المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 415292
يتصفح الموقع حاليا : 267

البحث

البحث

عرض المادة

أين التوراة والإنجيل الأصليين؟

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على جميع الأنبياء والمرسلين، أما بعد:

فبعد دخول الشرطة الرومان على المسيح ومعهم اليهود ليقتلوه تفرق الحواريون، الجميع يريد النجاةَ بجلده، ولم يحفظوا الإنجيلَ ولم ينشروا رسالةَ المسيح، لأنهم صاروا في خوف شديد من أعداء المسيح، فضاع الإنجيل، ثم بعد عقودٍ من الزمن جاء يوحنا ومتى ومرقس ولوقا، وكتبوا ما سمعوه من الناس، وسمى كلُّ واحد منهم كتابه إنجيلا، وسماه باسمه (إنجيل يوحنا، إنجيل متى، إنجيل مرقص، إنجيل لوقا)، ويلاحَظ أنه لم يقل أحد منهم إطلاقًا إن الذي كتبه هو نفس الإنجيل الذي كان بيد المسيح.

وبهذا تبين بالدليل التاريخي أن كتاب الإنجيل الأصلي (كلام الله) الذي كان بيد المسيح لم يحفظه الحواريون، ولم تتناقله الأجيال، فبناء عليه فلا يصح أن توصف تلك الأناجيل بأنها كلام الله.

وقد اتفق العقلاء الباحثون في الدين المسيحي على أربعة وعشرين حقيقة مهمة تتعلق بالعهد الجديد (الأناجيل الأربعة والرسائل الثلاثة وعشرين الملحقة بها)، وهي:

  • الحقائق المتعلقة بالتوثيق
  1. ضياع أصول العهد الجديد، فلا يوجد أيُّ إنجيل من الأناجيل الأربعة التي بيد المسيحيين اليوم بِـلُغته الأصلية التي أُلِّـف بها، فالنسخ الأصلية لجميع الأناجيل الأربعة مفقودة، ومن المستحيل العثورُ عليها.
  2. ضياع أصول الترجمات الأصلية عن اللغة الأصل لتلك الأناجيل، العبرية أو الآرامية، واستحالة العثور عليها.

وهذا مما زاد الطين بِـلَّةً، فضياع النسخ الأصلية للأناجيل الأربعة يعتبر كارثةً بحد ذاته في الدين المسيحي، فكيف إذا ضاعت بعد ذلك أصول ترجماتها؟

  1. إن النسخ المتداوَلة من الأناجيل عبارة عن ترجمات لتلك الترجمات، كما أن هذه الترجمات أُعِدَّت بعد عدة قرون من تاريخ الترجمات الأصلية، فهي ترجمات عن ترجمات بعيدة عنها في التاريخ.
  2. ثم إنه من المعلوم أن الترجمة ليست كالأصل، فمهما أوتي المترجم من فنٍّ وبراعة في اللغة التي ينقُل منها، واللغة التي ينقُل إليها - مع افتراض حسن النية لأقصى مدى - فإن كثيرًا من الكلمات والتعبيرات تفقِد معانيَها ورموزَها الدقيقةَ، بالإضافة إلى فقدِ قوَّتها ورونقِها، عند نقلها من لغتها الأصلية إلى لغة أخرى، ويزداد التأثير السلبي لهذا العامل في النصِّ كلَّما تُرجِمت الترجمة إلى لغة أخرى.
  • الحقائق المتعلقة بالشخصيات
  1. إن الشخصيات الحقيقية لمؤلفي تلك الأناجيل غير مؤكَّدة على وجه اليقين، كما أن الأناجيل ليس فيها ذِكر الأسماء الكاملة لأولئك المؤلفين.
  2. جهالة شخصيات المترجمين الأوائل لتلك الأناجيل، واستحالة معرفتهم.
  3. نظرًا لما تعرضت له الديانة المسيحية والمسيحيون من بطشٍ وقهر واجتثاث، ومصادرةٍ وتحريمٍ لأناجيلهم على يد الإمبراطورية الرومانية لمدة قرنين ونصف من الزمان، ومِن قبلها على يد اليهود قبل رفع المسيح وبعد رفعه، فإنه يستحيل على المسيحيين تقديمُ سند متصل لأناجيلهم الأربعة التي يعتقدون صحتها، وكذلك الرسائل الملحقة بها.
  4. من المعلوم أن هذه الأناجيل الأربعة والرسائل الملحقة بها، التي بيد المسيحيين اليوم، منسوبةٌ إلى مَن يُعتقد أنهم مؤلفوها المذكورة عليها أسماؤهم الأولى فقط وهم: متَّى، ومرقص، ولوقا، ويوحنا، فهي لم توحَ إلى المسيح عيسى ابن مريم S مِن الله E، كما أن السيدَ المسيح لم يكتبها، ولم يُملِها على كُتَّابِها، ولم يُكلِّف أحدًا منهم بكتابتها، بل هو لـم يرها أو يطلع عليها، إذ إنها لم تكن موجودة أثناء حياته، وهي ليست منسوبة له، ولكنها منسوبة إلى مَن يُعتقد أنهم مؤلفوها المذكورة عليها أسماؤهم الأولى فقط، فكيف يصح أن توصف تلك الأناجيل - والحالة هذه - بأنها كلام الله؟
  • تنبيه مهم

إنجيل «متَّى» بوضعه الحالي لا يستطيع أحد أن يجزم بأنه من إعداد «متى» نفسه، وذلك أن فيه عبارة تُـشعر بذلك، وهي:

«وفيما يسوع مجتازًا من هناك، رأى إنسانًا جالسًا عند مكان الجباية اسمه «متى»، فقال له: اتْـبَـعني. فقام وتـَـبِـعه». إنجيل «متى» (9:9)

والسؤال هنا: من كاتب هذه العبارة المذكورة في إنجيل «متى»؟

قطعًا هو ليس «متى»، لأن العبارة من إنشاء شخصٍ ما يتكلم عن «متى»، وليس المتكلم «متى» نفسه. وهذا واضح، فلو كان «متى» هو كاتب إنجيل «متى» لقال:

«وبينما كان يسوع مجتازًا من هناك، رآني جالسًا، فقال لي: اتْـبَـعني. فقمت وتـَـبِـعته».

كذلك فإن المتكلم ليس يسوع، والسبب هو نفس السبب السابق، فالعبارة تتكلم عن اليسوع، وليس المتكلم هو اليسوع نفسه.

إذن فلم يبق إلا أن يُقال إن صاحب الكلام هو شخص مجهول الهوية، أَدخل كلامه في هذا الإنجيل المنسوب إلى «متى»، ثم قال القساوسة إن إنجيل «متى» كلام الله!

قال الأستاذ الباحث عبد الوهاب الشايع حفظه الله:

«وقد توصل العلماء الغربيون المسيحيون الذين درسوا المسيحية إلى أن كاتب إنجيل «متى» قد اعتمد على إنجيل مرقص إلى حد كبير وبتصرف.

فكيف يعتمد رجل يُعتبر أحد حواريي السيد المسيح مثل «متى» على النقل على إنجيل مرقص الذي لم يكن من حواريي السيد المسيح؟»([1])

 

  1. يضاف إلى ذلك أن الثلاث وعشرين رسالة الملحقة بالأناجيل الأربعة كلها قد أُلِّـفت أيضًا بعد رفع المسيح، فيكون المجموع سبعة وعشرين سفرًا، وهذه الأسفار تمت كتابتها من قِـبَـل أشخاص لم يثبت أنهم التقوا بالمسيح لحظة واحدة، بل الثابت أنهم كتبوها بعد رفعه إلى السماء، وهي في مضمونها غير متطابقة لا في النص ولا المضمون، وبينها من التناقض والاختلاف الشيء الكثير.

فكيف يصح - والحالة هذه - أن توصف تلك الأناجيل بأنها كلام الله مع وجود هذا الاختلاف والاضطراب العظيم بينها؟!

أقول: ومن أوضح الأدلة على تناقض الأناجيل الأربعة المعترَف بها في الكنائس أن كل واحدٍ منها يصور المسيح بصورة مناقضة للإنجيل الآخر، فإنجيل «متى» يصور المسيح على أنه «إنسان البشرية».

وإنجيل مرقس يصور المسيح بصورة «الأسد»، وأصحاب هذا التصور هم طائفة «الـمـلَـكية».

وإنجيل لوقا يصور المسيح بصورة «الثور»، يقولون إنه يذكرهم بوجه الذبيحة والصليب، (فأيُّ احترام للمسيح في هذا التصوير؟)

وإنجيل «يوحنا» يصور المسيح بصورة «النسر»، عبارة عن «الألوهية» وأنه المعبود.

  1. وإذا أُضيفت أسفار العهد القديم الستة والأربعين (الـمكونة من التوراة وغيرها) إلى أسفار العهد الجديد (الإنجيل) السبعة وعشرين صار مجموع الأسفار ثلاثة وسبعين، يؤمن البروتستانت بستة وستين منها، ولا يؤمنون بالبقية، بينما يؤمن الأرثوذكس والكاثوليك بها كلها.

فكيف يصح أن توصف تلك الأناجيل - والحالة هذه - بأنها كلام الله مع وجود هذا الاختلاف والاضطراب بينها؟!

  • الحقائق المتعلقة بالتاريخ والمكان
  1. إن تاريخ تأليف كل إنجيل غير معروف على وجه الدقة، فإنه من المعلوم أن هذه الأناجيل الأربعة قد أُلِّـفت جميعها بعد رفع المسيح S بسنوات طويلة، وللعلماء المسيحيين الغربيين آراء مختلفة في تحديد تواريخ تقريبية لتدوين هذه الأناجيل، فبعضهم يضعها ما بين سنة 37 إلى سنة 110م، وآخَرون يضعونها ما بين عامي 60 إلى 120م، فكيف يصح أن توصف - والحالة هذه - بأنها كلام الله؟
  2. إن مكان تأليف كل إنجيل غير معروف.
  3. لم يَذكر أي واحد من مؤلفي الأناجيل أنه ألَّفه بوحي من الروح القدس، كما لم يقولوا إن ما ألفوه من أناجيل هي كلام الله، وإنما الذي قال ذلك وادَّعاه هم القساوسة أنفسهم.

قال الأستاذ الباحث عبد الوهاب الشايع حفظه الله:

«من الواضح أن مؤلفي الأناجيل بصورتها الأصلية، وقبل أن تمتد إليها الأيدي بالتحريف على مر القرون - من حذف أو إضافة أو تغيير، بقصد أو من دون قصد- كانوا يكتبون ذكرياتهم مع السيد المسيح، أو عما سمعوه من الذين شاهدوا المسيح وآمنوا به، أي أنهم كانوا يكتبون ما يمكن أن يُطلق عليه تجاوزًا: سيرةً لحياة وأقوال وأفعال السيد المسيح S.

ولم يكن يدور بخَلَد أيٍّ منهم أنه يكتب كتابًا سيكون مقدَّسًا ذات يوم، أو أنه كان يكتب بإلهام أو بوحي من السماء، فلم يدَّعِ أيٌّ منهم أنه قد تلقى وحيًا من السماء قبل أو أثناء كتابته لإنجيله، ومن الأدلة المهمة في هذا الخصوص ما جاء في مقدمة إنجيل لوقا، فقد كان الكلام موجهًا من لوقا إلى صديق له اسمه ثاوفيلس، فهل يمكن أن يكون هذا كلام الله؟!

والشيء نفسه ينطبق على كَـتَـبة الرسائل الملحقة بالأناجيل، باستثناء بولس، الذي زعم أنه تلقى وحيًا من المسيح، وأحيانًا يدَّعي أنه تلقى الوحي
من الله».([2])

 

  • الحقائق المتعلقة بنقد مضمون الأناجيل
  1. عندما يتصفح الباحث المتجرد لمعرفة الحق أيَّ إنجيل من الأناجيل الأربعة - من أوله إلى آخره - يتفاجأ بأنه لا تسُوده وجهة نظر واحدة أو عقيدة واحدة.
  2. وكذلك الأمر عندما يقارِن الأناجيل بعضها مع بعض، أو مع الرسائل الملحقة بها، فإنه يخرج بالانطباع نفسه، وهو أنه لا تسودها وجهة نظر واحدة أو عقيدة واحدة محددة، فهي تحتوي على خليط غير متجانس من العقائد والقصص المتنافرة والمتضادة والمضطربة، التي يهدم بعضها بعضًا، كما لو كان كلُّ إنجيل قد كُتِب بواسطة عدة أشخاص، ومن دون ترتيب أو تنسيق بينهم، مما يدل على كثرة التغيير والتبديل بالحذف والإضافة الذي تعرضت له تلك الأناجيل بقصد ودون قصد على مر القرون.
  3. كما يُلاحَظ أنه لا توجد في الأناجيل الأربعة رواية متسلسلة ومترابطة عن الأحداث المتعلقة بحياة المسيح S، بل الموجود مقتطفات لا رابط بينها، كما أنها تختلف في سردها أو في تفاصيلها من إنجيل إلى آخر، وقد ينفرد بعضها بذكر أحداث تُـغفِلها الأناجيل الأخرى أو بعضها، ومن تلك الأحداث المهمة، التي أغفل مرقص ويوحنا ذكرها في إنجيلَـيهما، موضوع مولد المسيح وطفولته، هذا بالإضافة إلى أن النصوص المنسوبة إلى المسيح في الأناجيل والرسائل الملحقة بها قليلة جدًّا.

يقول الشيخ (متولي يوسف شلبي) عن الأناجيل الأربعة: «إنها لا تحمل صفة الرواية حتى في أقل صورها التي يجب أن تتوفر لكتاب سماوي أو تعاليم نبي».([3])

  1. هذا بالإضافة إلى أن الأناجيل تحتوي على معلومات أو أحداث، إما أنها تختلف أو تتعارض مع بعضها، أو تحشد كَـمًّا من المعجزات والحِكم والوعظ والإرشاد التي تنسبها إلى المسيح، من دون الالتزام بالظروف والأحداث التي جاءت تلك المعجزات والحِكم والمواعظ في سياقها، مما يشير إلى أن مؤلفي تلك الأناجيل لم يهتموا بفرز وتنقيح الروايات الشفهية التي سمعوها قبل تدوينها، أو أنَّ ذلك كان بسبب الأيدي التي امتدَّت إليها فيما بعدُ بالتحريف والتبديل.
  2. اعتماد الأناجيل على الرؤى والأحلام([4])

هناك مفاصل كثيرة ومهمة في الديانة المسيحية الحالية وعقائدها وشرائعها، تعتمد على الرؤى والأحلام، وسيجد القارئ ذلك مُثبَتًا في أناجيلهم الأربعة والرسائل الملحقة بها في مواضع مثل:

«أعمال الرسل» (10/1-5 و 9-16).

وانظر أيضًا ما ادعاه بولس من أن الرب نادى تلميذًا للمسيح اسمه حنانيا في رؤيا منامية وأمره بالذهاب إلى بولس ليخبره بأنه صار نبيًّا!

بل إن هناك رسالة كاملة ملحقة بالأناجيل هي «رؤيا يوحنا اللاهوتي»، يدعي صاحبها يوحنا أن المسيح أراه هذه الرؤيا عن طريق ملاك أرسله له، وهي كلها رؤيا منامية (أحلام).

التعليق

فبناء على هذا فإن بناء المسيحية يعتبر بناءً هشًّا، ليس قائمًا على الوحي المنزَّل من السماء، بل قائمًا على الرؤى والأحلام، فهي  أحد مصادره الأصلية، كيف لا ودعوى بولس للنبوة معتمِدة على رؤيا يزعم أنه رآها، ومن المعلوم أن بولس هو الـمطَوِّر الرئيسي للمسيحية، وقد أدخل في شريعة المسيح من العقائد وألغى منها ما ترتب عليه مِن تغيير وتشويه جذري لدين المسيح، فماذا بعد هذا؟

  • فقد ادّعى بولس أنه رسول معين من قِبل يسوع.
  • وادَّعى بولس أن اليسوع أوحى إليه إنجيلًا.
  • وادَّعى بولس أن يسوع ابن الله.
  • وادَّعى بولس أن خطيئة أبينا آدم وأمِّنا حواءَ لم تُغفر، وأن البشرية توارثتها عبر القرون، وهي المعروفة بـ«الخطيئة» أو «المعصية الأولى»([5]).
  • وادَّعى بولس أن يسوع أرسله الله، فنزل إلى الأرض ليُصلب ويتعذب فداءً للبشرية من خطيئة أبَويهم آدمَ وحواءَ.

وهكذا أخرج الخبيثُ بولسُ جماهيرَ النصارى من دين المسيح الحقيقي الذي يدعو إلى عبادة الله وحده وترْك عبادة مَن سواه، إلى دين لا يَـمُتُّ لدين المسيح بصلة، ألا وهو الوثنية، التي هي عبادة الأوثان (وهي الجمادات التي لا تدب فيها الحياة، مثل الأحجار والصور والقبور والصلبان)، وعبادة البشر (كالـمسيح وأمه، وعبادة القساوسة).

وبعبارة مختصرة فإن دين المسيح تحول على يد بولس من عبادة الخالق إلى عبادة المخلوق، ومن اتِّـباع النبي الحقيقي وهو المسيح، إلى اتِّـباع مدَّعٍ للنبوة وهو بولس.

فبالله عليكم أيها القراء؛ دينٌ مثلُ هذا، هذا حاله، وحال كتبه، وحال القائمين عليه، هل يصح أن يقال إنه دين الله، وأنه دين صحيح، وأنه دين محفوظ، وأنه يؤدي بالناس إلى الجنة ويخلصهم من النار؟

  1. كما يُلاحَظ خُـلُـوُّ هذه الأناجيل من كيفية أداء العبادات، ومن التشريعات الاجتماعية، ومن التشريعات المتعلقة ببناء الدولة بمؤسساتها المختلفة، فكيف يصح أن توصف الأناجيل - والحالة هذه - بأنها كلام الله؟!
  2. إن المعلومات التي في الأناجيل الأربعة المعتمدة والأخرى الثلاثة وعشرين غير المعتمدة لا تتحدث إلا عن ثلاث سنوات فقط من حياة المسيح S، أما بقية عمر المسيح فلا نعلم عنه كبيرَ شيء، هذا بالإضافة إلى التناقض البيِّن بين الأناجيل في تلك المعلومات القليلة عن حياة المسيح S.

ولعلَّ أشدَّ مراحل سيرة المسيح S غموضًا هي تلك المرحلة التي مرت عليه قبل بلوغه الثلاثين، فإننا لا نعرف شيئًا ذا بال عن ولادته وطفولته وشبابه، ولعل من أسباب ذلك هو ضياعَ الإنجيل الأصلي الذي أنزله الله على عيسى S.

فكيف يصح أن توصف تلك الأناجيل - والحالة هذه - بأنها كلام الله مع وجود هذا النقص العلمي فيها؟!

  • دليل منطقي على أن الأناجيل الأربعة لم يعلم بها المسيح ولم يرها
  1. كان بين يدي المسيح إنجيل واحد يُـبشر به (وليس أربعة)

كان بين يدي المسيح إنجيل يبشر به، فقد جاء في إنجيل متَّى (26/13) على لسان السيد المسيح «الحق أقول لكم: حيثما يُكرز بهذا الإنجيل».

كما جاء في إنجيل مرقص (1/14 و 15): «وبعدما أُلقي القبض على يوحنَّـا انطلق يسوع إلى منطقة الجليل، يبشر بإنجيل الله قائلًا: قد اكتمل الزمان واقترب ملكوت الله، فتوبوا وآمنوا بالإنجيل».

فبناء على هذا فليس الإنجيل الذي كان بيد المسيح أيًّا من الأناجيل الأربعة المعروفة، لأنها أناجيلُ منسوبةٌ إلى أشخاص يقال إنهم
تلاميذ المسيح ومن ينتمي إليهم، فقطعًا ليست هي من كلام الله، ولم تَـنزل على المسيح.

ثم إنهم ألَّـفوها في الفترة ما بين 37 إلى 110م، كما ذكر ذلك بعض المؤرخين، وآخرون قالوا إنها أُلِّـفَت ما بين عامَي 60 إلى 120م، وكلها تواريخُ تقريبية.([6])

 

التعليق

قال الأستاذ الباحث عبد الوهاب الشايع حفظه الله:

«من الواضح والمنطقي والبَـدَهي، أن الإنجيل المشارَ إليه في النصوص السابقة يَدل بكل وضوح وجَلاء على أنه كان للسيد المسيح إنجيلٌ واحدٌ يُـبشر به، وأن هذا الإنجيل ليس واحدًا من الأناجيل الأربعة التي بيد المسيحيين اليوم ولا ينطبق على أيٍّ منها.

فليس من بينها إنجيل يسمى «إنجيل الله» أو إنجيل «عيسى ابن مريم»، بالإضافة إلى أنه لا يُطلق على أيٍّ منها اسم الإنجيل فقط، بل يجب ربطه باسم مؤلفه، كقولهم: إنجيل متَّى، أو إنجيل مرقص، أو إنجيل لوقا، أو إنجيل يوحنَّـا.

وبفقْدِ الإنجيل الذي أنزله الله E على عبده ورسوله عيسى ابن مريم S - بعد رفعه - فقد تم تجريد رسالته من كتابه السماوي، وفقَدَ النصارى البوصلة السماوية، وانفتح الباب على مصراعيه لتحريف رسالته».([7])

  • دليلان تاريخيان على أن الأناجيل الأربعة من صنع البشر
  1. الأناجيل كان عددها كثير في نهاية القرن الأول الميلادي، وليست محصورة بأربعة!

مما ينبغي أن يُعلم أن هذه الأناجيل الأربعة لم تكن الوحيدة التي أُلفت بعد رفع السيد المسيح، فقد كان هناك كثير من الأناجيل الرائِجة عند المسيحيين، بلغ عددها ما يزيد على السبعين إنجيلًا، ظهرت بين القرنين الأول والرابع للميلاد، واستمر الحال كذلك حتى تم اعتمادُ الأناجيل الأربعة الحالية في مجمع نيقية سنة 325م، وفرَضَها بالقوة، وحرَّم تداوُل الأناجيل الأخرى.

فإن كانت الأناجيل الأربعة فعلًا كلام الله، فما بال بقية السبعين لا يقال فيها إنها كلام الله وتُنشَر بين الناس، أم لأن في بعضها - كإنجيل برنابا -
ما يناقض قواعد المسيحية المعاصرة التي أدخلها بولس ومَن بعده في
دين المسيح؟

قال الأستاذ الباحث عبد الوهاب الشايع حفظه الله:

«بلغ عدد الأناجيل المتداولة بيد المسيحيين - بعد حوالي قرن من رفع السيد المسيح S- إلى ما يفوق سبعين إنجيلًا.

وفي مجمع نيقية، الذي انعقد في عام 325م، اختار المجمع أربعة أناجيل فقط، وحرَّم الأناجيل الأخرى، إذِ اعتبرها مزيَّفة وأمر بإحراقها، وأصدر عقوباتٍ تصل إلى حدِّ الإعدام لمن توجد في حوزته.

ولا نعلم ما الأسس أو القواعد التي اعتمد عليها مجمع نيقية في عدم الاعتراف ببقية الأناجيل؟

وما سبب إصدار تلك العقوبة المغلَّـظة بحق مَن يوجد بحوزته أحد تلك الأناجيل؟

كما حرَّم مجمع نيقية أيضًا عددًا من رسائل الرسل ولم يعترف بها مثل:

  • رسالة بولس إلى العبرانيين
  • رسالة بطرس الثانية.
  • رسالة يوحنَّا الثانية.
  • رسالة يوحنَّا الثالثة.
  • رسالة يعقوب.
  • رسالة يهوذا.
  • رؤيا يوحنَّا اللاهوتي، التي تسمى «السفر النبوي».

ثم جاء مجمع لوديسيا في سنة 364م، فأعاد الاعتراف بتلك الرسائل، علمًا أنه ليس لهذه الرسائل سند متصل، فهي لم تُـعرف إلا على لسان أنيوس عام 200م، وكليمنس عام 216م.

ولا نعلم ما الأسس أو القواعد التي اعتمد عليها مجمع نيقية في تحريم تلك الرسائل وعدم الاعتراف بها؟

كما لا نعلم ما الأسس أو القواعد التي اعتمد عليها مجمع لوديسيا في تخطئة مجمع نيقية وإعادة الاعتراف بتلك الرسائل؟

إن المرء ليتساءل: ألا يوجد احتمال أن بعض الأناجيل التي حُرِّمت وأُحرِقت بأمر من مجمع نيقية قد حُرِّمت بغير وجه حق وأنها لو كانت بين أيدي المجامع التالية لربما أعادوا الاعتبار لها أو لبعضها، مثلما أعادوا الاعتبار لبعض الرسائل في مجمع لوديسيا الذي عُـقِـد في سنة 364م، التي سبق لمجمع نيقية أنْ حرَّمها».([8])

تنـبـيـــــه

وجود هذه الكثرة الكاثرة من الأناجيل يعني أنه لم يكن للمسيحيين بعد رفع المسيح - ولمدة ثلاثة قرون - إنجيل واحد أو مجموعة أناجيل معتمَدة تشملهم جميعًا.

 

([1]) «تاريخ النصرانية»، ص 192 .

([2]) «تاريخ النصرانية»، ص 189.

([3]) «أضواء على المسيحية»، ص 51.

([4]) استفدت هذه النقطة من كتاب الأستاذ عبد الوهاب الشايع حفظه الله، «تاريخ النصرانية»، ص 188، وهامشها، وزدت عليها ما يسر الله.

([5]) ينظر كتاب «أربعون دليلًا على بطلان عقيدة توارث الخطيئة» للمؤلف، وهو منشور في شبكة المعلومات بهذا الاسم.

([6]) انظر «تاريخ النصرانية»، ص 178.

([7]) «تاريخ النصرانية»، ص 176، بتصرف يسير.

([8]) «تاريخ النصرانية»، ص 192 - 193.

  • السبت PM 02:27
    2023-09-23
  • 1132
Powered by: GateGold