المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 417503
يتصفح الموقع حاليا : 203

البحث

البحث

عرض المادة

نصير الدين الطوسي

بعد ذكر تلك الأحداث الدامية نأتي إلى هدف هذه الرسالة ألا وهو دور نصر الدين الطوسي وابن العلقمي في هذه الأحداث ومدى ارتباط هذا الدور بالمذهب الذي يدينان به وهو المذهب الإمامي الاثنى عشري سيكون البحث على النحو التالي

أولاُ : نصير الدين الطوسي :

أبو جعفر محمد بن محمد بن الحسن الطوسي المعروف بالمحقق الطوسي , والخاجة – الخوجة – نصير الدين الطوسي . ولد في طوس سنة ( 597 ﻫ ) وتوفي في بغداد سنة (672ﻫ ) .

بسبب  اشتهاره بعلوم الفلسفة والحكمة  والكلام دعاه حاكم قهستان الإسماعيلي ناصر الدين عبد الرحيم بن أبي منصور ليقيم عنده مكرما ثم انتقل  بعدها من عند  ناصر الدين  إلى زعيم الإسماعيلية في ذلك الوقت وهو علاء الدين فأصبح وزيراً عنده وبعد وفات علاء الدين  أصبح وزيراً عند أبنه ركن الدين خور شاه آخر حكام قلاع الإسماعيلية قبل أن يستولي عليها هولاكو , وبعدها قرّب هولاكو الطوسي ورفع منزلته حتى أصبح وزيراً عنده وعند أولاده من بعده حتى هلك الطوسي عام (672ﻫ ) ([1])   .

منزلته عند هولاكو :

منزلة  الطوسي  لدى هولاكو  نقطة مهمة  في محور حديثنا  عن دور هذه الشخصية فيما حدث لبغداد ولذا لن  اعتمد فيها على مؤرخي أهل السنة بل  على مؤرخ محايد  قريب من الحدث أو شيعي    

يقول الهمذاني([2]): [  ولما تأكد هولاكو من صدق و إخلاص  الخواجة نصير الدين الطوسي  و … شملهم بعطفه وإنعامه وأعطاهم … وألزمهم حضرته هم و أبناؤهم حتى اليوم …] .

وقال أيضاً([3]): [ ذلك لأنه - أي هولاكو – كان قد أطلع على حسن سريرته فكان يريد أن يظل ملازماً له ] .

قال  النوري الطبرسي – من علماء الشيعة -  في خاتمة المستدرك([4]).( وكان ذا حرمة وافرة عند هولاكو وكان يطيعه فيما يشير  به عليه والأموال في تصرفه)  وقد نقل علي الطباطبائي([5])هذا  القول تقريبا عن الكتبي مقراً له

ويـقول أيضا  الـمـيرز النـوري الـطـبـرسي([6]): [ … أكرم - هولاكو – المحقق – الطوسي – غاية الإكرام والإعزاز  وصحبه و ارتكب الأمور الكلية حسب رأيه وإجازته ] .

وقال ابن العبري([7]). في كتابه  تاريخ مختصر الدول : [ وأصبح نصير الدين بعد ذلك اليد اليمنى لهولاكو ووزيراً له ] ([8])   

و لأجل هذه المكانة والنفوذ لدى هولاكو [ فقد أقنعه بأن يعهد إليه بالإشراف على الأوقاف الإسلامية والتصرف بمواردها بما يراه فوافق هولاكو ] ([9])  .

بل يقول حسن الأمين في كتاب والده "أعيان الشيعة" ([10]): [ وقال محمد مدرسي زنجاني … فضلاً عن مقام الطوسي العلمي استطاع بتأثيره على مزاج هولاكو أن يستحوذ تدريجياً على عقله وأن يروض شارب الدماء … ] .

هذه مكانة الطوسي لدى هولاكو بعد توزره له بل استمرت صحبة وتوزر الطوسي لخلف هولاكو الذي توفي عام  663ﻫ  و هو أبنه أبا قاخان إلى أن مات الطوسي سنة( 672ﻫ )  وبعد وفاته لم تنقطع  الصلة بل توزر لهذه الدولة الإلخانية  ابن الطوسي  صدر الدين علي بن محمد الطوسي . فلما مات تولى بعده جميع مناصبه أخوه أصيل الدين حسن بن محمد الطوسي([11])  . فهل بعد هذا يمكن أن يقال إن توزر الطوسي لهولاكو كان خوفا من بطشه؟!

2 – مذهب الطوسي:

تحديد مذهب الرجل  يساعد في فهم منطلقاته ومبادئه التي يسير عليها  في حياته   وتصرفاته وأحكامه  على الآخرين وكذلك منزلته ومكانته في المذهب لها أثر في الحكم على تصرفاته حيث أنه يراعي وضعه ومكانته في المذهب  , وكذلك المذهب يتحمل تصرفات رموزه إذا لم يظهر براءته منهم

والطوسي تنازعته فرقتين من فرق الشيعة وهما  الاثنى عشرية والإسماعيلية وذلك بسبب أمرين

  • توزره للإسماعيلية 
  • نصرته للمذهب الاثنى عشري  بعد  الغزو المغولي

 والأظهر أنه أثنى عشري  لأمور:  

  • كما سبق نصرته لمذهبهم بعد تمكنه في  دولة هولاكو
  • تأليفه في مذهبهم  فهذا إقرار منه بهذا الانتساب
  • عدم وجود ما يخالف الظاهر وكونه توزر للإسماعيلية لا يعني تبنيه لمذهبهم  خاصة أن الرجل عرض على ابن العلقمي أن يعينه  بالتقرب لدى الخليفة كما سيأتي ان شاء الله  وكذلك هو قد توزر لهولاكو الوثني

وقد  ترجم للطوسي  في كتب الإمامية و أثني عليه ثناءً عظيما  ومن هذا

قول الحلي - الملقب عند الشيعة بالعلامة – في أجازته لبني زهرة عند ذكر الطوسي [ وكان هذا الشيخ محققاً …و  له مصنفات كثيرة … على مذهب الإمامية ] ([12]) , وخاتمة المستدرك للطبرسي – شيعي – (2/424) .و طرائف المقال لعلي البروجوري (2/444) , وقد ترُجم له في كتاب (أعيان الشيعة([13])) لمحسن الأمين وكاتب هذه الترجمة ابنه حسن الأمين  حيث أن  محسن الأمين ترك بعض التراجم   بيضاء  فأكملها  غيره .

مكانة الطوسي عند الشيعة :

يقول حسن بك روملو في تاريخه : [ لم يسع أحد بعد الخواجة نصير الدين الطوسي مثل ما سعى الشيخ علي الكركي هذا في إعلاء أعلام المذهب الجعفري وترويج دين الحق الاثنى عشر ([14])].وقد عده الشهيد الثاني -كما يسمونه-مجدد القرن السابع([15])   

ويقول أيضاً في روض الجنان [ العلامة السعيد سلطان العلماء المحققين خواجة نصير …] .

 ويقول علامتهم الحلي  في أجازته لبني زهرة : [  وكان هذا الشيخ أفضل أهل عصر في العلوم العقلية و النقلية … وكان أشرف من شاهدناه في الأخلاق نور الله ضريحه ] ([16]) .

وقال عنه النوري الطبرسي([17])  : [ ناموس دهره وفيلسوف عصره وعزيز مصره سلطان المحققين الخواجة نصير الملة والدين الأعظم  محمد بن محمد بن الحسن الطوسي الحكيم المحقق الجليل , الذي شهد بعلو مقامه في مراتب العلوم المخالف فضلاً عن الموالف … ] .

ويقول الحر العاملي ([18]): [ … كان فاضلاً ماهراً عالماً متكلماً محققاً في العقليات ] .

وقد أثنى عليه الخميني ([19])حيث يقول : [  وإذا كانت ظروف التقية تلزم أحداً منا بالدخول في ركب السلاطين فهنا يجب الامتناع عن ذلك حتى لو أدى الامتناع إلى قتله إلا أن يكون في دخوله نصر حقـيـقي لـلإسلام والـمـسلـمـين مثل دخول علي بن يقطين ونصر الدين الطوسي … ].

ولا أدري كيف تفسر تصرفاته وموافقته لهولاكو على أنه مجبر  ثم يقال أنه حقق في الوزارة نصراً حقيقياً للإسلام والمسلمين  , إلا إن كان ما يعنيه  الخميني  ومن يثني عليه  كالخونساري  هو حالة الازدهار التي كانت للمذهب الشيعي بعد حكم المغول وأما ما حصل لبغداد والخلافة فلا قيمة له في مقابل هذا , ويظهر أن هذا هو المقصود , و سيأتي أن شاء الله فصل في أوضاع الشيعة إبان الغزو لبغداد وما حصل لهم بعدها .

 ومن تعظيم الشيعة المعاصرين لهذا الرجل أن أقيم احتفال بذكر مرور سبعة قرون على وفاته . وذلك في إيران يوم 26أيار لغاية 2 حزيران  من عام 1956م في جو عاصف بالروح الفارسية كما يقول الدكتور محمد المشهداني([20]) .

 

 

 

 

 

([1])   راجع أعيان الشيعة: 9/114 .

([2])   مـؤرخ الـمـغـول ومـن رجالهم  في كتابه جامع التواريخ ص 245 .

([3])   مرجع سابق ص 304 .

([4])   خاتمة المستدرك  :2/323 .

([5])   كتاب رياض المسائل (2/26).

([6])   خــاتـمة المستدرك : 2/425 .

([7])  يهودي توفي عام ( 685 هـ )  .

([8])   راجع   .

([9]) انظر: الغزو المغولي لحسن الأمين ص 156، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري ص 250 .

([10])  9/417 .

([11])   انظر جامع الخلاف والوفاق العلي بن محمد القمي ص10, وانظر  الدرر الكامنة (1/390) , أعيان العصر للصفدي (1/541) , أعيان الشيعة (5/269) .

([12])  انظر: أمل الأمل للحر العاملي : 2/299. 

([13])   9/414

([14])  مقدمة جامع المقاصد :1/33 .

([15])   شرح اللمعة :1/298.

([16])   مجمع الفائدة للاردبيلي :1/17، وفي بحار الأنوار .

([17])    خاتمة المستدرك :2/422.

([18])    أمل الأمل :2/299 .

([19])   الحكومة الإسلامية ص 142 ، عن حتى لا نخدع ص 47  .

([20])    محكمة التاريخ ص 13 .

  • الاحد PM 12:37
    2021-05-23
  • 1421
Powered by: GateGold