختلف أهل التأويل ، أو اتفق أهل التأويل ... إلخ .

  وفى لسان العرب : أول الكلام وتأوله : دبره وقدره ، وأوله وتأوله : فسره .

      وممن ذهب إلى عدم التفرقة بين التفسير والتأويل : أبو عبيد ، وأبو العباس أحمد ابن يحيى ، وابن الأعرابى ، وثعلب : غير أنه قال : التفسير والتأويل واحد ، أو هو كشف المراد عن المشكل ، والتأويل رد أحد المحتملين إلى ما يطابق الظاهر([3][3]) .

      وأصل التأويل في اللغة من الأول وهو الرجوع لعاقبة الأمر ، ومعنى       قولهم : ما تأويل هذا الكلام ؟ أي : إلام تئول العاقبة في المراد به ؟ ويقال : آل الأمر إلى كذا : أي صار إليه ؛ والمآل : هو العاقبة والمصير.

      وتقول : أولته فآل : أي صرفته فانصرف ، فكأن التأويل صرف الآية إلى ما تحتمله من المعاني .

      وقيل : أصل التأويل من الإيالة ، وهى السياسة ، فكأن المؤول للكلام يسوى الكلام ويسوسه ، ويضع المعنى فيه موضعه .

      والمعنى اللغوى للتأويل لا يمنع من إطلاقه على التفسير ، ولكن قوماً ذهبوا إلى التفرقة بين التفسير والتأويل : فالماتريدى الذي سمى تفسيره " تأويلات أهل السنة " ، مما يرجح أنه لا يفرق بينهما ، قال :

      التفسير : القطع على أن المراد من اللفظ هذا ، والشهادة على الله ـ سبحانه وتعالى ـ أنه عنى باللفظ هذا . والتأويل : ترجيح أحد المحتملات بدون القطع والشهادة .

      وقال ابن حبيب النيسابورى والبغوى وغيرهما : التأويل صرف الآية إلى معنى موافق لما قبلها وما بعدها ، تحتمله الآية ، غير مخالف للكتاب والسنة ، من طريق الاستنباط . والتفسير هو الكلام في أسباب نزول الآية وشأنها وقصتها .

وقال ابن الأثير : المراد بالتأويل : نقل ظاهر اللفظ عن وضعه الأصلى إلى ما يحتاج إلى دليل لولاه ما ترك ظاهر اللفظ .

      وقال الراغب الأصفهانى :التفسير أعم من التأويل ، وأكثر استعماله في الألفاظ ومفرداتها ، وأكثر استعمال التأويل في المعاني والجمل ، وأكثر ما يستعمل في الكتب الإلهية  ، والتفسير يستعمل في الكتب الإلهية وغيرها .

      وقال السيد الشريف على بن محمد الجرجانى : التفسير علم يبحث فيه عن أحوال كلام الله المجيد من حيث دلالته على مراده، وينقسم إلى تفسير : وهو ما لا يدرك إلا بالنقل ؛ كأسباب النزول ، والقصص ، فهو ما يتعلق بالرواية ، وإلى تأويل : وهو ما يمكن إدراكه بالقواعد العربية ، وهو ما يتعلق بالدراية ، فالقول في الأول بلا نقل خطأ ، وكذا القول في الثاني بمجرد التشهى وإن أصاب فيهما ([4][4]) .

      وأمام هذا الخلاف ننظر إلى معنى التأويل كما يفهم من الكتاب والسنة .

كلمة تأويل في القرآن الكريم : كلمة تأويل ذكرت في القرآن الكريم سبع عشرة مرة ، ففى سورة آل عمران ( آية 7 ) ]    هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا   [

      والمعنى هنا أن الذين في قلوبهم زيغ ، أي ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل ، يصرفون المتشابه عن معناه الذي يوافق المحكم إلى ما يوافق أغراضهم وباطلهم ، ولا يعلم تأويله الحق الذي يحمل عليه وتفسيره الصحيح إلا الله ، والعلماء الثابتون في علمهم المتمكنون يرجعون المتشابه إلى المحكم ، ويقولون : كل من المحكم والمتشابه من عند ربنا ، فلا يمكن أن يخالف بعضه بعضا .

      فكلمة تأويله الأولى تعنى تحريف المعنى ، ولهذا يأخذون من القرآن الكريم " المتشابه الذي يمكنهم أن يحرفوه إلى مقاصدهم الفاسدة ، وينزلوه عليها ، لاحتمال لفظه لما يصرفونه ، فأما المحكم فلا نصيب لهم فيه لأنه دافع لهم وحجة عليهم "  ([5][5]) .

      وكلمة تأويله الثانية تعنى التأويل الحق الذي يحمل عليه المتشابه ، وهو المعنى الصحيح الذي لا يتعارض مع المحكم . وفى سورة النساء آية 59 :   ]  فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [ أحسن تأويلا : أحسن عاقبة ومآلا .

وفى سورة الأعراف آية 53 :  ]  هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ  [والتأويل هنا معناه : عاقبة أمره ، وما يئول إليه ما أخبر به سبحانه وتعالى من الوعد والوعيد .

      وفى سورة يونس آية 39 :   ]  بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُه ُ[ أي : مآله وعاقبة أمره ، وهو خذلانهم في الدنيا ، وخلودهم في النار في الآخـرة. وفى سورة يوسف وردت الكلمة في ثمانى آيات ، أرقامها : 6 ، 21 ، 36 ، 37 ، 44 ، 45 ، 100 ، 101 .

      ومن هذه الآيات الكريمة : ]  وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ   [  أي : بيان الرؤيا ، وهو تفسيرها وعبارتها .

ومنها : ]  وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ  قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا  [

 

والأولى تعني تعبير الرؤيا ، والثانية : نبأتكما بتأويله : أي أخبرتكما بأحواله التي سيكون عليها وماهي .

فالتأويل هنا بيان ما هيته وكيفيته ([6][6]) ،

وقال ابن كثير: يخبرهما يوسف عليه السلام  أنهما مهما رأيا في منامهما من حلم فإنه عارف بتفسيره ، ويخبرهما بتأويله قبل وقوعه ([7][7]) .

 

      ومن هذه الآيات الكريمة أيضا : ]  قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ  وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ   [  .  ومنها : ]  وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ    [ .

وفى سورة الإسراء آية 35 : ]   وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً    [  أي : مآلا في الآخرة .

وفى سورة الكهف آية 78 : ]   قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا  [.

وفيها أيضاً آية 82 :   ]   ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرً  [   والتأويل هنا هو ما ذكره الخضر ـ  ـ تفسيراً للأحداث التي رآها موسى ـ  ـ وأنكرها ، وهى : خرق السفينة ، وقتل الغلام ، وإقامة الجـدار .

 

([1][1])  33 : الفرقان .

([2][2] ) انظر البرهان : 2 / 148 .

[3][3])   )  راجع التفسير والتأويل في لسان العرب ، والقاموس المحيط ، وكشف الظنون : علم التأويل 1 / 334 , وعلم التفسير 1 / 427 .

  ([4][4])   انظر حاشيته على تفسير الكشاف للزمخشرى 1 / 15 .

   ([5][5]) تفسير ابن كثير 1 / 345 ، وانظره إلى ص 347 .

  ([6][6])  انظر الكشاف 2 / 320 .

     ([7][7])انظر تفسيره  2 / 478 .

  • الاثنين AM 12:21
    2021-04-26
  • 1188
Powered by: GateGold