ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ
شٌبهات وردود
المكتبة المرئية
خَــيْـرُ جَــلـيـسٌ
المتواجدون الآن
حرس الحدود
مجتمع المبدعين
البحث
عرض المادة
ادعاء أنه - صلى الله عليه وسلم - كان رسولا في مكة ملكا في المدينة
ادعاء أنه - صلى الله عليه وسلم - كان رسولا في مكة ملكا في المدينة (*)
مضمون الشبهة:
يدعي بعض المشككين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قسم حياته الدعوية إلى قسمين: قسم بمكة وقسم بالمدينة, ويزعمون أنه قصر الدعوة على القسم المكي، فكان رسولا في مكة يدعو الناس إلى الإسلام, وتحول في المدينة إلى قيصر العرب, ونفض يده من تبليغ الرسالة، وبدأ في التنظيمات السياسية والإعداد للحروب, وحول الدين إلى سياسة معتمدا على مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة". وهم يرمون من وراء ذلك إلى الطعن في مصداقية النبي - صلى الله عليه وسلم - في الدعوة إلى ربه - عز وجل - التي أمر بها.
وجوه إبطال الشبهة:
1) لم يسع النبي - صلى الله عليه وسلم - قط إلى زعامة أو ملك، وكان بإمكانه أن يحقق هذه الزعامة وهذا الملك في مكة، حينما عرض عليه مشركو قريش ذلك مقابل التخلي عن دعوته، ولكنه آثر الحياة البسيطة على الملك والزعامة حتى توفاه الله عز وجل.
2) كان المسلمون في المدينة يبحثون عن الأمن والأمان والاستقرار الذي فقدوه في مكة، وكذلك كان أهل المدينة يريدون الاستقرار بعد فترة الحروب، فاستطاع النبي - صلى الله عليه وسلم - بفضل سياسته الحكيمة أن يحقق هذه الآمال، وأن يقيم بوصفه نبيا لا ملكا دولة تقوم على العدل ويظلها الأمن والسلام والاستقرار.
3) كانت حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - كلها دعوة إلى الله - سبحانه وتعالى - بدون توقف, حتى لقي ربه مبلغا رسالته على أكمل وجه كما أمره - عز وجل - بلا فرق بين حياته في مكة أو في المدينة.
4) لم يعتمد النبي - صلى الله عليه وسلم - قط في دعوته على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة - كما يزعمون - بل قامت دعوته - صلى الله عليه وسلم - على عماد الشرف والصدق، فكما كانت غايته تقوم على الشرف، والصدق، والحق، كذلك كانت وسيلته التي لم تحد قط عن الصدق، والشرف، والحق طوال حياته - صلى الله عليه وسلم -.
التفصيل:
أولا. زهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وعدم سعيه إلى ملك قط:
لقد كانت معيشته - صلى الله عليه وسلم - الحياتية غاية في التواضع، مما يؤكد أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يطلب الزعامة والملك، لقد كان - صلى الله عليه وسلم - مقتصدا في مأكله ومشربه، لا يعلو عما عليه الفقراء والمساكين، قالت عائشة رضي الله عنها: «لقد توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وما في رفي[1] من شيء يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رف لي، فأكلت منه حتى طال علي»[2]. ويقول أنس - رضي الله عنه - وهو خادمه: «لم يأكل النبي - صلى الله عليه وسلم - على خوان[3] حتى مات وما أكل خبزا مرققا حتى مات» [4].
وكان بسيطا للغاية في ملبسه، وأثاث بيته، يؤثر في جنبه الحصير، وما عرف أنه نام قط على شيء وثير[5]، حتى إن نساءه جئن إليه يوما وفيهن السيدة عائشة - رضي الله عنها - يشتكين له الفاقة[6] ويطالبنه بمزيد من النفقة لزينتهن ولباسهن؛ حتى لا تكون إحداهن أقل شأنا من مثيلاتها من نساء الصحابة، فأطرق مغضبا، ولم يجب, ثم نزل قوله سبحانه وتعالى: )يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا (28) وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما (29)( (الأحزاب), فتلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهن الآيتين، ثم خيرهن بين قبول العيش معه على الحالة التي هو فيها، أو الإصرار على مطالبهن من النفقة وزيادة الزينة والمال، وحينئذ يفارقهن ويسرحهن سراحا جميلا، فاخترن العيش معه على ما هو عليه, فكيف يشك العقل - أي عقل - بعد هذا كله في صدق نبوته؟! وكيف يصح أن يتوهم الفكر أو الخيال أنه قد يكون مدفوعا برغبة الزعامة، أو الطمع في الغنى[7]؟!
ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لو كان ساعيا إلى زعامة أو ملك أو جاه لانتهز الفرصة التي واتته حينما بدأ مشركو قريش في سياسة المفاوضات معه - صلى الله عليه وسلم -، مقابل تخليه عن دعوته.
هذا وقد رويت هذه المفاوضات في بطون كتب السيرة والتاريخ، وسنعرض هنا مقتطفات منها:
جاء فيما يرويه ابن هشام عن ابن إسحاق «أن عتبة بن ربيعة جلس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا ابن أخي، إنك منا حيث قد علمت من الشرف في العشيرة والمكانة في النسب، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم وسفهت به أحلامهم.. فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها، لعلك تقبل منها بعضها، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قل يا أبا الوليد، أسمع".
قال: يا ابن أخي: إن كنت تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا حتى لا نقطع أمرا دونك، وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيا[8] تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفرغت يا أبا الوليد"؟ قال: نعم. قال: "فاسمع مني". ثم قال: )حم (1) تنزيل من الرحمن الرحيم (2) كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون (3) بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون (4) وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون (5) قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين (6)( (فصلت). ثم مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القراءة وعتبة يسمع، حتى وصل إلى قوله تعالى: )فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود (13)( (فصلت)، فأمسك عتبة بفيه وناشده الرحم أن يكف عن القراءة؛ خوفا مما تضمنته الآية من تهديد»[9] [10].
إن المشهد السابق يبين لنا معنى الحكمة التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتمسك ويتصف بها، هل من الحكمة أن تضع أنت السياسة التي تراها في سير الدعوة مهما كانت كيفيتها؟ وهل أعطاك الشارع صلاحية أن تسلك أي سبيل، أو وسيلة تراها ما دام هدفك من وراء ذلك هو الحق؟
لا، إن الشريعة الإسلامية تعبدتنا بالوسائل كما تعبدتنا بالغايات، فليس لك أن تسلك إلى الغاية التي شرعها الله - سبحانه وتعالى - لك إلا الطريق المعينة التي جعلها الله وسيلة إليها، وللحكمة والسياسة الشرعية معان معتبرة، ولكن في حدود هذه الوسائل المشروعة فقط، فقد كان من المتصور في باب الحكمة السياسة أن يرضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معهم بالزعامة أو الملك على أن يجمع في نفسه اتخاذ الملك والزعامة وسيلة إلى تحقيق دعوة الإسلام فيما بعد، خصوصا وأن للسلطان والملك وازعا قويا في النفوس، وحسبك أن أرباب الدعوات والمذاهب ينتهزون فرصة الاستيلاء على الحكم كي يستعينوا بسلطانه على فرض دعوتهم ومذاهبهم على الناس, ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرض سلوك مثل هذه السياسة والوسيلة إلى دعوته؛ لأن ذلك ينافي مبادئ الدعوة نفسها[11].
وعلى هذا فلو أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يكون ملكا للعرب - كما يزعمون - فما الذي جعله يصبر في مكة على التعذيب والاضطهاد، على الرغم من عرض الملك والزعامة عليه؟!! ما الذي جعله يتحمل هو وأصحابه الشدائد والإيذاء والتعذيب في مكة، ويرضى بأن يخرج منها؟!! إنه لشيء عجاب.
ثم إنه - صلى الله عليه وسلم - ما نسب الأمر إليه أبدا، وما استخدم سلطته في إدخال الناس الإسلام، روى ابن إسحاق عن الزهري في قصة عرض الرسول - صلى الله عليه وسلم - دعوته على بني عامر بن صعصعة ما يلي: "ثم قال له - أي بحيرة بن فراس -: أرأيت إن نحن تابعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من يخالفك، أيكون لنا الأمر من بعدك؟ قال أي رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأمر لله يضعه حيث يشاء، فقال له: أفنهدف نحورنا للعرب دونك فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا، لا حاجة لنا بأمرك، فأبوا عليه" [12]. فلو كان الأمر كما يدعي المدعون من أنه كان يريد أن يصبح قيصر العرب لوعد هؤلاء القوم بشيء من الأمر، وقسم البلاد بما يتراءى له ولسياسته، وهذا ما لم يحدث، فبطل قولهم وسقط ادعاؤهم.
ثانيا. إقامة النبي - صلى الله عليه وسلم - الدولة الإسلامية في المدينة بوصفه نبيا لا ملكا:
إن الذي يتتبع خطوات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند هجرته من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، ويحاول على نور الإخلاص، والتجرد لله، والولاء للحقيقة، أن يقرأ شيئا مما هو مكنون في نفسه - صلى الله عليه وسلم - يهتدي إلى أنه لم يقطع هذه الفيافي والقفار وهو يتوقى لهيب الحر، ويتحمل وعثاء السفر، من أجل الحصول على ثروة أو مجد سياسي من الملك أو الزعامة، وإنما كان كل ما ينشده ويحرص عليه هو تحقيق الأمن والأمان لدعوته التي يدعو الناس إليها، وهي دعوة الإسلام، والأمن والأمان لأصحابه الذين اتبعوه واتبعوا النور الذي أنزل معه ليعبدوا الله - سبحانه وتعالى - عبادة لا يرفقها خوف ولا يهددها عدوان، وأن يواصل مسيرته الطاهرة الظافرة لإنقاذ الناس من سطوة الظلم والظالمين، وتمكين الناس من عبادة الله على أساس من حرية العقيدة، التي لا يطفئها طغيان، ولا يزعجها سلطان.
إنه - صلى الله عليه وسلم - وجد نفسه، ووجد المؤمنين معه في حاجة إلى مظلة أمن تظللهم، وتعفيهم من هذا الصراع الذي صدر لهيبه من طرف واحد، من جانب كفار قريش الذين وصل بهم العناد إلى أن مكروا به يريدون قتله، ووصل بهم أيضا إلى أنهم كانوا يواصلون إيذاء أصحابه وتعذيبهم إلى حد القتل والتنكيل بهم، دون رحمة أو شفقة أو مراعاة قرابة أو رحم، كما أنهم ظلوا على عدوانهم الغاشم ثلاث عشرة سنة، يسومون المسلمين سوء العذاب، والمسلمون على أوامر الله لهم بالدفاع عن أنفسهم والانتصار للحق والقرآن والإسلام[13].
وأما أهل المدينة المنورة فكانوا أيضا يبحثون عن الأمن والأمان، بعد حرب أتت على كل شيء، وحطمت كل شيء، وأكلت الأخضر واليابس، وعصفت بصلة القربى وقطعت الأرحام، ألا وهي حرب بعاث، وعاشت المدينة في هذا الظلام الدامس في ليل الحرب الحالك, وكانوا يتدبرون أمرهم؛ لتحقيق الأمن والأمان، ويحاولون التخلص من الأوهام والفزع، وأشباح هذا الليل البهيم، واجتمع بعضهم على اختيار رجل تكتمل فيه عناصر الشهامة والمروءة والذكاء ليجمع كلمتهم، ويوحد صفوفهم، وكانوا قد اتفقوا على أن يجعلوه ملكا عليهم يكون رمزا لمجتمعهم، وكانوا بالفعل قد اختاروا عبد الله بن أبي بن سلول.
ولكن إرادة الله - سبحانه وتعالى - كانت قد سبقتهم بأن يكون هذا الرجل الذي تتوفر فيه كل عناصر العظمة، ومنها الخصال التي تحقق آمالهم هو محمد بن عبد الله نبي الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فلا عجب أن يكون هذا "البدر" الذي تطلعوا إليه ليبدد ظلمة الليل الذي شكوه، وليضيء الله به ليل القطيعة الحالك - هو أحمد الخير - صلى الله عليه وسلم -، فلا عجب أن ينشدوا بالنشيد الذي أفعم قلوبهم حين رأوا أشعة النور ساطعة في جبينه ومشرقة من ثنيات الوداع، فأنشدوا:
طلع البدر علينا
من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا
ما دعا لله داع
أيها المبعوث فينا
جئت بالأمر المطاع
جئت شرفت المدينة
مرحبا يا خير داع
نعم إن أهل المدينة، كانوا في حاجة إلى الأمن أيضا، يعيشون حياتهم في مظلته فيزرعون الأرض، وينثرون الحدائق والبساتين، فيطل عليهم التمر والعنب والرمان، ويزاولون حياتهم في أمن وأمان, فها هو المؤتمن لتحقيق ذلك قد جاء إليهم، ومعه أصحابه يشاركونهم السراء والضراء، وينعمون معهم بالمحبة والإخاء.. ليتحقق لأول مرة على وجه الأرض مجتمع الحب في الله والأخوة الإيمانية.
وأما اليهود فإنهم في البداية فرحوا بمقدم هذا النبي العظيم - صلى الله عليه وسلم - بعد أن تأكدوا من نبوته ورسالته؛ لأن في هذا تصديقا لما كانوا يستفتحون به على الناس من أنه النبي الموعود الذي يهاجر إلى يثرب، ويأمر الناس بعبادة الله وحده لا شريك له، وينهى عن عبادة الأصنام والأوثان.
والنبي محمد - صلى الله عليه وسلم - استقبلهم استقبالا حافلا، واشترك معهم في صيام يوم عاشوراء، وفتح قلبه لهم، وصلى متوجها إلى بيت المقدس قبلتهم التي كانوا عليها، وأراهم منه - صلى الله عليه وسلم - كل الصفات الجميلة التي حلاه الله بها، والأفعال الجميلة التي كانت هي بعض شأنه، كتواضعه، ونبل عواطفه، وسمو وفائه، وكامل بره، وواسع حلمه، وشمول عفوه، وحرارة عطفه على الفقراء والمساكين منهم، كل هذه الكنوز حباهم بها - صلى الله عليه وسلم - عن طواعية، وحب للخير، وتحقيق لحرية العقيدة التي ظلت أساسا متينا من أسس دعوته - صلى الله عليه وسلم - ولا تزال من مقومات هذا الدين الذي أسسها على كلمتين اثنتين تظلان تملآن الوجدان بأنوارهما التي تؤنس الوحيد، وتقوي الفريد، وتعين الضعيف، وتؤمن الخائف، وتقلم أظفار الطغيان، وتطفئ نار العدوان حتى يقوم الناس لرب العالمين، وهم يهتفون بها: )لا إكراه في الدين( (البقرة: ٢٥٦).
ضمها القرآن بين آياته، وضمها سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين حناياه وبثها إرسالا دافئا ينفذ إلى أعماق المصلحين، ولم تظهر في دساتير العالم إلا بعد مئات السنين، بثها هذا النبي الكريم لتبشير أهل الكتاب بما أنبأهم به من الآيات البينات التي تسطع في سورة القصص: )ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون (51) الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون (52) وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين (53) أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون (54)( (القصص) [14].
فلم يعطل النبي - صلى الله عليه وسلم - الدعوة كما يدعي المدعون، ولم ينه الرسالة، بل ظل حتى مات - صلى الله عليه وسلم - يدعو الناس جميعا إلى الله رب العالمين.
ثالثا. دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - المستمرة إلى الله منذ بعث إلى أن توفي - صلى الله عليه وسلم -:
لقد عاش النبي - صلى الله عليه وسلم - حياته كلها داعيا إلى الله - سبحانه وتعالى - منذ أن كلفه الله بحمل الرسالة وتبليغها الناس، سواء كانت هذه الدعوة في المدينة أم في مكة، وهذه نماذج من دعوته الناس في المدينة، وهي تبطل ما ادعاه مثيرو هذه الشبهة من أنه - صلى الله عليه وسلم - ترك الدعوة في المدينة وتحول إلى قيصر للعرب:
- عن عوف بن مالك الأشجعي - رضي الله عنه - قال: «انطلق النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا معه، حتى دخلنا كنيسة اليهود بالمدينة يوم عيد لهم، فكرهوا دخولنا عليهم، فقال لهم: "يا معشر اليهود، أرونى اثني عشر رجلا يشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، يحط الله عن كل يهودي تحت أديم السماء[15] الغضب الذي غضب عليهم"، قال: فأسكتوا ما أجابه منهم أحد، ثم رد عليهم، فلم يجبه منهم أحد، فقال: "أبيتم؟ فوالله، إني لأنا الحاشر، وأنا العاقب[16]، وأنا النبي المصطفى، آمنتم أو كذبتم".
ثم انصرف وأنا معه حتى إذا كدنا أن نخرج، فإذا رجل من خلفنا يقول: كما أنت يا محمد! فقال ذلك الرجل: أي رجل تعلموني فيكم يا معشر اليهود؟ قالوا: والله ما نعلم أنه كان فينا رجل أعلم بكتاب الله منك، ولا أفقه منك، ولا من أبيك قبلك، ولا من جدك قبل أبيك. قال: فإني أشهد له بالله أنه النبي الذي تجدونه في التوراة، فقالوا كذبت, ثم ردوا عليه قوله، وقالوا فيه شرا...»[17].
- وعن أبي هريرة قال: «بينا نحن في المسجد إذ خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: انطلقوا إلى يهود، فخرجنا معه حتى جئنا بيت المدارس،[18] فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - فناداهم فقال:يا معشر يهود، أسلموا تسلموا» [19] [20].
وهذه نماذج من تكليفه بعض أصحابه بتبليغ رسالته إلى القبائل المجاورة في الجزيرة العربية:
- عن محمد بن عبد الرحمن التميمي قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن العاص يستنفر العرب إلى الإسلام، وذلك أن أم العاص بن وائل كانت من بني بلي، فبعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم يتألفهم بذلك[21].
- وعن البراء - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث خالد بن الوليد - رضي الله عنه - إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام. قال البراء: فكنت فيمن خرج مع خالد بن الوليد، فأقمنا ستة أشهر يدعوهم إلى الإسلام فلم يجيبوه. ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وأمره أن يقفل[22] خالدا إلا رجلا كان ممن مع خالد، فأحب أن يعقب مع علي فليعقب معه. قال البراء: فكنت فيمن عقب مع علي. فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا ثم تقدم. فصلى بنا علي، ثم صفنا صفا واحدا، ثم تقدم بين أيدينا وقرأ عليهم كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلمت همدان جميعا، فكتب علي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإسلامهم. فلما قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكتاب خر ساجدا، ثم رفع رأسه فقال: «السلام على همدان، السلام على همدان» [23] [24].
إرساله - صلى الله عليه وسلم - الرسل والرسائل لتبليغ الملوك والأمراء:
عن ابن إسحاق قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي في شأن جعفر بن أبي طالب وأصحابه وكتب معه كتابا: "بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى النجاشي الأصحم ملك الحبشة، السلام عليكم, فإني أحمد إليك الله الملك القدوس المؤمن المهيمن، وأشهد أن عيسى روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطاهرة الطيبة الحصينة فحملت بعيسى، فخلقه من روحه ونفخه كما خلق آدم بيده ونفخه، وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له، والموالاة على طاعته، وأن تتبعني فتؤمن بي وبالذي جاءني؛ فإني رسول الله، وقد بعثت إليك ابن عمي جعفرا ومعه نفر من المسلمين، فإذا جاءوك فأقرهم ودع التجبر؛ فإني أدعوك وجنودك إلى الله - عز وجل - وبلغت ونصحت فاقبلوا نصيحتي، والسلام على من اتبع الهدى» [25].
ونص رسالة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل نجران وهو: «باسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب من محمد النبي رسول الله إلى أسقف نجران وأهل نجران! سلام عليكم، فإني أحمد إليكم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، أما بعد! فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد، وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد، فإن أبيتم فالجزية، فإن أبيتم فقد آذنتكم بحرب. والسلام»[26].
وقد أرسل الرسول - صلى الله عليه وسلم - رسائل مشابهة إلى المقوقس، وإلى ملك اليمامة، وإلى المنذر بن ساوة عظيم البحرين، وإلى الحارث بن أبي شمر الغساني، وإلى الحارث بن عبد كلال الحميري، وإلى ملكي عمان ابني الجلندي وغيرهم.
هذه نماذج من عملية التبليغ عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعطيك صورة موجزة عن قيامه بتبليغ أمر الله ودينه وشريعته، واستيفاء هذا الموضوع حقه يحتاج إلى مجلد ضخم على الأقل؛ إذ إن رسول الله خلال ثلاثة وعشرين عاما بعد النبوة، لم يهدأ ولم يسترح ولم يفوت فرصة يستطيع بها أن يبلغ، بالاتصال الشخصي والعرض الجماعي، وفي السفر والحضر، وبنفسه وأتباعه، وبالمشافهة والخطاب، وأكبر الدول المجاورة للجزيرة العربية قد بلغتها الدعوة، فمن مستجيب ومن معرض قامت عليه الحجة فأصر على الكفر عنادا، وما من إنسان يستطيع أن يتصور مثل هذا الحماس للتبليغ المنقطع النظير، وهو لا يمكن أن يكون إلا وليد اقتناع كامل بصدق الدعوة[27].
رابعا. قيام دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - على الشرف والصدق في كل من الوسيلة والغاية:
إن الشريعة الإسلامية تعبدتنا بالوسائل كما تعبدتنا بالغايات، فليس لك أن تسلك إلى الغاية التي شرعها الله لك، إلا الطريق المعينة التي جعلها الله وسيلة إليها، وللحكمة والسياسة معان معتبرة، ولكن في حدود هذه الوسائل المشروعة فقط، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرض أن يسلك أية سياسة غير شرعية في دعوته؛ لأن ذلك ينافي مبادئ الدعوة نفسها.
ولو جاز أن يكون مثل هذا الأسلوب نوعا من أنواع الحكمة والسياسة الرشيدة لألغي الفرق بين الصادق الصريح في صدقه، والكاذب الذي يخادع في كذبه، ولتلاقى الصادقون في دعوتهم مع الدجالين والمشعوذين، على طريق واحدة عريضة اسمها: الحكمة والسياسة.
إن فلسفة هذا الدين تقوم على عماد الشرف والصدق في كل من الوسيلة والغاية، فكما أن الغاية لا يكون قوامها إلا على الصدق، والشرف، وكلمة الحق، فكذلك الوسيلة لا ينبغي أن يحددها إلا مبدأ الصدق والشرف وكلمة الحق.
ومن هنا يحتاج أرباب الدعوة الإسلامية في معظم حالاتهم وظروفهم إلى التضحية والجهاد؛ لأن السبيل التي يسلكونها لا تسمح لهم بالتعرج كثيرا ذات اليمين وذات الشمال[28], فلقد كان الصدق من صفات الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الجاهلية والإسلام، فقد كانت قريش تعرف محمدا - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يتنزل عليه الوحي بالصادق الأمين، وحتى عندما بدأت الرسالة، وأراد أن يدعو قريشا اعترفت بصدقه قبل أن يتكلم عن رسالته، فعندما صعد الصفا وقال: "ياصباحاه"؛ كي تجتمع له قريش، فاجتمعت على الفور وقالوا: ما لك؟ قال: «أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل[29] أكنتم مصدقي"؟ قالوا: ما جربنا عليك كذبا. قال: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد» [30].
وهاهو هرقل ملك الروم يسأل أبا سفيان في ركب من قريش بعد صلح الحديبية، فيقول: «هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فقال أبو سفيان: لا. فقال ملك الروم: ما كان ليدع الكذب على الناس ويكذب على الله»[31].
وفي القرآن الكريم الصدق صفة وصف بها الرسول - صلى الله عليه وسلم - في قوله سبحانه وتعالى: )ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما (22)( (الأحزاب). وقال سبحانه وتعالى: )يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين (119)( (التوبة).
وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة...» [32] [33].
فكيف يدعون إذن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعان بالكذب لفرض الحقيقة متخذا مبدأ الغاية تبرر الوسيلة؟!! فهل يعقل أن ينهى الناس عن الكذب ثم يقوم به ليقيم دعائم دولته في المدينة؟!!
إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لو كان متخذا لقاعدة "الغاية تبرر الوسيلة" لتعجل في الأخذ بها في مكة قبل أن يأتي المدينة؛ حينما عرضت عليه قريش الملك والزعامة والجاه، ولانتهز الفرصة التي واتته وقبل عروض أهل قريش ريثما يكون الملك المدعى والزعامة المدعاة. ثم ما الذي يجعله يصبر على إيذائهم واضطهادهم في مكة غافلا عن هذه القاعدة المدعاة؟!
الخلاصة:
- عاش - صلى الله عليه وسلم - حياة بسيطة، ولم يؤثر عنه الملك والزعامة حتى مات - صلى الله عليه وسلم - مما يؤكد أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يطلب الزعامة والملك، ولقد كان - صلى الله عليه وسلم - متواضعا في مأكله ومشربه، لا يعلو عما عليه الفقراء والمساكين.
- استطاع النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة بوصفه نبيا لا ملكا أن يقيم مجتمعا مسلما متآخيا، قوامه: المحبة والسلام والإخاء.
- عاش محمد - صلى الله عليه وسلم - يدعو الناس في مكة إلى توحيد الله - سبحانه وتعالى - وإخلاص العبادة له، وربى أصحابه على هذه المبادئ طوال ثلاث عشرة سنة، ولما هاجر وأصحابه إلى المدينة، دعا الناس إلى مكارم الأخلاق وأرسى بينهم مبادئ الأخوة والمساواة والإيثار، فكانت حياته كلها دعوة، عاشها داعيا إلى ربه، ومبلغا للرسالة، التي من أجلها أرسل، وفضل أن يكون نبيا عبدا على أن يكون نبيا ملكا.
- إن فلسفة هذا الدين تقوم على عماد الشرف والصدق في كل من الوسيلة والغاية، فكما أن الغاية قوامها الصدق والشرف وكلمة الحق، فكذلك الوسيلة لا ينبغي أن يحددها إلا مبدأ الصدق؛ الشرف وكلمة الحق.
- لو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - معتمدا على مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة" لوافق المشركين من قريش حين أتوا يعرضون عليه الملك والجاه والمال، في مقابل ترك دعوته، ولما تحمل الأذى والعذاب هو وأصحابه طوال ثلاث عشرة سنة في مكة.
(*) الهجمات المغرضة على التاريخ الإسلامي، محمد ياسين مظهر صديقي، د: سمير عبد الحميد إبرهيم، هجر للطباعة والنشر، القاهرة، ط1، 1408هـ/ 1988م. الإسلام في تصورات الغرب، د. محمود حمدي زقزوق، مكتبة وهبة، القاهرة، 1407هـ/ 1987م.
[1]. الرف: خشبة تعلق على الحائط يوضع عليها أغراض المنزل، والجمع رفوف.
[2]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الخمس، باب نفقة نساء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد وفاته (2930)، ومسلم في صحيحه، كتاب الزهد والرقائق، باب حدثنا قتيبة بن سعيد (7641).
[3]. الخوان: المائدة التي يوضع عليها الطعام.
[4]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الرقاق، باب فضل الفقر (6085).
[5]. الوثير: الممهد.
[6]. الفاقة: الحاجة والعوز.
[7]. فقه السيرة، د. محمد سعيد رمضان البوطي، مكتبة الدعوة الإسلامية، مصر، ط7، 1398هـ/ 1978م، ص91 بتصرف.
[8]. الرئي: التابع من الجن.
[9]. صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه، كتاب المغازي، كتاب ما جاء في أذى قريش للنبي صلى الله عليه وسلم (36560)، وعبد بن حميد في مسنده، مسند جابر، جابر بن عبد الله (1123)، وأبو يعلى في مسنده، مسند جابر (1818)، وصححه الألباني في صحيح السيرة النبوية (1/ 160).
[10]. فقه السيرة، د. محمد سعيد رمضان البوطي، مكتبة الدعوة الإسلامية، مصر، ط7، 1398هـ/ 1978م، ص88.
[11]. فقه السيرة، د. محمد سعيد رمضان البوطي، مكتبة الدعوة الإسلامية، مصر، ط7، 1398هـ/ 1978م، ص91، 92.
[12]. الرسول صلى الله عليه وسلم، سعيد حوى، دار السلام، القاهرة، ط2، 1410هـ/ 1990م، ص190.
[13]. الدر المنقوش في الرد على جورج بوش، عبد البديع عبد السميع كفافي، دار الفتح للإعلام العربي، مصر، 2005م، ص405 بتصرف.
[14]. الدر المنقوش في الرد على جورج بوش، عبد البديع عبد السميع كفافي، دار الفتح للإعلام العربي، مصر، 2005م، ص405: 408 بتصرف.
[15]. أديم السماء: ما يظهر منها.
[16]. العاقب: الذي لا نبي بعده.
[17]. صحيح: أخرجه ابن حبان في صحيحه، كتاب إخباره ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن مناقب الصحابة رجالهم ونسائهم (7162)، والطبراني في المعجم الكبير، باب العين، عوف بن مالك الأشجعي كان ينزل بدمشق الشعبي عن عوف بن مالك (83)، وصححه الألباني في صحيح السيرة النبوية (1/ 80).
[18]. بيت المدارس: مكان اجتماعهم للدرس والتعليم.
[19]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإكراه، باب بيع المكره ونحوه (6545)، ومسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب إجلاء اليهود من الحجاز (4690).
[20]. عظمة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ والرد على الطاعنين في شخصه الكريم، محمد بيومي، دار مكة، القاهرة، ط1، 1426هـ/ 2005م، ص102: 106 بتصرف.
[21]. أخرجه محمد بن إسحاق في السيرة كما في البداية والنهاية لابن كثير (4/ 312).
[22]. يقفل: يرجع.
[23]. صحيح: أخرجه الروياني في مسنده، كتاب رواية أبي إسحاق عنه، باب فأسلمت همدان كلها في يوم واحد فكتب بذلك إلى رسول الله (302)، والبيهقي في سننه الكبرى، كتاب الحيض، باب سجود الشكر (3747)، وصححه الألباني في إرواء الغليل (474).
[24]. الرسول صلى الله عليه وسلم، سعيد حوى، دار السلام، القاهرة، ط2، 1410هـ/ 1990م، ص106، 107.
[25]. أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (2/ 188)، برقم (603).
[26]. أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (5/ 485)، برقم (2126).
[27]. الرسول صلى الله عليه وسلم، سعيد حوى، دار السلام، القاهرة، ط2، 1410هـ/ 1990م، ص108، 109.
[28]. فقه السيرة، د. محمد سعيد البوطي، مكتبة الدعوة الإسلامية، مصر، ط7، 1398هـ/ 1978م، ص91، 92.
[29]. سفح الجبل: أسفله.
[30]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، سورة المسد (4687)، ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب قوله تعالى: ) وأنذر عشيرتك الأقربين (214) ( (الشعراء) (529)، واللفظ له.
[31]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب بدء الوحي، باب كان بدء الوحي إلى رسول الله (7)، ومسلم في صحيحه، كتاب الجهاد والسير، باب كتاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام (4707).
[32]. أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب قوله تعالى: ) يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين (119) ( (التوبة) (5743)، ومسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والأدب، باب قبح الكذب وحسن الصدق وفضله (6805)، واللفظ له.
[33]. رد افتراءات المنصرين حول الإسلام العظيم، مركز التنوير الإسلامي، القاهرة، ط1، 2008م، ص174، 175.
-
الاثنين PM 11:30
2020-09-21 - 2287