إنكار مصطفى محود لشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم - مشروع الحصن ll للدفاع عن الإسلام والحوار مع الأديان والرد على الشبهات المثارة ll lightnews-vII

المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 443021
يتصفح الموقع حاليا : 208

البحث

البحث

عرض المادة

إنكار مصطفى محود لشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم

ثم قال مصطفى: والنبي يشكو أمته في القرآن ولا يتوسط لمذنبيها فيقول لربه: (يارب إن قومي أتخذوا هذا القرآن مهجوراً) وهي شكوى صريحة وكلام مناقض لأيّ شفاعة. ولن ينجو من المذنبين إلا من تكرم عليه رب العزة وفتح له باباً للتوبة قبل الممات. (1)

الجواب: هذه نزلت في المشركين كانوا لايُصغون للقرآن حين يتلى عليهم ولايستمعونه. ولا تُناقض الشفاعة لأهل الذنوب من الموحدين ولاتدل على نفي الشفاعة لهم بأيّ وجه. أما أنه لاينجو من المذنبين إلا من تاب قبل الممات فباطل مخالف لعقيدة أهل السنة والجماعة وهو إنكار لأحاديث الشفاعة الصحيحة بل وإنكار لما ثبت من أن الله يخرج من النار من شاء برحمته دون شفاعة شافع.


(1) ص 17،18.

ثم قال: والملائكة في طَوَافهم حول العرش يسبحون لربهم ويستغفرون للمؤمنين ويدعون لهم قائلين: {ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم} الآيات.إذن الوسيلة الوحيدة للنجاة من العقاب هي أن يقي ربنا عباده من الوقوع في السيئات أصلاً أويفتح لهم باب التوبة في حياتهم إذا تَوَرّطوا فيها.وهذه أبواب الشفاعة الممكنة وهي دعاء النبي لِمسلمي هذه الأمة بأن يختم حياتهم بتوبة ونرجو أن نكون من الفائزين بهذا الدعاء. وهذا الدعاء المحمدي هو الشفاعة التي نفهمها بالمعنى القرآني. (1)

الجواب: من أنكر ماصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو على شفا هلكة وقدْ صَحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه يشفع يوم القيامة بمن يأذن له الله بالشفاعة لهم من الموحدين. أما استغفار الملائكة للمؤمنين ودعاؤهم لهم. كذلك دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمته فلا يمنع ولايعارض ماثبت من أمر الشفاعة في القيامة فأيّ فهم هذا؟.


(1) ص 18.

ثم قال: أما الشفاعة بمعنى هدم الناموس وإخراج المذنبين من النار وإدخالهم الجنة. فهي فَوْضى الوسايط التي نعرفها في الدنيا ولا وجود لها في الآخرة. وكل ماجاء بهذا المعنى في الأحاديث النبوية مشكوك في سنده ومصدره لأنه يخالف صريح القرآن.ولايعقل من نبي القرآن أن يطالب بهدم القرآن. (1)

الجواب: يقال لهذا: ماهو الناموس الذي ينهدم إذا حصلت الشفاعة للمذنبين من الموحدين وأدخلوا الجنةبعد تعذيبهم بقدر ذنوبهم في النار؟إن الله لايُساوي بين مختلفَيْن ولايفرّق بين متساوِيَيْن ولا يظلم مثقال ذرة. فالذي يأتي يوم القيامة بالتوحيد وله ذنوب فإما أن يغفرها الله أويعذب بقدر ذنوبه ثم يُؤذن بالشفاعة له فكيف يُساوَى هذا بالكافر؟وانهدام الدين إنما هو بردّ ماثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.وكوْن أحاديث الشفاعة مشكوك في سندها ومصدرها هذه داهية. ولِكل أحد أن يقول مثل هذا فيما يخالف هواه فهل يستقيم أمر الدين مع هذا التلاعب.

أمّا أن أحاديث الشفاعة تخالف صريح القرآن فمن أبطل الباطل ويستحيل أن يصحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم مايخالف القرآن. ثم إن الله يقول: {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} فلوْلا أن الشفاعة كائنة في القيامة لَمَا ذكر الله هذا الإسْتثناء. وقال تعالى: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} فلوْلا أن الشفاعة كائنة في القيامة لما ذكر سبحانه هذا الإستثناء. فهذه الآيات ونحوها في أهل التوحيد. أما الكفار فقد قال تعالى: {فما تنفعهم شفاعة الشافعين} مما يبين أن الشفاعة حاصلة لغيرهم. ويقول تعالى عن الكفار أيضاً: {فما لنا من شافعين} فأين المخالفة لصريح القرآن لوْلا سوء الفهم.؟

أما فَوْضى الوسائط المعروفة في الدنيا فهذا مبني على أصل فاسد وفهم فاسد حيث أن الشفاعة المثبتة في الآخرة تختلف اختلافاً كلياً عن وسائط الدنيا. فالواسطة في الدنيا يتوسط ولوْ لم يأذن له المشفوع عنده كما أن المشفوع عنده في الدنيا يجيب شفاعة الواسطة لأنه يخافه ويرجوه ويستعين به ويستظهر وإن كان في صورة ملك ونحوه فهو يحتاج إلى الأعوان والأنصار ويتضرر بعدم إجابته شفاعتهم.

والرب سبحانه وتعالى بخلاف هذا كله. وإنما هو يُكْرم الشافع بأن يجعله يشفع. ولا يشفع الشافع إلا بمن يريد الرب أن يرحمه فليست الشفاعة مُلكاً لأحد بل (لله الشفاعة جميعاً) وهو الذي يُعَيِّن المشفوع فيه للشافع.ليس الشافع يتقدم بين يدي الجليل سبحانه مهما كانت منزلته فَسَيّد الشفعاء وأكرمهم عند ربه وأعظمهم جاهاً وأقربهم منزلة محمد صلى الله عليه وسلم يُحَدّ له حداً يشفع فيهم. وهذه كلها فروق بين شفاعة الدنيا وشفاعة الآخرة.

ولذلك من تعلّق بغير الله طالباً منه الشفاعة حُرِمها لأنها ملك لله سبحانه ولأن هذا شرك.ومِنْ عدم التفريق بين الشفاعة عند المخلوقين من الملوك ونحوهم وبين الشفاعة عند الخالق سبحانه حصل الضلال والشرك حيث تعلقت القلوب بغير الإله الحق سبحانه.ومما يُهوّن معرفة ماتقدم أن الرب سبحانه هو الخالق لأفعال العباد فلا أحد يملك أن يتحرك قلبه بإرادة شفاعة لأحد إلا أن يكون الله يخلق ذلك فيه. وكذلك جوارحه. فالأمر كله له سبحانه. إن تأمل هذا ومعرفته بالقلب يعطي العبد فرقاناً عظيماً بين الشرك والتوحيد بِقِسْمَيْه ويعرّفه معنى الكلمة العظيمة (لاحول ولاقوة إلا بالله) فهو المحرك للمتحرك والمسكّن للساكن في السموات والأرض. فهذا من توحيد الربوبية الذي يسْتلزم توحيد الإلهية.

وتأمل ماورد في حديث الشفاعة وهو في الصحيحين (آتي تحت العرش فأخِرّ ساجداً فيدعني ماشاء الله أن يدعني ثم يقال: إرفع رأسك وقل تسمع واشْفع تشفّع قال: فيحدّ لي حَدّاً فأدْخلهم الجنة؟)إذا كان يُحَدّ له صلى الله عليه وسلم فرجع الأمر كله لله

وطلب الشفاعة من غيره شرك وضلال. والأحاديث متواترة في شفاعته صلى الله عليه وسلم في العصاة من أهل التوحيد الذين يدخلون النار بذنوبهم وقد أجمع عليها الصحابة وأهل السنة قاطبة وبَدَّعُوا من أنكرها وصاحوا به من كل جانب ونادَوْا عليه بالضلال.


(1) ص 19.

ثم قال: ولكن المسلمين الذين عُرفوا بالإتِّكاليه قدْ باتوا يفعلون كل منكر ويرتكبون عظائم الذنوب أتكالاً على نبيهم الذي سوف يخرجهم في حفْنة واحدة من النار ويلقي بهم في الجنة بفضله وكرمهِ وهم الذين شكاهم إلى ربه في صريح قرآنه وجَأَرَ بشكواه قائلاً:{يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً} (1).

الجواب: أما أن يرتكب العبد عظائم الذنوب اتكالاً على الشفاعة فهذا إنما يفعله من هو مِن أجهل الناس لكن لايُرَدّ الباطل بباطل فشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ثابته للمذنبين من أهل التوحيد من أمته وإنكار ذلك رَدّ على الله أمره وعلى رسوله مابلّغه.إن هذا هو مَشْرب الخوراج حيث عظّموا الرب سبحانه بما اخترعوه من عند نفوسهم ليس لهم فيه برهان حيث ضاقت صدورهم ولم تَتّسع لأن يرحم الله أهل التوحيد الذين اسْتَوْجبوا النار بذنوبهم فيخرجهم منها بالشفاعة. وقد وقعوا بأعظم مما فرّوا منه ولذلك ورد في ذمهم ماهو معلوم. والدين ليس بالرأي. وحَسْبُ العقل من الكمال أن يلْتزم ماورد به الكتاب والسنة وبفهم الصحابة.

وآية: {يارب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً}. تقدم أنها في المشركين لكن هجران القرآن أنواع متفاوته فأعظم هجرانه عدم الإيمان به ثم لمن هجره بالتقصير في حقه نصيب من الذم ولو كان مُوَحِّداً ولا يُلْحقه ذلك بالكفار ولاتدل الآية على نفي الشفاعة بأي وجه.


(1) ص 19.

ثم قال: والقرآن يقول: {لله الشفاعة جميعاً} وهو بذلك يجمع سلطة الشفاعة جمعيّة واحدة ويجعلها لله وحده ويقول: {مامن شفيع إلا من بعد إذنه} والسبب طبيعي فهو وحده الذي يعلم استحقاقات كل فرد ومافعل في دنياه من خير وشر وماهي أعْذاره إن كانت له أعذار. وهو الوحيد الذي يعلم قلبه وضميره ويعلم سّره ويعلم ماهو أخفى من ذلك السرّ. فماذا تضيف شفاعة أيّ شفيع لعلم الله؟ {أتنبئون الله بمالا يعلم في السموات ولافي الأرض} (1).

الجواب: شفاعة الشافعين لاتُعارض مُلْكيته سبحانه للشفاعة فإنه يُكرمهم بالشفاعة ولايشفعون إلا بعد أن يأذن لهم ولايشفعون أيضاً إلا لمن ارْتضى. فعاد الأمر كله له سبحانه بخلاف المخلوق الذي يُشفع عنده بغير إذنه ويستجيب لشفاعة الشافع ولوْ لم يرض عن المشفوع له وتقدم بيان ذلك. ويلاحظ ركاكة عبارات هذا الكاتب في كلامه عن الله وعن الدين. مثل وصْفه الله بالوحيد.كذلك فإن إثبات الشفاعة لاينافي علم الله سبحانه المحيط بكل شيء فالشفاعة تكريم للشافع ورحمة للمشفوع له وهي سبب من جملة الأسباب كما أن أعمال العبد المؤمن سبب لدخول الجنة ليست قيمة وثمناً لها.


(1) ص 20.

  • الاثنين PM 03:12
    2022-08-01
  • 1584
Powered by: GateGold