المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 417486
يتصفح الموقع حاليا : 228

البحث

البحث

عرض المادة

الجرح والتعديل

الجرح والتعديل

      تكفلت كتب علوم الحديث ببيان ما يتصل بالجرح والتعديل ، ولعل أول كتاب ألف في علوم الحديث هو المحدث الفاصل بين الراوى والواعى للرامهرمزى ، المتوفى سنة 360 هـ . ولكن قبل هذا بكثير كان لبعض الأئمة الأعلام ما يتصل بالجرح والتعديل من أحكام عامة ، وبيان لمن تقبل روايتهم ومن ترد وذكر لأسماء كثير من هؤلاء الرواة . وتوسع بعضهم في ذكر هذه الأسماء فيما يعرف بكتب الرجال ، ومن أقدمها وأنفعها ما كتبه الإمام البخارى في تاريخه الكبير ، وفى الضعفاء ، وكان أثره واضحاً  ، وكتاب الجرح والتعديل لابن أبى حاتم المتوفى سنة 327  هـ .

       وكتب علوم الحديث حفظت لنا آراء الأئمة من الجرح والتعديل ، ولكن قبل أن ننظر في هذه الكتب أريد أن أثبت هنا بعض ما جاء في غيرها سابقا لها ، وأكتفى ببعض ما كتبه ثلاثة من الأئمة :

      أولهم الإمام الشافعى ، صاحب كتاب الرسالة ، الذى يعد أول ما صنف في أصول الفقه ، وفى هذا الكتاب ، تحدث الإمام عن خبر الواحد فقال :

      ولا تقوم الحجة بخبر الخاصة حتى يجمع أمورا منها : أن يكون من حدث به ثقة في دينه ، معروفا بالصدق في حديثه ، عاقلا لما يحدث به ، عالما بما يحيل معانى الحديث من اللفظ ، وأن يكون ممن يؤدى الحديث بحروفه كما سمع ، لا يحدث به على المعنى ، لأنه إذا حدث به على المعنى وهو غير عالم بما يحيل معناه لم يدر لعله يحيل الحلال إلى الحرام ، وإذا أداه بحروفه فلم  يبق وجه يخاف فيه إحالته الحديث ، حافظا إن حدث به من حفظه ، حافظا لكتابه إن حدث من كتابه . إذ شرك أهل الحفظ في الحديث وافق حديثهم ، بريا من أن يكـون مدلسا : يحدث عن من لقى ما لم يسمع منه ، ويحدث عن النبى ما يحدث الثقات خلافه عن النبي. ويكون هكذا من فوقه ممن حدثه ، حتى ينتهى بالحديث موصولا إلى النبى أو إلى من انتهى به إليه دونه ، لأن كل واحد منهم مثبت لمن حدثه ، ومثبت على من حدث عنه ، فلا يستغنى في كل واحد منهم عما وصفت . (ص 370 : 372 ).

       ثم قال بعد هذا : ومن عرفناه دلس مرة فقد أبان لنا عورته في روايته . وليست تلك العورة بالكذب فنرد بها حديثه ، ولا النصيحة في الصدق ، فنقبل منه ما قبلنا من أهل النصيحة في الصدق . فقلنا : لا نقبل من مدلس حديثاً حنى يقول فيه " حدثنى " أو " سمعت " ( ص 379 : 380 ) .

      وقال أيضاً : ومن كثر غلطه من المحدثين ، ولم يكن له أصل كتاب   صحيح ، لم نقبل حديثه ، كما يكون من أكثر الغلط في الشهادة لم نقبل شهادته .

     وأهل الحديث متباينون :

      فمنهم المعروف بعلم الحديث ، بطلبه وسماعه من الأب والعم وذوى الرحم والصديق ، وطول مجالسة أهل التنازع فيه . ومن كان هكذا كان مقدما في الحفظ ، إن خالفه من يقصر عنه ، كان أولى أن يقبل حديثه ممن خالفه من أهل التقصير عنه .

      ويعتبر أهل الحديث بأن إذا اشتركوا في الحديث عن الرجل بأن يستدل على حفظ أحدهم بموافقة أهل الحفظ ، وعلى خلاف حفظه بخلاف حفظ أهل الحفظ له .

      وإذا اختلفت الرواية استدللنا عن المحفوظ منها والغلط بهذا ، ووجوه سواه ، تدل على الصدق والحفظ والغلط . ( الرسالة : ص 382 : 383 ) .

      ونأتى بعد الإمام الشافعى إلى الإمام مسلم ، حيث تحدث في مقدمة صحيحه عن حال بعض الرواة وبين طبقاتهم . وبعد أن بين من تقبل أحاديثهم قال ( ص 45 ) : " فأما ما كان منها عن قوم هم عند أهل الحديث متهمون ، أو عند الأكثر منهم ، فلسنا نتشاغل بتخريج حديثهم " . وسمى بعضهم وقال : " وأشباههم ممن اتهم بوضع الأحاديث وتوليد الأخبار ، وكذلك من الغالب على حديثه المنكر أو الغلط ، أمسكنا أيضا عن حديثهم .

      وعلامة المنكر في حديث المحدث إذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضا خالفت روايته روايتهم ، أو لم تكد توافقها . فإذا كان الأغلب من حديثه كذلك كان مهجور الحديث غير مقبوله ولا نستعمله " ( ص : 46 ) .

      ويأتى بعد هذا باب النهى عن الرواية عن الضعفاء ، والاحتياط في تحملها ، ثم باب بيان أن الإسناد من الدين ، وبين فيه وجوب عدم الأخذ إلا عن الثقة الثبت ، ونبه إلى أمر هام حيث روى عن أبى الزناد قوله : " أدركت بالمدينة مائة كلهم مأمون ، ما يؤخذ عنهم الحديث ، يقال : ليس من أهله " ([1][25]).

       وعن يحيى بن سعيد القطان قال : " لم نر الصالحين في شئ أكذب منهم في الحديث " ، وفسر الإمام مسلم هذا بقوله : يجرى الكذب على لسانهم ولا يتعمدون الكذب .

      وقال النووى في شرحه : معناه ما قاله مسلم أنه يجرى الكذب على ألسنتهم ولا يتعمدون ذلك ، لكونهم لا يعانون صناعة أهل الحديث ، فيقع الخطأ في رواياتهم ولا يعرفونه ، ويروون الكذب ولا يعلمون أنه كذب . وقد قدمنا أن مذهب أهل الحق أن الكذب هو الإخبار عن الشئ بخلاف ما هو : عمدا كان أو سهوا أو غلطا ([2][26]).

      وفى الكشف عن معايب رواة الحديث أورد مسلم بعض الأخبار التي تذكر أسماء بعض الكذابين والوضاعين ، ومن هؤلاء جابر بن يزيد الجعفى ، وروى عن غير واحد أن جابرا كان يؤمن بالرجعة ، وفسرها النووى بقوله : معنى إيمانه بالرجعة هو ما تقوله الرافضة وتعتقده بزعمها الباطل أن عليا ـ كرم الله وجهه ـ في السحاب ، فلا نخرج - يعنى مع من يخرج من ولده حتى ينادى من السماء : أن اخرجوا معه ، وهذا نوع من أباطيلهم ، وعظيم من جهالاتهم اللائقة بأذهانهم السخيفة وعقولهم الواهية ( ص : 85 ) .

      ومما رواه مسلم أيضاً أن جابرا قال : إن عندى لخمسين ألف حديث ، ما حدثت منها بشئ . ثم حدث يوما بحديث فقال : هذا من الخمسين ألفا ، وفى خبر زاد أنها عن النبى صلى الله عليه وسلم .

      وفى خبر أيضاً قال جابر : عندى سبعون ألف حديث عن أبى جعفر عن النبى صلى الله عليه وسلم كلها .

      وروى عن الإمام سفيان بن عيينه أنه قال : سمعت رجلا سأل جابرا عن قوله - عز وجل :

  ] فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّىَ يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللّهُ لي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ [ ([3][27]) ، فقال جابر : لم يجئ تأويل هذه الآية . قال سفيان : وكذب .فقلنا لسفيان : وما أراد بهذا ؟ فقال : لإن الرافضة تقول أن عليا في السحاب ، فلا نخرج مع من خرج من ولده حتى ينادى مناد من السماء ، يريد عليا أنه ينادى : اخرجوا مع فلان . يقول جابر : فذا تأويل هذه الآية ، وكذب ، كانت في إخوة يوسف صلى الله عليه وسلم .

      وروى عن سفيان أيضاً قال : سمعت جابرا يحدث بنحو من ثلاثين ألف حديث ، ما أستحل أن أذكر منها شيئا وأن لى كذا وكذا ([4][28]).

      ثم ذكر الإمام مسلم عدداً غير قليل ممن لا تقبل روايتهم ([5][29])، ثم قال:" وأشباه ما ذكرنا من كلام أهل العلم في متهمى رواة الحديث ، وأخبارهم عن معايبهم ، كثير يطول الكتاب بذكره على استقصائه ، وفيما ذكرنا غاية لمن تفهم وعقل مذهب القوم فيما قالوا من ذلك وبينوا . وإنما ألزموا أنفسهم الكشف عن معايب رواة الحديث وناقلى الأخبار ، وأفتوا بذلك حين سئلوا ، لما فيه من عظيم الخطر ، إذ الأخبار في أمر الدين إنما تأتى بتحليل أو تحريم ... إلخ .([6][30])

      وللإمام مسلم في بيان علل الحديث كتاب التمييز :

      بين فيه الدواعى إلى الجرح والتعديل ، ثم أورد باب ما جاء في الترقى في حمل الحديث وأدائه والتحفظ من الزيادة فيه والنقصان ( ص 127 ) . وبعد هذا أخذ يبين علل بعض الأخبار والروايات كالخطأ أو الوهم في الإسناد أو المتن ، أو فيهما معا ، وأشار إلى شىء من التصحيف ، وما يدفعه الأخبار الصحاح ، ثم قال بعد هذا كله ( ص 171 ) :

     " واعلم رحمك الله ، أن صناعة الحديث ، ومعرفة أسبابه من الصحيح والسقيم إنما هي لأهل الحديث خاصة ، لأنهم الحفاظ لروايات الناس ، العارفين بها دون غيرهم ، إذ الأصل الذى يعتمدون لأديانهم السنن والآثار المنقولة ، من عصر إلى عصر من لدن النبى صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا هذا ، فلا سبيل لمن نابذهم من الناس ، وخالفهم في المذهب ، إلى معرفة الحديث ومعرفة الرجال من علماء الأمصار فيما مضى من الأعصار ، من نقال الأخبار وحمال الآثار .

      وأهل الحديث هم الذين يعرفونهم ويميزونهم حتى ينزلوهم منازلهم في التعديل والتجريح . وإنما اقتصصنا هذا الكلام لكى ننبه من جهل مذهب أهل الحديث ممن يريد التعلم والتنبه على تثبيت الرجال وتضعيفهم فيعرف ما الشواهد عندهم ، والدلائل التي بها ثبتوا الناقل للخبر من نقله ، أو سقطوا من أسقطوا منهم . والكلام في تفسير ذلك يكثر ، وقد شرحناه في مواضع غير هذا ، وبالله التوفيق ، في كل ما نؤم ونقصد " .

      وبعد الإمامين الشافعى ومسلم نأتى إلى الثالث وهو ابن أبى حاتم في كتابه الجرح والتعديل الذى أشرت إليه من قبل ، حيث جعل لكتابه مقدمة بدأها ببيان مرتبة النبى صلى الله عليه وسلم ، ثم بمعرفة السنة وأئمتها ، ثم تحدث عن التمييز بين الرواة وبيان طبقاتهم ، فقال ( ص 5 : 7 )

   التمييز بين الرواة :  قال أبو محمد : فلما لم نجد سبيلاً إلى معرفة شئ من معانى كتاب الله ولا من سنن رسوله صلى الله عليه وسلم إلا من جهة النقل والرواية ، وجب أن نميز بين عدول الناقلة والرواة وثقاتهم وأهل الحفظ والثبت والإتقان منهم ، وبين أهل الغفلة والوهم وسوء الحفظ والكذب واختراع الأحاديث الكاذبة .

      ولما كان الدين هو الذى جاءنا عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم بنقل الرواة حق علينا معرفتهم ، ووجب الفحص عن الناقلة والبحث عن أحوالهم ، وإثبات الذين عرفناهم بشرائط العدالة والثبت في الرواية مما يقتضيه حكم العدالة في نقل الحديث وروايته ، بأن يكونوا أمناء في أنفسهم ، علماء بدينهم ، أهل ورع وتقوى وحفظ للحديث وإتقان به وتثبت فيه ، وأن يكونوا أهل تمييز وتحصيل لا يشوبهم كثير من الغفلات ، ولا تغلب عليهم الأوهام فيما قد حفظوه ووعوه ، ولا يشبه عليهم بالأغلوطات .

       وأن يعزل عنهم الذين جرحهم أهل العدالة وكشفوا لنا عن عوراتهم في كذبهم وما كان يعتريهم من غالب الغفلة وسوء الحفظ وكثرة الغلط والسهو  والاشتباه ، ليعرف به أدلة هذا الدين وأمناء الله في أرضه على كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وهم هؤلاء أهل العدالة ، فيتمسك بالذى رووه ، ويعتمد عليه ،ويحكم به ، وأهل الغفلة والنسيان والغلط ورداءة الحفظ ، فيكشف عن حالهم وينبأ عن الوجوه التي كان مجرى روايتهم عليها ، إن كذب فكذب ، وإن وهم فوهم ، وإن غلط  فغلط ، وهؤلاء هم أهل الجرح فيسقط حديث من وجب منهم أن يسقط حديثه ولا يعبأ به ولا يعمل عليه ،ويكتب حديث من وجب كتب حديثه منهم على معنى الاعتبار ، ومن حديث بعضهم الآداب الجميلة والمواعظ  الحسنة والرقائق والترغيب والترهيب هذا أو نحوه.

              طبقات الرواة : ثم احتيج إلى تبيين طبقاتهم ومقادير حالاتهم وتباين درجاتهم ليعرف من كان منهم في منزلة الانتقاد والجهبذة والتنقيب والبحث عن الرجال والمعرفة بهم - وهؤلاء هم أهل التزكية والتعديل والجرح.

       ويعرف من كان منهم عدلا في نفسه من أهل الثبت في الحديث والحفظ له والإتقان فيه - فهؤلاء هم أهل العدالة . ومنهم الصدوق فى روايته الورع فى دينه الثبت الذى يهم أحياناً وقد قبله الجهابذة النقاد ـ فهذا يحتج بحديثه أيضاً .

      ومنهم الصدوق الورع المغفل الغالب عليه الوهم والخطأ والسهو والغلط – فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب والزهد والآداب ، ولا يحتج بحديثه في الحلال والحرام . 

      ومنهم من قد ألصق نفسه بهم ودلسها بينهم ـ ممن قد ظهر للنقاد العلماء بالرجال منهم الكذب ، فهذا يترك حديثه ويطرح روايته ويسقط ولا يشتغل به .

     وبعد هذا تحدث ابن أبى حاتم عن الصحابة الكرام فقال ( ص 7 : 8 )

     الصحابة : فأما أصحاب رسول الله فهم الذين شهدوا الوحى والتنزيل وعرفوا التفسير والتأويل . وهم الذين اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونصرته وإقامة دينه وإظهار حقه ، فرضيهم له صحابة وجعلهم لنا أعلاما وقدوة ، فحفظوا عنه صلى الله عليه وسلم ما بلغهم عن الله عز وجل وما سن وشرع وحكم وقضى وندب وأمر ونهى وحظر وأدب ، ووعوه وأتقنوه ، ففقهوا في الدين وعلموا أمر الله ونهيه ومراده - بمعاينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشاهدتهم منه تفسير الكتاب وتأويله وتلقفهم منه واستنباطهم عنه ، فشرفهم الله عز وجل بما من عليهم وأكرمهم به من وضعه إياهم موضع القدوة ، فنفى عنهم الشك والكذب والغلط والريبة والغمز ، وسماهم عدول الأمة فقال عز ذكره في محكم كتابه : ] وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ  [ ففسر النبى صلى الله عليه وسلم عن الله عز ذكره قوله " وسطا " قال :   عدلا . فكانوا عدول الأمة ، وأئمة الهدى وحجج الدين ونقلة الكتاب والسنة .

       وندب الله عز وجل إلى التمسك بهديهم والجرى على منهاجهم والسلوك لسبيلهم والاقتداء بهم فقال : ] وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى [  الآية ([7][31]) .

    ووجدنا النبى صلى الله عليه وسلم  قد حض على التبليغ عنه في أخبار كثيرة ، ووجدناه يخاطب أصحابه فيها ، منها أن دعا لهم فقال : نضر الله امرأ سمع مقالتى فحفظها ووعاها حتى يبلغها غيره . وقال صلى الله عليه وسلم في خطبته : فليبلغ الشاهد منكم الغائب . وقال : بلغوا عنى ولو آية وحدثوا عنى ولا حرج .

       ثم تفرقت الصحابة رضى الله عنهم في النواحى والأمصار والثغور وفي فتوح البلدان والمغازى والإمارة والقضاء والأحكام ، فبث كل واحد منهم في ناحيته وبالبلد الذى هو به ما وعاه وحفظه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحكموا بحكم الله عز وجل ، وأمضوا الأمور على ما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأفتوا فيما سئلوا عنه مما حضرهم من جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم  عن نظائرها من المسائل ، وجردوا أنفسهم مع تقدمة حسن النية والقربة إلى الله تقدس اسمه لتعليم الناس الفرائض والأحكام والسنن والحلال والحرام حتى قبضهم الله عز وجل رضوان الله ومغفرته ورحمته عليهم أجمعين .

      وبعد الصحابة قال عن التابعين ( ص 8 : 9 ) .

     التابعون : فخلف بعدهم التابعون الذين اختارهم الله عز وجل لإقامة دينه وخصهم بحفظ فرائضه وحدوده وأمره ونهيه وأحكامه وسنن رسوله صلى الله عليه وسلم وآثاره ، فحفظوا عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نشروه وبثوه من الأحكام والسنن والآثار وسائر ما وصفنا الصحابة به رضى الله عنهم ، فأتقنوه وعلموه وفقهوا فيه فكانوا من الإسلام والدين ومراعاة أمر الله عز وجل ونهيه بحيث وضعهم الله عز وجل ، ونصبهم له إذ يقول الله عز وجل :  ] وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ  [ " الآية "

     حدثنا عبدالرحمن محمد بن يحيى ، أنا العباس بن الوليد الترسى ، نايزيد بن زريع ، ثنا سعيد ، عن قتادة قوله عز وجل :  ]  وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ  [  التابعين .

       فصاروا برضوان الله عز وجل لهم وجميل ما أثنى عليهم بالمنزلة التي نزههم الله بها عن أن يلحقهم مغمز ، أو تدركهم وصمة ، لتيقظهم وتحرزهم وتثبتهم ، ولأنهم البررة الأتقياء الذين ندبهم الله عز وجل لإثبات دينه وإقامة سنته وسبله ، فلم يكن لاشتغالنا بالتمييز بينهم معنى ، إذ كنا لا نجد منهم إلا إماما مبرزا مقدما في الفضل والعلم ووعى السنن وإثباتها ولزوم الطريقة واحتبائها ، رحمة الله ومغفرته عليهم أجمعين - إلا ما كان ممن ألحق نفسه بهم ودلسها بينهم ممن ليس  يلحقهم ، ولا هو في مثل حالهم : لا في فقه ولا علم ولا حفظ ولا إتقان ، ولا ثبت ممن ذكرنا حالهم وأوصافهم ومعانيهم في مواضع من كتابنا هذا ، فاكتفينا بها وبشرحها في الأبواب مستغنية عن إعادة ذكرها مجملة أو مفسرة في هذا المكان.

     وفى ص 9 ، 10 جاء الحديث عن أتباع التابعين ومراتبهم :

     أتباع التابعين : ثم خلفهم تابعو التابعين وهم خلف الأخيار وأعلام الأمصار في دين الله عز وجل ، ونقل سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظه وإتقانه ، والعلماء بالحلال والحرام ، والفقهاء في أحكام الله عز وجل وفروضه وأمره   ونهيه ،  فكانوا على مراتب أربع .

    مراتب الرواة : فمنهم الثبت الحافظ الورع المتقن الجهبذ الناقد للحديث - فهذا الذى لا يختلف فيه ويعتمد على جرحه وتعديله ، ويحتج بحديثه وكلامه في   الرجال .

       ومنهم العدل في نفسه ، الثبت في روايته ، الصدوق في نقله ، الورع في دينه  ، الحافظ  لحديثه المتقن فيه ، فذلك العدل الذى يحتج بحديثه ، ويوثق في نفسه .

      ومنهم الصدوق الورع الثبت الذى يهم أحيانا وقد قبله الجهابذة النقاد - فهذا يحتج بحديثه .

      ومنهم الصدوق الورع المغفل ، الغالب عليه الوهم والخطأ والغلط والسهو - فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب والزهد والآداب و لا يحتج بحديثه في الحلال والحرام .

      وخامس قد ألصق نفسه بهم ودلسها بينهم ممن ليس من أهل الصدق   والأمانة ، ومن قد ظهر للنقاد العلماء بالرجال أولى المعرفة منهم الكذب -– فهذا يترك حديثه ويطرح روايته . انتهى المنقول من كلام ابن أبى حاتم .

      وننتقل بعد هذا إلى كتب علوم الحديث :

      وأولها المحدث الفاصل للرامهرمزى المتوفى سنة 360هـ . ومما جاء في موضوعنا ما أثبته تحت عنوان : " القول فيمن يستحق الأخذ عنه " بدأه بما يبين رأى الإمام مالك حيث قال :

      القول فيمن يستحق الأخذ عنه :

      حدثنا عبدالله بن الصقر السكرى ، ثنا إبراهيم بن المنذر الجزامى ، ثنا    معن - وقال مرة محمد بن صدقة الفدكى أحدهما أو كلاهما - قال : سمعت مالك بن أنس يقول : لا يؤخذ العلم عن أربعة ، ويؤخذ ممن سوى ذلك : لا يؤخذ من صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه ، ولا من سفيه معلن بالسفه وإن كان من أروى الناس ، ولا من رجل يكذب في أحاديث الناس وإن كنت لا تتهمه أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا من رجل له فضل وصلاح وعبادة إذا كان لا يعرف ما  يحدث . قال الحزامىّ : فذكرت ذلك لمطرف بن عبدالله فقال : ما أدرى ما تقول ، غير أنى أشهد لسمعت مالكا يقول : أدركت ببلدنا هذا - يعنى المدينة - مشيخة لهم فضل وصلاح وعبادة ، يحدثون ، فما كتبت عن أحد منهم حديثا قط . قلت : لم يا عبدالله ؟

       قال : لأنهم لم يكونوا يعرفون ما يحدثون . قال : وقال مالك : كنا نزدحم على باب ابن شهاب ( ص 403 : 404 ) .

       وانتقل المؤلف بعد هذا إلى الإمام الشافعى ، حيث نقل عنه ما ذكرته من  قبل ، ثم قال :

       قال الشافعى : وكان ابن سيرين والنخعى وغير واحد من التابعين يذهبون إلى ألا يقبلوا الحديث إلا عن من عرف .

       قال الشافعى : وما لقيت أحدا من أهل العلم يخالف هذا المذهب  ( ص 405 ) .

         وجاء بعد هذا بآراء آخرين غير مالك والشافعى .

        وبعد الرامهرمزى يأتى كتاب علوم الحديث للحاكم المعروف بتشيعه ، ولكنه لم يكن رافضيا ، ولذلك أترك النقل منه هنا وأبقيه عند الحديث عن الجرح والتعديل عند الشيعة الاثنى عشرية ليتضح الفرق بين الشيعة والرافضة .

        ومن الكتب المتقدمة فى علـوم الحديث الكفاية في علم الروايـة ، لأبى بكر أحمد بن على بن ثابت ، المعـروف بالخطيب البغدادى ، والمتوفــى سنة 463 هـ .

        وتحدث عن الرواية عن أهل الأهواء والبدع فقال ( ص 125 ) :

       والذى يعتمد عليه في تجويز الاحتجاج بأخبارهم اشتهر من قبول الصحابة أخبار الخوارج وشهاداتهم ومن جرى مجراهم من الفساق بالتأويل ، ثم استمرار عمل التابعين والخالفين بعدهم على ذلك لما رأوا من تحريهم الصدق وتعظيمهم الكذب ، وحفظهم أنفسهم عن المحظورات من الأفعال ، وإنكارهم على أهل الريب والطرائق المذمومة ، ورواياتهم الأحاديث التي تخالف آراءهم ويتعلق بها مخالفوهم في الاحتجاج عليهم ، فاحتجوا برواية عمران بن حطان وهو من الخوارج ، وعمرو بن دينار ، وكان ممن يذهب إلى القدر والتشيع وكان عكرمة إباضياً ، وابن أبى نجيح وكان معتزليا ، وعبدالوارث بن سعيد وشبل بن عياد ، وسيف بن  سليمان ، وهشام الدستوائى ، وسعيد بن أبى عروبة وسلام بن مسكين ، وكانوا قدرية وعلقمة بن مرثد ، وعمرو بن مرة ، ومسعر بن كدام ، وكانوا مرجئة ، وعبيد الله بن موسى وخالد بن مخلد ، وعبد الرزاق بن همام وكانوا يذهبون إلى التشيع ، في خلق كثير يتسع ذكرهم ، دوّن أهل العلم قديما وحديثاً رواياتهم واحتجوا بأخبارهم فصار ذلك كالإجماع منهم ، وهو أكبر الحجج في هذا الباب وبه يقوى الظن في مقاربة الصواب .

باب ذكر بعض المنقول

      عن أئمة أصحاب الحديث في جواز الرواية عن أهل الأهواء والبدع قد اسلفنا الحكاية عن أبى عبد الله الشافعى في جواز قبول شهادة أهل الأهواء غير صنف من الرافضة خاصة ، ويحكى نحو ذلك عن أبى حنيفة إمام أصحاب الرأى وأبى يوسف القاضى .

      وبعد هذا ذكر عدة روايات منها :

      بسنده عن حرملة بن يحيى قال : سمعت الشافعى يقول : لم أر أحدا من أهل الأهواء أشهد بالزور من الرافضة ( ص : 126 ) .

      وعن أبى يوسف قال : أجيز شهادة أهل الأهواء أهل الصدق منهم إلا الخطابية والقدرية الذين يقولون أن الله لا يعلم الشئ حتى يكون .

     وعن ابن المبارك قال : سأل أبو عصمة أبا حنيفة : ممن تأمرنى أن أسمع الآثار ؟ قال : من كل عدل في هواه إلا الشيعة ، فإن أصل عقيدتهم تضليل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم  ، ومن أتى السلطان طائعا ، أما إنى لا أقول إنهم يكذبونهم أو يأمرونهم بما لا ينبغى ولكن وطأوا لهم حتى انقادت العامة بهم . فهذان لا ينبغى أن يكونا من أئمة المسلمين ( ص : 126 ) .

     وعن عبدالرحمن بن مهدى قال : من رأى رأيا ولم يدع إليه احتمل ، ومن رأى رأيا ودعا إليه فقد استحق الترك ( ص : 127 ) .

     وقيل لأحمد بن حنبل : يا أبا عبدالله سمعت من أبى قطن القدرى ؟

     قال : لم أره داعية ، ولو كان داعية لم اسمع منه .

     قلت ـ أى الخطيب البغدادى : إنما منعوا أن يكتب عن الدعاة خوفا أن تحملهم الدعوة إلى البدعة والترغيب فيها على وضع ما يحسنها كما حكينا في الباب الذى قبل هذا عن الخارجى التائب قوله : كنا إذا هوينا أمرا صيرناه حديثا ( ص : 128 ) .

     وعن أبى داود قال : ليس في أصحاب الأهواء أصح حديثا من الخوارج ، ثم ذكر عمران بن حطان ، وأبا حسان الأعرج ( ص : 130) .

حوار الإمام الشافعي لفرقة ضلت

       إذا كان السلف الصالح متمسكاً بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم   تمسكهم بكتاب الله العزيز ، فإن فرقة شذت في عصر الإمام الشافعى فردت سنة رسول صلى الله عليه وسلم  ، ورأت أنها لا تقوم على الكتاب الذى أنزله الله تبياناً لكل شئ . وأشار الإمام الشافعى إلى هذه الفرقة ، وذكر حواره مع واحد منها في كتاب جماع العلم في الجزء السابع من كتابة الأم .

       وقد بدأ الإمام كتاب جماع العلم بقوله :

       لم أسمع أحداً نسبه الناس أو نسب نفسه إلى علم يخالف في أن فرض الله عز وجل اتباع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم  ، والتسليم لحكمه ، بأن الله عز وجل لم يجعل لمن بعده إلا اتباعه ، وأنه لا يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وأن سواهما تبع لهما ، وأن فرض الله تعالى علينا وعلى من بعدنا وقبلنا في قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واحد ، لا يختلف في أن الفرض والواجب قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا فرقة سأصف قولها إن شاء الله تعالى .

      ثم قال رحمه الله وجزاه خيراً :

باب حكاية قول الطائفة التي ردت الأخبار كلها

       قال الشافعى رحمه الله تعالى :

      قال لى قائل يُنسب إلى العلم بمذهب أصحابه… ..

      وذكر الشافعى قوله بأن القرآن نزل تبياناً لكل شىء ، بلسان عربى مبين ، وأن الأحاديث تعتمد على من يجوز عليهم الكذب ، والخطأ ، والنسيان ، والغلط .

      فبين الإمام أن السنة وحى ، لا يمكن الاستغناء عنها ؛ فلا يستقيم أمر الدين بغيرها ، ولا نعرف أحكام العبادات والمعاملات وغيرها إلا بها . وأنه يحتـاط فى قبولها أكثر مما يحتاط فى قبول الأقوال التى تستباح بها الدماء والأموال والأعراض . واستمر الإمام فى حواره الممتع المقنع حتى اهتدى ذاك الضال . وهذا الحوار نقلته تاماً فى بحث " السنة بيان الله على لسان رسوله " وهو ملحق بهذا الجزء ، ولذلك أكتفى به ، وأحيل عليه .

بعد الإمام الشافعى

     هذا هو حوار الإمام الشافعى الذى هدى من حاوره بعد ضلال ، ولكن هداية هذا الرجل لا تعنى عدم ضلال الطائفة . ويأتى القرن الثالث ، الذى توفى الإمام الشافعى في العام الرابع من بدايته ، ليكون العصر الذهبى لجمع السنة وتنقيتها وتدوينها ، حيث دون مسند الإمام أحمد ، والصحيحان ، وكتب السنن الأربعة ، وغيرها من الكتب الآخرى : كسنن سعيد بن منصور ، والدارمى ، ومسانيد إسحاق بن راهويه ، وبقى بن مخلد ، والبزار ، وأبى يعلى .

     غير أن ذاك القرن ضم أيضاً من حاول هدم السنة المطهرة .

     ننظر مثلا إلى كتاب تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة المتوفى سنة 276 هـ . فنراه جعل كتابه في الرد على أعداء أهل الحديث ، والجمع بين الأخبار التي ادعوا عليها التناقض والاختلاف ، والجواب عما أوردوه من الشبه على بعض الأخبار المتشابهة أو المشكلة بادئ الرأى . ولا يكتفى ابن قتيبة بالرد على الشبه ، وبيان سوء فهم من أثاروا تلك الشبه ، وإنما يتحدث عن الأشخاص أنفسهم الذين أثاروها حتى يعرف القارئ سبب عدائهم لأهل الحديث .

      فيذكر منهم النظام ويقول : وجدنا النظام شاطرا من الشطار ، يغدو على سكر ، ويروح على سكر ، ويبيت على جرائرها ، ويدخل في الأدناس ، ويرتكب الفواحش والشائنات ... إلخ

     وذكر أن النظام خرج على إجماع الأمة ، وطعن في أبى بكر وعمر وعلى وابن مسعود وأبى هريرة ، ثم عقب ابن قتيبة بعد هذا بقوله : هذا هو قولـه– أى       النظام - في جلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورضى عنهم ، كأنه لم يسمع بقول الله عز وجل في كتابه الكريم " محمد رسول الله والذين معه " إلى آخر السورة ، ولم يسمع بقول الله عز وجل في كتابه الكريم " محمد رسول الله والذين معه " إلى آخر السورة ، ولم يسمع بقوله تعالى  ] لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ[   ([8][32]) .

      وبعد حديثه عن النظام ، ورده عليه يقول : ثم نصير إلى قول أبى هذيل العلاف فنجده كذابا أفاكا ... إلخ وهكذا استمر ابن قتيبة في كتابه .

     وكان أسوأ وأشد خطرا من هؤلاء الذين تحدث عنهم الرافضة الذين اتخذوا لأنفسهم سنة خاصة تختلف عن مفهوم السنة عند الأمة ، فأشركوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم في العصمة ووجوب الاتباع أشخاصاً اعتبروهم أئمة طائفتهم ، ووضعوا الأخبار في ظلمات هذا المفهوم ، وفى ظلماته أيضاً كتبوا في الجرح والتعديل .

     شهد القرن الثالث ثلاثة من كتب التفسيرهي تفاسير العسكرى والقمى والعياشى التي تحدثنا عنها من قبل في الجزء الثانى ، وبالرجوع إليها وجدنا أنها تطعن في خير الناس : صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رضى الله عنهم ورضوا عنه ، وتذكر أن القرآن الكريم حرف نصا ومعنى ، وجاء الطعن والقول بالتحريف في روايات مفتريات اعتبروها صحيحة بمقياسهم .

     وألف كتاب رابع وهو الكافى للكلينى تلميذ القمى ، واعتبر هذا الكتاب الكتاب الأول في الحديث عندهم ، وعندما قرأته وجدت صاحبه قد ضل ضلالاً بعيداً ، ووضع من المفتريات ما لايستطيع أن يتصوره أى مسلم ، وسيأتى الحديث عنه بالتفصيل .

     وعندما رجعت لكتب الجرح والتعديل عندهم وجدت آثار هذه الظلمات : فصاحب الكتاب الرابع ثقة الإسلام ! وشيخه ليس ثقة فحسب ، بل كل من وثقهم وروى عنهم فهم ثقات ، ولا يعتبر الحديث صحيحا إلا إذا كان الرواة كلهم جميعا من طائفتهم ، والجرح عندهم سيئ للغاية ، وسيتضح هذا جليا في الفصول التالية .  

 

 

 ([1][25]) صحيح مسلم 1 / 72 . وقال النووى : أبو الزناد اسمه عبدالله بن ذكوان ، وكان الثورى يسميه : أمير المؤمنين في الحديث  .

 ([2][26]) انظر ص 79 .

 ([3][27]) سورة يوسف : الآية 80 .

 ([4][28]) انظر الأخبار المتصلة بجابر في صحيح مسلم 1 / 85 – 87 . ووفاته كانت سنة 128 هجرية في عصر الإمام الصادق ، والأخبار التي وضعها افتراء على الأئمة لا تذكر أسماء من يأتى بعده ، ولذلك ذكر عليا في السحاب ، ولم يذكر اسم من يخرج من ولده ، أما الذين وضعوا الروايات بعد إمامهم الثانى عشر في النصف الثانى من القرن الثالث وما بعدها فإنهم ذكروا* *خروجه . وللرجعة معنى آخر أيضاً عند الشيعة كما سبق بيانه في الفصل الخامس من الجزء الأول .

 ([5][29]) ذكرت ما يتصل بجابر لنقارن بين ما قاله الأئمة الأعلام من طعن فيه وبيان لأكاذيبه ، وبين ما يقوله الشيعة الاثنا عشرية :

   فهم يعتبرونه من اصحاب الأصول الأربعمائة التي نتحدث عنها في القسم الثانى ، وجاء في ترجمته عندهم ما يأتى:

      وثقه بن الغضايرى وغيره ، وروى الكشى وغيره أحاديث كثيرة تدل على مدحه وتوثيقه وروى فيه ذم يأتى ما يصلح جوابا عنه في زرارة ، وضعفه بعض علمائنا ، والأرجح توثيقه . وقال الشيخ : له أصل ، وروى أنه روى سبعين ألف حديث عن الباقر ، وروى مائة وأربعين ألف حديث ، والظاهر أنه ما روى أحد بطريق المشافهة عن الأئمة أكثر مما روى جابر ، فيكون عظيم المنزلة عندهم لقولهم : اعرفوا منازل الرجال منا على قدر رواياتهم عنا ( وسائل الشيعة : 20 / 151 ) .

      وترجمة زرارة بن أعين التي أشار إليها صاحب الوسائل هنا جاء فيها ما يأتى : ... وروى أحاديث في ذمه ينبغى حملها على التقية ، بل يتعين ،وكذا ما ورد في حق أمثاله من أجلاء الإمامية بعد تحقق المدح من الأئمة ( وسائل الشيعة ك 20 / 196 ) . وجاء في حاشية الوسائل ( 19 / 338 ) . جابر بن يزيد الجعفى من أصحاب الإمامين الباقر والصادق ، تابعى روى عنهما ، مات أيام الصادق سنة 128 هجرية ، له كتب وأصل ، وروى أن الصادق ترحم عليه ، وقال : إنه كان يصدق علينا ، وكان باب الإمام الباقر ، وفيه أحاديث كثيرة رواها الكشى وغيره تدل على مدحه وعظيم شأنه .

 

 ([6][30]) انظر مقدمة صحيح مسلم ص 105 .

 ([7][31]) التلاوة ] وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا [ النساء : 115 .

  ([8][32]) راجع حديثه عن النظام ، ومناقشته له في ص 17 : 42 . 

  • الثلاثاء AM 09:54
    2021-04-27
  • 1302
Powered by: GateGold