دعوى كذب أبي هريرة - رضي الله عنه - في حديث ذي الشمالين - مشروع الحصن ll للدفاع عن الإسلام والحوار مع الأديان والرد على الشبهات المثارة ll lightnews-vII

المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 442009
يتصفح الموقع حاليا : 91

البحث

البحث

عرض المادة

دعوى كذب أبي هريرة - رضي الله عنه - في حديث ذي الشمالين

دعوى كذب أبي هريرة - رضي الله عنه - في حديث ذي الشمالين(*)

مضمون الشبهة:

يدعي بعض منكري السنة أن أبا هريرة - رضي الله عنه - كذاب، كذب في حديث السهو في الصلاة؛ مستدلين على ذلك بما نسبوه للبخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلم من ركعتين، فقال ذو الشمالين. أنقصت الصلاة يا رسول الله؟» ويقولون: إن أبا هريرة جاء المدينة سنة سبع، وذو الشمالين مات في السنة الثانية من الهجرة، فكيف يحضر أبو هريرة القصة؟

ويرمون من وراء ذلك إلى اتهام أبي هريرة - رضي الله عنه - بالكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - إيذانا للطعن في عدالته.

وجه إبطال الشبهة:

  • إنذاالشمالينالمذكورليسهومنسألالنبي - صلىاللهعليهوسلم - وإنماالذيسألهذواليدين؛وقدتأخرتوفاةذياليدينهذاإلىمابعدالسنةالسابعةمنالهجرة؛وعليهفلاوجهلاتهامأبيهريرةبالكذبفيهذهالرواية.

التفصيل:

الذي سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - هو ذو اليدين وليس ذا الشمالين:

اتفق معظم أهل الحديث من المصنفين وغيرهم على أن ذا الشمالين غير ذي اليدين؛ "فذو الشمالين هو عمير بن عمرو الخزاعي، وذو اليدين هو الخرباق بن عمر السلمي"[1] كما في رواية مسلم من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه - ولفظه: «فقام إليه رجل يقال له الخرباق وكان في يده طول»[2].

صحيح أن ذا الشمالين مات في السنة الثانية من الهجرة في غزوة بدر ولكن الذي يعنينا في الحديث موضع الشاهد هو "ذو اليدين"، فهو الذي قام وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: "أنقصت الصلاة..."؛ وعليه فلا إشكال في الحديث موضع الشبهة، فأبو هريرة قد روى حادثة ذي اليدين الذي توفي بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بمدة، وقد عاصره أبو هريرة - رضي الله عنه - الذي التقى بالنبي - صلى الله عليه وسلم - عام فتح خيبر في السنة السابعة من الهجرة.

ومن هنا يتبين لنا الخلط الذي وقع فيه هؤلاء من تبديل كلمة "ذو الشمالين" مكان "ذو اليدين"، والحديث أخرجه البخاري بسنده قال: حدثنا آدم حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «صلى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر - أو العصر - فسلم، فقال ذو اليدين: الصلاة يا رسول الله أنقصت؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: أحق ما يقول؟ قالوا: نعم، فصلى ركعتين أخريين، ثم سجد سجدتين»[3]. وصحيح البخاري وهو أصح كتب السنة يروي أن الذي سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - هو ذو اليدين لا ذو الشمالين الذي ذكروه، وذو اليدين مات بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمدة، فلا إشكال في الحديث مطلقا، ولا أبو هريرة كذب ولا البخاري أخطأ [4].

"قال ابن هندة: ذو اليدين رجل من أهل وادي القرى، أسلم في آخر زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والسهو كان بعد (أحد) وقد شهده أبو هريرة، وأبو هريرة شهد من زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع سنين، وذو اليدين من بني سليم، وذو الشمالين من أهل مكة، قتل يوم بدر قبل السهو بست سنين، وهو رجل من خزاعة"[5].

وقوله "صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ" ظاهر في أن أبا هريرة حضر القصة، وقد حمله الطحاوي على المجاز، فقال: إن المراد به صلى بالمسلمين لا على أنه شهد ذلك أو حضره.

وسبب ذلك قول الزهري: "إن صاحب القصة استشهد ببدر، فإن مقتضاه أن تكون القصة وقعت قبل بدر وهي قبل هجرة أبي هريرة بأكثر من خمس سنين".

لكن اتفق أئمة الحديث - كما نقله ابن عبد البر وغيره - على أن الزهري وهم في ذلك، وسببه أنه جعل القصة لذي الشمالين، بينما كان ذو الشمالين هو الذي قتل ببدر، وهو خزاعي، واسمه عمير بن عمرو بن نضلة، وأما ذو اليدين فتأخر موته بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بمدة؛ لأنه حدث بهذا الحديث بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - كما أخرجه الطبراني وغيره، وقد وقع عند مسلم من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة: «فقام رجل من بني سليم»، فلما وقع عند الزهري بلفظ «فقام ذو الشمالين» وهو يعرف أنه قتل ببدر قال لأجل ذلك: إن القصة وقعت قبل بدر، وقد جوز بعض الأئمة أن تكون القصة وقعت لكل من ذي الشمالين وذي اليدين، وأن أبا هريرة روى الحديثين، فأرسل أحدهما وهو قصة ذي الشمالين، وشاهد الآخر وهو قصة ذي اليدين، وهذا محتمل من طريق الجمع، وقيل يحمل على أن ذا الشمالين كان يقال له - أيضا - ذو اليدين وبالعكس؛ فكان ذلك سببا للاشتباه"[6].

وأيا ما كان من أمر فإن الحديث الذي في البخاري أخبر بأن الذي سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - هو ذو اليدين لا ذو الشمالين، وذو اليدين مات بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا إشكال في حضور أبي هريرة - رضي الله عنه - الصلاة مع ذي اليدين وسماع هذا الحديث منه، هذا إن اقتصرنا على وجهة النظر الأولى، وإذا - نحن - أخذنا في اعتبارنا ما جوزه بعض الأئمة وحكاه ابن حجر - رحمه الله - لم نزدد في عدالة أبي هريرة - رضي الله عنه - إلا ثقة وكلها طرق بمجموعها يترجح ما عرف به هذا الصحابي الجليل المنزه عن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم.

الخلاصة:

  • إنمنقاموسألالنبي - صلىاللهعليهوسلم - هوذواليدينوليسذاالشمالين،ومعلومأنذااليدينغيرذيالشمالين؛فالأولاسمهالخرباقبنعمروالسلمي،والثانياسمهعميربنعمروبننضلةالخزاعي،وقدماتذواليدينبعدوفاةالنبيصلىاللهعليهوسلم، وقتل ذو الشمالين في غزوة بدر في السنة الثانية من الهجرة.
  • حملالطحاويقولأبيهريرة: «صلىبنارسولاللهصلىاللهعليهوسلم»علىالمجاز،وقالالمرادبـ "صلىبنا" أي: بالمسلمينكماقالالحسن: "خطبناعتبةبنغزوان - يريدخطبتهبالبصرة - والحسنلميكنبالبصرة حينئذ؛ لأن قدومه لها إنما كان قبل صفين بعام.
  • يدفعهذاالمجازالذيذهبإليهالطحاويمارواهمسلموأحمدوغيرهمامنطريقيحيىبنأبيكثيرعنأبيسلمةفيهذاالحديثعنأبيهريرةبلفظ: «بينماأناأصليمعرسولاللهصلىاللهعليهوسلم... الحديث».
  • هذا وقد جوز بعض الأئمة أن تكون القصة - المتعلقة بالسهو في الصلاة - قد وقعت مع كل من الصحابيين - ذي الشمالين وذي اليدين - وأن أبا هريرة - رضي الله عنه - روى الحديثين؛ فأرسل الأول - ذا الشمالين - وشاهد الآخر - ذا اليدين، وهذا محتمل من طريق الجمع.

أيا ما كان من أمر فإن مجمل ما ذهب إليه العلماء في متن الحديث المذكور في البخاري بشتى طرقه لا يدل من قريب ولا من بعيد على كذب أبي هريرة - رضي الله عنه - بل يثبت صدقه.

 

 

(*) دفع الشبهات عن السنة والرسول، د. عبد المهدي عبد القادر، مكتبة الإيمان، القاهرة، ط2، 1427هـ/ 2006م. دفاعا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، محمد يوسف، مكتبة مدبولي، القاهرة، ط1، 2008م.

[1]. المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود، محمود خطاب السبكي، دار المنار، القاهرة، ط1، 1425هـ/ 2004م، (6/ 140).

[2]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: المساجد، باب: السهو في الصلاة، (3/ 1139)، رقم (1270).

[3]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: السهو، باب: إذا سلم في ركعتين أو في ثلاث، (3/ 116)، رقم (1227).

.[4] دفع الشبهات عن السنة والرسول، د. عبد المهدي عبد القادر، مكتبة الإيمان، القاهرة، ط2، 1427هـ/ 2006م، ص211.

[5]. شرح معاني الآثار، الطحاوي، مطبعة الأنوار المحمدية، القاهرة، هامش (1/ 443).

[6]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (3/ 116) بتصرف.

  • الجمعة AM 02:08
    2020-10-23
  • 2130
Powered by: GateGold