المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 417499
يتصفح الموقع حاليا : 212

البحث

البحث

عرض المادة

حادثة الغدير أو حديث الغدير

قبل الخوض في حادثة الغدير لابد من ذكر بعض الملاحظات :

اولا: قلنا عند الحديث عن منهج الشيعة في التعامل مع القرآن ان الشيعة يفسرون النصوص وفق مقررات مسبقة ، وضربنا بذلك امثلة منها لفظ "الطهارة " و "الولاية" اللتين وردتا في عدة مواضع من القرآن ، فما كان في نظرهم نازلا بحق( علي) فسروه بمعنى مغاير لما نزل بحق غيره من المؤمنين ،   فلفظ "الطهارة" اعطوه معنى العصمة في حق علي ولم يعطوه نفس المعنى في حق غيره ، ولفظ "الولي" و"المولى" اعطوهما معنى ولاية الامر في حق علي ولم يعطوهما هذا المعنى في حق غيره دون مرجح او قرينة سوى الادعاء بانها نزلت في علي، وهذا منهج غير علمي ولا يليق بكلام الله وكلام نبـيه.

ثانيا: لم يكن علي t الوحيد من بين الصحابة  يرد في حقه احاديث او ينزل في شأنه قرآن وانما كثير من الصحابة المقربين من الرسول r جاءت في حقهم احاديث تثني عليهم وتظهر فضلهم ونزل في حقهم قرآن يمتدحهم ويثني عليهم، على رأسهم ابوبكر وعمر وعثمان وعلي ثم ابو عبيدة وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير وسعد بن ابي وقاص وسعد بن معاذ وعمار وابو ذر وهكذا الخ ، وقد خص الرسول r كل واحد منهم بصفة، فمنهم من سماه امين الامة ومنهم من سماه حواري رسول الله r ومنهم من كان امين سر الرسول r ...الخ. وهذا امر طبيعي لانه على اكتاف هؤلاء جميعا قام الاسلام وقد أكد القرآن ذلك عندما قال " هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين" وقال: "محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماء بينهم ...الآية". وفيه دلالة كبيرة وواضحة على معرفة الرسول r لأصحابه فانه كان يشخص فيهم ابرز خصائصهم ويوكل اليهم الامور وفق مؤهلاتهم.  وهكذا يـجب ان يكون القائد[1] .

ثالثا: كما ان معرفة اسباب النزول ضرورية لفهم الآيات القرآنية كذلك معرفة مناسبة ورود الاحاديث ضرورية لفهم الاحاديث واستنباط الاحكام منها، وهذه قاعدة لا يختلف عليها اثنان.

رابعا وهو الاهم : ان الاحاديث التي وردت في شأن علي تصنف الى اربعة اقسام، قسم جاء في بيان فضله كحديث " ساُعطي الراية غدا رجلاً يحبُ اللهَ ورسولهَ ويحبُهُ اللهُ ورسولُهُ" وغيره من الاحاديث ، وقسم آخر جاء لتطييب خاطره كحديث المنزلة الذي قاله الرسول r لعلي عندما اعترض علي على استخلافه على النساء والاطفال في غزوة تبوك  " ألا ترضى ان تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبـي بعدي". وقسم ثالث كان للدفاع عنه كحديث "من كنت مولاه فهذا علي مولاه" والقسم الرابع عام في علي وسائر اهل البيت يوصى بهم الرسول r   .

حديث الغدير هو من النوع الثالث والرابع ، في جزء منه يدافع النبـي r عن علي t وهو قوله " من كنت مولاه فعلي مولاه" وفي الجزء الثاني يوصي الرسول r بعامة أهل بيته وهو قوله " تركت فيكم الثقلين.."، ونحن سنتحدث ان شاء الله عن كلا الحديثين:

حديث من كنت مولاه فعلي مولاه:

هذا الحديث هو من الاحاديث العمدة عند الشيعة في امامة علي وقد نسجوا حوله قصصا كثيرة ، و تحدث عنه كثير من العلماء لا سيما المهتمين بالجدل الشيعي السني ، سنورد بعض روايات الحديث ثم نعلق عليها:

روى النسائي عن زيد بن ارقم قال: لما رجع رسول الله r من حجة الوداع ونزل غدير خم امر بدوحات فقُمِّمن ثم قال:" كأني قد دُعيت فأجبت ، اني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي اهل بيتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض "ثم قال: " الله مولاي وأنا مولى كل مؤمن ، ثم أخذ بيد علي فقال : من كنت مولاه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه".

وقال ابن ماجة: أقبلنا مع رسول الله r في حجة الوداع فنزل في الطريق فأمر الصلاة جامعة فأخذ بيد علي فقال: الست بأولى المؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلى ، قال : ألست بأولى من كل مؤمن بنفسه؟ قالوا بلى، قال: فهذا ولي من أنا مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه".

وروى النسائي من حديث اسرائيل عن ابي اسحاق عن عمر ذي أمرقال: نشد علي الناس بالرحبة فقام اناس فشهدوا انهم سمعوا رسول الله r يقول يوم غدير: " من كنت مولاه فان عليا مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه وانصر من نصره".

 وروى الامام احمد عن ابن عباس عن بريدة قال: غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة فلما قدمت على رسول الله r ذكرت عليا فتنقصته فرأيت وجه رسول الله r يتغير فقال : يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من انفسهم ؟ قلت بلى يارسول الله، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه.

 وآخرون زادوا فيه:" وأدر الحق معه حيث دار"، وبعضهم زاد فيه قول عمر لعلي : "هنيئا لك اصبحت وامسيت مولى كل مؤمن" وللعلماء كلام طويل حول هذه الزيادات ونحن سنناقش اصل الحديث وهذه الزيادات بكل علمية وحيادية لنرى هل حقا هذا الحديث فيه دلالة على امامة علي .

مناقشة الحديث:

اولا: في سبب ورود الحديث :

قلنا لابد لفهم الحديث من معرفة مناسبة وروده، و الحاجة هنا الى معرفة اسباب الورود اكثر لاهمية الموضوع وحساسيته، وقد كفانا ابن كثير مؤونة البحث وبحث الامر في موضعين في السيرة احدهما تحت عنوان : بعث علي بن ابي طالب وخالد بن الوليد الى اليمن أورد فيها مجموعة من الاحاديث  والثانية تحت عنوان : فصل في ايراد الحديث الدال على انه r خطب بمكان بين مكة والمدينة فبين فيها فضل علي بن ابي طالب وبراءة عرضه مما كان تكلم فيه بعض من بأرض اليمن بسبب ماكان صدر منه من المعدلة التي ظنها بعضهم جورا وتضييقا وبخلا والصواب كان معه في ذلك ، ولهذا لما تفرغ عليه الصلاة والسلام من بيان المناسك ورجع الى المدينة بين ذلك في اثناء الطريق فخطب خطبة عظيمة في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة عامئذ وكان يوم الاحد بغدير خم تحت شجرة هناك فبين فيها اشياء وذكر من فضل  علي وامانته وعدله وقربه اليه ما أزاح به ما كان في نفوس كثير من الناس منه .

اليك اولا الروايات التي تتحدث عن تذمر الناس من علي t:

روى البخاري عن البراء بن عازب قال: " بعثنا رسول الله r مع خالد بن الوليد الى اليمن ثم بعث عليا بعد ذلك مكانه قال : مر اصحاب خالد من شاء منهم ان يعقب معك فليعقب ومن شاء فليقبل ، فكنت فيمن عقب معه ، قال: فغنمت اواقي ذات عدد" .

وروى البخاري عن بريدة عن ابيه قال :"بعث النبـي r عليا الى خالد بن الوليد ليقبض الخمس وكنت ابغض عليا فأصبح وقد اغتسل فقلت لخالد : ألا ترى الى هذا؟ . فلما قدمنا على النبـي r ذكرت ذلك فقال: يابريدة تبغض عليا ؟ فقلت نعم ، فقال : لاتبغضه فان له في الخمس اكثر من ذلك".

وقال الامام احمد:حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا عبد الجليل قال: انتهيت الى حلقة فيها ابو مـجلز وابنا بريدة فقال عبد الله بن بريدة: حدثني ابي بريدة قال: ابغضت عليا بغضا لم ابغضه احدا قط، واحببت رجلا من قريش لم احبه الاّ على بغضه عليا. قال : فبعث ذلك الرجل على خيل فصحبته ما أصحبه الا على بغضه عليا ، قال: فأصبنا سبيا فكتب الى رسول اللهr : ابعث الينا من يخمسه قال: فبعث الينا عليا وفي السبـي وصيفة من افضل السبـي قال: فخمس وقسم فخرج ورأسه يقطر فقلنا : يا ابا الحسن ما هذا؟ فقال : الم تروالى الوصيفة التي كانت في السبــي فاني قسمت وخمست فصارت في الخمس ثم صارت في اهل بيت النبـي r ثم صارت في آل علي ووقعت بها،  قال: فكتب الرجل الى نبـي الله r فقلت ابعثني فبعثني مصدقا قال: فجعلت اقرأ الكتاب واقول: صدق، قال: فأمسك يدي والكتاب فقال : اتبغض عليا ؟  قلت : نعم ،قال : فلا تبغضه وان كنت تحبه فازدد له حبا، فوالذي نفس محمد بيده لنصيب آل علي في الخمس افضل من وصيفة. قال: فما كان من الناس بعد قول النبـي r احب اليّ من علي.

وقال محمد بن اسحاق : حدثنا ابان بن صالح عن عبد الله بن نيار الاسلمي عن خاله عمرو بن شاس الاسلمي وكان من اصحاب الحديبية قال: كنت مع علي في خيله التي بعثه رسول الله r الى اليمن فجفاني علي بعض الجفاء فوجدت في نفسي عليه فلما قدمت المدينة اشتكيته في مجالس المدينة وعند من لقيته فأقبلت يوما ورسول الله r جالس في المسجد فلما رآني انظر الى عينيه نظر الي حتى جلست اليه فلما جلست اليه قال: انه والله يا عمرو بن شاس لقد آذيتني فقلت: انا لله وانا اليه راجعون اعوذ بالله والاسلام ان أُوذيَ رسول الله فقال: من آذى عليا فقد آذاني. ورواه البيهقي من وجه آخر.

وروى البيهقي عن ابي سعيد الخدري انه قال: بعث رسول اللهr علي بن ابي طالب الى اليمن فكنت فيمن خرج معه ، فلما أخذ من ابل الصدقة سألناه أن نركب منها ونريح ابلنا -وكنا قد راينا في ابلنا خللا- فأبى علينا وقال: انما لكم فيها سهم كما للمسلمين. قال: فلما فرغ علي وانطلق من اليمن راجعا أمّر علينا انسانا وأسرع هو وأدرك الحج فلما قضى حجته قال له النبـي r : ارجع الى اصحابك حتى تقدم عليهم. قال ابو سعيد: وقد كنا سألنا الذي استخلفه ما كان علي منعنا اياه ففعل، فلما عرف في ابل الصدقة أنها قد ركبت ورأى أثر الركب قدم الذي أمّره ولامه ، فقلت : اما ان لله عليّ لئن قدمت المدينة لأذكرن لرسول الله r ولاُخبرنه ما لقينا من الغلظة والتضييق . قال: فلما قدمنا المدينة غدوت الى رسول اللهr اريد ان افعل ما كنت حلفت عليه فلقيت ابا بكر خارجا من عند رسول اللهr فلما رآني وقف معي ورحب بي وساءلني وساءلته وقال متى قدمت ؟ فقلت قدمت البارحة فرجع معي الى رسول اللهr فدخل وقال: هذا سعد بن مالك بن الشهيد فقال ائذن له، فدخلت فحييت رسول الله r وحياني وأقبل عليَّ وساءلني عن نفسي وأهلي وأحفى المسألة فقلت: يا رسول الله ما لقينا من علي من الغلظة وسوء الصحبة والتضييق فاتّأد رسول الله r وجعلت انا اعدد ما لقينا منه حتى اذا كنت في وسط كلامي ضرب رسول اللهr على فخذي وكنت منه قريبا وقال: يا سعد بن مالك بن الشهيد مه بعض قولك لأخيك علي فوالله لقد علمت انه اخشن في سبيل الله. قال: فقلت في نفسي: ثكلتك امك سعد بن مالك ألا اراني كنت فيما يكره هذا اليوم ولا ادري ؟ لا جرم والله لا اذكره بسوء ابدا سرا ولا علانية. قال ابن كثير : وهذا اسناد جيد على شرط النسائي ولم يروه احد من اصحاب الكتب الستة.

وقال يونس عن محمد بن اسحاق: حدثني يحيى بن عبد الله بن ابي عمر عن يزيد بن طلحة بن ركانة قال: انما وجد جيش علي بن ابي طالب الذين كانوا معه باليمن لانهم حين اقبلوا خلف عليهم رجلا وتعجل الى رسول الله r قال: فعمد الرجل فكسا كل رجل حلة فلما دنوا خرج عليهم علي ليستقبلهم فاذا عليهم الحلل قال علي : ما هذا؟ قالوا كسانا فلان قال: فما دعاك الى هذا قبل ان تقدم على رسول الله r فيصنع ما شاء؟ فنزع الحلل منهم فلما قدموا على رسول الله r اشتكوه لذلك وكانوا قد صالحوا رسول اللهr وانما بعث عليا الى جزية موضوعة . قلت(اي ابن كثير) : هذا السياق اقرب من سياق البيهقي.

قال محمد بن اسحاق –في سياق حجة الوداع- : حدثني يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن ابي عمرة بن طلحة بن يزيد بن ركانة قال: " لما اقبل علي من اليمن ليلقى رسول الله r بمكة تعجل الى رسول الله r واستخلف على جنده الذين معه رجلا من اصحابه فعمد ذلك الرجل فكسا كل رجل من القوم حلة من البز الذي كان مع علي فلما دنا جيشه خرج ليلقاهم فاذا عليهم الحلل قال: ويلك ! ما هذا ؟ قال : كسوت القوم ليتجملوا به اذا قدموا في الناس ، قال: ويلك ! انزع قبل ان تنتهي به الى رسول اللهr قال: فانتزع الحلل من الناس فردها في البز ، قال : وأظهر الجيش شكواه لما صنع بهم.

وروى الامام احمد عن ابي سعيد الخدري قال: اشتكى الناس عليا فقام رسول الله r فينا خطيبا فسمعته يقول : ايها الناس لا تشكوا عليا فوالله انه لأخشن في ذات الله او في سبيل الله من ان يشتكى.

والآن ! ازاء كل هذه الشكاوى من علي والاعتراضات عليه ماذا يفعل رسول الله r ؟ هل يدع الامور على حالها ولا يتخذ اي اجراء فيتفاقم الامر ، ام يستدعي عليا ويحاسبه على ما فعله ؟ ولكن عليا لم يفعل ما يستحق المحاسبة وانما كان كما قال عنه رسول الله r خشنا في ذات الله ولم يبال في تنفيذ ما رآه مشروعا بغضب الناس، لذلك لم يبق امام رسول الله  rالاّ أن يعمد الى الدفاع عنه و تبرئة ساحته فكان غدير خم حيث التقاء الجيش المتذمر برسول الله، المكان الانسب لذلك الاجراء .

و قال ابن كثير معقبا على هذه الاحداث: والمقصود ان عليا لما كثر فيه القيل والقال من ذلك الجيش بسبب منعه اياهم استعمال ابل الصدقة واسترجاعه منهم الحلل التي اطلقها لهم نائبه، وعلي معذور فيما فعل، لكن اشتهر الكلام فيه في الحجيج فلذلك –والله اعلم- لما رجع رسول الله r من حجته وتفرغ من مناسكه ورجع الى المدينة فمر بغدير خم قام في الناس خطيبا فبرّأ ساحة علي ورفع من قدره ونبه على فضله ليزيل ما وقر في نفوس كثير من الناس.

ثانيا: في دلالات الحديث:

 ان كلمة " مولى " هي من الالفاظ  التي تسمى بالمشترك اللفظي الذي له معان مختلفة بعضها بخلاف البعض،  على سبيل المثال تأتي بمعنى السيد والمحب والناصر والعبد المعتق  الخ . يقول الشيعة انها اتت في هذا الحديث بمعنى الاولى بالامر وبمعنى ولي الامر ، اما السنة فيقولون انهاجاءت بمعنى الحب والنصرة، وفي هذه الحالات نحتاج الى قرائن خارجية لتحديد معنى ذلك اللفظ .

اهل السنة يقولون ان لفظ المولى لا يمكن ان يأتي بمعنى الاولى أو ولي الامر لاسباب:

اولا  : جاء الحديث في مناسبة الدفاع عن علي امام الذين انتقدوه عند الرسول ، فقال الرسول من كنت مولاه فعلي مولاه أي من يحبني فليحب عليا .

ثانيا: والذي يؤيد هذا الكلام هو تكملة الحديث التي تتحدث بصراحة عن المحبة والمعاداة : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ،  فالحديث هنا عن الحب والمعاداة لا عن الطاعة والعصيان ولو كان بمعنى ولي الامر لقال : اللهم وال من اطاعه وعاد من عصاه وخرج عليه .

 والزيادة الاخرى التي يضيفها بعضهم وهي " وأدر الحق معه حيث دار " ليس لها علاقة بولاية الامر وانما هي دعاء من الرسول لعلي ان يصيب الحق في جميع احواله، وقد تحقق دعاءه له فكان محقا في كل الاجراءات التي اتخذها في حياته ، فكان مصيبا حين بايع ابا بكر وعمر وعثمان ، وكان محقا حين آزرهم ونصح لهم  وزوج عمر ابنته  وسمى ابناءه باسمائهم ، وكان محقا في قتاله للذين خرجوا عليه .

ثالثا: منطقيا لا يجوز ان يأتي بمعنى ولاية الامر لأنه لا يعقل ان يكون للمسلمين اكثر من ولي امر في آن واحد لاسيما وان احدهما نبـي. 

رابعا: لو كان الامر كما يقول الشيعة لأخبرتنا كتب السيرة بأن الناس كانوا ينظرون اليه في حياة الرسول على انه خليفته ولظهر ذلك جليا في واقع المسلمين ، ولكن الواقع كان غير ذلك بل انه لم يكن حتى من وزراء النبـي r ولكن ظهر دوره كمستشار في عهد أبي بكر وكمستشار أول في عهد عمر، ثم في عهد عثمان y .

خامسا: لو كان المقصود من هذا الحديث وهذه الواقعة امامة علي لأشار اليهما علي عقب السقيفة وحين بويع ابو بكر وعمر وعثمان ولذكّرهم بها ، فعدم استشهاد علي ولا غيره من الصحابة الموالين له دليل على انهم لم يفهموا منها الخلافة وولاية الامر . نعم هناك روايات تقول ان عليا t بعد ان خرج عليه جيشه وشكلوا فرقة الخوارج جمع الناس في الكوفة في موقع يسمى "الرحبة " وسألهم ان كان احد منهم سمع الرسول r يقول في غدير خم "من كنت مولاه فعلي مولاه" . رواية تقول قام اثنا عشر رجلا فشهدوا بذلك ، وفي رواية اخرى شهد بذلك ثلاثون رجلا وبعضها تذكر اقل من هذا العدد ، وهذا دليل على ان النبـي قصد منها الحب والنصرة وعدم المعاداة لأنه استشهد بها امام الذين خرجوا عليه وناصبوه العداء وهو خليفة يومئذ ، فلو كان بمعنى الخلافة لاستشهد بها من اول يوم بويع فيه ابوبكر  ، ولكن يبدو أن الشيعة اكثر فهما من علي لمراد النبـي!

سادسا: لو سلمنا جدلا بأن القصد من هذه العبارة هو ولاية الامر فهو يخص الذين كانوا تحت امرته في اليمن الذين انتقدوه على بعض الاجراءات التي اتخذها ، والرسول r دافع عنه بحكم معرفته به وبصفته ممثلا له لذلك قال في حقه مدافعا عنه : انه لأخشن في ذات الله  ، فقال لهم من منكم يعُدُّنى وليا لامره فان عليا ولي امره لانني انا الذي وليته وطاعته من طاعتي ، وهناك أحاديث كثيرة تتحدث عن طاعة الامراء واولياء الامور الذين كان يوليهم النبـي  r.

انني ومن خلال دراستى لهذا الحديث ومناسبة وروده توصلت الى نتيجة ان النبـي r كان يعني بهذا الكلام فئتين من الناس : فئة كانت تكره عليا كبريدة الاسلمي وابي سعيد الخدري وغيرهم وقد صرحوا بذلك امام النبـي فأمرهم أن يحبوا عليا .

والفئة الثانية هم اهل اليمن الذين جاؤوا معه وكان علي اميرا عليهم فانتقدوه فقال لهم النبـي  من كنت مولاه فعلي مولاه  وكان يقصد ذلك الجيش ، والدليل على ان النبـي لم يقصد جميع المسلمين ولم يقصد بها خلافته بعد موته انه r لم يذكر ذلك في عرفة يوم كان الحجيج كلهم مجتمعون فيها، ففي هذا اليوم ألقى الرسولr خطبته المشهورة وذكر فيها امورا كثيرة أقل شأنا بكثير من الامامة ولكنه لم يشر الى الامامة لا من قريب ولا من بعيد ، فما الذي كان يمنعه من ذكرها؟

ان قول الشيعة ان الرسول rكان مترددا من اعلان امامة علي وخائفا ألاّ يقبل الناس منه ذلك تكذبه حياته r  ، فقد بلّغ ماهو أخطر من ذلك عقائديا كعقيدة التوحيد والبعث والنبوة وتكذيب النصارى واليهود واتهامهم بتحريف كتبهم وقتل انبـيائهم وهاجم الشرك والمشركين وسفه أحلامهم (عقولهم) ، واجتماعيا كإعلان الزواج من مطلقة متبناه زيد بن حارثة ، وعسكريا كالبدء بقتال قريش في بدر ومهاجمة اليهود في خيبر والنصارى في الشام الخ  وتشهد له بدر وأحد والحنين وغيرها من المعارك ويشهد له علي t بقوله: كان إذا حمي الوطيس احتمينا برسول الله r ، فلم يكن الرسول جبانا ولم يعرف عنه انه خاف من احد ، ويكفيه شجاعة انه واجه العرب لوحده بعقيدة التوحيد وانتصر عليهم .

وقول الشيعة انه كان خائفا طعن فيه واتهام له بالجبن حاشاه.

 

[1] . يمكن تشبيه مدرسة اهل السنة ببيت فيه غرف كثيرة كلها مجهزة ، هذه غرفة ابي لكر وتلك غرفة عمر وثالثة غرفة عثمان والرابعة غرفة علي والخامسة غرفة ابي عبيدة والسادسة غرفة عائشة وهكذا الى آخره ، أما مدرسة التشيع فيها غرفة واحدة وهي غرفة علي واهل بيته ، ويأتون الي البيت السنى فيأخذون منه ما يؤثثون به غرفة علي ثم يدعون الناس الى زيارتها ويزعمون ان ليس في الاسلام الا هذه الغرفة فيضيقون واسعا ويحصرون الاسلام في علي وبنيه من بعده! فأي البيتين يمثل الاسلام : البيت الواسع ذي الغرف الكثيرة ام البيت الضيق ذي الغرفة الواحدة؟

  • الاحد PM 12:00
    2021-05-23
  • 1096
Powered by: GateGold