المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 417499
يتصفح الموقع حاليا : 226

البحث

البحث

عرض المادة

شبهات وردود الشيعة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين الحمد لله رب الأولين والآخرين الحمد لله خالق الخلق أجمعين الحمد لله حتى يرضى , والحمد لله إذا رضي , والحمد لله بعد الرضى , الحمد لله ملء السماوات وملء الأرض , وملء ما بينهما وملء ما شاء من شيء بعد , وصلاتاً وسلاماً على نبينا وإمامنا وحبيبنا وقدوتنا وقرة عيننا محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى صحابته أجمعين , أما بعد فبادء ذي بدء نقول إنّ الله تبارك وتعالى إنما بعث الأنبياء والمرسلين مبشرين ومنذرين وختمهم بسيدهم وإمامهم محمد بن عبد الله وأنزل الله إليه أحسن كتبه وجعل له أحسن شرائعه , وأمتن الله عليه بأن جعل أمته أفضل الأمم فقال جل ذكره { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً } , هذه الأمة – أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم – التي أخبر عنها رسولها و نبيها وسيدها صلوات الله وسلامه عليه أنها خير الأمم وبين أن قرنه خير القرون فقال صلوات الله وسلامه عليه :  ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) ....

 

ومن خصائص هذه الأمة المحمدية أنها تحب الخير للناس كل الناس , وهي أمة مرحومة وأمة راحمة ترحم الناس وتهديهم بفضل الله تبارك وتعالى إلى سراط الله وتهديهم إلى سنة نبيها محمد صلى الله عليه وآله وسلم  .. تحب أن يهتدي الجميع  تحب أن يدخل الجنة الجميع سالكين بذلك طريق نبيهم محمد صلى الله عليه وآله وسلم مسترشدين قول الله جل وعلا  { معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون } , وقد قدر الله جل وعلا  أن تكون هناك فرقة بين هذه الأمة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ( إفترقت اليهود على إحدى وسبعين فُرقة , وأفترقت النصارى على إثنتين وسبعين فرقة ( ثم قال) وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة  ( ثم قال ) كلها  في النار إلا واحدة ) ولا شك أن كل مسلم يتمنى أن يكون من هذه الفرقة , بل الواقع يقول أن كل مسلم يدعي أنه من أتباع هذه الفرقة ولكن – كما قيل – البينة على المدعي

 

والدعاوى إن لم تقيموا عليها        بينات فأصحابها أدعياء 

 

فكل من إدعى دعوة في أي موضوع   كانت لا بد أن يأتي بالبينة التي بها تُقبل دعواه وإلا رُدت دعوته عليه ولم يُسمع منه ..

 

قامت مناظرات ومساجلات وكُتبت كتب  في حرص كل فرقة على نصح وإرشاد وإظهار عيب والرد على الفرق الأخرى مدعية  كل فرقة من هذه الفرق أن الحق معها وأنها صاحبته الملازمة له وأن غيرها على ضلال وهذا واقع الأمر

 

كل يدعي وصلا لليلى ..

 

وأصدق من ذلك قول الله تبارك  تعالى { كل حزبٍ بما لديهم فرحون } ..

 

ومن ضمن هذه المساجلات أو المحاورات التي تقع بين الناس ما قدر الله تبارك وتعالى أن يكون ... ( إنقطاع بسيط في التسجيل )

 

وهي محاورة وقعت لمكلمكم مع بعض الشيعة الأثني عشرية وذلك في آخر عشر ليال من رمضان من سنة 1423ه وقدر الله تبارك وتعالى أن تكون هذه المحاورة وهذه المساجلة في بلاد الكفر في لندن في بريطانيا , وإستمرت هذه المناظرة لمدة عشر ليال وقد شاركني من إخواني من أهل السنة والجماعة في هذه المناظرة الدكتور  أبو المنتصر  عبد الرحيم البلوشي والشيخ أبو عبيدة عبد الرحمن الدمشقية وسبقنا إلى ذلك الشيخ عبد السلام المغربي .

بينما شارك من الجهة الأخرى أعني من الشيعة الأثني عشرية الدكتور عبد الحميد النجدي والدكتور محمد التيجاني السماوي وسبقهم قبل ذلك معمم يقال له شمران العجلي وآخر لا أعرفه , فعلى  كل حال أنها دارت هذه المساجلة وهذه المحاورة وراءاها ملايين المسلمين وحكموا كل واحد منهم بكل ما رأى وسمع ..

 

ثم قدر الله تبارك وتعالى أن تكون مناظرة أخرى لمكلمكم كذلك بعد المناظرة الأولى بشهر تقريباً في شوال مع الدكتور محمد الموسوي والجلسة الأولى مع التيجاني والنجدي إستمرت أو إستغرقت خمسة عشرة جلسة حضرت منها عشر جلسات وأما الثانية مع الدكتور محمد الموسوي فأستغرقت خمس جلسات حضرتها كلها بل كنت وحدي مع الدكتور محمد الموسوي ممثلا للشيعة الأثني عشرية .

وطبيعي جداً أن يدلي كل واحد من المحاورين بدلوه ويستشهد على ما يقول ويستدل ويرد قول من يخالفه إذا ظن أنه خطأ ويعضد قوله بما يرى من الأدلة من  الكتاب والسنة ومن النظر والعقل الصريح ..

 

والمناظرات والمحاورات لها ظروفها ولذلك أثناء المحاورة وأثناء المناظرة قد يقع من الإنسان بحكم جو المناظرة وطريقة المناظرين وزحمة المعلومات وكثرة الإتصالات وغير ذلك كثير قد يحدث ولابد أن يحدث خاصة في مثل هذه المناظرات العميقة أقول قد يحدث شيء من التقصير في شرح فكرة أو في رد مسألة وبيان زيفها أو غير ذلك من الأمور .. ولذلك ناسب أن نجلس الآن هذه الجلسة لنبين ونوضح ما كان يجب أن يوضح في ذلك الوقت .

وقبل ذلك أقول لماذا لم يبين في ذلك الوقت ولماذا يبين الآن ؟

أولا من أهم الأسباب ضيق الوقت , وذلك أن الوقت كان ضيقاً فما كان بوسع الواحد أن يتكلم بكل ما يستطيع في وقت ضيق محدد له , فضيق الوقت كان من أهم الأسباب التي منعت من طرح كل ما نريد أورد وتوضيح وبيان تلبيس كل ما ذُكر .

ثم كذلك من الأسباب أننا كنا نقدم الأولويات ونرى أن نقدم الأهم على المهم ولذلك أهملنا بعض تلك الأمور لكوننا أننا كنا نرى أن غيرها أهم , قد نكون مصيبين في ذلك و قد نكون مخطئين , ولكن هكذا رأينا أثناء المناظرة أن نلتزم خطاً واحداً  وهو في عرض ما نراه مهماً دون الألتفات إلى كل ما يُطرح لأنه كان يُقصد منه - كما تبين في أثناء المناظرة -  بلبلة الأفكار وتشتيت الموضوع لعدم التركيز على قضية معينة حتى نخرج منها بنتيجة بينة .

 

كذلك من الأسباب عدم منهجية المناظرين – الدكتور عبد الحميد النجدي والدكتور محمد التيجاني –  وإنْ شئت ضم إليهما الدكتور محمد الموسوي  لما جلست معه وحدي  , فقد لاحظت أثناء المناظرة أنهم يخرجون عن الموضوع ويحاولون أن يثيروا الشغب ويكثرون من المقاطعة وتشتيت الموضوع والكلام يمنة ويسرة , ولهذا كان هذا سبباً قويا في عدم طرح كل ما نريد .

كذلك كنا نلتزم بموضوع الحوار الذي كان يحدد في نهاية كل جلسة للجلسة القادمة عن ماذا سنتكلم ؟  , فكنت ألتزم بموضوع الحوار قدر ما أستطيع ولذلك عندما أسمع بعض الأمور التي هي خارجة عن الحوار أحياناً أردها وأحياناً أتركها حتى أستغل وقتي فيما كان الحوار لأجله .

 

كذلك من الأسباب أن مدير الحوار , كان يطرح أسئلة خارج الموضوع أحياناً وكنا ملتزمين بالرد عليه على الأقل أدباً , ولذلك كان هذا أيضاً يأخذ من وقتنا ويخرجنا أحيانا عن الموضوع الذي كنا نريد أن نتحدث عنه .

 

كذا أظن أن بعض المسائل تمت الإجابة عليها أثناء المناقشة وأثناء الحوار ولكن لعل الإجابات كانت مقتضبة أو كانت كاملة ولكن لو  أُسهب فيها أكثر لكان أفضل , لإجل هذا كله جلسنا هذه الجلسة , لإجل هذا كله أردنا أن نكون معكم مرة ثانية حتى نطرح عليكم ما نعتقد أنه حق رحمة بكم وإرادة للخير كما هو منهج أهل السنة والجماعة .

 

سيكون مدار حديثنا في هذه الجلسة على نقاط سألتزم بها – بحول الله تبارك وتعالى وقوته -  وهي عبارة عن شبهات أُثيرت أو مسائل ذُكرت في أثناء المناظرة ولم يُجب عليها إجابة وافية أحددها ثم أفصلها – بحول الله وقوته - 

 

سيكون حديثنا عن آية الولاية , ثم آية التطهير , ثم آية ذوي القربى , ثم آية { ثم أورثنا الكتاب } وسنبدأ بالقرآن الكريم .....

 ثم بعد ذلك ننتقل إلى نصوص السنة المشرفة إلى حديث المنزلة, ثم حديث الثقلين , ثم حديث الأثني عشر , ثم حديث رزية الخميس , ثم حديث الغدير ثم حديث الإنذار , ثم حديث السُبّق – ثلاثة – ثم حديث سفينة نوح , ثم حديث ( من سره أن يحى حياتي ويموت  موتي ) ..

 

ثم بعد ذلك نختم بشبهة التحريف متمثلة بأمرين إثنين – أعني تحريف القرآن الكريم الدعوى الباطلة التي يدعيها القوم -  وهو أن الصحابة رضي الله عنهم حرفوا كتاب الله تبارك و تعالى  , ثم بعد ذلك لما صارت هذه التهمة بدل أن تكون على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم صارت سبة في وجوه من إدعوها ومن طعنوا في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من أجلها , فلم يجدوا مخرجا إلا أن  يتهموا أهل السنة بأنهم كانوا يقولون بالتحريف ومازالوا يقولون بالتحريف محتجين بذلك بمسألتين هما مسألة نسخ التلاوة ومسألة القراءة فهذا هو تقريبا حديثنا معكم في هذه الجلسة التي أسأل الله جل وعلا فيها أن يسدد لساني ويثبت فيها جناني فأقول مستعينا بالله جل وعلا :

 

اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون , وكما قال النبي صلوات الله وسلامه عليه في قيامه لليل  : ( اللهم جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض أنت تحكم بين عبادك فيما كتنوا فيه يختلفون إهدنا إلى ما أُختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى سراط مستقيم ) , اللهم أرنا الحق حقاً وأرزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وأرزقنا إجتنابه   :

 

آية الولاية :

 

آية الولاية هي قول الله تبارك وتعالى {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ 55 } المائدة..

يستدلون بهذه الآية على إمامة علي رضي الله عنه وأرضاه قبل أبي بكر وقبل عمر وقبل عثمان .

وجه الدلالة ليس في هذه الآية وإنما في سبب نزول هذه الآية , فالآية إذا كما ترون عامة يقول الله فيها {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ 55 } لا ذكر فيها أبداً لعلي رضي الله عنه ولا ذكر فيها لأحد من أصحاب النبي صلوات الله وسلامه عليه , إنما تذكر {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ 55 } إذاً أين الدلالة ؟؟ الدلالة هي في تفسير هذه الآية وهو سبب نزولها كما يزعم القوم فما سبب نزول الآية عندهم ؟؟

إنّ سبب نزول الآية عندهم دعوى أنّ علياً رضي الله عنه كان يصلي فجاء سائل يسأل الناس فلم يعطه أحد شيئاً , فجاء إلى علي وهو راكع فمد علي يده وفيها خاتم فأخذ الرجل الخاتم من يد علي رضي الله عنه فأنزل الله جل وعلا هذه الآية {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ 55 } فيقولون الذين آتوا الزكاة وهم راكعون هم واحد وهو علي بن أبي طالب فهذه الآية أو ما تسمى عندهم بآية الولاية وهي أقوى دليل عندهم بهذه المسألة كما قرأت لبعض علمائهم .

لنرى هل هذه الآية فعلاً تدل على مرادهم أو لا تدل , هذه الآية طُرحت في أثناء المناظرة وتم الرد على بعض شبههم فيها ولكن كما قلت نحتاج إلى أن نسهب أكثر  في بيان معنى هذه الآية وبيان مدى دلالتها على ولاية علي رضي الله عنه وأرضاه .

إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه العزيز {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ 1 الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ 2 } , ويقول رسولنا صلوات الله وسلامه عليه : ( إن في الصلاة لشغلاً ) متفق عليه .

وعلي عندنا معاشر أهل السنة والجماعة  من أئمة المسلمين ومن أئمة المتقين ومن أئمة الخاشعين فلا نقبل أبداً أن ينسب إلى علي رضي الله عنه أن يشتغل بإخراج الزكاة وقت الصلاة , بل نرى أن علياً رضي الله عنه ممن يلتزم بقول الله تبارك وتعالى {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ 1 الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ 2 }  ويلتزم بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( إن في الصلاة لشغلاً ) ,  ثم يقال بعد هذا كله إن الأصل في الزكاة أن يتقدم بها المزكي لا أن ينتظر الفقير أو المحتاج حتى يأتيه ويطلب منه هذه الزكاة , فهذا لا يُمدح وإنما يُمدح الذي يعطيها إبتداءاً للذي ينتظر الفقير حتى يأتيه ويعرض نفسه للسؤال , ونحن كذلك ننزه علياً رضي الله عنه من أن يفعل ذلك وهو أن ينتظر الفقير حتى يأتيه ثم يعطيه زكاة ماله .

ثم كذلك نقول إنّ الزكاة لم تجب على علي رضي الله عنه في زمن النبي صلوات الله وسلامه عليه بل كان فقيراً , إسألوا أنفسكم ماذا أمهر علي رضي الله عنه فاطمة رضي الله عنها ؟؟

أمهرها درعاً , لم يكن ذا مال , كان فقيرا ما كان يستطيع أن يشتري خادماً لفاطمة , ولذلك لما سمع علي رضي الله عنه وفاطمة رضي الله عنها بقدوم سبي للنبي صلى الله عليه وسلم ذهبا يطلبان خادماً , ما كانا يملكان حتى شراء خادم , ومع هذا يأتي علي ويتزكى في زمن النبي صلى الله عليه وسلم !! هذا لا يمكن أبداً , ما كانت الزكاة واجبة على علي زمن النبي صلى الله عليه وسلم .

كذلك نقول ليس في هذه الآية مدح لمن يعطي الزكاة وهو راكع , إذ لو كان الأمر كذلك لكان إعطاء الزكاة أثناء وقت  الركوع أفضل من غيره من الأوقات !! ونقول لجميع الناس أعطوا زكاة أموالكم وأنتم ركوع لأن الله مدح الذين يعطون زكاة أموالهم وهم ركوع !! ولقلنا للفقراء إبحثوا عن الراكعين وأسألوهم الزكاة ولا أظن أنه يقول احد من أهل العلم مثل هذا الكلام .

ثم إن الله جل وعلا ذكر إقامة الصلاة ولم يذكر أدائها , فلنحاول أن نتدبر الآية قليلاً  , إن الله جل وعلا يقول : {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ }  ثم وصفهم الله جل وعلا قال { الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ }  فلم فصل بين الركوع والصلاة وأدخل بينهما الزكاة , إن القرآن يعلم جميع المسلمين أنه أفصح القول ولا يستطيع أحد أن يمسك على القرآن ولا غلطة واحدة في نحوٍ ولا بلاغة ولا صرف ولا في غيرها من الكلمات أبداً لا يمكن هذا , أحسن الحديث وأحسن الكلام , إذا كان الأمر كذلك – ولا أظن أن مسلماً يخالفني في ذلك – فكيف دخلت الزكاة بين الصلاة والركوع ؟ ثم إن الصلاة إنما ذكرت بالإقامة فقال جل ذكره { الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ }  إن إقامة الصلاة تختلف تماماً عن أدائها وذلك أن إقامة الصلاة هي أن تؤدى هذه الصلاة بكمال شروطها  وأركانها وواجباتها بل ومستحباتها  مع حسن وضوء وحسن خشوع , هذه هي إقامة الصلاة  ولذا جاء بعده ذكر الزكاة أما قوله جل وعلا { وَهُمْ رَاكِعُونَ } فليس له دخل في الصلاة أصلا وإنما الركوع هنا بمعنى الخضوع لله جل وعلا  كما قال سبحانه وتعالى عن داوود عليه السلام {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ 24 } ومعلوم أن داوود عليه السلام إنما خر ساجداً ولذا نسجد نحن إذا قرأنا هذه الآية سجود التلاوة , وداوود خر راكعاً  فكيف يكون هذا ؟؟ نقول إن داوود خر ساجداً ولكن الله قال {َخَرَّ رَاكِعًا } نقول أي خاضعاً  لله جل وعلا , فالركوع هو الخضوع لله جل وعلا .

ومنه قول الله جل وعلا عن مريم عليها السلام { يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ 43} أي إخضعي مع الخاضعين  ولذا مريم كانت تعيش بيت المقدس , وهبتها أمها لبيت المقدس وأمرأة لا تجب عليها صلاة الجماعة مع الراكعين , وإنما المقصود إخضعي لله جل وعلا مع الخاضعين له سبحانه وتعالى .

فيكون مراد الله جل وعلا في هذه الآية كما ذكر أهل العلم ذلك  { الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ }  أي وهم في كل أحوالهم خاضعون لله جل وعلا  .

 

كذلك نقول : لا نوافق أبداً بأن هذه الآية نزلت في علي رضي الله عنه وذلك أننا نعتقد جازمين أن هذه القصة غير صحيحة , لم يأت سائل ولم يسأل علياً وهو راكع ولم يدفع علي رضي الله عنه الزكاة وهو راكع لم يحدث شيء من ذلك أبداً .

ومن يقرأ هذه الآية وما سبقها وما يتبعها من الآيات يعلم علم اليقين أن الآية لها سبب آخر غير هذا السبب , وذلك أن الله جل وعلا  يقول  قبيل هذه الآية بثلاث آيات : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} فنهى الله جل وعلا المؤمنين أن يتولوا اليهود والنصارى , وقد جاء في الحديث وهو حديث حسن الإسناد  أن سبب  هذه الآية هي قصة وقعت لعبادة بن الصامت رضي الله عنه وأرضاه وذلك أن عبد الله بن أُبي بن سلول شفع عند النبي صلى الله عليه وسلم  لبني قينقاع , لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتلهم شفع لهم عبد الله بن أبي بن سلول وأكثر في هذا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم  حتى تركهم له صلوات الله وسلامه عليه فأراد إخوانهم اليهود من بني النظير أن يشفع لهم عبادة بن الصامت كما شفع عبدالله بن أُبي بن سلول لإخوانه اليهود فرفض رضي الله عنه أن يشفع لهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولذلك عبادة بن الصامت من أصحاب بيعة العقبة , عبادة بن الصامت من المؤمنين , عبد الله بن أبي من المنافقين بل رأس المنافقين , فكيف يصنع عبادة بن الصامت كما صنع عبد الله بن أبي بن سلول , ولذلك رد عليهم قولهم ورفض الشفاعة لهم فأنزل الله تبارك وتعالى قوله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ } حتى قال الله تبارك وتعالى { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ 55 وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ.. } فنجد أن الآيات تتكلم عن ولاية المؤمنين بشكل عام ولا تتكلم عن قضية رجل تصدق بصدقة وهو يصلي , ولذلك يستطيع كل أحد أن يدعي مثل هذه الدعوى فيأتينا شخص فيؤلف لنا حديثاً مكذوباً  على طلجة بن عبيد الله ويقول إن طلحة تصدق وهو راكع إذاً هي في طلحة !! .

ويأتينا ثالث ويقول هي في الزبير  ورابع يأتينا ويقول هي في خالد بن الوليد وخامس يقول هي في العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم ولا تنتهي هذه القضية , قضية وضع حديث وكذب على النبي صلى الله عليه وآله وسلم  أمرها يسير من حيث الإحداث ولكنها عند الله تبارك وتعالى عظيمة وذلك أنه من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم فإن عليه أن يتبوأ مقعداً من النار  أعاذنا الله وإياكم من النار .

حتى لو قلنا أنها نزلت في علي – تنزلا وإلا هي لم تنزل في علي رضي الله عنه – أين الخلافة ؟؟؟

أين الولاية ؟؟؟

لا ذكر أبداً للخلافة { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ 55 } أين الخلافة ؟؟ الحكم وليكم يعني حاكمكم ؟؟!!

هل يقال إن الله حاكم سبحانه وتعالى , الله خالق الخلق , الله رب العالمين سبحانه وتعالى , أين الخلافة ؟؟!! .

أين ربط هذه الآية بالآيات السابقة والآيات اللاحقة ؟ أين هذا كله ؟ لا نجده عندما نقول هي في الخلافة! .

وهناك دعاوى عريضة وجدتها لبعضهم حول هذه الآية يحاولون فيها التلبيس على الناس من ذلك ما قرأته للموسوي في مراجعاته مثلاً , في المراجعة رقم 12 ص 137 يقول عبد الحسين شرف الدين الموسوي أنظروا إلى هذه الجرأة : (أجمع المفسرون على أن هذه الآية إنما نزلت في علي حين تصدق راكعاً في الصلاة ) , ثم يزعمون بعد ذلك أن هذه المراجعات تمت بين عبد الحسين شرف الدين الموسوي والشيخ سليم البشري رحمه الله تعالى ( شيخ الأزهر في ذلك الوقت ) وهذا لا شك أنه كذب وليس هذا مجال حديثنا عن المراجعات ولكن من شاء أن يرجع إليها فهناك أربعة أشرطة نزلت في تكذيب هذه المراجعات وبيان تأليف عبد الحسين شرف الدين لها وزج إسم الشيخ سليم البشري في هذا الموضوع وهو منه براء – رحمه الله تعالى -  .

 

على كل حال نسمع أقوال المفسرين في هذه الآية , هؤلاء المفسرون الذين جمعت كلامهم في هذه الآية :

إبن كثير  -رحمه الله تعالى- قال :

( وأما قوله { وَهُمْ رَاكِعُونَ} فقد توهم البعض أن هذه الجملة في موضع الحال من قوله { وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ } – يعني أنهم يؤتون الزكاة والحال أنهم راكعون -  حتى أن بعضهم ذكر هذا أثراً عن علي رضي الله عنه أن هذه الآية قد نزلت فيه وأن مر به سائل في حال ركوعه فأعطاه خاتمه)  ثم ذكر  بن كثير الآثار التي رُويت عن علي وأنها  نزلت فيه وبين ضعفها جميعاً ثم قال : ( وليس يصح منها شيء بالكلية لضعف أسانيدها وجهالة رجالها ) .

 

بن عطية في المحرر الوجيز يقول : ( قال مجاهد : نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب تصدق وهو راكع , وفي هذا القول نظر والصحيح ما قدمناه من تأويل الجمهور ولقول الله تبارك وتعالى : { وَالَّذِينَ آمَنُواْ } أي ومن آمن من الناس حقيقة لا نفاقاً وهم الذين يقيمون الصلاة المفروضة بجميع شروطها ويؤتون الزكاة ) وهذا قول - كما قلنا -  جماهير المفسرين نقلها عنهم بن عطية رحمه الله تعالى .

النيسابوري في هامشه على تفسير الطبري قال : (فيها  قولان الأول أن المراد عامة المسلمين لأن الآية نزلت على وفق ما مر من قصة عبادة بن الصامت رضي الله عنه , والقول الثاني أنها في شخص معين ورُوي أنه أبو بكر وروي أنه علي .. ) ثم رد القول الثاني وهو أن المراد فيهاشخص بعينه .

 

وهذا القرطبي في الجامع لأحكام القرآن قال : ( والذين عام في جميع المؤمنين  , وقد سؤل أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي رضي الله عنه  – الذي هو الباقر -  عن معنى قول الله تعالى { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ } هل هو علي بن أبي طالب ؟ فقال : علي من المؤمنين , يذهب إلى أن هذا لجميع المؤمنين , قال النحاس : ( وهذا قول جيد ) ) .

الرازي في تفسيره يقول: - بعد أن ذكر كلاماً طويلاً في إبطال القول في أنها نزلت في علي – ( وعلي بن أبي طالب أعلم بتفسير القرآن من هؤلاء الروافض ولو كانت هذه الآية دالة على  إمامته لأحتج بها في محفل من المحافل , وليس للقوم أن يقولوا إنه تركه للتقية , فإنهم ينقلون عنه أنه تمسك يوم الشورى بخبر يوم الغدير وخبر المباهلة  في جميع فضائله ومناقبه ولم يتمسك البته بهذه الآية لإثبات إمامته وذلك يوجب القطع بسقوط قول هؤلاء الروافض لعنهم الله ) هكذا قال .

وكذلك قال : ( وأما إستدلالهم بأن هذه الآية نزلت في حق علي فهو  ممنوع و قد بينا أن أكثر المفسرين زعموا أنه في حق الأمة ) يعني ليس في علي .

 

وهذا الألوسي كذلك في المعاني يقول : ( وهم راكعون حال من فاعل الفعلين أي يعملون ما ذُكر من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وهم خاشعون ومتواضعون لله جل وعلا ) .

 

وهذا بن جرير الطبري رحمه الله تعالى يقول : ( يعني تعالى ذكره في قوله { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ } ليس لكم أيها المؤمنون ناصر إلا الله ورسوله والمؤمنون الذين صفتهم ما ذكر الله تعالى , وقيل أن هذه الآية نزلت في عبادة بن الصامت في تبرأه من من ولاية يهود بني قينقاع وحلفهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين , وأما قوله { وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } فإن أهل التأويل إختلفوا في المعنيّ به فقال بعضهم عُني به علي وقال بعضهم عُني به جميع المؤمنين ) ثم ذكر من قال بهذين القولين .

وهذا الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى  يقول : ( فولاية الله تُدرك بالإيمان والتقوى فكل من كان مؤمناً تقياً كان ولياً لله ومن كان ولياً لله فهو ولي لرسوله وقوله { وَهُمْ رَاكِعُونَ } أي خاضعون لله ذليلون .

 

الشوكاني كذلك في فتح القدير وبن الجوزي في زاد المسير . أين الإجماع ؟!

كل هؤلاء المفسرين وغيرهم كثير لايقولون أنها نزلت في علي , وهؤلاء يدعون أنه أجمع المفسرون أنها نزلت في علي رضي الله عنه وأرضاه!! .

 

كذلك نقول الآية – كما يلاحظ الجميع -  { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ }  فهي جمع وعلي واحد فهذه تعمية لحال علي , لو كان المراد علياً رضي الله عنه فعلى الأقل يأتي إما بإسمه أو بشيء يدل عليه , والذي يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة وهو راكع على الأقل هذه أوضح أما أن تأتي هكذا معماه إذا قلنا إن المقصود علي رضي الله عنه هذا لايمكن أن يكون أبداً ولايجوز  أن يُنسب إلى الله جل وعلا  الذي هو أحسن قيلا وأحسن حديثاً سبحانه وتعالى كيف نحن من قول الله تعالى { يريدُ اللهُ ليبينَ لكم ويهديَكُم سُنَنَ الذين مِنْ قبلكم ويتوبَ عليكم } أين نحن من هذه الآية ؟ أين البيان في هذه الآية!؟ , إنها دعوى والدعوى مرفوضة لا تُقبل .

 

وهناك جزئية ذكرها بعض أهل العلم مفيدة في هذا الجانب وهي قولهم أن الزكاة بالخاتم لا تُجْزئ , الزكاة إنما تكون بالدراهم والدنانير وأما إن يتزكى بالخاتم فإن هذا لا يجزئ أبداً  .

على كل حال هذه هي الآية الأولى التي يستدلون بها ووجه الإستدلال عندهم – حسب ما قرأتُ لبعضهم -   أنه  كلمة إنما { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ الله } قالوا إنما هذه للحصر كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنيات ) أي حصر الأعمال لا تُقبل إلا  تكون مصحوبة بنية { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } وهو علي رضي الله عنه ! سلمنا جدلاً أنها في علي ثم ماذا ؟؟ ...

أين خلافة الحسن والحسين وعلي بن الحسين هذه للحصر , إذاً ليس لكم ولي إلا الله وليس لكم ولي إلا رسول الله وليس لكم ولي إلا علي إذاً أبطلوا خلافة الحسن أبطلوا خلافة الحسين أبطلوا خلافة التسعة من أولاد الحسين لأن الله قال { إِنَّمَا } أي فقط  , فإذا إلتزموا بذلك فهذا شأنهم .

كذلك مما إستدلوا به في هذه المسألة أعني مسألة الإمامة إمامة علي رضي الله عنه وأرضاه آية ذوي القربى ..

 

آية ذوي القربى :

 

وآية ذوي القربى  هي قول الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم آمرا له أن يقول للناس  { قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} الشورى 23  ويقولون القربى هنا علي وفاطمة والحسن والحسين .

{ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}  نجد أن بعضهم يفسر هذه الآية كما فعل الأنطاكي مثلاً في كتابه لماذا إخترت مذهب الشيعة  , فلا يتق الله تبارك وتعالى وإن كنت أعتقد جازماً أن هذا الكتاب ليس له وإنما ألفه غيره ونسبه إليه , والعلم عند الله تبارك وتعالى ولكن على كل حال لما يأتي إلى هذه الآية وهي قول الله تبارك وتعالى : { قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}  فينقل حديثاً من صحيح البخاري وفيه أن بن عباس رضي الله عنه  يسأله رجل عن معنى هذه الآية { قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}  فيقول سعيد بن جبير : ( إلا أن تودوا قرابتي ) فيرد عليه بن عباس رضي الله تبارك وتعالى عنه فيقولك: (عجِلتَ  فوالله ما من بطن من بطون قريش إلا وللنبي صلى الله عليه وسلم فيه قرابة ولكن إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة ) هذا معنى الآية ..

 

ماذا فعل الأنطاكي أو من نسب الكتاب إلى الأنطاكي قطع هذا الحديث من وسطه بتره وهذا موجود في البخاري فقال : قال بن عباس : ( ألا أن تودوا قرابتي ) وترك رد بن عباس على سعيد بن جبير , ونسب قول سعيد بن جبير إلى بن عباس رضي الله عنهما ! , ماذا تسمون هذا الصنيع ؟ سموه ماشئتم ! , ولكن ليس هذا سبيل المؤمنين وما هذا طريقهم أبداً لايقطعون ولا يبترون الأحاديث ويدلسون ويكذبون ولكن نقول الله المستعان .

إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه العزيز : { وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} هذه المصارف سهم لله والرسول سهم لذوي القربى سهم لليتامى سهم للمساكين وسهم لأبن السبيل هذا ما يسمونه بالخُمُس , وهذا الخمس إنما يؤخذ من غنائم الجهاد لأن الله تبارك وتعالى يقول {وأعلموا أَنَّمَا غَنِمْتُم } غنيمة في الجهاد , غنائم الجهاد .

غنائم الجهاد صارت وللأسف بعدما كانت تؤخذ من الكفار صارت تؤخذ من المسلمين , الله تبارك وتعالى جعل لذوي القربى خمس  خمس الغنيمة , وذلك أن الغنيمة تُقسم إلى خمسة أخماس فلوا فرضنا أن الغنيمة 10 آلاف فتقسم هذه الغنيمة إلى خمسة أخماس ألفين ألفين هكذا ثم أربعة أخماس تعطى للمجاهدين للذين قاتلوا وشاركوا في المعركة 8 آلاف يبقى ألفان يقسمان على خمسة أخماس لله والرسول لذوي القربى لليتامى للمساكين لأبن السبيل 400 لكل سهم , إذا هذه الأخماس تقسم بهذه الطريقة , إذا خمس الخمس لذوي القربى .

 

ماذا يفعل القوم اليوم ؟ خمس كامل ويؤخذ ممن ؟ من المسلمين !! والله إنما أعطى ذوي القربى  خمس خمس من الكفار وهؤلاء يأخذون خمسا كاملا من المسلمين ليس هذا من دين الله في شيء أبدا ولا نقبل هذا أبداً .

 

المهم أن الله تبارك وتعالى لما ذكر ما لذي القربى قال { ولذي القربى } باللام  بينما الآية تقول  { قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } في القربى ففرق بين في القربى و للقربى في قول الله تبارك وتعالى { وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى...} ولا بد لنا أن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لايمكن أن يطلب أجراً , كيف يطلب أجراً وهو الذي يقول الله له  { قل لاأسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين } إن الأنبياء جميعاً لا يسألون أقوامهم أجراً قال الله تبارك وتعالى عن نوح { وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين } وقال عن هود { وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين } وقال صالح كذلك وكذا قال لوط  وقال شعيب  كذلك { وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين } ومعلوم أن نبينا محمداً هو أكرم الأنبياء وسيد الأنبياء وسيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه , فإذا كان إخوانه من الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم كنوح ولوط وهود وصالح وشعيب وغيرهم لا يسألون الناس أجراً فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أولى بذلك أن لا يسأل الناس أجراً إنهم لا يسألون الأجر إلا من الله سبحانه وتعالى وهذا معنى قول الله جل وعلا  إذاً { قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } إلا هنا في الآية بمعنى لكن وليست إستثناءاً  هو لا يسأل أجرا قطعاً صلوات الله وسلامه عليه وإنما يكون معنى الآية قل أسألكم عليه أجرا ولكن المودة في القربى , ودوني في قرابتي كما قال بن عباس رضي الله عنه وأرضاه .

 

 

 

 

 

 

 

الشريط الثاني

 

 ومن الأدلة التي يستدلون بها وذُكرت أثناء المناظرة وتم الرد على ما زعموا من دلالة على الإمامة ولكن يحتاج الأمر إلى تفصيل أكثر  آية التطهير ..

 

آية التطهير  :

 

إن آية التطهير  هي قول الله تبارك وتعالى { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا 33 } الأحزاب .. يقولون إن أهل البيت هم علي وفاطمة والحسن والحسين  بدلالة  حديث الكساء ! ما هو حديث الكساء ؟ , حديث الكساء ترويه أم المؤمنين عائشة – التي يزعمون أنها تبغض آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم  - ويخرجه من ؟ الإمام مسلم الذي يزعمون أنه يكتم أحاديث في فضائل آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ..

عائشة تروي أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه علي فأدخله في عباءته – في كساءه – ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء الحسن فأدخله ثم جاء الحسين فأدخله ثم جللهم أي غطاهم صلوات الله وسلامه عليه بالكساء ثم قال : ( اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ) فقالوا هذا الحديث يفسر الآية وهو قول الله تبارك وتعالى  { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا 33 }.

ثم الأستدلال الآخر وهو أن إذهاب الرجس والتطهير أي العصمة ! فيكونون بذلك معصومين فيكون علي رضي الله عنه معصوماً وكذا الحسن والحسن وفاطمة رضي الله عنهم أجمعين فإذا كان الأمر كذلك فهم أولى بالإمامة من غيرهم ثم أخرجوا فاطمة رضي الله عنها و قالوا إن الإمامة في علي والحسن والحسين ثم في أولاد الحسين كما هو معلوم عند الكثير .

 

هذه الآية هل هي فعلا في علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم أو في غيرهم كما قلنا قبل قليل في قوله تعالى { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } ثم إقرأوا ما قبل  هذه الآية وماذا بعد هذه الآية , تدبروا القرآن لا نريد أكثر من ذلك أليس الله جل وعلا يقول { أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها } ويقول : { أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيراً} إن هذا الخطاب من الله جل وعلا  ليس متوجها فقط لأناس معينين هم الذين يحق لهم أن يتدبروا القرآن بل إن الله تبارك وتعالى يطلب من جميع المسلمين بل وغير المسلمين أن يتدبروا القرآن وأن يقرءوا القرآن ويتعرفوا على الله جل وعلا من خلال القرآن فإنهم إذا قرءوا القرآن وتدبروه وعرفوه حق المعرفة وعرفوا قدره ومكانته لن يجدوا بداً  من الانصياع إليه وإتباعه والإقرار بكماله وحسن رسمه وغير ذلك من الأمور , كذلك الأمر هنا لا نريد أكثر من أن تتدبر القرآن أنتم بأنفسكم – أنا أعنيكم يا عوام الشيعة – دعوا علمائكم جانباً ارجعوا إلى كتاب ربكم سبحانه وتعالى أقرءوه افتحوا هذا  القرآن الكريم افتحوه على سورة الأحزاب في الجزء الثاني والعشرين والجزء الحادي والعشرين فنجد أن الله تبارك وتعالى يقول في آخر الجزء الحادي والعشرين وفي أول الجزء الثاني والعشرين  : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا 28 وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا 29 يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا 30 وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا 31 يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا 32 وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا 33 وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا 34} كل الآيات متناسقة , آيات في نساء النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك لانريد أكثر من أن يتدبر الإنسان كتاب الله جل وعلا , آيات في نساء النبي يا نساء النبي .. يانساء النبي .. يانساء النبي .. وقرن في بيوتكن .. ولا تبرجن .. ثم قال : { وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا 33 وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ } فنجد أن الآيات كلها في نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم , إذاً كيف لأحد أن يدعي بعد ذلك أن هذا المقطع من الآية لأن قوله  تعالى { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ.. } ليست آية إنما هي جزء من آية { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} جزء من آية , كيف تقبلون في كلام الله جل وعلا أن يكون الخطاب لنساء النبي { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا } ثم يقول{ يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ } { يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء} { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ } يا علي يا حسن يا حسين يا فاطمة ثم يعود مرة ثانية { وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ } أيش دخل علي والحسن والحسين وفاطمة في الخطاب عن نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما مناسبة هذه الفقرة بين هذه الآيات ؟ لا توجد مناسبة , إذاً ماذا علينا أن نفعل هل نطعن في كلام الله أو نطعن في الذين فهموا هذا الفهم وادعوا دعوى غير صحيحة وهي أن قول الله تعالى { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ.. } هي في علي وفاطمة والحسن والحسين , نقول هذه دعوى باطلة , هذه في نساء النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك كان مجاهد بن جبر رحمه الله تعالى يقول ( هي في نساء النبي ومن شاء باهلته ) أي في هذه الآية , القصد أن هذه الآية هي في نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحديث الكساء في علي وفاطمة والحسن والحسين وبهذا نجمع بين الأمرين أن علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم بدليل حديث الكساء , وأزوج النبي صلى الله عليه وسلم من أهل بيته بدليل آية التطهير , وغيرهم كالفضل بن العباس والمطلب بن ربيعة بن الحارث أبنا عم النبي صلى الله عليه وسلم من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم لما منعهما من الزكاة أن يكونا عاملين عليها وقال : ( إنها لاتحل لمحمد ولا لآل محمد ) ويدخل آل جعفر وآل عقيل وآل العباس لحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه وأرضاه .

فقصر هذه الآية على علي وفاطمة والحسن والحسين لا يستقيم معه نص الآية أبداً ولذلك نقول إن هذا القول مردود .

هنا إشكال وهو إذا كان الأمر كذلك وهي في نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فما مفهوم { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ } ولم يقل عنكن , هذا الذي يدندنون عليه , هذه ذكر لها أهل العلم معاني كثيرة  منها :

 

أولاً : وهو أصح هذه الأقوال أن النبي داخل معهن صلوات الله وسلامه عليه وذلك أن الخطاب كان للنساء .. للنساء .. للنساء ثم لما تكلم عن البيت دخل سيد البيت وهو محمد صلى الله عليه وآله وسلم , فإذا دخل صلوات الله وسلامه عليه مع النساء في الخطاب فطبيعي جداً أن تلغى نون النسوة وتأتي بدلها ميم الجمع { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ } أي يا نساء النبي ومعكن سيدكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم  فهذا إذاًً معنى هذه الآية لماذا تأتي بميم الجمع ولم تأتي بنون النسوة , وتصح أيضاً لما قال الله عن إمرأة إبراهيم { رحمةُ اللهِ وبركاتُهُ عليكم أهل البيت } وهي إمرأة إبراهيم , إذاً لماذا جاء بميم الجمع هنا عليكم ولم يقل عليكن ولم يقل عليكِ أيضاً ؟؟ وإنما عليكم .. يريد أهل البيت يريد النص مراعاة اللفظ  .. واللفظ للأهل .

على كل حال إنّ نون النسوة هنا لم يُؤتَ بها لإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل معهن .

 

ما دلالتها كذلك أيضاً على التطهير , هو الله يريد أن يُذهبَ الرجس , يريد أن يُطهر  سبحانه وتعالى ,  طيب هل هم مطهرون خلقة أو يريد الله الآن أن يطهرهم ؟؟ , بدعوى القوم أنهم مطهرون خلقة , خُلِقوا مطهرين فإذا كانوا خُلقوا مطهرين فما معنى قول الله تبارك وتعالى { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ } بعد أوامر ونواهي قال يريد ليذهب عنكم الرجس أي طهركم وأذهب عنكم الرجس , إذاً ما معنى حديث الكساء وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم جللهم بالكساء ثم قال : ( اللهم هؤلاء هم أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم  تطهيراً ) يدعو لماذا ؟ وبماذا ؟ يدعو بذهاب الرجس الذي هو أصلاً هو ذاهب عنهم , هم مطهرون خلقة !! فكيف النبي يطلب من الله أن يُذهب عنهم الرجس !! تحصيل حاصل لا ينبغي أن يكون من النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

إذاً هذه الآية لا تدل على العصمة , كيف تدل على العصمة وعلي رضي الله عنه يقول ( فإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ ولا آمن من أن يقع مني ذلك ) الكافي ج8 ص 293 .

ويقول للحسن إبنه : ( ثم أشفقت أن يلتبس عليك ما إختلف الناس فيه من أهواءهم وأراءهم مثل الذي إلتبس عليهم ) نهج البلاغة ص 576 .

وقال له أيضا : (ً فأعلم أنك إنما تخبط خبط العشواء وتتورط الظلماء ) نهج البلاغة ص 577 . وقال له كذلك : ( فإن أشكل عليك من ذلك – يعني أمر – فأحمله على جهالتك به فإنك أو ل ما خُلقت جاهلاً   ثم عُلمتَ وما أكثر ما تجهل من الأمر ويتحير فيه رأيك أو يضل فيه بصرك ) نهج البلاغة ص 578 .

 

وهذا من يسمونه بالشهيد الثاني زين الدين بن علي العاملي يقول : ( فإن كثيراً منهم  ما كانوا يعتقدون بعصمتهم لخفاءها عليهم بل كانوا يعتقدون أنهم  علماء أبرار ) حقائق الأيمان ص 151 .

 

{ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ } ما هو  الرجس ؟؟

الرجس قال أهل اللغة : هو القذر , هو الذنْب , هو الإثم ,الفسق ,الشك ,الشرك , الشيطان .. كل هذا يدخل في مسمى الرجس .

وردت كلمة رجس في القرآن في مواضع عدة قول الله تبارك وتعالى : { يا أيها الذين إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان}

وقال سبحانه وتعالى { كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون } , وقال سبحانه وتعالى { قل لا أجد في ما أوحي إلي محرماً على طاعم  يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقاً أهل لغير الله به } وكذلك يقول الله جل وعلا عن الكفار من اليهود { قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب } ويقول { يحلفون بالله لكم إذا أنقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس } وغيرها جاءت في القرآن الكريم تبين معنى الرجس وهو الإثم , الذنْب , القذر , الشك , الشيطان , الشرك وما شابهها من المعاني .

ولذلك جاء عن جعفر الصادق رضي الله عنه ورحمه أنه قال { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ } قال :  هو الشك , وقال الباقر : الرجس هو الشك والله لا نشك بربنا , وفي رواية : في ديننا , وفي رواية لا نشك في الله الحق ودينه , هذا هو الرجس .

 

أذهب الله عنهم الرجس فكان ماذا ؟

هل كل من أذهب الله عنه الرجس يصير إماماً .. معصوما؟! .

الله سبحانه وتعالى يقول عن جميع المؤمنين , في أهل بدر لما كانوا معه  { إذْ يُغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجزَ الشيطان } وقُرأت رجس بالسين , هل صاروا معصومين إذاً , كل هؤلاء صاروا أئمة ثلاثمئة وبضعة عشر كانوا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم !!

هل كل من طهره الله سبحانه وتعالى يكون إماماً يقول الله جل وعلا {  ولكن يريد ليطهركم ويتم نعمته عليكم  لعلكم تشكرون } يقولها لجميع المؤمنين .

وقال سبحانه وتعالى { والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً } , الله يريد سبحانه وتعالى تنقسم إلى قسمين كما قال أهل العلم :

  • إرادة شرعية وهي ما يحبه الله و يرضاه – سبحانه وتعالى- .
  • إرادة كونية قدرية وهي ما يوقعه الله سبحانه وتعالى , والآية إنما هي فيما يحبه الله ولذلك سُبقت بأمر ونهي , { يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء}    { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} { وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } ثم قال بعدها { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ } أي مع هذه الأوامر وهذه النواهي يريد الله سبحانه أي يحب جل وعلى أن يُذهب عنكم الرجس إذا إلتزمتم  بفعل ما أمر وترك ما عنه نهى وزجر , فهذه إرادة شرعية يحبها الله ورسوله  , وهذه الإرادة الشرعية قد تقع وقد لا تقع ولذلك الله سبحانه وتعالى يقول : { والله يريد أن يتوب عليكم  0 ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيما } هل جميع الناس تاب الله عليهم ؟ لا  , منهم من غضب الله عليهم سبحانه وتعالى ومنهم من لعنه جل وعلا ومنهم من جعل منهم عبدة الطاغوت وجعلهم حطب جهنم وما تاب عليهم سبحانه وتعالى لأنها إرادة شرعية ليست قدرية .

 

أما الإرادة القدرية الكونية فهي التي يوقعها الله سبحانه وتعالى وهذه تقع على ما يحبه الله وما لا يحبه , ككفر الكافر مثلاً  هل كفر الكافر رغماً عن الله أو بإرادة الله ؟ , بإرادة الله سبحانه وتعالى , ما يقع شيء في هذا الكون إلا بإرادة الله سبحانه وتعالى { وما تشاءون إلا أن يشاء الله } سبحانه وتعالى فكفر الكافر ليس رغماً عن الله بل هو بإرادة الله القدرية الكونية سبحانه وتعالى وإن كان الله لا يحب هذا  - أي لا يحب أن يكفر الكافر -  , ولا يريد الله سبحانه وتعالى أن يمتنع إبليس عن السجود لآدم ولكن وقع هذا بإرادة الله الكونية القدرية وليس بإرادته الشرعية التي هي بمعنى المحبة – ما يحبه الله ويرضاه – ولذلك يحاسب الله على ترك إرادته الشرعية ولا يحاسب على ترك إرادته الكونية القدرية لأنه لا يستطيع أحد أصلاً أن يتركها  ولا يستطيع أحد أن يتجاوزها أعني إرادة الله الكونية القدرية .

 

ومن الأدلة التي إستدلوا بها على الإمامة والعصمة أدلة من السنة أي من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم  وذكرنا في بداية حديثنا أننا سنتكلم عن مجموعة من الأحاديث تسعة تقريباً أولها حديث الثقلين .. حتى أُلفت كتبت عناوينها تحمل هذا المضمون

 

حديث الثقلين :

 

ما هو حديث الثقلين , حديث الثقلين أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( وأنا تارك فيكم الثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله وأستمسكوا به )  , قال زيد : فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال : ( وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي ) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه .

ماذا فيه ؟ فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( إني تارك فيكم الثقلين ) الثقل الأول  كتاب الله وكما هو وارد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالأخذ به والتمسك به ثم الثقل الثاني وهم أهل بيته قال ( أذكركم الله في أهل بيتي , أذكركم الله في أهل بيتي , أذكركم الله في أهل بيتي ) .

ظاهر الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم يأمر برعاية حقوق أهل بيته صلى الله عليه وآله وسلم ولكنهم لا يتوقفون عند هذا الحديث أعني حديث زيد بن أرقم وإنما يتجاوزون ذلك إلى حديث أم سلمة  وحديث علي وحديث أبي سعيد الخدري , أما حديث علي رضي الله عنه ففيه ( إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله سببه بيد الله وسببه بإيديكم وأهل بيتي ) ظاهره أنه أمر بالتمسك بأهل بيته وهذا أخرجه بن أبي عاصم في السنة , ولكن مشكلته أنه لا يصح   حيث ان في رواته سفير بن زيد ضعفه أبو حاتم والنسائي وأبو زرعة ويعقوب بن شيبة  وبن المديني فلا يمكن الإستدلال بمثل هذا الحديث , ندعه ونأخذ الحديث الذي بعده وهو حديث أبي سعيد الخدري  وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إني قد تركت الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ألا إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) وهذا أخرجه أحمد والترمذي وأبو يعلا وبن أبي عاصم ولكن هذا أيضاً فيه عطية العوفي ضعفه أحمد وأبو حاتم والنسائي وغيرهم بل هو متفق على ضعفه عند أهل العلم إذاً لا يسلم هذا أيضاً .

 

الحديث الرابع وهو حديث زيد بن ثابت وفيه ( إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض أو ما بين السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ) أخرجه أحمد والطبراني وفيه القاسم بن حسان وثقه أحمد بن صالح والعجلي وذكره بن حبان في الثقات  وضعفه البخاري وبن قطان وسكت عنه بن أبي حاتم وضعفه الذهبي وقال بن حجر مقبول وفيه شريك بن عبد الله  وهو سيء الحفظ  .

 

الحديث الخامس حديث جابر بن عبد الله ( يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ) أخرجه الترمذي والطبراني وفيه زيد بن الحسن الأنماطي قال أبو حاتم مُنْكر الحديث وكذا قال الذهبي وقال بن حجر ضعيف .

 

من هذه الروايات يظهر لنا أن حديث الثقلين إنما يصح من رواية زيد بن أرقم رضي الله عنه وليس فيه شيء من الأمر بالتمسك بالعترة  , وإنما فيه الأمر برعاية حق العترة , والأمر إنما هو في التمسك بكتاب الله لذا جاء حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه في صحيح مسلم ( وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده أبداً  إن إعتصمتم به  كتاب الله ) فقط ولم يتطرق لأهل البيت ولا للعترة وهذا رواه جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر  عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم , وحديث الأمر بالتمسك بالعترة ضعفه أحمد وبن تيمية , نعم صححه بعض أهل العلم كالألباني وغيره ولكن العبرة بما يكون فيه البحث العلمي وهو أن هذا الحديث لا يصح علمياً  من حيث النظر إلى الأسانيد والدلالات و هذه منهجية أهل السنة والجماعة وأنهم لا يقلدون أحداً في مثل هذه الأمور  بل يتبعون بحسب القواعد الموضوعة .

 

صح هذا الحديث فكان ماذا ؟ سلمنا بصحته فكان ماذا ؟ أمر بالتمسك بالثقلين , من هم الثقلان ؟ كتاب الله وعترة النبي صلى الله عليه وآله وسلم  , يقول بن الأثير ( سماهما الثقلين لإن الأخذ بهما  والعمل بهما ثقيل ويُقال لكل خطير نفيس ثَقَل فسماهما ثقلين إعظاماً لهما وتفخيماً لشأنهما ) قاله بن الأثير ج1 ص 216  في غريب الحديث .

ومعنى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بحفظ حقوقهم  , ولذلك الصحابة رضي الله عنهم أعطوا الثقلين حقهم  , هذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه يقول : ( إرقبوا محمداً في أهل بيته ) وهذا أخرجه البخاري في صحيحه وقال : ( والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصِلَ من قرابتي ) أخرجه البخاري كذلك في صحيحه .

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه أُمروا بالتمسك بأشياء أخرى قال الله تبارك وتعالى : ( ومن يشاقق الرسول .. ( إنقطع تسجيل كلام الشيخ من نفس المصدر فلم يكمل الآية هنا ) .

 

نهاية الشريط الثاني .

 

 

 

 

 

الشريط الثالث

 

ومن الأدلة التي يستدلون بها

 

حديث الإثني عشر :

 

وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يكون بعدي إثنا عشر خليفة كلهم من قريش ) وفي روايات أخرى لهذا الحديث عند أهل السنة والجماعة  في الصحيحين وغيرهما ( لا يزال أمر هذا الدين قائماً حتى يلي إثنى عشر خليفة كلهم من قريش ) هذا الحديث يستدلون به على إمامة الأثني عشر  عندهم , فهل الأثني عشر  في الحديث الشريف  هم الأثنى عشر الذين يقول الشيعة إنهم أئمتهم ؟ وإنهم هم المقصودون في هذا الحديث أو لا؟ .

هذه دعوى للنظر هل هذه الدعوى صحيحة أو غير صحيحة , من هم أئمة الشيعة الأثنى عشر  نعدهم :

  1. علي بن أبي طالب .
  2. الحسن بن علي .
  3. الحسين بن علي .
  4. علي بن الحسين .
  5. محمد بن علي بن الحسين ( الباقر ) .
  6. جعفر بن محمد ( الصادق ) .
  7. موسى بن جعفر ( الكاظم ) .
  8. علي بن موسى ( الرضا ) .
  9. محمد بن علي ( الجواد ) .
  10. علي بن محمد ( الهادي ) .
  11. الحسن بن محمد العسكري .
  12. محمد بن الحسن وهو المهدي .

يقولون هؤلاء هم الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم : ( يكون بعدي إثنى عشر خليفة ) قلنا فلننظر هل هذا الكلام صحيح أو غير صحيح ؟ .

نقول أولاً جاء في كتب القوم  أن الأئمة ثلاثة عشر , في الكافي مثلاً عن أبي جعفر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي : ( إني وأثني عشر إماماً من ولدي وأنت يا علي سر الأرض ) الأثنى عشر غير علي أي ثلاثة عشر هؤلاء وهذا في الكافي ج 1 ص 534 .

وجاء كذلك عن جابر أنه قال دخلت على فاطمة وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها فعددت إثني عشر  آخرهم  قائمهم  . إذا كلمة أثني عشر هذه كلمة غير صحيحة ولذلك جاء في حديث جابر هذا أنه قال : ( فعددت إثني عشر آخرهم قائمهم ثلاثة منهم محمد وثلاثة منهم علي ) من هم محمد , محمد الباقر , محمد بن علي ( الجواد), محمد بن الحسن ( المهدي ) , من هم الثلاثة علي ؟ , علي بن الحسين ( السجاد ) , علي بن موسى ( الرضا ) , علي بن محمد (الهادي ) وهذا في الكافي ص 532 .

إذاً هم ثلاثة عشر ولذلك ذكرت بعض كتب الشيعة التي تكلمت عن الفرق أن هناك فرقة من فرق الشيعة تسمت بالثلاثة عشر يعني إعتقدت بثلاثة عشر إماماً من هذان الحديثان الموجودان في الكافي يقولان أن الأئمة ثلاثة عشر وليسوا إثني عشر كما يقولون .

 

وهنا نقطة مهمة جداً في هذه المسألة , هم يقولون نحن الأثنى عشر وأئمتنا هم فلان وفلان وفلان .. الذين ذكرناهم الآن .. طيب النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بهذا  في زمنه بينما نجد أن كبار رواة الشيعة الذين عاصروا الباقر وعاصروا الصادق , الباقر قلنا هو الخامس والصادق هو السادس ولهما تلاميذ أتباع رواة ما كانوا يعرفون أن الأئمة أثنا عشر ولذلك كان الإختلاف يقع بينهم كآل زرارة  لما حضره الموت قال ( ليس لي إمام وأشار إلا هذا الكتاب وأشار إلى القرآن ) رجال الكشي ص 139 .

 

ونجد أن أقطاب الشيعة الكبار زرارة بن أعين , هشام بن سالم الجواليقي و محمد بن النعمان الأحول ( شيطان الطاق ) , عمار الساباطي هؤلاء يذهبون ويبايعون عبد الله بن جعفر ‍‍‍‍!! ولم يبايعوا موسى بن جعفر بل بايعوا عبد الله بن جعفر الذي هو الأفطح , ولذلك ذكر النوبختي وغيره أن جل رواة الشيعة فطحية لأن جل الروايات عندهم عن جعفر الصادق ومحمد الباقر وجل أتباع محمد الباقر وجعفر الصادق إتبعوا بعد ذلك عبد الله بن جعفر وبايعوه  وهو الأفطح ولذلك قالوا جل رواتنا فطحية  , وهذا هشام بن سالم يقول : ( رجعنا من عبد الله بن جعفر  ضلالاً لا ندري إلى أين نتوجه ولا من نقصد ) الكافي ج 1 ص 351  .

إذاً قضية أنهم إثنى عشر  ومحسومون  وأخبر بهم النبي صلى الله عليه وسلم هذا ما كان يعرفه الشيعة الكبار ولذلك فرق الشيعة لم تقل بالأثني عشر , متى جاءت تسمية فرقة الأثني عشر ؟ ..

الأمام جعفر الصادق ما فيه شيء إسمه الأثني عشر وقبله من باب أولى أيام محمد الباقر وعلي بن الحسين والحسن والحسين وعلي ما كان فيه شيء إسمه الفرقة الأثني عشرية .. فيه شيعة , أيام علي بن الحسين شيعة , أيام الباقر شيعة , أيام جعفر شيعة , أيام موسى الكاظم شيعة , أيام علي الرضا شيعة فقط  ما فيه شيعة أثنا عشر أبداً وكذا في زمن الجواد والهادي وزمن العسكري شيعة , متى خرجت هذه الفرقة ؟  ..

لما مات الحسن العسكري ولم يكن له ولد صُدموا ماذا نصنع ؟ ما عنده ولد ونحن قلنا الإمامة مستمرة ماذا نصنع ؟ ... قالوا ألفوا له ولد .. ألفوا له ولداً .. ما صدقهم أحد لذلك أخذت أمه الميراث مع أخيه جعفر , ما ظهر له ولد أصلاً , دعوى باطلة , ولذلك هم يردون على الإسماعيلية أنه ليس لإسماعيل بن جعفر ولد ... ويردون على الفطحية والفطحية يردون عليهم وهكذا ..

 

فهنا كذلك يُقال لهم في دعوى أنه ليس له ولد , من يقول أنه ليس له ولد ؟ ولذلك نقول مت جاءت الفرقة الأثنا عشرية .. أيام علي بن أبي طالب مافيه شيء إسمه الفرقة الأثنا عشرية ولا أيام الحسن ولا أيام الحسين رضي الله عنهم أجمعين ولا كذلك أيام علي بن الحسين ولا محمد البقر ولا جعفر الصادق رضي الله عنهم , بل ولا أيام موسى الكاظم ولا علي الرضا ولا محمد الجواد رضي الله عنهم مافيه شيء إسمه فرقة الأثنا عشرية , بعد الجواد علي الهادي والحسن العسكري لا توجد كذلك فرقة إثنا عشرية طيب لماذا لم يُتبنى هذا الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم في بداية الأمر ! , لماذا تُبنيى بعد ذلك ؟ أتدرون لماذا ؟ .. لأنه مات الحسن العسكري وليس له ولد .. ماذا يصنعون ؟ من أين يأتون له بولد , إدعوا ولداً .. ما صدقهم الناس ولذلك أخذت أمه ميراثه مع أخيه أعني ميراث الحسن العسكري , أين الولد قالوا ولد غائب , وطبيعي جداً أن يكون غائباً لأنه لا يمكن أن يحضر لأنه ليس موجوداً أصلاً  , طيب هذا الولد أليس له ولد ؟ طبيعي جداً أن لا يكون له ولد لأنه أصلاً لم يُخلق فكيف يُخلق له ولد ؟ !!  فكان لا بد إذاً أن يقفوا عند الأثني عشر .. ولذلك تسموا بالأثني عشرية , ثم بعد ذلك إما أن يكون سول لهم الشيطان – أعني شيطان الجن -  أو شيطانهم من شياطينهم من شياطين الإنس فوجد حديثاً للنبي صلى الله عليه وسلم يخبر فيه صلوات الله وسلامه عليه أن يكون بعده إثنا عشر خليفة فقالوا بس .. أثنا عشر وأثنا عشر الرقم نفس الرقم إذاً النبي يخبر عن الثاني عشر .. هذا لا شك أنه لعب بكتاب الله جل وعلا ولعب بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ولعب على عقول الناس .

 

ولذلك جاءت روايات كثيرة عند الشيعة أن القائم ليس هو محمد بن الحسن المهدي هذه رواية مثلاً تقول : ( تابعون قائمون ) الكشي ص 373  وقال جعفر عن المهدي

( سمي فالق البحر ) الغيبة 46  وقال أيضا ( إسمه على إسم حديدة الحلاق ) الغيبة 47

لو نظرنا من السابع ؟ موسى الكاظم عدوا معي :

علي

الحسن

الحسين

علي بن الحسين

محمد بن علي

جعفر

موسى

 

موسى هو السابع من هو سمي فالق البحر .. موسى نبي الله موسى , من الذي إسمه على إسم حديدة الحلاق الموس .. موسى إذاً هذا هو القائم , ما كان عندهم شيء إسمه الثاني عشر  .. القائم السابع من وين جاءت الثاني عشر ؟!!

 

وكذلك الحديث فيه يقول : ( لا يزال أمر هذا الدين قائماً ما ولي إثنى عشر خليفة ) الثاني عشر هم يزعمون و يدعون أنه موجود حالياً من سنة 260 ه , عندما مات الحسن العسكري هم يدعون أنه ولد عام 256 من سنة 260 هو موجود .. النبي صلى الله عليه وآله وسلم ماذا يقول ؟ قال (لا يزال أمر هذا الدين قائماً ) ( لا يزال الدين منيعاً ) ( لا يزال الدين عزيزاً ما ولي إثنا عشر خليفة  )  طيب وين هذا هل ترون  الآن منذ سقوط الخلافة إلى يومنا هذا هل الدين عزيز ؟؟!! أنظروا إلى أحوال المسلمين اليوم .. هل الذين عزيز ؟ , هل الذين منيع ؟  هل الإسلام عالٍ في الأرض ... أين إذاً حديث النبي صلى الله عليه وسلم  نكذب النبي أو نكذب الذين يزعمون هذه الدعوى يدعونها زوراً ويقولون إنه أخبر النبي بالأثني عشر بهذا الحديث ! .

 

كذلك هم يقولون أن أئمتهم كانوا يتقون وكانوا مستترين وكانوا خائفين والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ( الدين منيع ) الدين قوي !!

أين الدين قوي والدين منيع مع خوف وإستتار  .. إذا كان القائم على الدين خائفاً مستترا متقياً فكيف يكون الدين قائما عزيزا منيعاً  ؟!  .

ثم إن الحديث ليس فيه حصر يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه في أثناء خلافة إثني عشر خليفاً  يكون الدين منيعاً  , هل قال النبي صلى الله عليه وسلم  ولن يحكم غيرهم , وسيتوقف الأمر عند هؤلاء وستقوم القيامة على الثاني عشر من هؤلاء , ما فيه أي شيء من هذا الحديث أبداً , الحديث يتكلم بخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور المستقبلية , وكما قال سبحانه وتعالى { عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا 26 إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا 27 لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا 28 } فيخبر الله جل وعلا نبيه ببعض غيبه ويخبر النبي صلى الله عليه وسلم ببعض ما يقع , وهذا من علامات صدق النبي صلوات الله وسلامه عليه .

 

كذلك النبي قال : ( كلهم من قريش ) وهم يقولون كلهم أولاد علي بن أبي طالب , نحن نعلم علم اليقين لا مرية عندنا في هذا أبداً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وصدق أنه أوتى جوامع الكلم , فهل الذي أوتى جوامع الكلم يقول كلهم من قريش وهم من أولاد علي أصلاً , وهو كما نعلم علم اليقين كذلك أنه أنصح الناس للناس صلوات الله وسلامه عليه , نصوح .. كيف يضيعنا ! كيف يقول من قريش وهو يريد علياً وأبناءه , كان يقول علي وأبناء علي وأنتهى الأمر , بل يذكر أسماءهم وينتهي الأمر لكن يقول كلهم من قريش ويعمي المسألة على الناس لماذا !؟ نحن لا نؤمن بذلك أبداّ .. لو كان النبي يريد علياً وأولاده كان يقول علي وأولاده , ولذلك لو جئت أنا وقلت مثلاً سأعطي كل عربي مئة دينار فجاءني العرب إجتمعوا على بابي ماذا تريدون ؟

 قالوا نريد مئة دينار  , كل واحد منا يريد مئة دينار ..

قلت لا عفواً أنا سأعطي الليبيين فقط ..

 لماذا تعطي الليبيين فقط  ..؟

 قلت الليبيين عرب ..

قالوا : ونحن عرب ! ..

 قلت طيب أنا ما أخطأت ..

 قالوا : ولكنك لم تحسن الكلام لو كنت تحسن الكلام لقلت سأعطي كل الليبيين ولا يحتاج أن نأتي أصلاً  ..

قلت طيب أنا آسف لكن لن أعطي إلا الليبيين إسمحوا لي بارك الله فيكم ..

 فرجعوا فإجتمع عندي الليبيون فقالوا : صفا لنا الجو  ..

قلت ماذا تريدون ؟

قالوا : كل واحد مئة دينار ..

قلت : لا أنا سأعطي فقط أهل طرابلس .. أما غير أهل طرابلس عفواً لن أعطيهم شيء ..

قالوا :لماذا ؟

قلت : أنا أريد أعطي فقط أهل طرابلس ..

قالوا : أنت قلت كل الليبيين ..

قلت : طيب أهل طرابلس ليبيين أو ما هم ليبيون ؟ ..

قالوا : أحسن الكلام .. أنت في الأول أحرجتنا مع العرب والآن أحرجتنا مع أنفسنا وأخرجتنا من الحسبة وضيعت علينا وقتنا .. كان قلت من أول سأعطي أهل طرابلس وإنتهى الأمر  ..

قلت طيب أنا آسف إسمحوا لي وأعطيت أهل طرابلس ..

فأنا هل أُلام على إختيار مثل هذه الكلمات أو لا  أُلام  ؟؟ .. أتريدون أن ننسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( كلهم من قريش ) وهو يريد علياً وأبناءه ؟! .. أليس كان من الأفضل أن يقول ( كلهم من بني هاشم ! ) وحتى هذه ما تصلح لإن بني هاشم كثيرون مشكلة هذه .. إذاً كان يجب على النبي صلى الله عليه وسلم  أن يقول ( كلهم أولاد علي ) ويحددهم بأسماءهم  يقول الحسن والحسين لإن علي له تسعة عشر ولداً رضي الله عنه وذرية الحسين دون الحسن  حدد هكذا حتى نقول أوتى جوامع الكلم صلوات الله وسلامه عليه .. ولكن الأمر ليس كذلك .. الأمر أن النبي قال : ( كلهم من قريش ) ونحن نعتقد يقيناً أن النبي أوتى جوامع الكلم وأن الذين زعموا على النبي أنه لم يؤتَ جوامع الكلم  نؤمن يقيناً كذلك أن قولهم مردود لا نقبل قولهم أبداً  لأنهم يريدون أن يطعنوا في نبينا ونحن لا نقبل هذا في نبينا صلوات الله وسلامه عليه .

 

القضية إذاً هم إستدلوا العدد على العدد فقط ! أثنى عشر خليفة ونحن نؤمن بأثني عشر إذاً هؤلاء هم هؤلاء إنتهى الأمر  .. نقول فاتكم أنه جاء في حديث مسلم 

( سيكون في أمتي إثنا عشر منافقاً ) .. هذه مشكلة إذا كانت قضية قضية العدد يوافق فكيف توفقون بين هذه وهذه وتلك إثني عشر خليفة وإثنى عشر إمام وإثنى عشر منافق ؟؟ هل كل أثنا عشر هي في أئمتكم أو لا تدبروا هذا الأمر .

 

لو رجعنا إلى كتاب الله جل وعلا  ما وجدنا أن الله جل وعلا نص على إمامة أحد منهم أبداً , وقد مر بنا أدلتهم من القرآن وبينا أنه لا يصح منها شيء , أين كتاب الله جل وعلا عن الإمامة التي هي عندهم أهم من الصلاة وأهم من الزكاة وأهم من الحج وأهم من كل شيء ما ذكرها الله سبحانه وتعالى ولا نص على هؤلاء الأئمة الأثني عشر في كتابه العزيز , لما لم ينص الله تبارك وتعالى على هذا مع أهمية هذا الأمر هو عندهم أهم ركن من أركان الإسلام .

ذكر الله جل وعلا الرسل ورسالاتهم , ذكر الله تبارك وتعالى أحوالهم مع أممهم ولم يذكر شيئاً أبداً عن هؤلاء الأئمة لا من قريب ولا من بعيد أتقصير من الله أو دعواهم باطلة إختر أي الأمرين شئت .

 

ولذلك زيد بن علي بن الحسين رضي الله عنه وزيد هذا أخو محمد الباقر عم جعفر الصادق , بن علي زين العابدين , تنتسب إليه طائفة الزيدية , زيد بن علي بن الحسين يقولون إنه جلس مع مؤمن الطاق , ويسميه أهل السنة شيطان الطاق محمد بن النعمان  , فقال له :  يا أبا جعفر , بعد أن بعث إليه وكان مستخفياً , أخرج معي ساعدني فيما خرجت إليه فقال له شيطان الطاق أو مؤمن الطاق كما يحبون أن يسموه قال :  إن كان الخارج أباك أو أخاك فنعم خرجت معك أما أنت فلا  . قال يا أبا جعفر – يعني الأحول هذا - : كنت أجلس مع أبي على الخيوان – طاولة الطعام -  فيلقمني اللقمة السمينة ويبردها لي شفقة عليّ ولم يشفق علي من حر النار حيث أخبرك بالإمامة ولم يخبرني أنا !!! – أن الإمام بعد علي محمد وبعد محمد جعفر – ما أخبرني أبي بهذا على شفقته عليّ وحبه لي , قال : جُعلت فداك من شفقته عليك من حر النار لم يخبرك , خاف عليك ألا تقبل فتدخل النار , وأخبرني أنا فإن قبلت نجوتُ  وإن لم أقبل فلي ان أدخل .

هذا منطق !! , هذا عقل ! لا يخبر ولده بالإمامة لأهم ركن من أركان الدين ويخبر الأجنبي البعيد ! ولذلك أصاب أهل السنة عندما سموه شيطان الطاق , الذي يتكلم هكذا مع واحد من أئمة أهل البيت وهو زيد بن علي بن الحسين .

 

كذلك هناك قضية مهمة .. هناك شخص إسمه محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب هذا يُقال له النفس الزكية سنة 130 ه خرج هذا الرجل وقال إنه هو المهدي وتبعه أقوام كثير ومن أهل البيت وهذا جد أبيه الحسن بن علي بن أبي طالب , ليست القضية في خروجه , القضية في أن جعفر الصادق الذي هو في منزلته أمر ولديه موسى الكاظم وعبد الله الأفطح أمرهما أن يخرجا معه تابعين له فإنظما إلى ثورته وهذا في مقاتل الطالبيين ص 244  , مع أنهم يروون ( أن كل بيعة قبل ظهور القائم  فبيعته كفر ونفاق وخديعة لعن الله المبايِع والمبايَع له ) بحار الأنوار ج 53 ص 8 .

 

أحاديث المهدي لو نظرنا إليها في كتب الشيعة لوجدناها لا تُحصى من كثرتها لا أقول مئات تتجاوز المئات ومع هذا نجد أن جل فرق الشيعة لا تؤمن بالمهدي لماذا ؟ خاصة القديمة , الفطحية لا تؤمن بالمهدي , الناووسية لا تؤمن بالمهدي , البترية لا تؤمن بالمهدي , الصالحية لا تؤمن بالمهدي , الكيسانية لا تؤمن بالمهدي , الإسماعيلية لا تؤمن بالمهدي , الجعفرية القديمة لا تؤمن بالمهدي , الموسوية القديمة لا تؤمن بالمهدي ..

 

هذه الأحاديث الكثيرة , لماذا كلهم يغفلون عنها بل رواة أحاديث الشيعة الكبار هذه أسمائهم :

عمار الساباطي , عبد الله بن أبي يعفور , أبان بن تغلب , هشام بن الحكم , جميل بن دراج , هشام بن سالم , محمد بن نعمان وظف إليهم زرارة وأسال إن شئت أو إقرأ في رجال الكشي عن هؤلاء ماذا يكونون في رواة الشيعة  ؟ ‍!  . كل هؤلاء يضيعون بعد  جعفر الصادق لا يدرون إلى أين يتوجهون لماذا ؟ لأنه ما توجد  مثل هذه الروايات كلها روايات متأخرة موضوعة بعد ذلك كُذبت بعد ذلك , ولذلك هذا البياضي مثلاً  عالمهم يقول: ( إن علياً لم يذكر النص للصحابة على نفسه لسببين , لو ذكر ثم أنكروه لكفروا ولم يرد ذلك , أنهم قصدوا في الشورى تقديم الأفضل فشارك ليعترفوا بأنه الأفضل فقط  ) إذاً هذا البياضي يعترف أنه ما فيه نص لعلي  , علي لم يذكر النص لنفسه فكيف يكون ذُكر النص لأحد عشر  من ولده , وإذا كانت الإمامة نصاً في الإثني عشر هؤلاء لماذا تنازل الحسن لمعاوية , إسألوا علمائكم ! والله نريد لكم الخير إسألوهم لماذا تنازل الحسن لمعاوية وهو إمام منصوص من عند الله تبارك وتعالى لماذا تنازل يقولون لأن الإمامة ليست في الحكم  ليس الحكم شرطاً يمكن أن يكون إمام وليس بحاكم , إذاً لماذا خرج الحسين على يزيد , كان الحسين إمام وليس بحاكم لماذا خرج على يزيد ؟! إذا كانت القصية الإمامة لا شأن لها بالحكم أو لايلزم من الإمامة الحكم , طيب الحسين يقول كذلك لا يلزمني الحكم ويظل إماماً بدون أ، يخرج على يزيد .. لماذا خرج على يزيد ؟! سلوهم ..

 

لكن أيضاً إسألوهم سؤالاً آخر , لماذا خرج الحسين على يزيد ولم يخرج على معاوية ؟ , مع أنه عاش خلافة معاوية بعد موت الحسن إحدى عشرة سنة بعد الحسن , سنة 49 توفي الحسن رضي الله عنه وأنتهت خلافة معاوية رضي الله عنه سنة 60 , من سنة 49 إلى سنة 60 الحسين لم يحرك ساكناً ضد معاوية وإنما خرج على يزيد ولم يخرج على معاوية ..

فكروا لماذا ؟

إما أن تقولوا أن معاوية كان رجلاً صالحاً فهذه جيدة نقبلها منكم , ويزيد ليس بصالح لاشيء فيها هناك كثير من علماء السنة يقولون يزيد ليس بصالح , أنا أقول لك يزيد ليس بصالح لكن لا نسبه نحن لا نتقرب إلى الله بسبه  , لكن بدون شك هناك بكثير  من هم أصلح منه وأولى منه بالخلافة , لكن لماذا لم يخرج الحسين على معاوية .. ولماذا تنازل الحسن لمعاوية والإمامة نص للأثني عشر ؟! , إما أن نقول إن  فعلهم خطأ وإما أن نقول أنه لا يوجد نص وهذا هو الصحيح إنه لا يوجد نص صحيح على شيء إسمه إثني عشر .

 

إذاً كان الأمر شورى  كما قال علي رضي الله عنه : ( إنما الشورى للمهاجرين والأنصار فإن إجتمعوا على رجل وكان لله إماماً كان ذلك لله رضا ) نهج البلاغة ص 367  .

وقال : ( بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان فلم يكن للشاهد أن يختار  ولا للغائب أن يرد ) نهج البلاغة ص 366 .

 

وقال كذلك لمن جاءه يطلبه أن يكون خليفة قال : ( دعوني وألتمسوا غيري فإننا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول وإن تركتموني فإني كأحدكم ولعلي أسمعُكم وأطوعُكم لمن وليتموه أمركم وأنا  لكم وزيراً خير لكم مني أميراً ) نهج البلاغة ص 336 .. يغش الناس ؟ لا والله ما يغش الناس  رضي الله عنه وأرضاه .

 

ومن الأدلة التي إستدلوا بها كذلك ما يسمى بحديث الغدير ..

 

حديث الغدير :

 

أي غدير ؟ غدير خم وهو غدير قريب من الجحفة بين مكة والمدينة , وكان هذا في حجة الوداع في رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من الحج قبيل وفاته بثلاثة أشهر تقريباً  .

هذه الحادثة أخرجها الإمام مسلم في صحيحه من حديث زيد بن أرقم قال : [  قام رسول الله فينا خطيباً بماء يُدعى خما بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه وأثنى عليه ووعظ وذَكّر  ثم قال : ( أما بعد ألا يا أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور  فخذوا بكتاب الله وأستمسكوا به ) قال : فحث على كتاب الله ورغّب فيه ثم قال : ( وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي ,أذكركم الله في أهل بيتي , أذكركم الله في أهل بيتي ) قال حصين الراوي عن زيد ومن أهل بيته يا زيد أليس نساءه من أهل بيته قال : نعم ولكن أهل بيته  من حُرم الصدقة بعده . قال : ومن هم ؟ قال : هم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس  . قال : كل هؤلاء حُرم الصدقة ؟ , قال : نعم . ] أخرجه الإمام مسلم في صحيحه .

 

جاءت زيادات لهذا الحديث عند أحمد والنسائي والخصائص والترمذي وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ذلك المكان : ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) وجاءت كذلك زيادات أخرى منها ( اللهم والي من ولاه وعاد من عاداه وأنصر من نصره وأخذل من خذله وأدر الحق معه حيث دار ) يمكننا أن نقسم هذا الحديث إلى أربعة أقسام  .

 

القسم الأول : ما جاء في حديث مسلم وهو ليس فيه من كنت مولاه فعلي مولاه .

القسم الثاني : الزيادة خارج مسلم وهي عند كما قلنا الترمذي وأحمد والنسائي والخصائص  وغيرهم و هي التي فيها زيادة  ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) .

 

القسم الثالث :  زيادة أخرى عند الترمذي وأحمد وهي ( اللهم والي من ولاه وعاد من عاداه) .

 

القسم الرابع : وهي زيادة عند الطبراني وغيره (وأنصر من نصره وأخذل من خذله وأدر الحق معه حيث دار ) .

 

أما القسم الأول فهو في صحيح مسلم ونحن مسَلّمون بكل ما في صحيح مسلم .

القسم الثاني وهو  ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) فهذا حديث صحيح عند الترمذي وأحمد إذ لا يلزم أن يكون الحديث الصحيح فقط عند مسلم والبخاري والصحيح أن هذا حديث صحيح جاء عند الترمذي وأحمد وغيرهما .

 

أما زيادة ( اللهم والي من ولاه وعاد من عاداه) فهذه إختلف فيها أهل العلم , هناك من أهل العلم من صححها وهناك من ضعفها حتى الأولى قوله( من كنت مولاه فعلي مولاه ) هناك من  ضعفها كإسحاق الحربي وبن تيمية وبن حزم  وغيرهم .

 

أما الزيادة الأخيرة وهي (وأنصر من نصره وأخذل من خذله وأدر الحق معه حيث دار ) هذه كذب محض على النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

 

هذا الحديث يستدلون به على خلافة علي بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة  بدلالة ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) قالوا المولى هو الحاكم والخليفة إذاٍ علي هو الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مباشرة .

 

أولا نريد أن نعرف لما قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلام لعلي ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) وهل أوقف الناس في هذا المكان ليقول هذا الكلام  أو أنه أوقفهم لشيء آخر .. لابد أن نعلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان راجعاً في سفره من مكة إلى المدينة بعد أن أنهى حجه صلوات الله وسلامه عليه , رحلة السفر كما هو معلوم  تستغرق ما بين خمسة إلى سبعة أيام  وكان من عادة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا سافر أن يمشي في الليل ويرتاح في النهار , فهذه كانت مرحلة من مراحل السفر التي كان يتوقف فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم , إذا لم يتوقف ليقول هذا الكلام  وإنما توقف لأن هذه من عادته وهذا أمر طبعي لأنه مستحيل أن يسيروا خمسة أيام متصلة معهم نساء ومعهم رجال وقادمون من حج و ما ورائهم شيء آخر  , فطبيعي جداً أن  يرتاح النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مراحل السفر , فكان يرتاح في النهار ويسير في الليل صلوات الله وسلامه عليه كما قلنا , إذا لم يتوقف ليقول هذا الكلام .

 

القضية الثانية لما قال هذا الكلام ؟ لما قاله في علي , هم يقولون قاله يريد الخلافة ! يريد أن علياً هو الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نحن  نقول لا ليس الأمر كذلك .. لماذا نحن نقول لا ؟ .. لإمور  .. ما قلنا هذا رداً لخلافة علي رضي الله عنه أبداً , نحن نتقرب إلى الله بحب علي رضي الله عنه , ولكن نرد هذا لأن هذا ليس بحق , لماذا ليس بحق ؟ ..

نقول أولاً لو كان النبي صلى الله عليه وسلم يريد خلافة علي كان يقول هذا في يوم عرفه الحجاج كلهم مجتمعون , هناك يقول هذا الكلام صلوات الله وسلامه عليه , حتى إذا غدر أهل المدينة شهد له باقي المسلمين من غير أهل المدينة , هم يقولون النبي كان خائفاً !! أن يبلغ هذه الخلافة , يخاف أن يُرَد قوله , يخاف من أهل المدينة ثم يترك الناس كلهم ويخاطب أهل المدينة فقط !!  ما هذا التناقض ؟ لا يُقبل مثل هذا الكلام .

 

ثم لماذا يخاف النبي صلى الله عليه وسلم يخاف ممن من الصحابة !! الذين تركوا أموالهم وأولادهم وديارهم وهاجروا في سبيل الله , الذين قاتلوا في سبيل الله , الذين شاركوا في بدر وأحد  والخندق والحديبية وخيبر  وحنين وفتح مكة وتبوك هؤلاء هم الذين يخاف منهم النبي صلى الله عليه وسلم !! , بذلوا المُهَج بذلوا الأموال في سبيل الله سبحانه وتعالى ثم بعد ذلك يخاف منهم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم ما يقبلون خلافة علي رضي الله عنه .

على كل حال وجهة نظرنا نحن لماذا قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذا الكلام لأهل المدينة خاصة ومن جاورها ولم يقل هذا الكلام لأهل الحج كلهم من أهل المدينة وغيرهم خاصة إذا علمنا أن غدير خم يبعد عن مكة قريباً من 250 كيلو متر , ولذلك لجهله بهذا المكان يقول : قال النبي في مجتمع الحجيج !! أي مجتمع الحجيج ؟! مجتمع الحجيج مكة مجتمع الحجيج عرفة ليس في غدير خم يبعد عن مكة 250 كلم   وهو أقرب من المدينة منه إلى مكة وبين مكة والمدينة 400 كلم .

 

إذاً خص النبي أهل المدينة.. لِمَ خص أهل المدينة قال أهل العلم لسببين :

 

السبب الأول : النبي  صلى الله عليه وسلم قبل أن يخرج إلى الحج كان في المدينة وكان قد أرسل خالد بن الوليد إلى اليمن في قتال , إنتصر خالد بن الوليد في جهاده أرسل إلى النبي  صلى الله عليه وسلم أنّا إنتصرنا وعندنا غنائم فأرسل إلينا من يخَمِّس هذه الغنائم فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب إلى اليمن  ليخمس الغنائم ثم أمره أن يدركه في مكة في الحج , إذا النبي في المدينة وعلي في المدينة ثم أمر علياً أن يخرج إلى اليمن والموعد مكة , ذهب علي إلى اليمن وصل إلى الغنائم قُسمت الغنائم كما هو معلوم إلى خمسة أقسام أربعة أخماس للجنود للذين قاتلوا للذين فتحوا للذين جاهدوا وخمس واحد يقسم إلى خمسة أخماس خمس لله والرسول , خمس لذوي القربى , خمس لليتامى , خمس للمساكين , خمس لأبن السبيل , قُسمت الغنائم .. الآن علي سيذهب إلى مكة يلتقي بالنبي صلى الله عليه وسلم هناك في حجة الوداع , الذي وقع أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه    أخذ الخمس الذي لذوي القربى وهو سيد ذوي قربى النبي صلى الله عليه وآله وسلم , والخمس عبارة عن ماذا ؟ عبارة عن أموال , بهائم كالخيل والبغال والإبل والبقر والغنم وسبي من نساء وأطفال ورجال .. ماذا صنع علي رضي الله عنه ؟ أخذ إمرأة من السبي فدخل عليها – يعني جامعها – فغضب بعض الصحابة كبريدة بن الحصين .. كيف علي يفعل ذلك !! يأخذ إمرأة من السبي ومن نصيب ذوي القربى من نصيب النبي  صلى الله عليه وسلم هناك يوزعه في المدينة ليس هنا‍ ‍! .. فأخذ إمرأة من السبي ودخل بها وخرج وقد إغتسل فغضب بريده فذهب إلى النبي في المدينة صلوات الله وسلامه عليه فقال يا رسول الله : حصل كيت وكيت وذكر له ما وقع من علي , لم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم , فرجع بريده وقال : حصل كذا وكذا من علي أيضا لم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم , جاء الثالثة قال يا رسول الله : علي فعل كيت وكيت , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا بريدة أتبغض علياً ) قال : نعم يا رسول الله , فقال : ( لا تفعل فإن له من الخمس أكثر من ذلك ) يقول : فأحببته بعد ذلك لأن النبي قال :  لا تبغضه , خلاص يطيعون النبي صلى الله عليه وسلم فأحبه فدافع النبي عن علي صلوات الله وسلامه عليه .

إذاً هذه مشكلة الآن داخلية بين بريدة وعلي وبريدة لعله جاء وتكلم بها في المدينة وأيضا قد يكون شارك بريدة في الإنكار على علي كخالد بن الوليد وغيره في هذه العملية .

 

السبب الثاني : أنه لما خرج علي من اليمن إلى مكة و النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة وهو في الطريق علي رضي الله عنه أخذ معه نوقاً للنبي صلى الله عليه وآله وسلم , يعني ساق الهدي معه فلما كان في الطريق أمر أصحابه أن يتقدموا عليه ونهاهم أن يركبوا على الإبل ونهاهم أن يلبسوا بعض الثياب التي من الغنائم وسبقوه , فلما أدركهم علي وجد أن الإبل رُكبت أو أن الملابس لُبست فغضب ونهرهم رضي الله عنه كيف ما تطيعوا أمري ؟ أن قلت لكم لا تركبوا أنا قلت لكم لا تلبسوا  كيف تفعلون كذا .. فتضايقوا من هذه المعاملة ومنهم أبو سعيد الخدري , يقول فلما لقينا النبي صلى الله عليه وسلم في مكة إشتكينا علياً ,أن علي فعل كيت وكيت وكان قاسياً معنا , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فإني علمت أن علي قد أحسن فلا تبغضوا علي ) وسكت القوم , أيضاً هذه مشكلة داخلية مع علي رضي الله عنه عندها لما إنتهى النبي صلى الله عليه وسلم من الحج ورجع النبي  صلى الله عليه وسلم وصار قريباً من المدينة قريباً من 150 كلم أو 170 كلم  من المدينة في أثناء الطريق أثناء راحتهم توقف  هناك في يوم من الأيام و قال كلمته تلك ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) أي يا من تكلمتم في علي إحذروا فعلى مني وأنا منه , علي أنا يحبني من يحب علي , يودني من يود علياً ( من كنت مولاه فعلي مولاه ) , هم يقولون  المولى الحاكم ونحن نقول المولى المحب بدليل قوله بعد ذلك ( اللهم وال من والاه وعادي من عاداه ) ما معنى  وال من والاه وعاد من عاداه وقوله من كنت مولاه فعلي مولاه .. المعنى واحد إذاً هذه قصة غدير خم .

 

المولى كما يقول بن الأثير تقع هذه الكلمة على : الرب والمالك والمنعم والناصر والمحب و الحليف والعبد والمعتق وبن العم والصهر  .. تصوروا كل هذه تطلق عليها كلمة مولى قالوا نحن نريد الخليفة .

لو كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يريد الخليفة كان يأتي بكلمة صريحة واضحة ما يأتي بكلمة تحتمل أكثر من عشرة معاني .. يأتي بكلمة واضحة سهلة بينة يعرفها كل أحد علي هو الخليفة من بعدي .. إنتهى الأمر  , لكن لم يأتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتلك الكلمة التي تنهي كل خلاف .

 

وأما كلمة مولى أنها حاكم هذا ليس بسليم قال الله تبارك وتعالى { فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير } سماها مولى وذلك لشدة الملاصقة وشدة اللُحمة والقرب , ثم إن الموالاة وصف ثابت لعلي رضي الله عنه في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبعد زمن النبي صلوات الله وسلامه عليه فهو في زمن النبي مولى وبعد وفاة النبي مولى والآن مولانا رضي الله عنه وأرضاه ولذلك قال الله تبارك وتعالى : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ }  فكل المؤمنين بعضهم أولياء بعض كما قال الله تبارك وتعالى .

إذا ً هذا دليل الموالاة الذي يستدلون به على إمامة علي رضي الله عنه وأرضاه بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما نرى لا دلالة فيه أبداً . ولذلك نص عالمهم النوري الطبرسي يقول : ( لم يصرح النبي لعلي بالخلافة بعده بلا فصل في يوم غدير خم وأشار إليها بكلام مجمل مشترك بين معانٍ يُحتاج إلى تعيين ما هو المقصود منها إلى قرائن ) فصل الخطاب ص 205 و 206 إذا كان الأمر كذلك فكيف بعد ذلك يُقال أن هذا الحديث نص على خلافة علي بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

 

 

 

 

 

 

 

 

الشريط الرابع

 

حديث الدار :

 

أو حديث الإنذار يوم الدار وهو مرتبط إرتباطاً قوياً بقول الله تبارك وتعالى { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ 214} الشعراء .

 يرون أنه لما نزل قول الله جل وعلا { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ } جمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أقاربه على النحو الآتي  .

عن علي قال : لما نزلت { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ } ورهطك المخلصين دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بني عبد المطلب وهم إذ ذاك أربعون رجلاً  يزيدون رجلاً أو ينقصون رجلاً فقال : ( أيكم يكون أخي ووصيي ووارثي ووزيري وخليفتي فيكم بعدي ) فعرض عليهم ذلك رجلاً رجلاً  كلهم يأبى ذلك حتى أتى عليّّ فقلت أنا يا رسول الله فقال : ( يا بني عبد المطلب  هذا أخي ووارثي ووصيي  ووزيري وخليفتي فيكم بعدي ) قال فقام القوم يضحك بعضهم إلى بعض ويقولون لأبي طالب : قد أمرك وتطيع لهذا الغلام ‍ ) وهناك روايات أخرى لهذا الحديث أو لهذه القصة مرجعها بحار الأنوار   ج  18 ص 178 والبرهان ج 3  ص190 والميزان ج 15 ص 336  وأما كتب أهل السنة فجاء في مسند أحمد ج 1 ص 111 وص 159 .

 

يستدلون بهذا الدليل على أن علي رضي الله عنه هو الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

 

نقول هذا الحديث ذكره الموسوي في كتاب المراجعات وذكره كذلك الأنطاكي في كتابه لماذا  إخترت مذهب الشيعة , وذكره تقريباً كل علماء الشيعة الذين ألفوا  كتباً  يستدلون بها على أهل السنة في إثبات خلافة علي رضي الله عنه بعد رسول الله مباشرة , وقد بالغ عبد الحسين شرف الدين في كتابه المراجعات حيث قال : ودونك ما أخرجه أحمد في مسنده ج 1 ص 111 تجده يخرج الحديث عن أسود بن عامر عن شريك عن الأعمش عن المنهال عن عباد بن عبد الله الأسدي عن علي مرفوعاً , ثم قال , وكل واحد من سلسلة هذا السند حجة عند الخصم وكلهم من رجال الصحاح بلا كلام ..

ثم صار يترجم لكل رجل من رجال هذا السند فقال :

الأسود بن عامر إحتج به البخاري و مسلم  , شريك إحتج به مسلم , الأعمش إحتج به البخاري و مسلم , المنهال إحتج به البخاري ,  عباد بن عبد الله الأسدي قال : هو عباد بن عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي إحتج به البخاري ومسلم .

 

وللأسف لا أقول لقلة بل أقول لعدم وجود الأمانة العلمية حاول أن يدلس ويلبس بهذا الحديث فعباد بن عبد الله الأسدي يختلف تماماً عن عباد بن عبد الله بن الزبير , هذا شخص وذاك شخص آخر  عباد بن عبد الله الأسدي هو الذي يروي عنه المنهال وهو الذي يروي عن علي رضي الله عنه وأرضاه بينما عباد بن عبدالله بن الزبير بن العوام هذا لاير وي عنه المنهال ولا يروي هو عن علي رضي الله عنه , ولكن لإرادة التدليس والتلبيس على الناس جعلوا عباد بن عبد الله الأسدي هو عباد بن عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي كذلك , فهذا من التلبيس والكذب , ولذلك عباد بن عبد الله الأسدي يترجم له صاحب التهذيب وهو الحافظ بن حجر رحمه الله تعالى يترجم له في الصفحة ذاتها التي يترجم لعبد الله بن عبد الله بن الزبير  فقال :

عباد بن عبد الله الأسدي روى عنه المنهال وروى عن  علي .. ضعيف .

بينما عباد بن عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي لا يُعرف بالأسدي وإنما يعرف بعباد بن عبد الله بن الزبير  لكن جعله مكان هذا حتى يلبس على الناس وليس هو راوي هذا الحديث بل الذي يرويه عباد بن عبد الله الأسدي الضعيف وهذا من كذبهم الله المستعان .

 

على كل حال عباد بن عبد الله الأسدي قال عنه البخاري : فيه نظر  , وكلمة فيه نظر عند البخاري كما قال الحافظ بن كثير هي من أشد عبارات الجرح عند الإمام البخاري كما قاله الحافظ بن كثير في الباعث الحثيث . وأحمد ضرب على حديثه , وقال بن حزم مجهول فهذا عباد بن عبد الله الأسدي , فالحديث إذاً لا يصح من طرق أهل السنة , أما من طرق الشيعة فالحديث روي من طرق كثيرة ولكن بعد تتبع هذه الطرق عندهم كذلك لا يصح هذا الحديث من كتبهم ومن رجالهم أيضاً فلا يصح عند أهل السنة ولا يصح كذلك عند الشيعة وجاء عند السنة أيضا من طريق آخر عند الطبراني والطبري من طريق عبد الغفار بن القاسم أبو مريم الأنصاري قال عنه بن المديني : كان يضع الحديث , وقال أبو داوود وأنا أشهد أن أبا مريم كذاب , وقال أبو حاتم والنسائي متروك , وقال الذهبي ليس بثقة .

 

إذاً هذا الحديث من حيث المتن لا يصح ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فالقصة هذه مكذوبة من أصلها , ثم هي أصلاً باطلة من حيث المتن متنها باطل لا يصح كذلك لماذا ؟

أولاً لو نظرنا إلى قول علي رضي اله عنه عندما يقول : ( جمع النبي صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب أربعون رجلاً يزيدون أو ينقصون رجلاً ) .. هل بني عبد المطلب يصلون إلى أربعين ؟ .. لا يصلون إلى أربعين فهل أخطأ علي في الحسبة أو كذبوا عليه , الأقرب أنهم كذبوا عليه , تعالوا معنا نحسب ونعد أبناء عبد المطلب من هم أبناء عبد المطلب ؟ :

 

أبناء عبد المطلب كما ذكر أهل الأنساب عشرة والمشهور منهم , إثنان أسلما وعاصرا النبي صلى الله عليه وسلم  , وإثنان لم يسلما وعاصرا النبي صلى اله عليه وسلم , وستة لم يعاصروا النبي صلى الله عليه وسلم , فاللذان أسلما وعاصرا النبي  صلى الله عليه وسلم  هما حمزة والعباس , وإثنان عاصرا النبي صلى الله عليه وسلم   ولم يسلما وهما أبو طالب وأبو لهب , وستة من بني عبد المطلب لم يدركوا البعثة أصلاً  فلم يحضروا هذه القصة فلم يكونوا في ذلك اليوم من أهل الأرض بل كانوا من أهل باطن الأرض وهم : عبد الله والد النبي صلى الله عليه وآله وسلم , والحارث بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم , والزبير بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم  , والمقوم وغيداق والسادس قيل صفار وقيل ضرار  .. على كل حال هؤلاء الستة لم يدركوا بعث النبي صلى الله عليه وسلم   إذاً لم يكونوا موجودين .

 

إذاً من كان يمكن أن يكون موجوداً من أعمام النبي  صلى الله عليه وسلم  في هذه الحادثة هم الأربعة حمزة والعباس وأبو طالب وأبو لهب , من أولاد هؤلاء ؟ ..

أما حمزة والزبير وضرار والمقوم والغيداق لا يُعرف لهم ذرية من الذكور قد تكون ذريتهم إناث كما هو الحال بالنسبة لحمزة , كما هو الحال بالنسبة للزبير ,قصة ضباعة بنت الزبير التي سألت النبي  صلى الله عليه وسلم   وهي بنت عمه , هؤلاء إناث ولكن من الذكور لا يُعرف لهم ذرية من الذكور .

 

وعبد الله ليس له ذرية إلا النبي صلى الله عليه وآله وسلم   بقي أربعة :

العباس له ذرية أبو طالب له ذرية الحارث له ذرية وأبو لهب له ذرية , إذاً عندنا أربعة من أعمام النبي صلى الله عليه وسلم وأربعة آخرون لهم ذرية ..

 

العباس من ذريته كُثُر تسعة ولا واحد منهم أدرك هذه الحادثة ما أدركها إلا واحد وهو الفضل بن العباس أكبر أولاده فقط  , لأن بعد الفضل يأتي عبد الله بن العباس وعبيد الله وهذان أدركا النبي   صلى الله عليه وآله وسلم لكن متى ؟ ..

 

عبد الله بن العباس ولد قبل هجرة النبي  صلى الله عليه وسلم بثلاثة أشهر وهذا في أول البعثة إذاً لم يحضر إذاً من باب أولى عبيد الله لم يحضر  ومن باب أولى الستة الآخرون من أبناء العباس وهم معبد وتمام وقثم وكثير وعبد الرحمن والحارث هؤلاء لم يحضروا هؤلاء من التابعين أصلاً لم يدركوا النبي  صلى الله عليه وآله وسلم  إذاً من الذي سيحضر من ولد العباس .. واحد وهو الفضل , إذا ضفنا إلى الأعمام الأربعة واحد وهو الفضل بن عباس صاروا خمسة .

 

أبناء أبي لهب : عتبة , عتيبة ومعتب نفرض كلهم حضروا مع الخمسة ثلاثة صاروا ثمانية بقي عندنا أولاد ابي  طالب وأولاد الحارث  عم النبي صلى الله عليه وسلم  فقط  ..

 

أولاد أبي طالب :

طالب , عقيل , جعفر , علي

علي رضي الله عنه أصغرهم , طالب المشهور أنه لم يدرك البعثة أصلاً مات قبل البعثة , ولنفرض أن طالب كان موجوداً إذاً هؤلاء أربعة .. أربعة مع ثمانية هؤلاء صاروا إثنى عشر رجلاً فقط .. لم يبق عندنا إلا أولاد الحارث عم النبي   صلى الله عليه وسلم  أولاد الحارث : عبيدة بن الحارث , أبو سفيان بن الحارث , أمية بن الحارث , عبد الله بن الحارث , نوفل بن الحارث خمسة أضفهم إلى إثني عشر  رجلا يصبحون سبعة عشر رجلاً  وإذا تركنا طالباً وقلنا إنه مات يصبحون ست عشر رجلاً ولكن نضيفه وليكونوا سبعة عشر رجلاً .. أين الأربعين ؟؟ ! ويقول ( أربعين رجلا يزيدون رجلاً أو ينقصون رجلاً ) هؤلاء كل أولاد عبد المطلب .. أين  أربعون رجلاً ؟! كلام لا مصداقية له , ولذلك هذا الذي وضع الحديث لم يفكر تفكيراً دقيقاً في قضية أولاد عبد المطلب وإنما أرسلها إرسالاً هكذا دون أن يمعن النظر فيها ثم فوجئ بأنه بالغ فيها بالعدد تعدى أكثر من الضعف , إذاً هذا أول مطعن في هذا الحديث سنداً . ولعل هذه أربعون رجلا أو ينقصون رجلا من باب الدقة !!  يعني محسوبة تماماً وهذا كله كلام باطل  .

 

ثم كذلك يُقال علي هو الذي قام وقال : ( أنا أتابعك ) عجيب ! علي أصغرهم بعث النبي صلى الله عليه وسلم ولعلي 8 سنوات فكيف علي يقول أنا أتابعك ؟ ألم يتابع النبي صلى الله عليه وسلم غير علي من بني عبد المطلب ألم يؤمن قبل علي جعفر ؟ الذي هو أكبر من علي بعشر سنوات , أليس هو أمير القوم الذين هاجروا إلى الحبشة , جعفر بن أبي طالب بن عم النبي صلى الله عليه وسلم وأخو علي الكبير أكبر من علي بعشر سنوات , لماذا لا يكون جعفر هو الخليفة ؟ بالعكس أثر جعفر في مكة أكبر من أثر علي رضي الله عنه علي كان صغيراً فكيف يقوم علي ألم يقم جعفر في ذلك الوقت , جعفر من الأوائل الذين أسلموا وتابعوا النبي صلى الله عليه وسلم .

 

عبيدة بن الحارث من الأوائل الذين تابعوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي خرج مع حمزة وعلي في بدر للقاء عتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وشيبة بن ربيعة , لماذا لم يقم ويقول أنا .

 

أين حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم أليس أسلم وتابع النبي صلى الله عليه وسلم أسد الله وأسد رسوله أين هو ؟؟ ..

 

يعني إذا أردنا أن نمدح علياً رضي الله عنه فلا مانع من هذا ومدائحه كثيرة جداً لكن لا يكون هذا على حساب الطعن في آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي أقارب النبي صلى الله عليه وسلم الذين تابعوه وأسلموا وأتبعوا ما جاء به صلى الله عليه وسلم .

 

ثم هل يكفي أنه قام إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويقول له : ( أنا أتابعك ) يعني يكون وزيره ويكون خليفته ويكون كذا ..!!! ما يصلح هذا , هل الرسول صلى الله عليه وسلم بُعثَ لبني عبد المطلب , الأنبياء السابقون كانوا يُبعثون إلى أقوامهم والنبي بُعث للأنس والجن , بعث للثقلين بعث للأسود والأحمر  ( كان الأنبياء يبعثون إلى أقوامهم خاصة وبُعثت للناس كافة ) يقوله صلى الله عليه وسلم , ثم يحكرها هكذا يقول أيكم يتابعني يكون خليفتي من بعدي !! كيف يعقل هذا أن يخرج من النبي صلى الله عليه وسلم , وهل يكفي مجرد المتابعة أن يكون خليفته من بعده لا يلزم هذا .

ثم كذلك لنا أن نسأل النبي صلى الله عليه وسلم جاءه عامر بن الطفيل وجاءه بنو كلاب وطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون لهم الأمر من بعده ويتابعونه على الإسلام فقال : ( الأمر لله يضعه حيث شاء  ) ولم يقل لهم الأمر لعلي بعدي وإنما قال الأمر لله يضعه حيث شاء سبحانه وتعالى .

 

وآخرها أليس الشيعة الأثني عشرية يزعمون أن علي كان خليفة للنبي صلى الله عليه وسلم وكان وصياً له قبل خلق الخلق , فكيف يعرض النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً مفروغاً منه , الأمر عندهم مفروغ منه , والنبي صلى الله عليه وسلم جُعل خليفته علي رضي الله عنه قبل مبعثه قبل خلق السماوات والأرض , كانوا أشباحاً كما يقولون في كتبهم !! تحت العرش , إذاً قضية أن النبي يعرض شيئاً عليهم .. طيب إفرض أن حمزة قال أنا العباس قال أنا إفرض أبو طالب قال أنا .. طيب حق علي يضيع!! كان النبي  صلى الله عليه وسلم يقول لهم : ترى علي منتهي الأمر علي هو الخليفة لا أحد يفكر لا أحد يناقش أم يأتي يعرض عليهم شيئاً هو أصلاً مفروغ منه عند الله سبحانه وتعالى .. هذا لا يمكن أن يكون أبداً من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ..

 

ولنفرض أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاها لعلي وهو قد حصل في الحديث أنه قال ( أنت خليفتي ووصيي ) هل صار خليفته هل صار وصيه ؟! الوعد لم يُنجز لأن الخليفة من بعده صار أبو بكر  ثم عمر ثم عثمان  , إذاً لم يُنجز وعده أترضون هذا للنبي صلى الله عليه وسلم أنه لم ينجز وعده , قال هو يكون خليفتي يكون وصيي يكون وزيري .. ما صار شيء من هذا أبداً , إذاً النبي لم ينجز وعده أو أنه مكذوب على النبي .. نقول مكذوب على النبي أفضل بدل أن نتهم النبي أنه لم ينجز وعده صلى الله عليه وسلم  .

ثم أنظروا إلى خاتمة الحديث , لا يمكن أن تُعقل ولا يمكن أن تُقبل , الآن هم لم يؤمنوا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم , يقول لهم أنا رسول الله يقولون كذاب , ساحر , شاعر , كاهن , مجنون ما قبلوه أن يكون هو رسولاً  من عند الله صلوات الله وسلامه عليه ثم بعد ذلك يريدهم أن يقبلوا أن يكون علي وصياً من بعده .. طيب هم لم يقبلوا بالأصل حتى يقبلوا بالفرع , إذاً إذا كان الأمر كذلك ننتهي إلى نهاية مهمة جداً مع ضعف أسانيد هذه القصة عند السنة وعند الشيعة لا تصح أسانيد هذه القصة - حسب بحثي-  , بعد ذلك نستطيع أن نقول هذه قصة مكذوبة  على النبي صلى الله عليه وسلم .

 

تصوروا أنتم لما يسمع العرب و يسمع الناس الذين يريدون أن يتابعوا النبي صلى الله عليه وسلم , ومن الآن يسمعون هذه القصة .. يقولون ما هذا الرسول ؟؟  من بدايتها جعلها في أولاده علي خليفتي بني عبد المطلب الذي يسمع كلامي يصير خليفتي من بعدي طيب وباقي الناس مالهم حق ؟؟ ! كلها لبني عبد المطلب !! , يشكون في دعوته إذاً يقولون كأنه يريد ملكاً كما قال هرقل لأبي سفيان قال : هل كان من أباءه من ملك ؟؟ , قال أبو سفيان لا , قال هرقل : قلت لو كان في أباءه من ملك لقلت رجلا يطلب ملك أباءه ..

إذا كان الأمر كذلك إذا علي رضي الله عنه يكون خليفة للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه بن عمه فقط , ونحن لا نقبل بذلك .. نحن نقول بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم  الأفضل من أصحابه هو الخليفة ليست القضية لإنه قريبي أعطيه الملك بعدي هذه إذاً قضية هذا الحديث .

 

ثم إذا نظرنا إلى مسألة وهي كم كان عمر علي رضي الله عنه في تلك الفترة ؟؟

( إنتهى الشريط الرابع ولم يكتمل كلام الشيخ في هذه النقطة – إنقطاع- )

 

 

الشريط الخامس

 

 

الشبهات :

 

أول شبهة يطالعنا بها الشيعة الأثنى عشرية على أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي شبهة حديث الحوض ..

 

شبهة حديث الحوض :

 

حديث الحوض فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم  يقول : ( يَرِدُ علي رجال أعرفهم ويعرفونني فيذادون عن الحوض – يعني حوض النبي يوم القيامة -  فأقول أصحابي أصحابي فيقال : إنك لاتدري ما أحدثوا بعدك ) ولهذا الحديث روايات أخرى فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( فأقول سحقاً سحقاً  ) هؤلاء الذين يذادون عن الحوض من هم ؟  قالوا هم أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم , وإذا كان الأمر كذلك فلا يجوز لكم أن تثنوا على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهم في الأصل يذادون عن الحوض ويقول النبي  صلى الله عليه وسلم عنهم سحقا سحقاً .. فنقول مستعينين بالله تبارك وتعالى :

 

أولاً أن المراد بهؤلاء الصحابة المنافقون وذلك أن المنافقين كانوا يظهرون الإسلام  للنبي صلى الله عليه وسلم كما قال الله جل وعلا  { إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ 1 } ..

وقد يقول قائل إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرف المنافقين فنقول نعم كان يعرف بعضهم ولم يكن يعرفهم كلهم ولذلك قال الله تبارك وتعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم { وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ } فبين أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يعلم جميع المنافقين وكان يظن أن أولئك من أصحابه وليسوا كذلك بل هم من المنافقين .

 

 ثم الشيء الثاني أن المراد بهم الذين إرتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ومعلوم أنه بعد توفي النبي صلوات الله وسلامه عليه إرتد بعض العرب .. إرتدوا عن دين الله تبارك وتعالى حتى قاتلهم أبو بكر الصديق مع الصحابة رضي الله عنهم أجمعين وسميت تلك الحروب بحروب الردة , فقالوا المراد بالذين قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم سحقاً سحقاً هم الذين أرتدوا بعد وفاته صلوات الله وسلامه عليه .

 

على الأول أو على الثاني لا يدخل أًصحاب النبي  صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر لماذا ؟ لأننا في تعريف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ماذا نقول ؟ ..

نقول كل من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على ذلك .

 

فإذا قلنا أنهم هم المنافقون فالمنافقون لم يؤمنوا بالنبي يوماً صلوات الله وسلامه عليه , وإذا قلنا هم المرتدون فالمرتدون لم يموتوا على الإسلام .. فهؤلاء لا يدخلون في تعريف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم .

 

وأما إذا قصدوا أن الصحابة كل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل أبو جهل في الصحابة وأبو لهب وأمية بن خلف وأبي بن خلف والوليد بن عتبة وغيرهم  من المشركين يدخلون في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ونحن لا نقول بذلك أبداً .. ولكن نقول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وأبو عبيدة  وسعد بن أبي وقاص وسعد بن معاذ ومعاذ بن جبل وأُبي بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود وعبدالله بن عمر وعبد الله بن العباس وعبد الله بن عمرو بن العاص وفاطمة وعائشة والحسن والحسين وغيرهم كثير .. هؤلاء هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم , فمن من هؤلاء كان منافقاً ومن من هؤلاء إرتد عن دين الله تبارك وتعالى بل كل هؤلاء آمنوا بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولقوه وماتوا على ذلك والعلم عند الله تبارك وتعالى .

 

فالقصد أن الجواب الأول أن قول النبي صلى الله عليه وسلم سحقاً سحقاً هو للمنافقين الذين كانوا يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمهم , أو هم الذين إرتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا أصلاً من المسلمين ثم إرتدوا وتركوا دين الله جل وعلا .

 

وهناك جواب ثالث وهو أن المعنى كل من صحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولو لم يتابعه , وإن كان النبي يعلم ذلك كعبد الله بن أبي بن سلول وهو كما هو معلوم رأس المنافقين وهو الذي قال : لإن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل , وهو الذي قال ما مثلنا ومثل محمد وأصحابه إلا كما الأول سمن كلبك يأكلك . فهذا سماه النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه فيكون هذا هو المقصود ولذلك إن تعريف الصحابة بأنه كل من لقي النبي مؤمناً به ومات على ذلك تعريف متأخر وأما كلام العرب كل من صحب الرجل فهو من أصحابه مسلماً أو غير مسلم متبع له أو غير متبع هذا أمر آخر . ولذلك لما قال عبد الله بن أبي بن سلول كلمته الخبيثة ( ليخرجن الأعز منها الأذل ) قام عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغته هذه الكلمة قال : يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق , فقال صلى الله عليه وسلم : (لا  يا عمر لا يقول الناس  إن محمد يقتل أصحابه ) , فسماه من أصحابه صلوات الله وسلامه عليه وهو رأس المنافقين , فهو غير داخل فالذين نحن نسميهم صحابة  رضي الله عنهم وأرضاهم .

 

كذلك قد يكون المقصود بالأصحاب أي من صحب النبي صلى الله عليه وسلم  على هذا الدين ولو لم يرى النبي صلى الله عليه وسلم  فندخل نحن في هذا المسمى ولذلك جاءت بعض روايات الحديث ( أمتي أمتي ) بدل ( أصحابي ) فنكون من أمته صلوات الله وسلامه عليه , وقد يقول قائل كيف وقد جاء في الحديث ( أعرفهم ويعرفونني ) فنقول أنه قد بين النبي صلى الله عليه وسلم أنه يعرف أمته بآثار الوضوء صلوات الله وسلامه عليه .

 

ولنا سؤال هنا لو جاءنا النواصب , والنواصب هم الذين يبغضون آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم  يبغضون علياً وفاطمة والحسن والحسين وغيرهم من آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم , وقالوا هؤلاء الذين إرتدو  وهؤلاء الذين  يذادون عن الحوض هم علي والحسن والحسين كيف تردون عليهم ؟؟! 

الرد عليهم بأن نقول لهم ليسوا من هؤلاء بل هؤلاء جاءت فيهم فضائل ..

فنقول أبو بكر وعمر وعثمان وأبو عبيدة جاءت فيهم فضائل فما الذي يخرج علياً ويدخل أبا بكر وعمر  !!

فالقصد إذاً أن حديث الحوض لا يشمل أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم  .

 

شبهة جيش أسامة :

 

يقولون إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم  لما جهز جيش أسامه وذلك لينتقم  أسامة رضي الله عنه لأبيه زيد بن حارثة لما قُتل في مؤته  جهز النبي جيش أسامة ليذهب إلى مؤته وقالوا جعل من ضمن هذا الجيش أبا بكر وعمر  حتى يصفو الجو لعلي رضي الله عنه ويستطيع النبي أن يعينه خليفة !! أنظروا كيف جعلوا النبي صلى الله عليه وسلم ضعيفاً يخاف من أبي بكر وعمر فيرسلهما في الجيش حتى يستطيع أن يبين للناس أن علياً هو الخليفة !! هكذا يكتم الدين بهذه الدرجة .. وهذا طعن في النبي صلوات الله وسلامه عليه , الله سبحانه وتعالى يقول له : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ } يقول : { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ 1 قُمْ فَأَنذِرْ 2} { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } وهم يقولون يخاف من هؤلاء الصحابة صلوات الله وسلامه  عليه  وحاشاه من ذلك .

ثم يضيفون إلى هذا الأمر أموراً أخرى وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  ( لعن الله من تخلف عن جيش أسامة ) حتى تصيب اللعنة أبا بكر وعمر .

 

فنقول أولاً : إن أبا بكر لم يكن أبداً في جيش أسامة , ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم في يوم من الأيام : لعن الله من تخلف عن جيش أسامة , بل هذا كذب على النبي صلى الله عليه وسلم .

وأما كون عمر في جيش أسامه فهذا هو المشهور في السير , أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل عمر في جيش أسامة .

 

كيف يكون أبا بكر في جيش أسامة والنبي أمر أبا بكر ان يصلي بالناس في فترة مرض النبي صلى الله عليه وسلم  ,هذا تناقض لا يمكن أن يحدث ولذلك لما أراد أسامة أن يخرج إستأذن أبو بكر أسامةَ أن يبقي عمر  بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بل ما سير جيش أسامة إلا أبو بكر الصديق , وذلك أنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم  أشار بعض الصحابة على أبي بكر أن يبقي جيش أسامة في المدينة خوفاً  على المدينة من المرتدين ومن العرب الذين لم يسلموا بعد فأبا أبو بكر أن ينزل راية رفعها رسول الله صلى الله عليه وسلم   وقال يخرج جيش أسامة , وخرج جيش أسامة بأمر من أبي بكر الصديق رضي الله عنه , فكيف جعلوا أبا بكر الصديق الذي أخرج جيش أسامة جعلوه ممن تخلف وجعلوه ممن يستحق اللعن من النبي صلى الله عليه وسلم   وما هذا إلا من شيء في قلوبهم على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم  .

 

شبهة قضية فدك :

 

قضية أقيمت لأجلها الدنيا , تكلموا فيها كثيراً وشنعوا فيها كثيراً على أصحاب النبي صلوات الله وسلامه عليه وهي قضية فدك وما أدراك ما فدك . فدك أرض للنبي صلى الله عليه وسلم من أرض خيبر وذلك  من المعلوم أن خيبر لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم إليها وحاصرها إنقسمت إلى قسمين , إلى قسم فُتح عنوة وإلى قسم فُتح صلحاً , من الذي فُتح صلحاً في خيبر ما فيه  فدك .

فدك أرض صالح النبي صلى الله عليه وسلم اليهود عليها على أنهم يزرعونها ويعطون نصف غلتها للنبي صلى الله عليه وسلم , فنصف غلة فدك تكون للنبي صلى الله عليه وسلم .

بعد أن توفي صلوات الله وسلامه عليه جاءت فاطمة رضي الله عنها تطالب بورثها من النبي صلى الله عليه وسلم فذهبت إلى أبي بكر لأنه خليفة المسلمين الذي كانت تعتقد خلافته , فذهبت إليه و طلبت منه أن يعطيها فدك ورثها من النبي صلى الله عليه وسلم  , فقال لها أبو بكر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا نورث ما تركناه فهو صدقة ) , وهنا لو قلنا لأبي بكر الصديق تعال يا أبا بكر  عندك فاطمة تطالب بإرثها وعندك النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( لا نورث ) تطيع من ؟ ..

لا شك أنه سيقول سأطيع النبي صلى الله عليه وسلم .. طيب وفاطمة لماذا لا تطيعها فيقول أطيعها لو لم يكن عندي أمر من النبي صلى الله عليه وسلم , هذا النبي معصوم  صلوات الله وسلامه عليه وفاطمة غير معصومة والنبي صلى الله عليه وسلم أمرني قال (لا نورث ما تركناه فهو صدقة ) وإن أحببتم فسألوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم , هذا الحديث رواه أبو عبيدة ورواه عمر ورواه العباس ورواه علي ورواه الزبير ورواه طلحة  عن النبي صلى الله عليه وسلم (لا نورث ما تركناه فهو صدقة ) ..

طيب ماذا أصنع أنا عندي حديث النبي وعندي قول فاطمة ؟ .. لا شك أي واحد منا يخاف الله سبحانه وتعالى ويقدر النبي صلى الله عليه وسلم فيقدم قول النبي  صلى الله عليه وسلم على قول كل أحد ..

فقال لها لا أستطيع أن أعطيك شيئاً الرسول قال : ( لا نورث ما تركناه فهو صدقة ) .. فرجعت فاطمة رضي الله عنها ولم تأخذ ورثها ..

 

دعونا نوزع إرث النبي صلى الله عليه وسلم لو كان له إرث من الذي يرث النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟

يرثه ثلاثة : ترثه فاطمة ويرثه أزواجه ويرثه عمه العباس .

 

أما فاطمة فلها نصف ما ترك لإنها فرع وارث .. أنثى ..

وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم يشتركن في الثُمُن لوجود الفرع الوارث وهي فاطمة ..

والعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ الباقي تعصيباً ..

 

هذا هو إرث النبي صلى الله عليه وآله وسلم , إذا ليست القضية خاصة بفاطمة ولذلك أين العباس لماذا لم يأت ويطالب بإرثه من النبي صلى الله عليه وسلم , أين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لم يأتين ويطالبن بإرثهن من النبي  صلى الله عليه وآله وسلم .

 

فلم يعطها الإرث , قد يقول قائل كيف  تحرمونها من الإرث ؟ والله سبحانه وتعالى يقول : { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ } ويقول عن زكريا عليه  الصلاة والسلام أنه قال عن يحى  لما طلب الولد قال: { يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ } , وأنتم تقولون ( نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه فهو صدقة ) هذا الحديث يقوله أبو بكر وتلك آية والآية إذا عارضت الحديث فالآية مقدمة على الحديث ..

فنقول ليس الأمر كما قلتم لماذا .. تعنتاً .. لا ليس والله تعنتاً وما يضيرنا لو أخذت فاطمة نصيبها رضي الله عنها وأرضاها إن كان لها نصيب ..

 

ولكن نقول إقرأوا الآيات وتدبروها قليلاً لا نريد أكثر من ذلك , الله جل وعلا ماذا يقول عن زكريا ؟ قال { يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ } ما الآيات التي قبلها , يقول الله تبارك وتعالى عن زكريا { كهيعص 1 ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا 2 إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا 3 قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا 4 وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا 5 يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا 6} .. سياق الآيات هل هي وراثة مال ؟ إقرأوا كتب السيرة ماذا كان حال زكريا .. فقير .. زكريا كان نجاراً  كان فقيراً ما هو المال الذي عند زكريا حتى يطلب وارثاً له , ثم هل يعقل أن رجلاً صالحاً يسأل الله الولد ليرث ماله !! أين الصدقة في سبيل الله .. أين البذل ؟ يطلب ولداً ليرث ماله !! لا نقبل هذا لرجل صالح فكيف تقبلونه لنبي كريم !! أن يسأل الله الولد لأي شيء قال : حتى يرث أموالي !! هذا لا يمكن أن نقبله في نبي كريم مثل زكريا عليه الصلاة والسلام , ثم ماذا يقول : { يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ } كم بين يعقوب وزكريا من الآباء والأجداد ؟ مئات السنين عشرات إن لم نقل مئات الآباء بين زكريا ويعقوب , موسى بين زكريا ويعقوب أيوب بين زكريا ويعقوب , داوود وسليمان بين زكريا ويعقوب , يونس بين زكريا ويعقوب , يوسف بين زكريا ويعقوب .. كل أنبياء بني إسرائيل تقريباً بين زكريا ويعقوب زكريا يمثل آخر أنبياء بني إسرائيل  زكريا يحى عيسى .. إنتهت النبوة ويعقوب هو إسرائيل , كل أنبياء بني إسرائيل هم بين زكريا ويعقوب ونحن لانتكلم عن جميع الأنبياء نتكلم عن بني إسرائيل أمة كاملة ..

كم سيكون نصيب هذا الولد { يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ } وكم  وكم من الذين سيحجبونه عن الميراث , الأولاد الأقرب ..

هذا كلام لا يُعقل .. إذاً ماذا أراد زكريا .. أراد ميراث النبوة هذا الميراث الحقيقي ميراث النبوة .. يرث النبوة .. يرث الدعوة إلى الله تبارك وتعالى يرث العلم , ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( إن الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً وإنما ورثوا العلم ) هذا الذي أراده زكريا صلوات الله وسلامه عليه , ومنه ميراث سليمان صلوات الله وسلامه عليه لما قال الله تبارك وتعالى { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ } ورث ماذا ؟ .. ورث العلم ورث النبوة ورث الحكمة , لم يرث المال لو كان مالاً ما فائدة ذكره .. طبيعي جداً الولد يرث أباه , هذا أمر طبيعي فلماذا يذكر في القرآن ؟ إذاً الذي ذكر في القرآن أمر ذا أهمية عندما يقول الله تبارك وتعالى { وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ } أراد أن ينبه إلى شيء مهم ليس مجرد وراثة مال , ثم كم لداوود من الأبناء إرجعوا إلى سيرة داوود , داوود على المشهور كانت له ثلاثمئة زوجة وسبع مئة سُرّية – يعني أمة -  ذكروا لداوود أولاد كثر ألا يرثه إلا سليمان ! صلوات الله وسلامه عليه .. هذا لا يمكن أن يكون أبداً .

 

ولنفرض أنه ورث طيب ما شأن أبي بكر وعمر وعثمان هل أخذوا هذا المال لهم ؟ , كانوا يعطونه لآل بيت النبي  صلى الله عليه وسلم كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم  ما ذنبهم .. ما الخطيئة التي أرتكبوها .. هل أبو بكر إستدخل فدك له , هل إستدخلها عمر .. هل إستدخلها عثمان أبداً لم يستدخلوها , إذاً لماذا يُلامون ؟ ‍‍!

لماذا نزرع الكراهية في قلوب الناس لأبي بكر وعمر وعثمان ؟! ماذا صنعوا بفدك ؟!

 

خاصة إذا قلنا إن عمر  وعثمان عاشا بعد فاطمة زمن الخلافة , فاطمة ماتت بعد النبي صلى الله عليه وسلم  ورضي عنها بعده بستة أشهر على المشهور  .. ما شأن عمر وعثمان بفدك ؟! ..

 

دعونا نسلم بأن فدك إرث لفاطمة رضي الله عنها .. نصيبها الذي هو النصف إذا ماتت فاطمة من يرث فاطمة ؟ يرثها أولادها وزوجها من أولاد فاطمة ؟ .. اربعة : الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم وزوجها علي , أبوها توفي صلى الله عليه وسلم وأمها توفيت وهي خديجة رضي الله عنها , مابقي من الورثة إلا الأولاد والزوج .. الزوج يأخذ الربع لوجود الفرع الوارث فربع الميراث لعلي , وبقية الميراث - ميراث فاطمة – لأولاد فاطمة للذكر مثل حظ الأنثيين ..

 

طيب علي في خلافته لم يعط فدك لفاطمة ولم يعطها لأولاد فاطمة ..

فإن كان أبو بكر ظالماً  وعمر كان ظالماً وعثمان كان ظالماً لفدك فعلي كان ظالماً كذلك , فكلهم لم يعطوا فدك لأهلها .. أبو بكر لم يعطها لأهلها , عمر لم يعطها لأهلها , عثمان لم يعطها لأهلها ,  علي لم يعطها لأهلها , وإسألوا علمائكم في هذا الأمر هل أعطى علي فدك لأولاد فاطمة ؟ لم يعطهم فدك .

 

الحسن إستخلف بعد علي هل أعطى فدك لأخيه الحسين ولأخته زينب لم يعطهم , لأن أم كلثوم كانت قد توفيت ..

إذاً لماذا يُلام أبو بكر وعمر وعثمان ولا يُلام علي رضي الله عنه ؟! إما أن يُلام الجميع وإما أن لايُلام أحد ..

ننظر موقف أهل السنة وموقف الشيعة , أهل السنة لا يلومون أحداً , لماذا لا تلومون أحداً .. قالوا لأنها أصلاً ليست ميراثاً لفاطمة ولذلك لا نلوم أحداً .

 

أما الشيعة فيلومون أبو بكر ويلومون عمر ويلومون عثمان ويلزمهم أن يلوموا علي ولذلك خرجت طائفة من الشيعة يُقال لها الكاملية هذه الطائفة تطعن في علي مع أنها شيعية .. قالوا أبو بكر وعمر وعثمان ظلمة أخذوا الخلافة من علي , وعلي لم يستجب لأمر النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أمره بالخلافة و بايعهم وترك أمر الخلافة فعلي أيضاً مذنب ..

 

وهذا يلزمهم لأنهم لو فكروا بعقولهم بناءً على الأدلة الباطلة التي إستدلوا بها , إذاً فدك ليست إرثاً لفاطمة رضي الله عنها وأبو بكر خيراً صنع لأنه إتبع النبي صلى الله عليه وسلم لأنه سمعه يقول : ( نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه فهو صدقة )  .

 

هناك قول آخر  وهو أن فدك هبة وهبها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لفاطمة كيف وهبها النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة .. قالوا لما فتح الله تبارك وتعالى فدك على النبي  صلى الله عليه وآله وسلم نادى فاطمة وأعطاها إياها .. هل هذا صحيح ؟

قالوا نعم لما نزل { وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ } بعد فتح خيبر  ناداها قال هذا حقك خذي حقك وأعطاها النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها وأرضاها .. هل هذا الكلام صحيح .. هل يُقبل أصلاً هذا الكلام ..

 

للنبي  صلى الله عليه وسلم سبعة من الولد ثلاثة ذكور وأربعة إناث .. الذكور عبد الله والقاسم وإبراهيم كلهم ماتوا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وهم صغار  لا دخل لهم هنا إذاً , بقي للنبي صلى الله عليه وسلم أربع من البنات أصغرهن فاطمة رضي الله عنها , ثم تأتي بعد فاطمة رقية ثم أم كلثوم ثم زينب وهي الكبيرة هؤلاء هن بنات النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

يقولون النبي صلى الله عليه وسلم أعطى فاطمة فدك ولم يعطي باقي البنات , بنات النبي صلى الله عليه وسلم توفيت رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم في السنة الثانية من الهجرة لما خرج إلى بدر صلى الله عليه وآله وسلم , لكن أم كلثوم وزينب توفيتا بعد ذلك , أم كلثوم توفيت في السنة التاسعة من الهجرة , وزينب توفيت في السنة الثامنة من الهجرة .. خيبر في أول السنة السابعة من الهجرة .. أنظروا كيف يتلاعب الشيطان بالناس , فيكون النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح الله عليه خيبر له ثلاث بنات أحياء فاطمة وزينب وأم كلثوم  .. تصوروا كيف ينسبون إلى النبي صلى الله عليه وسلم كأن النبي يأتي إلى بناته الثلاث ويقول تعالي يا فاطمة هذه فدك لك وأنتما يا أم كلثوم ويا زينب مالكما شيء .. أيجوز أن يُقال هذا في النبي صلى الله عليه وسلم  ؟ , إن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه بشير بن سعد والد النعمان بن بشير وقال : يا رسول الله إني أريد أن أنحل إبني هذا حديقة وأريدك أن تشهد على ذلك , والنبي يعلم أن له أولاد آخرون غير هذا الولد , فقال له صلوات الله وسلامه عليه : ( أكل أولادك أعطيت ؟ ) يعني أعطيت بقية أولادك أو أعطيت هذا فقط  , قال : لا , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذهب فإني لا أشهد على جور ) .

 

والنبي يقول : ( إتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم ) ويقول : ( لا أشهد على جور ) الله أكبر ! أنرضى أن هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الذي لا يشهد على الجور  والذي قول لنا : ( إتقوا الله وأعدلوا بين أولادكم ) أرضى أن يكون هو بذاته صلى الله عليه وسلم الذي يفرق بين أولاده !! الذي لا يشهد على الجور هل يفعل الجور ؟! صلى الله عليه وآله وسلم  .. لا يمكن هذا أبداً , إذاً لن يعط النبي صلى الله عليه وسلم فدك لفاطمة دون بناته .

ثم يا عقلاء  إن كان النبي أعطاها لفاطمة فجاءت تطالب بماذا إذاً في عهد أبي بكر , إذا أخذتها وأستلمتها تطالب بماذا ؟ هي ملكك تطالبيني بماذا ؟ ! تقول أعطاها النبي في السنة السابعة من الهجرة وتوفي بعد أن أعطاها بأربعة سنوات .. وتأتي في عهد أبي بكر تقول أعطني الذي أعطاني النبي قبل أربع سنين  !! أيعقل هذا الكلام  .. لا يُعقل هذا أبداً ولا يُقبل مثل هذا الكلام .

 

بقي شيء واحد يقولون لما غضبت فاطمة إذاً رضي الله عنها وأرضاها .. فاطمة إستدلت بعموم قول الله تبارك وتعالى { يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ } فعلى هذا الأساس جاءت تطالب بإرثها رضي الله عنها فلما قال لها أبو بكر رضي الله عنه ( لا نورث ما تركناه صدقة ) إنتهى الأمر ورجعت , عائشة رضي الله عنها التي تروي هذه القصة وتروي هذا الحديث تقول : فوجدت على أبي بكر أي غضبت أنه لم يعطيها فدك , لكن ليس في الحديث شيء أن فاطمة تكلمت على أبي بكر بشيء وإنما هذا فهم عائشة فهمت أن فاطمة وجدت وتضايقت وأنها لم تكلم أبا بكر , طبيعي جداً أنها لم تكلم أبا بكر لأنها كانت مريضة وما كان أبا بكر يخالطها أصلاَ  , ليست إبنته وليست قريبة له , هي إبنة النبي وزوجة علي رضي الله عنه ما شأن أبي بكر بها ؟ ولذلك زارها قبل موتها رضي الله عنها , بل وعلى المشهور أن التي غسلتها والتي كانت تمرضها هي أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر الصديق هي التي غسلت فاطمة رضي الله عنها .. فقضية أن فاطمة وجدت على أبي بكر الله أعلم بذلك . هذا فهم عائشة تقول أنها وجدت لكن ليس الحديث نص أن فاطمة تكلمت في أبي بكر أو طعنت فيه  أبداً  .. سكتت رجعت إلى بيتها بعد أن قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول  ( لا نورث ما تركناه فهو صدقة ) .

 

شبهة رزية يوم الخميس :   

 

أو حديث الرزية , والرزية يعني المصيبة التي وقعت هذا الحديث يرويه بن عباس يقول : لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم – يعني الوفاة – وفي البيت رجال فيهم عمر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (هلم أكتب كتاباً لا تضلون بعده ) , فقال عمر : ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلب عليه الوجع  وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله ) , وأختلف أهل البيت وأختصموا  فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاباً لا تضلوا بعده , ومنهم من يقول ما قال عمر فلما أكثروا اللغو والإختلاف عند رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (قوموا ) أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما .

 

هم يطعنون على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وخاصة عمر من خلال هذا الحديث , مدار طعنهم في ماذا ؟ :

 

أولا قالوا إن عمر قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يهجر , وهذه قالها التيجاني كذباً وزوراً في كتاب فسألوا أهل الذكر   ص144 وص 179 ونسبه إلى البخاري كذباً وزوراً وهو ليس في البخاري أن عمر قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يهجر وإنما قال غلب عليه الوجع .

 

ما معنى قول عمر : ( حسبنا كتاب الله ) هل معنى هذا أننا لا نريد السنة , هكذا هم يلبسون على الناس , إن معنى قول عمر  ( حسبنا كتاب الله ) أي ما جاء في كتاب الله { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا }  يكفي كمل الدين دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتاح , إجتهد عمر في هذه .. أصاب أو أخطأ هذا موضوع آخر  , لكن هل نقول إن عمر كتم الدين رضي الله عنه وأرضاه !! عندما قال ( حسبنا كتاب الله ) , هل كان الذي سيبلغه النبي صلى الله عليه وسلم أمراً لازماً واجباً لابد منه وأحذروا قبل أن تقولوا نعم , لأننا إذا قلنا نعم هو أمر لازم واجب لابد منه والنبي لم يبلغه معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتم الرسالة ولم يكملها وكتم بعضها والله جل وعلا يقول { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا }  قبل هذه الحادثة بثلاثة اشهر في حجة الوداع قال الله هذا الكلام سبحانه وتعالى وأنزله على نبيه قرآناً يتلى .

بل إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( ما تركت شيئاً يقربكم إلى الله والجنة إلا وأمرتكم به  , وما تركت شيئاً يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا وقد نهيتكم عنه )   إذاً النبي بلغ الرسالة .

 

بقي أمر وهو ما  هو هذا الأمر  الذي أراد النبي أن يبلغه ؟ , جاء في مسند أحمد بإسناد مرسل ولكنه صحيح – صحيح مرسل – إلى حُميد بن عبد الرحمن بن عوف  أن علياً رضي الله عنه كان حاضراً في هذه الحادثة فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إئتوني بكتاب قال علي : يا رسول الله إني أحفظ  , قل أحفظ  , فقال :

( أوصيكم بالصلاة والزكاة وما ملكت أيمانكم ) إذاً بلّغ ما كان يريد صلوات الله وسلامه عليه ..

 

ولنا أن نسأل هل كان علي حاضراً رضي الله عنه في هذه الحادثة .. قطعاً نعم عند الجميع عندنا وعند الشيعة هو حاضر  , إذاً لما لم يكتب  لما لم يذهب ويأتي بالدواة والقلم ويكتب مع من كان علي مع الذين منعوا أو مع الذين لم يمنعوا ؟! ..

 هذا الموقف من النبي صلى الله عليه وسلم لما قال : ( قوموا عني ) أمرهم أن يقوموا عنه صلوات الله وسلامه عليه  .. لماذا قال قوموا عني ؟ .. لأنه صار صياح هذا يقول قرب وهذا يقول لا تقرب والنبي صلى الله عليه وسلم في وادي وهم في وادٍ آخر  , ولذلك أمرهم بالخروج صلوات الله وسلامه عليه .

نعم هناك من قال يستفهم: أهجر ؟؟ يعني أهذا الذي يقوله النبي صلى الله عليه وسلم هجراً  أو لا ؟؟  ولكن نقول من يقول أن الذي قال هذا عمر ؟ لماذ لا يكون قاله علي ! ونحن أيضاً نقول علي لم يقل هذا , إذاً من الذي قال : أهجر ؟ , لعله أحد الذين كانوا حديثي إسلام وحضروا النبي صلى الله عليه وسلم  وقالوا مثل هذه الكلمة .. ولكن لم يثبت أبداً أن أبا بكر قال هذه الكلمة أو عمر أو  عثمان أو علي أو الزبير أو طلحة أو أحد من كبار أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم .

النبي صلى الله عليه وسلم معلوم أنه لما أصابه الوجع قبيل موته لما حضر النبي  صلى الله عليه وسلم الوفاة كما قال بن عباس إذ كان الأمر على النبي صلى الله عليه وسلم شديداً صلى الله عليه وآله وسلم .. ولذلك بن مسعود لما حضر النبي صلى الله عليه وسلم وهو على فراش الموت وجده يعرق عرقاً شديداً يتصبب العرق من جبينه , فقال يا رسول الله إنك توعك وعكاً شديداً  قال : ( إني أوعك كرجلين منكم )  , قال : أذلك لأن لك الأجر مرتين ؟ , قال : ( نعم ) .

فشفقة عمر على النبي  صلى الله عليه وسلم هي التي دفعته أن يقول ( حسبنا كتاب الله حسبنا كتاب الله )  يعني دعوا النبي يرتاح صلى الله عليه وسلم .

 

وقلنا ونعيد ونكرر قبلتم هذا أو لم تقبلوه , لكن هل هذا يُخرج عمر من الملة ؟ , هل هذا يجعل عمر عاصياً لله جل وعلا ..

 

طبعاً هناك دعوى عريضة لا دليل عليها وهي أن هذا الكتاب هو خلافة علي ! دعوى من يقول إن هذه الدعوى صحيحة , أنا الآن في هذا المقام سأقول أن هذا الكتاب هو خلافة أبو بكر  .. من يمنعني ؟ بل أنا صاحب الدليل لأنه ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إئتوني بكتاب فإني أخشى أن يتمنى متمني ويأبى الله إلا أبا بكر ) ولذلك جعل النبي صلى الله عليه وسلم  أبا بكر هو  الذي يصلي بالناس في مرض موته صلوات الله وسلامه عليه .

من يقول أن هذا الكتاب هو خلافة علي ؟ ثم هذا الكتاب هو خلافة علي أليس النبي قد بلّغ خلافة علي – كما يدعي القوم -  في الغدير وقبل الغدير في تبوك , وقبل تبوك في مكة في حديث الإنذار حديث الدار فلماذا صار الأمر إلا الآن .. الآن فقط يريد أن يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم , ثم تعالوا ننظر إلى ما بلغه النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن ومن السنة كم نسبة المكتوب من غير المكتوب ولا شيء جل ما بلّغه النبي صلى الله عليه وسلم مسموع غير مكتوب , والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقول :

( نحن أمة أمية لا نكتب الشهر عندنا  هكذا وهكذا وهكذا ) يعد بأصابعه صلوات الله وسلامه عليه , ولذلك أنظروا كم حديث للرسول صلى الله عليه وسلم الذي كتبه الصحابة وكم حديث للنبي صلى الله عليه وسلم الذي وعاه الصحابة وحفظوه لا مقارنة فلماذا هذه بالذات تُكتب , فالقصد أننا ننظر في هذا الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم  هل هو أمر واجب أو أمر مستحب .. قطعا هو أمر مستحب وليس من الأمر الواجب لأننا قلنا قبل قليل إذا قلنا إنه من الأمر الواجب فإننا نقول إن النبي قد كتم والنبي لم يكتم صلى الله عليه وسلم , هذا ليس امر واجب بل هو من المستحبات التي تركها للمصلحة صلوات الله وسلامه عليه .

 

وختاماً نقول إقرأوا كتاب الله تبارك وتعالى تدبروا كلام الله جل وعلا  إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه العزيز : { لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} أي الذين أنفقوا من قبل الفتح والذين أنفقوا من بعد الفتح كلهم وعدهم الله تبارك وتعالى الحسنى , وماذا يترتب على وعد الله تبارك وتعالى بالحسنى , قال الله تعالى { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ 101 لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ} , تدبروا قول الله تبارك وتعالى : { وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ } , تدبروا قول الله تبارك وتعالى { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ.. } , تدبروا قول الله تعالى { لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ 8 وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ 9} , اقرأوا قول الله تبارك وتعالى { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا 18} أيرضى الله عن المنافقين لا يرضى الله تبارك وتعالى أبداً عن المنافقين , إن الله لا يرضى إلا عن المؤمنين لأن الله تبارك وتعالى يعلم ما كان ويعلم ما يكون سبحانه وتعالى فالله بكل شيء عليم ولا يرضى الله عن المنافقين أبداً .

 

إن من أبرز صفات المنافقين في كتاب الله جل وعلا وفي سنة النبي صلى الله عليه وسلم وفي واقع الأمر أنهم أجبن الناس , يخافون على أنفسهم ويخافون الموت ولذلك تجدهم مذبذبين كما قال الله جل وعلا { مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء} فهل هذه الصفات هي صفات أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم , إن أصحاب محمد  صلى الله عليه وآله وسلم هم الذين باعوا أنفسهم وأشتروا الجنة والذين بذلوا كل شيء في سبيل الله تبارك وتعالى هم الذين قاتلوا المرتدين , هم الذين فتحوا البلاد هم الذين فتحوا الهند والسند وفتحوا الشام ومصر وفتحوا العراق وفتحوا بلاد فارس هم أصحاب محمد  صلى الله عليه وسلم , هم هؤلاء الذين تطعنون أنتم فيهم  الله يقول { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ } والله سبحانه وتعالى يقول { لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ } الله تبارك وتعالى يقول { لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} ويقول بعدها { وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} وأنظروا أنتم ماذا تقولون أنتم وماذا يقول علمائكم عن أولئك الصحابة , أتصدقون الله ورسوله أو تصدقون علمائكم ؟ إنكم بين أمرين , كيف بمن جلس مع طلابه ثلاثاً وعشرين سنة يعلمهم صلوات الله وسلامه عليه وهو رسول الله أوتي جوامع الكلم .. أحرص الناس على الخير .. أتقى الناس لله .. أعلم الناس بالله .. أصدق الناس مؤيد من عند الله تبارك وتعالى ثم بعد ذلك لم ينجح أحد !! إلا ثلاثة .. إلا أربعة إلا خمسة .. إلا سبعة على روايات متفاوتة عندهم ... أتقبلون هذا !!؟ ..

 

أتقبلون أن يُقال فشل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تربية أصحابه .. إنه الكفر بعينه إنه الطعن في ذات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم .

إن صفات أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أبداً أن تكون صفات المنافقين .. إقرأوا كتاب الله وتدبروه .. إقرأوا سورة التوبة لتعلموا ما هي صفات المنافقين وأقرأوا باقي القرآن , آل عمران والفتح وغيرها من كتاب الله حتى تعلموا صفات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , إنكم تطعنون في أقوام قد حطوا رحالهم في الجنة , إنكم تطعنون في أقوام كان علي يحبهم وكان أولاده يجلونهم , علي رضي الله عنه زوج إبنته أم كلثوم لعمر يا من تطعنون في عمر , علي رضي الله عنه سمى أولاده بأسماء أبي بكر وعمر وعثمان , الحسن سمى أولاده بأسماء أبي بكر وعمر , علي بن الحسين سمى إبنته عائشة وسمى ولده عمر  , سُكينة بنت الحسين من زوجها ؟ مصعب بن الزبير بن العوام .

إن العلاقات بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأولادهم مع آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وأولادهم كانت حميمة جداً والله ما كان بينهم ما يدعون من كفر أولئك وعصمة الآخرين بل كانت علاقة ود وصفاء ومحبة هكذا كانوا .. لماذا نقبل من الآخرين أن يسيروا فكرنا ولا ننظر نحن في كتب التاريخ وكتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وتراجم هؤلاء لنعرف الحقيقة بأنفسنا , كل منا سيحاسب في قبره لوحده سيحاسبه الله تبارك وتعالى لماذا أبغضت هؤلاء ؟  .. ما ذنبهم ؟ .. إنهم أولياء الله جل وعلا والله سبحانه وتعالى يقول ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ) وإنما توعد الله بالحرب ثلاثة .. توعد آكل الربا , وتوعد الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً ,  وتوعد الذين يحاربون أولياءه  فأحذر ..

 

والله ما أردنا من هذا الشريط ولا أردنا من هذه الجلسة إلا أن نقدم النصح والله لا نريد لكم إلا الخير لا نريد لكم إلا الجنة .. ليست بأيدينا ولكن الله تبارك وتعالى بين لنا طريقها وبين لنا النبي صلى الله عليه وسلم طريقها , إنه بقدر ثبوت قدمك على الصراط  في هذه الدنيا يكون ثبوت قدمك على الصراط في الآخرة نسأل الله تبارك وتعالى أن يهدينا ويهديكم وأن يوفقنا ويوفقكم ودعونا نقول جميعاً .. اللهم أرنا الحق حقاً وأرزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وأرزقنا إجتنابه  ثم بعد ذلك نسعى سعياً حثيثاً لمعرفة الحق وطلبه حتى نتبعه ولمعرفة الباطل حتى نجتنبه ونبتعد عنه والله أعلى وأعلم وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى صحابته أجمعين والسلام عليكم ورجمة الله وبركاته .

  

 

  • الاثنين PM 05:52
    2021-03-29
  • 1213
Powered by: GateGold