ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ
شٌبهات وردود
المكتبة المرئية
خَــيْـرُ جَــلـيـسٌ
المتواجدون الآن
حرس الحدود
مجتمع المبدعين
البحث
عرض المادة
دعوى تعارض الأحاديث بشأن الخمر
دعوى تعارض الأحاديث بشأن الخمر(*)
مضمون الشبهة:
يزعم بعض الواهمين أن الأحاديث النبوية الواردة بشأن الخمر متعارضة، يناقض بعضها بعضا، سواء في ذلك ما يخص حكم شرب النبيذ والانتباذ في آنية الخمر، أو ما يتعلق بحد شارب الخمر ومصيره في المرة الرابعة، وكذلك موقفه من الإيمان، ويستدلون على ذلك بالآتي:
- ما ورد في صحيح مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان ينتبذ له أول الليل فيشربه إذا أصبح يومه ذلك، والليلة التي تجيء، والغد والليلة الأخرى والغد إلى العصر، فإن بقي شيء سقاه الخادم أو أمر به فصب»، مما يدل على إباحة الخمر - من وجهة نظر هؤلاء - وهذا يناقض قوله -صلى الله عليه وسلم- في صحيح مسلم أيضا: «كل مسكر خمر»، وقوله: «ما أسكر كثيره فقليله حرام».
- وردت أحاديث كثيرة تنهى عن الانتباذ في آنية الخمر، بينما توجد روايات أخرى ليست أقل منها صحة تناقض ذلك وتبيح الانتباذ في آنية الخمر.
- هناك أحاديث تلعن شارب الخمر وتنفي الإيمان عنه، وأخرى تثبت له الإيمان وتنهى عن لعنه.
- تباين الروايات واضطرابها في شأن حد شارب الخمر، هل هو ثمانون أو أربعون، أو غير ذلك.
- تناقض قول النبي -صلى الله عليه وسلم- مع فعله في حكم شارب الخمر بعد المرة الرابعة؛ إذ أمر بقتله في الرابعة، ثم أتي برجل قد شرب الرابعة فجلده ولم يقتله، مما يدل - من وجهة نظرهم - على كذب هذه الروايات جميعها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- معصوم، ولا يمكن أن تتناقض أقواله مع أفعاله.
ويهدفون من وراء ذلك إلى الطعن في صحة الأحاديث التي تحرم الخمر وتنص على حد شاربها بغية التحلل من أحكامها وترك العقاب عليها للحساب الأخروي.
وجوه إبطال الشبهة:
1) الخمر هي كل مسكر من أي نوع كان، والأدلة قاطعة على تحريم كل مسكر وإن كان قليله لا يسكر، وما ظنه الواهمون أنه بخلاف ذلك فهو إما ضعيف لا تقوم به حجة، وإما صحيح لا يفاد منه ما ظنوا.
2) لا تعارض بين أحاديث النبيذ والخمر، فالنبيذ هو الماء الذي يلقى فيه تمر، أو زبيب، أو عنب، أو غير ذلك حتى تتخلل فيه هذه الأشياء، وتصبح شرابا حلوا لذيذا، وهذا حلال ما لم يتغير طعمه ولونه ورائحته بفعل التخمر، فإذا تخمر يحرم لسكره، إلا أن النبيذ في العرف المعاصر أطلق على الخمر المحرمة؛ لذا يجب التفريق بين النبيذ بمعناه الوارد في النصوص الشرعية وأقوال الأئمة، وبين النبيذ بمعناه في العرف المعاصر. وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الانتباذ في آنية الخمر ثم نسخ هذا النهي بقوله -صلى الله عليه وسلم-: «... ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكرا».
3) إن المراد بنفي الإيمان عن شارب الخمر في الأحاديث هو نفي كمال الإيمان لا أنه يخرج من الإيمان والملة كلية، وأما اللعنة فخاصة بالملازمين للخمر غير التائبين منها؛ وذلك ليرتدعوا عنها.
4) لا تعارض بين أحاديث تحديد مقدار الجلدات في حد شارب الخمر، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يحدد مقدار الجلدات في كل الحالات، كما أنه لم يحدد لهم بم يضربون، وإنما هو أمر عام مقصوده مطلق العقوبة والردع، فتحديده مرة وترك تحديده مرات دليل على أنه لم يكن هناك مقدار معين ملزم في كل الحالات.
5) إن أحاديث قتل شارب الخمر بعد الرابعة منسوخة وبقي الجلد على أصله؛ لأنه قد صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه جلد شارب الخمر في المرة الرابعة ولم يقتله، وصح عن عمر ذلك، وعليه عمل الصحابة، وهم أعلم بما كان عليه الأمر أخيرا وأفتى العلماء بأن القتل منسوخ.
التفصيل:
أولا. حرمة الخمر - قليلها وكثيرها - والأدلة على ذلك:
إن حرمة الخمر ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع، قال تعالى: )يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون (90) إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون (91)( (المائدة).
وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسل: «لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه»[1].
وقد نقل ابن المنذر الإجماع على تحريم الخمر[2]، والأصل أن ما أسكر كثيره فقليله حرام، وأن الخمر هي كل ما يسكر من أي نوع كانت.
وإن كان قد ذهب جماعة من أهل الكوفة إلى إباحة القليل من الخمر الذي لم يبلغ السكر، إلا أن يكون خمرا من العنب، وأن ما ورد من النهي محمول على علة الإسكار، فما لم يكن كذلك جاز شربه، وإن كان الكثير منه يسكر[3]، وحملوا ما جاء من الأدلة على ذلك - فإن هذا قول مرجوح؛ لأن الأدلة صريحة في تحريم القليل الذي يسكر كثيره، وما استدل به هؤلاء النفر ضعيف، لا يثبت منه شيء، أما أحاديث التحريم المطلق فصحيحة ثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد صنف الإمام أحمد كتابا كبيرا في الأشربة، وكتابا آخر أصغر منه خصصه لبيان الأدلة المحرمة، وأنه لا يثبت في الرخصة شيء[4].
بيان صحة الأحاديث الواردة في حرمة الخمر، قليلها وكثيرها:
- عنابنعمر - رضياللهعنهما - قال: قالرسولاللهصلىاللهعليهوسلم: «كلمسكرخمر،وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها ولم يتب، لم يشربها في الآخرة» [5].
- عنعائشة - رضياللهعنها - قالت: «سئلرسولالله -صلىاللهعليهوسلم- عنالبتع[6]،فقال: كلشرابأسكرفهوحرام»[7].
- عنعبداللهبنعمروأنالنبي -صلىاللهعليهوسلم- قال: «ما أسكر كثيره فقليله حرام» وهذا الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده[8]، والترمذي وأبو داود في سننيهما[9].
الأحاديث التي استدل بها من أباح قليل الخمر الذي يسكر كثيره:
الأحاديث التي استدل بها هؤلاء النفر من أهل الكوفة على إباحة قليل الخمر الذي يسكر كثيره - كثيرة[10]، إلا أنها في جملتها إما صحيحة غير صريحة، أو صريحة غير صحيحة، ومن هذه الأحاديث ما يلي:
- حديثابنعباسرضياللهعنه:
فعن يحيى بن عبيد قال: سمعت ابن عباس - رضي الله عنهما - يقول:«كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينتبذ له أول الليل، فيشربه إذا أصبح يومه ذلك، والليلة التي تجيء، والغد والليلة الأخرى، والغد إلى العصر، فإن بقي شيء سقاه الخادم، أو أمر به فصب»[11].
ووجه الاستدلال من هذا الحديث أنه لو كان حراما لما سقاه الخادم بعد تغيره.
وأجيب بأن ذلك ليس صريحا، وأنه يختلف باختلاف النبيذ، فإن كان لم يتغير سقاه الخادم ولا يريقه، وإن كان ظهر عليه شيء من ألوان التغير أراقه[12].
- حديثأبيمسعودرضياللهعنه:
عن أبي مسعود الأنصاري -رضي الله عنه- قال: «عطش النبي -صلى الله عليه وسلم- حول الكعبة فاستقى، فأتى بنبيذ من السقاية، فشمه فقطب، فقال: علي بذنوب من ماء زمزم، فصب عليه، ثم شرب، فقال رجل: أحرام هو يا رسول الله؟ قال: لا».
وهذا الحديث أخرجه النسائي[13] من طريق يحيى بن يمان، عن سفيان الثوري، عن منصورعن خالد عن أبي مسعود رضي الله عنه.
وهذا الحديث إسناده ضعيف؛ من أجل يحيى، وهو ابن يمان العجلي أبو زكريا الكوفي.
ونقل الذهبي عن ابن المديني أنه قال فيه: " صدوق، فلج فتغير حفظه"[14]. وقال ابن حجر: " صدوق عابد يخطئ كثيرا، وقد تغير"[15]. وقد ضعف الحديث عدد من الأئمة. قال النسائي: " وهذا خبر ضعيف؛ لأن يحيى بن يمان انفرد به دون أصحاب سفيان، ويحيى بن يمان لا يحتج بحديثه لسوء حفظه وكثرة خطئه " [16]. وقال ابن عبد الهادي: " حديث ضعيف؛ لأن يحيى بن يمان انفرد به دون أصحاب سفيان وهو سيء الحفظ، كثير الخطأ "[17].
وضعفه أيضا: ابن مهدي[18]، والبخاري[19]، وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان[20]، وابن عدي[21]، وابن الجوزي[22]، والذهبي[23].
- حديثابنعمر - رضياللهعنهما:
عن عبد الملك بن نافع قال: قال ابن عمر: «رأيت رجلا جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقدح فيه نبيذ، وهو عند الركن، ودفع إليه القدح، فرفعه إلى فيه فوجده شديدا، فرده على صاحبه. فقال له رجل من القوم: يا رسول الله، أحرام هو؟ فقال: علي بالرجل، فأتي به فأخذ منه القدح، ثم دعا بماء فصبه فيه، فرفعه إلى فيه فقطب[24]، ثم دعا بماء أيضا فصبه فيه، ثم قال: إذا اغتلمت عليكم هذه الأوعية، فاكسروا متونها بالماء».
وهذا الحديث أخرجه النسائي[25]، وابن أبي شيبة[26]، والبيهقي[27] من طريق عن عبد الملك بن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - به.
وإسناد هذا الحديث ضعيف؛ ففيه عبد الملك وهو ابن نافع، ابن أخي القعقاع بن شور، ويقال له: ابن القعقاع، الشيباني الكوفي.
قال فيه الذهبي وابن حجر: " مجهول "[28].
وقد اتفق الحافظ المزي على تضعيف حديثه[29].
قال ابن أبي حاتم: " شيخ مجهول، لم يرو إلا حديثا واحدا...، لا يثبت حديثه، منكر الحديث "[30].
وضعف الخبر أيضا: ابن معين[31]، والبخاري[32]، والعقيلي[33]، والبيهقي[34]، وابن الجوزي[35].
وبهذا يتبين أن تلك الأحاديث التي استدل بها هؤلاء الذين قالوا بإباحة القليل من الخمر الذي يسكر كثيره لا تقوى للاستدلال؛ فهي إما ضعيفة وإما صحيحة غير صريحة الدلالة على ذلك.
وقد بين أهل التحقيق أن مقتضى النصوص الشرعية ولغة العرب وفهم الصحابة -رضي الله عنهم- ومحض القياس الجلي تقضي بتحريم الخمر من أي نوع كانت، وأن كل ما يسكر فهو داخل في نصوص تحريم الخمر.
قال ابن القيم بعد أن أورد بعض أدلة التحريم: " فهذه النصوص الصحيحة الصريحة في دخول هذه الأشربة المتخذة من غير العنب في اسم الخمر في اللغة التي نزل بها القرآن، وخوطب بها الصحابة مغنية عن التكلف في إثبات تسميتها خمرا بالقياس، مع كثرة النزاع فيه، فإذ قد ثبت تسميتها خمرا - نصا - فتناول لفظ النصوص لها كتناوله لشراب العنب سواء تناولا واحدا، فهذه طريقة قريبة منصوصة سهلة، تريح من كلفة القياس في الاسم، والقياس في الحكم، ثم إن محض القياس الجلي يقتضي التسوية بينهما؛ لأن تحريم قليل شراب العنب مجمع عليه وإن لم يسكر؛ وهذا لأن النفوس لا تقتصر على الحد الذي لا يسكر منه وقليله يدعو إلى كثيره، وهذا المعنى بعينه في سائر الأشربة المسكرة، فالتفريق بينها في ذلك تفريق بين المتماثلات، وهو باطل فلو لم يكن في المسألة إلا القياس لكان كافيا في التحريم، فكيف وفيها ما ذكرناه من النصوص التي لا مطعن في سندها، ولا اشتباه في معناها، بل هي صحيحة صريحة[36].
قال ابن القيم: " وسئل - يعني الإمام أحمد - هل صح عندك في النبيذ حديث؟ فقال: والله ما صح عندي حديث واحد إلا على التحريم " [37].
ثانيا. استقرار الأمر على الانتباذ في آنية الخمر مع التشديد على حرمة ما يسكر:
النبيذ: هو ما يعمل من الأشربة من التمر والزبيب والعسل والحنطة والشعير وغير ذلك[38].
والنبيذ على هذا النحو حلال، إلا إذا اشتد وتخمر وأسكر فحينئذ يحرم!
وصارت تلك الكلمة تطلق على الخمر المتخذة من عصير العنب خاصة، تمييزا لها عن أنواع المسكرات الأشد المتخذة من غير العنب. وأصبح النبيذ في عرف الكثيرين يطلق على الخمر التي هي محرمة بعينها، ويسميها العامة (نبيت) بالتاء.
لهذا يجب الانتباه إلى الفرق بين النبيذ الوارد في النصوص الشرعية وأقوال الأئمة، وبين النبيذ بمعناه المعاصر في عرف الكثيرين[39]!
وأحاديث النهي عن الانتباذ في أواني الخمر صحيحة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولكنها نسخت بأحاديث أخرى أباحت ما كان منهيا عنه، وذلك بعدما تحققت الغاية من النهي، وهي مظنة عودة الناس للخمر من خلال هذه الأواني، ثم للتخفيف أيضا لعدم توافر قراب الجلد لعموم الناس فكان النسخ مراعاة لمصالح الناس، وتشريع ما يقتضي صلاحهم على كل حال.
ومن هذه الأحاديث التي جاء فيها النهي صريحا عن الانتباذ في آنية الخمر:
- حديثأنسبنمالكأنرسول الله صلى الله عليه وسلم «نهى عن الدباء[40] والمزفت[41] أن ينتبذ فيه». قال وأخبره أبو سلمة أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تنتبذوا في الدباء ولا في المزفت، ثم يقول أبو هريرة: واجتنبوا الحناتم»[42] [43].
- حديثأبيهريرةأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لوفد عبد القيس:«أنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير[44] والمقير"[45]، والحنتم المزادة المجبوبة، ولكن اشرب في سقائك وأوكه»[46] [47].
وهناك أحاديث كثيرة في هذا المعنى نفسه جاء فيها النهي صريحا عن استخدام الأواني التي كانت تستعمل في تخمير الخمور، ولقد كان هذا النهي لعلة مؤداها أن القوم كانوا حديثي عهد بتحريم الخمر نهائيا، فنهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الانتباذ في أواني الخمر، مخافة أن يرجع الناس إليها؛ لأن هذه الأواني كانت تستخدم في تخمير الشراب، فمعظم هذه الأواني مصمطة أو مزفتة؛ أي عديمة المسام، مما يجعل الشراب –شرابالتمرأوالعنبوغيرهما–سريعالتخمر،وفيهذاالمعنىيقولالإمامالنووي: "ومعنىالنهيعنهذهالأربع - يقصدالدباءوالحنتموالنقيروالمقير - أنهنهىعنالانتباذفيها،وهوأنيجعلفيالماءحباتمنتمرأوزبيبأونحوهما ليحلو ويشرب، وإنما خصت هذه بالنهي؛ لأنه يسرع إليه الإسكار فيها، فيصير حراما نجسا، وتبطل ماليته، فنهى عنه لما فيه من إتلاف المال؛ ولأنه ربما شربه بعد إسكاره من لم يطلع عليه، ولم ينه عن الانتباذ في أسقية الأدم (الجلد) بل أذن فيها، لأنها لرقتها لا يخفى فيها المسكر، بل إذا صار مسكرا شقها غالبا، ثم إن هذا النهي كان في أول الأمر، ثم نسخ بحديث بريدة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «نهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء، فاشربوا في الأسقية كلها، وأن لا تشربوا مسكرا»[48]، وهذا الذي ذكرناه من كونه منسوخا هو مذهبنا ومذهب جماهير العلماء[49].
فذكر النووي - رحمه الله - أن النهي عن الانتباذ في هذه الأسقية قد نسخ بغيره من الأحاديث التي دلت على الإباحة بعد الحظر.
والذي يؤيد دلالة النسخ قول النبي صلى الله عليه وسلم: "كنت نهيتكم... فاشربوا" ثم بين العلة التي من أجلها كان النهي، وهي قوله صلى الله عليه وسلم: "ولا تشربوا مسكرا"، كأنه يقول لهم لو استحال هذا النبيذ مسكرا فلا تشربوه لأنه محرم.
وهذا ما دفع الإمام البخاري إلى أن يبوب بابا في كتاب الأشربة في صحيحه، بقوله: "باب ترخيص النبي -صلى الله عليه وسلم- في الأوعية والظروف بعد النهي"[50].
قال ابن حجر: ذكر فيه - أي البخاري في هذا الباب - خمسة أحاديث، أولها حديث جابر، وهو عام في الرخصة، ثانيها حديث عبد الله بن عمرو، وفيه استثناء المزفت، ثالثها حديث علي في النهي عن الدباء والمزفت، رابعها حديث عائشة مثله، خامسها حديث عبد الله بن أبي أوفي في النهي عن الجر الأخضر، وظاهر صنيعه أنه يرى أن عموم الرخصة مخصوص بما ذكر في الأحاديث الأخرى[51].
قال ابن بطال: النهي عن الأوعية كان قطعا للذريعة، فلما قالوا لا نجد بدا من الانتباذ في الأوعية قال: انتبذوا، وكل مسكر حرام، وهكذا الحكم في كل شيء نهي عنه بمعنى النظر إلى غيره فإنه يسقط للضرورة[52].
قال الخطابي: ذهب الجمهور إلى أن النهي إنما كان أولا ثم نسخ، وذهب جماعة إلى أن النهي عن الانتباذ في هذه الأوعية باق... والأول أصح، والمعنى في النهي أن العهد بإباحة الخمر كان قريبا، فلما اشتهر التحريم أبيح لهم الانتباذ في كل وعاء بشرط ترك شرب المسكر، وكأن من ذهب إلى استمرار النهي لم يبلغه الناسخ[53].
قال الحازمي: وذهب أكثر أهل العلم إلى أن الحظر كان في مبدأ الأمر ثم رفع الحظر وصار منسوخا، وتمسكوا في ذلك بأحاديث ثابتة صحيحة تصرح بالنسخ[54].
ومن خلال ما قدمنا يتضح أن جمهور أهل العلم على أن النهي عن الانتباذ في أواني الخمر منسوخ، ويؤيد مذهبهم في ذلك تلك الأحاديث الصحيحة الصريحة في النسخ، ومن ذلك تصريح النبي -صلى الله عليه وسلم- في الرخصة في الانتباذ في آنية الخمر بقوله: "كنت نهيتكم... فاشربوا"، وغير ذلك من الأحاديث الناسخة لأحاديث النهي عن الانتباذ، ولعل من قال بالنهي لم تصله الأحاديث الناسخة.
ثالثا. نفي الإيمان عن شارب الخمر هو نفي كمال الإيمان لا أصل الإيمان:
هناك أحاديث نفى فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- الإيمان عن شارب الخمر وكذلك مرتكب بعض الكبائر، ومنها ما رواه البخاري بسنده عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن»[55].
وورد عن ابن عمر أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعنت الخمر على عشرة أوجه: بعينها، وعاصرها، ومعتصرها، وبائعها، ومبتاعها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها، وشاربها، وساقيها»[56].
إلا أنه قد وردت أحاديث أخرى نهى فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن لعن شارب الخمر، بل أثبت لبعض شاربيها محبتهم الله ورسوله وهي من أعظم دلائل الإيمان.
فقد أخرج البخاري بسنده عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن رجلا كان على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- كان اسمه عبد الله، وكان يلقب حمارا، وكان يضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم«وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد جلده في الشراب فأتي به يوما فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به! فقال صلى الله عليه وسلم: لا تلعنوه، فوالله ما علمت أنه يحب الله ورسوله»[57][58].
وأخرج البخاري بسنده - أيضا - إلى أبي هريرة قال: «أتي النبي -صلى الله عليه وسلم- بسكران فأمر بضربه، فمنا من يضربه بيده، ومنا من يضربه بنعله، ومنا من يضربه بثوبه، فلما انصرف قال رجل: ما له أخزاه الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم»[59].
والحقيقة أن هذه الأحاديث ليس بينها تعارض كما قد يبدو للبعض في ظاهر الأمر، وإنما المراد بنفي الإيمان في الحديث الأول هو نفي كمال الإيمان، وليس المراد منه الخروج من الإسلام، كما أن اللعن في الحديث الثاني لا يلحق إلا المصر على المعصية والمستمسك بها غير المقلع عنها، وبذلك يزول الإشكال ويتضح أنه لا يوجد تعارض بين هذه الأحاديث النبوية الشريفة.
ويعلق النووي - رحمه الله تعالى - على قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن»، فيقول: فالقول الصحيح الذي قاله المحققون أن معناه: لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان. وهذا من الألفاظ التي تطلق على نفي الشيء ويراد نفي كماله ومختاره كما يقال: لا علم إلا ما نفع، ولا مال إلا الإبل، ولا عيش إلا عيش الآخرة. وإنما تأولناه على ما ذكرناه لحديث أبي ذر وغيره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أتاني آت من ربي فأخبرني - أو قال: بشرني - أنه من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة. فقلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق»[60]، وحديث عبادة بن الصامت الصحيح المشهور أنهم - أي الأنصار - يبايعونه -صلى الله عليه وسلم- على ألا يسرقوا ولا يزنوا، ولا يعصوا في معروف... ثم قال لهم صلى الله عليه وسلم:«فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو إلى الله تعالى إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه»[61]، فهذان الحديثان مع نظائرهما في الصحيحين، مع قول الله عز وجل: )إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء( (النساء: ٤٨)، مع إجماع أهل الحق على أن الزاني والسارق والقاتل وغيرهم من أصحاب الكبائر غير الشرك لا يكفرون بذلك، بل هم مؤمنون ناقصو الإيمان؛ إن تابوا سقطت عقوبتهم، وإن ماتوا مصرين على الكبائر كانوا في المشيئة؛ فإن شاء الله تعالى عفا عنهم وأدخلهم الجنة أولا، وإن شاء عذبهم، ثم أدخلهم الجنة. وكل هذه الأدلة تضطرنا إلى تأويل هذا الحديث «لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» وشبهه، ثم إن هذا التأويل ظاهر سائغ في اللغة مستعمل فيها كثيرا. وإذا ورد حديثان مختلفان ظاهرا وجب الجمع بينهما. أما وقد وردا هنا فيجب الجمع إذن، وهذا ما كان. وتأول بعض العلماء هذا الحديث «لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» على من فعل ذلك مستحلا له مع علمه بتحريم الشرع له. وقال الحسن وأبو جعفر محمد بن جرير الطبري: معناه ينزع منه اسم المدح الذي يسمى به أولياء الله المؤمنين، ويستحق اسم الذم، فيقال: سارق، وزان، وفاجر، وفاسق. وحكي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن معناه: ينزع منه نور الإيمان، وفيه حديث مرفوع. وقال المهلب: ينزع منه بصيرته في طاعة الله تعالى[62].
ولهذا ترجم البخاري للباب الخامس من كتاب الحدود بعنوان: "باب: ما يكره من لعن شارب الخمر، وأنه ليس بخارج من الملة ".
وقال ابن حجر في تعليقه على ذلك: قوله "باب ما يكره من لعن شارب الخمر، وأنه ليس بخارج من الملة" يشير إلى طريق الجمع بين ما تضمنه حديث الباب من النهي عن لعنه، وبين ما تضمنه حديث الباب الأول «لا يشرب الخمر وهو مؤمن»، وأن المراد به نفي كمال الإيمان لا أنه يخرج عن الإيمان جملة، وعبر بالكراهة هنا إشارة إلى أن النهي للتنزيه في حق من يستحق اللعن إذا قصد به اللاعن محض السب، لا إذا قصد معناه الأصلي وهو الإبعاد عن رحمة الله، فأما إذا قصده فيحرم، ولا سيما في حق من لا يستحق اللعن، كهذا الذي يحب الله ورسوله ولا سيما مع إقامة الحد عليه، بل يندب الدعاء له بالتوبة والمغفرة كما تقدم تقريره في الباب الذي قبله في الكلام على حديث أبي هريرة؛ ثاني حديثي الباب «لا تعينوا عليه الشيطان»، وبسبب هذا التفصيل عدل عن قوله في الترجمة كراهية لعن شارب الخمر إلى قوله: "ما يكره من" فأشار بذلك إلى التفصيل، وعلى هذا التقرير فلا حجة فيه لمنع لعن الفاسق المعين مطلقا، وقيل إن المنع خاص بما يقع في حضرة النبي -صلى الله عليه وسلم- لئلا يتوهم الشارب عند عدم الإنكار أنه مستحق لذلك، فربما أوقع الشيطان في قلبه ما يتمكن به من فتنه، وإلى ذلك الإشارة بقوله في حديث أبي هريرة «لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم»، وقيل المنع مطلقا في حق من أقيم عليه الحد؛ لأن الحد قد كفر عنه الذنب المذكور، وقيل المنع مطلقا في حق ذي الزلة، والجواز مطلقا في حق المجاهرين، وصوب ابن المنير أن المنع مطلقا في حق المعين، والجواز في حق غير المعين؛ لأنه في حق غير المعين زجر عن تعاطي ذلك الفعل وفي حق المعين أذى له وسب، وقد ثبت النهي عن أذى المسلم، واحتج من أجاز لعن المعين بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما لعن من يستحق اللعن فيستوي المعين وغيره، وتعقب بأنه إنما يستحق اللعن بوصف الإبهام، ولو كان لعنه قبل الحد جائزا لاستمر بعد الحد كما لا يسقط التغريب بالجلد، وأيضا فنصيب غير المعين من ذلك يسير جدا. قال النووي في "الأذكار": وأما الدعاء على إنسان بعينه ممن اتصف بشيء من المعاصي فظاهر الحديث أنه لا يحرم، وأشار الغزالي إلى تحريمه؛ حيث قال في "باب الدعاء على الظلمة" بعد أن أورد أحاديث صحيحة في الجواز، قال: وفي معنى اللعن الدعاء على الإنسان بالسوء حتى على الظالم، مثل " لا أصح الله جسمه "، وكل ذلك مذموم. والأولى حمل كلام الغزالي على الأول، وأما الأحاديث فتدل على الجواز كما ذكره النووي في قوله -صلى الله عليه وسلم- للذي قال: كل بيمينك. فقال: لا أستطيع. فقال: "لا استطعت" فيه دليل على جواز الدعاء على من خالف الحكم الشرعي، ومال هنا إلى الجواز قبل إقامة الحد والمنع بعد إقامته، وصنيع البخاري يقتضي لعن المتصف بذلك من غير أن يعين باسمه فيجمع بين المصلحتين[63].
وقال الإمام العيني في دفع هذا الإشكال عن أحاديث نفي الإيمان: والمراد من قوله: "لا يشرب الخمر وهو مؤمن" نفي كمال الإيمان، لا أنه يخرج عن الإيمان، وهو معنى قوله - أي البخاري: "باب ما يكره من لعن شارب الخمر وأنه ليس بخارج من الملة"، فإذا لم يكن خارجا عن الملة فلا يستحق اللعن.
وقال: فإن قيل: قد لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شارب الخمر وكثيرا من أهل المعاصي، منهم المصورون، ومن دعي إلى غير أبيه، وغير ذلك؛ أي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أراد باللعنة الملازمين لها غير التائبين منها، ليرتدع بذلك من فعلها، والذي نهى عن لعنه ها هنا قد كان أخذ منه حد الله تعالى الذي جعله مطهرا له من الذنوب، فنهى عن ذلك خشية أن يوقع الشيطان في قلبه أن من لعن بحضرته -صلى الله عليه وسلم- ولم يغير ذلك ولا نهى عنه، أنه مستحق العقوبة في الآخرة وأنه يقره على ذلك ويقويه"[64].
رابعا. لا تعارض بين الأحاديث في شأن حد شارب الخمر:
لقد ورد في حد الخمر روايات متعددة كلها صحيحة، لكن منها ما يذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جلد بالجريد أربعين، ومنها ما يدل على الضرب بالجريد والنعال والثوب بدون تحديد للعدد، ومنها ما يدل على أن الصحابة جلدوا أربعين، ومنها ما يدل على أن الصحابة جلدوا ثمانين.
فقد روى البخاري بسنده عن عبد الله بن أبي مليكة عن عقبة بن الحارث «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتي بنعيمان - أو بابن نعيمان - وهو سكران، فشق عليه وأمر من في البيت أن يضربوه، فضربوه بالجريد والنعال وكنت فيمن ضربه»[65].
وروي - أيضا - عن أبي سلمة عن أبي هريرة -رضي الله عنه-قال: «أتي النبي -صلى الله عليه وسلم- برجل قد شرب، قال اضربوه. قال أبو هريرة: فمنا الضارب بيده والضارب بنعله والضارب بثوبه، فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاك الله! قال: لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان»[66].
وأخرج البخاري - أيضا - عن السائب بن يزيد قال: «كنا نؤتى بالشارب على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإمرة أبي بكر فصدرا من خلافة عمر فنقوم إليه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا حتى كان آخر إمرة عمر فجلد أربعين حتى إذا عتوا وفسقوا جلد ثمانين»[67].
وأخرج البخاري ومسلم - واللفظ لمسلم - عن أنس بن مالك «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتي برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدتين نحو أربعين. قال: وفعله أبو بكر، فلما كان عمر استشار الناس فقال عبد الرحمن: أخف الحدود ثمانين. فأمر به عمر»[68].
وعن أنس بن مالك «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جلد في الخمر بالجريد والنعال، ثم جلد أبو بكر أربعين، فلما كان عمر ودنا الناس من الريف والقرى قال ما ترون في جلد الخمر؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: أرى أن تجعلها كأخف الحدود، قال: فجلد عمر ثمانين»[69].
وروى مسلم عن حضين بن المنذر، أبو ساسان، قال:«شهدت عثمان بن عفان وأتي بالوليد قد صلى الصبح ركعتين، ثم قال: أزيدكم؟ فشهد عليه رجلان: أحدهما حمران أنه شرب الخمر، وشهد آخر أنه رآه يتقيأ، فقال عثمان: إنه لم يتقيأ حتى شربها. فقال: يا علي، قم فاجلده، فقال علي، قم يا حسن فاجلده. فقال الحسن: ول حارها من تولى قارها، (فكأنه وجد عليه)، فقال: يا عبد الله بن جعفر، قم فاجلده. فجلده وعلي يعد حتى بلغ أربعين؛ فقال: أمسك. ثم قال: جلد النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعين، وجلد أبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة، وهذا أحب إلي» [70].
وفي الصحيحين عن عمير بن سعيد النخعي قال: سمعت علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: «ما كنت لأقيم حدا على أحد فيموت فأجد في نفسي، إلا صاحب الخمر؛ فإنه لو مات وديته؛ وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يسنه»[71].
فهذه الأحاديث وغيرها، يبين بعضها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ضرب شارب الخمر هو ومن حضر من الصحابة بالجريد والنعال وحثا في وجهه التراب، وكذا فعل الصحابة -رضي الله عنهم- دونما تحديد عدد معين في جلد شارب الخمر، وهي التي تدل عليه الأحاديث الأولى في هذه المسألة، وكل من حضر ضرب، ولذا ذكر في حديث أبي سعيد الخدري أنهم قدروا هذا الضرب بأربعين، ولذا زاد عليه عمر -رضي الله عنه- في عصره، والصحابة متوافرون[72].
وهذا ما رواه أبو داود بسنده عن عبد الرحمن بن أزهر قال: «رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غداة الفتح - وأنا غلام شاب - يتخلل الناس، يسأل عن منزل خالد بن الوليد، فأتي بشارب فأمرهم فضربوه بما في أيديهم، فمنهم من ضربه بالسوط، ومنهم من ضربه بعصا، ومنهم من ضربه بنعله، وحثا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التراب، فلما كان أبو بكر أتي بشارب فسألهم عن ضرب النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي ضرب فحزروه أربعين، فضرب أبو بكر أربعين، فلما كان عمر كتب إليه خالد بن الوليد: أن الناس قد انهمكوا في الشرب وتحاقروا الحد والعقوبة، قال: هم عندك فسلهم - وعنده المهاجرون الأولون - فسألهم فأجمعوا على أن يضرب ثمانين، قال: وقال علي: إن الرجل إذا شرب افترى، فأرى أن يجعله كحد الفرية»[73].
وأما الأحاديث الأخرى فتدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جلد في الخمر أربعين جلدة ولم يزد عليها، وهو ما يدل عليه قول علي لعبد الله بن جعفر - وهو يجلد الوليد: حسبك. لما وصل الأربعين، وهو قول قتادة عن أنس «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتي برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدتين نحوا من أربعين».
فهل في الخمر حد معلوم تدل عليه النصوص، أو الأمر متروك للإمام أن يجتهد فيه كيفما شاء، وعلى حسب حال الشارب؟ مع وجود أحاديث تدل على العدد صراحة وأحاديث لا تدل عليه، فهل بينهما إطلاق وتقييد أو لا؟ وإذا ثبت العدد، فهل هو أربعون جلدة أو ثمانون؟[74].
ولعل ما قيل في ذلك يكون جوابا شافيا عن تلك التساؤلات:
قال ابن حجر: قال المازري: لو فهم الصحابة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حد في الخمر حدا معينا؛ لما قالوا فيه بالرأي، كما لم يقولوا بالرأي في غيره، فلعلهم فهموا أنه ضرب فيه باجتهاده في حق من ضربه.
ثم أضاف ابن حجر قوله: " وقد وقع التصريح بالحد المعلوم فوجب المصير إليه، ورجح القول بأن الذي اجتهدوا فيه زيادة على الحد إنما هو التعزير على القول بأنهم اجتهدوا في الحد المعين، لما يلزم منه من المخالفة التي ذكرها كما سبق في تقريره. وقد أخرج عبد الرزاق عن ابن جريج، أنبأنا عطاء أنه سمع عبيد بن عمير يقول: كان الذي يشرب الخمر يضربونه بأيديهم ونعالهم، فلما كان عمر فعل ذلك حتى خشي فجعله أربعين سوطا، فلما رآهم لا يتناهون جعله ثمانين سوطا وقال: هذا أخف الحدود. والجمع بين حديث علي المصرح بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- جلد أربعين وأنه سنة، وبين حديثه المذكور في هذا الباب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يسنه بأن يحمل النفي على أنه لم يحد الثمانين، أي لم يسن شيئا زائدا على الأربعين ويؤيده قوله "وإنما هو شيء صنعناه نحن" يشير إلى ما أشار به على عمر، وعلى هذا فقوله «لو مات لوديته»؛ أي في الأربعين الزائدة، وبذلك جزم البيهقي وابن حزم، ويحتمل أن يكون قوله «لم يسنه»أي الثمانين لقوله في الرواية الأخرى «وإنما هو شيء صنعناه»، فكأنه خاف من الذي صنعوه باجتهادهم أن لا يكون مطابقا، واختص هو بذلك، لكونه الذي كان أشار بذلك، واستدل له ثم ظهر له أن الوقوف عندما كان الأمر عليه أولا أولى، فرجع إلى ترجيحه وأخبر بأنه لو أقام الحد ثمانين فمات المضروب وداه؛ للعلة المذكورة، ويحتمل أن يكون الضمير في قوله "لم يسنه" لصفة الضرب وكونها بسوط الجلد؛ أي لم يسن الجلد بالسوط وإنما كان يضرب فيه بالنعال وغيرها مما تقدم ذكره، أشار إلى ذلك البيهقي، وقال ابن حزم أيضا: لو جاء عن غير علي من الصحابة في حكم واحد أنه مسنون وأنه غير مسنون لوجب حمل أحدهما على غير ما حمل عليه الآخر، فضلا عن علي مع سعة علمه وقوة فهمه، وإذا تعارض خبر عمير بن سعيد وخبر أبي ساسان فخبر أبي ساسان أولى بالقبول؛ لأنه مصرح فيه برفع الحديث عن علي وخبر عمير موقوف على علي، وإذا تعارض المرفوع والموقوف قدم المرفوع[75].
وبناء على ورود أحاديث تحدد عدد الجلدات في شرب الخمر وأحاديث لا تحدده وإنما تترك الأمر للإمام، انقسم الفقهاء قسمين: فمنهم من رأى أن حدها أربعون، وهم الشافعية والظاهرية، ومنهم من رأى أن للإمام أن يزيد فيها إلى أدنى الحدود - أي ثمانين - وهم الجمهور.
مذهب الجمهور أنها ثمانون:
وهو مذهب أبي حنيفة ومالك ورواية للشافعي، ورواية عن أحمد، ومن قبل ذهب إلى ذلك عدد من الصحابة، منهم: عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهم-.
واستدلوا بحديث أنس بن مالك، «أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتي برجل قد شرب الخمر، فجلده بجريدتين، نحو أربعين»[76]، وكذا حديث السائب بن يزيد الذي فيه: «كنا نؤتى بالشارب على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإمرة أبي بكر، فصدرا من خلافة عمر فنقوم إليه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا حتى كان آخر إمرة عمر فجلد أربعين حتى إذا عتوا وفسقوا جلد ثمانين»[77].
فحديث أنس السابق حمل على أن جلد النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعين بجريدتين جمعا هكذا، فيكون العدد عند الانفراد ثمانين[78].
وقد نقل القاضي عياض عن الجمهور من السلف والفقهاء منهم: أبو حنيفة ومالك والأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق - رحمهم الله تعالى - أنهم قالوا: حده ثمانون، واحتجوا بأنه الذي استقر عليه إجماع الصحابة، وأن فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن للتحديد، ولهذا قال في رواية أنس: «نحو أربعين»[79].
قال ابن جزي في قوانينه الفقهية: "الفصل الثاني: في مقدار الحد، وهو ثمانون جلدة للحر وأربعون للعبد"[80].
والجلد ثمانين هو - أيضا - قول علي -رضي الله عنه- قال القاضي عياض: " المعروف من مذهب علي الجلد في الخمر ثمانون ومنه قوله: في قليل الخمر وكثيرها ثمانون جلدة"[81].
وروي عنه - أي عن علي رضي الله عنه - أنه جلد المعروف بالنجاشي ثمانين، والمشهور أنه هو الذي أشار على عمر -رضي الله عنه- بإقامة الحد ثمانين، وروي أنه جلد أربعين بسوط له رأسان فتكون جملتها ثمانين[82].
وعلى هذا فقد ذهب الجمهور إلى أن المسلم المكلف إن شرب الخمر وجب فيه الحد ثمانون جلدة [83].
المذهب الثاني: حد الخمر وسائر المسكرات أربعون جلدة:
وهو رواية عن الشافعي وأبي ثور وداود، كما أنه مذهب أهل الظاهر.
قال الشافعي: "وللإمام أن يبلغ به ثمانين، وتكون الزيادة على الأربعين تعزيرات على تسببه في إزالة عقله، وفي تعريضه للقذف والقتل، وأنواع الإيذاء، وترك الصلاة، وغير ذلك"[84].
وحجة الشافعي وأهل هذا المذهب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- جلد أربعين، وأما زيادة عمر فتعزيرات. بل لم يعين -صلى الله عليه وسلم- حدا، وإنما كان يضرب السكران ضربا غير محدود كما روي عن أبي داود والبخاري: «فحزروه أربعين» [85]، وفي رواية أنس -رضي الله عنه- قال: «إن النبي -صلى الله عليه وسلم- جلد في الخمر بالجريد والنعال، ثم جلد أبو بكر أربعين»[86].
"وأما زيادة عمر فإنما هي تعزيرات، والتعزير إلى الإمام إن شاء فعله وإن شاء تركه بحسب المصلحة في فعله وتركه، ففعله عمر -رضي الله عنه- لما رأى فيه من مصلحة، ولم يرها النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أبو بكر ولا علي فتركوه، فالزيادة موكولة إلى الإمام، وأما الأربعون فهي الحد المقدر الذي لا بد منه، ولو كانت الزيادة حدا لما تركها النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا أبو بكر، ولما تركها علي بعد فعل عمر لها، ولهذا قال علي رضي الله عنه: وكل سنة"[87].
وأجابوا - أي هؤلاء الذين ذهبوا إلى أن حد الخمر أربعون - عن فعل عمر -رضي الله عنه- بما روي عند الحاكم «أنه إذا أتي إليه بالرجل القوي المنهمك في الشراب جلده ثمانين - تعزيرا - وإذا أتي بالرجل الضعيف التي كانت منه الزلة جلد أربعين» [88].
وقالوا: إن فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يجوز تركه بفعل غيره، ولا ينعقد الإجماع على ما خالف فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- فتحمل من عمر -رضي الله عنه- على أنها تعزير يجوز فعله إذا رآه الإمام، وأجيب عن الروايات التي لم يحدد فيها عدد الجلد بأنها معروفة عند الصحابة لتكرار وقوعها، وقد تضمنتها الروايات الأخرى.
ويحمل ما روي عن عمر وعلي - رضي الله عنهما - في الزيادة على الأربعين، على أنه من باب التعزير، وأن مشاورة عمر للصحابة إنما هي في هؤلاء الذين تحاقروا العقوبة وازدادوا في شرب الخمر لا في الحد نفسه [89].
وبعد أن تبين لنا سلامة الأحاديث وصحة الروايات التي تدل على تحديد عدد الجلد - ثمانين كان أو أربعين - يمكن إعمال جميع الروايات دون تعطيلها، وقد أحسن أستاذنا الدكتور محمد بلتاجي - رحمه الله - في الجمع بين هذه الروايات وإزالة التعارض - الظاهري - عنها، وذلك في كتابه "منهج عمر بن الخطاب في التشريع"، حيث يقول: " إنه لمن التكلف والتجني أن نحاول - من خلال الطعن في السند - ترجيح أحد الاحتمالين؛ فإنا إن فعلنا ذلك، بقي هناك احتمال، بأن ما رفضناه هو الصحيح، ولأن الأمر يتصل بالسنة والرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا نستطيع أن نحمل على أنفسنا هذا العبء، وبخاصة أن نتيجته غير يقينية... لن نلجأ إذن إلى طريق الطعن في سند بعض الروايات لنختار أحد الاحتمالين، لكن يمكن أن نقبل كل الروايات التي وردت في هذا الشأن، ونفهمها على النحو التالي:
مما لا شك فيه أن لشارب الخمر عقوبة هي الضرب والجلد، وهذا ما تجمع عليه الروايات، لكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يحدد مقدار الضربات - أو الجلدات - في كل الحالات... كما أنه لم يحدد لهم بم يضربون، وإنما هو أمر عام مقصوده مطلق العقوبة والردع.
ثم إن الصحابة بعد عصر الرسول -صلى الله عليه وسلم- حين أرادوا أن ينفذوا العقوبة - رغبة منهم في متابعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- تماما على وجه الدقة - تساءلوا عن عدد الضربات أو الجلدات التي كانت في عصر الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقدروه بأربعين أو نحو الأربعين، ومن ثم جلد أبو بكر أربعين، ومن هذا التقدير جاءت الروايات التي روت أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- جلد أربعين وجلد أبو بكر أربعين...
وعلى هذا يمكن أن نقبل كل الروايات مجتمعة، بل يمكننا أيضا أن نقبل أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حدد أربعين في حالة أو اثنتين، لكن ليس في كل الحالات كما تدل عليه باقي الروايات الصحيحة؛ لأن تحديد الرسول مرة وتركه التحديد مرات دليل قوي على أنه لم يكن هناك مقدار معين بمعنى الحد الشرعي الملزم في كل الحالات[90].
قال الشوكاني: " ولم يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مقدار معين، بل جلد تارة بالجريد وتارة بالنعال، وتارة بهما، وتارة بهما مع الثياب، وتارة بالأيدي والنعال، والمنقول في ذلك من المقادير إنما هو بطريق التخمين، ولهذا قال أنس: نحو أربعين.
والجزم المذكور في رواية علي بالأربعين، يرده أنه ليس في ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- سنة، فالأولى الاقتصار على ما ورد عن الشارع من الأفعال وتكون جميعها جائزة، فأيهما وقع فقد حصل به الجلد المشروع الذي أرشدنا إليه -صلى الله عليه وسلم- بالفعل والقول، كما في حديث «من شرب الخمر فاجلدوه»، فالجلد المأمور به هو الجلد الذي وقع منه -صلى الله عليه وسلم- ومن الصحابة بين يديه، ولا دليل يقتضي تحتم مقدار معين لا يجوز غيره[91].
ومما يؤيد عدم ثبوت مقدار معين عنه -صلى الله عليه وسلم- طلب عمر المشورة من الصحابة فأشاروا عليه بآرائهم، ولو كان قد ثبت تقديره عنه -صلى الله عليه وسلم- لما استشار فيه عمر أكابر الصحابة.
وجمع القرطبي بين الأخبار جميعا بأنه لم يكن أولا في شرب الخمر حد ثم شرع فيه التعزير، ثم شرع الحد ولم يطلع أكثرهم على تعيينه صريحا مع اعتقادهم أن فيه الحد المعين، ومن ثم توخي أبو بكر ما فعل بحضرة النبي -صلى الله عليه وسلم- فاستقر عليه الأمر، ثم رأى عمر ومن وافقه الزيادة على الأربعين إما حدا بطريق الاستنباط، وإما تعزيرا ".
وهذا توفيق حسن، وبه قال الطبري وابن المنذر وغيرهما من أهل العلم[92]، وهو الراجح.
خامسا. قتل شارب الخمر في الرابعة منسوخ، وبقي الجلد على أصله:
إن كان وجوب القتل لشارب الخمر في المرة الرابعة صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من طريق معاوية، فهذا لا يمنع أن يكون قد ثبت ما يخالفه من فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك، مما يدل على رفع الحكم المتقدم من باب التخفيف على الناس، فقد صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه جلد شارب الخمر في المرة الرابعة ولم يقتله، وصح ذلك عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وبه عمل الصحابة، وعليه أفتى العلماء بأن القتل نسخ ولم يخالف في ذلك إلا قلة، مستدلين على دعواهم بحديث ضعيف لا تثبت به الحجة.
أما عن الأحاديث التي تدل على قتل شارب الخمر في الرابعة، فمنها ما أخرجه أبو داود في سننه، عن معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا شربوا الخمر فاجلدوهم، ثم إن شربوا فاجلدوهم، ثم إن شربوا فاجلدوهم، ثم إن شربوا فاقتلوهم»[93].
وفي رواية عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا سكر فاجلدوه، ثم إن سكر فاجلدوه، ثم إن سكر فاجلدوه، فإن عاد الرابعة فاقتلوه»[94].
وفي رواية أخرى: «ثم قال في الرابعة فاضربوا عنقه»[95].
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:«من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاقتلوه»، وعن ديلم الحميري[96] -رضي الله عنه- قال: «سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله، إنا بأرض نعالج بها عملا شديدا، وإنا نتخذ شرابا من هذا القمح نتقوى به على أعمالنا، وعلى برد بلادنا، فقال: هل يسكر؟ قلت: نعم، قال: فاجتنبوه، قال: ثم جئت من بين يديه فقلت له مثل ذلك، فقال: هل يسكر، قلت: نعم، قال: فاجتنبوه، قلت: إن الناس غير تاركيه، قال: فإن لم يتركوه فاقتلوهم»[97].
فبهذه الأحاديث - وغيرها - احتج من قال بوجوب قتل شارب الخمر في المرة الرابعة، وهو قول عبد الله بن عمرو بن العاص من الصحابة، وبعض أهل الظاهر، ومنهم ابن حزم؛ حيث احتجوا بحديثي معاوية وأبي هريرة السابقين، وقالوا: هذه الأحاديث في جملتها تدل على وجوب قتل من اعتاد شرب الخمر إذا لم ينقطع شربه إلا بقتله، ويؤكد ذلك عمل بعض الصحابة؛ حيث روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: «ائتوني برجل قد شرب الخمر في الرابعة فلكم علي أن أقتله»[98].
وقال ابن تيمية - عن حديث قتل الشارب: "حديث قتل الشارب له أصل، وهو مروي من وجوه متعددة وهو ثابت عند أهل الحديث"[99].
وقال ابن حزم: "الرواية عن معاوية وأبي هريرة في قتل شارب الخمر في الرابعة ثابتة وتقوم بها الحجة"[100].
وهذه الأحاديث التي تنص على قتل شارب الخمر بعد الرابعة، على الرغم من أنه لا مجال للطعن في صحتها؛ حيث قال البخاري - رحمه الله - في حديث معاوية: "هو أصح ما في هذا الباب"[101]، وقال الإمام أبو عيسى الترمذي بعد أن ذكر هذا الحديث - حديث معاوية في قتل شارب الخمر بعد الرابعة -: حديث معاوية هكذا رواه الثوري أيضا، عن عاصم عن أبي صالح عن معاوية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وروى ابن جرير ومعمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال: سمعت محمدا (يعني البخاري) يقول: حديث أبي صالح عن معاوية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا أصح من حديث أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم - على الرغم من ذلك كله؛ فإن هذا الحديث قد نسخ وبقي الجلد أصلا في هذه المسألة، ويؤكد هذا قول الإمام البخاري بعد أن ذكر صحة حديث معاوية: وإنما كان هذا في أول الأمر ثم نسخ بعد[102].
وهكذا نجد العلماء لا ينكرون صحة حديث معاوية في قتل شارب الخمر في الرابعة، ولكنهم يعلقون هذه الصحة على كون ذلك الحكم الذي تضمنه الحديث كان قبل ورود ناسخ له، ويؤكد هذا قول الإمام البخاري: "وإنما كان هذا في أول الأمر ثم نسخ".
إذن، فالقائلون بعدم قتل شارب الخمر بعد الرابعة وهم جمهور الأئمة، لم يردوا حديث معاوية لضعفه أو لعلة قادحة فيه، وإنما قالوا بصحته ولكن العمل به موقوف؛ لورود حديث آخر نسخه.
وقد استدل الجمهور على قولهم بالنسخ بحديث محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:«إن من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاقتلوه. قال: ثم أتي النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك برجل قد شرب الخمر في الرابعة فضربه ولم يقتله»[103].
وكذلك روى الزهري عن قبيصة عن ذؤيب عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نحو هذا، قال: ورفع القتل وكانت رخصة... والعمل على هذا الحديث عند عامة أهل العلم لا نعلم بينهم اختلافا في ذلك في القديم والحديث، ومما يقوي هذا ما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من أوجه كثيرة أنه قال: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة»[104][105].
وقال الشافعي بعد تخريج هذا الحديث - حديث ابن المنكدر: هذا ما لا اختلاف فيه بين أهل العلم علمته. وذكره أيضا عن أبي الزبير مرسلا، وقال: أحاديث القتل منسوخة. وقد قال الترمذي في " العلل ": جميع ما في هذا الكتاب قد عمل به أهل العلم إلا هذا الحديث - يقصد حديث معاوية في قتل شارب الخمر بعد الرابعة - وحديث الجمع بين الصلاتين في الحضر، وتعقبه النووي فسلم قوله في حديث الباب - أي حديث معاوية - دون الآخر... وأما ابن المنذر فقال: كان العمل فيمن شرب الخمر أن يضرب وينكل به، ثم نسخ بالأمر بجلده فإن تكرر ذلك أربعا قتل، ثم نسخ ذلك بالأخبار الثابتة وبإجماع أهل العلم إلا من شذ ممن لا يعد خلافه خلافا. قلت - أي ابن حجر: وكأنه أشار إلى بعض أهل الظاهر، فقد نقل عن بعضهم واستمر عليه ابن حزم منهم واحتج له [106].
وقال ابن المنكدر: قد ترك القتل، فقد أتي النبي -صلى الله عليه وسلم- بابن النعيمان فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده الرابعة أو أكثر " [107].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما حد الشارب، فإنه ثابت بسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإجماع المسلمين من وجوه، وثبت عنه أنه جلد الشارب غير مرة هو وخلفاؤه والمسلمون بعده، والقتل عند أكثر العلماء منسوخ [108].
وقال أيضا: وأكثر العلماء لا يوجبون القتل، بل يجعلون هذا الحديث منسوخا، وهو المشهور من مذاهب الأئمة [109].
فإن اعترض على الإجماع بالنسخ بما روي من طريق الحسن البصري عن عبد الله بن عمرو أنه قال: «ائتوني برجل قد شرب الخمر في الرابعة فلكم علي أن أقتله»[110]؛ فيجاب عن ذلك بأن هذا الحديث منقطع الإسناد؛ لأن الحسن لم يسمع من عبد الله بن عمرو كما جزم به ابن المديني وغيره، فلا حجة فيه، ولو ثبت عن عبد الله بن عمرو لكان عذره أنه لم يبلغه النسخ، وعد ذلك من نزره المخالف[111].
فإن طعن في النسخ بأن معاوية - راوي حديث القتل في الرابعة - إنما أسلم بعد الفتح، وليس في أحاديث غيره الدالة على نسخه التصريح بأن ذلك متأخر عنه؛ فجوابه أن معاوية إنما أسلم قبل الفتح وقيل في الفتح، وقصة ابن النعيمان كانت بعد ذلك؛ لأن عقبة بن الحارث حضرها إما بحنين وإما بالمدينة، وهو إنما أسلم في الفتح وحنين، وحضور عقبة إلى المدينة كان بعد الفتح جزما، فثبت ما نفاه هذا القائل، وقد عمل بالناسخ بعض الصحابة، فأخرج حماد بن سلمة في مصنفه من طريق رجالها ثقات أن عمر جلد أبا محجن في الخمر أربع مرار ثم قال له: أنت خليع. فقال: أما إذ خلعتني فلا أشربها أبدا"[112].
ويحتمل أن يكون القتل في الخامسة كان واجبا، ثم نسخ لحصول الإجماع من الأمة على أنه لا يقتل، وقد روي عن قبيصة بن ذؤيب ما يدل على ذلك.
قال الشوكاني: " قال المنذري عن بعض أهل العلم: أجمع المسلمون على وجوب الحد في الخمر وأجمعوا على أنه لا يقتل إذا تكرر منه إلا طائفة شاذة، قالت يقتل بعد حده أربع مرات للحديث، وهو عند الكافة منسوخ[113].
ووجه الاستدلال على نسخه بالإجماع أشار إليه ابن الصلاح في مقدمته بقوله: "حديث قتل شارب الخمر في الرابعة منسوخ، عرف نسخه بانعقاد الإجماع على ترك العمل به"[114].
ونخلص مما سبق إلى أن بيان صحة الأحاديث الحاكمة بالقتل على الشارب في الرابعة - وإن كانت صحيحة - لم تكن محل بحث، بقدر ما كان البحث منصبا على بيان نسخ أحاديث القتل، والتأكيد على أن الإجماع منعقد على خلافه.
كما ثبت من خلال عرضنا السابق أن حديث النسخ جاء متأخرا، وقد صرح بذلك كثير من أهل العلم، ومن ذلك ما جاء في رواية الطحاوي: " فثبت الجلد ودرئ القتل"[115].
وكذلك ما جاء عند المباركفوري في تحفته: "فرفع القتل وكانت رخصة"[116].
وعلى هذا يمكن القول بأن قتل شارب الخمر في الرابعة قد نسخ بفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث جلد في الرابعة ولم يقتل، ثم بعمل الصحابة بعده، فقد جلد عمر أبا محجن في الخمر للمرة الرابعة، ثم باتفاق جمهور أهل العلم عدا بعض الظاهرية وقلة قليلة غيرهم، فالعمل في هذه المسألة عند جماهير العلماء على الجلد في الرابعة دون القتل.
الخلاصة:
- كلمسكرخمر،وكلخمرحرام،وماأسكركثيرهفقليلهحرام.
- النبيذ: هوالماءالذيألقيفيهعصيرونحوهمنتمروزبيبوشعيروعنبحتىتتخللهذهالأشياءوتصبحشراباحلوالذيذا. وهو - بهذاالوصف - حلالمالميشتدويتخمرويسكر.
- النبيذالذيأباحهالنبي -صلىاللهعليهوسلم- هوالذيلايسكر،أماالذييسكر،فحرام وذلك للنص والقياس:
أما النص، فللأحاديث الكثيرة التي تنص على ذلك، وأما القياس؛ فلأن جميع الأشربة المسكرة متساوية في كونها تسكر، والمفسدة الموجودة في هذا موجودة في ذاك؛ والله تعالى لا يفرق بين المتماثلين، بل التسوية في هذا وذاك من العدل والقياس الجلي.
فكل ما أسكر حرام سواء أسمي خمرا أم لم يطلق عليه ذلك الاسم، وكل ما لا يسكر فهو حلال كالنبيذ الذي لم يتخمر ولم يشتد، وهو ما أباحه الرسول -صلى الله عليه وسلم- لعدم سكره.
- إنالنهيعنالانتباذفيالأوانيالتيكانتتستعملفيالخمركانفيابتداءالأمر؛حيثنهاهمالنبي -صلى الله عليه وسلم- عن الشرب في تلك الأواني تحقيقا للزجر عن العادة المألوفة، فلما تم انزجارهم عن ذلك أذن لهم في الانتباذ في تلك الأواني والشرب منها، وبين لهم أن المحرم شرب المسكر، وأن الظرف لا يحل شيئا ولا يحرمه، قال ابن بطال: النهي عن الأوعية إنما كان قطعا للذريعة، فلما قالوا: لا نجد بدا من الانتباذ في الأوعية، قال صلى الله عليه وسلم: «انتبذوا، وكل مسكر حرام».
وهكذا الحكم في كل شيء نهي عنه بمعنى النظر إلى غيره، فإنه يسقط للضرورة.
- لماكانالعهدبأصحابرسولالله -صلىاللهعليهوسلم- قريبابتحريمالخمرنهاهمعنكلماهوذريعةلعودتهمإليها،فنهاهمعننبذالتمروغيرهفيأوانيالخمر؛لأنهذهالأوانيسريعامايشتدبهاالشرابويتخمر،فلمااشتهرتحريمالخمروصارتالخمربعيدةعننفوسهم أباح لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- الانتباذ في هذه الأواني؛ لحاجتهم الشديدة لهذه الأواني، وعدم تيسر أواني الجلد لجميعهم، فكان هذا نسخا للحكم الأول باتفاق جماهير أهل العلم. وهذا من باب التخفيف على هذه الأمة ومراعاة ما يصلح للناس في جميع أحوالهم. ولم يشذ عن هذا القول سوى جماعة ربما لم يبلغهم الحديث الناسخ.
- إنالمرادبقولهصلىاللهعليهوسلم: «ولايشربالخمرحينيشربهاوهومؤمن»هونفيكمالالإيمان،وليسنفيالإيمانكليةأوالخروجمنالملة،وذلكمنبابالتغليظعليهوتفظيعالمعصية.
- لقدنهىالنبي -صلىالله عليه وسلم- عن لعن شارب الخمر وغيره من أصحاب المعاصي خشية أن يؤدي ذلك إلى نتيجة عكسية يعينه الشيطان عليها، ولا ينبغي أن يكون اللعن على المعين، بل اللعن على العموم حتى ينزجر الشخص المعين، كما أن اللعن خاص بالمصر على المعصية غير التائب عنها.
- انقسم الفقهاء في حد شارب الخمر قسمين:
ذهب الجمهور إلى أن الحد في الخمر ثمانون، وذلك لقول علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- حينما استشاره عمر رضي الله عنه: إذا شرب سكر وإذا سكر هذي، وإذا هذي افترى، وحد المفتري ثمانون. ولم ينكر عليه أحد، فكان إجماعا.
ورأى الإمام الشافعي وأهل الظاهر أن الحد في الخمر أربعون، وعند الشافعي أن للإمام أن يبلغ به ثمانين، وتكون الزيادة على الأربعين تعزيرات على تسببه في إزالة عقله، وتعريضه للقذف والقتل وأنواع الإيذاء وترك الصلاة وغير ذلك.
- إنحديثمعاويةبنأبيسفيان - رضياللهعنهما - الذي ينص على قتل شارب الخمر في المرة الرابعة حديث صحيح لم يختلف على صحته أحد من أهل العلم، ولكن صحة الحديث لا توجب العمل به مع وجود ناسخ له صحيح معتبر عند أهل العلم؛ فقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه جلد في الرابعة، وكذلك فعل عمر -رضي الله عنه- وبهذا أخذ الصحابة، وهذا ما عليه جمهور أهل العلم، ولم يخالف في ذلك إلا بعض أهل الظاهر.
- مارويعنعبداللهبنعمرومنطريقالحسنالبصريأنهقال:«ائتونيبرجلقدشربالخمرفيالرابعةفلكمعليأنأقتله»معلولبالانقطاع؛لأنالحسنلميدركعبداللهبنعمرو،وعلىفرض صحته - جدلا - فيحمل على عدم معرفته الناسخ.
- الأحاديثفيبابالخمرليستمتعارضة،وماكانبينهامماظاهرهالتعارضإنماهولمنلادرايةلهبعلمالفقهأوأصوله،وخاصةمعرفةالناسخوالمنسوخ،والمطلقوالمقيد،والعاموالخاص،وغيرذلكمنأبوابهذاالفنالعظيم ومصطلحاته مما استقاه العلماء من كلام الشارع، ونصوص الشريعة، وقواعد العربية وأساليبها التي نزل بها القرآن، ووردت بها السنة.
(*) دفاعا عن رسول الله، محمد يوسف، مكتبة مدبولي، القاهرة، ط1، 2008م، حتمية الحل الإسلامي لمشكلة الخمر والمخدرات في ضوء الحديث النبوي، سعد المرصفي، مكتبة المنار الإسلامية، الكويت، ط1، 1421هـ / 2000م. العواصم والقواصم، محمد ابن الوزير اليماني، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة ناشرون، بيروت، ط1، 1429هـ / 2008م.
[1]. صحيح: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: الأشربة، باب: العصير للخمر، (10/ 80)، رقم (3669). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (3647).
[2]. انظر: الإجماع، ابن المنذر، تحقيق: د. أبو حماد صغير أحمد بن محمد حنيف، مكتبة الفرقان، الإمارات، د. ت، ص160.
[3]. انظر: مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م،(21/ 6، 7).
[4]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (21/ 7).
[5]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الأشربة، باب: قول الله تعالى: ) إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون (، (10/ 33)، رقم (5575). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الأشربة، باب: بيان أن كل مسكر خمر وأن كل خمر حرام، (7/ 3099)، رقم (5120).
[6]. البتع: نبيذ يتخذ من عسل كأنه الخمر صلابة، وهو خمر أهل اليمن.
[7]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الأشربة، باب: الخمر من العسل، وهو البتع، (10/ 44)، رقم (5585). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الأشربة، باب: بيان أن كل مسكر خمر، وأن كل خمر حرام، (7/ 3098)، رقم (5113).
[8]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمرو، (10/ 66)، رقم (6558). وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند: إسناده صحيح.
[9]. صحيح: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، كتاب: الأشربة، باب: ما أسكر كثيره فقليله حرام، (5/ 492)، رقم (1927). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم (1865). وأبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: الأشربة، باب: النهي عن المسكر، (10/ 87)، رقم (3676). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (3681).
[10]. انظر: شرح معاني الآثار، الطحاوي، تحقيق: محمد زهري النجار، دار الكتب العلمية، بيروت، ط3، 1416هـ/ 1996م، (215: 222). التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، ابن عبد البر، تحقيق: محمد الفلاح، مطبعة فضالة، المغرب، ط2، 1402هـ/ 1982م، (1/ 249). المغني، ابن قدامة، تحقيق: د. عبد الله التركي وعبد الفتاح الحلو، دار هجر، القاهرة، 1413هـ/ 1992م، (12/ 496، 497). فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (10/ 40: 45).
[11]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الأشربة، باب: إباحة النبيذ الذي لم يشتد ولم يصر مسكرا، (7/ 3102)، رقم (5128).
[12]. انظر: شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (7/ 3104).
[13]. ضعيف: أخرجه النسائي في السنن الكبرى، كتاب: الأشربة والحد فيها، باب: ذكر الأخبار التي اعتل بها من أباح شراب السكر، (3/ 237)، رقم (5212). وضعغه الألباني في صحيح وضعيف سنن النسائي برقم (5703).
[14]. ميزان الاعتدال في نقد الرجال، الذهبي، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار المعرفة، بيروت، د. ت، (4/ 416).
[15]. تقريب التهذيب، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: أبي الأشبال صغير أحمد الباكستاني، دار العاصمة، الرياض، ط1، 1416هـ، ص1070.
[16]. السنن الكبرى، أبو عبد الرحمن النسائي، تحقيق: عبد الغفار سليمان البنداري وسيد كسروي حسن، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1411هـ/ 1991م، (3/237).
[17]. انظر: نصب الراية لأحاديث الهداية مع حاشية بغية الألمعي في تخريج الزيلعي، جمال الدين الزيلعي، تحقيق: محمد عوامة، مؤسسة الريان، بيروت، ط1، 1418هـ/ 1997م، (4/ 308).
[18]. انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (10/ 44).
[19]. انظر: نصب الراية لأحاديث الهداية مع حاشية بغية الألمعي في تخريج الزيلعي، جمال الدين الزيلعي، تحقيق: محمد عوامة، مؤسسة الريان، بيروت، ط1، 1418هـ/ 1997م، (4/ 308).
[20]. علل الحديث، ابن أبي حاتم، تحقيق: سامي بن محمد بن جاد الله، أضواء السلف، 1423هـ / 2003م، (2/ 25، 26)، رقم (1552).
[21]. الكامل، ابن عدي، تحقيق: سهيل زكار، دار الفكر، دمشق، ط3، 1409هـ / 1998م، (3/ 29).
[22]. التحقيق في أحاديث الخلاف، ابن الجوزي، تحقيق: مسعد عبد الحميد محمد السعدني، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت، (2/ 375).
[23]. تنقيح التحقيق، الذهبي، تحقيق: مصطفى أبو الغيط عبد الحي عجيب، دار الوطن، الرياض، ط1، 1421هـ/2000م، (2/ 304).
[24]. فقطب: ضم وعبس.
[25]. ضعيف: أخرجه النسائي في سننه الكبرى، كتاب: الأشربة، باب: ذكر الأخبار التي اعتل بها من أباح شراب المسكر، (3/ 237)، رقم (5212)، وضعفه الألباني في صحيح وضعيف سنن النسائي برقم (5703).
[26]. أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب: الأشربة، باب: في الرخصة في النبيذ ومن شربه، (5/ 486)، رقم (4).
[27]. أخرجه البيهقي في سننه الكبرى، كتاب: الأشربة والحد فيها، باب: ما جاء في الكسر بالماء، (8/ 304)، رقم (17215).
[28]. ميزان الاعتدال في نقد الرجال، الذهبي، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار المعرفة، بيروت، د. ت، (2/ 665، 666). تقريب التهذيب، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: أبي الأشبال صغير أحمد الباكستاني، دار العاصمة، الرياض، ط1، 1416هـ، ص628.
[29]. انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال، الحافظ المزي، تحقيق: د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1413هـ/ 1992م، (18/ 424: 427).
[30]. الجرح والتعديل، ابن أبي حاتم، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت، (5/ 371، 372).
[31]. الجرح والتعديل، ابن أبي حاتم، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت،(5/ 372). الكامل، ابن عدي، تحقيق: سهيل زكار، دار الفكر، دمشق، ط3، 1409هـ/ 1998م، (5/ 306).
[32]. التاريخ الكبير، البخاري، مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، د. ت، (5/ 434).
[33]. الضعفاء، العقيلي، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، دار الصميعي، الرياض، ط1، 1420هـ/2000م، (2/793، 794).
[34]. السنن الكبرى، البيهقي، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، مكتبة دار الباز، مكة المكرمة، 1414هـ/ 1994م، (8/ 305).
[35]. التحقيق في أحاديث الخلاف، ابن الجوزي، تحقيق: مسعد عبد الحميد محمد السعدني، دار الكتب العلمية، بيروت، د. ت، (2/ 376).
[36]. عون المعبود شرح سنن أبي داود مع شرح ابن قيم الجوزية، شمس الحق العظيم آبادي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، 1415هـ، (10/ 83، 84).
[37]. أعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن قيم الجوزية، تحقيق: د. طه عبد الرءوف سعد، دار الجيل، بيروت، د. ت، (4/166).
[38]. لسان العرب، ابن منظور، مادة (ن ب ذ)، (6/ 4322).
[39]. الخمر والمخدرات في ضوء الحديث النبوي، ضمن سلسلة الدفاع عن الحديث النبوي، د. سعد المرصفي، مكتبة المنار الإسلامية، الكويت، ط1، 1421هـ / 2000م، ص59.
[40]. الدباء: وهو القرع اليابس، وهو من الآنية التي يسرع الشراب في الشدة إذا وضع فيها.
[41]. المزفت: الإناء المطلي بالزفت، وهو نوع من القار.
[42]. الحناتم: جمع حنتمة، جرار خضر مدهونة كانت تحمل الخمر فيها إلى المدينة، وهي أيضا مما تسرع فيها الشدة.
[43]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الأشربة، باب: النهي عن الانتباذ في المزفت والدباء والحنتم والنقير وبيان أنه منسوخ، وأنه اليوم حلال ما لم يصر مسكرا، (7/ 3088)، رقم (5071).
[44]. النقير: كانوا يأخذون أصل النخلة فينقرونه في جوفه، ويجعلونه إناء ينتبذون فيه لأن له تأثيرا في شدة الشراب.
[45]. المقير: المزفت المطلي بالقار.
[46]. أوكه: أي إذا فرغت من صب الشراب الذي في الجلد فأوكه؛ أي: سد رأسه بالوكاء، يعني بالخيط؛ لئلا تدخله الهوام أو يسقط فيه شيء.
[47]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الأشربة، باب: النهي عن الانتباذ في المزفت والدباء والحنتم والنقير وبيان أنه منسوخ، وأنه اليوم حلال ما لم يصر مسكرا، (7/ 3089)، رقم (5073).
[48]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الأشربة، باب: النهي عن الانتباذ في المزفت والدباء والحنتم والنقير وبيان أنه منسوخ وأنه اليوم حلال ما لم يصر مسكرا، (7/ 3095)، رقم (5109).
[49]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (1/ 333).
[50]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الأشربة، باب: ترخيص النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الأوعية والظروف بعد النهي، (10/ 59).
[51]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (10/ 60).
[52]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (10/ 60).
[53]. نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، الشوكاني، تحقيق: عبد المنعم إبراهيم، مكتبة نزار مصطفى الباز، الرياض، ط1، 1421 هـ/ 2001م، (9/ 4070).
[54]. الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار، الحازمي، تحقيق: محمد أحمد عبد العزيز، مكتبة عاطف، القاهرة، د. ت، ص409.
[55]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الحدود، باب: الزنا وشرب الخمر، وقال ابن عباس: ينزع منه نور الإيمان في الزنا، (12/ 59)، رقم (6772).
[56]. صحيح: أخرجه ابن ماجه في سننه، كتاب: الأشربة، باب: لعنت الخمر على عشرة أوجه، (2/1122)، رقم (3380). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه، (3380).
[57]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الحدود، باب: ما يكره من لعن شارب الخمر، وأنه ليس بخارج من الملة، (12/ 77)، رقم (6780).
[58] . وقد نقل ابن حجر في الفتح قول بعض شراح المصابيح في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (فوالله ما علمت أنه يحب الله ورسوله) فقال: (ما) موصولة، و(إن مع اسمها وخبرها سدت مسد مسد مفعولين علمت لكونه مشتملا على المنسوب والمنسوب إليه، والضمير في (أنه) يعود إلى الموصول، والموصول مع صلته خبر المبتدأ محذوف تقديره: هو الذي علمت، والجملة في جواب القسم.
[59]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الحدود، باب: ما يكره من لعن شارب الخمر، وأنه ليس بخارج من الملة، (12/ 77)، رقم (6781).
[60]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الجنائز، باب: في الجنائز، ومن كان آخر كلامه (لا إله إلا الله)، (3/ 131)، رقم (1237). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الإيمان، باب: من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة، ومن مات مشركا دخل النار، (2/ 487)، رقم (266).
[61]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الإيمان، باب: بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئا، (1/ 81)، رقم (18). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الحدود، باب: الحدود كفارات لأهلها، (6/ 2661)، رقم (4381).
[62]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (1/ 437)، وانظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (12/ 61).
[63]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (12/ 77، 78) بتصرف.
[64]. عمدة القاري بشرح صحيح البخاري، العيني، (34/ 184).
[65]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الحدود، باب: الضرب بالجريد والنعال، (12/ 67)، رقم (6775).
[66]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الحدود، باب: الضرب بالجريد والنعال، (12/ 67)، رقم (6777).
[67]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الحدود، باب: الضرب بالجريد والنعال، (12/ 67)، رقم (6779).
[68]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الحدود، باب: ما جاء في ضرب شارب الخمر، (12/ 64)، رقم (6773). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الحدود، باب: حد الخمر، (6/ 2653)، رقم (4372).
[69]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الحدود، باب: حد الخمر، (6/ 2653)، رقم (4374).
[70]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الحدود، باب: حد الخمر، (6/ 2653، 2654)، رقم (4377).
[71]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الحدود، باب: الضرب بالجريد والنعال، (12/ 67)، رقم (6778). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الحدود، باب: حد الخمر، (6/ 2654)، رقم (4378).
[72]. مختلف الحديث وأثره في أحكام الحدود والعقوبات، د. طارق بن محمد الطواري، دار ابن حزم، بيروت، ط1، 1428هـ/ 2007م، ص252.
[73]. حسن: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: الحدود، باب: إذا تتابع في شرب الخمر، (4/ 284)، رقم (4477). وحسنه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (4489).
[74]. مختلف الحديث وأثره في أحكام الحدود والعقوبات، د. طارق بن محمد الطواري، دار ابن حزم، بيروت، ط1، 1428هـ/ 2007م، ص252.
[75]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (12/ 73).
[76]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الحدود، باب: ما جاء في ضرب شارب الخمر، (12/ 64)، رقم (6773). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الحدود، باب: حد الخمر، (6/ 2653)، رقم (4372).
[77]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الحدود، باب: الضرب بالجريد والنعال، (12/ 67)، رقم (6779).
[78]. انظر: شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (6/ 2658).
[79]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (6/ 2655).
[80]. القوانين الفقهية، (3/ 61).
[81]. فتح القدير، الشوكاني، (4/ 185).
[82]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (6/ 2659) بتصرف.
[83]. انظر: المغني، ابن قدامة، تحقيق: د. عبد الله التركي وعبد الفتاح الحلو، دار هجر، القاهرة، 1413هـ/ 1992م، (12/ 498، 499).
[84]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (6/ 2655).
[85]. حسن: أخرجه أبو داود في سننه، (بشرح عون المعبود)، كتاب: الحدود، باب: إذا تتابع في شرب الخمر، (4/ 284)، رقم (4499). وحسنه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود برقم (4489).
[86]. صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: الحدود، باب: حد الخمر، (6/ 2653)، رقم (4374).
[87]. شرح صحيح مسلم، النووي، تحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض، مكتبة نزار مصطفى الباز، مكة المكرمة، ط2، 1422هـ/ 2001م، (6/ 2655، 2656).
[88]. صحيح: أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب: الحدود، (4/ 417)، رقم (8131)، وقال الذهبي في التلخيص: صحيح.
[89]. المغني، ابن قدامة، تحقيق: د. عبد الله التركي وعبد الفتاح الحلو، دار هجر، القاهرة، 1413هـ/ 1992م، (12/ 499).
[90]. منهج عمر بن الخطاب في التشريع، د. محمد بلتاجي، دار السلام، القاهرة، ط2، 1424هـ/ 2003م، ص234: 237.
[91]. نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، الشوكاني، تحقيق: عبد المنعم إبراهيم، مكتبة نزار مصطفى الباز، الرياض، ط1، 1421 هـ/ 2001م، (8/ 3630).
[92]. منهج عمر بن الخطاب في التشريع، د. محمد بلتاجي، دار السلام، القاهرة، ط2، 1424هـ/ 2003م، ص237، 238، وينظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (12/ 72، 73).
[93]. حسن صحيح: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: الحدود، باب: إذا تتابع في شرب الخمر، (12/ 119)، رقم (4470). وقال عنه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود: حسن صحيح.
[94]. حسن صحيح: أخرجه أبو داود في سننه (بشرح عون المعبود)، كتاب: الحدود، باب: إذا تتابع في شرب الخمر، (12/ 122)، رقم (4472)، وقال الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود: حسن صحيح.
[95]. صحيح: أخرجه النسائي في سننه الكبرى، كتاب: الأشربة، باب: ذكر الروايات المغلظات في شرب الخمر وحد الخمر، (3/ 227)، رقم (5172). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن النسائي برقم (5662).
[96]. ديلم الحميري الجيشاني كان أول وافد على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أهل اليمن، أرسله معاذ ثم شهد فتح مصر ونزل بها، ينظر: تقريب التهذيب، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: أبي الأشبال صغير أحمد الباكستاني، دار العاصمة، الرياض، ط1، 1416هـ، ص311.
[97]. صحيح: أخرجه أحمد في مسنده، مسند الشاميين، حديث الديلمي الحميري، (4/ 232)، رقم (18064). وصححه شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند.
[98]. صحيح بشواهده: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمرو، (2/ 191)، رقم (6791). وقال عنه شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند: صحيح بشواهده وهذا إسناد ضعيف.
[99]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (34/ 219).
[100]. المحلى، ابن حزم، تحقيق: أحمد محمد شاكر، دار التراث، القاهرة، د. ت، (11/ 367، 368).
[101]. نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، الشوكاني، تحقيق: عبد المنعم إبراهيم، مكتبة نزار مصطفى الباز، الرياض، ط1، 1421 هـ/ 2001م،(8/ 3637).
[102]. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، المباركفوري، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ/ 1990م، (4/ 599، 600) بتصرف.
[103]. صحيح: أخرجه الترمذي في سننه (بشرح تحفة الأحوذي)، كتاب: الحدود، باب: ما جاء فيمن شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه، (4/ 600)، رقم (1468). وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي برقم (1444).
[104]. صحيح البخاري (بشرح فتح الباري)، كتاب: الديات، باب: قوله تعالى: ) أن النفس بالنفس والعين بالعين (، (12/ 209)، رقم (6878). صحيح مسلم (بشرح النووي)، كتاب: القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب: ما يباح فيه دم المسلم، (6/ 2608)، رقم (4296).
[105]. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، المباركفوري، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ/ 1990م، (4/ 600، 601).
[106]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (12/ 81، 82).
[107]. الدر المنثور، السيوطي، دار الفكر، بيروت،1993م، (1/ 181).
[108]. السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية، ابن تيمية، دار المعرفة، بيروت، د. ت، ص137.
[109]. مجموع الفتاوى، ابن تيمية، تحقيق: أنور الباز وعامر الجزار، دار الوفاء، مصر، ط3، 1426هـ/ 2005م، (34/ 217).
[110]. ضعيف: أخرجه أحمد في مسنده، مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمرو، (2/ 191)، رقم (6791). وضعفه أحمد شاكر في تعليقه على المسند.
[111]. انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (12/ 82).
[112]. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، تحقيق: محب الدين الخطيب وآخرين، دار الريان للتراث، القاهرة، ط1، 1407هـ/ 1987م، (12/ 82) بتصرف.
[113]. نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، الشوكاني، تحقيق: عبد المنعم إبراهيم، مكتبة نزار مصطفى الباز، الرياض، ط1، 1421 هـ/ 2001م، (8/ 3638).
[114]. علوم الحديث، ابن الصلاح، تحقيق: نور الدين عتر، المكتبة العلمية، بيروت، 1401هـ / 1981م، ص251.
[115]. شرح معاني الآثار، الطحاوي، تحقيق: محمد زهري النجار، دار الكتب العلمية، بيروت، ط3، 1416هـ/ 1996م، (3/161).
[116]. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، المباركفوري، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ/ 1990م، هامش (4/ 600).
-
الاثنين AM 01:30
2020-10-19 - 2442