المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 417474
يتصفح الموقع حاليا : 259

البحث

البحث

عرض المادة

بيان الكتاب والسنة

بيان الكتاب والسنة

       نزل القرآن الكريم مفرقاً في ثلاث وعشرين سنة ، قال تعالى في سورة الإسراء :  ] وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً[ ([1][2])

والرسول صلى الله عليه وسلم عندما يقرأ القرآن الكريم على الناس فإنما يقرأ ويبين مراد الله   تعالى . وكان منهج الصحابة رضى الله تعالى عنهم كما قال ابن مسعود " كنا لا نتجاوز عشر آيات حتى نعلم ما بهن ونعمل بهن فتعلمنا العلم والعمل جميعاً " ، وكانوا يأخذون عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما يخفى عليهم من هذا العلم .

     وفى العهد المكى الذى نزلت فيه سورة الإسراء نزل قوله تعالى في الآية التاسعة والثمانين من سورة النحل : ]  وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ [ . 

      وفى الآية الرابعة والأربعين من سورة النحل أيضاً نزل قوله عز وجل : ]أنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ[ ، فما البيان الذى جاء به القرآن الكريم؟ و ما بيان الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ وما العلاقة بين البيانين ؟

أولاً: من القرآن ما جاء البيان نصا لا يحتاج إلى بيان آخر : كقوله تبارك وتعالى : ] فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ  [([2][3]).

فحرف الواو كما يأتى للجمع قد يأتى للإباحة ، فيحتمل أن يكون المتمتع مخيراً بين صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع ، فمنع هذا الاحتمال بمزيد من البيان     " تلك عشرة كاملة " ومثل هذه الآية الكريمة ما يعرف في أصول الفقه : بالمحكم أو المفسر إذا كان التفسير من القرآن الكريم نفسه وهو كثير ، وما كان قطعى الدلالة لا يحتمل التأويل وهو أكثر .

ثانياً : في الآية الكريمة السابقة الذكر ذكر العمرة والحج ، ولكن كيف نؤديهما ؟ وفى قوله عز وجل  ] وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ  [ بيان أن الصلاة مفروضة ، وأن الزكاة مفروضة ولكن ما عدد الصلوات المفروضة ؟ وكيف تؤدى ؟ وما مواقيتها ؟ إلى غير ذلك مما يتعلق بالصلاة ، وكذلك ما يتعلق بالزكاة . كل هذا بينه الله سبحانه وتعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله –ـ عز وجل ـ الذكر بإحكام الفرض وترك للرسول صلى الله عليه وسلم بيان ما أنزل . وهذا أمر واضح جلى لا يحتاج إلى وقفة فلا يستطيع أحد أن ينكره .

     ومثل هذا بيان ما كان ظنى الدلالة محتملاً للتأويل : كمطلق يقيد وعام يخصص إلى غير ذلك مما هو معلوم مشهور .

ثالثاً : جاءت السنة المطهرة بما ليس فيه نص من كتاب الله تبارك وتعالى ، وبيان الرسول صلى الله عليه وسلم إنما هو عن الله تعالى ، فقد بين القرآن الكريم وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم " فكل من قبل عن الله فرائضه فى كتابه : قبل عن رسول الله سننه بفرض الله طاعة رسوله على خلقه ، وأن ينتهوا إلى حكمه . ومن قبل عن رسول الله فعن الله قبل لما افترض الله من طاعته . فيجمع القبول لما في كتاب الله ولسنة رسول الله القبول لكل واحد منهما عن الله وإن تفرقت فروع الأسباب التي قبل بها عنهما " ([3][4]).

     والآيات الكريمة التي تبين وجوب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأنها من طاعة الله عز وجل ، وتحذر من مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الآيات كثيرة نكتفى هنا بذكر بعضها .

       القرآن الكريم يأمر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ويحذر من معصيته .

   قال الله سبحانه وتعالى :

    ] وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا  [ " الحشر : 7 "

    ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ     تَأْوِيلاً [ " النساء : 59 "

    ] وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا [ " الأحزاب : 36 "

     ] مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ  [ " النساء : 80 "

 ]  إِنَّ الذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ  [  " الفتح : 10 "

    ] فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا [  " النساء : 65 " 

     ] لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [     " النور : 63 "

   ] إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ  [    " النور : 51 ، 52 "

       فهذه الآيات الكريمة فرضت طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم   : مقرونة بطاعة الله عز وجل ، ومذكورة وحدها ، وحذرت من يعصى أمر رسول الله وحكمت عليه بالضلال المبين وبعدم الإيمان ، فطاعة الرسول الكريم طاعة الله تبارك وتعالى . إذن بيان السنة من بيان كتاب الله العزيز .

 

 ([1][2]) الآية : 106 .

 ([2][3]) 196 : سورة البقرة .

 ([3][4]) الرسالة للإمام الشافعى : ص 33 .

  • الاثنين PM 06:23
    2021-04-26
  • 911
Powered by: GateGold