ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ
شٌبهات وردود
المكتبة المرئية
خَــيْـرُ جَــلـيـسٌ
المتواجدون الآن
حرس الحدود
مجتمع المبدعين
البحث
عرض المادة
حرية المرأة في اختيار إنهاء حياتها الزوجية في الإسلام والنصرانية واليهودية
من يملك حق إنهاء الزواج في الإسلام والنصرانية واليهودية؟
أولاً : من يملك حق إنهاء الزواج في الإسلام ؟
- إذا تأملنا آيات القرآن الكريم نجد أنها قد أسندت الطلاق إلى الرجال ، كما في قوله تعالى :
- " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا " [ سورة الطلاق : آية 1-3 ].
- "وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا " [ سورة البقرة : آية 231 ].
- " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا "[ سورة الأحزاب : آية 49 ]
- تعليق على هذه الآيات :
نجد في هذه الآيات الكريمات الخطاب موجه للرجال ، ونلاحظ فيه الرحمة بالزوجات .
- يشترط في الرجل الذي يريد الطلاق البلوغ والعقل ، فلا يقع طلاق الصبي غير البالغ ، ولا المجنون.
- ولم يُجعل الطلاق بيد القاضي إلا إذا كان بطلب من المرأة .
- فهل أهمل الشرع رغبة المرأة في إنهاء حياتها الزوجية ؟
- الإجابة على هذا السؤال بــ ( لا ) فلم يهمل الشرع رغبة المرأة وحريتها في إنهاء حياتها الزوجية ، بل أعطاها الحق في ذلك عن طريق ... ( الخلع ) ... إذا تضررت من زوجها أي نوع من أنواع الضرر ولو كان هذا الضرر ببغضها له ، و يسبق الخلع مرحلة تحكيم حَكَمَيْن من أهلهما ، كما أعطاها الإسلام الحق أيضاً أن تشترط في أثناء عقد الزواج أن يكون طلاقها بيدها ، فتطلق نفسها إن أرادت على بعض المذاهب الفقهية .
ثانياً : من يملك حق إنهاء الزواج في النصرانية ؟
يملك حق الطلاق كلا الزوجين في علة الزنا ،ولا يجوز الطلاق إلا لهذه العلة أما التطليق فيكون بسبب من الأسباب السابق ذكرها ويكون باللجوء للقضاء .
ثالثاً : من يملك حق إنهاء الزواج في اليهودية ؟
يملك حق الطلاق الزوج وأبو الزوج، حيث أن هناك حالات في التوراة لطلاق قام بها الأب ومنهم والد شمشون قد طلق امرأة شمشون منه لغيابه وزوجها بآخر .
وهناك حالتان لتقييد الطلاق ومنعه وهما :
- اتهام الزوج لعروسه في شرفها والادعاء بعدم عذريتها ، فيغرم الزوج غرامة ولا يستطيع طلاقها مدى الحياة .
- اغتصاب العذراء الغير مخطوبة لرجل آخر ، فيتزوجها ولا يطلقها مدى حياته [1].
- أما حق التطليق فيكون باللجوء للقضاء .
حرية المرأة في اختيار إنهاء حياتها الزوجية في الإسلام والنصرانية واليهودية
أولاً : حرية المرأة في اختيار إنهاء حياتها الزوجية في الإسلام:
من المطلب السابق نستطيع أن نستنتج الآتي :
- أن الإسلام يعطي للمرأة الحرية والحق في اختيار إنهاء حياتها الزوجية بالخلع الذي هو فِرقة بين الزوجين على مال تفتدي به الزوجة نفسها .
فقال الله تعالى :
" الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ " [ سورة البقرة : آية 229 ]
فوضح الجصاص معنى الآية : أنه حظر على الزوج بهذه الآية أن يأخذ منها شيئاً مما أعطاها إلا على الشرط المذكور وهو ( أن يخافا ألا يقيما حدود الله )
قال طاووس : أي فيما افترض على كل واحد منهما من العشرة والصحبة .
وقال أهل اللغة : (إلا أن يخافا ) أي إلا أن يظنا ألا يقيما حدود الله [2].
- وهذا الخوف من ترك إقامة حدود الله على وجهين :
- إما أن يكون أحدهما سيء الخلق أو هما جميعاً ، فيؤدي ذلك بهما إلى ترك إقامة حدود الله التي أُلزم بها كل طرف .
- وإما أن يكون أحدهما مبغض للآخر ، فيصعب عليه حسن العشرة والمعاملة ، فيؤدي ذلك إلى مخالفة أمر الله تعالى وإلى تقصيره في الحقوق الواجبة عليه تجاه الآخر .
وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - :
فيما رواه البخاري عن ابن عباس قال : جاءت امرأة ثابت بن قيس ابن شماس إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، فقالت : يا رسول الله إني ما أعتب عليه في خلق ولا دين ، ولكن أكره الكفر في الإسلام (أي كفر العشير وهو الزوج ) فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أتَرُدّين عليه حديقته ، فقالت : نعم ، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - :" اقبل الحديقة وطلقها تطليقة " [3]
ففي هذا الحديث دليل على جواز أخذ الرجل عوضاً من المرأة في مقابل الخلع إذا كرهت البقاء معه .
وأجمع العلماء على مشروعية الخلع في الإسلام.
ثانياً : حرية المرأة في اختيار إنهاء حياتها الزوجية في والنصرانية واليهودية :
- لم تعطِ النصرانية الحق للمرأة في اختيار إنهاء حياتها الزوجية إلا في حالة الزنا ، والبديل اللجوء للقضاء .
- لم تعطِ اليهودية للمرأة حق الطلاق إلا باللجوء للقضاء .
النصرانية واليهودية لم تعطِ للمرأة الحق والحرية في اختيار إنهاء حياتها الزوجية دون اللجوء للقضاء
وأثر ذلك على المجتمع
أولاً : الإسلام أعطى للمرأة حرية اختيار إنهاء حياتها الزوجية بالخلع :
لما جعل الله تعالى الطلاق بيد الرجل يستطيع أن يلجأ إليه كعلاج أخير ، فلم يهمل جانب المرأة فجعل لها ثلاثة حلول لفك الرابطة الزوجية :
- أن تشترط في أثناء عقد الزواج أن يكون طلاقها بيدها ، فتطلق نفسها إن أرادت.
- أن تراجع القضاء وتطلب التفريق بالتطليق .
- أن تنهي حياتها الزوجية بالخلع ، لتقوم الحياة الزوجية على الحرية ،فمن غير المعقول ولا من العدل أن تشعر المرأة بالنفور من زوجها لأي سبب من الأسباب وتُرغم على العيش معه .
- ومن الجدير بالذكر أن الخلع الآن أصبح من ضمن قانون الأحوال الشخصية في مصر على سبيل المثال ، فترفع الزوجة دعوى خلع وتطلق من زوجها عن طريق القضاء في حالة إذا أبى الزوج ورفض أن يأخذ ما تفتدي به الزوجة نفسها من مال .
ثانياً : لم تعطِ النصرانية واليهودية للمرأة هذا الحق وهذه الحرية كما في الإسلام:
- إذا كرهت الزوجة زوجها لا تستطيع فك الرابطة الزوجية في النصرانية واليهودية ، وإذا كرهت العيش معه لأي سبب من الأسباب لا تستطيع إنهاء حياتها الزوجية إلا بإثبات سبب واضح من الأسباب التي ذكرتها سابقاً ، والتي تجيز للزوجة رفع الأمر للقضاء ، أو بعلة كعلة الزنا في النصرانية ، وما عدا هذه العلة من أسباب استحالة العشرة واستحكام النفرة لا تُجيز لها النصرانية إنهاء حياتها الزوجية .
- وهذا فيه ما فيه من الظلم الواقع على المرأة ، وعدم احترام لحريتها واختيارها .
ثالثاً : الآثار المترتبة على عدم إعطاء المرأة حق الخلع في النصرانية واليهودية:
يترتب على ذلك أسوأ الآثار على الأسرة بل على المجتمع ككل ، فإذا أحست الزوجة بأن زوجها مفروض عليها مع كراهيتها له وعدم تقبله ونفورها منه فإنها قد تلجأ لاصطناع سبب من الأسباب التي تجيز وتخول لها اللجوء للقضاء ، أو قد تلجأ للزنا إن كانت نصرانية ، أو قد ينفصلان ويفترقان من دون الطلاق فيؤدي ذلك بهما لطريق الانحراف والغواية ، أو قد تلجأ للتخلص منه بقتله ، أو للانتحار للتخلص من هذه الحياة التي غصبت على العيش فيها دون رغبتها .
- فالأمر جدّ خطير فكل هذه البدائل التي قد تلجأ لها المرأة لها أثرها السلبي على المجتمع ككل ، لذلك كان الإسلام دين الواقعية فأعطى لها هذا الحق ، كما لا يجب أن نتناسى أن الإسلام قد بغّض في الطلاق نفسه إلا للحاجة الملحة واستحالة العشرة ووضع البدائل عنه.
رابعاً : كيف يُتهم الإسلام بظلم المرأة وكبت حرياتها وقد أعطى لها من الحقوق والحريات مالا تعطه لها النصرانية ولا اليهودية ؟!!!
يجب أن نعترف لا بظلم المرأة في الإسلام بل بالظلم الواقع على هذا الدين الحنيف نفسه دين الإسلام ، فلطالما ظُلم من الأعداء والجهلاء به ، عن عمد وعن جهل ، فنُسب إليه ما ليس فيه وتُنوسي ما فيه من الميزات التي لا توجد في غيره من الديانات ، وأكبر مثال ونموذج هو قضية هذا البحث الذي هي حرية المرأة في اختيار إنهاء حياتها الزوجية .
فكل ما يتردد عن الإسلام إنما هو محض افتراء أو محض جهل ، فالإسلام دين الحقوق والحريات ، وإنما قد يكون التقصير من سفراء هذا الدين فلم يبلغوه كما ينبغي ، كما قد يكون التقصير من معتنقيه من المسلمين فلم يلتزموا به حق الالتزام فلم تصل الصورة صحيحة لغير المسلمين ، ولكن الله تعالى تكفل بحفظ هذا الدين فيقيّد له من يدافع عنه ويظهره في صورته الصحيحة ، كما أنه تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها من العلماء .
فقد قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها " [4]
فالحمد لله تعالى على نعمة الإسلام ، وكفى بها نعمة ،،،
===============================
[1]) ) انظر : المرأة في اليهودية والمسيحية والإسلام لأبي غضة صــ ( 259 ، 260 )
[2]) ) انظر أحكام القرآن للجصاص ( (2 / 89 )
[3]) ) رواه البخاري ( 7 / 46 ) رقم ( 5273 ) باب الخلع وكيف الطلاق فيه .
[4]) ) رواه أبو داود ( (4 / 109 ) رقم (4291 ) باب ما يذكر في قرن المائة
-
السبت PM 12:36
2022-03-12 - 1532