المتواجدون الآن

انت الزائر رقم : 417455
يتصفح الموقع حاليا : 237

البحث

البحث

عرض المادة

تفسير العياشى : منزلة العياشى كالقمى

تفسير العياشى : منزلة العياشى كالقمى

       تلك أهم آثار الإمامة في تفسير القمي الذي يمثل جانب الغلو والتطرف في هذه العقيدة كتفسير العسكرى .

      والتفسير الثالث الذي طالعنا به القرن الثالث هو تفسير العياشى ، لمحمد بن مسعود العياشى ، المتوفى في حدود سنة 320 هـ ، والذى يعـد من الثقـات عند الشيعة الاثنى عشرية  ([1][285]).

     وفى صدر التفسير كتب محمد حسين الطباطبائى ([2][286]) مقدمة حول الكتاب ومؤلفه ، قال فيها :

       " وقد بعث الله رجالاً من أولى النهى والبصيرة ، وذوى العلم والفضلة ، على الاقتباس من مشكاة أنوارهم – أي الأئمة – والأخذ والضبط لعلومهم وآثارها،وإبداع ذخائرها في كتبهم ،وتنظيم شتاتها في تأليفهم ، ليذوق بذلك الغائب من منهل الشاهد ، ويرد به اللاحق مورد السابق .

      وإن من أحسن ما ورثناه من ذلك كتاب التفسير المنسوب إلى شيخنا العياشى رحمه الله ، وهو الكتاب القيم الذي يقدمه الناشر اليوم إلى القراء الكرام.

      فهو لعمرى أحسن كتاب ألف قديماً في بابه ، وأوثق ما ورثناه من قدماء مشايخنا من كتب التفسير بالمأثور .

      أما الكتاب فقد تلقاه علماء هذا الشأن منذ ألّف إلى يومنا هذا – ويقرب من أحد عشر قرناً – بالقبول من غير أن يذكر بقدح أو يغمض فيه بطرف .

      وأما مؤلفه الشيخ الجليل أبو النضر محمد بن مسعود بن العياش التميمى الكوفى السمرقندى ، من أعيان علماء الشيعة ، وأساطين الحديث والتفسير بالرواية، من عاش في أواخر القرن الثالث من الهجرة النبوية .

      أجمع كل من جاء بعده من أهل العلم على جلالة قدره وعلو منزلته وسعة فضله ، وإطراء علماء الرجال متسالمين على أنه ثقة عين صدوق في حديثه ، ومن مشايخ الرواية ، يروى عنه أعيان المحدثين : كشيخنا الكشى صاحب الرجال وهو من تلامذته ، وشيخنا جعفر بن محمد بن مسعود العياشى وهو ولده … إلخ " .

منهج العياشى وأهدافه كالقمى :

     من هذا نرى أن العياشى وتفسيره عند الشيعة في منزلة تشبه منزلة القمي وتفسيره .

    بدراسة تفسير العياشى يظهر لنا أنه كان يسير مع القمي في طريق واحد ، فلا فرق بينهما في المنهج والأهداف ، والغلو والتطرف والضلال ، وما أخذناه على تفسير القمي يتسم به أيضاً تفسير العياشى ، وإليك البيان :

أولاً : القول بتحريف القرآن الكريم

 

     يشترك العياشى مع القمي في محاولة التشكيك في كتاب الله العزيز ، والدعوة إلى القول بتحريفه . ولذلك وجدنا صاحب كتاب " فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب " يذكر العياشى مع القائلين بالتحريف ، ويقول بأنه روى في أول تفسيره أخباراً عامة صريحة في التحريف ، وأن نسبة القول بالتحريف إلى العياشى كنسبة القول به إلى على بن إبراهيم القمي ، بل صرح بنسبته إلى العياشى جماعة كثيرة ([3][287]).

    وينقل عن العياشى بعض الأخبار التي استدل بها على التحريف .

    منها ما رواه عن الإمام الصادق أنه قال : " لو قرئ القرآن كما أنزل لألفيتمونا فيه مسمين " ([4][288]).

    ومنها ما رواه عن الإمام الباقر أنه قال : تنزل جبرائيل بهذه الآية على محمد صلى الله عليه وسلم هكذا :  بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ في علي بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللّهُ ([5][289])    

      وفى تفسير العياشى نجد كثيراً من مثل هذا الضلال :

      فتحت عنوان " ما عنى به الأئمة من القرآن " (1/13) يذكر عدة أخبار ، منها الخبر السابق عن الإمام الصادق ، ويرويه أيضاً عن الإمام الباقر ، كما يروى عن الإمام الباقر أنه قال أنه قال : " لولا أنه زيد في كتاب الله ونقص منه ما خفى حقنا على ذى حجى ، ولو قد قام قائمنا فنطق صدقه القرآن " .

      وعن الإمام الصادق : " إن القرآن قد طرح منه أي كثيرة ، ولم يزد فيه إلاَّ حروف ، وقد أخطأت بها الكتبة ، وتوهمتها الرجال " .

      وفى أول سورة البقرة يروى العياشى عن الصادق أنه قال : (كتاب على لا ريب فيه ).

     وعن عمر بن يزيد ، قال : سألت أبا عبد الله عن قول الله :] مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا[ ، فقال : كذبوا ، ما هكذا هي ! إذا كان ينسى وينسخها أو يأتى بمثلها لم ينسخها . قلت : هكذا قال الله . قال : ليس هكذا قال تبارك وتعالى . قلت : فكيف قال ؟ قال : ليس فيها ألف ولا واو ، قال : ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها مثلها ، يقول : ما نميت من إمام أو ننسه ذكره نأت بخير منه من صلبه مثله ([6][290]).    

      وفى تفسير العياشى لسورة النساء يذكر الرواية التالية :

   عن جابر قال : قلت لمحمد بن على : قول الله في كتابه ] الَّذِينَ آمَنُواْ   ثُمَّ كَفَرُواْ  قال : هما والثالث والرابع وعبدالرحمن وطلحة ، وكانوا سبعة عشر رجلاً . قال : لما وجّه النبي صلى الله عليه وسلم  علىّ  بن  أبى طالب  رضي الله عنه وعمّار  بن ياسر رحمه الله إلى أهل مكة قالوا : بعث هذا الصبى ، ولو بعث غيره يا حذيفة إلى أهل مكة ؟ وفى مكة صنايدها ، وكانوا يسمّون عليَّا الصبى لأنه كان اسمه في كتاب الله الصبى لقول الله :  وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا   وهو صبى   وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ[ ([7][291]) فقالوا : والله الكفر بنا أولى مما نحن فيه ، فساروا فقالوا لهما ، وخوَّفوهما بأهل مكة ، فعرضوا لهما وغلَّظوا عليهما الأمر ، فقال علىّ صلوات الله عليه : حسبنا الله ونعم الوكيل ، ومضى ، فلما دخلا مكَّة أخبر الله نبيه بقولهم لعلىّ وبقول علىّ لهم ، فأنزل الله بأسمائهم في كتابه ، وذلك              قول الله ]  ألم تر إلى الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ([8][292]) إلى قوله :

] وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ [ وإنما نزلت ألم تر إلى فلان وفلان لقوا عليُّا وعماراً فقال إنَّ أبا سفيان وعبدالله بن عامر وأهل مكة قد جمعوا لكم فاخشوهم فقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ، وهما اللذان قال الله : ] الَّذِينَ آمَنُواْ   ثُمَّ كَفَرُواْ[ ‘إلى آخر الآية ، فهذا أول كفرهم .. والكفر الثاني قول النبي عليه وعلى آله السلام : يطلع عليكم من هذا الشعب رجل فيطلع عليكم بوجهه ؛ فمثله عندالله كمثل عيسى ، لم يبق منهم أحد إلاَّ تمنى أن يكون بعض أهله ، فإذا بعلىّ قد خرج وطلع بوجهه وقال : هو  هذا ، فخرجوا غضاباً وقالوا : ما بقى إلاَّ أن يجعله نبيَّا ، والله الرجوع إلى آلهتنا خير ممّا نسمع منه في ابن عمّه ، وليصدّنا علىّ إن دام هذا ، فأنزل الله          ] وَلَمَّا ضــرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ[ إلى آخر الآية فهذا الكفر الثاني. وزاد الكفر بالكفر حين قال الله] إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ    [  فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا علىُّ أصبحت وأمسيت خير البريَّة ، فقال له الناس : هو خير من آدم ونوح ومن إبراهيم ومن الأنبياء ، فأنزل الله              ] إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ   [ إلى ] سَمِيعٌ عَلِيمٌ[   قالوا : فهو خير منك يا محمد ؟ قال الله :   ] قُلْ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا [ ولكنَّه خير منكم وذريَّته خير من ذريتكم ، ومن اتَّبعه خير ممَّن اتبعكم ، فقاموا غضاباً وقالوا : زيادة الرجوع إلى الكفر أهون علينا مما يقول في ابن عمه ، وذلك قول الله ] ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا  .

      وفى تفسير سورة النحل يروى العياشى عن أبى جعفر أنه قال : نزل جبرائيل هذه الآية هكذا : ] وَإِذَا قِيلَ لَهُم مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ   في على قَالُواْ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ[ ([9][293])

     ويروى عن إسماعيل الحريرى قال : قلت لأبى عبدالله : قول الله :

إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ   قال البغى : اقرأ كما أقول لك يا إسماعيل ] إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى حقه     [ قلت : جعلت فداك إنَّا لا تقرأ هكذا في قراءة زيد ، قال ولكنّا نقرأها هكذا في قراءة علىّ   ، قلت ، فما يعنى بالعدل ؟ : شهادة أن لا إله إلاَّ الله ، قلت : والإحسان ؟ قال : شهادة أن محمداً رسول الله ، قلت : فما يعنى بإيتاء ذى القربى  حقّه ، قال : أداء إمامة إلى إمام بعد إمام ، ]وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ [ قال : ولاية فلان وفلان ([10][294]).

ثانياً الطعن في الصحابة الكرام :

      الرواية التي ذكرتها دون اختصار من تفسير العياشى لسورة النساء لبيان موقفه من تحريف القرآن الكريم توضح أمرين آخرين ، هما طعنه في خير أمة أخرجت للناس ، الصحابة الكرام الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه ، وعلى الأخص من بشر منهم بالجنة غير على رضي الله عنه ، كالشيخين ، وذى النورين، وطلحة والزبير ، والأمر الآخر موقفه من أسباب النزول ، ومفتريات هذا الضال الممجوجة ليتفق سبب النزول مع ضلاله .

       وإذا كانت الرواية وضعها العياشى ليقول بأن الخلفاء الراشدين الثلاثة ، وغيرهم من خيرة الصحابة ، كفروا في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم   ، فإنه  يرى ويروى أن الصحابة الكرام جميعاً ارتدوا عن الإسلام بعد الرسول صلى الله عليه وسلم   إلاَّ  ثلاثة هم : المقداد وأبو ذر وسلمان الفارسى ([11][295]).

       وتفسيره مملوء محشو بالطعن في الصحابة وتكفيرهم ، ونذكر بعض الأمثلة:

       يروى عن جابر قال : سألت أبا عبدالله صلى الله عليه وسلم عن قول الله  :  

] وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ [ قال :

     فقال هم أولياء فلان وفلان ([12][296])، اتخذوهم أئمة من دون الإمام الذي جعل الله للناس ، فلذلك قال الله تبارك وتعالى :]   وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَاب إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ  [إلى قوله : ] وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ[ قال : ثم قال أبو جعفر : والله  يا جابر هم أئمة الظلم وأشياعتهم ([13][297]).

      وفى رواية أخرى : أعداء على هم المخلدون في النار أبد الآبدين ، ودهر الداهرين ([14][298]).

      وروى عن عبدالله النجاشى قال : سمعت أبا عبدالله يقول :أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا[  يعنى  والله فلاناً وفلاناً ] وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ[ إلى قوله          ] تَوَّابا رَّحِيمًا[ يعنى والله النبي وعليًّا بما صنعوا ، أي لو جاءوك بها يا علىّ فاستغفروا مما صنعوا ، ] وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ  [  ثم قال أبو عبدالله : هو والله على بعينه ]ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ[ على لسانك يا رسول الله يعنى به ولاية علي ] وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا [ لعلى بن أبى طالب  ([15][299]).

      وروى عن أبى عبدالله قال : والله لو أن قوماً عبدوا الله وحده لا شريك له ، وأقاموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، وحجوا البيت ، وصاموا شهر رمضان ، ثم لم يسلموا إلينا لكانوا بذلك مشركين ([16][300]).

      وروى عن جابر عن أبى جعفر قال : سألته عن هذه الآية]    وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [ قال : اَّلذين يدعون من دون الله الأول والثاني والثالث ، كذَّبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم   بقوله : والوا علياً واتبعوه ، فعادوا علياً ولم يوالوه ، ودعوا الناس إلى ولاية أنفسهم ، فذلك قول الله : ]  وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ  [    قال : وأما قوله :  لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئًا[  فإنه يعنى : لايعبدون شئياً ، ]  وَهُمْ يُخْلَقُونَ    [، فإنه  يعنى وهم يعبدون ، وأما قوله ] أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْيَاء[ يعنى كفارغير مؤمنين ، وأما قوله : ] وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [ فإنه يعنى أنهم لا يؤمنون ، أنهم يشركون ، ] إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ[ فإنه كما قال الله ، وأما قوله ] فَالَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ[ فإنه يعنى لايؤمنون بالرجعة أنها حق، وأما قوله ] قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ [ فإنه يعنى  قلوبهم كافرة ، وأما قوله :]وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ[  فإنه يعنى عن ولاية على مستكبرون ، قال الله لمن فعل ذلك  وعيداً منه ]لاَ جَرَمَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ عن ولاية على [([17][301]).

   ثالثاً جعل الأئمة هم المراد من كلمات الله :

      في أصول التفسير عند العياشى نجد العنوان التالي ([18][302]) "في ما أنزل القرآن " وتحت هذا العنوان يذكر روايات منها :

       عن أبى جعفر قال : نزل القرآن على أربعة أرباع . ربع فينا ، وربع في عدونا ، وربع فرايض وأحكام ، وربع سنن وأمثال ، ولنا كرائم القرآن .

       وعن أمير المؤمنين قال : نزل القرآن أثلاثاً : ثلث فينا وفى عدونا ، وثلث سنن وأمثال ، وثلث فرايض وأحكام .

       ونجد عنواناً  آخر ، وهو : " ما عنى به الآئمة من القرآن " ([19][303]) وأشرنا إلى هذا العنوان من قبل ، وذكرنا بعض رواياته لبيان التحريف .

      وأضيف بعض الروايات الأخرى :

    عن أبى عبدالله قال : من لم يعرف أمرنا من القرآن لم يتنكب الفتن .

     وعن أبى جعفر قال : لنا حق في كتاب الله المحكم من الله ، لومحوه فقالوا ليس من عندالله ، أو لم يعلموا ، لكان سواه .

      وعنه أيضاً : إذا سمعت الله ذكر أحداً من هذه الأمة بخير فنحن هم ، وإذا سمعت الله ذكر قوماً بسوء ممن مضى فهم عدونا .

     وعن على بن أبى طالب رضي الله عنه قال : سموهم بأحسن أمثال القرآن ، يعنى عترة النبي صلى الله عليه وسلم  :  هذا عذب  فرات فاشربوا ، وهذا ملح أجاج فاجتنبوا.

      وعن عمر بن حنظلة ، عن أبى عبدالله ، عن قول الله ] قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ[ ؟ فلما رآنى أتتبع هذا وأشباهه من الكتاب قال : حسبك ، كل شئ في الكتاب من فاتحته إلى خاتمته مثل هذا فهو في الأئمة عنى به.

      هذه بعض الأصول التي وضعها العياشى ، ونسبها للأئمة الأطهار حتى يحكم فريته . وفى ظلماتها يمكن معرفة ما عليه هذا التفسير من جعل الأئمة هم المراد من كثير من كلمات القرآن الكريم ، وحصر هذا يطول ذكره ، ويكفى أن نذكر بعض الأمثلة :

     يروى العياشى عن سلام عن أبى جعفر في قوله :] آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا [  قال : إنما عنى بذلك عليَّا والحسن والحسين وفاطمة ، وجرت بعدهم في الأئمة . قال : ثم يرجع القول من الله في الناس فقال : ] فَإِنْ آمَنُواْ [  يعنى الناس    ]بِمِثْلِ مَآ آمَنتُم بِهِ[   يعنى عليَّا وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من بعدهم ]فَقَدِ اهْتدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ[  ([20][304]).

       وعن أبى عبدالله في قول الله ] صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً [ قال: الصبغة معرفة أمير المؤمنين بالولاية في الميثاق ([21][305]).

       وعن بريد بن معوية العجلى عن أبى جعفر قال : قلت له]   وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [ قال نحن الأمَّة الوسطى ، ونحن شهداء الله على خلقه ، وحجّتْه في أرضه ([22][306]).

    وعن أبى عبدالله في قوله تعالى : ]  وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ [، قال : أتمهن بمحمد وعلى والأئمة من ولد على ([23][307]).

      وعن أبى جعفر أن الولاية هي المراد من قوله تعالى : ] وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ [ ([24][308])

       وعن أبى عبدالله ، وعن أبيه ، أن أصحاب القائم - أي الإمام الثاني عشر-هم الأمة المعدودة التي قال الله في كتابه : ] وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ [ ([25][309]).

  وعن أبى جعفر أن علياً هو المراد من كلمة النور في قوله تعالى :] فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ [([26][310]).

  وعن أبى عبدالله في قوله تعالى : ] وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ[،  قال : هم الأئمة ([27][311]).

    وعن أبى جعفر : ] إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ [ : وهو محمد ، ]وَالإِحْسَانِ [ : وهو على ، ]وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى[  : وهو قرابتنا . أمر الله العباد بمودتنا وإيتائنا ، ونهاهم عن الفحشاء والمنكر : من بغى على أهل البيت ، ودعا إلى غيرنا ([28][312]).

    والعياشى يرفع الأئمة لمرتبة الألوهية كالقمى :

     فعند تفسير قوله تعالى ] لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ [يروى العياشى عن أبى عبدالله أنه قال : يعنى بذلك : ولا تتخذوا إمامين إنما هو إمام واحد ([29][313]).

      وعند قوله عز وجل : ]حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ  [  ([30][314])  ، بقوله : طائعين للأئمة .

     وفى قوله سبحانه : ] فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا[ ([31][315]) ، يروى العياشى أن العمل الصالح : المعرفة بالأئمة ، ولا يشرك بعبادة ربه أحدا : التسليم لعلى ، ولا يشرك معه في الخلافة من ليس له ذلك ، ولا هو من أهله([32][316]).

     هذه نماذج كافية لبيان أن العياشى كالقمى في هذا الضلال ، وكل ما قيل عن القمي يمكن أن نراه من خلال هذه النماذج ، وأختمها بما ختمت به دراستى عن العياشى في كتاب " أثر الإمامة في الفقه الجعفرى وأصوله : ص 208 ، 209 ":

     وفى سورة هود يتحدث عن سبب نزول آيات من 12 إلى 24 فيقول : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمير المؤمنين  في آخر صلاته ، رافعاً بها صوته يسمع الناس ، يقول اللهم هب لعلى المودة في صدور المؤمنين ، والهيبة والعظمة في صدور المنافقين فأنزل الله ] إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا[ ([33][317]) بنى أمية . فقال رمع([34][318]) : والله لصاع من تمر في شن بال أحب إلى مما سأل محمد ربه ، أفلا سأله ملكاً يعضده ؟ أو كنزاً يستظهر به على فاقته ؟ فأنزل الله فيه عشر آيات من هود أولها ]فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ [ إلى] أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ[ ولاية على       ]قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ [إلى ] فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ[في ولاية على  ] فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ وَأَن لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ[ لعلى ولايته  ] مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا [ يعنى فلاناً وفلاناً ]نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا  أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ [ رسول الله صلى الله عليه وسلم ]  وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ[ أمير المؤمنين]  وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَامًا وَرَحْمَةً [ قال : كان ولاية على في كتاب موسى ]    أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ [ في ولاية على ] إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ [ إلى قوله : ]  وَيَقُولُ الأَشْهَادُ [ ]هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ [ إلى قوله : ] هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ[ ([35][319]).

 

 ([1][285]) هو أبو النضر محمد بن مسعود بن عياش السلمى السمرقندى ، المعروف بالعياشى – انظر ترجمته في تنقيح المقال ، وهدية العارفين 2/32 ، ومعجم المؤلفين 12/20 .

   وفى كتاب " بهجة الآمال في شرح زبدة المقال " ذكره المؤلف ضمن علماء الجعفرية الذين يرجع إلى أقوالهم في الجرح والتعديل ، وقال عنه : " جليل القدر ، واسع الأخبار ، بصير بالرواية ، مطلع بها ، ثقة صدوق ، من عيون هذه الطائفة وكبارها … إلخ " انظر ص 43.

 ([2][286]) صاحب كتاب الميزان في تفسير القرآن – سيأتى الحديث عن كتابه .

  ([3][287]) انظر فصل الخطاب ص 26 .

   ([4][288]) المرجع السابق ص 14 .

  ([5][289]) المرجع نفسه ص 232 ، والآية الكريمة هي رقم 90 من سورة البقرة ، وحرفها بزيادة   " في علي " .

   ([6][290])  الآية الكريمة هي رقم 106 من سورة البقرة ، وحرفها ليصل إلى تأويله الذي يعد تحريفاً آخر .

   ([7][291]) الآية 33 من سورة فصلت ، وحرفها بزيادة " وهو صبى " .

  ([8][292]) 173 : آل عمران ، وتبدأ بقول ] الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ [بدون : ] ألم تر إلى [ ، وقول العياشى       " وإنما نزلت … " فيه تحريف يذكرنا بكلام مسيلمة الكذاب. 

   ([9][293])  2/257 ، والآية الكريمة رقم 24 من سورة النحل ، وحرفها بزيادة " في على " .

  ([10][294]) 2/267 ، والآية الكريمة هي التسعون في سورة النحل ، وحرفها بزيادة " حقه " ، ثم جاء التأويل الذي ذهب إليه ليكون تحريفاً آخر ، وطعناً في الصديق والفاروق ، والصحابة الكرام لأنهم بايعوا كلاً منهما ، وهو قول هذا الضال : " ولاية فلان وفلان " .

  ([11][295]) انظر تفسير الصافى ج 1 ورقة 148.

  ([12][296]) يقصد الخلفاء الراشدين الثلاثة ، ومن بايعهم .

  ([13][297]) تفسير العياشى 1/72 ، والآيات الكريمة في سورة البقرة من 165/167 ، ومن الواضح أنها تتحدث عن المشركين عبده الأوثان " ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً…." ، فجعلها العياشى : من دون الإمام .

   ([14][298]) 1/73 .

  ([15][299]) ، (2)  ا /255 ، والآيات الكريمة من سورة النساء : من 63 إلى 65 ، وقبل هذه الآيات جاء قوله تعالى : } وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا { ، فجعل العياشى النفاق لخير الناس بعد الرسول r ،وهما أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما .

 

   ([17][301]) 2/256 : 257 ، والآيات الكريمة في سورة النحل : من 20إلى 23 ، وحرفها بزيادة " عن ولاية على " ويقصد بالأول والثاني والثالث : الخلفاء الراشدين المهديين ، وبدلاً من أن يستحل دم هذا العياشى أجمعت طائفته على توثيقه وعلو منزلته !! وما وجدنا أحداً من دعاة التقريب يطعن فيه ! فماذا يراد بالتقريب إذن ؟! 

   ([18][302]) تفسير العياشى 1 / 9 .

   ([19][303]) 1/13 .

  ([20][304]) 1 / 62 ، والآيتان الكريمتان في سورة البقرة : 136، 137 ، وقبلهما  ] وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ[ .

  ([21][305]) 1/62 ، والآية الكريمة هي رقم 138 من سورة البقرة ، أي بعد الآيات السابقة .

  ([22][306]) 1/62 ، والآية الكريمة هي رقم 143 من السورة نفسها .

  ([23][307]) 1/57 ، الآية الكريمة هي رقم 124 من السورة نفسها أيضاً.

  ([24][308]) 1 /330 ، والآية الكريمة هي رقم 66 من سورة المائدة . 

  ([25][309]) 2/140 ، 141 ، والآية الكريمة الثامنة من سورة هود .

  ([26][310]) 2 / 31 ، والآية الكريمة هي رقم 157 من سورة الأعراف .

  ([27][311]) 2 / 256 ، والآية الكريمة هي رقم 16 من سورة النحل .

  ([28][312]) 2 / 267 ، وسبق من قبل ذكر رواية أخرى عن أبى عبدالله في التحريف لهذه الأية.

  ([29][313]) 2 / 261 ، والآية الكريمة هي رقم 51 من سورة النحل .

  ([30][314]) 238 : البقرة .

   ([31][315]) 110 : سورة الكهف  .

  ([32][316]) انظر ما سبق في كتابى : أثر الإمامة في الفقه الحعفرى وأصوله – ص 205 .

  ([33][317]) 96، 97 : سورة مريم  .

  ([34][318]) قال المجلسى : " رمع كناية عن عمر لأنه مقلوبه " بحار الأنوار 36/101 "  .

 ([35][319]) بحار الأنوار 36 / 100-101 ، والآيات ثلاث عشرة لا عشر آيات.

  • الاثنين PM 06:00
    2021-04-26
  • 1874
Powered by: GateGold