ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ
شٌبهات وردود
المكتبة المرئية
خَــيْـرُ جَــلـيـسٌ
المتواجدون الآن
حرس الحدود
مجتمع المبدعين
البحث
عرض المادة
الزعم أن تولى أبي بكر وعمر وعثمان الخلافة تباعا كان أمرا مخططا بينهم؛ لتنحية علي بن أبي طالب
الزعم أن تولى أبي بكر وعمر وعثمان الخلافة تباعا كان أمرا مخططا بينهم؛ لتنحية علي بن أبي طالب (*)
مضمون الشبهة:
يزعم بعض المغالطين أن الصحابة علموا نص النبي - صلى الله عليه وسلم - على إمامة علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - كما في حديث الغدير، ومع هذا تعمدوا صرف الخلافة عنه إلى أبي بكر فعمر ثم عثمان، ويزعمون أن هذا كان انقلابا خطط له سلفا، وقد أشار إليه قوله عز وجل: )وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين (144)( (آل عمران)، زاعمين أن ما كان من الصحابة الثلاثة هو ما عناه الله في لفظ "انقلبتم". هادفين إلى الطعن في عدالة الصحابة ونزاهتهم.
وجوه إبطال الشبهة:
1) كان لأبي بكر وعمر وعثمان اختصاص عظيم بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وكان توليهم الخلافة مؤسسا على الشورى وإجماع الأمة، وعلي نفسه أقر بخلافتهم وكان لهم خير عون، ولم يصدر عنه - رضي الله عنه - في حقهم غير التبجيل والاحترام.
2) ليس ثمة دليل صحيح ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ينص على إمامة علي - رضي الله عنه - وليس في حديث الغدير ما ينص على ذلك، ثم إن في مرويات هؤلاء الغلاة أنفسهم ما يدحض ادعاءهم أن عليا منصوص على إمامته من قبل النبي صلى الله عليه وسلم.
3) دعوى بعض الشيعة ارتداد الصحابة وانقلابهم بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا دليل عليها، واستدلالهم على ذلك بالآية الكريمة غير صحيح؛ ولو كانت في شأنهم لكان أولى بهم أن يحذفوها مع جملة ما اتهموه بحذفه من آيات القرآن، وحاشاهم أن يفعلوا هذا أو شيئا منه.
التفصيل:
أولا. اختصاص أبي بكر وعمر وعثمان بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وتحقق مبدأ الشورى في توليهم الخلافة:
وقد عرف بالتواتر الذي لا يخفى على العامة والخاصة أن أبا بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - كان لهم بالنبي - صلى الله عليه وسلم - اختصاص عظيم، وكانوا من أعظم الناس اختصاصا به، وصحبة له وقربة إليه، وقد صاهرهم كلهم، وكان يحبهم ويثني عليهم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يفعل ذلك معهم إلا إذا كانوا على درجة عالية من الاستقامة والعدالة، ويستحيل أن يقال إنهم كانوا على غير ذلك والنبي لا يعلم بحالهم، أو كان يعلم ولكنه كان يداهنهم؛ فهذا قدح في النبي - صلى الله عليه وسلم - وطعن في عصمته، وإن كانوا قد انحرفوا بعد الاستقامة فهذا خذلان من الله للرسول في خواص أمته، وأكابر أصحابه وممن وعد أن يظهر بهم دينه على الدين كله، فكيف يكون أكابر خواصه مرتدين؟
فهذا ونحوه من أعظم ما يقدح به هؤلاء في الرسول - صلى الله عليه وسلم ـكما قال الإمام مالك وغيره: إنما أراد هؤلاء الرافضة الطعن في الرسول - صلى الله عليه وسلم - ليقول القائل: رجل سوء كان له أصحاب سوء ولو كان رجلا صالحا لكان أصحابه صالحين [1].
وعلى الرغم من هذه المكانة وهذا الاختصاص، فإن بعض المزيفين يدعون أن تولى أبي بكر الخلافة ومن بعده عمر ثم عثمان، ما كان إلا مخططا منهم لتنحية علي - رضي الله عنه - بيد أن الدراسة المنصفة المؤسسة على مراجعة الروايات التاريخية الصحيحة تؤكد زيف هذه الدعوى وبطلانها، فلقد بني اختيار أبي بكر على الشورى، وأجمع المسلمون على خلافته.
وفي معرض ذكره للإجماع على خلافة الصديق يقول أبو بكر الباقلاني: وكان - رضي الله عنه - مفروض الطاعة؛ لإجماع المسلمين على طاعته وإمامته وانقيادهم له، حتى قال أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - مجيبا على قول أبي بكر - رضي الله عنه - لما قال: أقيلوني فلست بخيركم، فقال: لا نقيلك؛ قدمك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لديننا، ألا نرضاك لدنيانا. يعني بذلك حين قدمه للإمامة في الصلاة مع حضوره، واستنابته في إمارة الحج، فأمرك علينا، وكان - رضي الله عنه - أفضل الأمة وأرجحهم إيمانا وأكملهم فهما وأوفرهم علما [2].
وقد ولي عمر - رضي الله عنه - الخلافة باتفاق أهل الحل والعقد وإرادتهم، فهم الذين فوضوا لأبي بكر انتخاب الخليفة وجعلوه نائبا في ذلك، فشاور ثم عين الخليفة، ثم عرض هذا التعيين على الناس فأقروه وأمضوه ووافقوا عليه.
وهكذا عقدت الخلافة لعمر - رضي الله عنه - بالشورى والاتفاق، ولم يورد التاريخ أي خلاف وقع حول خلافته بعد ذلك، ولا أن أحدا نهض طوال عهده لينازعه الأمر، بل كان هناك إجماع على خلافته وعلى طاعته في أثناء حكمه، فكان الجميع وحدة واحدة [3].
بل ويذكر أن عليا كان ضمن من استشارهم الصديق فيمن يتولى الخلافة بعده، وكان رأي علي أن يتولى الفاروق الخلافة بعد الصديق [4].
أما عثمان بن عفان - رضي الله عنه - فإن الشيعة يعتقدون فساد خلافته أيضا، ويرون أن عمر - رضي الله عنه - رتب قضية الشورى على أن تسلم الخلافة تلقائيا إلى عثمان، وصرف أمر الخلافة عن على رغم أحقيته بها، وذلك نتيجة اتفاقات سابقة بين الصحابة على ألا يصير أمر الخلافة إلى علي وذريته أبدا [5].
وفي مناقشة هذه الفرية يقول د. عثمان بن محمد الخميس تحت عنوان "كيفية تولي عثمان بن عفان رضي الله عنه الخلافة":
قصة الشورى: لما طعن عمر - رضي الله عنه - جعل الخلافة في ستة نفر؛ عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص.
ولقد ذكر البخاري قصة في مقتل عمر - رضي الله عنه - حتى وصل إلى أنه قيل لعمر رضي الله عنه: «أوص يا أمير المؤمنين، استخلف. قال: ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر - أو الرهط الذين توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنهم راض، فسمى عليا، وعثمان والزبير، وطلحة، وسعدا، وعبد الرحمن بن عوف. وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيء، فإن أصابت الإمرة سعدا فهو ذاك، وإلا فليستعن به أيكم ما أمر؛ فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة [6].
فلما فرغ من دفنه اجتمعوا - صلى الله عليه وسلم - فقال عبد الرحمن: اجعلوا أمركم على ثلاثة منكم؛ فقال الزبير: جعلت أمري إلى علي. وقال طلحة: جعلت أمري إلى عثمان. وقال سعد: جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف. وهكذا تنازل ثلاثة؛ تنازل طلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص.
المرشحون إذن ثلاثة؛ علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف.
قال عبد الرحمن: أيكما تبرأ من الأمر فنجعله إليه، والله عليه والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه؟ فأسكت الشيخان، فقال عبد الرحمن: أفتجعلونه إلي، والله على ألا آلو عن أفضلكما، قالا: نعم، فأخذ بيد أحدهما فقال: لك قرابة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقدم في الإسلام ما قد علمت، فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن، ولئن أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن، ثم خلا بالآخر - وهو عثمان - فقال له مثل ذلك، فلما أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان فبايعه، وبايع له علي، وولج أهل الدار فبايعوه» [7].
وكان عبد الرحمن بن عوف قد جلس ثلاثة أيام يسأل المهاجرين والأنصار حتى قال: "والله، ما تركت بيتا من بيوت المهاجرين والأنصار إلا وسألتهم، فما رأيتهم يعدلون بعثمان أحدا"، أي أن هذا الأمر لم يكن مباشرة في البيعة، وإنما جلس بعد أن أخذ العهد عليهما ثلاثة أيام، ثم بعد ذلك اختار عثمان.
وقد اجتمع الناس على عثمان وبايعوه، وهو أفضل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أبي بكر، وعمر، لحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: «كنا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا نعدل بأبي بكر أحدا، ثم عمر، ثم عثمان، ثم نترك أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا نفاضل بينهم».[8] وفي رواية أنه قال: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمعنا ولا ينكره.
ولذلك قال الإمام أيوب بن أبي تميمة السختياني والإمام أحمد والإمام الدارقطني: من قدم عليا على عثمان فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار؛ وذلك لأن عبد الرحمن بن عوف قال: ما تركت من بيوت المهاجرين والأنصار بيتا إلا طرقته، فما رأيت أحدا يعدل بعثمان أحدا. كلهم يفضلون عثمان، وبويع عثمان بن عفان بالخلافة بيعة عامة.
قال الإمام أحمد بن حنبل: "ما كان في القوم أوكد بيعة من عثمان، كانت بإجماعهم" [9].
ولعله قد تبين لنا مما سبق حقيقة الأمر في تولي أبي بكر وعمر وعثمان الخلافة، وأن الأمر لم يكن مخططا من الصحابة لتنحية علي - رضي الله عنه - ولو كان الأمر كذلك لبينه علي بعد توليه الخلافة، إلا أنه كان يعرف لسابقيه فضلهم وينكر على من ينكر صنائعهم.
"ولقد رضي علي ببيعة الخلفاء الراشدين الثلاثة الذين قبله، وأقر بخلافتهم، ولعن من أنكرها بقوله: "من لم يقل إني رابع الخلفاء فعليه لعنة الله". ولقد صحبهم فكان مستشارا أمينا ووزيرا صادقا، ولقد أحبه الخلفاء الراشدون فكانوا لا يستبدون برأي دونه، وأكرموا أصحابه لأجله، فولوا أكثرهم المناصب والولايات. وولي هو - رضي الله عنه - بعدهم، فاقتفى آثارهم، وعمل بعملهم، ولم يصدر عنه في حقهم إلا التبجيل والاحترام" [10].
وعن سويد بن غفلة قال: مررت بنفر من الشيعة يتناولون أبا بكر وعمر، فدخلت على علي - رضي الله عنه - فقلت: يا أمير المؤمنين، مررت بنفر من أصحابك آنفا يتناولون أبا بكر وعمر بغير الذي هما له من هذه الأمة أهل، فلولا أنك تضمر على مثل ما أعلنوا عليه ما تجرؤوا على ذلك. فقال علي: ما أضمر لهما إلا الذي أتمنى المضي عليه، لعن الله من أضمر لهما إلا الحسن الجميل. ثم نهض دامع العين يبكي، قابضا على يديه حتى دخل المسجد، فصعد المنبر وجلس عليه متمكنا قابضا على لحيته ينظر فيها وهي بيضاء، حتى اجتمع له الناس، ثم قام فخطب خطبة موجزة بليغة، ثم قال: ما بال قوم يذكرون سيدي قريش وأبوي المسلمين؟ أنا مما قالوا بريء وعلى ما قالوا معاقب، ألا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لا يحبهما إلا مؤمن تقي، ولا يبغضهما إلا فاجر ردي.
صحبا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الصدق والوفاء، يأمران وينهيان وما يجاوزان فيما يصنعان رأي رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـولا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرى بمثل رأيهما، ولا يحب كحبهما أحدا، قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـوهو عنهما راض، ومضيا والمؤمنون عنهما راضون.
أمر رسول الله أبا بكر لصلاة المؤمنين، فصلى بهم تسعة أيام في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما قبض الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - واختار له ما عنده، ولاه المؤمنون أمرهم، وقضوا إليه الزكاة، لأنهما مقرونتان، ثم أعطوه البيعة طائعين غير كارهين. وهو لذلك كاره يود أن أحدنا كفاه ذلك، وكان والله خير من بقي، أرحمه رحمة، وأرأفه رأفة، وأثبته ورعا، وأقدمه سنا وإسلاما... فسار فينا سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى مضى على ذلك.
ثم ولي عمر الأمر من بعده، فمنهم من رضي، ومنهم من كره، فلم يفارق الدنيا حتى رضي به من كان كرهه، فأقام الأمر على منهاج النبي - صلى الله عليه وسلم ـوصاحبه، يتبع آثارهما كاتباع الفصيل[11] أمه، وكان والله رفيقا رحيما، وللمظلومين عونا راحما وناصرا، لا يخاف في الله لومة لائم، ضرب الله بالحق على لسانه، وجعل الصدق من شأنه، حتى كنا نظن أن ملكا ينطق على لسانه، أعز الله بإسلامه الإسلام، وجعل هجرته للدين قواما، ألقى الله تعالى له في قلوب المنافقين الرهبة، وفي قلوب المؤمنين المحبة.. إلى أن قال: فمن لكم بمثلهما - رحمة الله عليهما - ورزقنا المضي على سبيلهما، فإنه لا يبلغ مبلغهما إلا باتباع آثارهما والحب لهما، ألا فمن أحبني فليحبهما، ومن لم يحبهما فقد أبغضني، وأنا منه بريء، ولو كنت تقدمت إليكم في أمرهما لعاقبت على هذا أشد العقوبة، ولكن لا ينبغي أن أعاقب قبل التقدم، ألا فمن أتيت به يقول هذا بعد اليوم، فإن عليه ما على المفتري، ألا وخير هذه الأمة بعد نبيها: أبو بكر وعمر، ولو شئت سميت الثالث، وأستغفر الله لي ولكم.
وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: نظرت إلى غلام أيفع، له ذؤابة، وجمة، والله يعلم أني منه حينئذ لفي شك، ما أدري غلام هو أم جارية، فمررنا بأحسن منه وهو جالس إلى جنب علي فقلت: عافاك الله، من هذا الفتى إلى جانبك؟ قال: هذا عثمان بن علي، سميته بعثمان بن عفان، وقد سميت بعمر بن الخطاب، وسميت بعباس عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد سميت بخير البرية محمد، فأما حسن وحسين ومحسن، فإنما سماهم رسول الله وعق عنهم وحلق رؤوسهم، وتصدق بوزنها وأمر بهم فسموا وختنوا، فقد ولدوا في عهده - صلى الله عليه وسلم - [12].
هؤلاء هم صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجمعهم حب نبيهم ورباط الأخوة في الله، ولم يكونوا قط - كما صورهم المدعون - متنافسين على شيء من حطام الدنيا الزائل، بل كانوا على قدر المسئولية، ومع ذلك يخشونها، ويفرون من تبعاتها ويلقون بها إلى غيرهم.. رحمة الله عليهم أجمعين.
ثانيا. بطلان النص المزعوم على علي - رضي الله عنه - بالإمامة:
ومما يعتقده بعض الغلاة من الشيعة أن الإمامة لا تثبت إلا بالنص، ولا يمكن أن تثبت بشيء آخر كالاختيار ونحوه؛ إذ يستحيل أن يجعل الله تعالى اختيار الإمام إلى الأمة، وقد تقرر في علم الكلام - على حد قولهم - استحالة أمر الله باتباع من لا يأمن المكلف من إضلاله، فلا ينعقد إجماع الأمة ولا تصح به الإمامة.
وقد وضع هؤلاء شروطا لصحة الإمامة؛ منها: أن يكون معصوما مختارا من قبل الله، ومنصوصا عليه من النبي - صلى الله عليه وسلم -... إلخ.
ويعتقدون أن هذه الشروط لم تتوافر في أحد من الصحابة بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا في علي؛ فقد حوى الشروط كلها - على حد قولهم - وأهمها: نص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على إمامته. قال الشريف المرتضي: إن الشيعة بأجمعها على اختلافها روت كل عن كل عن على أن رسول الله استخلفه، وأوصى إليه وفرض طاعته، وأقامه مقامه لأمته، ولا يجوز أن يتعمد الكذب في ذلك، ولا يجوز في الشيعة أن يتواطئوا على الكذب، فيجب بذلك إثبات النص.
وقد قسم الشيعة النص على إمامة علي إلى: جلي وخفي، ومثلوا للنص الخفي بقوله صلى الله عليه وسلم: «من كنت مولاه فعلي مولاه». [13] ومثلوا للنص الجلي بحديثه: «سلموا على علي بإمرة المؤمنين، فإنه خليفتي فيكم من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا»، وحديث: «من ناصب عليا في الخلافة بعدي فهو كافر، ومن شك في علي فهو كافر»[14].
والثابت الصحيح عن علي - رضي الله عنه - أنه قال في أكثر من مكان بعدم استخلاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأحد، وعدم النص على خلافة أحد؛ فمن ذلك قوله لما ظهر يوم الجمل: «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يعهد إلينا عهدا نأخذ به في الإمارة، ولكنه شيء رأيناه من قبل أنفسنا، ثم استخلف أبو بكر - رحمه الله - على أبي بكر، فأقام واستقام، ثم استخلف عمر - رحمه الله - على عمر، فأقام واستقام حتى ضرب الدين بجرانه» [15] [16].
إلى غير ذلك مما قاله - رضي الله عنه - من الأقوال التي تدل دلالة قاطعة على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يستخلفه، ولم يوص إليه. أما قولهم: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استخلفه ونص على إمامته، فهذا ما يطالبون بإقامة الأدلة الصحيحة عليه، ولن يستطيعوا إلى ذلك سبيلا؛ لخلو القرآن والسنة الصحيحة من ذلك.
ولقد حاول الشيعة الاستدلال ببعض الآيات والأحاديث الصحيحة، بيد أن هذه الأدلة لا تساعدهم على إثبات ما ذهبوا إليه؛ لخلوها من الدلالة على مذهبهم، فعمدوا إلى وضع أحاديث تؤيد مذهبهم، على الرغم من نقلهم في كتبهم لقوله صلى الله عليه وسلم: «من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» [17].
وأما النص على علي فليس في شيء من كتب أهل الحديث المعتمدة، وأجمع أهل الحديث على بطلانه، حتى قال أبو محمد ابن حزم: "ما وجدنا قط رواية عن أحد في هذا النص المدعى إلا رواية واهية عن مجهول إلى مجهول يكنى أبا الحمراء لا نعرف من هو في الخلق".
على أن هؤلاء أنفسهم قد ذكروا في كتبهم العديد من الروايات التي تدل على أن عليا - رضي الله عنه - لم يكن منصوصا على إمامته؛ منها:
- ما نقلوه عن علي من زهده في الخلافة وعدم طلبه لها؛ فقد ذكر المفيد أن ابن عباس أتى عليا في خبائه لما نزل الربذة، فوجده يخصف نعلا، فقال له: "نحن إلى أن تصلح أمرنا أحوج منا إلى ما تصنع! قال ابن عباس: فلم يكلمني حتى فرغ من نعله، ثم ضمها إلى صاحبتها، وقال لي: قومهما، فقلت: ليس لهما قيمة، قال: على ذاك، قلت: كسر درهم، قال: والله لهما أحب إلي من إمرتكم"! فـلو كـان منصوبا من قبل الله، منصوصا عليه من رسول الله صلى الله عليه وسلم - كما يدعون - لما قال هذه المقالة.
- وقد نقلوا في مصنفاتهم أيضا قوله رضي الله عنه: "إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا". وهو شبيه بالحديث الذي زعموا أن الصديق وضعه واحتج به على أهل البيت ليمنعهم حقهم، قائلا لهم بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنا أهل بيت أكرمنا الله - عز وجل - واصطفانا، ولم يرض لنا بالدنيا، وإن الله لا يجمع لنا النبوة والخلافة". والحديث من وضعهم، ولم يقله الصديق - رضي الله عنه - بل قد نسبوه إلى علي - رضي الله عنه - كما مر.
وكذلك لا يصح ما نسبوه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أنه حرص على أن يكون علي ولي الأمر بعده، فأنزل الله: )ليس لك من الأمر شيء( (آل عمران: 128)، ومن أنه - صلى الله عليه وسلم - سأل ربه أن يجمع أمته على علي، فأبى عليه ذلك.
- ما أسنده القمي والمفيد إلى عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رجع من حجة الوداع: "يا ابن مسعود، قد قرب الأجل ونعيت إلي نفسي، فمن لذلك بعدي"؟ فأقبلت أعد عليه رجلا رجلا. وفي المفيد: فقلت: استخلف يا رسول الله، قال: "من"؟ قلت: أبا بكر.. إلخ. فلو كان قد نص على علي في غدير خم - كما يقولون - لقال لابن مسعود: لم تقول لي استخلف، وقد استخلفت عليكم علـيا؟ فدل على أنه لم يستخلف عليهم، ثم في هذه الرواية ما يدل على أن أبا بكر كان أفضل الصحابة في نظر الصحابة؛ لأن ابن مسعود عرض على رسول الله أن يستخلفه، ولم يقدم غيره عليه.
- قول العباس لعلي بن أبي طالب، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - مريض مرضه الذي مات فيه: "يا ابن أخي، ادخل معي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسله لمن هذا الأمر بعده، فإن كان لنا بينه، وإن كان لغيرنا أوصى بنا"، ورفض على الدخول؛ خشية أن يمنعهم الناس الأمر إن طلبوه من رسول الله فمنعهم.
وقد حاول بعضهم رده - على الرغم من إيرادهم له - زاعمين أنه خبر واحد، وأن الدخول كان ليتجدد لعلي الأمر ويتأكد، ولكن يرد عليهم بنفس قول العباس: "فسله لمن هذا الأمر بعده"، ويرفض على الدخول خشية أن يمنعهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياه.
ولقد طلب العباس من علي بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبايعه فأبى عليه، وطلب منه مرة أخرى أن يعرض نفسه على الصحابة لعلهم يبايعوه، فرفض وقال له: "أتراهم فاعلين"؟
وكل هذا ثابت في كتبهم؛ بل يذكرون أنه أركب زوجته فاطمة وابنيه الحسن والحسين على حمار، ودار على بيوت المهاجرين والأنصار، وطلب منهم أن يبايعوه، وهم يعتذرون ببيعتهم لأبي بكر، ويقولون له: قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، ويقولون لزوجته فاطمة: "لو كان ابن عمك سبق إلينا أبا بكر ما عدلنا به" وهذه الرواية تدل على أنه لم يكن هناك نص على علي بالخلافة، ولو كان منصوصا عليه كتابا، لما بايعوا أبا بكر، ورفضوا مبايعة علي.
- ما رووه في مصنفاتهم من أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يموت عرض على عمه العباس أن يقضي دينه، وينجز عداته، فتعلل بكبره وضعفه.
ولو كان علي هو الخليفة، وكان النص عليه، فلم لم يعرض ذلك عليه؟ وذلك لأنهم يرون أن الخليفة هو الذي يقضي الدين وينجز العداة.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في النص على خلافة علي: " فإنا نعلم أنه كذب من طرق كثيرة؛ فإن هذا النص لم ينقله أحد من أهل العلم بإسناد صحيح، فضلا عن أن يكون متواترا، ولا نقل أن أحدا ذكره على عهد الخلفاء مع تنازع الناس في الخلافة وتشاورهم فيها يوم السقيفة، وحين موت عمر، وحين جعل الأمر شورى بينهم في ستة، ثم لما قتل عثمان واختلف الناس على علي.
فمن المعلوم أن مثل هذا النص لو كان - كما يقول بعض الغلاة - نص على علي نصا جليا قاطعا للعذر، لكان من المعلوم بالضرورة أنه لا بد أن ينقله الناس نقل مثله، وأنه لا بد أن يذكره لكثير من الناس، بل أكثرهم في مثل هذه المواطن التي تتوفر الهمم على ذكره فيها غاية التوفر، فانتفاء ما يعلم أنه لازم يقتضي انتفاء ما يعلم أنه ملزوم".
ولو كان النص صحيحا لكان الصحابة - رضي الله عنه - أسرع الناس إلى العمل به، ولبايعوا علـيا أجمعين. ولكنه من إفك الشيعة كما تقدم، ولم يكن للصحابة أي علم به، وإنما كانت لديهم إرشادات النبي - صلى الله عليه وسلم - وتوجيهاته لهم إلى استخلاف أبي بكر، فاستخلفوه وبايعوه رضي الله عنه [18].
وأيضا عندما أراد الناس مبايعة علي بعد استشهاد الخليفة عثمان - رضي الله عنه - امتنع وقبض يده، ولو كان منصوصا عليه - كما يزعمون - لوجب عليه أن يجيبهم إلى البيعة ويتحمل كافة التبعات والمسئوليات.
ذكر ابن أبي الحديد أن الناس لما أتوا علـيا يريدون مبايعته بالخلافة بعد استشهاد عثمان، امتنع عن قبول البيعة وقال لهم: "دعوني والتمسوا غيري، واعلموا إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، وإن تركتموني فإني كأحدكم، ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم، وأنا لكم وزيرا خير لكم مني أميرا".
وهؤلاء القوم الذين بايعوه هم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان، وقد احتج على علي معاوية بذلك في إحدى رسائله إليه، وفي هذا دليل على أن بيعة الخلفاء الثلاثة كانت صحيحة شرعا؛ لأنه يحتج على معاوية ببيعة أهل الحل والعقد؛ قال علي: "بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه... وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماما كان ذلك لله رضا".
ولما ضربه ابن ملجم دخل عليه الناس يسألونه: أيبايعون الحسن بعده؟ فأجابهم - رضي الله عنه - إجابة من يعلم تمام العلم أن لا نص عليه ولا على أولاده؛ حيث قال: "لا آمركم، ولا أنهاكم، وأنتم أبصر".
فلو كان منصوصا عليه وعلى أولاده لما وسعه إلا أن يأمرهم بمبايعة ولده الحسن، ومن بعده باقي الأئمة، بل ولما وسع الحسن بن علي - وهو الإمام المنصوص عليه كما يزعمون - أن يسلم الخلافة إلى معاوية بن أبي سفيان [19].
أما حديث الغدير الذي مثل به الشيعة للنص الخفي على إمامة علي - رضي الله عنه - فإننا نختلف معهم في مفهومه لا في ثبوته، ولبيان هذا والرد على مزاعمهم فيه نفسح المجال لعثمان الخميس يعرض لنا الحديث برواياته معلقا عليه:
عن زيد بن أرقم قال: «قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال: "ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به"، فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي".
فقال حصين بن سبرة لزيد: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس. قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم» [20].
وجاء عند غير مسلم، زيادة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«من كنت مولاه فعلي مولاه». [21] وجاءت زيادات أخر؛ كمثل قوله:«اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار»، وزيادات أخرى لا جدوى من ذكرها الآن.
فأما زيادة «من كنت مولاه فعلي مولاه» فوردت عند الترمذي وغيره بأسانيد صحيحة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأما الزيادات الأخرى كقوله:«اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه»[22] فقد صححها بعض أهل العلم، والصحيح أنها لا تصح. وأما زيادة: «انصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار»فهذه زيادة مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم.
ووجه استدلالهم بهذا الحديث على أن عليا - رضي الله عنه - هو الخليفة بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كنت مولاه فعلي مولاه» أي: علي هو الخليفة والمولى بمعنى الوالي، أي: السيد الذي يجب أن يطاع، هذه هي جهة الدلالة.
وجاء الحديث كذلك عن علي - رضي الله عنه - لما كان في الرحبة في الكوفة أنه قال: «من سمع الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول لي يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه؟ فشهد بذلك اثنا عشر بدريا» [23].
سبب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الكلام لعلي رضي الله عنه:
يزعمون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أوقف الناس في هذا المكان في الحر الشديد - أي: في الجحفة التي فيها غدير خم وكان عددهم أكثر من مائة ألف، وكان مفترق الحجيج - وأنه اجتمع بهم ليبين لهم هذا الأمر وهو «من كنت مولاه فعلي مولاه»، ويزيدون الزيادات التي مر ذكرها.
والصحيح أن سبب هذا الحديث أمران اثنان:
الأول: عن بريدة بن الحصيب - رضي الله عنه - قال: «أرسل خالد بن الوليد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليرسل له من يقبض الخمس، فجاء علي وقبض الخمس، ثم اختار جارية من الخمس ودخل بها، وقال بريدة: وكنت أبغض عليا وقد اغتسل[24]، فقلت لخالد: ألا ترى إلى هذا؟!
فلما قدمنا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكرت ذلك له فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لبريدة: يا بريدة أتبغض عليا؟ فقلت: نعم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تبغضه، فإن له في الخمس أكثر من ذلك» [25].
الثاني: عن أبي سعيد الخدري أنه قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب إلى اليمن، فكنت ممن خرج معه، فلما أخذ من إبل الصدقة سألناه أن نركب منها ونريح إبلنا، فكنا قد رأينا في إبلنا خللا، فأبى علينا، وقال: إنما لكم منها سهم كما للمسلمين، قال: فلما فرغ علي وانطلق من اليمن راجعا أمر علينا إنسانا وأسرع هو فأدرك الحج، فلما قضى حجته قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ارجع إلى أصحابك حتى تقدم عليهم"، قال أبو سعيد: وقد كنا سألنا الذي استخلفه ما كان على منعنا إياه نفعل، فلما جاء عرف في إبل الصدقة أن قد ركبت، رأى أثر المركب، فذم الذي أمره ولامه، فقلت أنا: إن شاء الله إن قدمت المدينة لأذكرن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأخبرنه ما لقينا من الغلظة والتضييق، قال: فلما قدمنا المدينة غدوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أريد أن أفعل ما كنت حلفت عليه، فلقيت أبا بكر خارجا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوقف معي ورحب بي وسألني وسألته، وقال: متى قدمت؟ قلت: قدمت البارحة، فرجع معي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل فقال: هذا سعد بن مالك بن الشهيد، قال: "ائذن له"، فدخلت فحييت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجاءني وسلم علي وسألني عن نفسي وعن أهلي فأحفى المسألة، فقلت له: يا رسول الله، ما لقينا من علي من الغلظة وسوء الصحبة والتضييق، فانتبذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعلت أنا أعدد ما لقينا منه، حتى إذا كنت في وسط كلامي ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فخذي، وكنت منه قريبا ثم قال: "سعد بن مالك الشهيد مه، بعض قولك لأخيك علي، فوالله، لقد علمت أنه أخشن في سبيل الله"، قال: فقلت في نفسي: ثكلتك أمك سعد بن مالك، ألا أراني كنت فيما يكره منذ اليوم، وما أدري، لا جرم والله لا أذكره بسوء أبدا سرا ولا علانية» [26].
وقال ابن كثير: إن عليا - رضي الله عنه - لما كثر فيه القيل والقال من ذلك الجيش بسبب منعه إياهم استعمال إبل الصدقة واسترجاعه منهم الحلل التي أطلقها لهم نائبه لذلك، والله أعلم لما رجع الرسول - صلى الله عليه وسلم - من حجته وتفرغ من مناسكه، وفي طريقه إلى المدينة مر بغدير خم، فقام في الناس خطيبا فبرأ ساحة علي، ورفع قدره ونبه على فضله؛ ليزيل ما وقر في قلوب كثير من الناس.
إذن: هذا هو الأمر الذي كان سبب الحديث، هم تكلموا في علي - رضي الله عنه - ولذلك أخر النبي - صلى الله عليه وسلم - الكلام إلى أن رجع إلى المدينة، ولم يتكلم وهو في مكة في أيام مني أو في يوم عرفة، وإنما أجل الأمر إلى أن رجع. لماذا؟ لأن هذا أمر خاص بأهل المدينة وهم الذين كانوا مع علي - رضي الله عنه - في السرية.
وغدير خم في الجحفة وهي تبعد عن مكة مائتين وخمسين كيلو مترا تقريبا، وليس صحيحا ما يقال من أنه مفترق الحجيج؛ لأن مجتمع الحجيج مكة، ومفترق الحجيج مكة، فلا يكون مفترق الحجيج بعيدا عن مكة أكثر من مائتين وخمسين كيلو مترا أبدا، فإن أهل مكة يبقون في مكة، وأهل الطائف يرجعون إلى الطائف، وأهل اليمن إلى اليمن، وأهل العراق إلى العراق، وهكذا، كل من أنهى حجه فإنه يرجع إلى بلده، وكذلك القبائل العربية ترجع إلى مضاربها، فلم يكن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أهل المدينة ومن كان على طريق المدينة فقط، وهم الذين خطب فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: " من كنت مولاه فعلي مولاه".
على أن الاختلاف الحاصل إنما هو في مفهوم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا في الثبوت، فالشيعة يقولون: "من كنت مولاه فعلي مولاه" أي: من كنت واليه فعلي واليه وهذا تفسير خاطئ، وأهل السنة يقولون: إن مفهوم قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من كنت مولاه فعلي مولاه" أي: الموالاة التي هي النصرة والمحبة، وعكسها المعاداة، وأدلة أهل السنة في هذا ما يأتي:
- الزيادة التي وردت وصححها بعض أهل العلم، وهي قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم وال من والاه وعاد من عاداه". فالموالاة والمعاداة هي شرح لقوله: "فعلي مولاه"، فهي في محبة الناس لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه.
- إن وقوف النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن لأجل علي، وإن كان علي يستحق ذلك وأكثر - رضي الله عنه - ولكن القصد أن وقوف النبي - صلى الله عليه وسلم - كان للراحة، والسفر من مكة إلى المدينة طويل يستغرق من خمسة إلى سبعة أيام يستريح فيه النبيـ صلى الله عليه وسلم - ـ صلى الله عليه وسلم - أكثر من مرة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر الناس بكتاب الله وأهل بيته، وأنه يجب أن يكون لهم الاحترام والتوقير والاتباع أيضا، ثم بعد ذلك نبه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ما وقع بشأن علي - رضي الله عنه - فقال: "من كنت مولاه فعلي مولاه".
- دلالة كلمة مولاه؛ قال ابن الأثير: المولى يقع على الرب، والمالك، والمنعم، والناصر، والمحب، والحليف، والعبد، والمعتق، وابن العم والصهر. كل هذه تطلق العرب عليها كلمة "مولى".
- الحديث ليس فيه دلالة على الإمامة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لو أراد الخلافة لم يأت بكلمة تحتمل كل هذه المعاني التي ذكرها ابن الأثير، ولكان الأولى أن يقول: "علي خليفتي من بعدي"، أو"علي الإمام من بعدي"، أو "إذا أنا مت فاسمعوا وأطيعوا لعلي بن أبي طالب"، ولكن لم يأت النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الكلمة الفاصلة التي تنهي الخلاف إن وجد أبدا، وإنما قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه".
قال الله سبحانه وتعالى: )فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير (15)( (الحديد). فسماها مولى لشدة الملاصقة والاتحاد مع الكفار والعياذ بالله.
- الموالاة وصف ثابت لعلي في حياة رسول اللهـ صلى الله عليه وسلم - ـ صلى الله عليه وسلم - وبعد وفاته وبعد وفاة علي - رضي الله عنه - فعلي كان مولى المؤمنين في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكان مولى المؤمنين بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مولى المؤمنين بعد وفاته - رضي الله عنه - فهو الآن مولانا كما قال صلى الله عليه وسلم: )إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون (55)( (المائدة)، وعلي - رضي الله عنه - من رؤوس الذين آمنوا.
- لو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يريد الوالي لما قال: "مولى"، ولكن يقول: "وال"، فكلمة "مولى" تختلف عن كلمة "وال"؛ إذ "الوالي" من الولاية وهي الحكم، أما "المولى" فهي من الولاية وهي الحب، والنصرة، قال الله سبحانه وتعالى: )إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير (4)( (التحريم).
قال الله - سبحانه وتعالى - عن قوم إبراهيم عليه السلام: )إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين (68)( (آل عمران)، ولم يعن هذا أنهم هم الرؤساء على إبراهيم، بل هو إمامهم ورئيسهم. قال الإمام الشافعي عن حديث زيد: يعني بذلك ولاء الإسلام كما قال الله: )ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم (11)((محمد).
- نخلص من هذا إلى أن الحديث لا يدل على أن عليا - رضي الله عنه - هو الخليفة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنما يدل على أن عليا ولي من أولياء الله - سبحانه وتعالى ـتجب له الموالاة وهي المحبة، والنصرة، والتأييد [27].
وقد سبق أن أوضحنا أن الشيعة يستندون في زعمهم بأحقية علي - رضي الله عنه - في الخلافة إلى كونه منصوصا عليه من قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنص الجلي والخفي، أما وقد تبين بطلان النص أو الوصية على علي - رضي الله عنه - فلا مجال حينئذ للزعم أنه - رضي الله عنه - أحق بالخلافة من سابقيه: أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنه.
ثالثا. ليس في الآية - مناط الاستدلال - ما يدل على ارتداد الصحابة:
قال عز وجل: )وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين (144)( (آل عمران).
روى الطبرسي بسنده إلى أبي جعفر أنه ذكر قصة غدير خم، وذكر قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محذرا لهم من نقض بيعة علي: "معاشر الناس أنذركم، إني رسول الله إليكم، قد خلت من قبلي الرسل، أفإن مت أو قتلت انقلبتم على أعقابكم، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا، وسيجزي الله الشاكرين، ألا وإن عليا هو الموصوف بالصبر والشكر، ثم من بعده ولدي من صلبه".
وفي خطبة الوسيلة المنسوبة لعلي - رضي الله عنه - استدل علي - رضي الله عنه - نفسه كما يزعمون، بهذه الآية على نكوص الصحابة على الأدبار ورجوعهم على الأعقاب إثر موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث يقول فيها: حق تأويلها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد استدل أبو جعفر الباقر بهذه الآية على ارتداد الصحابة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا الثلاثة الذين بقوا على ولائهم لعلي، كما نسبوا ذلك إليه.
وزعموا أن ابن عباس فسر هذه الآية فقال: "الشاكرين": علي بن أبي طالب، و"المرتدين على أعقابهم": الذين ارتدوا عنه، وكل هذه التفسيرات إنما هي ملصقة بأصحابها متقولة عليهم.
وهذه الآية من جملة الآيات التي نزلت بعد غزوة أحد ولسبب نزولها قصة ملخصها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصيب يوم أحد، وأذاع المشركون أنه قتل، فدب الوهن والضعف إلى بعض الصحابة، وتقاعسوا عن القتال فقال الله محذرا من حصل له ضعف منهم، ومعاتبا لهم على ما كان منهم من الهلع والجزع حين قيل لهم بأحد: إن محمدا قتل، ومبينا قبح انصراف من انصرف منهم عن عدوهم وانهزامه عنه: )وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم( (آل عمران: 144)، أي: لا ينبغي أن تجعلوا خلو الرسل قبله سببا لانقلابكم على أعقابكم بعد موته أو قتله، بل اجعلوه سببا للتمسك بدينه.
أما دعوى أن هذه الآية صريحة في ارتداد الصحابة بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهي مجرد دعوى بلا برهان؛ ولو كانت الصحابة كذلك فلم أبقوا عليها في القرآن، ولم يحذفوها مع جملة ما حذفوا من القرآن كما يعتقدون، وغريب أن يعتقد قوم هذا ثم يروون في كتبهم أن أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - قرأ هذه الآية لما قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمام الملأ من الناس يحضهم على الثبات وعدم الارتداد!!
أما ما نسبوه إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - من أنه فسر "الشاكرين" بـ علي بن أبي طالب، و"المرتدين على أعقابهم": الذين ارتدوا عنه، فغير صحيح، بل الصحيح في تفسيرها ما قاله علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "الشاكرين": الثابتون على دينهم - أبو بكر وأصحابه - فكان علي - رضي الله عنه - يقول: "كان أبو بكر أمين الشاكرين، وأمين أحباء الله، وكان أشكرهم وأحبهم إلى الله" [28].
الخلاصة:
- لقد شط أولئك الغلاة في الافتراء على صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصفة عامة وأبي بكر وعمر وعثمان بصفة خاصة، مع ما لهم من الاختصاص برسول الله - صلى الله عليه وسلم - والصحبة له والقربة إليه. وزعموا غصبهم للخلافة وتعمدهم تنحية علي - رضي الله عنه - على الرغم من أن توليهم جميعا كان مبنيا على الشورى، وانعقاد الإجماع على خلافتهم، وقد أقر على نفسه بخلافتهم.
- لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نص على إمامة علي - رضي الله عنه - لا نصا جليا ولا خفيا، وقد شهد على نفسه بعدم استخلاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأحد من بعده، وهناك مرويات عند هؤلاء أنفسهم تدحض ادعاءهم أن عليا منصوص عليه من قبل النبي.
- أما حديث الغدير الذي يمثل به الشيعة للنص الخفي، فإن الاختلاف بين أهل السنة والشيعة في مفهومه لا في ثبوته؛ فالشيعة يقولون: «من كنت مولاه فعلي مولاه»، أي: من كنت واليه فعلي واليه، وهذا فهم خاطئ، وأهل السنة يقولون: إن الموالاة هي النصرة والمحبة، وعكسها المعاداة، وأدلتهم على هذا كثيرة.
- مـن يطـالع أقـوال المـفسـريـن ويـقـف عـلى سـبـب نــزول قوله عز وجل: )وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم( (آل عمران: 144)؛ يعلم أن ليس فيها ما يدل على ارتداد الصحابة وانقلابهم بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصرف الخلافة عن علي - رضي الله عنه - وأولاده.
- لو كانت تلك الآية بشأن الصحابة الخلفاء الثلاثة الأول، فلماذا لم يحذفوها مع جملة ما حذفوه من القرآن كما يقولون؟ وهل يستقيم منطقا أن تكون نازلة فيهم مبينة حقيقة موقفهم - وصعب هو مخجل لو كان كما صوره هؤلاء - ثم يتلوها أبو بكر على مسامع الناس بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم؟!!
(*) شبهات وردود: الرد على شبهات أحمد الكاتب حول إمامة أهل البيت ووجود المهدي المنتظر، السيد سامي البدري، نشر المؤلف، ط3، 1421هـ.
[1]. أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، د. علي محمد محمد الصلابي، دار الإيمان، الإسكندرية، 2003م، ص201، 202.
[2]. أبو بكر الصديق، د. علي الصلابي، دار الإيمان، الإسكندرية، 2002م، ص162.
[3]. عمر بن الخطاب، د. علي الصلابي، دار الإيمان، الإسكندرية، 2002م، ص105، 106.
[4]. أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، د. علي محمد محمد الصلابي، دار الإيمان، الإسكندرية، 2003م، ص166.
[5]. موقف الشيعة الاثنى عشرية من صحابة رسول الله، د. عبد القادر بن محمد عطا صوفي، دار أضواء السلف، الرياض، ط1، 1426هـ/ 2006م، ج2، ص883.
[6]. وكان عمر قد عزل سعد بن أبي وقاص عن الكوفة فيما قبل.
[7]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب قصة البيعة والاتفاق على عثمان بن عفان رضي الله عنه (3497).
[8]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه (3494).
[9]. حقبة من التاريخ، عثمان بن محمد الخميس، مكتبة الإمام البخاري، مصر، ط3، 1427هـ/ 2006م، ص109: 117 بتصرف يسير.
[10]. موقف الشيعة الاثنى عشرية من صحابة رسول الله، د. عبد القادر بن محمد عطا صوفي، دار أضواء السلف، الرياض، ط1، 1426هـ/ 2006م، ج2، ص1094.
[11]. الفصيل: ولد الناقة إذا فصل عن أمه.
[12]. أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، د. علي محمد محمد الصلابي، دار الإيمان، الإسكندرية، 2003م، ص200، 201.
[13]. صحيح: أخرجه الترمذي في سننه، كتاب المناقب، باب مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه (3713)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (2930).
[14]. موقف الشيعة الاثنى عشرية من صحابة رسول الله، د. عبد القادر بن محمد عطا صوفي، دار أضواء السلف، الرياض، ط1، 1426هـ/ 2006م، ج2، ص597: 599 بتصرف.
[15]. الجران: باطن العنق، والمراد: استقامته وقراره.
[16]. أخرجه أحمد في مسنده، مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه (921).
[17]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم (110)، ومسلم في صحيحه، المقدمة، باب في التحذير من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم (4).
[18]. موقف الشيعة الاثنى عشرية من صحابة رسول الله، د. عبد القادر بن محمد عطا صوفي، دار أضواء السلف، الرياض، ط1، 1426هـ/ 2006م، ج2، ص603: 608 بتصرف.
[19]. موقف الشيعة الاثنى عشرية من صحابة رسول الله، د. عبد القادر بن محمد عطا صوفي، دار أضواء السلف، الرياض، ط1، 1426هـ/ 2006م، ج3، ص1093: 1095 بتصرف.
[20]. أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه (6378).
[21]. صحيح: أخرجه الترمذي في سننه، كتاب المناقب، باب مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه (3713)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (2930).
[22]. أخرجه الحاكم في مستدركه، كتاب معرفة الصحابة رضي الله عنهم ، باب ذكر مناقب طلحة عبيد الله اليتمي رضي الله عنه (5594).
[23]. حسن: أخرجه أحمد في مسنده، مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه (269)، وأبو يعلى في مسنده (1/ 428) برقم (567)، وحسنه الأرنؤوط في تعليقه على المسند.
[24]. وذلك أن عليا لما خمس أخذ امرأة من السبي، فدخل بها ثم خرج واغتسل.
[25]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب المغازي، باب بعث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد رضي الله عنهما إلى اليمن (4003).
[26]. إسناده جيد: أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (5/ 495)، جماع أبواب غزة تبوك، باب بعث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ علي ابن أبي طالب رضي الله عنه إلى أهل نجران (2135)، وجود إسناده الحافظ ابن كثير في السيرة النبوية (4/ 205).
[27]. حقبة من التاريخ، عثمان بن محمد الخميس، مكتبة الإمام البخاري، مصر، ط3، 1427هـ/ 2006م، 341: 349 بتصرف.
[28]. موقف الشيعة الاثنى عشرية من صحابة رسول الله، د. عبد القادر بن محمد عطا صوفي، دار أضواء السلف، الرياض، ط1، 1426هـ/ 2006م، ج1، ص175: 177 بتصرف يسير.
-
الجمعة AM 12:22
2020-10-23 - 2094